الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 9 يوليو 2023

الطعن 968 لسنة 3 ق جلسة 7 / 2 / 1959 إدارية عليا مكتب فني 4 ج 2 ق 62 ص 755

جلسة 7 من فبراير سنة 1959

برياسة السيد/ الإمام الإمام الخريبي وعضوية السادة محيى الدين حسن والدكتور محمود سعد الدين الشريف ومصطفى كامل إسماعيل وعبد المنعم سالم مشهور المستشارين.

-----------------

(62)

القضية رقم 968 لسنة 3 القضائية

ترقية بالاختيار 

- ترخص الإدارة في إجرائها - شرطه أن تكون قد استمدت اختيارها من عناصر صحيحة.

-----------------
لئن كان الاختيار حقاً لجهة الإدارة تترخص فيه في حدود سلطتها بلا معقب عليها ما دام تصرفها غير مشوب بعيب إساءة استعمال السلطة، إلا أن شرط ذلك أن تكون قد استمدت اختيارها من عناصر صحيحة مؤدية إلى صحة النتيجة التي انتهت إليها، فإذا لم يقم الأمر على هذا الوجه فسد الاختيار، وفسد القرار الذي اتخذ على أساسه.


إجراءات الطعن

في 28 من أغسطس سنة 1957 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة طعناً في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (الهيئة الثالثة "ب") بجلسة 18 من يوليه سنة 1957 في الدعوى رقم 1636 لسنة 9 ق المرفوعة من نوح محمد عبد الرحيم ضد وزارة المالية، القاضي برفض الدفع بعدم قبول الدعوى، وبقبولها، وفي الموضوع: (أولاً) باعتبار أقدمية المدعي في الدرجة الخامسة راجعة إلى التاريخ المحدد في القرار المطعون فيه الصادر في 22 من يوليه سنة 1947، وبما يترتب على ذلك من آثار، (ثانياً) باعتبار أقدمية المدعي في الدرجة الرابعة راجعة إلى التاريخ المحدد بالقرار المطعون الصادر في 17 من ديسمبر سنة 1951، وبما يترتب على ذلك من آثار، (ثالثاً) إلزام الحكومة بالمصروفات وبمبلغ 500 قرش مقابل أتعاب المحاماة. وطلب رئيس هيئة مفوضي الدولة - للأسباب التي استند إليها في عريضة الطعن - قبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والحكم برفض الدعوى بالنسبة للطلبات التي تناولها ذلك الحكم وإعادة القضية على محكمة القضاء الإداري للفصل في الطلبين الاحتياطيين الخاصين بطلب إلغاء القرارين الصادرين في 9 من نوفمبر سنة 1947 و17 من ديسمبر سنة 1951 بترقية بعض موظفي مصلحة الضرائب فيما تضمناه من تخطي المدعي في الدرجتين الخامسة والرابعة في النسبة المخصصة للاختيار. وقد أعلن الطعن للحكومة والمدعي في 7 من سبتمبر سنة 1957، وتحدد لنظره جلسة 3 من مايو سنة 1958. وفي 17 من مارس سنة 1958 أبلغت الحكومة والمدعي بميعاد هذه الجلسة، وفيها وفي الجلسات التالية سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة، ثم قررت إرجاء النطق بالحكم في الطعن إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من الأوراق- تتحصل في أن المدعي أقام دعواه بصحيفة أودعها سكرتيرية محكمة القضاء الإداري في 21 من مارس سنة 1955 طلب فيها الحكم: (أولاً) بصفة أصلية - بإلغاء القرار الصادر من وزير المالية في 22 من يوليه سنة 1947 بترقية بعض موظفي المصلحة إلى الدرجة الخامسة الفنية فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى الدرجة الخامسة في نسبة الاختيار، مع ما يترتب على ذلك من آثار مالية وغيرها. وبصفة احتياطية - بإلغاء القرار الصادر من وزير المالية الصادر في 9 من نوفمبر سنة 1947 بترقية بعض موظفي المصلحة إلى الدرجة الخامسة الفنية فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى الدرجة الخامسة في نسبة الاختيار، مع ما يترتب على ذلك من آثار مالية وغيرها. (ثانياً) إلغاء القرار الصادر من وزير المالية في 17 من ديسمبر سنة 1951 بترقية بعض موظفي المصلحة إلى الدرجة الرابعة الفنية فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية إلى الدرجة الرابعة الفنية بالأقدمية، واحتياطياً بالاختيار، مع ما يترتب على ذلك من آثار مالية. كل ذلك مع إلزام الحكومة بالمصروفات والأتعاب. وقال المدعي شرحاً لدعواه إنه حاصل على بكالوريوس كلية التجارة شعبة المحاسبة الراقية بكلية التجارة بجامعة القاهرة في دور مايو سنة 1941 وماجستير المحاسبة والضرائب (بدرجة جيد جداً) بكلية التجارة بجامعة القاهرة في مايو سنة 1951 وليسانس الحقوق من كلية الحقوق بجامعة القاهرة في مايو سنة 1954، ويوالي إعداد رسالة الدكتوراه في الضرائب بكلية التجارة بجامعة القاهرة، وعين بمصلحة الضرائب في نوفمبر سنة 1941، وقام بعمله على أكفأ وجه، ومنح لقب مأمور قبل زملائه. ثم أسندت إليه أعمال رئيسية هامة منها رئيس لجنة تقدير الضرائب بطنطا، ثم مأمور بقسم فحص حالة كبار الممولين بالإسكندرية، ثم بقسم المراجعة بمكتب ضرائب القاهرة، ثم بقسم فحص الشركات المساهمة بمجرد إنشائه في أول يوليه سنة 1947. ثم بقسم الضرائب على الإيرادات ورغم أن تقاريره السرية وكشوف نشاطه تنطق بامتيازه فقد علم أخيراً ومصادفة أن وزارة المالية قد تخطته في الترقية للدرجة الخامسة في قرار 22 من يوليه سنة 1947 في نسبة الاختيار، ثم تخطته مرة أخرى في قرار 9 من نوفمبر سنة 1947 الخاص بتطبيق قواعد التنسيق بمصلحة الضرائب، ثم علم كذلك ومصادفة بأنه قد صدر قرار في 17 من ديسمبر سنة 1951 بتخطيه في الترقية إلى الدرجة الرابعة بالأقدمية وبالاختيار. ويقول المدعي إنه لم يعلم بالقرار المطعون فيه إلا أخيراً ومصادفة؛ إذ كانت تصدر الترقيات في الخفاء، ويذكر أن علمه اليقيني قد تم منذ أسبوع وبطريق المصادفة، ويرتب المدعي على ذلك اعتبار الدعوى قد رفعت في الميعاد. ونعى المدعي على القرارات سالفة الذكر مخالفة القانون وإساءة استعمال السلطة؛ ذلك لأن القضاء الإداري قد استقر على عدم جوار تخطي الأقدم ما دام ممتازاً. وبإعمال هذه القاعدة بالنسبة للقرارات المطعون فيها يبين أن القرار الصادر في 22 من يوليه سنة 1947 قد تضمن ترقية 99 موظفاً من الدرجة السادسة إلى الدرجة الخامسة: منهم 66 بالأقدمية و33 بالاختيار؛ وإذ تخطاه ذلك القرار في الترقية بالاختبار، فإنه يكون مخالفاً للقانون ومشوباً بسوء استعمال السلطة؛ لأنه رقي بالاختيار من لا يستحق الترقية بالاختيار، ومنهم على سبيل المثال إبراهيم محمود إبراهيم فرج؛ إذ جاء بتقريره المقدم في أبريل سنة 1946 أنه متوسط، كما جاء بتقرير أكتوبر سنة 1946 أن كفاءته بدرجة متوسط، كما رقت المصلحة بقرار 9 من نوفمبر سنة 1947: 58 موظفاً؛ منهم 46 بالأقدمية و12 بالاختيار بالتطبيق لقواعد التنسيق، وهذا القرار باطل قانوناً؛ لأنه تضمن ترقية عشرة موظفين بالأقدمية لم يكونوا بمصلحة الضرائب في 14 من يوليه سنة 1947، وقت صدور القانون رقم 122 لسنة 1947 الخاص بالتنسيق؛ لأنهم نقلوا لمصلحة الضرائب اعتباراً من أول أغسطس سنة 1947، وهذا القرار مشوب بسوء استعمال السلطة؛ لأنه رقي بالاختيار من لا يستحق الترقية حتى بالأقدمية، ومنهم محمد محمد علي زيتون وقد قررت المصلحة فصله بالتطهير. واستطرد المدعي قائلاً إنه في حالة الحكم بإلغاء قرار 22 من يوليه سنة 1947، فإنه يكون مستحقاً للترقية إلى الدرجة الرابعة في نسبة الأقدمية في حركة الترقيات التي أجرتها الوزارة بالقرار الصادر في 17 من ديسمبر سنة 1951، وإذا حكم بإلغاء قرار 9 من نوفمبر سنة 1947 فإنه يكون مستحقاً للترقية إلى الدرجة الرابعة في نسبة الاختيار. وقد دفعت مصلحة الضرائب بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد؛ ذلك لأن القرارين المطعون فيهما صدرا بتاريخ 22 من يوليه سنة 1947 و9 من نوفمبر سنة 1947، وقد عملت المصلحة بكل منهما أمراً إدارياً نشر ووزع على جميع أقسام المصلحة وقت صدورهما، ولا بد أن يكون المدعي قد علم بهما؛ لأن غريزة حب الاستطلاع تدفع موظفي المصلحة الواحدة إلى تتبع حركات الترقيات التي تجرى، ليعرف كل منهم نصيبه في تلك الحركات، حتى إذا خانه الحظ تظلم، وإلا ركن إلى السكوت انتظاراً لدوره في حركة قادمة. وإذ تقدم المدعي بعريضة دعواه في 23 من مارس سنة 1955 بالطعن في قرارين صادرين في 22 من يوليه سنة 1947 و9 من نوفمبر سنة 1947، وقد افترض علمه بهما وقت صدورهما، فتكون دعواه مرفوضة شكلاً لتقديمها بعد الميعاد. وبالنسبة لموضوع الدعوى تقول المصلحة إن القرارين المطعون فيهما صدرا صحيحين لا يشوبهما أي عيب ومتمشيين مع القانون ومن سلطة مختصة في حدود اختصاصها؛ لأن ترقية الموظف بالاختيار ليست حقاً مكتسباً له، بل تقديرها منوط بالجهة الإدارية تترخص فيه وفقاً لما تمليه المصلحة العامة في حدود القوانين والتعليمات، وأن تقدير الكفاية ومدى الصلاحية للوظيفة التي سيرقى إليها الموظف أمر متروك لسلطة الإدارة تباشره بحسب ما تلمسه فيه من الاعتبارات وما خبرته من كفايته وما يتجمع لديها في ماضيه من عناصر تساعد على الحكم في ذلك، وتقدير الإدارة في هذا الشأن له اعتباره ولا معقب عليه إذا ما خلا من مخالفة القانون ولم يقترن بأي وجه ومن وجوه إساءة استعمال السلطة، وإلا لما وضعت النسبة المخصصة للاختيار، وجعل من حق الإدارة الترخص في شغلها. كما تقول المصلحة إن تقرير المدعي السنوي المحرر عن عمله في 2 من أبريل سنة 1947 درجته فوق المتوسط، وأن المرقين بالقرارين المطعون فيهما قد برئت صحائفهم جميعاً مما يشوبها، فبدت ناصعة تدل دلالة واضحة على كفايتهم ونزاهتهم وحسن درايتهم بالأعمال التي تسند إليهم، مما يؤهلهم للترقية بالاختيار. وانتهت المصلحة إلى طلب عدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد، وبرفضها موضعاً لعدم أحقية المدعي في طلب إلغاء القرارين الصادرين في 22 من يوليه سنة 1947 و9 من نوفمبر سنة 1947، مع إلزامه بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة. وبجلسة 18 من يوليه سنة 1957 قضت المحكمة برفض الدفع بعدم قبول الدعوى وبقبولها، وفي الموضوع: (أولاً) باعتبار أقدمية المدعي في الدرجة الخامسة راجعة على التاريخ المحدد في القرار المطعون فيه الصادر في 22 من يوليه سنة 1947، وبما يترتب على ذلك من آثار، (ثانياً) باعتبار أقدمية المدعي في الدرجة الرابعة راجعة إلى التاريخ المحدد بالقرار المطعون فيه الصادر في 17 من ديسمبر سنة 1951، وبما يترتب على ذلك من آثار، مع إلزام الحكومة بالمصروفات ومبلغ 500 قرش مقابل أتعاب المحاماة. وأقامت المحكمة قضاءها عن الدفع بعدم قبول الدعوى بأن لم يثبت من الأوراق أن القرارات المطعون فيها قد نشرت بالكيفية التي تتطلبها المادة 12 من القانون رقم 9 لسنة 1949 الخاص بمجلس الدولة، كما لم يثبت في الأوراق إعلان صاحب الشأن بتلك القرارات، ولم يثبت كذلك علم المدعي بالقرارات المطعون فيها علماً يقينياً. وبناء على ذلك يكون الدفع المبدي من الحكومة بعدم قبول الدعوى شكلاً في غير محله متعيناً رفضه. وعن الطلب الأول الخاص بإلغاء القرار الصادر في 22 من يوليه سنة 1947 فقد استندت المحكمة - في إرجاع أقدمية المدعي في الدرجة الخامسة إلى التاريخ المعين في ذلك القرار - إلى ما بدا لها، نتيجة للمفاضلة بين المدعي والسيد إبراهيم محمود فرج من واقع ملفي خدمتهما، أن المدعي أقدم في الدرجة السادسة لحصوله عليها اعتباراً من 29 من نوفمبر سنة 1941، بينما حصل عليها المطعون في ترقيته في 25 من مارس سنة 1942، وأن المطعون في ترقيته لم يكن أجدر من المدعي؛ وذلك أخذاً بمدلول التقارير السرية عنهما، كما تشير التقارير الخاصة بالمدعي عن السنوات السابقة على تاريخ صدور القرار المطعون فيه إلى كفايته وامتيازه على المطعون في ترقيته فيما تدل عليه تلك التقارير. وإذ رقت الحكومة السيد إبراهيم محمود فرج بالاختيار إلى الدرجة الخامسة بالقرار المطعون فيه في حين أن ملف خدمته قد خلا من دليل على جدارة كانت تجيز له تخطي من هم أقدم منه في الدرجة، وقد تخطت الحكومة المدعي في الترقية، مع أن ملف خدمته عامر بامتيازه على السيد المرقى المذكور على الأقل، وأن ملف خدمة المدعي قد خلا بما يجوز أن يحول قانوناً دون ترقيته بموجب القرار المطعون فيه، ولا شبهة بعد ذلك في أن الحكومة قد خالفت القانون باختيار المطعون في ترقيته دون المدعي؛ الأمر الذي يستتبع إلغاء قرار الترقية؛ وإذ رقى المدعي بالفعل إلى الدرجة الخامسة اعتباراً من 28 من يوليه سنة 1948؛ فمن ثم يتعين الحكم باعتبار أقدميته في هذه الدرجة راجعة إلى التاريخ المحدد في القرار المطعون فيه الصادر في 22 من يوليه سنة 1947 بدلاً من 28 من يوليه سنة 1948، وما يترتب على ذلك من آثار. كما تقول المحكمة إن المدعي لم يعد له مصلحة في الطلب الاحتياطي الخاص بالطعن في القرار الصادر في 9 من نوفمبر سنة 1947، ورأت المحكمة لذلك أنه لا محل للتعرض لبحثه، واستطردت المحكمة إلى القرار الصادر في 17 من ديسمبر سنة 1951 الخاص بترقية بعض موظفي المصلحة إلى الدرجة الرابعة، وطلب المدعي إلغاء ذلك القرار فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى الدرجة الرابعة، بالأقدمية، واحتياطياً بالاختيار، مع ما يترتب على ذلك من آثار. وقالت إن السيد إبراهيم محمود فرج - كما يبدو من محضر لجنة شئون الموظفين المنعقدة في 8 من نوفمبر سنة 1951 - قد رشح للترقية إلى الدرجة الرابعة على أساس الأقدمية؛ ولذلك فإن المدعي يكون من حقه الترقية إلى الدرجة الرابعة بالقرار المطعون فيه على أساس أقدميته السابقة في الدرجة الخامسة على السيد المذكور. وإذ رقي المدعي بالفعل إلى الدرجة الرابعة اعتباراً من 31 من أكتوبر سنة 1953؛ فمن ثم يتعين الحكم باعتبار أقدميته في الدرجة الرابعة راجعة إلى التاريخ المحدد في القرار المطعون فيه الصادر في 17 من ديسمبر سنة 1951، بدلاً من 31 من أكتوبر سنة 1953، وما يترتب على ذلك من آثار. كما ذكرت المحكمة أن المدعي لم يعد له مصلحة في الطلب الاحتياطي الخاص بالطعن في ذات القرار فيما تضمنه من تخطيه إلى الدرجة الرابعة على أساس الاختيار؛ ولذلك لم تر المحكمة محلاً للتعرض لذلك.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الترقية بالاختيار للكفاية تجد حدها الطبعي - إذا رؤى ترقية الأحدث - في أن يكون الأحدث أكفأ من الأقدم، أما عند التساوي في درجة الكفاية فتكون الترقية بمراعاة الأقدمية بين المرشحين. ويذكر الطعن أن المقارنة بين كفاية المدعي والمطعون في ترقيته السيد إبراهيم محمود إبراهيم فرج لا يمكن أن تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها الحكم من رجحان كفة المدعي على كفة المطعون في ترقيته؛ ذلك لأنه بالاطلاع على التقرير السري المقدم عن كل منهما بتاريخ أبريل سنة 1947، وهو التقرير السابق على حركة الترقيات التي يطلب المدعي إلغاءها، يتضح أن كفاية المدعي في العمل قدرت بدرجة جيد جداً، ومن حيث الإلمام بالقوانين جيد جداً، وأوصى الرئيس المباشر بترقيته في ميعاده، ثم عرض هذا التقرير على مدير المصلحة فأشر على التقرير بعبارة (فوق المتوسط) "صفحة 209 من ملف خدمة المدعي" بينما قدرت كفاية المطعون في ترقيته بدرجة ممتاز من حيث السرعة في الفحص أو التقدير، وينقصه بعض الدقة نتيجة للسرعة، ومن حيث الإلمام بالقوانين: ملم بها إلماماً عاماً ويحسن تطبيقها وأوصى الرئيس المباشر بترقيته قبل دوره. ثم جاء مدير المصلحة وهو نفس الموظف الذي عدل تقدير درجة كفاية المدعي، كما يتضح من فحص توقيعه على التقريرين، واعتمد تقدير المطعون في ترقيته دون تعديل "صفحة 127 من ملف خدمته". ويقول الطعن إنه يتضح من ذلك أن هناك فارقاً فعلياً بين التقديرين؛ إذ قدرت كفاية المطعون في ترقيته بدرجة ممتاز مع التوصية بترقيته بالاختيار، في حين قدرت كفاية المدعي بدرجة فوق المتوسط مع ترقيته في دوره، وهذا الفارق ينهض عنصراً مرجحاً لكفة المطعون في ترقيته على المدعي في مجال الترقية بالاختيار، ويشهد بسلامة النتيجة التي انتهت إليها جهة الإدارة في شأن المفاضلة بين المرشحين، وينفي عنها شبهة إساءة استعمال السلطة. ويرتب الطعن على ذلك اعتبار القرار المؤرخ 22 من يوليه سنة 1947، والذي تضمن ترقية المطعون في ترقيته إلى الدرجة الخامسة - في النسبة المخصصة للترقية بالاختيار - دون المدعي، قد صدر سليماً مطابقاً للقانون. ويذكر الطعن أنه متى كان لا يحق للمدعي الترقية إلى الدرجة الخامسة بموجب القرار سالف الذكر، فإن أقدميته في هذه الدرجة لا تسمح بترقيته إلى الدرجة الرابعة بالقرار الصادر في 17 من ديسمبر سنة 1951 في النسبة المخصصة للترقية بالأقدمية. ويقول الطعن: وإذ ذهب الحكم المطعون فيه مذهباً يخالف هذا المذهب، فإنه وقع مخالفاً للقانون، متعيناً الطعن فيه أمام هذه المحكمة.
وأودع المدعي مذكرة في 7 من أكتوبر سنة 1957 ضمنها سرداً للوقائع وللحكم المطعون فيه وللطعن وأسبابه، وأوضح في رده على أسباب الطعن أن ما ورد بتقرير المطعون في ترقيته من أنه ممتاز من حيث السرعة في الفحص أو التقدير وينقصه بعض الدقة نتيجة للسرعة - تقول المذكرة إن آخر العبارة ينقض ما ورد بصدرها؛ إذ أن الشخص الذي تنقصه الدقة لا يمكن بأي حال أن يعتبر ممتازاً، كما يقول المدعي إن مصلحة الضرائب عند ترجمة العبارات إلى أرقام سرية وفقاً للنظام الذي استنه قانون التوظف أعطت للسرعة 10 درجات من 50 درجة المخصصة للعمل والإنتاج، مما يدل على أن الامتياز في السرعة وحدها ضئيل الأهمية للآثار السيئة المترتبة عليه، إذا خلت السرعة من الدقة. وذكر المدعي أن هيئة المفوضين اكتفت بالاطلاع على التقرير الموضوع في أبريل سنة 1947 لكل من المدعي والمطعون في ترقيته وأغفلت التقرير الموضوع للمطعون ضده قبل الحركة مباشرة في 21 من مايو سنة 1947، وواضع هذا التقرير هو نفس الرئيس الذي وضع التقرير المحرر في أبريل سنة 1947، وقدر كفايته على الوجه الآتي: مقدار الإنتاج: ممتاز. نوع الإنتاج: فوق المتوسط. كما أغفلت التقرير الخاص بعام 1946، وهو السابق مباشرة للتقرير الذي كان موضع بحثها، وهو الخاص بأبريل سنة 1947، وفيه قدرت كفاية المطعون في ترقيته بمتوسط، بينما قدرت كفاءة المدعي بجيد جداً. كما جاء بالمذكرة أن عبارة يرقى في ميعاده الواردة من تقرير المدعي المحرر في أبريل سنة 1947 عبارة عامة تعني الترقية في المواعيد المقررة في القانون، سواء كانت خاصة بالترقية بالاختيار أم بالأقدمية، أما عند إغفال المواعد فتكون الترقية بالطريق الاستثنائي. وجاء بالمذكرة أن ما ذكره مدير ضرائب القاهرة بتقرير المدعي الخاص بأبريل سنة 1947 من أنه فوق المتوسط فمشوب بالتعسف وسوء استعمال السلطة؛ لأنه لم يبين الأسباب التي دعته إلى تخفيض التقدير؛ كما تكلمت المذكرة عن الأمانة فذكرت أنها عنصر هام جداً في مصلحة الضرائب. وقالت إن سجل المدعي ناصع البياض مشرف له في جميع سني عمله بينما أن أمانة المطعون في ترقيته كانت موضع المساس، فجاء بتقريره عن المدة من نوفمبر إلى أبريل سنة 1946 أمام بند الأمانة لم يصلني ما يخل بأمانته إلا الموضوع المشار إليه بعد وجاري فيه التحقيق، كما ورد بتقريره المحرر في أكتوبر سنة 1951 بأن حوله لغط. وانتهت المذكرة إلى طلب رفض الطعن.
ومن حيث إنه قد استبان للمحكمة من الوقائع على الوجه المبين آنفاً أنه قد صدر قرار من وزير المالية في 22 من يوليه سنة 1947 بترقية عدد من موظفي الدرجة السادسة الفنية إلى الدرجة الخامسة الفنية بمصلحة الضرائب اعتباراً من أول يوليه سنة 1947، وقسمت الترقيات قسمين: الأول ونسبته الثلثان من الوظائف المذكورة تمت في الترقية عن طريق الأقدمية، والثاني ونسبته الثلث تمت في الترقية بالاختيار، وكان إبراهيم محمود إبراهيم فرج من ضمن الموظفين المرقين بالاختيار، فطعن المدعي في ترقية هذا الأخير؛ لأنه أقدم منه وأجدر كفاية ومراناً على العمل وخبرة به، وأنه ليس هناك من أسباب تدعو إلى تخطيه.
ومن حيث إن الحكومة لم تدفع الدعوى بما يؤثر على جدارة المدعي وكفايته أو التشكك فيما ساقه من بيانات طوال مدة خدمته، وكل ما هناك أنها تمسكت بما أبيح لها من حق الترقية بالاختيار.
ومن حيث إنه ولئن كان الاختيار حقاً لجهة الإدارة تترخص فيه في حدود سلطتها بلا معقب عليها، ما دام تصرفها غير مشوب بعيب إساءة استعمال السلطة، إلا أن شرط ذلك أن تكون قد استمدت اختيارها من عناصر صحيحة مؤدية إلى صحة النتيجة التي انتهت إليها، فإذا لم يقع الأمر على هذا الوجه فسد الاختيار، وفسد القرار الذي اتخذ على أساسه.
ومن حيث إن القرار المطعون فيه الصادر في 22 من يوليه سنة 1947 قد صدر من وزير المالية في حدود سلطته، إلا أنه قد خلا من الأسباب التي تدعو إلى تخطي المدعي واختيار إبراهيم محمود إبراهيم فرج، مع أنه لا يجوز ترقية الأحدث إلا إذا كان هو الأجدر حتى تجرى المفاضلة فيما بين الاثنين بعد استكمال عناصر المران والنضوج العملي وحسن السير والسلوك ودرجة الاستعداد للعمل والعناية به، إلى غير ذلك من اعتبارات ترجح أحدهما على الآخر؛ ذلك أنه يبدو من نتيجة المقارنة والمفاضلة بين المدعي وإبراهيم محمود إبراهيم فرج من واقع ملفي خدمتهما أن المدعي حاصل على بكالوريوس التجارة شعبة المحاسبة دور مايو سنة 1941 والماجستير في التجارة شعبة المحاسبة سنة 1951 وليسانس الحقوق سنة 1954 وتعتبر أقدميته في الدرجة السادسة راجعة إلى 29 من نوفمبر سنة 1941، تاريخ تعيينه بمصلحة الضرائب. ويبين من التقارير السرية المقدمة عنه ما يشيد بكفايته وينطق بغيرته على العمل والاجتهاد؛ إذ نال في التقرير المقدم عنه في 21 من أكتوبر سنة 1945 الدرجة القصوى (عشر درجات من عشر درجات) لدرجة الكفاية ولدرجة السير والسلوك، وحصل على درجة جيد جداً في الأخلاق (1 - السلوك الشخصي. 2 - معاملة الممولين. 3 - معاملة الزملاء والرؤساء)، وممتاز في الأمانة، وجيد جداً في المواظبة، وجيد جداً في الكفاية في العمل من واقع كشوف النشاط مع مراعاة عدد الحالات وأهميتها والدقة في معالجتها، ودرجة جيد في الإلمام بالقوانين والتعليمات والمنشورات وحسن تطبيقها، وذلك في التقرير المحرر في 11 من سبتمبر سنة 1946. وجاء بالتقرير السري المحرر في 2 من أبريل سنة 1947 أن درجته في السلوك الشخصي جيد جداً وفي معاملة الممولين طيبة ومعاملة الزملاء والرؤساء طيبة ودرجة الأمانة أمانة تامة ودرجة المواظبة حسن، ودرجة الإنتاج - ويشمل الكفاية في العمل والإلمام بالقوانين والتعليمات - جيد جداً، ثم أشر بأنها فوق المتوسط. هذا والمطعون في ترقيته السيد/ إبراهيم محمود إبراهيم فرج حاصل على بكالوريوس التجارة سنة 1939، والتحق بخدمة المصلحة في 12 من أغسطس سنة 1944، وتعتبر أقدميته في الدرجة السادسة راجعة إلى هذا التاريخ، ويتضمن التقرير المقدم عنه في 21 من أكتوبر سنة 1945 حصوله على الدرجة القصوى (عشرة من عشرة لدرجة الكفاية ولدرجة السير والسلوك)، وجاء بالتقرير المحرر في 28 من مايو سنة 1946 أنه حصل على درجة متوسط في الأخلاق (السلوك الشخصي ومعاملة الممولين ومعاملة الرؤساء) ودرجة المواظبة 10/10، ودرجة الكفاية في العمل من واقع كشوف النشاط 9/10، ودرجة الإلمام بالقوانين والتعليمات والمنشورات 8/10، وجاء عند تقدير درجة الأمانة إشارة إلى تحقيق يجرى معه لأنه على ما جاء بأقوال الشاكي استغل سلطة وظيفته بالاشتراك في محاولة ظلم الشاكي؛ لأن الشاكي لم يجامله ومحمد رضوان رئيس لجنة التقدير بطنطا وفوزي منصور مأمور قسم ثاني طنطا وآخرين في حفلة عيد الميلاد بنادي طنطا، ولم تعرف نتيجة التحقيق بعد. وتضمن التقرير المحرر في أكتوبر سنة 1946 أن درجة إنتاجه تقدر بدرجة متوسط، وذلك في الكفاية في العمل وفي الإلمام بالقوانين والتعليمات. وجاء بالتقرير السري المحرر في 3 من أبريل سنة 1947، في تقدير درجة الأخلاق، وتشمل: (1) السلوك الشخصي حسن. (2) معاملة الممولين حسنة في حدود عمله. (3) معاملة الرؤساء والزملاء حسنة، وذكر عن الأمانة أنه أمين، وعن المواظبة أنه مواظب. وعن تقدير درجة الإنتاج وتشمل: (1) الكفاءة في العمل من واقع كشوف النشاط: أنه ممتاز من حيث السرعة في الفحص أو التقدير وتنقصه بعض الدقة نتيجة للسرعة. (2) الإلمام بالقوانين والتعليمات: أنه ملم بها إلماماً عاماً ويحسن تطبيقها. وانتهى التقرير السري المحرر في 21 من مايو سنة 1947 إلى تقدير درجة مقدار الإنتاج بدرجة ممتاز، وتقدير نوع الإنتاج بدرجة فوق المتوسط.
ومن حيث إنه يتضح من مطالعة التقارير السرية الخاصة بكل من المدعي وإبراهيم محمود إبراهيم فرج على النحو السالف بيانه أنها تشيد في مجموعها بكفاية المدعي وتنطق بامتيازه، وأنه يقف جنباً إلى جنب مع السيد/ إبراهيم محمود إبراهيم فرج المطعون في ترقيته من حيث الكفاية إن لم يكن يبزه ويفوقه في هذا المضمار.
ومن حيث إنه لا شبهة؛ في ضوء ما سلف، في أن المدعي كان أجدر بالترقية إلى الدرجة الخامسة الفنية من المطعون في ترقيته؛ الأمر الذي يدل على أن وزارة المالية قد انحرفت في قرارها الصادر في 22 من يوليه سنة 1947 عن الجادة، ولم تراع في اختيارها ما سلف من اعتبارات، ورقت إبراهيم محمود إبراهيم فرج دون أن تستمد اختيارها من عناصر صحيحة مؤدية إلى النتيجة التي انتهت إليها؛ لهذا فإن قرارها يكون معيباً. غير أنها وقد استجابت إلى المدعي ورقته أخيراً إلى الدرجة الخامسة اعتباراً من 28 من يوليه سنة 1948، فإنه يكون من حقه - والحالة هذه - أن ترجع أقدميته في هذه الدرجة التي رقى إليها إلى التاريخ المحدد بالقرار المطعون فيه الصادر في 22 من يوليه سنة 1947، تاريخ ترقية زميله إبراهيم محمود إبراهيم فرج المطعون في ترقيته، بدلاً من 28 من يوليه سنة 1948، وما يترتب على ذلك من آثار.
ومن حيث إن المدعي يطلب الحكم بإلغاء القرار الصادر في 17 من ديسمبر سنة 1951 بترقية بعض موظفي مصلحة الضرائب إلى الدرجة الرابعة فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى الدرجة الرابعة بالأقدمية.
ومن حيث إن الترقية إلى الدرجة الرابعة بالقرار المطعون فيه كانت على أساس الأقدمية المطلقة في 27 درجة، وعلى أساس الاختيار في 18 درجة، ويبدو من محضر لجنة شئون الموظفين المنعقدة بجلسة 8 من نوفمبر سنة 1951 أن السيد/ إبراهيم محمود إبراهيم فرج قد رشح للترقية المذكورة على أساس الأقدمية وكان ترتيبه الحادي والعشرين، وصدر قرار الترقية بتاريخ 17 من ديسمبر سنة 1951 متضمناً ترقية 44 موظفاً من موظفي الدرجة الخامسة إلى الدرجة الرابعة بالكادر الفني العالي والإداري، والستة والعشرون الأول بالأقدمية والباقون بالاختيار.
ومن بين هؤلاء الموظفين المرقين رقى إبراهيم محمود إبراهيم فرج بالأقدمية وكان ترتيبه في الكشف الحادي والعشرين؛ فترتيباً على ذلك يكون المدعي على حق في الترقية إلى الدرجة الرابعة بالقرار المطعون فيه الصادر بتاريخ 17 من ديسمبر سنة 1951 وذلك بالأقدمية على أساس أقدميته السابقة في الدرجة الخامسة علي إبراهيم محمود إبراهيم فرج. وإذا استجابت الوزارة إلى ترقية المدعي أخيراً على الدرجة الرابعة في 31 من أكتوبر سنة 1953، فإنه يكون من حقه - والحالة هذه - أن ترجع أقدميته في هذه الدرجة التي رقي إليها أخيراً إلى التاريخ المحدد في القرار المطعون فيه الصادر في 17 من ديسمبر سنة 1951 بدلاً من 31 من أكتوبر سنة 1953، وما يترتب على ذلك من آثار.
ومن حيث إنه يخلص من ذلك: (أولاً) اعتبار أقدمية المدعي في الدرجة الخامسة راجعة إلى التاريخ المحدد في القرار المطعون فيه الصادر في 22 من يوليه سنة 1947، وبما يترتب على ذلك من آثار. (ثانياً) اعتبار أقدمية المدعي في الدرجة الرابعة راجعة إلى التاريخ المحدد بالقرار المطعون فيه الصادر في 17 من ديسمبر سنة 1951، وبما يترتب عليه من آثار.
ومن حيث إنه لذلك يكون الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق فيما انتهى إليه في هذا الشأن، ويكون الطعن قد قام على غير أساس سليم من القانون، متعيناً رفضه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق