الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 29 يوليو 2018

الطعن 10175 لسنة 63 ق جلسة 19 / 3 / 1995 مكتب فني 46 ق 87 ص 588


برئاسة السيد المستشار /حسن عميرة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين /محمد عبد الواحد ومصطفى الشناوي ومحمد طلعت الرفاعي وفرغلي زناتي نواب رئيس المحكمة.
-----------
- 1  أسباب الاباحة وموانع العقاب " دفاع شرعي".
الدفاع الشرعي عن النفس. شرع لرد أي اعتداء على نفس المدافع أو على نفس غيره. كفاية أن يكون قد صدر من المجني عليه فعل يخشى معه المتهم وقوع جريمة من الجرائم التي يجوز فيها الدفاع الشرعي. الفعل المتخوف منه . ما يكفي لتحققه؟
لما كان حق الدفاع الشرعي عن النفس قد شرع لرد أي اعتداء على نفس المدافع أو على نفس غيره ، وكان الأصل أنه لا يشترط لقيام حالة الدفاع الشرعي أن يكون قد حصل بالفعل اعتداء على النفس أو المال ، بل يكفى أن يكون قد صدر من المجنى عليه فعل يخشى منه المتهم وقوع جريمة من الجرائم التي يجوز فيها الدفاع الشرعي ولا يلزم في الفعل المتخوف منه أن يكون خطرا حقيقياً في ذاته بل يكفى أن يبدو كذلك في اعتقاد المتهم وتصوره بشرط أن يكون هذا الاعتقاد أو التصور مبنيا على اسباب معقولة .
- 2  أسباب الاباحة وموانع العقاب " دفاع شرعي". حكم " تسبيب الحكم . التسبيب المعيب".
تقدير ظروف الدفاع الشرعي ومقتضياته . امر اعتباري . المناط فيه للحالة النفسية التي يكون فيها المدافع . عدم جواز محاسبته على اساس التفكير الهادئ لا بعيدا عن ظروف بعيدا عن ظروف الحادث . عدم استظهار الحكم الصلة بين الاصابات التي لحقت بالطاعن وزوجته وبين الاعتداء الذى وقع منه واثر ذلك في قيام او عدم قيام حالة الدفاع الشرعي . واسقاطه الوقائع الثابتة في التحقيق ولم يقسطها حقها ايرادا وردا . قصور . مثال .
من المقرر أن تقدير ظروف الدفاع الشرعي ومقتضياته أمر اعتباري المناط فيه الحالة النفسية التي تخالط ذات الشخص الذى يفاجأ بفعل الاعتداء فيجعله في ظروف حرجة دقيقة تتطلب منه معالجة موقفه على الفور والخروج من مأزقه مما لا يصلح معه محاسبته على مقتضى التفكير الهادئ المتزن المطمئن الذى كان يتعذر عليه وقتئذ وهو محفوف بهذه المخاطر والملابسات لما كان ذلك . وكان الحكم قد أورد في معرض تدليله على توافر نية القتل لدى الطاعن قوله " نية القتل متوافرة في حق المتهم من اعتدائه على المجنى عليه بمطواة وهى سلاح قاتل بطبيعته وطعنه بها عدة طعنات بالعنق والبطن والظهر وهى أماكن قاتلة في جسده ..... وذلك انتقاما لما أخبرته به زوجته من أن المجنى عليه اعتدى عليها جنسيا من قبل ...." وكان البين من الاطلاع على المفردات ـ التي أمرت المحكمة بضمها ـ أن المجنى عليه ترصد الطاعن وزوجته في طريق عودتهما الى منزل الزوجية ، واقتحم السيارة التي تقلهما ـ وهو مسلح بمطواة وعصا ـ لإرغام ابنته ـ زوجة الطاعن ـ على مغادرتها ، وإكراهها على العودة معه الى منزله . ولما لم يفلح الطاعن في دفعه عنها ، طعنه بمطواة طعنة واحدة في ظهره بعدها تمكنت الزوجة من الافلات و ولت هاربة وهى مصابة جراء اعتداء المجنى عليه عليها ـ جرح قطعي أسفل الساعد الايمن طوله 6 سم مع اشتباه قطع بأوتار اليد اليمنى ـ إلا أن المجنى عليه انطلق يعدو خلفها حتى لحق بها واشتبك معه الطاعن الذى عدا خلفه لرفع كيده عنها ، وأصيب الطاعن ـ جرح باليد اليمنى ، وجروح باليد اليسرى ـ كما أصيب المجنى عليه بإصابات بالغة وشهد قائد السيارة ـ وشهادته دعامة اعتمد عليها الحكم في نفى قيام حالة الدفاع الشرعي ـ إن المجنى عليه اقتحم السيارة ـ وهو مسلح ـ لانتزاعه زوجة الطاعن الى خارجها فطعنه هذا الأخير طعنة واحدة في ظهره لأنه " كان عايز يخلص مراته منه " وهو ما قالت به الشاهدة الأولى " هو ضربه علشان يسبني " وما شهد به الضابطان ـ الشاهدان الثالث والرابع ـ من أن اصابات الطاعن أحدثها به المجنى عليه بمطواة كانت معه ، وإصابة الزوجة أحدثها المجنى عليه أيضاً أثناء محاولته انتزاعها من زوجها ليعيدها الى منزله . لما كان ذلك ، وكان هذا الذى سلف يبرر مسلك الطاعن إذا ما اعتقد ـ على الأقل ـ وجود خطر على زوجته ، وهو اعتقاد يبرره ما سجله الحكم من أن الزوجة أخبرت زوجها الطاعن بسابقة اعتداء المجنى عليه عليها جنسيا ، وفيما أقدم عليه المجنى عليه ـ وفاجأ به الطاعن فجعله في ظروف حرجة دقيقة تتطلب منه معالجة موقفه على الفور والخروج من مأزقه ـ ما يخشى منه الطاعن من وقوع جريمة من الجرائم التي يجوز فيها الدفاع الشرعي وهذا الاعتداء الذى يرمى الى دفعه حال وقائم ، وأن دفاعه كان موجها الى مصدر الخطر لمنع وقوعه . لما كان ذلك ، وكان الحكم لم يتعرض لاستظهار الصلة بين هذه الإصابات التي لحقت بالطاعن وبزوجته وبين الاعتداء الذى وقع منه وأثر ذلك في قيام أو عدم قيام حالة الدفاع الشرعي ، وأسقط من الوقائع الثابتة في التحقيق ـ حسبما تقدم البيان ـ ما يرشح لقيام هذه الحالة ، كما لم يعرض لدلالة هذه الوقائع بغير مسخ أو تحريف ويقسطها حقها ايرادا لها وردا عليها فإنه ـ إذ نفى عن الطاعن أنه كان في حالة دفاع شرعي ـ يكون قد انطوى فيما ذهب اليه ، على فهم خاطئ لنظرية الدفاع الشرعي عن النفس ، فوق ما شابه من قصور.
- 3  أسباب الاباحة وموانع العقاب " دفاع شرعي". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير قيام حالة الدفاع الشرعي".
تقدير القوة اللازمة لرد الاعتداء . وما إذا كان يدخل في حدود حق الدفاع عن النفس أو يتعداه .موضوعي.
من المقرر أن تقدير القوة اللازمة لرد الاعتداء وما إذا كان ذلك يدخل في حدود حق الدفاع الشرعي عن النفس أو يتعداه هو من شأن محكمة الموضوع .
---------
الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بانه قتل ..... عمدا بان انهال عليه ضربا بآلة حادة (مطواة) قاصدا من ذلك قتله فاحدث به الاصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي اودت بحياته . واحالته الى محكمة جنايات المنيا لمحاكمته طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الاحالة . والمحكمة المذكورة قضت حضوريا عملا بالمادة 234/1 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة خمس سنوات
فطعن المحكوم عليه بطريق النقض ..... الخ .

------------
المحكمة

حيث إن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة القتل العمد قد شابه خطأ في تطبيق القانون وفساد في الاستدلال وقصور في البيان، ذلك بأن المدافع عنه قد تمسك أمام المحكمة بقيام حالة الدفاع الشرعي لديه، إلا أن الحكم رد على هذا الدفاع بأنه البادئ بالعدوان وبانتفاء الخطر الحال الذي يتخوف منه وهو ما لا يصلح ردا ويدل على عدم إحاطته بوقائع الدعوى لعدم استظهار الصلة بين الاعتداء الذي وقع على زوجته والاعتداء الذي وقع منه، وأدى ذلك إلى عدم إنزال حكم القانون صحيحا على الواقعة، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله: "بتاريخ الواقعة استقل المتهم .... وزوجته ... نجلة المجني عليه سيارة قيادة .... في طريقهما من قرية .... لمنزل الزوجية بقرية .... وحال سيرهما بالسيارة خرج عليهما المجني عليه ...... من الزراعات المجاورة للمقابر ويحمل بكلتا يديه مطواة وعصا وحاول أخذ نجلته بالقوة من زوجها المتهم بسبب خلافات سابقة بين المتهم وزوجته وبين والدها مما أثار حفيظة المتهم ضده وعلى إثرها قام المتهم بطعن المجني عليه بمطواة عدة طعنات في مقتل من جسده قاصدا من ذلك إزهاق روحه فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته ولاذ بالفرار وزوجته من مسرح الحادث". وعرض لدفاع الطاعن بقيام حالة الدفاع الشرعي ورد عليه في قوله: "... الثابت من شهادة ...... قائد السيارة والملازم أول ..... معاون مباحث مركز ... والنقيب .... رئيس وحدة مباحث مركز ...... بتحقيقات النيابة والتي تطمئن المحكمة لشهادتهم أن المتهم هو البادئ - بالعدوان على المجني عليه عندما اعترض المتهم وزوجته داخل السيارة، ولما كان المتهم هو الذي بدأ بالعدوان ومن ثم لا يجوز له أن يتمسك بحالة الدفاع الشرعي عن نفسه أو زوجته ..... أما بخصوص ما أثاره الدفاع من وجود دفاع شرعي عن عرض الزوجة فمردود عليه أنه لم يثبت من التحقيقات أن اعتداء قد وقع من المجني عليه على زوجة المتهم وقت الاعتداء أو أن اعتداء على وشك الوقوع الفوري من المجني عليه على زوجته - أي لا يوجد خطر حال ومن ثم لا يكون للدفاع الشرعي عن العرض محل أيضا". لما كان ذلك، وكان حق الدفاع الشرعي عن النفس قد شرع لرد أي اعتداء على نفس المدافع أو نفس غيره. وكان الأصل أنه لا يشترط لقيام حالة الدفاع الشرعي أن يكون قد حصل بالفعل اعتداء على النفس أو المال، بل يكفي أن يكون قد صدر من المجني عليه فعل يخشى منه المتهم وقوع جريمة من الجرائم التي يجوز فيها الدفاع الشرعي، ولا يلزم في الفعل المتخوف منه أن يكون خطرا حقيقيا في ذاته بل يكفي أن يبدو كذلك في اعتقاد المتهم وتصوره بشرط أن يكون هذا الاعتقاد أو التصور مبنيا على أسباب معقولة، وتقدير ظروف الدفاع الشرعي ومقتضياته أمر اعتباري المناط فيه الحالة النفسية التي تخالط ذات الشخص الذي يفاجأ بفعل الاعتداء فيجعله في ظروف حرجة دقيقة تتطلب منه معالجة موقفه على الفور والخروج من مأزقه مما لا يصلح معه محاسبته على مقتضى التفكير الهادئ المتزن المطمئن الذي كان يتعذر عليه وقتئذ وهو محفوف بهذه المخاطر والملابسات. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أورد في معرض تدليله على توافر نية القتل لدى الطاعن قوله: "نية القتل متوافرة في حق المتهم من اعتدائه على المجني عليه بمطواة وهي سلاح قاتل بطبيعته وطعنه بها عدة طعنات بالعنق والبطن والظهر وهي أماكن قاتله في جسده . . . وذلك انتقاما لما أخبرته به زوجته من أن المجني عليه اعتدى عليها جنسيا من قبل ......". وكان البين من الاطلاع على المفردات - التي أمرت المحكمة بضمها - أن المجني عليه ترصد الطاعن وزوجته في طريق عودتهما إلى منزل الزوجية، واقتحم السيارة التي تقلهما - وهو مسلح بمطواة وعصا - لإرغام ابنته - زوجة الطاعن - على مغادرتها، وإكراهها على العودة معه إلى منزله. ولما لم يفلح الطاعن في دفعه عنها، طعنه بمطواة طعنة واحدة في ظهره بعدها تمكنت الزوجة من الإفلات وولت هاربة وهي مصابة جراء اعتداء المجني عليه عليها - جرح قطعي أسفل الساعد الأيمن طوله 6 سم مع اشتباه قطع بأوتار اليد اليمنى - إلا أن المجني عليه انطلق يعدو خلفها حتى لحق بها واشتبك معه الطاعن الذي عدا خلفه ليرفع كيده عنها، وأصيب الطاعن - جرح باليد اليمنى، وجروح باليد اليسرى - كما أصيب المجني عليه بإصابات بالغة. وشهد قائد السيارة - وشهادته دعامة اعتمد عليها الحكم في نفي قيام حالة الدفاع الشرعي - أن المجني عليه اقتحم السيارة - وهو مسلح - لانتزاع زوجة الطاعن إلى خارجها فطعنه هذا الأخير طعنة واحدة في ظهره لأنه "كان عايز يخلص مراته منه" وهو ما قالت به الشاهدة الأولى "هو ضربه علشان يسيبني" وما شهد به الضابطان - الشاهدان الثالث والرابع - من أن إصابات الطاعن أحدثها به المجني عليه بمطواة كانت معه، وإصابة الزوجة أحدثها المجني عليه أيضا أثناء محاولته انتزاعها من زوجها ليعيدها إلى منزله. لما كان ذلك، وكان هذا الذي سلف يبرر مسلك الطاعن إذا ما اعتقد - على الأقل - وجود خطر على زوجته، وهو اعتقاد يبرره ما سجله الحكم من أن الزوجة أخبرت زوجها الطاعن بسابقة اعتداء المجني عليه عليها جنسيا، وفيما أقدم عليه المجني عليه - وفاجأ به الطاعن فجعله في ظروف حرجة تتطلب منه معالجة موقفه على الفور والخروج من مأزقه - ما يخشى منه الطاعن من وقوع جريمة من الجرائم التي يجوز فيها الدفاع الشرعي، وهذا الاعتداء الذي يرمي إلى دفعه حال وقائم، وأن دفاعه كان موجها إلى مصدر الخطر لمنع وقوعه. لما كان ذلك، وكان الحكم لم يتعرض لاستظهار الصلة بين هذه الإصابات التي لحقت بالطاعن وبزوجته وبين الاعتداء الذي وقع منه وأثر ذلك في قيام أو عدم قيام حالة الدفاع الشرعي، وأسقط من الوقائع الثابتة في التحقيق - حسبما تقدم البيان - ما يرشح لقيام هذه الحالة، كما لم يعرض لدلالة هذه الوقائع بغير مسخ أو تحريف ويقسطها حقها إيرادا لها وردا عليها، فإنه - إذ نفى عن الطاعن أنه كان في حالة دفاع شرعي - يكون قد انطوى فيما ذهب إليه، على فهم خاطئ لنظرية الدفاع الشرعي عن النفس، فوق ما شابه من قصور. لما كان ذلك وكان تقدير القوة اللازمة لرد الاعتداء، وما إذا كان ذلك يدخل في حدود حق الدفاع الشرعي عن النفس أو يتعداه هو من شأن محكمة الموضوع التي حجبت نفسها عن ذلك، بما قررته خطأ من انتفاء حالة الدفاع الشرعي، مما يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة الجنايات المختصة للفصل فيها مجددا من هيئة أخرى دون حاجة لبحث الوجه الآخر من الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق