جلسة 14 من فبراير سنة 1959
برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة سيد علي الدمراوي والسيد إبراهيم الديواني والدكتور محمود سعد الدين الشريف ومصطفى كامل إسماعيل المستشارين.
-----------------
(66)
القضية رقم 511 لسنة 4 القضائية
إعانة غلاء معيشة
- قرار مجلس الوزراء في 22 من مايو سنة 1946 بإنشاء فرقة المسرح الشعبي المتنقل - تخصيصه الاعتماد اللازم لمقابلة تكاليف المسرح ونصه على أن الأجور اليومية تشمل إعانة الغلاء - قرار مجلس الوزراء الصادر في 31 من أكتوبر سنة 1948 بتشكيل لجنة فنية لتعيين المستخدمين في حدود الاعتماد دون التقيد بالقواعد المقررة في الوظائف الحكومية - تعيين المدعي بالتطبيق لهذين القرارين يفترض فيه أن أجره شامل لإعانة الغلاء - حجة ذلك.
إجراءات الطعن
في 11 من مايو سنة 1958 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية المحكمة طعناً في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارة الإرشاد القومي بجلسة 12 من مارس سنة 1958 في الدعوى رقم 1532 لسنة 2 ق المرفوعة من السيد محمد حنفي عبد الفتاح ضد وزارة الإرشاد القومي، والذي قضى "باستحقاق المدعي لإعانة غلاء المعيشة بالنسبة المقررة قانوناً على المكافآت التي عين بها، وذلك بعد ثلاثة أشهر من دخوله الخدمة، وما يترتب على ذلك من آثار، وصرف الفروق". وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين - للأسباب التي استند إليها في عريضة طعنه - الحكم "بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون، والقضاء برفض الدعوى، وإلزام المدعي بالمصروفات". وقد أعلن الطعن إلى الحكومة في 11 من يونيه سنة 1958، وإلى المدعي في 14 من يوليه سنة 1958، وعين لنظره جلسة 11 من أكتوبر سنة 1958، وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من ملاحظات، وأرجئ إصدار الحكم لجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة، حسبما يبين من الأوراق، تتحصل في أن المدعي تقدم بتظلم إلى اللجنة القضائية لوزارة الإرشاد القومي قال فيه إنه يعمل بالمسرح الشعبي التابع لمراقبة الشئون الفنية بوزارة الإرشاد، وكان تعيينه بعقود وقرارات تضمنت تحديد الأجر الشهري له، ولم يذكر في العقد أو قرار التعيين أن الأجر الشهري المتفق عليه يشمل إعانة غلاء المعيشة، وهو لم يمنح الإعانة بعد ثلاثة أشهر طبقاً لكتاب المالية الدوري الصادر في 6/ 1/ 1942. واستطرد المدعي إلى أنه طالب بمنحه الإعانة دون جدوى، ولكن زيد مرتبه زيادة طفيفة في سنة 1951، ثم أجرت الوزارة تجديد الأجر المحدد له بعقود تعيينه وزملائه بنسب تتراوح بين 25 و50% من المتفق عليه بالعقد، واعتبرت هذه النسبة إعانة غلاء منحت لهم فرضاً، ومع ذلك كان الأجر يدون باستمارات صرف المرتبات دون أي تفصيل للمرتب. وانتهى المدعي إلى طلب الحكم باعتبار مرتبه الأصلي على النحو المحدد بعقد تعيينه أجراً أصلياً لا يشمل إعانة غلاء المعيشة واستحقاقه لإعانة الغلاء طبقاً لكتاب دوري المالية المؤرخ 6/ 1/ 1942 وتسوية حالته على هذا الأساس وصرف الفروق المالية. وبجلسة 12/ 3/ 1958 أصدرت المحكمة الحكم المطعون فيه قاضياً "باستحقاق المدعي لإعانة غلاء المعيشة بالنسبة المقررة قانوناً على المكافآت التي عين بها وذلك بعد ثلاثة أشهر من دخوله الخدمة، وما يترتب على ذلك من آثار، وصرف الفروق". وقد أقام الحكم المطعون فيه قضاءه على أن ما ذهبت إليه الجهة الإدارية في شأن المدعي يستفاد منه أن المدعي كان يستحق أصلاً إعانة غلاء، ولا اعتداد بقولها إن تعيينه كان بمكافأة شاملة للإعانة؛ إذ أن قواعد منح إعانة غلاء المعيشة لا تسمح بمنحها إلا بعد ثلاثة أشهر من التعيين، هذا إلى أنه لو صحت نظرية الجهة الإدارية لما كانت بها حاجة إلى فصل المكافأة عن إعانة الغلاء، حتى إذا أريد مواجهة الزيادة في غلاء المعيشة فكان يمكن مواجهة ذلك بزيادة المكافأة الشاملة إلى الحد الذي تراه تبعاً لزيادة حالة الغلاء، دون أن تعمد إلى فصل المكافأة عن الإعانة والتقييد بنسبة الزيادة التي تقررت. كما أنه لا اعتداد بما ذهبت إليه الجهة الإدارية من أن الموظفين المؤقتين المعينين بعد تقرير إعانة غلاء المعيشة لم تكن تصرف لهم هذه الإعانة حتى وافق مجلس الوزراء في 29/ 10/ 1952 على صرفها لهم بعد مضي سنة من تاريخ التعيين بشروط معينة؛ ذلك أن الجهة الإدارية بما عمدت إليه من فصل المكافأة عن إعانة الغلاء لزيادة الأجرة تكون قد سلمت بمبدأ استحقاق المدعي لإعانة الغلاء. وأضاف الحكم أنه بفرض القول بأن الجهة الإدارية قد رأت - لاعتبارات خاصة ببعض الموظفين - أن تخالف الأصول المقررة بالنسبة لمنح إعانة الغلاء وأن يكون تعيينهم استثناء من هذه الأصول بمرتبات شاملة للإعانة دون النظر إلى حالتهم الاجتماعية، فقد وجب النص في قرارات تعيينهم على ذلك صراحة، فإذا ما أغفلت النص على ذلك فقد تعين أن يجرى في شأنهم الأصل العام المقرر بالنسبة لسائر الموظفين، وهو أن تعيينهم يتم ابتداء بمرتب غير شامل للإعانة. ولما كان قرار تعيين المدعي جاء خلواً من النص على أن المكافأة التي عين بها قد شملت إعانة الغلاء أو لم تشملها فإن ما ذهبت إليه الجهة الإدارية من أنها رأت عند تحديد المكافأة حالة الغلاء يكون غير مستند إلى أساس من الواقع. واستطرد الحكم إلى أن الجهة الإدارية قد اتبعت في شأن بعض زملاء المدعي غير المعاملة التي عومل بها؛ فقد تبين من ملف خدمة مصطفى يوسف شاهين العامل المعين على اعتماد المسرح الشعبي أنه عين بمكافأة قدرها 500 م و10 ج زيدت بالأمر الإداري الصادر في 3/ 7/ 1955 إلى 500 م و11 ج، دون النص على اعتبار هذه المكافأة مجردة من إعانة الغلاء أو شاملة لها، ثم صدر القرار الوزاري رقم 231 لسنة 1956 في 23/ 10/ 1956 بنقل مستخدمي وعمال المسرح الشعبي إلى مصلحة الفنون اعتباراً من 1/ 7/ 1956، والخصم بمكافآتهم وأجورهم على اعتماد. وتضمن الكشف رقم 5 أن مرتب المدعي 500 م و11 ج وإعانة غلاء المعيشة المستحقة له هي 250 م و5 ج. كذلك تبين من ملف محمد عبد الوهاب بكر أنه عين بالقرار الوزاري رقم 196 الصادر في 16/ 5/ 1951 بمكافأة 9 ج شهرياً اعتباراً من تاريخ استلامه العمل في 1/ 2/ 1951، وصدر قرار وزاري بزيادة المكافأة إلى 10 ج من 1/ 7/ 1954، ثم تضمن القرار الوزاري الصادر في 23/ 10/ 1956 اعتبار مكافأة المدعي 10 ج شهرياً وإعانة الغلاء 256 م و4 ج تبعاً لحالته الاجتماعية، الأمر الذي يؤخذ منه أن الجهة الإدارية قد اعتبرت المكافأة التي عين بها كل منهم بمثابة مكافأة أصلية أضيف إليها بعد ذلك إعانة غلاء المعيشة. ولا يرد على ذلك بأن هذا المسلك من الجهة الإدارية بالنسبة للمذكورين مرجعه إلى أن تعيينهما جاء بعد صدور منشور وزارة المالية بتاريخ 24/ 2/ 1951 متضمناً قواعد تجريد المكافآت من إعانة الغلاء؛ ذلك أن المدعي هو أيضاً قد عين في 3/ 3/ 1951 بعد صدور هذا المنشور، ومع ذلك لم يمنح إعانة غلاء المعيشة أسوة بزميليه زيادة على المكافآت التي عين بها، يضاف إلى ذلك أن إعانة غلاء المعيشة لم تقرر ابتداء من 1/ 3/ 1951 التاريخ الذي اتخذ أساساً لزيادة نسبة الإعانة، وإنما كان تقريرها قبل هذا التاريخ بأجل طويل، وأن ما صدر في مارس سنة 1951 من قرارات إنما جاء خاصاً بزيادة فئات الإعانة؛ ومن ثم لا وجه للتفرقة بين من عين من الموظفين قبل أو بعد هذا التاريخ؛ لأن القواعد التنظيمية العامة تسري من وقت صدورها على جميع الموظفين دون استثناء.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أنه بالرجوع إلى قرار مجلس الوزراء الصادر في 22 من مايو سنة 1946 يتضح أن وزارة الشئون الاجتماعية قد رفعت مذكرة إلى مجلس الوزراء في 13/ 5/ 1946 بطلب تخصيص مبلغ 20300 ج للإرشاد الاجتماعي عن طريق المسرح الشعبي المتنقل، وأرفقت بالمذكرة بياناً تفصيلياً عن هذا المبلغ تضمن تخصيص مبلغ 4000 ج أجور يومية مشتملة على إعانة غلاء معيشة ومرتب صناعة وأجور عدد 5 سائق سيارة ومبلغ 3000 ج مكافآت تقدرها الوزارة للممثلين والممثلات والمخرجين. وقد وافق مجلس الوزراء على ما جاء بهذه المذكرة. وفي 5 من فبراير سنة 1951 أرسل وكيل وزارة الشئون الاجتماعية إلى السكرتير المالي للوزارة خطاباً تضمن أنه يمكن تدبير مبلغ 3000 ج من الاعتماد المخصص للسنة 1950/ 1951 لزيادة المكافآت لأفراد المسرح الشعبي بما يتناسب مع الزيادة من هذا التاريخ، تاريخ رفع نسبة إعانة الغلاء بالنسبة لسائر الموظفين. وفي 24 من فبراير سنة 1951 وافقت وزارة المالية على تجريد المكافأة التي كانت تصرف إليهم من إعانة الغلاء بالنسب القديمة، ثم زيادة الإعانة حسب الفئة الجديدة وصرف المكافأة مجردة مضافاً إليها إعانة الغلاء الجديدة اعتباراً من 1/ 3/ 1951. وقد طبقت الجهة الإدارية هذه القاعدة في شأن المدعي. ومفاد هذه القواعد أن الاعتماد الذي خصص للإرشاد الاجتماعي عن طريق المسرح الشعبي المتنقل روعي فيه تخصيص مبلغ 4000 ج أجور يومية مشتملة على إعانة غلاء معيشة ومبلغ 3000 ج لمكافآت تقدرها الوزارة للممثلين والممثلات والمخرجين؛ ومن ثم فإن الجهة الإدارية - إذ اعتبرت المدعي معيناً بمكافأة شهرية شاملة لإعانة الغلاء - تكون قد أنزلت حكم القانون في حدود الاعتماد المالي المقرر لذلك، وطبقت في شأن المدعي قواعد إعانة غلاء المعيشة تطبيقاً سليماً. ولا اعتداد في القول بأن قواعد منح إعانة الغلاء لا تسمح بمنحها إلا بعد ثلاثة أشهر من التعيين؛ لأن هذه القواعد إنما تسري في شأن من عينوا بمرتب أو بمكافأة أو بأجر لم يراع فيه مواجهة ارتفاع تكاليف المعيشة، وذلك حسبما يستفاد من نص البند 12 من الكتاب الدوري لوزارة المالية رقم ف 234 - 13/ 47 الصادر في 6/ 1/ 1942 تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 1/ 12/ 1941 والذي يقضى بألا تصرف إعانة الغلاء للعمال الذين يراعى في تحديد أجورهم ارتفاع تكاليف المعيشة، وخصوصاً من ألحقوا بالعمل بعد صدور قرارات مجلس الوزراء بصرف هذه الإعانة. ولا اعتداد كذلك بما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أنه كان من المتعين النص في قرار تعيين المدعي على أن مكافأته شاملة لإعانة الغلاء وإلا جرى في شأنه الأصل العام المقرر بالنسبة لسائر الموظفين - لا اعتداد بذلك طالما أن الاعتماد الذي عين عليه المدعي روعي فيه أن تكون الأجور شاملة لإعانة الغلاء، وما كانت الجهة الإدارية تجاوز حدود الاعتماد بتقرير إعانة غلاء على هذه الأجور والمكافآت، وإلا جاء قرارها في هذا الشأن بدون مصرف مالي، مما يصبح معه غير ممكن وجائز قانوناً. ولأنه لا غناء فيما استند عليه الحكم من أن الجهة الإدارية قد اتبعت في شأن بعض زملاء المدعي غير المعاملة التي عومل بها طبقاً للقرار الوزاري رقم 231 لسنة 1956 الصادر في 23/ 10/ 1956 بنقل مستخدمي وعمال المسرح الشعبي إلى مصلحة الفنون اعتباراً من 1/ 7/ 1956 والخصم بمكافآتهم وأجورهم على اعتماد؛ إذ أن الكشف رقم 5 المرفق بالقرار سالف الذكر تضمن ذكر مكافأة المدعي وإعانة الغلاء كل على حدة، شأنه في ذلك شأن جميع زملائه، الأمر الذي ينبني عليه أن يكون الاستدلال الذي أورده الحكم المطعون فيه غير قائم على أساس سليم من الواقع. وإذ جرى الحكم المطعون فيه على خلاف هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون، وقامت به حالة من حالات الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا.
ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن مثار الخلاف هو ما إذا كان أجر المدعي وأمثاله في حدود الاعتماد المالي المقرر لمكافآت أفراد المسرح الشعبي المتنقل - إذا كان هذا الأجر شاملاً لإعانة الغلاء أم أن الأمر على خلاف ذلك؟
ومن حيث إنه يتعين بادئ ذي بدء الرجوع إلى المذكرة المرفوعة إلى مجلس الوزراء في 13 من مايو سنة 1946، وهي الأساس الذي بني عليه تعيين أفراد هذا المسرح، وقد وافق عليها المجلس المذكور في 22 من مايو سنة 1946؛ إذ ورد بها - بعد بيان أوجه النفع من ثقافة الشعب إلى تهذيبه والترقية عنه - ما يلي "وترى الوزارة أن تنشئ لذلك فرقة للتمثيل ذات شعبتين حتى يمكن أن يقوما بالتناوب بمهمتهما الشاقة التي تقتضي التنقل المستمر في الريف والمدن، كما ترى أن تستعين في هذا الشأن ببعض أفراد الفرقة المصرية للتمثيل وطلبة وطالبات المعهد العالي لترقية التمثيل. وإني أتشرف بأن أرجو من هيئة المجلس الموقر التفضل بالموافقة على تخصيص مبلغ 20300 ج من المتجمد من اعتمادات البر المعلي بالأمانات لمقابلة تكاليف المشروع. ومرفق بهذا بيان بتفصيل المبلغ المذكور". ثم أرفق بها كشف بتخصيص مبلغ 20300 للإرشاد الاجتماعي عن طريق المسرح الشعبي المتنقل، وورد بهذا الكشف مبلغ 4000 ج أجور يومية مشتملة على إعانة غلاء معيشة ومرتب صناعة، ثم رفعت مذكرة من اللجنة المالية إلى مجلس الوزراء باقتراح تشكيل لجنة لها حق تقدير المكافآت التي تمنح لأفراد المسرح الشعبي المتنقل في حدود ما يسمح به الاعتماد المدرج بميزانيتها لمنح هذه المكافآت، ويكون تقرير المكافآت من سلطة وزير الشئون الاجتماعية. وقد تضمنت هذه المذكرة طلب الموافقة على تخويل اللجنة حق تحديد قيمة المكافآت التي تمنح لهذا الفريق من المستخدمين، وبعد الاستئناس برأي اللجنة الفنية المشار إليها، على أن يكون التعيين في حدود ما يسمح به الاعتماد دون التقيد بالقواعد المقررة في الوظائف الحكومية. وقد وافق مجلس الوزراء على رأي اللجنة المالية المبين في هذه المذكرة بجلسته المنعقدة في 31 من أكتوبر سنة 1948.
ومن حيث إنه يبين من قراري مجلس الوزراء سالفي الذكر، الصادر أولهما في 22 من مايو سنة 1946 بإنشاء فرقة المسرح الشعبي المتنقل وتخصيص الاعتماد اللازم لمقابلة تكاليف المشروع أن الأجور اليومية تشمل إعانة غلاء المعيشة ومرتب الصناعة، ثم صدر القرار الثاني في 31 من أكتوبر سنة 1948 بتشكيل لجنة فنية لتعيين هذا الفريق من المستخدمين في حدود الاعتماد الخاص بهذا الغرض، دون التقيد بالقواعد المقررة في الوظائف الحكومية؛ ومن ثم يكون قرار تعيين المدعي، وإن خلا من النص على أن الأجر شامل لإعانة الغلاء، إلا أنه يفترض فيه ذلك، ما دامت الجهة الإدارية لا تملك تجاوز هذا الاعتماد وتقرير إعانة غلاء وإلا كان قرارها بدون مصرف؛ مما يصبح معه غير ممكن وغير جائز قانوناً. والأصل في القرار الإداري حملة على الصحة، وهذا الذي قيل في حق المدعي هو بذاته ما جرت معاملة زملائه على أساسه، على خلاف ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه. أما التحدي بتجريد المكافأة من إعانة الغلاء بالنسبة القديمة ثم زيادة الإعانة حسب الفئة الجديدة لها اعتباراً من أول مارس سنة 1950، فهو عملية حسابية فرضية قصد بها إفادة هذا الفريق من الموظفين من الزيادة في الإعانة لربط مرتباتهم أصلاً شاملة للإعانة على فئتها القديمة، وذلك من تاريخ سريان هذه الزيادة، وهذا مستفاد من كتاب وكيل وزارة الشئون الاجتماعية لسكرتير مالي هذه الوزارة، وقد ورد به "أنه يمكن تدبير مبلغ ثلاثة آلاف جنيه من الاعتماد المخصص للمسرح الشعبي للسنة المالية 1950/ 1951 لزيادة مكافآت أفراد المسرح الشعبي بما يتناسب مع الزيادة التي طرأت على نسب إعانة غلاء المعيشة من أول مارس سنة 1950، فنرجو موافاتنا بالموافقة اللازمة على سريان هذه الزيادة من أول مارس سنة 1950 تاريخ رفع نسب إعانة الغلاء للموظفين والمستخدمين والعمال". وقد أحال السكرتير المالي الموضوع إلى إدارة مستخدمي الحكومة، وهي بدورها أرسلت خطاباً في 24 من فبراير سنة 1951 رقم م 54 - 1/ 25 م 7 متضمناً الموافقة على الكتاب سالف الذكر.
ومن حث إنه يخلص من الاستطراد المتقدم أن أجر المدعي شامل لإعانة الغلاء، وأن عدم النص في القرار على ذلك لا يغير من الأمر شيئاً، طالما أنه من الثابت أن الاعتماد الذي يتضمن وظيفة المدعي وأمثاله نص فيه على تقدير لأجورهم شامل لإعانة الغلاء، وأن تعيينهم وأجورهم لا يتقيد فيها بالقواعد الحكومية العادية. وأما أن إعانة الغلاء في الأصل لا تقرر إلا بعد ثلاثة أشهر فما كان يجوز افتراض شمول المرتب ابتداء لهذه الإعانة، فإن ذلك صحيح بالنسبة للموظفين والمستخدمين والعمال الذين لا تشمل أجورهم إعانة الغلاء؛ يؤكد ما جاء بالكتاب الدوري الصادر في 6 من يناير سنة 1944 بشأن إعانة غلاء المعيشة تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في أول ديسمبر سنة 1941؛ حيث ورد بالبند الثالث (فقرة 12) من الأحكام الخاصة بصرف الإعانة ما يأتي: "لا تصرف الإعانة للعمال الذين يراعى في تحديد أجورهم ارتفاع تكاليف المعيشة في الوقت الحالي وخصوصاً من ألحقوا بالعمل بعد صدور قرارات مجلس الوزراء بصرف هذه الإعانة"، وهذا قاطع في الدلالة على أنه ليس من اللازم النص في القرار على شمول الأجر للإعانة، ما دام أنه قد روعي في تقديره أنه يشملها، وهو الثابت من قراري مجلس الوزراء سالفي الذكر والصادرين في 22 من مايو سنة 1946 و31 من أكتوبر سنة 1948.
ومن حيث إنه لكل ما تقدم يكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله، فيتعين إلغاؤه، والقضاء برفض الدعوى.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى، وألزمت المدعي بالمصروفات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق