جلسة 22 من نوفمبر سنة 1958
برياسة السيد/ السيد إبراهيم الديواني وكيل مجلس الدولة المساعد وعضوية السادة علي إبراهيم بغدادي والدكتور محمود سعد الدين الشريف ومصطفى كامل إسماعيل والدكتور ضياء الدين صالح المستشارين.
---------------
(13)
القضية رقم 717 لسنة 3 القضائية
(أ) علاوة
- سرد لبعض أحكام كادر سنة 1931 وقرار مجلس الوزراء في أول أغسطس سنة 1934 وكادر سنة 1939 وقواعد الإنصاف وقرار مجلس الوزراء الصادر في 12/ 11/ 1946 والكتب الدورية الصادرة من وزارة المالية في شأن العلاوات.
(ب) موظف
- تعيينه باليومية في ظل سريان أحكام كادر سنة 1939 - تسوية حالته بالتطبيق لقواعد الإنصاف - منحه أجراً يومياً معادلاً للمرتب المقرر للدرجة المحددة لمؤهله الدراسي - عدم جواز زيادة مرتبه عن مرتب نظيره من المعينين على درجات بالميزانية - القاعدة أن يرفع أجره بما يعادل مرتب هذا النظير لا أن يجاوزه في الدرجة المقررة لمؤهله.
إجراءات الطعن
في 27 من أبريل سنة 1957 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية المحكمة عريضة طعن أمام هذه المحكمة قيد بجدولها تحت رقم 717 لسنة 3 القضائية في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارتي الأشغال العمومية والحربية بجلسة 26 من فبراير سنة 1957 في الدعوى رقم 3802 لسنة 2 القضائية المقامة من: محب محمد أبو قمر ضد وزارة الأشغال العمومية, القاضي "بأحقية المدعي في علاوة مقدارها 40 م يومياً، أي ما يوازي جنيهاً وحداً شهرياً اعتباراً من أول مايو سنة 1944, وما يترتب على ذلك من آثار". وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين - للأسباب التي استند إليها في صحيفة طعنه - "قبول الطعن شكلاً, وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه, والقضاء باستحقاق المدعي لاسترداد ما خصم من راتبه سداداً للعلاوة التي صرفت إليه خطأ, وبرفض ما عدا ذلك من طلبات". وقد أعلن هذا الطعن إلى وزارة الأشغال العمومية في 31 من أكتوبر سنة 1957, وإلى المطعون لصالحه في 12 من نوفمبر سنة 1957, وبعد أن انقضت المواعيد القانونية المقررة دون أن يقدم أي من الطرفين مذكرة بملاحظاته عين لنظر الطعن أمام هذه المحكمة جلسة 18 من أكتوبر سنة 1958. وفي 6 من يوليه سنة 1958 أبلغ الطرفان بميعاد هذه الجلسة, وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة, ثم قررت إرجاء النطق بالحكم في الطعن إلى جلسة اليوم, وتكليف هيئة مفوضي الدولة ضم ملف خدمة المدعي خلال عشرة أيام, مع الترخيص في تقديم مذكرات خلال أسبوعين.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة, حسبما يبين من أوراق الطعن, تتحصل في أن المدعي قدم إلى اللجنة القضائية لوزارتي الأشغال والحربية تظلماً بعريضة أودعها سكرتيرية اللجنة في 21 من يناير سنة 1954 قال فيها إنه عين بمصلحة الميكانيكا والكهرباء في أغسطس سنة 1939 بمرتب قدره عشرة جنيهات شهرياً, ثم منح في أول مايو سنة 1944 علاوة اعتيادية مقدارها جنيه واحد شهرياً بلغ بها مرتبه أحد عشر جنيهاً شهرياً, ومكث يصرف هذه العلاوة خمسة وعشرين شهراً حتى 30 من مايو سنة 1946 حيث فوجئ بخطاب من إدارة المستخدمين بالمصلحة بخصم هذه العلاوة وتحصيل ما سبق صرفه إليه وذلك اعتباراً من أول يونيه سنة 1946, وتم تنفيذ ذلك بالفعل بتحصيل ما صرف ورفع العلاوة. ولما كان الموظف يكسب الحق فيما صرف له فعلاً من علاوة صدرت بها قرارات ولو كانت مشوبة بالخطأ طالما مضت عليها مدة ستين يوماً؛ فإنه يطلب صدور قرار اللجنة برد العلاوة المستقطعة منه وقدرها جنيه واحد شهرياً, مع صرف ما يستحقه منها من أول مايو سنة 1944 حتى الآن وما يترتب على ذلك من آثار, ولما صدر القانون رقم 147 لسنة 1954 بإنشاء المحاكم الإدارية أحيل هذا التظلم بحالته إعمالاً لأحكامه إلى المحكمة الإدارية لوزارتي الأشغال العمومية والحربية حيث قيد بجدولها تحت رقم 3802 لسنة 2 القضائية. وقد أجابت مصلحة الميكانيكا والكهرباء عن الدعوى بكتابها المؤرخ 11 من ديسمبر سنة 1955 بأن المدعي خريج الفنون والصناعات في عام 1936, وأنه دخل الخدمة باليومية في أول مايو سنة 1938, ثم عين في الدرجة السابعة الفنية في أول مايو سنة 1945, وسويت حالته طبقاً لقانون المعادلات الدراسية فمنح الدرجة السابعة الفنية من 14 من أغسطس سنة 1939, والدرجة السادسة الشخصية من 14 من أغسطس سنة 1942. وعندما صدرت قواعد الإنصاف في 30 من يناير سنة 1944 سويت حالته وهو باليومية على أساس منحه علاوة وحيدة قدرها أربعون مليماً يومياً (أي توازي جنيهاً شهرياً), بحيث وصلت يوميته بها إلى 440 م. ونظراً إلى أن التعليمات المالية تقضي بعدم منح من عين في ظل كادر سنة 1939 العلاوة الوحيدة فقد استبعدت منه هذه العلاوة وعين بماهية شهرية قدرها عشرة جنيهات في الدرجة السابعة من أول مايو سنة 1945. ولم يمنح هذه العلاوة الخطأ بقرار وزاري وإنما منحها ضمن تسوية الإنصاف وهو باليومية. ومن المقرر أن التسوية التي تجريها الإدارة بالمخالفة لأحكام القواعد العامة يجوز سحبها في أي وقت دون التقيد بقيد زمني. وقد أودع السيد مفوض الدولة في 27 من أغسطس سنة 1956 تقريراً بالرأي القانوني مسبباً ذكر فيه أن القانون رقم 111 لسنة 1951 يقضي بعدم جواز الحجز على مرتبات الموظفين أو المستخدمين أو العمال إلا لدين ناشئ عن أداء الوظيفة أو لدين نفقة وفي حدود ربع المرتب, وفيما عدا هاتين الحالتين يتعين على الجهة الإدارية لإجراء الخصم من المرتب أن تحصل على سند بالمديونية يجيز لها الحجز على الراتب وذلك طبقاً للقواعد العامة المقررة في قانون المرافعات المدنية والتجارية، ولما كانت الجهة الإدارية قد قامت بإجراء الخصم من راتب المدعي سداداً لما صرف إليه بدون وجه حق, وذلك دون اتباع الإجراءات القانونية ودون الحصول على سند بالمديونية, فإن إجراءها يكون باطلاً لمخالفته للقانون. بيد أنه لما كانت الإدارة قد قامت بإجراء الخصم اعتباراً من أول يونيه سنة 1946, وكان المدعي لم يرفع دعواه إلا في 21 من يناير سنة 1954, أي بعد أكثر من خمس سنوات, فإن حقه في المطالبة بالمبالغ التي يرغب في استردادها يكون قد سقط بالتقادم الخمسي, وبالتالي تكون دعواه واجبة الرفض قانوناً مع إلزامه بمصروفاتها. وبجلسة 26 من فبراير سنة 1957 قضت المحكمة الإدارية "بأحقية المدعي في علاوة مقدارها 40 مليماً يومياً، أي ما يوازي جنيهاً وحداً شهرياً، اعتباراً من أول مايو سنة 1944, وما يترتب على ذلك من آثار". وأقامت قضاءها على أن قواعد الإنصاف التي سويت حالة المدعي على أساسها تقضي بأن حملة الفنون والصناعات الحاصلين على شهادة الثانوية قسم أول (الكفاءة) أو إتمام الدراسة المدارس الصناعية الموجودين بالخدمة وقت صدور هذه القواعد في درجة أقل من السابعة يمنحون هذه الدرجة بصفة شخصية وتسوى ماهياتهم على أساس افتراض أنهم عينوا ابتداء بماهية عشرة جنيهات في الشهر ثم منحوا بعد ذلك العلاوات التي كانت مقررة في كل عهد، أي يحرمون فترة ثم يمنحون العلاوة الوحيدة والحتمية الأولى والثانية طبقاً للقواعد المقررة لهذه العلاوات مع مراعاة أن تكون فئة العلاوة في جميع مراحل التسوية جنيهاً شهرياً. كما أن عمال اليومية الحاصلين على مؤهلات علمية يمنحون أجوراً توازي المرتبات المقررة للدرجة المحددة لمؤهلاتهم. ولما كان المدعي حاصلاً على شهادة الفنون والصناعات بعد حصوله على شهادة إتمام الدراسة بالمدارس الصناعية وألحق بخدمة مصلحة الميكانيكا والكهرباء عاملاً باليومية في 24 من يناير سنة 1942, ثم ضمت له مدة خدمة سابقة من 5 من مايو سنة 1938 إلى 15 من يونيه سنة 1941 بمدرسة الغزل والنسيج بالمحلة الكبرى, فاعتبر تاريخ تعيينه الافتراضي راجعاً إلى 24 من سبتمبر سنة 1939, وسويت حالته طبقاً لقواعد الإنصاف على أساس منحه أجراً يومياً قدره 400 مليم من بدء تعيينه, ثم منح أول علاوة قدرها 40 مليماً في أول مايو سنة 1944, ولما كانت الإدارة قد قامت بتسوية حالته بمنحه أجراً يومياً قدره 400 مليم من بدء تعيينه وهو ما يوازي عشرة جنيهات شهرياً المقررة للدرجة السابعة المحددة لمؤهله, فإنه تنفيذاً لقواعد الإنصاف يستحق أول علاوة بعد حرمانه فترة في أول مايو سنة 1944 وقدرها جنيه شهرياً طبقاً لما يقضي به كار سنة 1939 الذي عين في ظله؛ ومن ثم تكون العلاوة التي منحها في أول مايو سنة 1944 وقدرها 40 مليماً, أي ما يوازي جنيهاً شهرياً, هي العلاوة العادية التي يقررها له كادر سنة 1939 والتي نصت قواعد الإنصاف على أحقيته فيها, ويكون ما ذهبت إليه الجهة الإدارية من عدم استحقاقه لهذه العلاوة غير مستند على أساس سليم. ولا وجه للدفع بالتقادم الخمسي لما هو ثابت من ملف خدمة المدعي من أنه قدم شكويين في 7 من مايو سنة 1947 و8 من مارس سنة 1950 مطالباً فيهما بصرف هذه العلاوة والمبالغ التي خصمت منه سداداً لها, كما أنه أقام هذا التظلم في 21 من يناير سنة 1954 قاطعاً بذلك مدة التقادم, بما يتعين معه الحكم له بأحقيته في استردادها. وقد طعن السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة في هذا الحكم بعريضة أودعها سكرتيرية هذه المحكمة في 27 من أبريل سنة 1957 طلب فيها "قبول الطعن شكلاً, وفي الموضوع إلغاء الحكم المطعون فيه, والقضاء باستحقاق المدعي لاسترداد ما خصم من راتبه سداداً للعلاوة التي صرفت إليه خطأ, وبرفض ما عدا ذلك من طلبات". واستند في أسباب طعنه إلى أن العلاوة محل النزاع حلت في أول مايو سنة 1944, أي خارج الدائرة الزمنية المحددة لتطبيق قواعد الإنصاف, ولما كان كادر سنة 1939 الواجب التطبيق في غير هذه الحدود بالنسبة للمدعى لا يسمح بمنحه هذه العلاوة فإنه لا تثريب على الإدارة إذا هي صححت الوضع نزولاً على أحكام القانون دون أن تتقيد في ذلك بالمواعيد المقررة لسحب القرارات الإدارية. على أنه ما كان لها أن تستوفي ما صرفه منها المدعي بطريق الحجز أو الاستقطاع من الراتب لقيام المانع من ذلك بمقتضى أحكام القانون رقم 17 لسنة 1918 الذي وقع هذا الإجراء في ظله.
ومن حيث إنه يؤخذ مما تقدم أن مثار المنازعة ينحصر فيما إذا كان المدعي يستحق العلاوة الوحيدة البالغ قدرها أربعين مليماً يومياً (بما لا يجاوز جنيهاً واحداً شهرياً) وهي التي سبق أن منحته إياها مصلحة الميكانيكا والكهرباء اعتباراً من أول مايو سنة 1944 فبلغ بها مرتبه الشهري 11 جنيهاً ثم سحبتها منه اعتباراً من أول يونيه سنة 1946 واستردت تبعاً لذلك ما سبق صرفه منها إليه بالاستقطاع من راتبه, أم أنه لا يستحق قانوناً هذه العلاوة, وإذا كان لا يستحقها فهل كان يسوغ لجهة الإدارة تحصيل الزيادة بالخصم من راتبه دون الحصول على سند بالمديونية يجيز لها الحجز على هذا الراتب أم لا؟
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على الأوراق وعلى ملف خدمة المدعي أن المذكور حاصل على دبلوم مدارس الفنون والصناعات قسم الهندسة الميكانيكية (نظام جديد) في سنة 1936, بعد حصوله على شهادة إتمام الدراسة بالمدارس الصناعية في سنة 1933, وأنه التحق بخدمة مصلحة الميكانيكا والكهرباء بوزارة الأشغال العمومية عاملاً باليومية في 24 من يناير سنة 1942 بأجر قدره 200 مليم بلغ 280 مليماً يومياً في أول مايو سنة 1943, ثم ضمت له مدة خدمة سابقة من 5 من مايو سنة 1938 إلى 15 من يونيه سنة 1941 بمدرسة الغزل والنسيج بالمحلة الكبرى, فاعتبر تاريخ تعيينه الافتراضي راجعاً إلى 14 من أغسطس سنة 1939, وعندما صدرت قواعد الإنصاف في 30 من يناير سنة 1944 سويت حالته طبقاً وهو باليومية على أساس منحه أجراً يومياً قدره 400 مليم من بدء تعيينه, ثم منحه علاوة وحيدة قدرها أربعون مليما يومياًً (توازي جنيهاً شهرياً) من أول مايو سنة 1944, وصلت بها يوميته إلى 440 مليماً. وعين في وظيفة مساعد مهندس من الدرجة السابعة المؤقتة بماهية شهرية قدرها عشرة جنيهات شهرياً من أول مايو سنة 1945 بعقد لمدة سنة متجدد, ثم سويت حالته طبقاً لقواعد المعادلات الدراسية فمنح الدرجة السابعة الفنية اعتباراً من 14 من أغسطس سنة 1939, والدرجة السادسة الشخصية من 14 أغسطس سنة 1942, وأخيراً منح الدرجة الخامسة الشخصية من 14 أغسطس سنة 1957.
ومن حيث إن كادر سنة 1931 الذي أقره مجلس الوزراء في 25 من فبراير سنة 1931 وصدرت به التعليمات المالية رقم 44 في يوليه سنة 1931 كان ينص في البند (سادساً) منه على "عدم منح أول علاوة يحل ميعادها ابتداء من أول مايو سنة 1931. ويعتبر موعد العلاوة التالية بعد انقضاء فترة كاملة من الفترات المقررة لحلول ميعاد العلاوات...". وفي أول أغسطس سنة 1934 أصدر مجلس الوزراء قراراً بإجازة منح علاوات بشروط معينة, وخول وزارة المالية سلطة تفسير أحكام هذا القرار وتطبيقها. وتنفيذاً لذلك أصدرت وزارة المالية في يناير سنة 1935 التعليمات المالية رقم 51 التي ورد في الفقرة (1) من البند (أولاً) منها الخاص بالعلاوات أنه "يجوز منح علاوة واحدة ولمرة واحدة لكل موظف أو مستخدم قضى أو يقضي فترتي علاوة كاملتين على آخر علاوة نالها". كما نص في الفقرة (2) من البند ذاته على أن "تكون العلاوة اسمية لمدة سنة ولا تصرف فعلاً إلا من اليوم التالي لانقضاء هذه السنة...". ولما صدر كادر سنة 1939 الذي تضمنه منشور المالية رقم 4 لسنة 1939 المؤرخ 14 من مايو سنة 1939 (ملف رقم ف 234 - 2/ 14) نص في صدر البند (2) من الأحكام المؤقتة للعلاوات الواردة به على أنه "إلى أن يتحقق في اعتمادات الوظائف بالميزانية على حسب متوسط الدرجات وفر بينها وبين الماهيات الفعلية يسمح بمنح العلاوات الاعتيادية والعلاوات المكملة للماهية للوصول إلى بداية الدرجة - يوقف صرفها بصفة عامة", إلا في الأحوال الخاصة التي استثناها صراحة, ومنها ما ورد في الفقرة (ز) من هذا البند التي جاء بها "الموظفون ورؤساء المدارس الإلزامية الذين يعينون تحت أحكام هذا المشروع في الدرجتين الثامنة والسابعة يمنحون علاوة دورية كل سنتين أو ثلاث بحسب الحالة حتى تبلغ ماهيتهم 96 جنيهاً سنوياً". ومفاد ما تقدم من نصوص أنه بعد أن كان كادر سنة 1931 يقضي بحرمان الموظف من أول علاوة, وبعد أن تقررت في ظله العلاوة الوحيدة، جاء كادر سنة 1939 فأوقف بصفة عامة صرف العلاوات الاعتيادية والعلاوات المكملة للماهية, وإنما استثنى من ذلك - في نطاق محدود وإلى رقم معين - الموظفين الجدد الذين يعينون في ظل أحكامه في الدرجتين الثامنة والسابعة، فقضى بأن يمنح هؤلاء علاواتهم الدورية كل سنتين أو ثلاث سنوات بحسب الحالة إلى أن تبلغ ماهياتهم ثمانية جنيهات شهرياً ثم يوقف منحهم إياها بعد بلوغ ماهيتهم هذا القدر، إذ ينتهي الاستثناء عندئذ ويرتدون إلى القاعدة العامة وهي وقف العلاوة، فلا يمنحون علاوة بعد ذلك. وقد صدرت بعد هذا قواعد الإنصاف وقضت بأن أرباب اليوميات من حملة المؤهلات الدراسية تزاد أجورهم على أساس أنهم التحقوا بالخدمة بأجور توازي المرتبات المقررة للدرجة المحددة لمؤهلاتهم إن لم يكونوا قد منحوها بالفعل. وفي 12 من نوفمبر سنة 1946 قرر مجلس الوزراء منح علاوة جديدة للموظفين والمستخدمين الدائمين والمؤقتين والخدمة الخارجيين عن هيئة العمال وفقاً للأحكام التي وضعها في هذا الشأن. وتنفيذاً له صدر كتاب وزارة المالية الدوري ملف رقم ف 234 - 5/ 24 مؤقت 12 في 3 من أبريل سنة 1947 ونص في الفقرة (5) منه على أن "لا تمنح العلاوة للموظفين والمستخدمين الذين انتفعوا بتحسين في ماهيتهم نتيجة لتطبيق قواعد الإنصاف أو الكادرات الخاصة ولا للموظفين الشاغلين لوظائف ذات مربوط ثابت إلا إذا كانوا قد استحقوا هذه العلاوة في الدرجة السابقة وكانت ماهياتهم الحالية لا تتجاوز بالعلاوة الجديدة ذلك المربوط الثابت. على أن من تكون الزيادة التي منحها في الإنصاف تقل عن مقدار العلاوة الجديدة يمنح الفرق بين الاثنين. ويستثنى من حكم هذه الفقرة المنسيون وكذلك الخدمة الخارجون عن هيئة العمال الذين اقتصر الإنصاف بالنسبة إليهم على رفع ماهياتهم إلى 3 جنيهات شهرياً, فهؤلاء يمنحون العلاوة الجديدة بغض النظر عما نالوه في الإنصاف".
ومن حيث إنه يتضح من استظهار حالة المدعي أنه عين في خدمة الحكومة في ظل سريان أحكام كادر سنة 1939, وأن العلاوة موضوع المنازعة إنما منحت له نتيجة تسوية حالته بالتطبيق لقواعد الإنصاف الصادر في سنة 1944, وقد كان يتقاضى أجراً يومياً قدره 280 مليماً من أول مايو سنة 1943, فزيد هذا الأجر إلى 400 م يومياً من بدء تعيينه على أساس تحديده بالقياس على المرتب المقرر للدرجة المحددة في تلك القواعد لمؤهله الدراسي باعتباره من أرباب اليومية بحيث أصبح أجره يوازي المرتب المذكور. ولما كان الموظف الحاصل على مؤهل دراسي مماثل لمؤهل المدعي والمعين في الدرجة السابعة المقررة لهذا المؤهل لا ينال بقواعد الإنصاف مقرونة بقواعد كادر سنة 1939 الخاصة بوقف العلاوات أكثر مما نال هذا المدعي بعد تعديل أجره, ولا يفيد من الاستثناء الوارد بالكادر المشار إليه لكون مرتبه قد بلغ 96 جنيهاً سنوياً وجاوز هذا القدر, كما لا يفيد من العلاوات الجديدة التي منحها مجلس الوزراء بقراره الصادر في 12 من نوفمبر سنة 1946 متى كان قد انتفع بتحسين في ماهيته نتيجة لتطبيق قواعد الإنصاف على حالته، فإن المدعي لا يستحق علاوة ما؛ إذ لا يجوز أن يصبح وقت أن كان من أرباب اليومية وبعد قياس أجره بما يوازي مرتب نظيره من المعينين على درجات بالميزانية - أحسن حالاً من هذا الأخير, مع أن القاعدة أن يرفع أجره بما يعادل مرتب هذا النظير, لا أن يجاوزه بالزيادة في الدرجة المقررة لمؤهله. ومع أنه أفاد بتطبيق قواعد الإنصاف تحسيناً في أجره برفعه من 280 مليماً إلى 400 مليم يومياً, أي بما يجاوز مقدار العلاوة الجديدة التي نص كتاب وزارة المالية الدوري المؤرخ 3 من أبريل سنة 1947 في الفقرة الأولى منه على أن تمنح وفقاً لفئات العلاوات حسب كادر سنة 1939. ومن ثم فإن تسوية حالته وهو باليومية على أساس قواعد الإنصاف بمنحه علاوة قدرها 40 مليماً يومياً (توازي جنيهاً شهرياً) بعد رفع أجره على النحو المتقدم, تكون تسوية خاطئة لعدم استحقاقه هذه العلاوة, سواء بالتطبيق لقواعد الإنصاف بمراعاة أنه معين في ظل كادر سنة 1939, أو بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء الصادر في 12 من نوفمبر سنة 1946, بعد إذ عين في الدرجة السابعة بماهية شهرية قدرها عشرة جنيهات اعتباراً من أول مايو سنة 1945.
ومن حيث إن هذه المحكمة قد سبق أن قضت بأنه متى ثبت أن التسوية التي أجرتها لإدارة قد تمت بالمخالفة لأحكام القانون فإنها لا تتمتع بالحصانة, ويحق لها الرجوع فيها دون التقييد بمواعيد السحب في القرارات الإدارية الباطلة؛ لأن من سويت حالته لا يستمد حقه من تلك التسوية, وإنما يستمده مباشرة من القانون إن كان له أصل حق بموجبه. ومن ثم فلا تثريب على المصلحة إذا كانت قد رجعت بعد مواعيد السحب في العلاوة التي قررتها للمدعي خطأ لدى تسوية حالته بالتطبيق لقواعد الإنصاف بعد إذ تبين لها مخالفتها لأحكام القانون.
ومن حيث إنه ولئن كان حق الإدارة في استرداد مقدار العلاوة التي دفعتها للمدعي خطأ هو حق ثابت لا شبهة فيه, إلا أن هذه المحكمة سبق أن قضت بأنه ما كان يجوز للإدارة قبل نفاذ القانون رقم 324 لسنة 1956 أن تستقطع من ربع راتب الموظف ما هو مستحق لها على أساس استرداد المدفوع بدون حق, ولكن ذلك أصبح جائزاً طبقاً للقانون المذكور. وغنى عن البيان أن الاستقطاع جائز وفقاً لهذا القانون, سواء بالنسبة للمستحقات الحكومية الناشئة بعد نفاذه أو مستحقاتها الناشئة قبله, ما دامت هذه المستحقات ما زالت قائمة في ذمة الموظف بعد نفاذه. فإذا ثبت أن الإدارة - قبل صدور القانون سالف الذكر - قد استقطعت المبالغ المستحقة لها قبل المدعي على أساس استرداد المدفوع بدون حق, فرفع هذا دعواه بطلب إلغاء القرار القاضي بالاستقطاع, وأثناء نظر الدعوى صدر القانون المشار إليه - كما هو الحال في خصوصية هذه الدعوى - فإنه لا يبقى ثمة وجه للتحدي بعدم جواز الاستقطاع، إذ أصبح التحدي بذلك الآن غير منتج.
ومن حيث إنه لما تقدم فإن كلاً من حكم المحكمة الإدارية المطعون فيه إذ قضى بأحقية المدعي في علاوة مقدارها 40 مليماً أي ما يوازي جنيهاً واحداً شهرياً اعتباراً من أول مايو سنة 1944 وما يترتب على ذلك من آثار, وطعن السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة إذ ذهب إلى استحقاق المدعي لاسترداد ما خصم من راتبه سداداً للعلاوة التي صرفت إليه خطأ مع تسليمه بعدم استحقاقه لهذه العلاوة وبحق الإدارة في سحبها دون تقيد بالمواعيد المقررة لسحب القرارات الإدارية - يكون قد جانب الصواب, ويتعين إلغاء هذا الحكم, والقضاء برفض الدعوى. إلا أنه لما كانت الدعوى قد رفعت في ظل القانون السابق الذي ما كان يجيز وقت إقامتها الاستقطاع من ربع راتب الموظف, فإنه يكون ثمة وجه لإلزام الحكومة بمصروفات هذا الطلب.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً, وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه, وبرفض الدعوى, وإلزام الحكومة بالمصروفات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق