الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 26 يوليو 2018

الطعن 5612 لسنة 63 ق جلسة 7 / 3 / 1995 مكتب فني 46 ق 72 ص 463


برئاسة السيد المستشار /محمد حسين لبيب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين /رضوان عبد العليم وفيق الدهشان نائبي رئيس المحكمة وطه سيد قاسم وسلامة عبد المجيد.
----------
- 1  إثبات " شهود". حكم " تسبيب الحكم. ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
احالة الحكم في بيان شهادة الشهود الى ما أورده من اقوال شاهد اخر لا يعيبه مادامت متفقه مع ما استند اليه منها .
من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان شهادة الشهود الى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند اليه الحكم منها .
- 2  إثبات " شهود". محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل".
عدم التزام المحكمة بسرد روايات الشهود ان تعددت حسبها ان تورد منها ما تطمئن اليه وتطرح ما عداه اختلاف الشهود في بعض التفصيلات لا يعيب الحكم مادام لم يوردها حق محكمة الموضوع في تجزئه اقوال الشاهد والاخذ منها بما تطمئن اليه واطراح ما عداه .
من المقرر أن محكمة الموضوع غير ملزمة بسرد روايات كل الشهود ـ إن تعددت ـ وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به ، بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن اليه وتطرح ما عداه ولا يؤثر في هذا النظر اختلاف الشهود في بعض التفصيلات التي لم يوردها الحكم ذلك بأن لمحكمة الموضوع في سبيل تكوين عقيدتها تجزئة أقوال الشاهد والأخذ منها بما تطمئن اليه واطراح ما عداها دون أن يعد هذا تناقضا في حكمها .
- 3 إثبات " شهود". محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل". 
تلاقى أقوال الشهود في جوهرها مع الحقيقة التي استقرت في عقيدة المحكمة .النعي عليها غير مقبول.
لما كان الثابت من المفردات المضمونة أن ما نقله الحكم من أقوال الشهود الثلاثة له أصله الثابت في الاوراق ولم يخرج عن مدلول شهادتهم ، كما أنها تتفق في جملتها مع ما استند اليه الحكم منها فلا ضير على الحكم من بعد احالته في بيان أقوال الشاهد الثاني .... والشاهدة الثالثة ..... الى ما أورده من أقوال الشاهد الأول ...... ولا يؤثر فيه أن يكون الشاهد الثاني قد اقتصر في محضر الشرطة على الابلاغ عن تعدى الطاعن على شخصه بساطور ، ولا نفيه في تحقيقات النيابة مشاهدته للطاعن حال اعتدائه بهذه الاداة على شقيقة الشاهد الأول ، ولا خلو أقوال الشاهدة الثالثة من مشاهدتها للطاعن حال اعتدائه بالساطور على الشاهد الأول وشقيقه أو اطلاقه الأعيرة النارية على المجنى عليهما الأول والثاني ، طالما أنه تبين من أقوالهما بتحقيقات النيابة أن الشاهد الثاني شهد برؤيته للطاعن حال اطلاقه الاعيرة النارية على المجنى عليهم الثلاثة مما اقتضى الى موت أولهم وإحداث عاهة مستديمة للثاني والثالث ، كما شهدت الأخيرة بأنها ما أن سمعت صوت الأعيرة النارية حتى خرجت من مسكنها لاستطلاع الأمر فعاجلها الطاعن بعيار ناري أصاب عينها اليسرى ، إذ أن مفاد احالة الحكم في بيان أقوالهما الى ما حصله من أقوال الشاهد الأول إنما هو اثبات المعنى المشترك بين شهادتهم وهو اطلاق الطاعن لأعيرة نارية داخل القرية من سلاح غير مرخص واصابته بها المجنى عليهم مما أفضى الى موت أولهم واحداث عاهة مستديمة لكل من ثانيهم وثالثتهم وهى الحقيقة التي استقرت في عقيدة المحكمة والتي تتلافى عندها أقوال كل الشهود في جوهرها على حد سواء والتفت الحكم عما عدا ذلك من تفصيلات بما ينحسر عنه دعوى القصور في التسبيب والخطأ في الاسناد
- 4  إثبات " بوجه عام".
استناد الحكم صحيحا الى دليل ثابت في الاوراق . كفايته .
لما كان الحكم قد عرض لما اثاره الطاعن من قيام حالة الدفاع الشرعي عن النفس ورد عليه في قوله " وحيث أنه عن تمسك الحاضر مع المتهم بقيام حالة الدفاع الشرعي فلا يوجد في أوراق الدعوى ما يؤكد ذلك النظر أن الثابت من أقوال الشهود أن المتهم هو البادئ بالاعتداء على المجنى عليهم أما ما وجد به من اصابات فهي من جراء اعتداء بعض المجنى عليهم عليه بعد أن بدأ هو الاعتداء عليهم ، ولما كان كل منهم حريصا على الاعتداء على الآخر فإن حالة الدفاع الشرعي لا تقوم في حق أي منهم وفق المستقر عليه من الاحكام ولذلك يتعين رفض هذا الدفاع ، أما عن القول بوجود آثار دماء بمنزل المتهم فهي جائزة الحدوث من دخول المتهم الى مسكنه بعد اصابته وليست ناشئة عن اعتداء المجنى عليهم بداخل مسكنه وكان الثابت من المفردات المضمونة أن ما حصله الحكم في رده على الدفع المشار اليه له صداه من اوراق الدعوى حيث تضمنت تحريات المباحث أن مشادة نشبت بين الطاعن والمجنى عليهم لقيام الأول بفتح باب في مواجهة مسكنهم تطورت الى مشاجرة على أثرها عقد الطاعن العزم على قتلهم وأدت الى الحاق اصابات بالطرفين ، و ورد بمعاينة النيابة وجود دماء جافة بمسكن الطاعن وكذلك بالطريق أمام منزل المجنى عليهم وأتهم الطاعن المجنى عليهم بإحداث إصاباته ، ومن ثم فإن الحكم فيما عول عليه من أوراق الدعوى في رده على هذا الدفع لم يخالف الثابت بها .
- 5  إثبات " بوجه عام".
عدم التزام المحكمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها. عدم إيرادها أي دليل آخر. مفاده :إطراحها له وعدم التعويل عليه.
من المقرر أنه لا يقدح في سلامة الحكم اغفاله بيان اصابات الطاعن لما هو مقرر من أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها الا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها ولا عليها إن هي التفتت عن أي دليل آخر لأن في عدم ايرادها له ما يفيد اطراحه وعدم التعويل عليه .
- 6  أسباب الاباحة وموانع العقاب " دفاع شرعي". محكمة الموضوع" سلطتها في تقدير قيام حالة الدفاع الشرعي".
تقدير توافر حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها .موضوعي حق الدفاع الشرعي لم يشرع لمعاقبة معتد على اعتدائه وإنما شرع لرد الاعتداء . مثال لتسبيب سائغ في رفض الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي.
من المقرر أن تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها متعلق بموضوع الدعوى للمحكمة الفصل فيه بغير معقب متى كانت الوقائع مؤدية للنتيجة التي رتبت عليها ، كما أن حق الدفاع الشرعي لم يشرع لمعاقبة معتد على اعتدائه وإنما شرع لرد العدوان ، وإذ كان مؤدى ما أورده الحكم في بيانه لواقعة الدعوى ولدى نفيه لقيام حالة الدفاع الشرعي ـ وهو ما تبين من المفردات صحة اسناد الحكم بشأنه ـ أن الطاعن أطلق النار على المجنى عليهم مما افضى الى موت أولهم واحداث عاهة مستديمة بالثاني والثالث منهم وأنه هو البادئ عليهم ، ومن ثم فإن ما قارفه الطاعن من تعد يكون من قبيل العقاب والانتقام بما تنتفى به حالة الدفاع الشرعي عن النفس كما هي معرفة به في القانون .
- 7   رابطة السببية
كون وفاة المجني عليه مرجعها إلى تلوث الإصابة بمرض التيتانوس كمضاعفة لإصاباته النارية الرشية . يقطع بتوافر رابطة السببية بين الإصابة والوفاة .
لما كان الحكم قد أورد نقلاً عن التقرير الطبي الشرعي ـ الذى حرر بعد اجراء الصفة التشريحية ـ أن اصابة المجنى عليه الأول ..... اصابة نارية رشية ناشئة عن عيارين ناريين اصاباه برأسه وبالجانب الأيمن للجذع والجانب الأيمن للبطن بما نشأ عنها من مظاهر التهتك وثقوب عظمية نارية بفروة الراس وكسر شرخي بها وأن الوفاة تعزى الى تلك الاصابات كما أن اصابات المجنى عليه النارية الرشية جائزة الحدوث من مثل طراز الطلقات المضبوطة ، وكان الثابت من المفردات المضمونة أن ما أورده الحكم ـ فيما سلف ـ له معينه الصحيح من ذلك التقرير والذى تضمن أنه بالنسبة للمظاهر الالتهابية بالرأس وما أوردته مستشفى حميات المنزلة من وصفها للحالة ، بأنها حالة تيتانوس ـ فإن ذلك في مجموعه يمكن أن ينشأ ـ كمضاعفة ـ لإصابات المجنى عليه النارية الرشية ، فإن في ذلك ما يقطع بتوافر رابطة السببية بين الفعل المسند الى الطاعن وبين الوفاة
- 8  صلح . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل".
الصلح بين الشاهدين والمتهم . قول جديد . حق المحكمة في تقديره واطراحها له دون بيان السبب أساس ذلك ؟
من المقرر أنه لا يعيب الحكم التفاته عن الصلح الذى تم بين المجنى عليهما الثاني والثالث و ورثة المجنى عليه الأول وبين المتهم في معرض نفي التهمة عنه إذ لا يعدو ذلك أن يكون قولا جديدا من الشهود يتضمن عدولاً عن اتهامه ، وهو ما يدخل في تقدير محكمة الموضوع ، وسلطتها في تجزئة الدليل ، ولا تلتزم في حالة عدم أخذها به أن تورد سببا لذلك إذ الأخذ بأدلة الثبوت التي ساقتها يؤدى دلالة الى اطراح هذا الصلح
- 9  نقض " اسباب الطعن . ما لا يقبل من الاسباب".
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها او الرد على دفاع لم يثر أمامها . غير جائز. ولا يقبل إثارته لأول مرة امام محكمة النقض.
لما كان ما يثيره الطاعن من أن المحكمة لم تستدع الطبيب الشرعي لاستجلاء سبب الوفاة ورفع التناقض الوارد في هذا الشأن بين ما جاء بتقريره وما جاء بتقرير مستشفى حميات المنزلة والطبيب المعالج من أن وفاته ترجع الى حالة تيتانوس وهو ما تأكد بمحضر الصلح المتضمن نفى صلته بالحادث وكذلك لمناقشته في شأن قدرته على حمل السلاح واطلاق الأعيرة النارية منه ، هو في مجموعه مردودا ، بأن الثابت من الرجوع الى محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عنه لم يطلب استدعاء الطبيب الشرعي لمناقشته وارجاء تحقيق في خصوص ما اثاره على النحو المتقدم ـ فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن اجراء تحقيق لم يطلب منها أو الرد على دفاع لم يثر أمامها ولا يقبل منه التحدي بهذا الدفاع الموضوعي لأول مرة أمام محكمة النقض .
- 10  نقض "حالات الطعن . الخطأ في القانون".
ادانة الطاعن بجرائم الضرب المفضي إلى الموت واحداث عاهة مستديمة واحراز سلاح ناري غير مششخن وذخيرته ومعاقبته بعقوبة الغرامة بالإضافة إلى عقوبة الجريمة الأشد وهى جريمة الضرب المفضي إلى الموت . عملا بالمادة 32 عقوبات . خطأ في القانون . وجوب تصحيح الحكم بإلغاء عقوبة الغرامة.
لما كان الحكم المطعون فيه بعد أن أثبت في حق الطاعن اقترافه جرائم الضرب المقضي الى الموت بغير سبق اصرار وترصد واحداث عاهة مستديمة واحراز سلاح ناري غير مششخن وذخيرته بغير ترخيص واطلاق أعيرة نارية داخل قرية و وجوب تطبيق حكم المادة 32 من قانون العقوبات لارتباط الجرائم ببعضها ارتباطا لا يقبل التجزئة قد جرى منطوقه خطأ بتغريم ذلك الطاعن مائتي جنيه فإنه يتعين ـ انزالا لحكم القانون على وجهه الصحيح ـ نقض الحكم نقضاً جزئياً فيما قضى به من عقوبة الغرامة وتصحيحه بإلغائها اكتفاء بعقوبة السجن لمدة سبع سنوات ومصادرة الأسلحة والطلقات المضبوطة التي قضى بها والمقررة للجريمة الأشد وهى جريمة الضرب المفضي الى الموت بغير سبق اصرار وترصد .
----------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بانه اولا : قتل ...... عمدا مع سبق الاصرار والترصد بان عقد العزم وبيت النية على قتله وكمن له بالطريق الذى أيقن مروره فيه وأعد لذلك سلاحا ناريا (فرد خرطوش) وما أن ظفر به حتى أطلق عليه عيارين ناريين قاصدا من ذلك قتله فأحدثا به الاصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وقد اقترنت هذه الجناية بجناية أخرى هي انه في الزمان و المكان سالفي الذكر شرع في قتل .... و ...... عمدا بأن أطلق على كلا منهما عيارا ناريا من السلاح الناري سالف الذكر قاصدا من ذلك قتلهما فأحدث بهما الاصابات الموصوفة بتقرير الطب الشرعي وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو مداركة المجنى عليهما بالعلاج . ثانيا : احرز بغير ترخيص سلاحا ناريا غير مششخن ( فرد خرطوش ) . ثالثا : احرز ذخائر (ست طلقات) مما تستعمل في السلاح الناري سالف الذكر دون ان يكون مرخصا له بحيازته واحرازه . رابعا : اطلق اعيرة نارية داخل قرية وأحالته الى محكمة جنايات المنصورة لمعاقبته طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضوريا عملا بالمواد 236/1، 240/1، 377/6 من قانون العقوبات والمواد 1/1، 6، 26/1-5، 30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل والجدول رقم (2) الملحق بالقانون الاول مع اعمال المادة 32/2 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة سبع سنوات وبتغريمه مبلغ مائتي جنيه وبمصادرة السلاح والطلقات المضبوطة . باعتبار ان التهمة الاولى ضرب أفضى الى موت واحدث عاهة مستديمة
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ....... الخ.

----------
المحكمة
حيث إن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه إنه إذ دانه بجرائم الضرب المفضي إلى الموت وإحداث عاهة مستديمة وإحراز سلاح ناري وذخائر بغير ترخيص وإطلاق أعيرة نارية داخل قرية، قد شابه القصور في التسبيب والخطأ في الإسناد والفساد في الاستدلال ذلك بأن أحال في بيان شهادة كل من .... و..... إلى مضمون ما شهد به الشاهد ....... رغم وجود خلافات جوهرية في أقوالهم، ودفع الاتهام بأنه كان في حالة دفاع شرعي عن نفسه إلا أن الحكم رد على هذا الدفع بما يخالف الثابت بالأوراق وبما لا يصلح ردا، كما أقام دفاعه على أن موت المجني عليه ....... يرجع إلى معاناته من مرض التيتانوس مما ينفي مسئوليته عنه، وأعرض الحكم عن دلالة محضر الصلح الذي أقر فيه المجني عليهما الثاني والثالثة وورثة المجني عليه الأول بأنه لا صلة له بالحادث، فضلا عن أنه أثار أن الاعتداء عليه جعله في حالة لا يستطيع معها حمل السلاح وإطلاق أعيرة نارية منه، بيد أن المحكمة لم تستدع الطبيب الشرعي تحقيقا لما أثاره من أوجه دفاعه سالفة البيان، مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مؤداه "أنه في يوم 21/4/1990 لخلاف بين المجني عليهم والطاعن بشأن فتح مطل، وحال عودة المجني عليه الأول ...... وبصحبته ابنه ..... المجني عليه الثاني وخلفهما ابنه ........... توجه إليهم الطاعن واعتدى بساطور على المجني عليه الثاني فأحدث إصابة بساقه اليسرى كما اعتدى بذات الأداة على شقيقه ..... وأسرع إلى مسكنه وعاد حاملا سلاحا ناريا غير مرخص أطلق منه أعيرة نارية صوبهم فأصاب المجني عليه الأول في رأسه وفي جانبه الأيمن - مما أفضى إلى موته، وأصاب المجني عليه الثاني في ساقه اليمنى مما أدى إلى بترها هي والجزء السفلي للفخذ الأيمن وعقب ذلك حضرت ...... زوجة شقيقه - فعاجلها بعيار ناري أصاب عينها اليسرى مما نشأ عنه فقد إبصارها وأورد الحكم على ثبوت الواقعة على هذا النحو في حق الطاعن أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات ومن تقرير الصفة التشريحية وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر مادامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها، وأن محكمة الموضوع غير ملزمة بسرد روايات كل الشهود - إن تعددت - وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به، بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه ولا يؤثر في هذا النظر اختلاف الشهود في بعض التفصيلات التي لم يوردها الحكم ذلك بأن لمحكمة الموضوع في سبيل تكوين عقيدتها تجزئة أقوال الشاهد والأخذ منها بما تطمئن إليه وإطراح ما عداها دون أن يعد هذا تناقضا في حكمها - وإذ كان الثابت من المفردات المضمومة أن ما نقله الحكم من أقوال الشهود الثلاثة له أصله الثابت في الأوراق ولم يخرج عن مدلول شهادتهم، كما أنها تتفق في جملتها مع ما استند إليه الحكم منها فلا ضير على الحكم من بعد إحالته في بيان أقوال الشاهد الثاني ..... والشاهدة الثالثة ..... إلى ما أورده من أقوال الشاهد الأول ..... ، ولا يؤثر فيه أن يكون الشاهد الثاني قد اقتصر في محضر الشرطة على البلاغ عن تعدي الطاعن على شخصه بساطور، ولا نفيه في تحقيقات النيابة مشاهدته للطاعن حال اعتدائه بهذه الأداة على شقيقه الشاهد الأول، ولا خلو أقوال الشاهدة الثالثة من مشاهدتها للطاعن حال اعتدائه بالساطور على الشاهد الأول وشقيقه أو إطلاقه الأعيرة النارية على المجني عليهما الأول والثاني، طالما أنه تبين من أقوالهما بتحقيقات النيابة أن الشاهد الثاني شهد برؤيته للطاعن حال إطلاقه الأعيرة النارية على المجني عليهم الثلاثة - مما أفضى إلى موت أولهم وإحداث عاهة مستديمة للثاني والثالثة، كما شهدت الأخيرة بأنها ما أن سمعت صوت الأعيرة النارية حتى خرجت من مسكنها لاستطلاع الأمر فعاجلها الطاعن بعيار ناري أصاب عينها اليسرى، إذ أن مفاد إحالة الحكم في بيان أقوالهما إلى ما حصله من أقوال الشاهد الأول إنما هو إثبات المعنى المشترك بين شهاداتهم وهو إطلاق الطاعن لأعيرة نارية داخل القرية من سلاح غير مرخص وإصابته بها المجني عليهم مما أفضى إلى موت أولهم وإحداث عاهة مستديمة لكل من ثانيهم وثالثتهم وهي الحقيقة التي استقرت في عقيدة المحكمة والتي تتلاقى عندها أقوال كل الشهود في جوهرها على حد سواء والتفت الحكم عما عدا ذلك من تفصيلات بما ينحسر عنه دعوى القصور في التسبيب والخطأ في الإسناد. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لما أثاره الطاعن من قيام حالة الدفاع الشرعي عن النفس ورد عليه في قوله "وحيث أنه عن تمسك الحاضر مع المتهم بقيام حالة الدفاع الشرعي فلا يوجد في أوراق الدعوى ما يؤكد ذلك النظر ذلك أن الثابت من أقوال الشهود أن المتهم هو البادئ بالاعتداء على المجني عليهم أما ما وجد به من إصابات فهي من جراء اعتداء بعض المجني عليهم عليه بعد أن بدأ هو الاعتداء عليهم. ولما كان كل منهم حريصا على الاعتداء على الآخر، فإن حالة الدفاع الشرعي لا تقوم في حق أي منهم وفق المستقر عليه من الأحكام، ولذلك يتعين رفض هذا الدفاع، أما عن القول بوجود آثار دماء بمنزل المتهم فهي جائزة الحدوث من دخول المتهم إلى مسكنه بعد إصابته وليست ناشئة عن اعتداء المجني عليهم بداخل مسكنه، وكان الثابت من المفردات المضمومة أن ما حصله الحكم في رده على الدفع المشار إليه له صداه من أوراق الدعوى حيث تضمنت تحريات المباحث أن مشادة نشبت بين الطاعن والمجني عليهم لقيام الأول بفتح باب في مواجهة مسكنهم تطورت إلى مشاجرة على أثرها عقد الطاعن العزم على قتلهم وأدت إلى إلحاق إصابات بالطرفين، وورد بمعاينة النيابة وجود دماء جافة بمسكن الطاعن وكذلك بالطريق أمام منزل المجني عليهم، واتهم الطاعن المجني عليهم بإحداث إصاباته، ومن ثم فإن الحكم فيما عول عليه من أوراق الدعوى في رده على هذا الدفع لم يخالف الثابت بها وتنحسر عنه بذلك دعوى الخطأ في التحصيل وفساد التدليل، وإذ كان لا يقدح في سلامة الحكم إغفاله بيان إصابات الطاعن لما هو مقرر من أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها ولا عليها إن هي التفتت عن أي دليل آخر لأن في عدم إيرادها له ما يفيد إطراحه وعدم التعويل عليه، وكان من المقرر أن تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها متعلق بموضوع الدعوى للمحكمة الفصل فيه بغير معقب متى كانت الوقائع مؤدية للنتيجة التي رتبت عليها، كما أن حق الدفاع الشرعي لم يشرع لمعاقبة معتد على اعتدائه وإنما شرع لرد العدوان، وإذ كان مؤدى ما أورده الحكم في بيانه لواقعة الدعوى ولدى نفيه لقيام حالة الدفاع الشرعي - وهو ما تبين من المفردات صحة إسناد الحكم بشأنه - أن الطاعن أطلق النار على المجني عليهم مما أفضى إلى موت أولهم وإحداث عاهة مستديمة بالثاني والثالثة منهم وأنه هو البادئ بالاعتداء عليهم، ومن ثم فإن ما قارفه الطاعن من تعد يكون من قبيل العقاب والانتقام بما تنتفي به حالة الدفاع الشرعي عن النفس كما هي معرفة به في القانون، وسيكون منعاه على الحكم في هذا الصدد غير مقبول. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أورد نقلا عن التقرير الطبي الشرعي - الذي حرر بعد إجراء الصفة التشريحية - أن إصابة المجني عليه الأول ..... إصابة نارية رشية ناشئة عن عيارين ناريين أصاباه برأسه وبالجانب الأيمن للجذع والجانب الأيمن للبطن، بما نشأ عنها من مظاهر التهتك وثقوب عظمية نارية بفروة الرأس وكسر شرخي بها وأن الوفاة تعزى إلى تلك الإصابات كما أن إصابات المجني عليه النارية الرشية جائزة الحدوث من مثل طراز الطلقات المضبوطة، وكان الثابت من المفردات المضمومة أن ما أورده الحكم - فيما سلف - له معينه الصحيح من ذلك التقرير والذي تضمن أنه بالنسبة للمظاهر الالتهابية بالرأس وما أوردته مستشفى حميات المنزلة من وصفها للحالة بأنها حالة تيتانوس - فإن ذلك في مجموعه يمكن أن ينشأ - كمضاعفة - لإصابات المجني عليه النارية الرشية، فإن في ذلك ما يقطع بتوافر رابطة السببية بين الفعل المسند إلى الطاعن وبين الوفاة، ويكون منعى الطاعن في هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك، وكان لا يعيب الحكم التفاته عن الصلح الذي تم بين المجني عليهما الثاني والثالثة وورثة المجني عليه الأول وبين المتهم في معرض نفي التهمة عنه إذ لا يعدو ذلك أن يكون قولا جديدا من الشهود يتضمن عدولا عن اتهامه، وهو ما يدخل في تقدير محكمة الموضوع، وسلطتها في تجزئة الدليل، ولا تلتزم في حالة عدم أخذها به أن تورد سببا لذلك إذ الأخذ بأدلة الثبوت التي ساقتها يؤدي دلالة إلى إطراح هذا الصلح، ومن ثم يكون النعي على الحكم في هذا الخصوص لا محل له. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن من أن المحكمة لم تستدع الطبيب الشرعي لاستجلاء سبب الوفاة ورفع التناقض الوارد في هذا الشأن بين ما جاء به بتقريره وما جاء بتقرير مستشفى حميات المنزلة والطبيب المعالج من أن وفاته ترجع إلى حالة تيتانوس وهو ما تأكد بمحضر الصلح المتضمن نفي صلته بالحادث، وكذلك لمناقشته في شأن قدرته على حمل السلاح وإطلاق الأعيرة النارية منه، هو في مجموعه مردودا، بأن الثابت من الرجوع إلى محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عنه لم يطلب استدعاء الطبيب الشرعي لمناقشته وإجراء تحقيق في خصوص ما أثاره - على النحو المتقدم - فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها أو الرد على دفاع لم يثر أمامها ولا يقبل منبه التحدي بهذا الدفاع الموضوعي لأول مرة أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه بعد أن أثبت في حق الطاعن اقترافه جرائم الضرب المفضي إلى الموت بغير سبق إصرار وترصد وإحداث عاهة مستديمة وإحراز سلاح ناري غير مششخن وذخيرته بغير ترخيص وإطلاق أعيرة نارية داخل قرية، ووجوب تطبيق حكم المادة 32 من قانون العقوبات لارتباط الجرائم ببعضها ارتباطا لا يقبل التجزئة، قد جرى منطوقه خطأ بتغريم ذلك الطاعن مائتي جنيه فإنه يتعين - إنزالا لحكم القانون على الوجه الصحيح - نقض الحكم نقضا جزئيا فيما قضى به من عقوبة الغرامة وتصحيحه بإلغائها اكتفاء بعقوبة السجن لمدة سبع سنوات ومصادرة الأسلحة والطلقات المضبوطة التي قضى بها والمقررة للجريمة الأشد وهي جريمة الضرب المفضي إلى الموت بغير سبق إصرار وترصد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق