الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 26 يوليو 2018

الطعن 597 لسنة 63 ق جلسة 9 / 3 / 1995 مكتب فني 46 ق 76 ص 523

جلسة 9 مارس سنة 1995
برئاسة السيد المستشار /محمد يحيى رشدان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين /صلاح البرجي ومجدى الجندي وحسين الشافعي نواب رئيس المحمة ومحمد فؤاد الصيرفى.
------------
(76)
الطعن597 لسنة 63 ق
(1) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب ""بطلانه". بطلان . اجراءات " اجراءات التحقيق". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". اثبات " خبرة". دفاع " الاخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره". نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها ".
النص في لائحة المخازن . على تشكيل لجنة للتحقيق أو الجرد من غير موظفي القسم التابع له الموظف أو المستخدم المسئول . تنظيمي .عدم ترتيب البطلان على مخالفته . حق محكمة الموضوع . تقدير القوة التدليلية لتقرير تلك اللجنة مفاد أخذها به اطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها عدم التزام المحكمة بالرد على دفاع قانوني ظاهر البطلان .
(2) اجراءات " اجراءات التحقيق " . نيابة عامة . اختلاس . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها ".
تشكيل لجنة الجرد بناء على أمر من النيابة العامة وقيامها بعملها في غيبة المتهم لا بطلان . أساس ذلك.
(3) اختلاس اموال اميرية . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب". قصد جنائي . جريمة "أركانها ". اثبات " بوجه عام". 
القصد الجنائي في جريمة الاختلاس . توافره بتصرف الموظف في المال الذى بعهدته باعتباره مملوكا له . تحدث الحكم عنه استقلال غير لازم . كفاية أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يدل عليه . مثال لتسبيب سائغ للتدليل على توافر القصد الجنائي في جريمة اختلاس أموال أميرية .
(4) إثبات "بوجه عام".
تساند الأدلة في المواد الجنائية. مؤداه؟
(5) إثبات "بوجه عام""قرائن". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب".
لا يشترط في الدليل ان يكون صريحاً دالاً بنفسه على الواقعة المراد اثباتها . كفاية ان يكون استخلاص ثبوتها عن طريق الاستنتاج من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات .
(6) رد . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها ". اختلاس . عقوبة " توقيعها". 
جزاء الرد المنصوص عليه في المادة 118 عقوبات. يدور مع موجبه من بقاء المال المختلس في ذمة المتهم حتى الحكم عليه. لا شأن لهذا الجزاء بالغرامة المساوية لقيمة المال المختلس. وجوب الحكم بكليهما مع العقوبات الأصلية.
(7) غرامة . فاعل أصلي . اشتراك . اختلاس أموال أميرية . عقوبة " تطبيقها".
الغرامات النسبية المشار إليها بالمادة 44 عقوبات. تضامن المتهمين في الالتزام بها أيا كانت صفاتهم.
(8) عزل . اختلاس أموال أميرية .  نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها ". عقوبة " تطبيقها". 
النص في المادة 27 عقوبات على توقيت عقوبة العزل . مناطه. الحكم بعقوبة الحبس. معاقبة الطاعن بالسجن والعزل دون توقيت عقوبة العزل. لا خطأ.
------------
1 - لما كان ما نصت عليه مواد لائحة المخازن من تشكيل لجنة التحقيق أو الجرد من غير موظفي القسم التابع به الموظف أو المستخدم المسئول . وذلك في حالة فقد أصناف من عهدته ـ هو من قبيل القواعد التنظيمية التي يدعو المشرع الى مراعاتها قدر الامكان دون أن يترتب جزاء على عدم التزامها . فإن تشكيل لجنة الجرد التي قامت بجرد عهدة الطاعن الثاني ممن يتولون الاشراف على عمله ـ بفرض صحته ـ لا يترتب عليه بطلان اعمال تلك اللجنة ، ويكون لمحكمة الموضوع مطلق السلطة في تقدير القوة التدليلية لتقرير تلك اللجنة بمثابة دليلا من أدلة الدعوى تقدره التقدير الذى تراه بغير معقب عليها ومتى أخذت به فإن ذلك يفيد اطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، هذا فضلا عن أن ما أثاره الطاعن الثاني في هذا الشأن لا يعدو أن يكون دفاعا قانونيا ظاهر البطلان فلا على المحكمة إن هي التفتت عنه ولم ترد عليه . لما كان ذلك ، وكان الثابت من تقرير لجنة الجرد إن الطاعن الثاني حضر اجراءاتها فإن منعاه في هذا الشأن يكون في غير محله.
2 - لما كان الثابت من التقرير أن اللجنة شكلت بناء على ندب من النيابة العامة وأن عمل تلك اللجنة ـ سواء بوصفه عملاً من أعمال التحقيق أو عملا من أعمال الاستدلال ـ انما تم بناء على ندب النيابة العامة لأعضائها فلا يترتب البطلان على اجرائه في الغيبة سواء كان الندب من النيابة العامة بوصفها سلطة تحقيق أم بوصفها رئيسة الضبطية القضائية ، وكل ما للمتهم هو أن يتمسك بما قد يكون فيه من نقص أو عيب حتى تقدره المحكمة وهى على بينة من الأمر ولا على المحكمة إن هي التفتت عن دفاع أثير أمامها في هذا الخصوص ولم ترد عليه باعتباره دفاعا قانونيا ظاهر البطلان . ومن ثم يكون منعى الطاعن الثاني في هذا الشأن في غير محله .
3 - لما كان الحكم قد حصل واقعة الدعوى فيما يحمل أن الطاعن الأول ـ وهو سائق سيارة بالشركة ....... احدى وحدات القطاع العام ـ كلف بنقل 186 لوح بانوه خشب مقاس 19 ملى من مصنع الشركة بإمبابة الى مخزنها بموجب ثلاثة أذون تحميل الا أنه قام ببيع هذه الكمية بالاشتراك مع الطاعن الثاني أمين مخزن الشركة ، الذى وقع على الاذون الثلاثة بما يفيد استلامه الاخشاب المثبتة فيها على خلاف الحقيقة لتغطية الاختلاس كما أثبت أن ـ الاستلام كان في أيام تبين تغيبه فيها عن العمل بموجب يومية غياب وختم التحويل بخاتم أمين بوابة المصنع ، وقد شكلت النيابة العامة لجنة لجرد عهدة الطاعن الثاني قدمت تقريرا جاء فيه أنها وجدت عجزا بعهدة الطاعن قدره 559 لوح بانوه قيمتها الاجمالية 18011.753 جنيها ، وزيادة 387 لوحا وقيمة اجمالية قدرها 13385 جنيها ـ ثم أورد الحكم مؤدى كل دليل من أدلة الثبوت التى عول عليها في قضائه بالإدانة والتي استقاها مما شهد به ..... محامى الشركة و..... مراقب البوابة الذى أكد دخول السيارة قيادة الطاعن الأول الى المصنع خالية من أية حمولة من الأخشاب في الأيام المشار اليها حسبما هو ثابت بدفتر حركة السيارات و ..... و ...... و ... أعضاء لجنة الجرد ـ الذين بينوا نتيجة أعمال اللجنة واكتشاف العجز الذى عزوه الى اختلاس الطاعن الثاني له كما بينوا عدم ورود شمول أذون التحويل الثلاثة الى المخزن وقيمتها 7364.008 جنيها وتقرير لجنة الجرد بالعجز والزيادة وقيمة الأخشاب موضوع الأذون الثلاثة ، ومن الاطلاع على حركة وارد السيارات الخاص بمصنع حلوان الذى ثبت خلوه مما يفيد دخول السيارات قيادة الطاعن الأول الى المصنع محملة بالأخشاب . كما حصل الحكم دفاع الطاعنين ورد عليه بما يكفى لطرحه ، ثم بين الحكم أنه اقتنع بأن الطاعن الثاني اشترك مع الطاعن الأول في اختلاس الاخشاب الثابتة في اذون التحويل الثلاثة وأن الطاعن الثاني اختلس كمية الأخشاب التي وجدت عجزا في عهدته وقيمتها 13385 جنيها الا أنه لن يلزمه الا بالرد والغرامة عن الكمية التي ساءله عنها الحكم الذى قضى بنقضه وهو ما قيمته 5626.001 جنيها من الأخشاب ، الفرق بين العجز والزيادة حسبما قدرها الحكم السابق ـ حتى لا يضار الطاعن بطعنه ، لما كان ذلك وكان ما أورده الحكم فيما تقدم ، كافياً وسائغا في بيان نية الاختلاس ذلك بأنه يكفى لتوافر القصد الجنائي في جريمة الاختلاس أن يكون الموظف المتهم قد تصرف في المال الذى بعهدته على اعتبار أنه مملوك له كما أنه لا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالا عن توافر القصد الجنائي في تلك الجريمة ـ بل يكفى أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يدل على قيامه ـ كما هو الحال في الدعوى المطروحة .
4 - من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضا ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي فلا ينظر الى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفى أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية الى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها الى ما انتهت اليه .
5 - لما كان لا يشترط في الدليل أن يكون صريحا دالا بنفسه عل الواقعة المراد اثباتها بل يكفى أن يكون استخلاص ثبوتها عن طريق الاستنتاج مما تكشف للمحكمة من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات ، فإن ما ينعاه الطاعن الثاني على الحكم ـ بشأن تعويله في ادانته ـ على العجز الذى كشف عنه اعمال اللجنة ـ دون باقي الأدلة التي عول عليها في ادانته عن الجريمتين المنسوبتين اليه ، ينحل الى جدل موضوعي في سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى مما يخرج عن رقابة محكمة النقض .
6 - من المقرر أن جزاء الرد يدور مع موجبه من بقاء المال المختلس في ذمة المتهم باختلاسه حتى الحكم عليه ، وأنه لا شأن بهذا الجزاء بالغرامة المساوية لقيمة المال المختلس ـ وكلاهما يجب الحكم به فضلا عن العقوبات الأصلية ، عملا بالمادة 118 من قانون العقوبات .
7 - قضاء المحكمة بتغريم الطاعن الثاني بغرامة مساوية لقيمة ما الزم برده ، وهو يساوي ما اختلسه وفي حدود ما الزمه به الحكم المنقوض بالنسبة للمبلغ الذي انفرد باختلاسه والمبلغ الذي اشترك مع الطاعن الأول في اختلاسه والزيادة باعتباره من الغرامات النسبية التي اشارت اليها المادة 34 من قانون العقوبات وبالتالي يكون المتهمين أيا كانت صفتهم متضامنين في الالتزام بها .
8 - لما كان الحكم المطعون فيه قد عاقب كلا من الطاعنين بالسجن لمدة ثلاث سنوات وقضى بعزلهما من وظيفتهما ـ فإن قضاءه يتفق وصحيح القانون ولا مخالفة فيه لنص المادة 27 من قانون العقوبات ذلك أن توقيت عقوبة العزل ـ الذي يثيره الطاعنان لا يكون الا في حالة الحكم بعقوبة الحبس .
------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلا من (1) ....... (طاعن) (2) .... (3) ....(4) ..... (طاعن) . بأنهم اولا : المتهمان الاول والثاني : بصفتهما موظفين عموميين ومن الامناء على الودائع الاول سائق والثاني تباع بالشركة ..... احدى وحدات القطاع العام اختلسا الاخشاب المبينة بالأوراق المملوكة للشركة المذكورة التي تبلغ قيمتها 7364.008جنيه والتي وجدت في حيازتها بسبب وظيفتهما وبصفتهما وقد ارتبطت تلك الجريمة بجريمتي تزوير واستعمال محررات مزورة وهى انه في ذات الزمان والمكان سالفي الذكر زورا محررات الشركة ..... وهي أذون التحويل أرقام .... في ....... و ...... في ...... و ...... في ....... بأن اثبتا بها على خلاف الحقيقة تسليم مشمولها من الاخشاب الى المتهم الرابع أمين مخزن مصنع حلوان وبصماها بخاتم أمين بوابة ذلك المصنع للإيهام بدخولها مشمولها إليه واستعملا تلك الاوراق المزورة بأن قدماها للمسئولين بالشركة لستر جريمتهما مع علمهما بتزويرهما . ثانيا : المتهمان الثالث والرابع . اشتركا بطريقي الاتفاق والمساعدة مع المتهمين الاول والثاني في ارتكاب الجريمة السالفة بان اتفقا معهما على اختلاس الاخشاب محل تلك الجريمة وساعداهما على ذلك بأن استحصل المتهم الثالث بغير حق على خاتم أمين بوابة حلوان وبصم بها أذونات التحويل سالفة البيان للإيهام بأن عربة المتهمين الاول والثاني قد دخلت الى المصنع محملة بالأخشاب وامتنع عن تسجيل غياب المهتم الرابع عن العمل اليومي .....،..... /7/1986 بالدفتر المعد لذلك أمام المتهم الرابع بالتوقيع على تلك الاذونات بما يستفاد منه انه تسلم مشمولها من الاخشاب خلافا للحقيقة وسترا لواقعة الاختلاس فوقعت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة . ثالثا : المتهم الثالث : استحصل بغير حق على خاتم أمين بوابة مصنع حلوان التابع للشركة ...... احدى وحدات القطاع العام واستعمله استعمالا ضار بمصلحة تلك الشركة بأن بصم به أذونات التحويل أرقام ...... في .... ،..... في .....، ..... في ..... مما ساعد على وقوع جريمة اختلاس الاخشاب المملوكة للشركة على نحو ما سلف بيانه . رابعا : المتهم الرابع : بصفته موظفا عموميا ومن الامناء على الودائع امين مخزن بالشركة ..... احدى وحدات القطاع العام اختلس الاخشاب المملوكة لتلك الشركة والمبينة بالأوراق وقدرها 559 لوح خشب بانوه والبالغ قيمتها 18011.753 جنيه والتي وجدت في حيازته بسبب وظيفته وبصفته . واحالتهم الى محكمة أمن الدولة العليا طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الاحالة . وادعت الشركة المجنى عليها مدنيا قبل المتهمين بمبلغ واحد وخمسين جنيها على سبيل التعويض المؤقت . والمحكمة المذكورة قضت حضوريا عملا بالمواد 40/2-3، 41، 112/1-2، أ، ب، 118، 119/ب، 119 مكررا هـ، 207، 211، 214/2 من قانون العقوبات مع اعمال المادة 17 من القانون ذاته بمعاقبة كل من المتهمين الاول والثالث والرابع بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبمعاقبة المتهم الثاني بالحبس مع الشغل لمدة ثلاث سنوات وبمعاقبة المتهم الثاني بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وعزلهم من وظائفهم وإلزام المحكوم عليه الرابع ..... برد مبلغ 6526.001 جنيه وإلزامهم جميعا برد مبلغ 7364.008 جنيه وتغريم كل منهم مبلغا مساويا لما الزم رده والزامهم جميعا بأن يدفعوا الى المدعية بالحقوق المدنية مبلغ واحد وخمسين جنيها على سبيل التعويض المؤقت . فطعن المحكوم عليهم الثاني والثالث والرابع في هذا الحكم بطريق النقض وقيد الطعن بجدول المحكمة برقم ...... لسنة 59 القضائية . فقضت هذه المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والاعادة بالنسبة للطاعنين وللمحكوم عليه ....... ومحكمة الاعادة (بهيئة مغايرة) قضت حضوريا عملا بالمواد40/2-3، 41، 112/2، أ - ب، 116 مكرراً ب، 212، 214/2 من قانون العقوبات مع اعمال المادة 32 من ذات القانون بمعاقبة المتهمين الاول والرابع بالسجن لمدة ثلاث سنوات عما اسند اليهما وبالعزل من الوظيفة وبإلزامهما برد مبلغ 5626.001 ج وبتغريم كل منهما مبلغا مساويا لما الزم برده ورفض الدعوى المدنية وبراءة المتهمين الثاني والثالث
فطعن الاستاذ/ ....... المحامي نيابة عن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض (للمرة الثانية) ........... الخ.

--------------
المحكمة
حيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان أولهما بجريمة اختلاس أخشاب مملوكة للشركة ...... - إحدى وحدات القطاع العام - المرتبطة بجريمتي تزوير واستعمال محررات مزورة ودان ثانيهما بجريمتي اختلاس أخشاب مملوكة للشركة المشار إليها وبالاشتراك بطريقي الاتفاق والمساعدة مع الأول في ارتكاب الجريمة المسندة إليه، قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وإخلال بحق الدفاع وخطأ في تطبيق القانون واضطراب ذلك أن الحكم المطعون فيه عول في إدانتهما على الدليل المستمد من تقرير لجنة الجرد رغم أنها شكلت ممن يقومون بالإشراف على أعمالهما بالمخالفة للائحة المخازن كما أن اللجنة باشرت أعمالهما في غيابهما والتفت عن دفاعهما في هذا الشأن ولم يورده أو يرد عليه ودانهما الحكم رغم انتفاء القصد الجنائي لديهما، واعتبر العجز في عهدة الطاعن الثاني دليلا على الاختلاس مع أنه قد يكون لسبب آخر، كما أصاب الحكم الاضطراب في تحديد المبلغ المختلس، وألزمت المحكمة الطاعن الثاني برد المبلغ المقال باختلاسه ثلاث مرات فقد ألزمته بأن يرد مع الطاعن الأول 7664.008 جنيها وبأن يرد بمفرده 5626 جنيها ثم قضت بتغريمه مبلغا مساويا لهما مع أنه غير ملزم إلا برد المبلغ مرة واحدة ولم تؤقت المحكمة العزل الذي - قضت به رغم أنها استعملت الرأفة معهما، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعنين بهما وأورد على ثبوتهما في حقهما أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان ما نصت عليه مواد لائحة المخازن من تشكيل لجنة التحقيق أو الجرد من غير موظفي القسم التابع له الموظف أو المستخدم المسئول. وذلك في حالة فقد أصناف من عهدته - هو من قبيل القواعد التنظيمية التي يدعو المشرع إلى مراعاتها قدر الإمكان دون أن يترتب جزاء على عدم التزامها. فإن تشكيل لجنة الجرد التي قامت بجرد عهدة الطاعن الثاني ممن يتولون الإشراف على عمله - بفرض صحته - لا يترتب عليه بطلان أعمال تلك اللجنة، ويكون لمحكمة الموضوع مطلق السلطة في تقديره القوة التدليلية لتقرير تلك اللجنة بمثابته دليلا من أدلة الدعوى تقدره التقدير الذي تراه بغير معقب عليها ومتى أخذت به فإن ذلك يفيد إطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، هذا فضلا عن أن ما أثاره الطاعن الثاني في هذا الشأن لا يعدو أن يكون دفاعا قانونيا ظاهر البطلان فلا على المحكمة إن هي التفتت عنه ولم ترد عليه. لما كان ذلك، وكان الثابت من تقرير لجنة الجرد أن الطاعن الثاني حضر إجراءاتها فإن منعاه في هذا الشأن يكون في غير محله. وفضلا عن ذلك فالثابت من التقرير أن اللجنة شكلت بناء على ندب من النيابة العامة وأن عمل تلك اللجنة - سواء بوصفه عملا من أعمال التحقيق أو عملا من أعمال الاستدلال - إنما تم بناء على ندب النيابة العامة لأعضائها فلا يترتب البطلان على إجرائه في الغيبة سواء كان الندب من النيابة العامة بوصفها سلطة تحقيق أم بوصفها رئيسة الضبطية القضائية، وكل ما للمتهم هو أن يتمسك بما قد يكون فيه من نقص أو عيب حتى تقدره المحكمة وهي على بينة من الأمر ولا على المحكمة إن هي التفتت عن دفاع أثير أمامها في هذا الخصوص ولم ترد عليه باعتباره دفاعا قانونيا ظاهر البطلان. ومن ثم يكون منعى الطاعن الثاني في هذا الشأن في غير محله. لما كان ذلك، وكان الحكم قد حصل واقعة الدعوى فيما يحمل أن الطاعن الأول - وهو سائق سيارة بالشركة ............. إحدى وحدات القطاع العام - كلف بنقل 186 لوح بانوه خشب مقاس 19 ملي من مصنع الشركة بإمبابة التي مخزنها بموجب ثلاثة أذون تحويل إلا أنه قام ببيع هذه الكمية بالاشتراك مع الطاعن الثاني أمين مخزن الشركة، الذي وقع على الأذون الثلاثة بما يفيد استلامه الأخشاب المثبتة فيها على خلاف الحقيقة لتغطية عملية الاختلاس كما أثبت أن الاستلام كان في أيام تبين تغيبه فيها عن العمل بموجب يومية غياب وختم التحويل بخاتم أمين بوابة المصنع، وقد شكلت النيابة العامة لجنة لجرد عهدة الطاعن الثاني قدمت تقريرا جاء فيه أنها وجدت عجزا بعهدة الطاعن قدره 559 لوح بانوه قيمتها الإجمالية 18011.753 جنيها، وزيادة 387 لوحا بقيمة إجمالية قدرها 13385 جنيها - ثم أورد الحكم مؤدى كل دليل من أدلة الثبوت التي عول عليها في قضائه بالإدانة والتي استقاها مما شهد به ........ محامي الشركة و...... مراقب البوابة الذي أكد دخول السيارة قيادة الطاعن الأول إلى المصنع خالية من أية حمولة من الأخشاب في الأيام المشار إليها حسبما هو ثابت بدفتر حركة السيارات و........ و....... و........ - أعضاء لجنة الجرد - الذين بينوا نتيجة أعمال اللجنة واكتشاف العجز الذي عزوه إلى اختلاس الطاعن الثاني له، كما بينوا عدم ورود شمول أذون التحويل الثلاثة إلى المخزن وقيمتها 7364.008 جنيها وتقرير لجنة الجرد بالعجز والزيادة وقيمة الأخشاب موضوع الأذون الثلاثة، ومن الاطلاع على حركة وارد السيارات الخاص بمصنع حلوان الذي ثبت خلوه مما يفيد دخول السيارات قيادة الطاعن الأول إلى المصنع محملة بالأخشاب. كما حصل الحكم دفاع الطاعنين ورد عليه بما يكفي لطرحه، ثم بين الحكم أنه اقتنع بأن الطاعن الثاني اشترك مع الطاعن الأول في اختلاس كمية الأخشاب الثابتة في أذون التحويل الثلاثة وأن الطاعن الثاني اختلس كمية الأخشاب التي وجدت عجزا في عهدته وقيمتها 13385 جنيها إلا أنه لن يلزمه إلا بالرد والغرامة عن الكمية التي ساءله عنها الحكم الذي قضى بنقضه وهو ما قيمته 5626.001 جنيها من الأخشاب، الفرق بين العجز والزيادة حسبما قدرها الحكم السابق - حتى لا يضار الطاعن بطعنه، لما كان ذلك وكان ما أورده الحكم فيما تقدم، كافيا وسائغا في بيان نية الاختلاس ذلك بأنه يكفي لتوافر القصد الجنائي في جريمة الاختلاس أن يكون الموظف المتهم قد تصرف في المال الذي بعهدته على اعتبار أنه مملوك له كما أنه لا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالا عن توافر القصد الجنائي في تلك الجريمة، بل يكفي أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يدل على قيامه - كما هو الحال في الدعوى المطروحة فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن يكون في غير محله. لما كان ذلك وكان من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضا ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حده دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه كما لا يشترط في الدليل أن يكون صريحا دالا بنفسه على الواقعة المراد إثباتها بل يكفي أن يكون استخلاص ثبوتها عن طريق الاستنتاج مما تكشف للمحكمة من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات، فإن ما ينعاه الطاعن الثاني على الحكم - بشأن تعويله في إدانته - على العجز الذي كشفت عنه أعمال اللجنة - دون باقي الأدلة التي عول عليها في إدانته عن الجريمتين المنسوبتين إليه، ينحل إلى جدل موضوعي في سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى مما يخرج عن رقابة محكمة النقض. لما كان ذلك وكان جزاء الرد يدور مع موجبه من بقاء المال المختلس في ذمة المتهم باختلاسه حتى الحكم عليه، وأنه لا شأن بهذا الجزاء بالغرامة المساوية لقيمة المال المختلس - وكلاهما يجب الحكم به فضلا عن العقوبات الأصلية، عملا بالمادة 118 من قانون العقوبات. وإذ كانت المحكمة قد التزمت هذا النظر، وألزمت الطاعن الثاني بأن يرد منفردا مبلغ 5626.001 جنيها قيمة الأخشاب التي اختلسها بمفرده - في الحدود التي ألزمه بها الحكم المنقوض، حتى لا يضار بطعنه وبأن يرد مع الطاعن الأول مبلغ 7364.008 جنيها قيمة ما اختلسه بالاشتراك مع هذا الطاعن، كما قضت بتغريمه بغرامة مساوية لقيمة ما ألزم برده، وهو يساوي ما اختلسه وفي حدود ما ألزمه به الحكم المنقوض بالنسبة للمبلغ الذي انفرد باختلاسه والمبلغ الذي اشترك مع الطاعن الأول في اختلاسه والزيادة باعتباره من الغرامات النسبية التي أشارت إليها المادة 34 من قانون العقوبات وبالتالي يكون المتهمان أيا كانت صفاتهم متضامنين في الالتزام بها فإن منعى الطاعن الثاني في هذا الشأن يكون في غير محله. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد عاقب كلا من الطاعنين بالسجن لمدة ثلاث سنوات وقضى بعزلهما من وظيفتهما، فإن قضاءه يتفق وصحيح القانون ولا مخالفة فيه لنص المادة 27 من قانون العقوبات ذلك أن توقيت عقوبة العزل - الذي يثيره الطاعنان لا يكون إلا في حالة الحكم بعقوبة الحبس - لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق