جلسة 15 من مارس سنة 1995
برئاسة السيد المستشار/
محمد أحمد حسن نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد اللطيف علي أبو
النيل ومحمد إسماعيل موسى نائبي رئيس المحكمة وأحمد عبد القوي خليل ويحيى محمود
خليفة.
------------------
(80)
الطعن رقم 12572 لسنة 64
القضائية
(1)تزوير
"أوراق رسمية" "أوراق عرفية". موظفون عموميون. قانون
"تفسيره".
المحررات الرسمية.
ماهيتها؟ المادة 10 من قانون الإثبات.
مناط رسمية الورقة؟
نشوء المحرر رسمياً
ابتداء. غير لازم. صحة أن ينشأ المحرر في الأصل عرفياً ثم ينقلب إلى محرر رسمي
بتداخل الموظف العام المختص فيه في حدود وظيفته.
صفة الرسمية في المحرر
تكون مقصورة على ما تم على يدي الموظف العام أو ما تلقاه من ذوي الشأن، أما باقي
المحرر فيبقى عرفياً متى كان موقعاً من ذوي الشأن.
(2)تزوير "أوراق رسمية" "أوراق عرفية". موظفون
عموميون. قانون "تطبيقه". نقض "حالات الطعن. الخطأ في تأويل
القانون".
اقتصار دور الموظف العام
بالنسبة إلى عقد الإيجار. على إثبات تاريخ تقديمه له. انحصار الرسمية في هذا
التاريخ فحسب. باقي المحرر يبقى عرفياً. مخالفة الحكم ذلك. خطأ في تأويل القانون.
(3)تزوير "أوراق عرفية". جريمة "أركانها". مسئولية جنائية.
نقض "حالات الطعن. الخطأ في تأويل القانون".
مناط العقاب على التزوير
في المحرر العرفي. هو أن يثبت فيه ما يخالف ما تلاقت عليه إرادات طرفيه.
اقتصار العقد على إثبات
ما تلاقت عليه إرادتا طرفيه. يجعله عقداً عرفياً وينحسر عنه وصف التزوير. مخالفة
الحكم ذلك. خطأ في تأويل القانون وتطبيقه.
(4) محكمة النقض "سلطتها" "نظرها الطعن
والحكم فيه".
كون الواقعة غير معاقب
عليها تحت أي وصف أخر يوجب نقض الحكم والقضاء بالبراءة.
--------------
1 - من المقرر أن الشارع
لم يضع في قانون العقوبات تعريفاً محدداً للورقة الرسمية، وكانت المادة العاشرة من
قانون الإثبات قد عرفت المحررات الرسمية بما نصت عليه من أن "المحررات
الرسمية هي التي يثبت فيها موظف عام أو شخص مكلف بخدمة عامة ما تم على يديه أو ما
تلقاه من ذوي الشأن وذلك طبقاً للأوضاع القانونية وفي حدود سلطته واختصاصه، فإذا
لم تكتسب هذه المحررات صفة رسمية فلا يكون لها إلا قيمة المحررات العرفية متى كان
ذوو الشأن قد وقعوها بإمضاءاتهم أو بأختامهم أو ببصمات أصابعهم". وهو ما
يتعين الأخذ به ما دام قانون العقوبات - على ما سلف - قد خلا من تعريف المحرر
الرسمي. لما كان ذلك، وكان قضاء هذه المحكمة قد جرى - بما يتفق ونص المادة العاشرة
من قانون الإثبات سالف البيان - بأن مناط رسمية الورقة هو أن يكون محررها موظفاً
عاماً مختصاً بمقتضى وظيفته بتحريرها وإعطائها الصيغة الرسمية أو يتداخل في
تحريرها وفقاً لما تقضي به القوانين أو اللوائح أو التعليمات التي تصدر إليه من
جهته الرسمية ولا يشترط أن ينشأ المحرر رسمياً ابتداء، بل يصح أن ينشأ المحرر في
الأصل عرفياً ثم ينقلب إلى محرر رسمي إذا ما تداخل فيه الموظف العام المختص في
حدود وظيفته، ومن ثم فإن صفة الرسمية في المحرر تكون مقصورة على ما تم على يدي
الموظف العام أو ما تلقاه من ذوي الشأن، أما باقي المحرر فيبقى عرفياً متى كان
موقعاً من ذوي الشأن.
2 - لما كان البين أن دور
الموظف العام بالنسبة إلى عقد الإيجار موضوع الطعن الماثل قد اقتصر على مجرد إثبات
تاريخ تقديمه له، فإن صفة الرسمية تنحصر في تاريخ هذا المحرر الذي أثبته الموظف
العام فحسب، أما باقي المحرر فيبقى ورقة عرفية. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون
فيه قد اعتبر المحرر بأكمله محرراً رسمياً لمجرد إثبات تاريخه، فإنه يكون قد أخطأ
في تأويل القانون.
3 - لما كان قضاء هذه
المحكمة قد جرى على أن مناط العقاب على التزوير في المحرر العرفي هو أن يثبت فيه
ما يخالف ما تلاقت عليه إرادات أطرافه. وكان عقد الإيجار موضوع الطعن الماثل - في
تكييفه الحق - هو عقد عرفي اقتصر على إثبات ما تلاقت عليه إرادتا طرفيه، فإن
الواقعة على هذا النحو ينحسر عنها وصف التزوير. وكان الحكم المطعون فيه قد خالف
النظر المتقدم فإنه يكون قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه.
4 - لما كانت الواقعة -
حسبما حصلها الحكم - غير معاقب عليها تحت أي وصف آخر - فإنه يتعين نقض الحكم
المطعون فيه والحكم ببراءة الطاعنين مما أسند إليهما.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة
الطاعنين بأنهما أولاً: وهما ليسا من أرباب الوظائف العمومية اشتركا بطريق الاتفاق
بينهما وبطريق المساعدة مع موظف عام حسن النية هو.... "موظف بالشهر العقاري
بـ...." في ارتكاب تزوير في محرر رسمي هو عقد إيجار الشقة المبينة المعالم
بالأوراق وذلك بجعلهما واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمهما بتزويرها بأن
اتفقا على إثبات بيانات بالعقد آنف البيان بأن المتهمة الأولى مقيمة لدى المتهم
الثاني بالطابق الثالث من العقار الخاص به خلافاً للحقيقة فوقعت الجريمة بناء على
هذا الاتفاق وتلك المساعدة. ثانياً: المتهمة الأولى استعملت المحرر المزور سالف
الذكر مع علمها بتزويره بأن قدمته إلى هيئة محكمة بندر الفيوم للأحوال الشخصية نفس
في الدعوى رقم.... جزئي للحصول على حكم لصالحها على النحو المبين بالتحقيقات.
وأحالتهما إلى محكمة جنايات الفيوم لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر
الإحالة. وادعى.... مدنياً قبل المتهمين بمبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل
التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 40/ ثانياً، ثالثاً،
41، 42، 211، 212، 213، 214 من قانون العقوبات مع إعمال المادتين 32/ 2، 17 من
القانون ذاته أولاً: بمعاقبة كل من المتهمين بالحبس مع الشغل لمدة ستة أشهر عما
أسند إليه ومصادرة المحرر المزور المضبوط. ثانياً: بإحالة الدعوى المدنية إلى
المحكمة المدنية المختصة.
فطعن الأستاذ/ ....
المحامي نيابة عن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.
المحكمة
من حيث إن مما ينعاه
الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمة الاشتراك مع موظف عام حسن
النية في ارتكاب تزوير في محرر رسمي هو عقد إيجار مسكن دان الأولى أيضاً بجريمة
استعمال هذا المحرر مع علمها بتزويره قد أخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنهما تمسكا
بأن العقد هو من قبيل العقود الصورية وأن مجرد تقديمه للشهر العقاري لإثبات تاريخه
لا يضفي عليه الرسمية مما ينحسر معه عن الواقعة وصف التزوير. وهو ما يعيب الحكم
ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون
فيه بين واقعة الدعوى في قوله أنها "تتحصل في أنه صدر حكم غيابي من محكمة
بندر الفيوم الجزئية للأحوال الشخصية بتقرير نفقة للمتهمة الأولى.... على زوجها
الشاهد الأول.... في الدعوى التي أقامتها ضده رقم.... لسنة.... فطعن الأخير عليه
بالمعارضة وضمن صحيفة الطعن دفعاً بعدم اختصاص المحكمة محلياً بنظرها لإقامة
المتهمة الأولى بمركز إطسا وليس ببندر الفيوم كما زعمت في دعواها وقبيل الجلسة
المحددة لنظر المعارضة اتفقت المتهمة الأولى مع المتهم الثاني... على جعل واقعة
مزورة في صورة واقعة صحيحة بأن اصطنعا عقد إيجار مؤرخ.... هما طرفيه أثبتا فيه أن
المتهمة الأولى مقيمة لدى المتهم الثاني في شقة بالطابق الثالث من العقار ملكه
الواقع ببندر الفيوم، ثم تقدمت به المتهمة الأولى إلى.... مدير مكتب التوثيق
بمصلحة الشهر العقاري بـ.... الذي أشر عليه بقبول سداد الرسم المقرر وأحاله
إلى.... الذي قام بتوثيقه وإثبات تاريخ وقيده بالسجل المعد لذلك تحت رقم...
بتاريخ.... حالة كون ذلك العقار مكون من طابقين فقط حسبما أسفرت عنه معاينة
النيابة العامة وشهادة كل من.... و.... و.... و.... ثم تقدمت المتهمة الأولى بذلك
العقد المزور إلى محكمة المعارضة بجلسة.... تدليلاً على زعمها بأنها تقيم ببندر
الفيوم توصلاً للحكم لها برفض دفع المعارض بعدم الاختصاص المحلي، هذا وتبين أن
المتهم قدم بجلسة.... إلى المحكمة التي نظرت الدعوى.... شرعي بين ذات الخصوم،
إقراراً مؤيداً لزعم المتهمة الأولى وحلف يميناً على صحته بإقامة المذكورة طرفه
حسبما هو ثابت بعقد الإيجار المزور". وبعد أن أورد الحكم المطعون فيه الأدلة
على ثبوت الواقعة على هذه الصورة في حق الطاعنين عرض للدفع بصورية عقد الإيجار محل
جريمة التزوير وللدفع بانتفاء صفة الرسمية عنه وأطرحهما في قوله "وحيث إنه عن
الدفع بصورية الإجارة المتضمنة الورقة المزورة بحسبان أنه من تغيير الحقيقة الذي
أباحه القانون فإنه لما كانت الصورية كما هي معرفة في القانون أنها تغيير للحقيقة
يقره طرفاها، ومن ثم فإنه مع التسليم الجدلي بأن التعاقد الذي تم بين المتهمين
إنما يندرج ضمن الصورية وأن تغيير الحقيقة في المحرر المثبت لها - عقد الإيجار
المزور - قد وقع في ظاهره في حدود طرفي الصورية، باعتبار أن لهما حرية تغيير
الحقيقة حسبما تتجه إليه إرادتهما، إلا أنه لما كان الأمر بتغيير الحقيقة في ذلك
العقد قد وصل إلى حد المساس المباشر بحقوق الغير المجني عليه.... وذلك بالزعم بأن
للمتهمة الأولى محل إقامة بعقار ملك المتهم الثاني بدائرة بندر الفيوم توصلا
للمساس بحقه في القضاء له بقبول الدفع بعدم اختصاص محكمة بندر الفيوم للأحوال
الشخصية محلياً بنظر دعوى النفقة المقامة عليه من المتهمة الأولى فإن الواقعة على
هذا النحو تعد تزويراً ومن ثم يكون الدفع المشار إليه قد جانبه الصواب متعيناً
إطراحه والالتفات عنه.
وحيث إنه عما يحاول به
الدفاع بانتفاء صفة الرسمية عن الورقة المزورة لعدم تعلق تدخل الموظف العام فيها
ببيان جوهري، ولانتفاء حجيتها في الإثبات فإن المحكمة تشير بادئ ذي بدء إلى أن
المحرر المزور المضبوط وإن كان قد بدأ عرفياً أول الأمر إلا أنه انقلب رسمياً بعد
ذلك بتداخل موظف هو الموثق المختص بالشهر العقاري بـ.... فيه في حدود وظيفته
بإثبات مضمون التعاقد وتاريخه في الدفتر الرسمي المعد لإثبات تواريخ التصرفات
القانونية بالمأمورية، حيث قيد تحت رقم.... بتاريخ... فاكتسب المحرر بذلك صفة
الرسمية ليس فقط من تاريخ إثباته في الشهر العقاري، بل تنسحب هذه الرسمية على ما
سبق من إجراءات، وإذ أن تاريخ التعاقد الذي تم بين المتهمين كان ضمن بيانات عقد
الإيجار المزور والذي من أجله قدمته المتهمة الأولى إلى الموثق بالشهر العقاري
لإثبات هذا التاريخ، ومن ثم يعتبر من أولى البيانات الجوهرية الواجب إدراجها في
المحرر حتى يكون له الشكل القانوني، وإذ كان ذلك وقد خلصت المحكمة على ما تقدم
بيانه إلى اعتبار المحرر المزور المضبوط محرراً رسمياً فإنه تكون لبياناته جميعاً
الصفة الرسمية دون توقف على قوتها في الإثبات، إذ أن هذه الحجية تقتصر أهميتها على
قوة المحرر في الإثبات ولا شأن لها بأحكام التزوير، إذ لا ارتباط بين حجية
المحررات في الإثبات وبين أحكام تزويرها وبالتالي يكون الدفع في جملته ولا محل له
من صحيح الواقع والقانون متعيناً رفضه". لما كان ذلك، وكان الشارع لم يضع في
قانون العقوبات تعريفاً محدداً للورقة الرسمية، وكانت المادة العاشرة من قانون
الإثبات قد عرفت المحررات الرسمية بما نصت عليه من أن "المحررات الرسمية هي
التي يثبت فيها موظف عام أو شخص مكلف بخدمة عامة ما تم على يديه أو ما تلقاه من
ذوي الشأن وذلك طبقاً للأوضاع القانونية وفي حدود سلطته واختصاصه، فإذا لم تكتسب
هذه المحررات صفة رسمية فلا يكون لها إلا قيمة المحررات العرفية متى كان ذوو الشأن
قد وقعوها بإمضاءاتهم أو بأختامهم أو ببصمات أصابعهم". وهو ما يتعين الأخذ به
ما دام قانون العقوبات - على ما سلف - قد خلا من تعريف المحرر الرسمي. لما كان
ذلك، وكان قضاء هذه المحكمة قد جرى - بما يتفق ونص المادة العاشرة من قانون
الإثبات سالف البيان - بأن مناط رسمية الورقة هو أن يكون محررها موظفاً عاماً
مختصاً بمقتضى وظيفته بتحريرها وأعطاها الصيغة الرسمية أو يتداخل في تحريرها وفقاً
لما تقضي به القوانين أو اللوائح أو التعليمات التي تصدر إليه من جهته الرسمية ولا
يشترط أن ينشأ المحرر رسمياً ابتداء، بل يصح أن ينشأ المحرر في الأصل عرفياً ثم
ينقلب إلى محرر رسمي إذا ما تداخل فيه الموظف العام المختص في حدود وظيفته ومن ثم
فإن صفة الرسمية في المحرر تكون مقصورة على ما تم على يدي الموظف العام أو ما
تلقاه من ذوي الشأن، أما باقي المحرر فيبقى عرفياً متى كان موقعاً من ذوي الشأن.
لما كان ذلك، وكان دور الموظف العام بالنسبة إلى عقد الإيجار موضوع الطعن الماثل
قد اقتصر على مجرد إثبات تاريخ تقديمه له، فإن صفة الرسمية تنحصر في تاريخ هذا
المحرر الذي أثبته الموظف العام فحسب، أما باقي المحرر فيبقى ورقة عرفية. لما كان
ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد اعتبر المحرر بأكمله محرراً رسمياً لمجرد إثبات
تاريخه، فإنه يكون قد أخطأ في تأويل القانون. لما كان ذلك، وكان قضاء هذه المحكمة
قد جرى على أن مناط العقاب على التزوير في المحرر العرفي هو أن يثبت فيه ما يخالف
ما تلاقت عليه إرادات أطرافه وكان عقد الإيجار موضوع الطعن الماثل - في تكييفه الحق
- هو عقد عرفي اقتصر على إثبات ما تلاقت عليه إرادتا طرفيه، فإن الواقعة على هذا
النحو ينحسر عنها وصف التزوير. وكان الحكم المطعون فيه قد خالف النظر المتقدم فإنه
يكون قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه. لما كان ما تقدم، وكانت الواقعة - حسبما
حصلها الحكم - غير معاقب عليها تحت أي وصف آخر - فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه
والحكم ببراءة الطاعنين مما أسند إليهما وذلك دون حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق