الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 31 يوليو 2018

الطعن 11745 لسنة 62 ق 12 / 5 / 1994 مكتب فني 45 ق 100 ص 648


برئاسة السيد المستشار / محمد يحيى رشدان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / صلاح البرجي ومجدى الجندي ومحمد حسين نواب رئيس المحكمة وابراهيم الهنيدي.
------------
- 1  حكم " تسبيب الحكم . التسبيب غير المعيب".
اغفال الحكم التحدث عن مشاركة اخرين من اتباع المجنى عليهم والطاعنين في المشاجرة واصابتهم . لا يعيبه . طالما أنها ليست من العناصر القانونية للجرائم التي دين بها الطاعنين.
لما كان ما يثيره الطاعنان بشأن اغفال الحكم التحدث عن مشاركة آخرين من أتباع الطرفين - المجنى عليهم والطاعنين-  في المشاجرة واصابتهم فمردود بأن الحكم لم يكن بحاجه إلى التعرض لتلك الوقائع طالما أنها ليست من العناصر القانونية للجرائم التي تدين بها الطاعنان ومكن ثم لا يصح تعييب الحكم بالقصور.
- 2  إثبات " خبرة". حكم " تسبيب الحكم . التسبيب غير المعيب". نقض " اسباب الطعن . ما لا يقبل من الاسباب".
تطابق أقوال الشهود مع مضمون الدليل الفني غير لازم كفاية أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق مثال ينفي التناقض بين الدليل الفني والدليل القولي.
من المقرر أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني بل يكفى أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضا يستعصى على الملاءمة والتوفيق ولما كان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن الأول بقتل المجنى عليه الثاني - ايضا - عمدا استنادا إلى أقوال الشهود وتقرير الصفة التشريحية وكان مؤدى أقوال الشهود حسبما حصلها الحكم هي أن الطاعن الأول اطلق عيارا ناريا على المجنى عليه الثاني فأصابه وكان الثابت بالحكم أن تقرير الصفة التشريحية أفاد بأن وفاة المجنى عليه الثاني ترجع إلى أصابته بالظهر، فإنه لا يكون هناك تناقض بين الدليلين القولي والفني بل هناك تطابق بينهما، ومن ثم فإن ما يثار بشأن التناقض بسين الدليلين القولي والفني في هذه الخصوصية يكون غير سديد.
- 3  إثبات " خبرة". حكم " تسبيب الحكم . التسبيب غير المعيب". قتل " قتل عمد".
جسم الانسان متحرك لا يتخذ وضعاً ثابتاً وقت الاعتداء جواز حدوث اصابة الظهر والضارب له واقف أمامه أو خلفه حسب الوضع الذى يكون عليه وقت الاعتداء تقدير ذلك لا يحتاج لخبرة خاصة .
أن جسم الانسان متحرك ولا يتخذ وضعا ثابتا وقت الاعتداء مما يجوز معه حدوث اصابة الظهر والضارب له واقف أمامه أو خلفه حسب الوضع الذى يكون فيه الجسم وقت الاعتداء وتقدير ذلك لا يحتاج إلى خبره خاصة.
- 4  محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. شرط ذلك؟
من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليها اقتناعها، وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغا مستندا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وهى في ذلك ليست مطالبة بالأخذ بالأدلة المباشرة بل لها أن تستخلص صورة الدعوى كما ارتسمت في وجدانها بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية ما دام ذلك سليما متفقا مع حكم العقل والمنطق.
- 5  أسباب الاباحة وموانع العقاب " اسباب الاباحة وموانع العقاب". محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير قيام حالة الدفاع الشرعي". نقض" اسباب الطعن . ما لا يقبل من الاسباب".
تقدير قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها . موضوعي . الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام النقض .
من المقرر أن تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها متعلق بموضوع الدعوى لمحكمة الموضوع الفصل فيه بلا معقب عليها ما دام استدلالها سليما يؤدى إلى ما أنتهى إليه ولما كان ما ساقه الحكم المطعون فيه من أدلة منتجه في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه من رفض الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي، فإن ما يثيره الطاعن الثاني في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير المحكمة للدليل مما لا تجوز اثارته أمام محكمة النقض .
- 6  دفاع " الاخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره". نقض " اسباب الطعن. ما لا يقبل من الاسباب".
النعي على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع لم يثر أمامها . غير مقبول .
من المقرر أنه لا يقبل من المتهم أن يطالب المحكمة بالرد على دفاع لم يثر أمامها، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون على غير أساس.
- 7 إثبات " شهود". محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل". نقض " اسباب الطعن . ما لا يقبل من الاسباب".
وزن أقوال الشهود وتقدير ظروف الإدلاء بها. موضوعي. اخذ المحكمة بأقوال الشاهد. مفاده إطراحها الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها. الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام النقض.
من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه اليها من مطاعن وحام حولها من شبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذى تطمئن إليه بغير معقب ومتى أخذت المحكمة بأقوال الشاهد فإن ذلك يفيد اطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها - وإذ كانت المحكمة في الدعوى الماثلة - قد اطمأنت إلى أقوال شهود الاثبات وصحة تصويرهم للواقعة، فإن ما يثيره الطاعن الثاني من أنه كان يطلق العيار الناري في الهواء للإرهاب وأنه لم يكن يقصد اصابة المجنى عليها الثالثة بدلالة تمكن الشاهدة الثالثة زوجه المجنى عليه الأول من انتزاع السلاح من يده وتسليمه للشرطة - ينحل إلى جدل موضوعي وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرتها في شأنه أمام محكمة النقض .
- 8  حكم "تسبيب الحكم . التسبيب غير المعيب". قتل "قتل عمد". قصد جنائي
قصد القتل . أمر خفى . ادراكه بالظروف المحيطة بالدعوى والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه . استخلاص توافره . موضوعي. مثال لتسبيب للتدليل على توافر نية القتل .
لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لنية القتل وأثبت توافرها في حق الطاعنين في قولة ".... وكان الثابت في الأوراق مما شهد به شهود الاثبات أن المتهم الأول /...... قد استعمل في قتل المجنى عليهما أداة قاتلة " طبنجة " وأطلق عليهما أعيرة نارية وجهها إلى مقتل في جسد كل منهما وهى منطقة الصدر فأحدث بهما اصابات تتمثل في عيار ناري نافذ بالصدر وما صاحب ذلك من كسور بالأضلاع وتهتك ونزيف بالرئة اليمنى بالنسبة للمجنى عليه الأول وعيارين ناريين بالصدر من الخلف أحدهما نافذ من الأمام وما صاحبهما من تهتك ونزيف بالرئتين بالنسبة للمجنى عليه الثاني وقد اطلق المتهم الأول الأعيرة النارية على المجنى عليهما من مسافة قريبة تتراوح من ربع إلى نصف متر وهو ما يؤكد توافر نية ازهاق روحهما لدى المتهم الأول ذلك أن المجرى العادي للآمور أن اطلاق الأعيرة النارية في مقتل من مسافة قريبة يؤدى عادة إلى حدوث الوفاة هذا فضلا عما أورى به شهود الاثبات من أن المتهم الأول قد أطلق الاعيرة النارية متعمدا إلى مواضع قاتلة في جسد المجنى عليهما ومن ثم فإن قصد انتواء ازهاق روح المجنى عليهما يكون قد توافر في حق المتهم الأول ......" وحيث إن الثابت في الأوراق ومما قرره شهود الاثبات أن المتهم الثاني قد صوب سلاحه الناري متعمدا إلى مقتل من المجنى عليها الثالثة ..... إذ اطلق عليها عيارا ناريا في عنقها وهو موضع يعد مقتلا من جسمها وأورى شهود الاثبات أنه كان متعمدا أن يصوب سلاحه الناري إلى هذا الموضوع القاتل في جسدها بقصد ازهاق روحها إلا أنه أوقف أثر الجريمة بسبب لا دخل لإرادته فيه وهو مداركة المجنى عليها بالعلاج ومن ثم فإن قصد ازهاق روح الأخيرة قد توافر في حق المتهم الثاني ......" ولما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن قصد القتل أمر خفى لا يدرك بالحس الظاهرة وإنما تستنبطه المحكمة من الظروف المحيطة بالدعوى والامارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه وأن استخلاص هذا القصد ازهاق روحها إلا أنه أوقف أثر الجريمة بسبب لا دخل لإرادته فيه وهو مداركة المجنى عليها بالعلاج ومن ثم فإن قصد ازهاق روح الأخيرة قد توافر في حق المتهم الثاني __.. ولما كان من المقرر في قضاء هذا الحكمة أن قصد قتل أمر خفى لا يدرك بالحس الظاهر وإنما تستنبطه المحكمة من الظروف المحيطة بالدعوى والامارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه وأن استخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضى الموضوع في حدود سلطته التقديرية وكان ما أورده الحكم فيما تقدم كافيا وسائغا في استظهار نية القتل لدى الطاعنين فإن منعاهما في هذا الشأن يكون غير سديد .
- 9  حكم " ما لا يعيب الحكم في نطاق التدليل".
تزيد الحكم فيما لم يكن في حاجة اليه . لا يعيبه . مثال
لا يقدح في سلامة الحكم ما استطرد إليه _ من تحديد المسافة التي اطلق الطاعن الأول النار منها على المجنى عليهما بجزء المتر لان ذلك لا يعدو أن يكون تزيدا منه لا يعيبه بعد أن وصف مسافة الاطلاق بالقرب .
- 10  حكم " ما لا يعيب الحكم في نطاق التدليل ". إثبات " بوجه عام".
العبرة في الأحكام بالمقاصد والمعاني. لا بالألفاظ والمباني مثال
من المقرر في الحكام أن العبرة بالمقاصد والمعاني وليس بالألفاظ والمباني وكانت عبارة تصويب السلاح الناري إلى المجنى عليها الثالثة التي أوردها الحكم في معرض تدليله على توافر نية القتل لدى الطاعن الثاني - تدخل في مدلول عبارة " اطلق عليها عيارا ناريا في عنقها وهو موضع يعد مقتلا من جسمها " التي أوردها الحكم في ذات البيان فإن منعى الطاعن الثاني على الحكم خطئه في اسناد العبارة الأولى إلى الشهود - يكون في غير محله .
---------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما أولاً: المتهم الأول (1) قتل ..... عمداً بأن أطلق عليه عياراً نارياً من (مسدس) في صدره قاصداً من ذلك إزهاق روحه فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وقد اقترنت هذه الجناية بجناية أخرى هي أنه في الزمان والمكان سالفي الذكر قتل ..... عمداً بأن أطلق عليه النار بذات المسدس الذي أصابه في صدره قاصداً من ذلك إزهاق روحه فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته (2) حاز بغير ترخيص سلاحاً نارياً مششخنا "مسدس" (3) أحرز ذخائر (عددها ثمانية وثلاثين طلقة) مما تستعمل في السلاح الناري سالف الذكر دون أن يكون مرخصاً له في حيازته أو إحرازه (4) أطلق أعيرة نارية داخل قرية ثانياً: المتهم الثاني: (1) شرع في قتل .... بأن أطلق عليها عياراً نارياً من سلاح ناري (مسدس) فأصابها في عنقها من الخلف قاصداً من ذلك إزهاق روحها فأحدث بها الإصابة الموصوفة بالتقرير الطبي وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو مداركة المجني عليها بالعلاج (2) أطلق أعيرة نارية داخل قريه (3) سلم سلاحه المرخص المضبوط للمتهم الأول حال كونه غير مرخص له بحيازته أو إحرازه واحالتهما إلي محكمة جنايات بنها لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعي كل من ورثة المجني عليهما مدنياً قبل المتهمان متضامنين بمبلغ 101 جنيه علي سبيل التعويض المؤقت لكل فريق. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 45، 2/46، 234، 6/377، من قانون العقوبات والمواد 1/1، 3، 6، 2/26، 5، 29، 1/30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 والمعدل بالقانونين 26 لسنة 1978، 165 لسنة 1981 والبند أ من القسم الأول من الجدول رقم 3 الملحق مع إعمال المادتين 1/32، 17 من قانون العقوبات أولاً: بمعاقبة المتهم الأول بالأشغال الشاقة لمدة خمسة عشر عاما ثانياً: بمعاقبة المتهم الثاني بالسجن لمدة ثلاث سنوات ثالثاً: بمصادرة السلاح الناري والذخيرة المضبوطة رابعاً: وفي الدعويين المدنيتين بإلزام المتهم الأول بأن يؤدي إلي كل من المدعيين بالحقوق المدنية مبلغاً وقدره 101 جنيه علي سبيل التعويض المؤقت خامساً: برفض الدعويين لمنيتين قبل المتهم الثاني
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.

----------
المحكمة
حيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان أولهما بجرائم القتل العمد المقترن بجناية قتل عمد وإحراز سلاح ناري وذخائر بغير ترخيص وثانيهما بجرائم الشروع في القتل عمداً وإطلاق أعيرة نارية داخل القرية وتسليمه سلاحه المرخص له للأول الغير مرخص له به قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وانطوى على إخلال بحق الدفاع وأخطأ في الإسناد, ذلك أن الحكم لم يبين واقعة الدعوى بيانا كافيا لتفهمها فهي في حقيقتها مشاجرة بين فريقين المجني عليهم والطاعنين وقد أصيب فيها كل المشاركين وعول الحكم في إدانتهما على الدليلين القولي والفني رغم التعارض بينهما إذ مؤدى أقوال شهود الإثبات أن الطاعن الأول أطلق النار وهو في مواجهة المجني عليهما ومن مسافة قريبة وأن كلا منهما أصيب في صدره بينما ورد بتقرير الصفة التشريحية أن إصابة المجني عليه الثاني........ كانت من الخلف إلى الأمام وأن مسافة الإطلاق جاوزت مدى الإطلاق القريب وقد أطرح الحكم دفع الطاعن الأول في هذا الشأن برد قاصر وغير سائغ ويخالف الثابت في الأوراق ودفع الطاعن الثاني بأنه كان في حالة دفاع شرعي عن نفسه وعن نفس أولاده إذ أنه أطلق العيار الناري في الهواء لرد فريق المجني عليهم عن الاعتداء فأصاب العيار - خطأ - المجني عليها الثالثة - إلا أن الحكم أطرح هذا الدفاع برد قاصر وغير سائغ لم يشر فيه إلى إصابته وإصابة أولاده. والتفت الحكم عن دفاع الطاعن الثاني بجلسة المحاكمة من أنه لم يكن يقصد إصابة المجني عليها الثالثة بدليل قيام الشاهدة الثالثة زوجة المجني عليه الأول بنزع المسدس من يده واحتفاظها به حتى تسليمه للشرطة فلم تورده أو ترد عليه. ولم يدلل الحكم على توافر نية القتل في حق الطاعنين تدليلاً كافيا سائغا واستدل على توافر هذه النية في حقهما من قرب إطلاق النار وهو ما يخالف ما ورد بتقرير الصفة التشريحية, ومن تصويب الطاعن الثاني مسدسه إلى المجني عليها الثالثة وهو ما لا أصل له في أقوال الشهود. بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله "وحيث تخلص واقعات الدعوى حسبما استيقنتها المحكمة من مطالعة سائر أوراقها والتحقيقات التي تمت فيها وما دار بشأنها بجلسة المحاكمة تتحصل في أنه في يوم وحال عودة المجني عليه الأول...... إلى مسكنه شاهد المتهمين..... ووالده.... وباقي أفراد أسرتهما يقومون بنقل بعض الأتربة من الشارع المطل عليه مسكنه ولما توجه لسؤالهم عن سبب قيامهم بذلك حدثت مشادة بينه وبين المتهم الثاني فما كان من المتهم الأول إلا أن دخل إلى مسكنه وعاد منه حاملا السلاح الناري (طبنجة) المرخصة باسم والده وأطلق منها عياراً نارياً صوب المجني عليه..... قاصداً من ذلك قتله فأصابه بالإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وحال محاولة المجني عليه الثاني..... إنقاذ شقيقه المجني عليه الأول من اعتداء المتهم الأول عليه فقد أطلق عليه الأخير عمداً عيارين ناريين من ذات السلاح الذي كان يحمله قاصدا من ذلك قتله فأصابه في ظهره محدثاً به الإصابة الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وحال محاولة المجني عليها...... قذف المتهم الأول بمجرف محاولة لإسقاط السلاح الناري من يده فقد تناوله منها المتهم الثاني وأطلق عليها عيارا ناريا قاصدا من ذلك قتلها فأحدث بها الإصابة المبنية بالتقرير الطبي وقد أوقف أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادة المتهم الثاني فيه وهو مداركة المجني عليها بالعلاج" وقد ساق الحكم على ثبوت الواقعة - على هذه الصورة في حق الطاعنين أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك وكان ما يثيره الطاعنان بشأن إغفال الحكم التحدث عن مشاركة آخرين من أتباع الطرفين - المجني عليهم والطاعنين - في المشاجرة وإصابتهم فمردود بأن الحكم لم يكن بحاجة إلى التعرض لتلك الوقائع، طالما أنها ليست من العناصر القانونية للجرائم التي دين بها الطاعنان ومن ثم لا يصح تعييب الحكم بالقصور، لما كان ذلك, وكان من المقرر أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضا يستعصى على الملاءمة والتوفيق ولما كان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن الأول بقتل المجني عليه الثاني - أيضا - عمدا استناداً إلى أقوال الشهود وتقرير الصفة التشريحية وكان مؤدى أقوال الشهود حسبما حصلها الحكم هي أن الطاعن الأول أطلق عيارا ناريا على المجني عليه الثاني فأصابه وكان الثابت بالحكم أن تقرير الصفة التشريحية أفاد بأن وفاة المجني عليه الثاني ترجع إلى إصابته بالظهر, فإنه لا يكون هناك تناقض بين الدليلين القولي والفني بل هناك تطابق بينهما, ومن ثم فإن ما يثار بشأن التناقض بين الدليلين القولي والفني في هذه الخصوصية يكون غير سديد, أما ما يثيره الطاعن الأول من اعتناق الحكم لصورة الواقعة حسبما صورها شهود الإثبات مع أن أقوالهم بالتحقيقات تتناقض مع ما ثبت بتقرير الصفة التشريحية إذ قرروا بأن المجني عليه الثاني والطاعن الأول كان كل منهما في مواجهة الآخر وقت الاعتداء بينما ثبت من تقرير الصفة التشريحية إصابة المجني عليه الثاني بظهره, فإنه لما كان جسم الإنسان متحركا ولا يتخذ وضعا ثابتا وقت الاعتداء مما يجوز معه حدوث إصابة الظهر والضارب له واقف أمامه أو خلفه حسب الوضع الذي يكون فيه الجسم وقت الاعتداء وتقدير ذلك لا يحتاج إلى خبرة خاصة, فإنه لا يكون هناك ثمة تناقض بين ما قرره الشهود وتقرير الصفة التشريحية. ولا يكون هناك تناقض مع العقل فيما قرره الشهود من أن الطاعن الأول كان يقف أمام المجني عليه الثاني عندما أطلق عليه العيار الناري ثم تكون إصابة المجني عليه المذكور - منها - بالظهر. لما كان ذلك, وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لما أثير من دفاع في هذا الشأن وأطرحه برد كاف سائغ وله أصله الثابت في الأوراق مما لا نزاع فيه فإن منعى الطاعن في هذا الشأن لا يكون سديدا. لما كان ذلك, وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه عرض لما دفع به الطاعن الثاني من أنه كان في حالة دفاع شرعي عن أولاده وأطرحه تأسيسا على ما اطمأن إليه من أن المجني عليها الثالثة كانت في حالة دفاع شرعي تجاه الطاعن الأول - الذي قتل والدها وعمها - مما لا يبيح الاعتداء عليها بدعوى منع عدوانها. لما كان ذلك, وكان من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليها اقتناعها, وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغا مستندا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق, وهي في ذلك ليست مطالبة بالأخذ بالأدلة المباشرة بل لها أن تستخلص صورة الدعوى كما ارتسمت في وجدانها بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية ما دام ذلك سليما متفقا مع حكم العقل والمنطق، كما أن تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها متعلق بموضوع الدعوى لمحكمة الموضوع الفصل فيه بلا معقب عليها ما دام استدلالها سليما يؤدي إلى ما انتهى إليه. ولما كان ما ساقه الحكم المطعون فيه من أدلة منتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه من رفض الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي, فإن ما يثيره الطاعن الثاني في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير المحكمة للدليل مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض, لما كان ذلك, وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن الثاني لم يثر في دفاعه شيئا عن إصابته - أو إصابة الطاعن الأول - وكان من المقرر أنه لا يقبل من المتهم أن يطلب المحكمة بالرد على دفاع لم يثر أمامها, فإن ما يثيره الطاعن الثاني في هذا الشأن يكون على غير أساس. لما كان ذلك, وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب ومتى أخذت المحكمة بأقوال الشاهد فإن ذلك يفيد اطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها - وإذ كانت المحكمة في الدعوى الماثلة - قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة, فإن ما يثيره الطاعن الثاني من أنه كان يطلق العيار الناري في الهواء للإرهاب وأنه لم يكن يقصد إصابة المجني عليها الثالثة بدلالة تمكن الشاهدة الثالثة زوجة المجني عليه الأول من انتزاع السلاح من يده وتسليمه للشرطة ينحل إلى جدل موضوعي وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرتها في شأنه أمام محكمة النقض, لما كان ذلك, وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لنية القتل وأثبت توافرها في حق الطاعنين في قوله "........ وكان الثابت في الأوراق مما شهد به شهود الإثبات أنه المتهم الأول/....... قد استعمل في قتل المجني عليهما أداه قاتلة (طبنجة) وأطلق عليهما أعيرة نارية وجهها إلى مقتل في جسد كل منهما وهي منطقة الصدر فأحدث بهما إصابات تتمثل في عيار ناري نافذ بالصدر وما صاحب ذلك من كسور بالأضلاع وتهتك ونزيف بالرئة اليمنى بالنسبة للمجني عليه الأول وعيارين ناريين بالصدر من الخلف أحدهما نافذ من الأمام وما صاحبهما من تهتك ونزيف بالرئتين بالنسبة للمجني عليه الثاني وقد أطلق المتهم الأول الأعيرة النارية على المجني عليهما من مسافة قريبة تتراوح من ربع إلى نصف متر وهو ما يؤكد توافر نية إزهاق روحهما لدى المتهم الأول ذلك أن المجرى العادي للأمور أن إطلاق الأعيرة النارية في مقتل من مسافة قريبة يؤدي عادة إلى حدوث الوفاة هذا فضلا عما أورى به شهود الإثبات من أن المتهم الأول قد أطلق الأعيرة النارية متعمدا إلى مواضع قاتلة في جسد المجني عليهما ومن ثم فإن قصد انتواء إزهاق روح المجني عليهما يكون قد توافر في حق المتهم الأول......". "وحيث إن الثابت في الأوراق ومما قرره شهود الإثبات أن المتهم الثاني قد صوب سلاحه الناري متعمدا إلى مقتل من المجني عليها الثالثة..... إذ أطلق عليها عيارا ناريا في عنقها وهو موضع يعد مقتلا من جسمها وأورى شهود الإثبات أنه كان متعمداً أن يصوب سلاحه الناري إلى هذا الموضع القاتل في جسدها بقصد إزهاق روحها إلا أنه أوقف أثر الجريمة بسبب لا دخل لإرادته فيه وهو مداركة المجني عليها بالعلاج ومن ثم فإن قصد إزهاق روح الأخيرة قد توافر في حق المتهم الثاني....." ولما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما تستنبطه المحكمة من الظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه وأن استخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية وكان ما أورده الحكم فيما تقدم كافيا وسائغا في استظهار نية القتل لدى الطاعنين فإن منعاهما في هذا الشأن يكون غير سديد، لما كان ذلك. وكان يبين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه عول فيما اطمأن إليه من أن الطاعن الأول أطلق النار على المجني عليهما من مسافة قريبة على أقوال الشهود - وهو ما لا ينازع الطاعن في أصله الثابت بالأوراق - على النحو الثابت بمذكرة أسباب طعنه فإن منعاه في هذا الشأن يكون في غير محله، لما كان ذلك وكان لا يبين أن هناك تناقضا بين ما عول عليه الحكم فيما سلف وبين ما ورد بتقرير الصفة التشريحية - كما أثبتها الطاعن الأول بمذكرة أسباب الطعن - مما تنتفي معه قالة الخطأ في الإسناد والفساد في الاستدلال فإن منعي الطاعن الأول في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان لا يقدح في سلامة الحكم ما استطرد إليه - من تحديد المسافة التي أطلق الطاعن الأول النار منها على المجني عليهما بجزء المتر - لأن ذلك لا يعدو أن يكون تزيداً منه لا يعيبه بعد أن وصف مسافة الإطلاق بالقرب. لما كان ذلك, وكان من المقرر في الأحكام أن العبرة بالمقاصد والمعاني وليس بالألفاظ والمباني وكانت عبارة تصويب السلاح الناري إلى المجني عليها الثالثة التي أوردها الحكم في معرض تدليله على توافر نية القتل لدى الطاعن الثاني تدخل في مدلول عبارة (أطلق عليها عيارا ناريا في عنقها وهو موضع يعد مقتلا من جسمها) التي أوردها الحكم في ذات البيان فإن منعى الطاعن الثاني على الحكم خطئه في إسناد العبارة الأولى إلى الشهود يكون في غير محله لما كان ذلك, فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق