جلسة 18 من فبراير سنة 1985
برياسة السيد المستشار/ الدكتور سعيد عبد الماجد نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: د. أحمد حسني، يحيى الرفاعي نائبي رئيس المحكمة، محمد طموم وزكي المصري.
------------------
(63)
الطعن رقم 372 لسنة 48 القضائية
(1) نقض "أسباب الطعن: السبب غير المقبول". بنوك.
عقد الاعتماد المستندي. عقد مستقل عن عقد البيع. تعهد البنك فاتح الاعتماد بمقتضاه بالوفاء بقيمة الاعتماد للمستفيد أو بقبول الكمبيالة التي يسحبها عليه الأخير إذا كانت مستنداته كاملة ومطابقة تماماً لشروط خطاب الاعتماد. انتهاء الحكم المطعون فيه إلى هذه النتيجة. النعي عليه بخطئه في تعريف عقد الاعتماد المستندي. غير مقبول.
(2، 3) بنوك "عقد الاعتماد".
2 - نظام الاعتماد المستندي غير القابل للإلغاء. ماهيته. ليس للبنك فاتح الاعتماد تعديل شروطه دون موافقة عميله. عدم اعتراض البنك على مستندات الشحن المقدمة من المستفيد خلال أجل معقول يكفي لفحصها. اعتبار ذلك قبولاً لها بحالتها والتزامه بالوفاء بقيمة الاعتماد.
(3) النص في عقد الاعتماد على قابليته للتحويل. مؤداه. حق المستفيد في نقله كله أو بعضه إلى شخص يسمى المستفيد الثاني. تصدير خطاب الاعتماد إلى المستفيد أو من يعينه. ينشأ عنه التزام البنك بالوفاء بقيمته. المرجع الوحيد في تحديد التزام البنك قبل المستفيد هو هذا الخطاب حتى ولو تضمن شروطاً مغايره لما ورد في عقد الاعتماد الأصلي.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الشركة الطاعنة أقامت الدعوى رقم 450 لسنة 1975 تجاري كلي الإسكندرية على البنك المطعون ضده بطلب الحكم بإلزامه بأن يدفع لها ما يقابل مبلغ 3700 جنيه استرليني بالعملة المصرية وفوائده القانونية وبياناً لذلك قالت إن شركة.... للتصدير اتفقت مع عميل لها في فرنسا على أن تصدر له أربعة آلاف جوال بصل مصري محصول سنة 1974 وتنفيذاً لهذا الاتفاق قام الأخير بتاريخ 5/ 4/ 1974 بفتح اعتماد مستندي لصالحها بقيمة الثمن لدى بنك سوسيتيه جنرال بفرنسا نص فيه على شروط الثمن وامتداده حتى 2/ 5/ 1974 وعلى أن الاعتماد غير قابل للإلغاء وقابل للتحويل ومؤيد من البنك المطعون ضده وقد قامت الشركة المستفيدة بتحويله إليها مرفقاً به تعديل خاص بالسعر وعدد الشحنات بجعلها شحنتين بدلاً من ثلاث. وبتاريخ 10/ 4/ 1974 أخطرها البنك المطعون ضده بفتح اعتماده لها بقيمة ألف جوال خصماً من الاعتماد سالف الذكر، وبعد تصدير هذه الشحنة على السفينة بنى وبعد صرف قيمتها أخطرها البنك المطعون ضده بخطاب آخر مؤرخ 17/ 4/ 1974 تضمن تعديلاً جديداً للاعتماد وبتحويل مبلغ 5500 جنيه استرليني لها لتصدير الكمية الباقية من الاعتماد المؤرخ 5/ 4/ 1974 وقدرها ثلاث آلاف جوال على أن يتم شحنها إلى مرسيليا على جميع السفن المحددة حتى 2/ 5/ 1974 وأن تقدم المستندات خلال خمسة أيام من تاريخ الشحن. ونفاذاً لهذا الخطاب قامت الشركة الطاعن بشحن ألف جوال على السفينة - أنامودي - وبعد صرف قيمة هذه الشحنة قامت بتاريخ 26/ 4/ 1974 بشحن دفعة ثانية قدرها ألفي جوال قيمتها 3700 جنيه استرليني على السفينة أبو سمبل - وقدمت مستنداتها إلى البنك المطعون ضده في 30/ 4/ 1974 فقبلها ولم يعترض عليها، ولما تراخى في الوفاء بقيمة هذه الشحنة أنذرته في 20/ 5/ 1974 ولكنه ماطل وأخيراً علمت أن سبب امتناعه عن الوفاء يرجع إلى رفض المستورد الفرنسي قبول تلك الشحنة بزعم أنها زائدة عن عدد الشحنات المتفق عليها بعقد الاعتماد المستندي المؤرخ 5/ 4/ 1974 ولما كان البنك المطعون ضده قد أخطأ بإخطارها بموجب خطابه المؤرخ 17/ 4/ 1974 بتعديل عقد الاعتماد المذكور دون التحقق من موافقة عميله فضلاً عن قبوله المستندات دون تحفظ فإنه يكون ملزماً بالوفاء بقيمة الشحنة الأخيرة وبتاريخ 28/ 1/ 1976 ندبت محكمة الإسكندرية الابتدائية خبيراً وبعد أن قدم الخبير تقريره قضت بتاريخ 9/ 2/ 1977 بإلزام البنك المطعون ضده بأن يدفع للشركة الطاعنة مبلغ 3478 جنيه مصري والفوائد القانونية. استأنف البنك المطعون ضده هذا الحكم بالاستئناف رقم 97 لسنة 33 ق. بتاريخ 15/ 12/ 1977 قضت محكمة استئناف الإسكندرية بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى. طعنت الشركة الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة رأت فيها نقض الحكم المطعون فيه وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب تنعى الشركة الطاعنة بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك تقول إن الحكم أخطأ فيما قرره من أن عقد الاعتماد المستندي ما هو إلا عقد بين البائع والمشتري وأن البنك فاتح الاعتماد لا شأن له به سوى أنه أمين للطرفين ذلك أن الصحيح في القانون أن عقد الاعتماد المستندي عقد مستقل عن عقد البيع وبمقتضاه يتعهد البنك فاتح الاعتماد وبناء على طلب عميله الآمر أن يدفع للمستفيد ثمن البضاعة إذا كانت مستنداته مطابقة لشروط عقد فتح الاعتماد.
وحيث إن هذا النعي غير منتج ذلك أنه وإن كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن عقد الاعتماد المستندي عقد مستقل عن عقد البيع يتعهد بمقتضاه البنك فاتح الاعتماد وبناء على طلب العميل الآمر إذا كان الاعتماد قطعياً بالوفاء بقيمة الاعتماد للمستفيد أو بقبول الكمبيالة التي يسحبها عليه الأخير إذا كانت مستنداته كاملة ومطابقة تماماً لشروط خطاب الاعتماد إلا أن خطأ الحكم فيما ذهب إليه من أن عقد الاعتماد المستندي هو عقد بين البائع والمشتري وأن البنك فاتح الاعتماد لا شأن له به سوى أنه أمين للطرفين لم يكن له أثر في قضائه ذلك أن الحكم عاد عند تطبيق آثار ذلك العقد قرر بالتزام البنك فاتح الاعتماد بالوفاء للمستفيد إذا كانت مستنداته مطابقة لخطاب الاعتماد وهو ما يتفق مع التعريف الصحيح لعقد الاعتماد المستندي ومن ثم فإن النعي على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون في خصوص هذا السبب يكون غير مقبول.
وحيث إن مما تنعاه الشركة الطاعنة على الحكم المطعون فيه بالسبب الثالث الخطأ في فهم الواقع والقصور في التسبيب وذلك من وجهين حاصل الوجه الأول أنها تمسكت في دفاعها بأنها قامت بتصدير الشحنة محل النزاع تنفيذاً لخطاب البنك المطعون ضده والمبلغ لها في 7/ 4/ 1974 والذي تضمن تعديل شروط عقد الاعتماد المؤرخ 5/ 4/ 1974 بناء على طلب المستفيد الأول بما يسمح لها بتصدير تلك الشحنة وإذ تبين أن الأخير لا صفة له في إجراء هذا التعديل فقد أسست دعواها بالرجوع على البنك المطعون ضده على المسئولية التقصيرية التي قوامها خطؤه في إخطارها بهذا الخطاب دون التحقق من موافقة العميل الآخر، وحاصل الوجه الثاني أنها طلبت تطبيق العرف الذي يقضي بأنه إذا قبل البنك فاتح الاعتماد مستندات الشحن ولم يعترض عليها في مدة معقولة فإن عدم اعتراضه يفيد أن تلك المستندات كانت بالحالة التي قدمت بها مطابقة لشروط الاعتماد وإذ لم يرد الحكم المطعون فيه على دفاعها الأول ورد على دفاعها الثاني بقوله إنه لا يوجد اتفاق بين الشركة الطاعنة والبنك المطعون ضده يلزمه بالوفاء في حالة قبوله المستندات فإنه يكون قد أخطأ في فهم الواقع وشابه القصور في التسبيب مما أدى به إلى الخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي سديد في وجهيه ذلك أن قضاء هذه المحكمة جرى على أن الأساس في نظام الاعتماد المستندي غير القابل للإلغاء هو استقلاله عن عقد البيع القائم بين البائع والمشتري يلتزم بمقتضاه البنك الذي فتح الاعتماد بالوفاء بقيمته متى كانت المستندات المقدمة إليه مطابقة تماماً لما تضمنه خطاب الاعتماد دون أن يكون له في ذلك أدنى سلطة في التقدير أو التفسير أو الاستنتاج وفي ذات الوقت ليس للبنك أن يستقل دون موافقة عميله بتعديل شروط الاعتماد وعليه إذا ما قدمت له مستندات الشحن من المستفيد أن يقوم بمطابقتها على ما ورد بشأنها في خطاب الاعتماد بحيث إذا لم يعترض عليها خلال أجل معقول يكفي لفحصها اعتبر ذلك قبولاً لها بحالتها التي قدمت بها بما يترتب عليه التزامه بالوفاء بقيمة الاعتماد، لما كان ذلك وكان الثابت في الدعوى أن البنك المطعون ضده قد عزز الاعتماد المستندي الذي فتح بنك سوسيتيه جنرال في فرنسا بتاريخ 5/ 4/ 1974 لصالح شركة....... للتصدير بناء على طلب عميلها الفرنسي لتصدير أربعة آلاف جوال من البصل المصري إلى فرنسا وكان مؤدى النص في عقد الاعتماد على قابليته للتحويل أنه يجوز للمستفيد نقله كله أو بعضه إلى شخص يسمى المستفيد الثاني يحل محله في تنفيذ التزاماته الواردة بعقد الاعتماد طبقاً لذات الشروط المتفق عليها فيه فإن التزام البنك فاتح الاعتماد بالوفاء بقيمته ينشأ بمجرد تصدير خطاب الاعتماد إلى المستفيد أو من يعينه، والأصل أن هذا الخطاب وحده هو المرجع في تحديد التزام البنك قبل المستفيد حتى ولو تضمن شروطاً مغايرة لما ورد في عقد فتح الاعتماد الأصلي، لما كان ذلك وكان الخطاب الذي أرسله البنك المطعون ضده للشركة الطاعنة في 17/ 4/ 1974 والمرفق صورته بملف الطعن والذي كان تحت نظر محكمة الموضوع قد تضمن بالإضافة إلى موافقة المستفيد الأول على نقل الجزء الباقي من الاعتماد السابق للشركة الطاعنة تعهداً من البنك المطعون ضده بفتح اعتماده لهذه الشركة باعتبارها المستفيد الثاني بقيمة هذا الجزء على أن يتم شحنه إلى مرسيليا على جميع السفن المحددة حتى 2/ 5/ 1974 وأن تقدم المستندات خلال خمسة أيام من تاريخ الشحن فإن مؤدى ذلك أن يكون هذا الخطاب هو المرجع الوحيد لتحديد التزامات كل من البنك المطعون ضده والشركة الطاعنة حتى ولو كانت الشروط التي تضمنها مغايرة لشروط عقد فتح الاعتماد الأصلي المؤرخ 5/ 4/ 1974، ولما كان الحكم المطعون فيه لم يعرض للخطاب المشار إليه كخطاب اعتماد من البنك المطعون ضده ودلالته في تحديد التزاماته قبل الشركة الطاعنة بشأن شروط الشحن ورد على دفاعها بأن تسلم البنك المطعون ضده مستندات الشحن محل النزاع وعدم اعتراضه عليها دليل على أن تلك المستندات كانت بالحالة التي قدمت بها مطابقة لشروط خطاب الاعتماد بقوله. "إنها لم تزعم أنها ارتبطت مع البنك المطعون ضده بأنه إذا قبل المستندات يكون ملزماً بالسداد" وهو رد لا يواجه دفاع الطاعنة الجوهري في هذا الشأن وينطوي على خطأ من الحكم في فهم الواقع وقصور في التسبيب أدى به إلى الخطأ في تطبيق القانون بما يتعين معه نقض الحكم دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق