جلسة 7 من مارس سنة 1995
برئاسة السيد المستشار/ محمد حسين لبيب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ رضوان عبد العليم ووفيق الدهشان وبدر الدين السيد نواب رئيس المحكمة وزغلول البلشي.
-----------------
(73)
الطعن رقم 5619 لسنة 63 القضائية
(1) مواد مخدرة. استدلالات. تفتيش "إذن التفتيش. إصداره" "بياناته". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش. موضوعي.
عدم إيراد مهنة الطاعن محددة في محضر الاستدلالات. غير قادح في جدية التحريات.
(2) إثبات "شهود". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إحالة الحكم في إيراد أقوال الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر. لا يعيبه. ما دامت متفقة مع ما استند إليه منها.
اختلاف أقوال شهود الإثبات في بعض تفصيلاتها. لا يقدح في سلامة الحكم. حد ذلك؟
(3) مواد مخدرة. قصد جنائي. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إحراز المخدر بقصد الاتجار. واقعة مادية. يستقل قاضي الموضوع بتقديرها. الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
(4) مصادرة. حكم "حجيته". مواد مخدرة. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
المصادرة المنصوص عليها في المادة 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل. ماهيتها؟
حجية الأحكام لا ترد إلا على المنطوق وما يكون من الأسباب مكملاً له ومرتبطاً به بحيث لا يكون للمنطوق قوام إلا به.
سكوت الحكم في منطوقه عن بيان كنه المضبوطات التي قضى بمصادرتها وبيانها في أسبابه التي يحمل المنطوق عليها. لا عيب. أساس ذلك؟
(5) نقض "المصلحة في الطعن".
انتفاء مصلحة الطاعن في النعي على الحكم بشأن مصادرة المبلغ المضبوط لأنه مملوك لغيره. أساس ذلك؟
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أحرز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً (حشيش) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وأحالته إلى محكمة جنايات المنصورة لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1/ 1، 2، 7/ 1، 34 فقرة أولى بند/ 1، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانونين 61 لسنة 1977، 122 لسنة 1989 والبند 57 من القسم الثاني من الجدول رقم (1) الملحق بالقانون الأول والمعدل بالقانون الأخير مع إعمال المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة ست سنوات وبتغريمه مبلغ مائة ألف جنيه وبمصادرة المضبوطات.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.
المحكمة
من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز جوهر مخدر "حشيش" بقصد الاتجار في غير الأحوال المصرح بها قانوناً قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وران عليه الإخلال بحق الدفاع - ذلك بأن الحكم رد على الدفع ببطلان الإذن بالضبط والتفتيش بما لا يصلح رداً، وعول على أقوال الشاهد الثاني ولم يورد مؤداها وأحال في بيانها إلى ما أورده من أقوال الشاهد الأول رغم اختلاف أقوالهما في خصوص كيفية ووقت ومكان الضبط، ودلل على قصد الاتجار بما لا يوفره في حق الطاعن، وقضى بمصادرة المضبوطات ولم يبين ماهيتها، كما قضى بمصادرة المبلغ المضبوط رغم أنه مملوك لزوجة الطاعن - مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة إحراز المخدر بقصد الاتجار التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة مستمدة من أقوال الضابط الذي أجرى التفتيش وزميله المرافق له ومن تقرير التحليل. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع فإذا كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون وكان عدم إيراد مهنة الطاعن محددة في محضر الاستدلال لا يقدح بذاته في جدية ما تضمنه من تحريات، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون سديداً. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أورد مؤدى أقوال العقيد.... رئيس مكافحة المخدرات بالدقهلية، وعند إيراد الحكم لأقوال زميله الملازم أول.... أورد أنه شهد بمضمون ما شهد به الشاهد السابق وكان لا يعيب الحكم أن يحيل في إيراد أقوال الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت متفقة مع ما استند إليه الحكم منها. ولا يقدح في سلامة الحكم - على فرض صحة ما يثيره الطاعن - عدم اتفاق أقوال شهود الإثبات في بعض تفاصيلها ما دام الثابت أنه حصل أقوالهم بما لا تناقض فيه ولم يورد تلك التفصيلات أو يركن إليها في تكوين عقيدته، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن إحراز المخدر بقصد الاتجار واقعة مادية يستقل قاضي الموضوع بالفصل فيها طالما أنه يقيمها على ما ينتجها وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه عرض لقصد الاتجار في قوله "وحيث إنه عن قصد المتهم من إحراز مخدر الحشيش المضبوط فإن المحكمة تساير سلطة الاتهام في أن الإحراز كان بقصد الاتجار ذلك اطمئناناً منها لما شهد به شاهدي الإثبات بما دلت عليه تحرياتهما من اتجار المتهم بالمواد المخدرة ومن طريقة إعداد المخدر المضبوط في لفافات معدة للتوزيع ومن إقرار المتهم لشاهدي الإثبات لدى ضبطه من أنه يحرز المخدر بقصد الاتجار". وكان فيما أورده الحكم على ذلك النحو ما يكفي للدلالة على توافر قصد الاتجار لدى الطاعن ولا حرج على محكمة الموضوع في استخلاصه على أي نحو تراه متى كان ما حصلته واقتنعت به للأسباب التي أوردتها - في حدود سلطتها في تقدير أدلة الدعوى والتي لا تخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي - يفيد أن الإحراز كان بقصد الاتجار. فإن ما يثيره الطاعن بدعوى القصور في التسبيب لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الأدلة والقرائن التي كونت منها المحكمة عقيدتها وهو ما لا يصح إثارته أمام محكمة النقض - لما كان ذلك، وكانت المادة 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 توجب الحكم في جميع الأحوال بمصادرة الجواهر المخدرة أو النباتات المضبوطة الواردة بالجدول رقم (5) وبذورها، وكذلك الأموال المتحصلة من الجريمة والأدوات ووسائل النقل المضبوطة التي استخدمت في ارتكابها، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد في أسبابه أنه ضبط مع الطاعن - إلى جانب المواد المخدرة - مبلغ 1040 جنيه وقضى بمصادرة المضبوطات بالتطبيق لنص المادة 42 سالفة الذكر مما مفاده انصراف المصادرة إلى جميع المضبوطات، وإن سكت في منطوقه عن بيان كنه المضبوطات التي قضى بمصادرتها إلا أنه بينها في أسبابه التي يحمل المنطوق عليها، والتي تعد جزءاً لا يتجزأ منه وهو بيان كاف، لما هو مقرر في القانون أنه وإن كان الأصل في الأحكام ألا ترد الحجية إلا على منطوقها، إلا أن هذه الحجية تمتد بالضرورة إلى ما يكون من الأسباب مكملاً للمنطوق ومرتبطاً به ارتباطاً وثيقاً غير متجزئ بحيث لا يكون للمنطوق قوام إلا به، ولما كان الحكم المطعون فيه قد حدد ماهية المضبوطات التي قضى بمصادرتها على نحو ما سلف بيانه، فإنه لا وجه لما يثيره الطاعن في هذا الشأن. لما كان ذلك، وكان الطاعن لا مصلحة له في نعيه على الحكم المطعون في شأن مصادرته للمبلغ المضبوط بدعوى أنه مملوك لزوجته. فإن هذه الأخيرة وحدها هي صاحبة المصلحة في ذلك وعليها أن تتبع ما رسمه القانون في هذا الشأن لاسترداده إن كانت حسنة النية وكان لها حق في استلامه - لما هو مقرر أنه يتعين أن تعود على الطاعن مصلحة حقيقية من طعنه ولا يجوز للطاعن أن يطعن على الحكم لمصلحة القانون وحده. لما كان ما تقدم. فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق