جلسة 6 من إبريل سنة 1995
برئاسة السيد المستشار/ محمد يحيى رشدان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ صلاح البرجي ومجدي الجندي وحسين الشافعي نواب رئيس المحكمة ومحمد فؤاد الصيرفي.
----------------
(100)
الطعن رقم 6845 لسنة 63 القضائية
(1) دعوى جنائية "وقفها". دفوع "الدفع بالإيقاف". قانون "تفسيره". ضرب " أفضى إلى موت". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير جدية الدفع بالإيقاف". إثبات "بوجه عام". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
وجوب وقف الدعوى الجنائية. متى كان الحكم فيها يتوقف على نتيجة الفصل في دعوى جنائية أخرى. أساس ذلك؟
تقدير جدية الدفع بالإيقاف. موضوعي.
تقدير الدليل في دعوى. لا ينسحب أثره إلى دعوى أخرى. أثر ذلك؟
مثال.
(2) محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى". إثبات "بوجه عام".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. ما دام سائغاً.
(3) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "شهود".
وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم. موضوعي.
مفاد أخذ المحكمة بشهادة الشهود؟
(4) إثبات "شهود" "خبرة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
إيراد الحكم ما أثاره الدفاع عن الطاعن من وجود تناقض بين الدليلين القولي والفني. غير لازم. ما دام ما أورده في مدوناته يتضمن الرد على ذلك الدفاع.
عدم التزام المحكمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد عليها استقلالاً. طالما كان الرد مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
(5) دفوع "الدفع بشيوع التهمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
الدفع بشيوع التهمة. موضوعي. لا يستلزم رداً خاصاً. كفاية إيراد أدلة الثبوت بما يفيد إطراحه.
(6) أسباب الإباحة وموانع العقاب "الدفاع الشرعي". دفوع "الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي". ضرب "أفضى إلى موت". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها. موضوعي.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز. أمام النقض.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه ضرب.... بجسم صلب على رأسه فأحدث به الإصابة الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية ولم يقصد من ذلك قتلاً ولكن الضرب أفضى إلى موته. وأحالته إلى محكمة جنايات كفر الشيخ لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى والد المجني عليه مدنياً قبل المتهم بمبلغ 51 جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 236/ 1 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة خمس سنوات وإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية المختصة.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.
المحكمة
من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الضرب المفضي إلى الموت قد شابه الإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وانطوى على خطأ في تطبيق القانون ذلك بأن المدافع عن الطاعن تمسك بطلب وقف الدعوى لحين الفصل في الجناية رقم.... أحداث كفر الشيخ والمتهم فيها الحدث.... نجل الطاعن الذي اعترف بقتله المجني عليه، واختصت محكمة جنح الأحداث بنظرها ولم يعرض الحكم المطعون فيه للمستندات المؤيدة لهذا الطلب، كما أن دفاع الطاعن قام على تكذيب أقوال شهود الإثبات خاصة ما قرره.... شقيق المجني عليه بمحضر الشرطة من أن الطاعن وولديه.... و.... قد تعدوا على المجني عليه بالضرب بما يناقض الثابت من التقرير الطبي الشرعي من أن إصابة المجني عليه واحدة في رأسه إلا أن المحكمة لم تعرض لهذا الدفاع ولم تقسطه حقه إيراداً ورداً كما أطرح الحكم ما أثاره الطاعن من أنه كان في حالة دفاع شرعي عن نفسه ورد عليه بما لا يصلح رداً كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إنه لما كانت المادة 222 من قانون الإجراءات الجنائية وإن أوجبت وقف الدعوى الجنائية إذا كان الحكم فيها يتوقف على نتيجة الفصل في دعوى جنائية أخرى إلا أنها لم تقيد حق المحكمة في تقدير جدية الدفع بالإيقاف وما إذا كان يستوجب وقف الدعوى أو الفصل فيها. لما كان ذلك، وكان الثابت من الاطلاع على محضر جلسة المرافعة أن الدفاع إذ طلب وقف الدعوى الجنائية لحين الفصل في جناية الأحداث رقم.... التي نوه عنها لم يبين سبب هذا الطلب ومرماه منه فإنه يعدو طلباً مجهلاًً فضلاً عن أن الطاعن لم يقدم أي دليل للمحكمة عن موضوع تلك الجناية - خلافاً لما ذهب إليه بأسباب طعنه - ولما كان من المقرر أن تقدير الدليل في دعوى لا ينسحب أثره إلى دعوى أخرى، ومن ثم فإن الحكم الذي سيصدر في الدعوى الأخرى - على فرض وجودها - لا يقيد المحكمة ولا يحوز قوة الشيء المحكوم فيه في خصوص الجناية الماثلة لاختلاف أطرافها، وإذ كان ما تقدم فلا تثريب على المحكمة إن هي سكتت عن هذا الدفع إيراداً له أو رداً عليه ويضحى معنى الطاعن على الحكم في هذا الصدد بالإخلال بحق الدفاع غير سديد. ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة الضرب المفضي إلى الموت التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها من أقوال.... و.... و.... والد المجني عليه والنقيب.... رئيس مباحث قسم كفر الشيخ و.... و.... و.... ومما جاء بالتقرير الطبي الشرعي. كما عرض لدفاع الطاعن بشأن قيام حالة الدفاع الشرعي وأطرحه بقوله "أن الثابت من الأوراق أن المتهم هو الذي كان يبادر بتهديد أسرة المجني عليه وأنه كلما حاول المتواجدون التدخل لإنهائها فإن المتهم يسعى لإشعالها فضلاً عن أن كلاً من.... و.... فوجئا بولدي المتهم.... و.... يقومان بالاعتداء وأن المتهم خرج من مسكنه حاملاً كوريك حيث ضرب المجني عليه الذي لم يكن يشارك في المشاجرة وأنه كان خارجاً لتوه من مسكنه لاستطلاع الأمر ولم تفلح محاولة الجميع تهدئة المتهم الأمر الذي لا يمكن معه القول أن تواجد المتهم على مسرح الحادث كان لدرء الاعتداء عن أبنائه بل إن تواجده أصلاً كان بقصد ارتكاب فعل الاعتداء كما أن المتهم ذاته قرر بتواجده على مسرح الحادث وأنه كان يحمل عصا ولا يتذكر اعتدائه على المجني عليه" ثم عرض لدفاع الطاعن بشيوع التهمة "مؤكداً أن فعل الاعتداء الذي قارفه المتهم على المجني عليه هو الذي أدى إلى إصابته التي أودت بحياته وأن الشهود قد أجمعوا على ذلك" لما كان ذلك، وكان من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - وكان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، كما أن من المقرر أنه ليس بلازم أن يورد الحكم ما أثاره الدفاع عن الطاعن من وجود تناقض بين الدليلين القولي والفني ما دام ما أورده في مدوناته يتضمن الرد على ذلك الدفاع إذ المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد عليها على استقلال طالما أن الرد يستفاد من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، ومن ثم فإن هذا الوجه من الطعن يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفع بشيوع التهمة هو من الدفوع الموضوعية التي لا تستلزم من المحكمة رداً خاصاً اكتفاء بما تورده من أدلة الإثبات التي تطمئن إليها بما يفيد إطراحها له فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها متعلق بموضوع الدعوى لمحكمة الموضوع الفصل فيه بلا معقب ما دام استدلالها سليماً يؤدي إلى ما انتهى إليه، ولما كان ما ساقه الحكم المطعون فيه من أدلة منتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه من رفض الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير المحكمة للدليل مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً الرفض موضوعاً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق