الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 9 يوليو 2023

الطعن 2623 لسنة 36 ق جلسة 2 / 6 /1994 إدارية عليا مكتب فني 39 ج 1 توحيد المبادئ ق 5 ص 36

جلسة 2 من يونيه سنة 1994

برئاسة السيد المستشار/ علي فؤاد الخادم - رئيس مجلس الدولة, وعضوية كل من: 1 - السيد الأستاذ المستشار/ د. محمد جودت أحمد الملط، 2 - السيد الأستاذ المستشار/ حنا ناشد مينا, 3 - السيد الأستاذ المستشار/ فاروق عبد السلام شعت, 4 - السيد الأستاذ المستشار/ رأفت محمد السيد يوسف, 5 - السيد الأستاذ المستشار/ محمد معروف محمد, 6 - السيد الأستاذ المستشار/ محمد مجدي خليل هارون, 7 - السيد الأستاذ المستشار/ جودة عبد المقصود أحمد فرحات, 8 - السيد الأستاذ المستشار/ محمد أبو الوفا عبد المتعال, 9 - السيد الأستاذ المستشار/ حسني سيد محمد حسن, 10 - السيد الأستاذ المستشار/ علي رضا عبد الرحمن - نواب رئيس مجلس الدولة.

----------------

(5)

الطعن رقم 2623 لسنة 36 القضائية

دعوى - إجراءات الدعوى - ميعاد - تظلم - ما يغني عنه - طلب المساعدة للإعفاء من الرسوم القضائية.
المواد 10 و12 و24 من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة.
الحكمة من التظلم الوجوبي هي الرغبة في التقليل من المنازعات بإنهائها في مراحلها الأولى بطريق أيسر للناس وذلك بالعدول عن القرار المتظلم منه إن رأت الإدارة أن المتظلم على حق في تظلمه - يقوم مقام التظلم ويغني عنه الطلب الذي يقدمه صاحب الشأن إلى لجنة المساعدة القضائية بالمحكمة المختصة لإعفائه من رسوم دعوى قضائية بإلغاء قرار إداري معين - أساس ذلك: تحقق الغاية التي قصدها المشرع حين نص على لزوم التظلم من مثل هذا القرار - طلب المساعدة القضائية يعلن إلى الجهة الإدارية المختصة ببحثه - بذلك ينفتح أمامها الباب لسحب هذا القرار إن رأت الإدارة أن طالب الإعفاء على حق وهي ذات الحكمة التي انبنى عليها استلزام التظلم الوجوبي - طلب الإعفاء لا يخرج عن كونه نوعاً من التظلم أشد أثراً من شكوى تحمل اعتراض صاحب الشأن على القرار الإداري - أساس ذلك: أنه لولا عجز الطالب عن الوفاء بالرسوم لاتخذ هذا الطلب سبيله إلى المحكمة - إذا كان نظر الطلب قد يطول ويستغرق زمناً فإنه لا حيلة للمدعي في ذلك بعد أن أعلن عزمه وكشف عن مراده وأصبح الأمر في يد الهيئة المختصة بنظر الطلب - أثر الطلب يظل قائماً وهو قطع الميعاد إلى أن يبت فيه بالرفض أو القبول - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 17/ 6/ 1990 أودع الأستاذ/ ........ المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعنة قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بأسيوط بجلسة 23/ 4/ 1990 في الدعوى رقم 1829 لسنة 1 ق, والذي قضى بعدم قبول الدعوى شكلاً لعدم سابقة التظلم من القرارين المطعون عليهما وإلزام المدعية المصروفات.
وطلبت الطاعنة للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبقبول الدعوى شكلاً وفي موضوعها أصلياً بإلغاء القرارين المطعون فيهما فيما تضمناه من تخطيها في التعيين بوظيفتي مدرس وأستاذ مساعد بكلية الطب بجامعة أسيوط مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجامعة المدعى عليها المصروفات واحتياطياً بإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري بأسيوط للفصل في موضوعها مجدداً من هيئة أخري مغايرة وإلزام الجامعة المصروفات.
وبتاريخ 27/ 6/ 1990 أعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضده. وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبقبول الدعوى شكلاً وبإعادتها إلى محكمة القضاء الإداري بأسيوط للفصل في موضوعها مع إبقاء الفصل في المصروفات.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة على النحو الثابت بالمحاضر حيث قررت بجلسة 28/ 12/ 1992 إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا - الدائرة الثانية - وحددت لنظره جلسة 9/ 1/ 1993 وقد تدوول نظره أمام الدائرة على النحو الثابت بمحاضر الجلسات إلى أن قررت بجلسة 27/ 3/ 1993 إحالة الطعن إلى الدائرة المنصوص عليها في المادة 54 مكرراً من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 للفصل فيما إذا كان طلب المساعدة القضائية للإعفاء من الرسوم القضائية يحل محل التظلم في قبول دعوى إلغاء القرارات الإدارية التي يشترط القانون التظلم منها قبل طلب إلغائها.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني ارتأت فيه أن طلب الإعفاء من الرسوم القضائية يحل محل التظلم في قبول دعوى إلغاء القرارات الإدارية التي يشترط القانون التظلم منها قبل إلغائها.
وقد حدد لنظر الطعن أمام هذه الدائرة جلسة 6/ 5/ 1993 وقد تدوول النحو المبين بمحاضر الجلسات وبجلسة 5/ 5/ 1994 وبعد أن استمعت إلى ما رأت لزومه من إيضاحات ذوي الشأن قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته مشتملة على الأسباب لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة:
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 1/ 9/ 1987 أقامت الدكتورة/ ....... الدعوى رقم 1829 لسنة 1 ق أمام محكمة القضاء الإداري بأسيوط ضد السيد الدكتور رئيس جامعة أسيوط طالبة الحكم بقبول الدعوى شكلاً وفي موضوعها بإلغاء القرارين المطعون فيهما فيما تضمناه من تخطيها في التعيين بوظيفتي مدرس وأستاذ مساعد بكلية الطب بجامعة أسيوط مع ما يترتب على ذلك من أثار وإلزام الجامعة المصروفات.
وقالت المدعية شرحاً لدعواها - إنه صدر لصالحها حكم محكمة القضاء الإداري بهيئة استئنافية في الطعن رقم 695 لسنة 15 ق. س جلسة 8/ 5/ 1986 يقضي بإلغاء قرار جامعة أسيوط الصادر بتاريخ 7/ 8/ 1974 فيما تضمنه من تخطيها في التعيين في وظيفة معيد بقسم الأمراض الباطنية الخاصة (أمراض القلب) بكلية الطب بجامعة أسيوط ما مع يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجامعة المصروفات وقدمت المدعية خلال ستين يوماً من تاريخ صدور هذا الحكم طلب إعفاء إلى هيئة مفوضي الدولة لمحكمة القضاء الإداري قيد تحت رقم 109 لسنة 41 ق بتاريخ 8/ 6/ 1986 طعناً على قراري مجلس الجامعة رقمي 776 بتاريخ 22/ 3/ 1981 بتعين الدكتور.......... بوظيفة مدرس, 2968 بتاريخ 22/ 10/ 1985 المعدل بالقرار رقم 5077 لسنة 1985 بتعيينه بوظيفة أستاذ مساعد وذلك فيما تضمنه هذان القراران من تخط للمدعية في وظيفتي مدرس وأستاذ مساعد بكلية الطب بجامعة أسيوط مع ما يترتب على ذلك من آثار - وأضافت المدعية أنها أوضحت بطلب الإعفاء عدم مشروعية هذين القرارين لأنه متوافر في شأنها شروط شغل الوظيفتين المذكورتين في تاريخ سابق على تاريخ استيفاء زميلها لهذه الشروط فقد حصلت قبله على الدكتوراه كما حصلت قبله على وظيفتي زميل واستشاري مساعد بالهيئة العامة للمستشفيات والمعاهد التعليمية وهي هيئة تسري على وظائفها العلمية ذات الشروط والأوضاع التي تسري على وظائف هيئة التدريس بالجامعات ونظراً لأن طلب الإعفاء لم يبت فيه وكسباً للوقت فإنها بادرت إلى إقامة دعواها الماثلة ابتغاء إلغاء القرارين سالفي الذكر وهي تنعى عليهما مشوبتهما بمخالفة القانون لأن الحكم الصادر لصالحها كشف عن عدم مشروعية تخطيها في التعين في وظيفة معيد وبالتالي أحقيتها في التعين بوظيفة معيد منذ تاريخ قرار التخطي الصادر في 7/ 8/ 1974 وهو ما اعترفت به الجامعة عندما أصدرت القرار رقم 874 في 24/ 3/ 1987 - الصادر تنفيذاً للحكم - باعتبار المدعية شاغلة وظيفة معيد من 4/ 9/ 1974 وبديهي أن ترتيب أقدميتها في هذه الوظيفة سابق على زميلها المذكور وتاريخ حصولها على الدكتوراه في مايو سنة 1979 وزميلها في يناير سنة 1981 وتاريخ حصولها على مدرس هو 24/ 11/ 1979 وزميلها في 22/ 3/ 1981 وتاريخ حصولها على أستاذ مساعد وإن كان في 7/ 1/ 1986 وزميلها في 18/ 8/ 1985 إلا أنها أسبق باعتبار أن الحد الأدنى للترقية إلى هذه الوظيفة في الجامعات الإقليمية هو 4 سنوات أما في الهيئة التي تعمل بها فهو 5 سنوات كبقية الجامعات واستطردت المدعية أنها قدمت طلب الإعفاء في الميعاد القانوني وهو ستون يوماً من تاريخ صدور الحكم في الطعن رقم 695 لسنة 15 ق. س وهو يغني عن التظلم من القرارين المطعون ضدهما وأنها لا تؤسس أحقيتها في وظيفتي مدرس, أستاذ مساعد كنتيجة حتمية لتنفيذ الحكم وإنما تستند إلى الحكم للطعن على القرارين سالفي الذكر وقد حرصت منذ البداية على زعزعتهما بطلب الإعفاء المشار إليه.
وردت الجهة الإدارية على الدعوى بإيداع حافظة مستندات ومذكرة بدفاعها طلبت فيها الحكم أصلياً بعدم قبول الدعوى لعدم سابقة التظلم إعمالاً لأحكام المادة 12 من القانون رقم 47 لسنة 1972 في شأن مجلس الدولة واحتياطياً برفض الدعوى وإلزام المدعية المصروفات.
وبجلسة 23/ 4/ 1990 حكمت محكمة القضاء الإداري بأسيوط بعدم قبول الدعوى شكلاً لعدم سابقة التظلم من القرارين المطعون عليهما وإلزام المدعية المصروفات وأقامت المحكمة قضاءها على أنه ولئن كانت المدعية لم تقف على حقيقة مركزها القانوني بالنسبة للقرارين المطعون عليهما إلا من تاريخ الحكم الذي صدر لصالحها من محكمة القضاء الإداري بالقاهرة في الطعن رقم 695 لسنة 15 ق س بجلسة 8/ 5/ 1986 إلا أنه كان عليها التظلم من القرارين خلال ستين يوماً من هذا التاريخ وذلك إلى الهيئة الإدارية التي أصدرت القرارين أو إلى الهيئات الرئاسية وإذ الثابت من الأوراق أنها لم تتقدم بهذا التظلم قبل رفع دعواها الماثلة فإنها تكون مرفوعة بالمخالفة لأحكام المادة 12 من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة ويكون دفع الجامعة المدعى عليها بعدم قبول الدعوى شكلاً بناء على ذلك قائماً على سببه حرياً بالقبول ولا يقدح في صحة ما تقدم ما ساقته المدعية بصحيفة دعواها ومذكرة دفاعها المودعة بتاريخ 28/ 2/ 1988 من أنها كانت قد تقدمت بتاريخ 2/ 7/ 1986 - أي خلال ستين يوماً من تاريخ صدور الحكم الصادر لصالحها بجلسة 8/ 5/ 1986 - بطلب إعفاء إلى هيئة مفوضي الدولة بمحكمة القضاء الإداري بالقاهرة قيد تحت رقم 109 لسنة 40 ق وأن الفقه والقضاء مستقران على أن هذا الطلب يغني عن التظلم الوجوبي - وذلك لأن طلب المساعدة القضائية إجراء لم يسنه المشرع ليكون بديلاً للتظلم الوجوبى إنما رصده أصلاً لمواجهة الحالات الاستثنائية التي يحجب فيها القضاء عن المتقاضى الذي يثبت عجزه المالي عن رفع دعواه أمام القضاء ولم يكن ذلك هو الغرض بالنسبة لحالة المدعية التي اكتفت بمجرد تقديم هذا الطلب دون أن تتابعه أو تتخذ بشأنه أي إجراء إلى أن انقضت مدة أربعة عشر شهراً حتى تاريخ رفع الدعوى الماثلة والتي أقيمت رغم عدم إجابتها إلى طلب الإعفاء وورد بصحيفة الدعوى أنه قد حرصت المدعية على زعزعة القرارين المطعون فيهما بتقديم طلب الإعفاء في الميعاد وهو الستون يوماً التالية لصدور الحكم في الطعن رقم 695 لسنة 15 ق س وهو ما يكشف عن أن غرض المدعية من طلب الإعفاء المذكور ليس هو الغرض الذي قصده المشرع إنما الوصول إلى زعزعة القرارين خلال فترة تزيد على ميعاد الستين يوماً المقررة قانوناً وبالتالي يكون طلب الإعفاء صورياً, ولما كانت القاعدة أن العمل الصوري لا يولد أثراً قانونياً لذلك لا يجوز للمدعية أن تحتج بطلب الإعفاء المشار إليه لإعفائها من شرط التظلم الوجوبي من القرارين المطعون عليهما ولا تنفتح مواعيد الطعن عليهما خاصة وأن ما حرصت عليه المدعية من زعزعة للقرارين المطعون عليهما وللمراكز القانونية التي تولدت عنهما أمر لم يجزه المشرع إلا استثناء وفي أضيق نطاق وقضى من أجل ذلك بالاً تمتد فترة زعزعة القرار الإداري لأكثر من ستين يوماً بعد مدة الستين يوماً فإن هذه الغاية لم تتحقق في المنازعة الماثلة بعدم إعلان الجامعة المدعى عليها بطلب الإعفاء المشار إليه وهو ما أكدته الجامعة في مذكرتي دفاعها ولم تقدم المدعية الدليل على عكسه.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه خالف القانون للأسباب الآتية: -
1 - أنه خالف المبدأ القانوني المستقر في الفقه والقضاء الإداريين وهو أن طلب الإعفاء يغني عن تقديم التظلم وأنه يقطع الميعاد لأنه أبلغ في معنى الاستمساك بالحق والمطالبة بأدائه.
2 - أنه خالف المبدأ المستقر عليه من أن أثر طلب الإعفاء في قطع الميعاد يظل قائماً لحين صدور القرار في الطلب سواء بالقبول أو الرفض وذلك لأن نظر الطلب - على حد تعبير المحكمة الإدارية العليا قد يستغرق زمناً يطول أو يقصر بحسب الظروف وحسبما تراه الجهة القضائية التي تنظر الطلب تحضيراً له حتى يصبح مهيئاً للفصل فيه.
3 - أن طلب الإعفاء يقطع الميعاد حتى ولو لم يتوافر أحد شروطه وهو العجز المالي وما دام أن الأثر القاطع للميعاد يظل قائماً إلى حين البت في الطلب سواء بالقبول أو الرفض فإنه يكون لصاحب الشأن من باب أولى - أن يقيم دعواه ودفع رسومها وذلك قبل البت في طلب الإعفاء وذلك لسبب واضح هو أن الدعوى في هذه الحالة ترفع والميعاد مقطوع وتكون الدعوى مقبولة شكلاً في هذه الحالة كما أن إعلان طلب الإعفاء لجهة الإدارة لا شأن للمدعية به لأن الإعلان تقوم به سكرتارية لجنة المساعدة القضائية عند تحديد جلسة لنظر طلب الإعفاء.
ومن حيث إن مقطع النزاع المعروض للفصل فيه هو ما إذا كان طلب المساعدة القضائية لإعفاء من الرسوم القضائية يحل محل التظلم في قبول دعوى إلغاء القرارات الإدارية التي يشترط القانون التظلم منها طلب إلغائها.
ومن حيث إن المادة (10) من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة تنص على أن "تختص محاكم مجلس الدولة دون غيرها بالفصل في المسائل الآتية: أولاً.......... ثانياً: .......... ثالثاً: الطالبات التي يقدمها ذوو الشأن بالطعن في القرارات الإدارية النهائية الصادرة بالتعيين في الوظائف العامة أو الترقية أو بمنح علاوات. رابعاً: الطلبات التي يقدمها الموظفون العموميون بإلغاء القرارات الإدارية الصادرة بإحالتهم إلى المعاش أو الاستيداع أو فصلهم بغير الطريق التأديبي... تاسعاً: الطلبات التي يقدمها الموظفون العموميون بإلغاء القرارات النهائية للسلطات التأديبية..." وتنص المادة (12) منه على أن "لا تقبل الطلبات الآتية أ - ........... ب - الطلبات المقدمة رأساً بالطعن في القرارات الإدارية النهائية المنصوص عليها في البنود ثالثاً ورابعاً وتاسعاً من المادة (10) وذلك قبل التظلم منها إلى الهيئة الإدارية التي أصدرت القرار أو إلى الهيئات الرئاسية وانتظام المواعيد المقررة للبت في هذا التظلم وتبين إجراءات التظلم وطريقة الفصل فيه بقرار من رئيس مجلس الدولة.
وتنص المادة (24) من ذات القانون على أن "ميعاد رفع الدعوى أمام المحكمة فيما يتعلق بطلبات الإلغاء ستون يوماً من تاريخ نشر القرار الإداري المطعون فيه في الجريدة الرسمية أو في النشرات التي تصدرها المصالح العامة أو إعلان صاحب الشأن به وينقطع سريان الميعاد بالتظلم إلى الهيئة الإدارية التي أصدرت القرار أو الهيئات الرئاسية ويجب أن يبت في التظلم قبل مضي ستين يوماً من تاريخ تقديمه وإذا صدر القرار بالرفض وجب أن يكون مسبباً ويعتبر مضي ستين يوماً على تقديم التظلم دون أن تجيب عنه السلطات المختصة بمثابة رفضه. ويكون ميعاد رفع الدعوى بالطعن في القرار الخاص بالتظلم ستين يوماً من تاريخ انقضاء الستين يوماً المذكورة".
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة اطرد واستقر على أن الحكمة من التظلم الوجوبي السابق على رفع دعوى الإلغاء سواء أكان التظلم إلى الجهة الإدارية التي أصدرت القرار متى كانت هي التي تمتلك سحبه أو الرجوع فيه أم إلى الهيئات الرئاسية إن كان المرجع إليها في هذا السحب - وهو التظلم الذي جعله المشرع شرطاً لقبول طلب إلغاء القرارات الخاصة بالموظفين العموميين التي عينها وقرنه بوجوب انتظار المواعيد المقررة للبت في هذا التظلم الوجوبي - أن الحكمة من هذا التظلم هي الرغبة في التقليل من المنازعات بإنهائها في مراحلها الأولى بطريق أيسر للناس وذلك بالعدول عن القرار المتظلم منه إن رأت الإدارة أن المتظلم على حق في تظلمه - ولاشك أنه يقوم مقام هذا التظلم - بل يغني عنه - ذلك الطلب الذي يتقدم به صاحب الشأن إلى لجنة المساعدة القضائية بالمحكمة المختصة لإعفائه من رسوم دعوى قضائية بإلغاء قرار إداري معين لتحقق الغاية التي قصدها المشرع حين نص على لزوم التظلم من مثل هذا القرار لأن طلب الإعفاء يعلن إلى الجهة الإدارية المختصة ببحثه وبذلك ينفتح أمامها الباب لسحب هذا القرار إن رأت الإدارة أن طالب الإعفاء على حق وهي ذات الحكمة التي انبنى عليها استلزام التظلم الوجوبي.
ومن حيث إنه بناء على ما تقدم فإن طلب المعافاة لا يخرج عن كونه نوعاً من التظلم أشد أثراً من شكوى تحمل اعتراض صاحب الشأن على القرار الإداري لأنه يعتبر مظهراً قضائياً للطعن على هذا القرار في الموعد القانوني إذ لولا عجز الطالب عن الوفاء بالرسوم لاتخذ هذا الطلب سبيله إلى المحكمة وإذ كان نظر هذا الطلب قد يطول ويستغرق زمناً فإنه لا حيلة للمدعي في ذلك بعد أن أعلن عزمه وكشف عن مراده وأصبح الأمر في يد الهيئة المختصة بنظر الطلب وبهذه المثابة فإن أثر هذا الطلب يظل قائماً - وهو قطع الميعاد - إلى أن يبت فيه بالرفض أو القبول.
ومن حيث إنه لكل ما تقدم فإن طلب المساعدة القضائية للإعفاء من الرسوم القضائية يقوم مقام التظلم الوجوبي - بل يغني عنه - في قبول دعوى إلغاء القرارات الإدارية التي يشترط القانون التظلم منها قبل طلب إلغائها.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بأن طلب المساعدة للإعفاء من الرسوم القضائية يحل محل التظلم ويغني عنه - في قبول دعوى إلغاء القرارات الإدارية التي يشترط القانون التظلم منها قبل طلب إلغائها وأمرت بإعادة الطعن إلى الدائرة المختصة بالمحكمة للفصل فيه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق