الدعوى رقم 16 لسنة 38 ق "تنازع" جلسة 7 / 11 / 2020
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت السابع من نوفمبر سنة 2020م، الموافق الحادي والعشرين من ربيع الأول سنة 1442 هـ.
برئاسة السيد المستشار / سعيد مرعى عمرو رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: محمد خيرى طه النجار ورجب عبد الحكيم سليم والدكتور حمدان حسن فهمى والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبدالجواد شبل وطارق عبد العليم أبو العطا نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمد ناجى عبد السميع أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 16 لسنة 38 قضائية "تنازع".
المقامة من
1- محافظ القاهرة
2- رئيس حي النزهة
ضد
تامر سعيد عبدالفتاح
الإجراءات
بتاريخ التاسع والعشرين من يونيو سنة 2016، أودع المدعيان صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبين الحكم، بصفة مستعجلة: بوقف تنفيذ الحكم الصادر بجلسة 30/7/2012، من محكمة شمال القاهرة الابتدائية – الدائرة (8) تجارى مستأنف – في الاستئناف رقم 63 لسنة 2012 تجارى مستأنف كلي، لحين الفصل في النزاع. وفى الموضوع: الاعتداد بالحكمين الصادرين من محكمة القضاء الإداري بجلسة 23/10/2012، في الدعويين رقمي 382 و384 لسنة 65 قضائية، دون الحكم الصادر من محكمة شمال القاهرة الابتدائية المشار إليه.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – في أن المدعى عليه كان قد أقام ضد المدعيين وآخر، الدعويين رقمي 382 و384 لسنة 65 قضائية، أمام محكمة القضاء الإداري، بطلب الحكم، بوقف تنفيذ ثم إلغاء قرار جهة الإدارة السلبى بالامتناع عن تغيير الغرض من استغلال قطعتي الأرض رقمي (250 و254) من تقسيم حي الملتقى العربي – تقسيم شركة ألماظة للتنمية العقارية، بناحية ألماظة – النزهة - محافظة القاهرة، من سكني إلى تجاري، مع إصدار الترخيص بذلك. وقد انتهت المحكمة إلى تحديد التكييف القانوني الصحيح لهذه الطلبات، في وقف تنفيذ ثم إلغاء قرار الجهة الإدارية بعدم الموافقة على تحويل استخدام قطعتي الأرض المشار إليهما من سكنى إلى تجارى، وما يترتب على ذلك من آثار. وأسس المدعى عليه طلباته على أنه يمتلك قطعتي الأرض السالف ذكرهما، وتقدم إلى الجهة الإدارية بطلب لتغيير الغرض من استغلال الأرض من سكنى إلى تجارى، إلا أنها امتنعت عن الموافقة على ذلك، على الرغم من سماحها بالتغيير بالنسبة لقطعة الأرض رقم (258) من التقسيم ذاته، بموجب القرار رقم 471 لسنة 2006. ونعى على هذا القرار مخالفته لأحكام الدستور، والقانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء، وقانون البناء الصادر بالقانون رقم 119 لسنة 2008. وبجلسة 23/10/2012، قضت المحكمة برفض الدعويين، تأسيسًا على أن الشروط البنائية الخاصة بالأرض محل التداعي قد حددت الغرض من التقسيم إقامة عمارات سكنية، وتحظر استعمال البناء في غير غرض السكنى، وتلزم أصحاب الشأن بالقيام بكافة الإجراءات اللازمة لإقامة البناء في الغرض المخصصة له قطعة الأرض، كما صدر قرار محافظ القاهرة رقم 3717 لسنة 2009 بشأن الاشتراطات البنائية المؤقتة لمحافظة القاهرة، تطبيقًا لقانون البناء المشار إليه ولائحته التنفيذية، وحظر تحويل أو تعديل استخدام الوحدات المخصصة للسكنى لأى نشاط آخر، ومن ثم يكون القرار المطعون فيه الصادر تنفيذًا له، بعدم الموافقة على تحويل الوحدة محل التداعي من الاستخدام السكنى إلى الاستخدام التجاري، مصادفًا لصحيح أحكام القانون. وصار الحكمان باتين، بعدم الطعن عليهما أمام المحكمة الإدارية العليا. كما أقام المدعى عليه في الدعوى المعروضة، وآخرون، الدعوى رقم 339 لسنة 2011 تجاري جزئي، ضد المدعيين، وآخرين، أمام محكمة القاهرة التجارية الجزئية، بطلب الحكم بإلغاء شروط التعاقد الخاصة بالارتفاق، وأحقيتهم في عمل أنشطة تجارية بالدورين الأرضي والأول، قولاً منهم إن شركة مصر الجديدة للإسكان والتعمير، وشركة ألماظة للتنمية العقارية، قامتا بوضع شروط بنائية كحقوق ارتفاق لملاك قطع الأرض بتقسيم حي الملتقى العربي، إلا أن جميع ملاك الأراضي قد خالفوا هذه الشروط، التي أصبحت دون فائدة، كما أن قانون البناء الصادر بالقانون رقم 119 لسنة 2008، والقانون رقم 453 لسنة 1954 بشأن المحال الصناعية والتجارية وغيرها من المحال المقلقة للراحة والمضرة بالصحة والخطرة، قد حددا هذه الاشتراطات، وأصبحت أحكامهما هي السارية في هذا الشأن، مما حدا بهم إلى إقامة دعواهم المشار إليها؛ توصلاً للقضاء لهم بطلباتهم المتقدمة، وبجلسة 31/5/2012، قضت المحكمة بعدم اختصاصها قيميًا بنظر الدعوى، وإحالتها بحالتها إلى محكمة شمال القاهرة الابتدائية لنظرها بإحدى دوائرها التجارية. طعن المدعى عليه وآخرون على هذا الحكم، أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية، بالاستئناف رقم 63 لسنة 2012 تجارى مستأنف كلى، وبجلسة 30/7/2012، قضت المحكمة بإلغاء الحكم الصادر من محكمة أول درجة، والقضاء مجددًا بأحقية المستأنفين في عمل أنشطة تجارية بالطابقين الأرضي والأول، طبقًا لأحكام قانون البناء الصادر بالقانون رقم 119 لسنة 2008، والقانون رقم 453 لسنة 1954 المشار إليه وتعديلاته، ورفض ما عدا ذلك من الطلبات، تأسيسًا على أن الشروط الخاصة بحقوق الارتفاق المشار إليها أصبحت غير نافذة بقوة القانون، بعد أن أضحى قانون البناء الصادر بالقانون رقم 119 لسنة 2008 هو الساري، في شأن الاشتراطات البنائية والحاكم لها، وبذلك أصبح طلب المستأنفين زوال هذه الاشتراطات غير مُجْدٍ، وغير مستند إلى سند صحيح من القانون، مستوجبًا رفضه. وأقامت المحكمة قضاءها في شأن أحقية المستأنفين في عمل أنشطة تجارية بالعقار محل التداعي، على أن القانون وأحكام القضاء المتواترة قد كفلت للمالك الحق في استعمال ملكه، في إطار الضوابط التي تضمنها قانون البناء والقانون رقم 453 لسنة 1954 المشار إليهما، بما لا يجوز معه تقييد ممارسة هذا الحق بالمخالفة لذلك، ومن ثم انتهت المحكمة إلى قضائها المتقدم. وإذ ارتأى المدعيان أن ثمة تناقضًا بين الأحكام المشار إليها، فيما قضت به في خصوص تحويل استخدام الدورين الأول والأرضي من العقار المقام على قطعتي الأرض رقمي (250 و254) محل التداعي من سكنى إلى تجارى، فقد أقاما دعواهما المعروضة.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن التناقض الذى يستنهض ولاية المحكمة الدستورية العليا للفصل فيه، وفقًا لنص البند ثالثًا من المادة (25) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، والمادة (192) من الدستور، هو ذلك الذى يقوم بين حكمين نهائيين صادرين من جهتين قضائيتين مختلفتين، إذا كانا متعامدين على محل واحد، وتعذر تنفيذهما معًا، فإذا كانا غير متحدين محلاً أو مختلفين نطاقًا، فلا تناقض بينهما، كذلك الأمر كلما كان التعارض بينهما ظاهريًّا لا يتعمق الحقائق القانونية، أو كان مما تزول الشبهة فيه من خلال التوفيق بين ما رميا إليه، بما يجعل تنفيذهما معًا ممكنًا، لينتفي بذلك مناط قيام التناقض بينهما. وقد اطرد قضاء هذه المحكمة على أن بحثها في المفاضلة بين الحكمين النهائيين محل طلب فض التناقض يكون على أساس من قواعد الاختصاص الولائي، لتحدد على ضوئها أيهما صدر من الجهة التي لها ولاية الفصل في الدعوى، وأحقهما، تبعًا لذلك بالتنفيذ.
وحيث إن نطاق الطلب الأصلي الذي طرح على محكمة شمال القاهرة الابتدائية، في الاستئناف رقم 63 لسنة 2012 تجارى مستأنف كلى، قد انصب على إلغاء اشتراطات التعاقد الخاصة بحقوق الارتفاق، التي تم وضعها بمعرفة شركة مصر الجديدة للإسكان والتعمير، وشركة ألماظة للتنمية العقارية، كحقوق ارتفاق وشروط بنائية، يلتزم بها ملاك الأراضي بتقسيم حي الملتقى العربي – تقسيم شركة ألماظة للتنمية العقارية. وقضت المحكمة بحكمها الصادر بجلسة 30/7/2012، برفض هذا الطلب، استنادًا إلى صيرورته غير مُجْدٍ، بعد أن أصبحت هذه الاشتراطات غير نافذة بقوة القانون من تاريخ العمل بأحكام قانون البناء الصادر بالقانون رقم 119 لسنة 2008. حال أن نطاق الطلبات التي عرضت على محكمة القضاء الإداري في الدعويين رقمي 382 و384 لسنة 65 قضائية، تحددت في وقف تنفيذ ثم إلغاء قرار الجهة الإدارية بعدم الموافقة على تحويل استخدام كل من قطعتي الأرض محل النزاع من سكنى إلى تجارى، وما يترتب على ذلك من آثار، وقضت المحكمة بحكميها الصادرين بجلسة 23/10/2012، برفضهما، الأمر الذي ينتفي معه مناط قيام التناقض بين أحكام جهتي القضاء المشار إليهما، مما يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى في خصوص هذا الشق منها. لينحصر بذلك نطاق التناقض المطروح على هذه المحكمة، فيما قضت به كل من جهتي القضاء العادي والإداري في شأن تغيير الغرض الذي يستخدم فيه الطابقان الأول والأرضي من العقار المقام على قطعتي الأرض رقمي (250 و254) المملوكة للمدعى عليه، من سكنى إلى تجارى. فقضت محكمة شمال القاهرة الابتدائية بحكمها الصادر بجلسة 30/7/2012، في الاستئناف رقم 63 لسنة 2012 تجارى مستأنف كلى، بأحقية المدعى عليه في الدعوى المعروضة في عمل أنشطة تجارية بهما، على حين قضت محكمة القضاء الإداري بجلسة 23/10/2012، برفض الدعويين رقمي 382 و384 لسنة 65 قضائية، المقامتين طعنًا على قرار الجهة الإدارية بعدم الموافقة على تحويل استخدام قطعتي الأرض المشار إليهما من سكنى إلى تجارى. ويندرج في هذا القضاء بحكم اللزوم العقلي والمنطقي، ولاتحاد الأساس القانوني، تحويل استخدام الطابقين الأول والأرضي من العقار المقام على هاتين القطعتين – موضوع الدعوى الأولى – تبعًا لذلك، من سكنى إلى تجارى، ومن ثم يشمله قضاء المحكمة المتقدم برفض الدعويين. متى كان ذلك، وكانت الأحكام المتقدمة تتحد محلاً، في حدود نطاقها المتقدم، وتحكمها نصوص قانون البناء الصادر بالقانون رقم 119 لسنة 2008، الذى ألغى بمقتضى نص المادة الثالثة من مواد الإصدار، أحكام القانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء، فيما عدا المادة (13 مكررًا) منه، وقانون التخطيط العمراني الصادر بالقانون رقم 3 لسنة 1982، وكل حكم في أى قانون آخر يخالف أحكام قانون البناء المشار إليه، كما ناطت المادة (15) من قانون البناء السالف الذكر بالإدارة العامة للتخطيط والتنمية العمرانية بالمحافظات، وضع قواعد واشتراطات مؤقتة لمخططات تفصيلية لتنظيم العمران، في حالة عدم وجود مخططات عامة أو قبل اعتماد المخططات الاستراتيجية العامة، وذلك خلال شهرين من صدور اللائحة التنفيذية للقانون، على أن يصدر بهذه القواعد والاشتراطات المؤقتة قرار من المحافظ المختص، بعد العرض على المجلس الشعبي المحلى، وبعد التنسيق مع الأجهزة المختصة بوزارة الدفاع، ويعمل بهذه القواعد والاشتراطات المؤقتة حتى يتم إعداد واعتماد المخططات التفصيلية، وتتولى الإدارة المذكورة كذلك وضع الاشتراطات البنائية المؤقتة للمناطق القائمة التي لم يحدد لها اشتراطات بنائية، وتسرى هذه الاشتراطات المؤقتة حتى يتم إعداد المخططات الاستراتيجية والتفصيلية واعتمادها، طبقًا لنص المادتين (16، 17) من القانون المذكور، وقد حظرت المادة (39) من هذا القانون إنشاء مبان أو منشآت أو إقامة أعمال أو توسيعها أو تعليتها أو تعديلها أو تدعيمها أو ترميمها أو هدم المباني غير الآيلة للسقوط جزئيًّا أو كليًّا أو إجراء أي تشطيبات خارجية، دون الحصول على ترخيص من الجهة الإدارية المختصة بشئون التخطيط والتنظيم، وفقًا للاشتراطات البنائية وقت الترخيص، ولما تبينه اللائحة التنفيذية لهذا القانون. وفى ضوء النصوص المتقدمة أصدر محافظ القاهرة القرار رقم 3717 لسنة 2009 بشأن الاشتراطات البنائية المؤقتة لمحافظة القاهرة، تطبيقًا لقانون البناء الصادر بالقانون رقم 119 لسنة 2008 ولائحته التنفيذية، ونص في عجز البند رقم (2) من المادة الأولى منه على أن " ويحظر نهائيًّا تعديل استخدام الوحدات المخصصة للسكنى لأى نشاط آخر"، ليضحى تقرير أحقية المدعى عليه في تحويل استخدام العقارات محل النزاع من سكنى إلى تجارى، والمنازعة في قرار الجهة الإدارية الصادر في هذا الشأن، بعدم الموافقة على تغيير الاستخدام، وعدم إصدار التراخيص اللازمة لذلك، تنفيذًا لأحكام قانون البناء وقرار محافظ القاهرة السالف ذكرها، الحاكمة لهذه المسألة، التي تدور حولها الخصومة المرددة أمام كل من جهتي القضاء العادي والإداري، داخلاً في عداد المنازعات الإدارية التي ينعقد الاختصاص بنظرها والفصل فيها لمحاكم مجلس الدولة، دون غيرها، بوصفه صاحب الولاية العامة بالفصل في المنازعات الإدارية، طبقًا لنص المادة (190) من الدستور، والمادة (10) من قرار رئيس الجهورية بالقانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة. كما وسدت المادة (114) من قانون البناء الصادر بالقانون رقم 119 لسنة 2008 الاختصاص بالفصل فيها لمحكمة القضاء الإداري دون غيرها، فنصت على أن " تختص محكمة القضاء الإداري دون غيرها بالفصل في الطعون على جميع القرارات الصادرة من الجهة الإدارية تطبيقًا لأحكام هذا القانون...."، الأمر الذى يتعين معه القضاء بالاعتداد بالحكمين الصادرين من جهة القضاء الإداري، دون الحكم الصادر من جهة القضاء العادي المشار إليه.
وحيث إنه عن الطلب المستعجل بوقف تنفيذ الحكم الصادر من محكمة شمال القاهرة الابتدائية بجلسة 30/7/2012، في الاستئناف رقم 63 لسنة 2012 تجارى مستأنف كلى، فإنه يُعد فرعًا من أصل النزاع حول فض التناقض، وإذ تهيأ النزاع المعروض للفصل في موضوعه، وانتهت المحكمة إلى قضائها المتقدم في شأنه، فإن مباشرة رئيس المحكمة الدستورية العليا اختصاص البت في هذا الطلب، طبقًا لنص المادة (32) من قانون هذه المحكمة الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، يكون قد صار غير ذى موضوع.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بالاعتداد بالحكمين الصادرين من محكمة القضاء الإداري بجلسة 23/10/2012، في الدعويين رقمي 382 و384 لسنة 65 قضائية، دون الحكم الصادر بجلسة 30/7/2012، من محكمة شمال القاهرة الابتدائية – الدائرة 8 تجارى مستأنف – في الاستئناف رقم 63 لسنة 2012 تجارى مستأنف كلى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق