جلسة 6 من إبريل سنة 1995
برئاسة السيد المستشار/
محمد يحيى رشدان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ صلاح البرجي ومجدي
الجندي وحسين الشافعي ومحمود شريف فهمي نواب رئيس المحكمة.
---------------
(102)
الطعن رقم 19551 لسنة 64
القضائية
(1)إثبات
"خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع
"الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير
معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". قتل عمد.
تقدير القوة التدليلية
لتقرير الخبير والفصل فيما يوجه إليه من اعتراضات. موضوعي.
عدم التزام المحكمة
بإجابة طلب استدعاء الطبيب الشرعي لمناقشته. ما دامت الواقعة قد وضحت لديها ولم تر
هي من جانبها حاجة لاتخاذ هذا الإجراء.
مثال لتسبيب سائغ لرفض
طلب استدعاء الطبيب الشرعي لمناقشته في جريمة قتل عمد.
(2)إثبات "معاينة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا
يوفره". إجراءات "إجراءات المحاكمة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير
معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حق محكمة الموضوع في
الإعراض عن طلب الدفاع. متى كانت الواقعة قد وضحت لديها أو كان الأمر المطلوب
تحقيقه غير منتج في الدعوى. شرطه: بيان العلة.
طلب المعاينة المقصود منه
إثارة الشبهة في الأدلة التي اطمأنت إليها المحكمة. دفاع موضوعي. عدم التزام
المحكمة بإجابته.
مثال لتسبيب سائغ للرد
على طلب إجراء معاينة في جريمة قتل عمد.
(3)إجراءات "إجراءات المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق
الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الطلب الجازم الذي تلتزم
المحكمة بإجابته. ماهيته؟
مثال.
(4)إثبات "اعتراف". دفوع "الدفع ببطلان الاعتراف
للإكراه" "الدفع ببطلان القبض والتفتيش". حكم "تسبيبه. تسبيب
غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
مثال لتسبيب سائغ للرد
على الدفع ببطلان القبض والتفتيش والاعتراف في جريمة قتل عمد.
(5)محكمة الموضوع
"سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "شهود". نقض "أسباب
الطعن. ما لا يقبل منها".
وزن أقوال الشاهد وتقدير
الظروف التي يؤدي فيها شهادته. موضوعي.
مفاد أخذ المحكمة بشهادة
شاهد؟
(6)إثبات "شهود". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
تناقض الشاهد أو تضاربه
في أقواله أو مع أقوال غيره. لا يعيب الحكم. متى استخلص الحقيقة منها بما لا تناقض
فيه.
(7) إثبات "شهود". محكمة الموضوع
"سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم التزام المحكمة بسرد
روايات الشاهد إذا تعددت. حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه. لها
الأخذ بأقواله في أي مرحلة من مراحل التحقيق والمحاكمة دون بيان العلة.
الجدل الموضوعي في تقدير
الدليل. غير جائز أمام النقض.
(8)إثبات "بوجه عام".
تساند الأدلة في المواد
الجنائية. مؤداه؟
(9) إثبات "بوجه عام" "قرائن".
محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير
معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
لا يشترط في الدليل أن
يكون صريحاً دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها. كفاية استخلاص ثبوتها عن
طريق الاستنتاج من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات.
الجدل الموضوعي في تقدير
الدليل. غير جائز أمام النقض.
مثال.
(10)دفوع "الدفع بتلفيق التهمة" "الدفع بشيوع
التهمة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما
لا يقبل منها".
مثال لتسبيب سائغ للرد
على الدفع بتلفيق التهمة وبشيوعها.
(11)إثبات "اعتراف". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير
الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
لمحكمة الموضوع الأخذ
باعتراف المتهم في أي دور من أدوار التحقيق ولو عدل عنه متى اطمأنت إلى صحته
ومطابقته للحقيقة والواقع.
(12)قتل عمد. قصد جنائي. جريمة "أركانها". محكمة الموضوع
"سلطتها في تقدير توافر نية القتل". إثبات "بوجه عام". حكم
"تسبيبه. تسبيب غير معيب".
قصد القتل. أمر خفي.
إدراكه بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني
وتنم عما يضمره في نفسه. استخلاص توافره. موضوعي.
مثال لتسبيب سائغ للتدليل
على توافر نية القتل.
(13)إعدام. إجراءات "إجراءات المحاكمة". حكم "إصداره".
وجوب أخذ رأي المفتي قبل
الحكم بالإعدام. لا يجعل رأيه دليلاً في الدعوى مما يجب عرضه على الخصوم.
عدم تقيد المحكمة برأي
المفتي ولا يجب عليها انتظاره ما لم يصل خلال العشرة أيام التالية لإرسال الأوراق
إليه. أساس ذلك؟
(14)نقض "أسباب الطعن. تحديدها".
وضوح وجه الطعن وتحديده.
شرط لقبوله.
مثال.
(15)نيابة عامة. إعدام. نقض "ميعاده". محكمة النقض
"سلطتها".
إثبات تاريخ تقديم مذكرة
النيابة في قضايا الإعدام. غير لازم.
اتصال محكمة النقض
بالدعوى المحكوم فيها بالإعدام بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها دون التقيد بمبنى
الرأي الذي ضمنته النيابة مذكرتها.
(16)حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". قتل عمد. إعدام.
الحكم الصادر بالإعدام.
ما يلزم من تسبيب لإقراره؟
---------------
1 - من المقرر أن الأصل
أن لمحكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم
إليها والفصل - فيما يوجه إليه من اعتراضات - وأنها لا تلتزم بإجابة طلب استدعاء
الطبيب الشرعي لمناقشته ما دامت الواقعة وضحت لديها ولم تر هي من جانبها حاجة إلى
اتخاذ هذا الإجراء، وكان الثابت أن الحكم عرض لطلب المدافع عن الطاعن دعوة الطبيب
الشرعي الذي أجرى تشريح جثث المجني عليهم الثلاثة ورد عليه في قوله "إن طلب
الدفاع استدعاء الطبيب الشرعي لمناقشته مردود بما هو ثابت من مطالعة تقارير الصفة
التشريحية وما دون بها وقد بلغ حد الكفاية ووفرت القناعة لقيامها على أسس فنية
سائغة ومقدمات تتفق والنتائج التي خلصت إليها تلك التقارير يضاف إلى ذلك أن
المحكمة بهيئة مغايرة استدعت مدير عام منطقة الطب الشرعي لشرق الدلتا الدكتور/
.... تمكيناً للدفاع من إجراء المناقشة التي طلبها إلا أن الدفاع لم يستكمل
مناقشته وعاد إلى التمسك باستدعاء الطبيب الذي أجرى التشريح رغم ما قرره في تلك
الجلسة مدير عام الطب الشرعي المذكور من أن الطبيب الذي أجرى التشريح متواجد
بالأراضي السعودية وأنه ترك العمل بالمصلحة كما حوت الأوراق إفادات تحمل ذات
المعنى رغم التأجيل عديد من الجلسات استغرقت خمس سنوات منذ وقوع الحادث في محاولات
من الهيئات المتعاقبة على المحكمة لإجابة هذا الطلب ولكن تعذر تحقيقه لما سلف
بيانه وأنه وإن كان من المقرر وفقاً للمادة 289 من قانون الإجراءات الجنائية أن
الأصل في المحاكمات أنها تقوم على التحقيق الشفوي الذي تجريه المحكمة في مواجهة
المتهم بالجلسة وتسمع فيه الشهود لإثبات التهمة أو نفيها ولا يسوغ الخروج على هذا
الأصل إلا إذا تعذر سماعهم لأي سبب من الأسباب وهو الواقع الحاصل في هذه الدعوى
حسب الإيضاح المتقدم" وإذ كان هذا الذي رد به الحكم كافياً ويسوغ به رفض طلب
مناقشة الطبيب الشرعي الذي أجرى تشريح جثث المجني عليهم وثبت وجوده بالسعودية
وتركه العمل بالمصلحة حسبما شهد بذلك مدير عام الطب الشرعي لمنطقة شرق الدلتا
بجلسة.... على خلاف ما ذهب إليه الطاعن فإن منعاه في هذا الشأن يكون في غير محله.
2 - لما كان الحكم قد عرض
لطلب الطاعن إجراء معاينة لمكان الحادث للوقوف على استحالة حدوث الواقعة كما صورها
الشهود وأطرحه في قوله "أن طلب الدفاع القائم على انتقال المحكمة لإجراء
معاينة لمكان الحادث ترى أنه لا محل له بعد أن اطمأن وجدانها إلى ارتكاب المتهم
لجنايات القتل المقترنة والشروع فيه التي سجلتها أوراق الدعوى واستمدت هذا
الاطمئنان من أدلة الثبوت التي عولت عليها كما أن المعاينة المرسومة التي قدمها
الدفاع بجلسة المرافعة اطلعت عليها المحكمة وحصلت منها ماديات ومعاني أما مادياتها
فتشير إلى أن الأحداث بدأت بمنزل.... وتحققت أولى نتائجه بمنزل.... الذي يقع على
يمين المنزل الأول وشهد مصرع المجني عليهما.... بداخله و.... قبالته وأن منزل....
مؤلف من طابقين وله نوافذ في كل الطابقين وأنه يمكن بالنظر من هذه النوافذ مشاهدة
ما يدور بالخلاء الواقع بين المنزلين ودلالته صدق رواية الشاهد.... من مشاهدته
المتهم يتعقب المجني عليه الأول إلى داخل منزل.... المجاور ويطلق عليه النار وما
قرره أيضاً من مشاهدته للمجني عليه الثاني من نافذة الطابق الثاني لمنزله وهو
منكفئاً على وجهه أمام بيت.... واستخلصت المحكمة أيضاً من ماديات هذه المعاينة أن
منزل.... يليه مسجد ثم يقع منزل المرحوم.... الذي شهد مصرع زوجته... في شرفته على
يد المتهم والمسافة بين منزلي....،.... خمسمائة متر حسبما صورت هذه - المعاينة
ودلالته في يقين المحكمة أنها مسافة ليست ببعيدة على المتهم أن يقطعها وهو شاب لم
يتجاوز عمره تسعة وعشرين عاماً يوم الحادث فضلاً عن رغبة جازمة وآثمة تملكته للثأر
والانتقام تهون في سبيل تحقيقها المسافات وإن طالت والأماكن وإن بعدت وهو ما يسري
أيضاً على منزل المجني عليه.... هذا فضلاً عن أن الواقع الذي حصلته المحكمة فهما
من هذه المعاينة أن منازل المجني عليهم جميعاً تقع على طريق واحد تنعدم فيه أية
موانع للرؤية، ومن ثم فإن المحكمة تقنع بهذه المعاينة وقد وثقت أدلة الثبوت التي
ارتاح إليها وجدانها من قبل ومن ثم ترفض هذا الطلب بعد أن توصلت إلى حقيقة الأمر
في الدعوى بما لا يدعو إلى مزيد من التحقيق ويصبح هذا الطلب بعد ذلك ليس فيه إلا
إثارة للشبهة حول أدلة الثبوت التي اقتنعت بها هذه المحكمة طبقاً للتصور الذي أخذت
به خاصة وأن هذا الطلب وفقاً لما تم تحصيله من المعاينة المرسومة المقدمة من
الدفاع لن يؤدي إلى نفي الفعل المكون للجريمة ولا إلى استحالة حصولها وفق رواية
شهود الإثبات" لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه ولئن كان القانون قد أوجب على
محكمة الموضوع سماع ما يبديه المتهم من أوجه الدفاع وتحقيقه إلا أنه متى كانت
الواقعة قد وضحت لديها أو كان الأمر المطلوب تحقيقه غير منتج في الدعوى فلها أن
تعرض عن ذلك مع بيان العلة، وإذ كان ما أورده الحكم - فيما تقدم - كافياً وسائغاً
ويستقيم به إطراح طلب إجراء المعاينة دون أن يوصم الحكم المطعون فيه بالقصور أو
الإخلال بحق الدفاع، فضلاً عن أن هذا الوجه من الدفاع لا يتجه إلى نفي الفعل المكون
للجريمة ولا إلى استحالة حصول الواقعة كما رواها شهود الإثبات بل الهدف منه إثارة
الشبهة في الأدلة التي اطمأنت إليها المحكمة، ويعتبر من أوجه الدفاع الموضوعية
التي لا تلتزم المحكمة بإجابته ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون في
غير محله.
3 - من المقرر أن الطلب
الذي تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذي يصر عليه
مقدمة ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية ولما كان البين من
محضر جلسة.... التي تمت فيها المرافعة واختتمت بإصدار المحكمة قرارها حضورياً
وبإجماع الآراء بإحالة أوراق الدعوى إلى فضيلة مفتي الجمهورية لإبداء الرأي وتحديد
جلسة للنطق بالحكم - الذي صدر فيها فعلاً، وأن المدافع عن الطاعن وإن استهل
مرافعته بطلب ضم جناية قتل قضى فيها ببراءة والده منها، إلا أنه أتم مرافعته في
الدعوى دون أن يصر على هذا الطلب في طلباته الختامية مما يفقده خصائص الطلب
الجازم، فلا تثريب على المحكمة إن هي التفتت عن هذا الطلب ولم تجبه أو ترد عليه
ومع ذلك فإن الحكم قد عرض لهذا الطلب ورد عليه بقوله "أن طلب الدفاع المؤسس
على ضم الجناية السالف الإشارة إلى رقمها فإن الدفاع لم يبين أسانيد هذا الطلب
ومبرراته وترك بيان أن العلاقة بين الجنايتين المطلوب ضمها والمطروحة في طي
الكتمان ومن ثم فإن المحكمة وقد سكت الدفاع عن بيان ذلك حتى يبيح لها إعمال سلطتها
التقديرية لتقدير أهمية الطلب وجدواه فإنها تلتفت عنه عملاً بما هو مقرر من أن
الواقعة إن كانت قد وضحت للمحكمة مما ساقته من أدلة وقرائن وخلصت إلى صورتها
الصحيحة التي ارتسمت في وجدانها من جماع الأدلة المطروحة أمامها على بساط البحث
والتي لها أصل في الأوراق فإنه لا تثريب عليها إن هي أعرضت عن دفاع المتهم القائم
على طلب المعاينة أو ضم مستندات بعد أن توصلت إلى حقيقة الأمر في الدعوى مما لا
يدعو إلى مزيد من الحقيقة" وهو رد كاف وسائغ في رفض طلب الطاعن ضم القضية
التي أرشد عنها ومن ثم يكون منعاه في هذا الشأن غير سديد.
4 - لما كان الحكم قد عرض
لدفع الطاعن ببطلان القبض عليه وبطلان الدليل المستمد من تفتيش مسكنه لإجرائه دون
إذن من النيابة العامة وببطلان الاعتراف المنسوب إليه بمحضر الضبط لكونه وليد
تفتيش باطل وإكراه وأطرحه في قوله "وأما عن الدفع ببطلان القبض على المتهم
وبطلان تفتيشه وبطلان اعترافه في محضر الضبط فكلها دفوع تحوي من الأخطاء بقدر ما
تحوي عباراتها من حروف وألفاظ ذلك أن القبض على المتهم قد تم نفاذاً لأمر صادر من
سلطة التحقيق على ما يبين من تحقيقات النيابة المؤرخة.... الساعة الثانية وخمسة
وثلاثون دقيقة مساءً وإرشاد المتهم عن السلاح والذخيرة المضبوطين حسب الثابت بهذا
التحقيق يتحقق به معنى الرضا بالتفتيش ويوفر له المشروعية واعتراف المتهم بارتكاب
الحادث أثبتته النيابة بهذا التحقيق أيضاً فضلاً عن محضر الضبط وقد اطمأنت المحكمة
إلى هذا الإقرار ووثقت به وأوردته ضمن أدلة الثبوت التي عولت عليها في الحكم
بالإدانة وذلك من السلطات المخولة لها وحقوقها المقررة وهي تؤدي وظيفة القضاء إذ
لها أن تأخذ باعتراف المتهم ولو كان وارداً بمحضر الشرطة أو في تحقيق إداري
لبراءته مما يشوبه من عيب الإكراه اطمئناناً منها إلى صدقه ومطابقته للواقع ولو
عدلت عنه بعد ذلك" لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم - فيما سلف رداً على ما
أثاره الطاعن له أصله الثابت في الأوراق - ويسوغ به إطراح ما أثاره من بطلان تفتيش
مسكنه وبطلان إقراره بمحضر الضبط للأسباب التي حددها، فإن منعاه في هذا الشأن لا
يكون سديداً.
5 - من المقرر أن وزن
أقوال الشاهد وتقدير الظروف التي يؤدي فيها شهادته وتعويل القضاء على أقواله مهما
وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله
المنزلة التي ترها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه، وهي متى أخذت بشهادته فإن ذلك
يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
6 - من المقرر أن تناقض
الشاهد أو تضاربه - في أقواله - أو مع أقوال غيره من الشهود لا يعيب الحكم ولا
يقدح في سلامته ما دام قد استخلص الحقيقة من أقواله استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه.
7 - لما كانت المحكمة غير
ملزمة بسرد روايات الشاهد إذا تعددت وبيان أخذها بما اقتنعت به بل حسبها أن تورد
منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه ولها في سبيل ذلك أن تأخذ بأقواله في أي مرحلة
من مراحل التحقيق والمحاكمة دون أن تبين العلة في ذلك، وإذ كانت المحكمة قد اطمأنت
إلى أقوال شهود الإثبات بتحقيقات النيابة وإلى صدورها منهم وحصلتها كما هي في
الأوراق وبلا تناقض فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً
موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة المحكمة في استنباط معتقدها مما لا تجوز إثارته
أمام محكمة النقض.
8 - من المقرر أن الأدلة
في المواد الجنائية متساندة ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل
بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة
مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما
انتهت إليه.
9 - لما كان لا يشترط في
الدليل أن يكون صريحاً دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها بل يكفي أن يكون
استخلاص ثبوتها عن طريق الاستنتاج مما تكشف للمحكمة من الظروف والقرائن وترتيب
النتائج على المقدمات، وكان الحكم قد اعتمد فيما استخلصه من حمل الطاعن سلاحين
ناريين على أقوال.... التي شهدت بأن الطاعن كان يحمل سلاحين ناريين وما ورد بتقرير
فض المضبوطات من أن فوارغ الطلقات التي عثرت عليها النيابة بجوار جثث المجني عليهم
بعضها أطلق من الطبنجة المضبوطة والبعض الآخر لم يطلب منها، بما لا تناقض فيه، فإن
ما ينعاه الطاعن على الحكم من تعويله على أقوال الشهود - مع أنه لم يعول في هذا
الشأن إلا على أقوال.... دون سواها، ينحل إلى جدل موضوعي في سلطة محكمة الموضوع في
تقدير أدلة الدعوى مما يخرج عن رقابة محكمة النقض.
10 - لما كان الحكم قد
عرض لدفاع الطاعن بشيوع التهمة وبتلفيق الاتهام وبعدم صحة تصوير الواقعة كما رواها
الشهود في قوله "وحيث إن المحكمة وقد خلصت من مناقشة طلبات الدفاع فإنها
تنتقل إلى المرافعة وما أبدي فيها من أوجه دفاع باستعراضها يبين بجلاء أنها تدور
حول ما يمكن اعتباره دفعاً بتلفيق التهمة أو دفعاً بشيوع الاتهام أو تجريحاً
لأقوال شهود الإثبات ويكفي للرد عليه سواء في خصوصية التلفيق أو الشيوع القول
بأنها تعد من الدفوع الموضوعية التي لا تستأهل بحسب الأصل رداً صريحاً بل يكفي أن
يكون الرد عليها مستفاداً من الأدلة التي عولت عليها المحكمة بما يفيد إطراحها
جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع مع المتهم لحملها على عدم الأخذ بها دون أن
تكون ملزمة ببيان علة إطراحها إياها، كما أن دفاع التجريح الذي استهدف أقوال شهود
الإثبات يرد عليه بأن المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها
شهادتهم والتعويل على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات مرجعه
إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ومن
المقرر أيضاً أن المحكمة ما دامت قد اطمأنت إلى أقوال المجني عليه وشهود الإثبات
وصحة تصويرهم للواقعة فإن ما يثيره المتهم من منازعة حول التصوير الذي أخذت به
المحكمة للواقعة وفي تصديقها لأقوال الشهود أو محاولة تجريحها ينحل إلى جدل موضوعي
في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة
عقيدتها في شأنه" وكان ما أورده الحكم فيما سلف كاف ويسوغ به الرد على ما
أثير به من دفاع فإن منعى الطاعن في هذا الشأن لا يكون سديداً.
11 - لما كان من المقرر
أن لمحكمة الموضوع سلطة مطلقة في الأخذ باعتراف المتهم في أي دور من أدوار التحقيق
وإن عدل عنه بعد ذلك متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع وكان الحكم قد
اطمأن إلى صحة اعتراف الطاعن بمحضر الضبط والثابت مضمونه بصدر تحقيقات النيابة
العامة يوم.... ومطابقته للحقيقة والواقع، فإنه لا محل لما يثيره الطاعن في هذا
الشأن.
12 - لما كان الحكم
المطعون فيه قد عرض لقصد القتل وأثبت توافره في حق الطاعن بقوله "وحيث إنه عن
نية القتل ومعلوم أنها أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما بالظروف المحيطة
بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه
واستخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته
التقديرية وتلك النية متوافرة ولا ريب لدى المتهم من حاصل ما طرحته المحكمة من
ظروف الدعوى ومن ضغينة مسبقة أشعلت نار العداء والبغضاء في صدره تجاه عائلة المجني
عليهم لسبق اتهامهم بقتل خاله المرحوم.... منذ سنوات ثلاث سابقة على ارتكابه
للحادث الراهن وأقدم على إثمه بعد أن تروى في تفكيره وتدبر أمر الخلاص من المجني
عليهم وأعد لهذا الغرض سلاحين ناريين محشوين بالرصاص ومدية وهي أسلحة من شأنها
إحداث الوفاة وصوب أسلحته النارية تلك إلى مواضع قاتلة من جسد المجني عليهم وأطلق
عليهم عديداً من الأعيرة وزيادة في التشف والانتقام أجهز على المجني عليه
الأول.... بإحداث جروح قطعية برقبته كان لها دور في إحداث الوفاة إضافة إلى
الأعيرة النارية الخمس التي أطلقها عليه من الخلف وانصرف قصد المتهم من الاعتداء
على المجني عليهم على هذا النحو إلى قتلهم فأزهق أرواحهم وامتد هذا القصد إلى
المجني عليه.... فأشبع رأسه ضرباً بمؤخرة سلاحه الناري بعد أن نفذت منه رصاصاته
فكان أن أحدث بالمجني عليهم جميعاً الإصابات التي كشف عنها التقريرين الشرعي
والطبي أبان عنها الحكم في حينه وأودت بحياة ثلاثتهم ووقفت الجريمة عند حد الشروع
بالنسبة للمجني عليه المذكور آنفاً لمداركته بالعلاج" وكان من المقرر أن قصد
القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات
والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذه النية
موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، وإذ كان ذلك، وكان الحكم قد دلل
على هذه النية تدليلاً سائغاً - على نحو ما سلف بيانه - فإن ما يثيره الطاعن في
هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير أدلة الدعوى واستنباط معتقدها منها، مما
لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
13 - لما كانت المادة 381
من قانون الإجراءات الجنائية وإن أوجبت على محكمة الجنايات أن تأخذ برأي مفتي
الجمهورية قبل أن تصدر حكمها بالإعدام، إلا أن ذلك، لا يجعل من رأي المفتي دليلاً
من أدلة الدعوى مما يجب طرحه على الخصوم بجلسة مرافعة للوقوف على حقيقته ومناقشته
- قبل إصدار الحكم إذ مفاد نص المادة المشار بيانها أن المحكمة تكون عقيدتها
بالإدانة وتقدر عقوبة الإعدام قبل إرسال أوراق الدعوى إلى المفتي، بعد أن تكون
الدعوى قد استكملت كل إجراءاتها - حتى يمكن إبداء المفتي الرأي فيها، وهو رأي لا
يقيد المحكمة ولا تنتظره فيما لم يصل خلال العشرة أيام التالية لإرسال الأوراق
إليه بل لها أن تحكم في الدعوى بما رأته.
14 - من المقرر أنه يجب
لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً ومحدداً وكان الطاعن لم يبين أوجه الدفاع التي
أوردها على حافظة مستنداته، ولم توردها المحكمة أو ترد عليها، فإن ما يثيره في هذا
الشأن لا يكون مقبولاً.
15 - لما كانت النيابة
العامة - عملاً بالمادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر
بالقانون رقم 57 لسنة 1959 عرضت القضية على هذه المحكمة مشفوعة بمذكرة برأيها فيها
انتهت إلى طلب إقرار الحكم الصادر بإعدام الطاعن، وذلك دون بيان تاريخ تقديم هذه
المذكرة ليستدل منه على أن العرض قد روعي فيه ميعاد الستين يوماً المنصوص عليه في
المادة 34 من القانون سالف الذكر إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد لا يترتب عليه
عدم قبول عرض النيابة بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل
فيها وتستبين من تلقاء نفسها - غير مقيدة بالرأي الذي تبديه النيابة العامة في
مذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب، فإنه يتعين قبول عرض النيابة
العامة للقضية.
16 - لما كان الحكم
المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة
القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد المقترن بجنايتي قتل عمد مع سبق الإصرار وشروع
في قتل عمد مع سبق الإصرار وإحراز سلاحين ناريين أحدهما طبنجة، وذخائر بغير ترخيص،
كما خلا الحكم من قالة مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو في تأويله وصدر
بإجماع الآراء من محكمة مشكلة وفقاً للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى بعد
استطلاع رأي المفتي ولم يصدر بعد قانون يسري على، واقعة الدعوى بما يغير ما انتهت
إليه محكمة الموضوع فإنه يتعين إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة
الطاعن بأنه: أولاً: قتل.... عمداً مع سبق الإصرار بأن بيت النية على قتله وأعد
لذلك سلاحاً نارياً (مسدس حلوان 6 مم) وترصده في الطريق الموصل إلى محل جلوسه لدى
الشاهد الأول والذي أيقن مروره وتواجده في هذا المكان في ذلك الوقت من الليل حتى
إذا ظفر به فأطلق عليه أعيرة نارية قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة
بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. وقد اقترنت هذه الجناية بجنايات أخرى
هي أنه في ذات الزمان والمكان سالفي الذكر (1) قتل عمداً مع سبق الإصرار.... بأن
بيت النية على قتله وأعد لذلك سلاحاً نارياً السالف ذكره وحتى إذا ما ظفر به أطلق
عليه أعيرة نارية قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة
التشريحية والتي أودت بحياته. (2) قتل عمداً مع سبق الإصرار.... بأن بيت النية على
قتلها وأعد لذلك السلاح الناري السالف ذكره وما أن ظفر بها حتى أطلق عليها الأعيرة
النارية قاصداً من ذلك قتلها فأحدث بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية
والتي أودت بحياتها. (3) شرع في قتل.... عمداً مع سبق الإصرار بأن بيت النية على
قتله وأعد لذلك السلاح الناري سالف الذكر وحتى إذ ما ظفر به فقام بضربه بالسلاح
السالف على رأسه محدثاً إصابته قاصداً من ذلك قتله ولكن خاب أثر الجريمة لسبب لا
دخل لإرادته فيه هو مداركة المجني عليه بالعلاج. ثانياً: أحرز بغير ترخيص سلاحاً
نارية مششخناً "طبنجة حلوان 9 مم". ثالثاً: أحرز ذخائر (ثلاثة وعشرون
طلقة) مما تستخدم في السلاح الناري سالف الذكر حالة كونه غير مرخص له بحيازته أو إحرازه
وأحالته إلى محكمة جنايات الزقازيق لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر
الإحالة. وادعى.... مدنياً قبل المتهم بمبلغ 150 جنيه على سبيل التعويض المؤقت.
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً بإحالة الأوراق إلى فضيلة مفتي الجمهورية وحددت
جلسة للنطق بالحكم. وبالجلسة المحددة قضت تلك المحكمة حضورياً وبإجماع الآراء
عملاً بالمواد 230، 231، 232، 234/ 2 من قانون العقوبات والمواد 1، 6، 26/ 2 - 5،
30/ 1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل والبند أ من القسم الأول من الجدول رقم
3 الملحق مع إعمال المادة 32 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالإعدام شنقاً عما
نسب إليه ومصادرة السلاح والذخيرة المضبوطين وإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحقوق
المدنية مبلغ 150 جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن المحكوم عليه في هذا
الحكم بطريق النقض كما عرضت النيابة العامة القضية مشفوعة بمذكرة برأيها طلبت فيها
إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه.
المحكمة
حيث إن الطاعن ينعى على
الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد المقترن
بجناية قتل عمد مع سبق الإصرار وشروع في قتل وإحراز سلاح ناري وذخائر بغير ترخيص
قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وإخلال بحق الدفاع وخطأ في الإسناد
ومخالفة الثابت في الأوراق، ذلك أن المدافع عن الطاعن تمسك بمناقشة الطبيب الشرعي
الذي أجرى الصفة التشريحية في أوجه التناقض بين التقرير الفني والدليل القولي وفي
المدة التي يبقى فيها أثر البارود ورائحته وما إذا كانت إصابة المجني عليه....
جائزة الحدوث من الطبنجة المضبوطة من عدمه وبمعاينة مكان الحادث بمعرفة المحكمة
للوقوف على استحالة وقوع الحادث كما صوره الشهود وضم الجناية رقم....، .... كلي
منيا القمح التي قضى فيها ببراءة والده من تهمة القتل، وببطلان الدليل المستمد من
تفتيش مسكنه لإجرائه دون إذن من النيابة العامة، وببطلان الإقرار المنسوب إليه
بمحضر الضبط لكونه وليد تفتيش باطل وإكراه، وببطلان الدليل المستمد من أقوال شاهد
الإثبات الأول.... ولتناقض أقواله بتحقيقات النيابة العامة مع أقواله بالجلسة
فضلاً عن أنه لم يشاهد الطاعن يطلق النار على المجني عليه.... بمدخل المسكن على
خلاف ما حصله الحكم في أقواله ولا هو يطلق النار على.... ولتناقض أقواله مع
أقوال.... و.... و.... إذ شهد أن الطاعن كان يحمل سلاحاً نارياً واحداً في حين
أنهم شهدوا أنه كان يحمل سلاحين ناريين، وببطلان الدليل المستمد من أقوال.... التي
شهدت أمام المحكمة أنها لم تر الحادث على خلاف ما ورد بأقوالها في تحقيقات النيابة
التي لم توقع عليها مما يصح معه نسبة هذه الأقوال إلى غيرها، وببطلان الدليل
المستمد من أقوال.... لتناقض أقواله بتحقيقات النيابة العامة مع أقواله بالجلسة ولتناقض
أقواله مع أقوال زوجته.... إذ شهد أنه ضربه قبل أن تستيقظ زوجته من نومها وأنه
أخبر زوجته بقدوم زوج ابنتهما... فجرا عن مقتل.... بينما شهدت أنها رأت الطاعن وهو
يعتدي بالضرب على زوجها وأنها لا تعرف من الذي أخبر زوجها بمقتل المجني عليه....،
وببطلان الدليل المستمد من شهادة.... لتناقضها مع أقوال باقي الشهود في خصوص عدد
الأسلحة التي كان يحملها الطاعن ورؤيتها دون باقي الشهود.... يوم الحادث، وببطلان
الدليل المستمد من أقوال.... لتراخيه في الإبلاغ ولتناقض أقواله في تحقيقات
النيابة مع أقواله بجلسة المحاكمة وباستبعاد الدليل المستمد من أقوال.... لتراخيه
في الشهادة واستشهاده بأقوال.... الذي كذبه فيها واستبعاد الدليل المستمد من أقول
القاصرة.... لعدم انطباق الأوصاف التي أدلت بها على الطاعن ولتناقض أقوالها مع
أقوال باقي الشهود واستبعاد الدليل المستمد من أقوال.... لعدم معقوليتها لتركه
الطاعن دون أن يسعى لقتله وببطلان الدليل المستمد من أقوال رئيس المباحث....
لتناقضها مع محضري تحريه بخصوص.... التي أثبت في أحدهما هروبه بعد ارتكاب الحادث
ثم أثبت في الآخر أنه لم يشترك في ارتكابه وبتناقض الدليل القولي مع الدليل الفني
الذي قطع بوجود أعيرة من نوع مغاير لعيار السلاح المضبوط وبشيوع التهمة بين
المشتركين في المشاجرة وباستحالة تصوير الواقعة على النحو الذي قرره شهود الواقعة
فلم تقدم المدية التي قيل بضبطها ومن غير المتصور أن يحمل الطاعن سلاحين ناريين
ومدية ولا يتخلف به إصابات ثم يتمكن من الفرار دون أن يمسك به أحد بعد أن فرغت منه
الأعيرة النارية، إلا أن الحكم أطرح ما أثاره بخصوص طلب استدعاء الطبيب الشرعي
وإجراء المعاينة وضم الجناية برد قاصر وغير سائغ ويخالف الثابت في الأوراق من أن
الطبيب الشرعي لم يترك العمل ومحل إقامته معروف، ولم يورد الحكم أو يرد على ما
أثبته على حافظة مستنداته المقدمة بالجلسة الأخيرة، وجاء بتصوير الحكم لواقعة
الدعوى أن الطاعن تعقب.... وأطلق عليه عدة أعيرة نارية بظهره قاصداً قتله فسقط على
الأرض داخل المنزل فأخرج الطاعن المدية وأحدث به جرحين قطعيين بيسار رقبته للإجهاز
عليه ثم ألقى بالمدية الملوثة بدمائه إلى جوار الجثة مع أن أياً من شهود الواقعة
لم يشهد بأن الطاعن كان يحمل مدية أو استعملها ومجرد إيراد تقرير الصفة التشريحية
لجثة المجني عليه لإصابات تحدث بمدية لا يكفي لنسبتها للطاعن، وأورد الحكم أن
الطاعن اعترف بمحضر الضبط الثابت بتحقيقات النيابة يوم.... بارتكابه الحادث مع أنه
أنكر بها ما أسند إليه، ولم يدلل الحكم تدليلاً كافياً على توافر نية القتل لدى
الطاعن وأطرح دفاع الطاعن بشأن عدم توافرها برد قاصر وغير سائغ ولم تعرض المحكمة
رأي المفتي بجلسة مرافعة ليقف على حقيقة ما ورد به كدليل من الأدلة وبما يعيب
الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون
فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان
الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة مما شهد به في تحقيقات النيابة كل
من.... و.... و.... و.... و.... وإقرار المتهم في محضر الضبط وإرشاده عن سلاح ناري
وطلقات وما أثبته تقرير الصفة التشريحية لجثث المجني عليهم والتقرير الطبي الموقع
على المشروع في قتله وتقرير طبي شرعي فحص السلاح وهي أدلة سائغة لها أصلها الثابت
بالأوراق - حسبما يبين من الاطلاع على المفردات المضمومة - ومن شأنها أن تؤدي إلى
ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الأصل أن لمحكمة الموضوع
كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم إليها والفصل - فيما
يوجه إليه من اعتراضات - وأنها لا تلتزم بإجابة طلب استدعاء الطبيب الشرعي لمناقشته
ما دامت الواقعة وضحت لديها ولم تر هي من جانبها حاجة إلى اتخاذ هذا الإجراء، وكان
الثابت أن الحكم عرض لطلب المدافع عن الطاعن دعوة الطبيب الشرعي الذي أجرى تشريح
جثث المجني عليهم الثلاثة ورد عليه في قوله "إن طلب الدفاع استدعاء الطبيب
الشرعي لمناقشته مردود بما هو ثابت من مطالعة تقارير الصفة التشريحية وما دون بها
وقد بلغ حد الكفاية ووفرت القناعة لقيامها على أسس فنية سائغة ومقدمات تتفق
والنتائج التي خلصت إليها تلك التقارير يضاف إلى ذلك أن المحكمة بهيئة مغايرة
استدعت مدير عام منطقة الطب الشرعي لشرق الدلتا الدكتور.... تمكيناً للدفاع من
إجراء المناقشة التي طلبها إلا أن الدفاع لم يستكمل مناقشته وعاد إلى التمسك
باستدعاء الطبيب الذي أجرى التشريح رغم ما قرره في تلك الجلسة مدير عام الطب
الشرعي المذكور من أن الطبيب الذي أجرى التشريح متواجد بالأراضي السعودية وأنه ترك
العمل بالمصلحة كما حوت الأوراق إفادات تحمل ذات المعنى رغم التأجيل عديد من
الجلسات استغرقت خمس سنوات منذ وقوع الحادث في محاولات من الهيئات المتعاقبة على
المحكمة لإجابة هذا الطلب ولكن تعذر تحقيقه لما سلف بيانه وأنه وإن كان من المقرر
وفقاً للمادة 289 من قانون الإجراءات الجنائية أن الأصل في المحاكمات أنها تقوم
على التحقيق الشفوي الذي تجريه المحكمة في مواجهة المتهم بالجلسة وتسمع فيه الشهود
لإثبات التهمة أو نفيها ولا يسوغ الخروج على هذا الأصل إلا إذا تعذر سماعهم لأي
سبب من الأسباب وهو الواقع الحاصل في هذه الدعوى حسب الإيضاح المتقدم" وإذ
كان هذا الذي رد به الحكم كافياً ويسوغ به رفض طلب مناقشة الطبيب الشرعي الذي أجرى
تشريح جثث المجني عليهم وثبت وجوده بالسعودية وتركه العمل بالمصلحة حسبما شهد بذلك
مدير عام الطب الشرعي لمنطقة شرق الدلتا بجلسة.... على خلاف ما ذهب إليه الطاعن
فإن منعاه في هذا الشأن يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لطلب
الطاعن إجراء معاينة لمكان الحادث للوقوف على استحالة حدوث الواقعة كما صورها
الشهود وأطرحه في قوله "إن طلب الدفاع القائم على انتقال المحكمة لإجراء
معاينة لمكان الحادث ترى أنه لا محل له بعد أن اطمأنت وجدانها إلى ارتكاب المتهم
لجنايات القتل المقترنة والشروع فيه والتي سجلتها أوراق الدعوى واستمدت هذا
الاطمئنان من أدلة الثبوت التي عولت عليها كما أن المعاينة المرسومة التي قدمها
الدفاع بجلسة المرافعة اطلعت عليها المحكمة وحصلت منها ماديات ومعاني أما مادياتها
فتشير إلى أن الأحداث بدأت بمنزل.... وتحققت أولى نتائجه بمنزل.... الذي يقع على
يمين المنزل الأول وشهد مصرع المجني عليهما.... بداخله و.... قبالته وأن منزل....
مؤلف من طابقين وله نوافذ في كل الطابقين وأنه يمكن بالنظر من هذه النوافذ مشاهدة ما
يدور بالخلاء الواقع بين المنزلين ودلالته صدق رواية الشاهد.... من مشاهدته المتهم
يتعقب المجني عليه الأول إلى داخل منزل.... المجاور ويطلق عليه النار وما قرره
أيضاً من مشاهدته للمجني عليه الثاني من نافذة الطابق الثاني لمنزله وهو منكفئاً
على وجهه أمام بيت.... واستخلصت المحكمة أيضاً من ماديات هذه المعاينة أن منزل....
يليه مسجد ثم يقع منزل المرحوم.... الذي شهد مصرع زوجته... في شرفته على يد المتهم
والمسافة بين منزلي....،.... خمسمائة متر حسبما صورت هذه - المعاينة ودلالته في
يقين المحكمة أنها مسافة ليست ببعيدة على المتهم أن يقطعها وهو شاب لم يتجاوز عمره
تسعة وعشرين عاماً يوم الحادث فضلاً عن رغبة جازمة وآثمة تملكته للثأر والانتقام
تهون في سبيل تحقيقها المسافات وإن طالت والأماكن وإن بعدت وهو ما يسري أيضاً على
منزل المجني عليه.... هذا فضلاً عن أن الواقع الذي حصلته المحكمة فهما من هذه
المعاينة أن منازل المجني عليهم جميعاً تقع على طريق واحد تنعدم فيه أية موانع
للرؤية، ومن ثم فإن المحكمة تقنع بهذه المعاينة وقد وثقت أدلة الثبوت التي ارتاح
إليها وجدانها من قبل ومن ثم ترفض هذا الطلب بعد أن توصلت إلى حقيقة الأمر في
الدعوى بما لا يدعو إلى مزيد من التحقيق ويصبح هذا الطلب بعد ذلك ليس فيه إلا
إثارة للشبهة حول أدلة الثبوت التي اقتنعت بها هذه المحكمة طبقاً للتصور الذي أخذت
به خاصة وأن هذا الطلب وفقاً لما تم تحصيله من المعاينة المرسومة المقدمة من
الدفاع لن يؤدي إلى نفي الفعل المكون للجريمة ولا إلى استحالة حصولها وفق رواية
شهود الإثبات" لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه ولئن كان القانون قد أوجب على
محكمة الموضوع سماع ما يبديه المتهم من أوجه الدفاع وتحقيقه إلا أنه متى كانت
الواقعة قد وضحت لديها أو كان الأمر المطلوب تحقيقه غير منتج في الدعوى فلها أن
تعرض عن ذلك مع بيان العلة، وإذ كان ما أورده الحكم - فيما تقدم - كافياً وسائغاً
ويستقيم به إطراح طلب إجراء المعاينة دون أن يوصم الحكم المطعون فيه بالقصور أو
الإخلال بحق الدفاع، فضلاً عن أن هذا الوجه من الدفاع لا يتجه إلى نفي الفعل
المكون للجريمة ولا إلى استحالة حصول الواقعة كما رواها شهود الإثبات بل الهدف منه
إثارة الشبهة في الأدلة التي اطمأنت إليها المحكمة، ويعتبر من أوجه الدفاع
الموضوعية التي لا تلتزم المحكمة بإجابته ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن
يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الطلب الذي تلتزم محكمة الموضوع
بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذي يصر عليه مقدمه ولا ينفك عن التمسك به
والإصرار عليه في طلباته الختامية ولما كان البين من محضر جلسة.... التي تمت فيها
المرافعة واختتمت بإصدار المحكمة قرارها حضورياً وبإجماع الآراء بإحالة أوراق
الدعوى إلى فضيلة مفتي الجمهورية لإبداء الرأي وتحديد جلسة.... للنطق بالحكم -
الذي صدر فيها فعلاً، أن المدافع عن الطاعن وإن استهل مرافعته بطلب ضم جناية قتل
قضى فيها ببراءة والده منها، إلا أنه أتم مرافعته في الدعوى دون أن يصر على هذا
الطلب في طلباته الختامية مما يفقده خصائص الطلب الجازم، فلا تثريب على المحكمة إن
هي التفتت عن هذا الطلب ولم تجبه أو ترد عليه ومع ذلك فإن الحكم قد عرض لهذا الطلب
ورد عليه بقوله "أن طلب الدفاع المؤسس على ضم الجناية السالف الإشارة إلى
رقمها فإن الدفاع لم يبين أسانيد هذا الطلب ومبرراته وترك بيان أن العلاقة بين
الجنايتين المطلوب ضمها والمطروحة في طي الكتمان ومن ثم فإن المحكمة وقد سكت
الدفاع عن بيان ذلك حتى يبيح لها إعمال سلطتها التقديرية لتقدير أهمية الطلب
وجدواه فإنها تلتفت عنه عملاً بما هو مقرر من أن الواقعة إن كانت قد وضحت للمحكمة
مما ساقته من أدلة وقرائن وخلصت إلى صورتها الصحيحة التي ارتسمت في وجدانها من
جماع الأدلة المطروحة أمامها على بساط البحث والتي لها أصل في الأوراق فإنه لا
تثريب عليها إن هي أعرضت عن دفاع المتهم القائم على طلب المعاينة أو ضمن مستندات
بعد أن توصلت إلى حقيقة الأمر في الدعوى مما لا يدعو إلى مزيد من الحقيقة وهو رد
كاف وسائغ في رفض طلب الطاعن ضم القضية التي أرشد عنها ومن ثم يكون منعاه في هذا
الشأن غير سديد. لما كان ذلك وكان الحكم قد عرض لدفع الطاعن ببطلان القبض عليه
وبطلان الدليل المستمد من تفتيش مسكنه لإجرائه دون إذن من النيابة العامة وببطلان
الاعتراف المنسوب إليه بمحضر الضبط لكونه وليد تفتيش باطل وإكراه وأطرحه في قوله
"وأما عن الدفع ببطلان القبض على المتهم وبطلان تفتيشه وبطلان اعترافه في
محضر الضبط فكلها دفوع تحوي من الأخطاء بقدر ما تحوي عباراتها من حروف وألفاظ ذلك
أن القبض على المتهم قد تم نفاذاً لأمر صادر من سلطة التحقيق على ما يبين من
تحقيقات النيابة المؤرخة.... وإرشاد المتهم عن السلاح والذخيرة المضبوطين حسب
الثابت بهذا التحقيق يتحقق به معنى الرضا بالتفتيش ويوفر له المشروعية واعتراف
المتهم بارتكاب الحادث أثبتته النيابة بهذا التحقيق أيضاً فضلاً عن محضر الضبط وقد
اطمأنت المحكمة إلى هذا الإقرار ووثقت به وأوردته ضمن أدلة الثبوت التي عولت عليها
في الحكم بالإدانة وذلك من السلطات المخولة لها وحقوقها المقررة وهي تؤدي وظيفة
القضاء إذ لها أن تأخذ باعتراف المتهم ولو كان وارداً بمحضر الشرطة أو في تحقيق
إداري لبراءته مما يشوبه من عيب الإكراه اطمئناناً منها إلى صدقه ومطابقته للواقع
ولو عدلت عنه بعد ذلك" لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم - فيما سلف رداً على
ما أثاره الطاعن له أصله الثابت في الأوراق - ويسوغ به إطراح ما أثاره من بطلان
تفتيش مسكنه وبطلان إقراره بمحضر الضبط للأسباب التي حددها، فإن منعاه في هذا
الشأن لا يكون سديداً. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن وزن أقوال الشاهد وتقدير
الظروف التي يؤدي فيها شهادته وتعويل القضاء على أقواله مهما وجه إليها من مطاعن
وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي ترها
وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه، وهي متى أخذت بشهادته فإن ذلك يفيد أنها أطرحت
جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكان تناقض الشاهد
أو تضاربه - في أقواله - أو مع أقوال غيره من الشهود لا يعيب الحكم ولا يقدح في
سلامته ما دام قد استخلص الحقيقة من أقواله استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه، وكانت
المحكمة غير ملزمة بسرد روايات الشاهد إذا تعددت وبيان أخذها بما اقتنعت به بل
حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه ولها في سبيل ذلك أن تأخذ بأقواله
في أي مرحلة من مراحل التحقيق والمحاكمة دون أن تبين العلة في ذلك، وإذ كانت
المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات بتحقيقات النيابة وإلى صدورها منهم
وحصلتها كما هي في الأوراق وبلا تناقض فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو
أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة المحكمة في استنباط معتقدها مما
لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكانت المحكمة لم تعول في إدانتها
للطاعن على دليل مستمد من أقوال كل من.... و.... و....، فإن منعى الطاعن في هذا
الشأن لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية
متساندة ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على
حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده
الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه، كما لا
يشترط في الدليل أن يكون صريحاً دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها بل يكفي
أن يكون استخلاص ثبوتها عن طريق الاستنتاج مما تكشف للمحكمة من الظروف والقرائن
وترتيب النتائج على المقدمات، وكان الحكم قد اعتمد فيما استخلصه من حمل الطاعن
سلاحين ناريين على أقوال.... التي شهدت بأن الطاعن كان يحمل سلاحين ناريين وما ورد
بتقرير فض المضبوطات من أن فوارغ الطلقات التي عثرت عليها النيابة بجوار جثث
المجني عليهم بعضها أطلق من الطبنجة المضبوطة والبعض الآخر لم يطلب منها، بما لا
تناقض فيه، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم من تعويله على أقوال الشهود - مع أنه لم
يعول في هذا الشأن إلا على أقوال.... دون سواها، ينحل إلى جدل موضوعي في سلطة
محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى مما يخرج عن رقابة محكمة النقض. لما كان ذلك
وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن بشيوع التهمة وبتلفيق الاتهام وبعدم صحة تصوير
الواقعة كما رواها الشهود في قوله "وحيث إن المحكمة وقد خلصت من مناقشة طلبات
الدفاع فإنها تنتقل إلى المرافعة وما أبدي فيها من أوجه دفاع باستعراضها يبين
بجلاء أنها تدور حول ما يمكن اعتباره دفعاً بتلفيق التهمة أو دفعاً بشيوع الاتهام
أو تجريحاً لأقوال شهود الإثبات ويكفي للرد عليه سواء في خصوصية التلفيق أو الشيوع
القول بأنها تعد من الدفوع الموضوعية التي لا تستأهل بحسب الأصل رداً صريحاً بل
يكفي أن يكون الرد عليها مستفاداً من الأدلة التي عولت عليها المحكمة بما يفيد
إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع مع المتهم لحملها على عدم الأخذ بها
دون أن تكون ملزمة ببيان علة إطراحها إياها، كما أن دفاع التجريح الذي استهدف
أقوال شهود الإثبات يرد عليه بأن المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي
يؤدون فيها شهادتهم والتعويل على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من
شبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي
تطمئن إليه ومن المقرر أيضاً أن المحكمة ما دامت قد اطمأنت إلى أقوال المجني عليه
وشهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة فإن ما يثيره المتهم من منازعة حول التصوير
الذي أخذت به المحكمة للواقعة وفي تصديقها لأقوال الشهود أو محاولة تجريحها ينحل
إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها
فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه" وكان ما أورده الحكم فيما سلف كاف ويسوغ به
الرد على ما أثير به من دفاع فإن منعى الطاعن في هذا الشأن لا يكون سديداً. لما
كان ذلك وكان الحكم قد عرض لما يثيره بشأن السلاحين الناريين والمدية التي وجدت
إلى جوار جثة المجني عليه.... في قوله "وحيث إنه لما كان ما سلف وكان ما
أبداه - الدفاع عدا ما تقدم ويقوم على عدم معقولية ما قررته التحقيقات الشاهدة....
من أن المتهم كان يحمل سلاحين ناريين فضلاً عما ثبت من التحقيقات من ضبط مدية
بجوار جثة المجني عليه.... فإن ما يثيره الدفاع في هذا الخصوص مردود عليه بأن حمل
المتهم لهذه الأسلحة جميعاً هي واقعة اطمأنت إليها بعد أن قام الدليل على صحتها
وثبوتها في حقه من واقع التقرير الفني لفحص المضبوطات وما انتهى إليه من أن فوارغ
الطلقات التي عثرت عليها النيابة العامة بجوار جثث المجني عليهم بعضاً منها أطلق
من الطبنجة المضبوطة والبعض الآخر لم يطلق منها مما يقطع بأنه كان يحمل سلاحين وفق
رواية الشاهدة المذكورة كما وأنه وإذا كان الواقع الذي لا يماري فيه أحد أن المجني
عليه.... كان قبل الحادث يجلس مع شاهد الإثبات الأول سليماً معافاً لا أثر لطلقات
أو بجروح بجسده وأن ما أصاب الجسد من أعيرة نارية بعد ذلك كان نتيجة إطلاق المتهم
النار عليه حسبما قرره شهود الإثبات. وأنه تعقبه إلى داخل منزل.... وتخوف الجميع
من الدخول خلفهما حتى أن شاهد الإثبات الأول دخل منزله وأغلق بابه عليه ودفعه
الرعب إلى عدم البقاء بالطابق الأول وإنما صعد إلى الطابق الثاني فإذا أثبت
التشريح وجود جروح قطعية بيسار العنق للمجني عليه المذكور وأنها تحدث من آلة حادة
ذو حافة مدببة كمدية أو سكين وعثرت النيابة على المدية بجوار جثة المجني عليه
المذكور فإن واقع الحال والعقل والمنطق وترتيب النتائج على المقدمات كل ذلك يقطع
بأن المدية كانت بحوزة المتهم وهو الذي أحدث بالمجني عليه جروح الرقبة ثم تخلص منها
اكتفاء بما يحمله من سلاحين ناريين والقول بغير ذلك لا يحمل إلا معنى واحداً هو
إلغاء العقل ودوره الذي قد يقطع بما لا يقطع به الشهود خاصة إذا كان استنباطه
مستنداً إلى المنطق ومستمد من واقع الحال وظروفه ومن المقرر أنه لا يشترط في
الدليل أن يكون صريحاً دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها بل يكفي أن يكون
استخلاص ثبوتها عن طريق الاستنتاج مما تنكشف للمحكمة من الظروف والقرائن وترتيب
النتائج على المقدمات" وكان ما أورده الحكم فيما تقدم صحيح ويسوغ به مساءلة
الطاعن عن حمل السلاحين الناريين والمدية وإحداث الجروح القطعية بيسار عنق المجني
عليه الأول.... فإن منعى الطاعن في هذا الشأن لا يكون سديداً. لما كان ذلك، وكان
من المقرر أن لمحكمة الموضوع سلطة مطلقة في الأخذ باعتراف المتهم في أي دور من
أدوار التحقيق وإن عدل عنه بعد ذلك متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع
وكان الحكم قد اطمأن إلى صحة اعتراف الطاعن بمحضر الضبط والثابت مضمونه بصدر
تحقيقات النيابة العامة يوم.... ومطابقته للحقيقة والواقع، فإنه لا محل لما يثيره
الطاعن في هذا الشأن. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لقصد القتل
وأثبت توافره في حق الطاعن بقوله "وحيث إنه عن نية القتل ومعلوم أنها أمر خفي
لا يدرك بالحس الظاهر وإنما بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية
التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذه النية من عناصر الدعوى
موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية وتلك النية متوافرة ولا ريب لدى
المتهم من حاصل ما طرحته المحكمة من ظروف الدعوى ومن ضغينة مسبقة أشعلت نار العداء
والبغضاء في صدره تجاه عائلة المجني عليهم لسبق اتهامهم بقتل خاله المرحوم.... منذ
سنوات ثلاث سابقة على ارتكابه للحادث الراهن وأقدم على أثمه بعد أن تروى في تفكيره
وتدبر أمر الخلاص من المجني عليهم وأعد لهذا الغرض سلاحين ناريين محشوين بالرصاص
ومدية وهي أسلحة من شأنها إحداث الوفاة وصوب أسلحته النارية تلك إلى مواضع قاتلة
من جسد المجني عليهم وأطلق عليهم عديداً من الأعيرة وزيادة في التشف والانتقام
أجهز على المجني عليه الأول.... بإحداث جروح قطعية برقبته كان لها دور في إحداث
الوفاة إضافة إلى الأعيرة النارية الخمس التي أطلقها عليه من الخلف وانصرف قصد
المتهم من الاعتداء على المجني عليهم على هذا النحو إلى قتلهم فأزهق أرواحهم وامتد
هذا القصد إلى المجني عليه.... فأشبع رأسه ضرباً بمؤخرة سلاحه الناري بعد أن نفذت
منه رصاصاته فكان أن أحدث بالمجني عليهم جميعاً الإصابات التي كشف عنها التقريرين
الشرعي والطبي أبان عنها الحكم في حينه وأودت بحياة ثلاثتهم ووقفت الجريمة عند حد
الشروع بالنسبة للمجني عليه المذكور آنفاً لمداركته بالعلاج" وكان من المقرر
أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى
والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص
هذه النية موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية. وإذ كان ذلك، وكان
الحكم قد دلل على هذه النية تدليلاً سائغاً - على نحو ما سلف بيانه - فإن ما يثيره
الطاعن في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير أدلة الدعوى واستنباط معتقدها
منها، مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض، لما كان ذلك، وكانت المادة 381 من
قانون الإجراءات الجنائية وإن أوجبت على محكمة الجنايات أن تأخذ برأي مفتي
الجمهورية قبل أن تصدر حكمها بالإعدام، إلا أن ذلك، لا يجعل من رأي المفتي دليلاًَ
من أدلة الدعوى مما يجب طرحه على الخصوم بجلسة مرافعة للوقوف على حقيقته ومناقشته
- قبل إصدار الحكم وإذ مفاد نص المادة المار بيانها أن المحكمة تكون عقيدتها
بالإدانة وتقدر عقوبة الإعدام قبل إرسال أوراق الدعوى إلى المفتي، بعد أن تكون
الدعوى قد استكملت كل إجراءاتها - حتى يمكن إبداء المفتي الرأي فيها، وهو رأي لا
يقيد المحكمة ولا تنتظره فيما لم يصل خلال العشرة أيام التالية لإرسال الأوراق
إليه بل لها أن تحكم في الدعوى بما رأته ولما كان ذلك فإن منعى الطاعن بعدم طرح
رأي المفتي بجلسة مرافعة قبل الحكم يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان من المقرر
أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً ومحدداً وكان الطاعن لم يبين أوجه الدفاع
التي أوردها على حافظة مستنداته، ولم توردها المحكمة أو ترد عليها، فإن ما يثيره
في هذا الشأن لا يكون مقبولاً. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير
أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
وحيث إن النيابة العامة -
عملاً بالمادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون
رقم 57 لسنة 1959 عرضت القضية على هذه المحكمة مشفوعة بمذكرة برأيها فيها انتهت
إلى طلب إقرار الحكم الصادر بإعدام الطاعن، وذلك دون بيان تاريخ تقديم - هذه
المذكرة ليستدل منه على أن العرض قد روعي فيه ميعاد الستين يوماً المنصوص عليه في
المادة 34 من القانون سالف الذكر إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد لا يترتب عليه
عدم قبول عرض النيابة بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل
فيها وتستبين من تلقاء نفسها - غير مقيدة بالرأي الذي تبديه النيابة العامة في
مذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب، فإنه يتعين قبول عرض النيابة
العامة للقضية. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما
تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد
المقترن بجنايتي قتل عمد مع سبق الإصرار وشروع في قتل عمد مع سبق الإصرار وإحراز سلاحين
ناريين أحدهما طبنجة، وذخائر بغير ترخيص، كما خلا الحكم من قالة مخالفة القانون أو
الخطأ في تطبيقه أو في تأويله وصدر بإجماع الآراء من محكمة مشكلة وفقاً للقانون
ولها ولاية الفصل في الدعوى بعد استطلاع رأي المفتي ولم يصدر بعد قانون يسري على
واقعة الدعوى بما يغير ما انتهت إليه محكمة الموضوع فإنه يتعين إقرار الحكم الصادر
بإعدام المحكوم عليه.... .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق