جلسة 16 من فبراير سنة 1981
برئاسة السيد/ المستشار نائب رئيس المحكمة: الدكتور مصطفى كيره، وعضوية السادة المستشارين: عاصم المراغي، صلاح الدين عبد العظيم، سيد عبد الباقي ودكتور أحمد حسني.
----------------
(100)
الطعن رقم 186 لسنة 47 القضائية: ضرائب
(1) نقض "النقض والإحالة". حكم.
نقض الحكم والإحالة. التزام محكمة الإحالة باتباع حكم محكمة النقض في المسألة القانونية التي فصلت فيها. اكتساب حكم النقض حجية الشيء المحكوم فيه في المسائل التي بت فيها. أثره. امتناع محكمة الإحالة المساس به عند إعادة نظر الدعوى.
(2) ملكية "حق الانتفاع". ضرائب "رسم الأيلولة".
حق الانتفاع. عدم اكتسابه بالميراث. انقضاؤه بأقرب الأجلين، المدة المقررة له أو وفاة المنتفع. المادتين 985 - 993 مدني. الأصل عدم خضوعه لرسم الأيلولة أو ضريبة التركات. علة ذلك. الاستثناء. خضوعه للرسم المذكور إذا كان موصى به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة, وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليها أقامت الدعوى رقم 3750 سنة 1965 مدني أمام محكمة القاهرة الابتدائية ضد الطاعنة طالبة الحكم بإلزامها بأن تدفع لها مبلغ 608 جنيه 548 مليم وفوائده وقالت بياناً لدعواها أنه بتاريخ 11/ 11/ 1942 وقفت المرحومة...... أرض بناء العقار رقم 287 شارع الملكة نازلي قسم الوايلي على نفسها مدة حياتها ثم من بعدها على المطعون عليها وبعد صدور القانون رقم 180 سنة 1952 بإلغاء الوقف على غير الخيرات وتطبيقاً لحكم المادة الرابعة منه أشهدت الواقفة على نفسها بتاريخ 1/ 2/ 1952 أن الاستحقاق في الوقف المذكور كان بعوض مالي قدره ثلاثة آلاف جنيه دفع من المطعون عليها، وبتاريخ 17/ 12/ 1952 أشهر عقد إلغاء الوقف وأشير فيه إلى أن العقار الموقوف أصبح ملكاً وبذلك آلت الرقبة إلى المطعون عليها على أن يكون للواقفة حق الانتفاع مدى حياتها ثم توفيت الواقفة بتاريخ 31/ 5/ 1978 وقدرت مصلحة الضرائب تركتها بمبلغ 9651 جنيه 295 مليم، وحددت الرسم المستحق على حق الانتفاع بمبلغ 608 جنيه و458 مليم قامت المطعون عليها بسداده بتاريخ 23/ 6/ 1962 قبل إخطارها بالنموذج رقم 8 ضرائب في 25/ 6/ 1962 وانقضى حق الانتفاع بوفاة الواقفة وكان لا يعتبر عنصراً من عناصر تركتها بل آل إلى المطعون عليها وتكون مصلحة الضرائب قد تسلمت المبلغ سالف الذكر وهو غير مستحق لها ويتعين عليها رده فقد أقامت دعواها بطلباتها سالفة البيان، وبتاريخ 12/ 4/ 1967 قضت محكمة أول درجة بإلزام الطاعنة بأن تؤدي للمطعون عليها مبلغ 608 جنيه و548 مليم، استأنفت المطعون عليها هذا الحكم وقيد استئنافها برقم 1136 سنة 84 ق، وبتاريخ 14/ 12/ 1967 قضت محكمة استئناف القاهرة بإلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى المطعون عليها. طعنت المطعون عليها في هذا الحكم بطريق النقض وقيد طعنها برقم 75 سنة 38 ق. وبتاريخ 19/ 6/ 1974 نقضت محكمة النقض الحكم المطعون فيه وأحالت الدعوى إلى محكمة استئناف القاهرة وبتاريخ 20/ 11/ 1976 قضت محكمة استئناف القاهرة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة المشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعى الطاعنة بأولهما على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب ومخالفة القانون وفي بيان ذلك تقول أنها أقامت استئنافها على ثلاثة أسباب وقد بنت محكمة استئناف قضاءها بتاريخ 24/ 12/ 1967 على ما جاء بالسبب الأول فقط دون السببين الثاني والثالث فنقض الحكم المذكور لما رأته محكمة النقض من أن الدعوى ليست طعناً في التقدير وإنما هي دعوى رد ما دفع بغير وجه حق ابتداء أمام المحكمة دون التحدي بميعاد سقوط إلا أن محكمة الاستئناف في المرة الثانية قضت برفض الاستئناف تأسيساً على عدم خضوع حق الانتفاع لرسم الأيلولة دون أن تقوم بالرد على السبب الثاني من أسباب الاستئناف والذي حاصله أن ما دفعته المطعون عليها كان دفعاً لمستحق بعد أن أصبح الربط نهائياً لعدم الطعن عليه في الميعاد ولأنها قد قبلت التقدير وسددت الضريبة ولو أنها عنيت ببحث هذا السبب والرد عليه لتغير وجه الرأي في الدعوى.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه لما كانت الفقرة الثانية من المادة 269 م من قانون المرافعات تنص على أنه "إذ كان الحكم قد نقض لغير ذلك من الأسباب تحيل القضية إلى المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه للحكم فيها من جديد بناء على طلب الخصوم وفي هذه الحالة يتحتم على المحكمة التي أحيلت إليها القضية أن تتبع حكم محكمة النقض في المسألة القانونية التي فصلت فيها" ومفاد ذلك - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه إذا نقض الحكم وأحيلت القضية إلى المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه للحكم فيها من جديد بناء على طلب الخصوم فإنه يتحتم على المحكمة التي أحيلت إليها القضية أن تتبع حكم محكمة النقض في المسألة القانونية التي فصلت فيها هذه المحكمة, وما يحرمه القانون بموجب هذه المادة على محكمة الإحالة هو مخالفة رأي محكمة النقض في المسألة التي تكون قد فصلت فيها وأن حكم محكمة النقض يحوز حجية الشيء المحكوم فيه في حدود المسائل التي بت فيها، وتمتنع على محكمة الإحالة عند الإعادة نظر الدعوى المساس بهذه الحجية ويتعين عليها أن تقصر نظرها على موضوع الدعوى في نطاق ما أشار إليه الحكم الناقض، وإذ كانت الطاعنة تنعى بهذا السبب على الحكم المطعون فيه وما أثارته من دفاع من أن ما قامت المطعون عليها بدفعه كان دفعاً لمستحق لأن الضريبة المسددة صارت مستحقة الأداء بعدم الطعن عليها في الميعاد وكانت محكمة النقض قد فصلت في هذه المسألة القانونية بحكمها الصادر في 19/ 6/ 1974 في الطعن الذي سبق أن أقامته المطعون عليها على حكم محكمة استئناف القاهرة الصادر بتاريخ 14/ 12/ 1967 في الدعوى الحالية وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا القضاء وقصر نظره على بحث ما إذا كان حق الانتفاع يخضع لرسم الأيلولة وضريبة التركات من عدمه فإنه يكون قد التزم صحيح القانون ويكون النعي عليه بهذا السبب في غير محله.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك تقول أن الحكم أقام قضاءه بعدم خضوع حق الانتفاع لرسم الأيلولة تأسيساً على أن حق الانتفاع لا يورث إعمالاً لأحكام القانون المدني وهو من الحكم خطأ ذلك لأن الإرث ليس شرطاً ضرورياً لتطبيق أحكام القانون 142 لسنة 1944 الخاص برسم الأيلولة على التركات وأن القوانين المالية تحكم أحياناً وقائع الحال دون الأوضاع القانونية البحتة الأمر المستفاد من إخضاع الاستحقاق في الوقف والوصية والهبة وعقود التأمين والتأمينات التي استحقق سدادها بسبب وفاة المورث إلى رسم الأيلولة، وكان حق الانتفاع يدخل في عموم كلمة الحقوق الواردة في المادة 12 من هذا القانون والأيلولة، في هذه الحالة هي مناط فرض الرسم وبالتالي يكون حق الانتفاع خاضعاً لرسم الأيلولة، ويؤيد ذلك ما تضمنه البند الرابع من المادة 36 من القانون 142 سنة 1944 من بيان أسس خاصة لتقدير حق الانتفاع باعتبار أحد عناصر التركة، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وانتهى إلى أن حق الانتفاع لا يخضع لرسم الأيلولة فإنه يكون خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله لأنه لما كان النص في المادة 985 من القانون المدني على أن "حق الانتفاع يكسب بعمل قانوني أو بالشفعة أو بالتقادم ويجوز أن يوصى بحق الانتفاع لأشخاص متعاقبين إذا كانوا موجودين على قيد الحياة وقت الوصية كما يجوز للحمل المستكن" والنص في المادة 993 من ذات القانون على أن "ينتهي حق الانتفاع بانقضاء الأجل المعين فإن لم يعين له أجل عد مقرراً لحياة المنتفع وهو ينتهي على أي حال بموت المنتفع حتى قبل انقضاء الأجل المعين" يدل على أن حق الانتفاع لا يكتسب عن طريق الميراث وأنه حق موقوت ينقضي بانقضاء أقرب الأجلين المدة المقررة له أو وفاة المنتفع وكان القانون رقم 142 سنة 1944 بفرض رسم الأيلولة على التركات قد خلا من النص صراحة على إخضاع حق الانتفاع الذي ينقضي بوفاة صاحبه لرسم الأيلولة على التركات على حين أخضع هذا القانون بصريح النص الاستحقاق في الوقف والوصية والهبة وعقود التأمين والتأمينات التي استحق سدادها بسبب وفاة المورث إلى رسم الأيلولة وكان ذلك منه استثناء من القاعدة الأصلية وهي أن الرسم لا يستحق أصلاً إلا على الأموال التي تنتقل بطريق الميراث ولما كان الاستثناء لا يجوز القياس عليه ولو أراد المشرع إخضاع حق الانتفاع الذي ينقضي بوفاة صاحبه لرسم الأيلولة على التركات لنص على ذلك صراحة كما نص على غيره من التصرفات التي أخضعها لهذا الرسم وكان حق الانتفاع موضوع النزاع لم ينتقل من ذمة المتوفاة إلى ذمة المطعون عليها المشترية بل انقضى بسبب وفاة صاحبته فإنه لا يكون خاضعاً لأحكام القانون 142 سنة 1944 ولا يستحق عليه بالتالي أية رسوم أيلولة أو ضريبة تركات ولا محل للتحدي بنص المادة 36/ 4 من هذا القانون التي بينت أساس تقدير حق الانتفاع ذلك أن حق الانتفاع يجوز أن يوصى به لأشخاص متعاقبين موجودين على قيد الحياة وقت الوصية كما يجوز للحمل المستكن وفقاً لما تنص عليه المادة 985 مدني وتكون الوفاة هي الواقعة المنشئة لاستحقاق الرسم لأن المال قد آل إلى الموصى له بسببها وفي هذه الحالة يستحق رسم أيلولة طبقاً للقاعدة العامة التي نصت عليها المادة الثالثة من القانون رقم 142 سنة 1944 من أن الأموال التي تنتقل بطريق الوصية يكون حكمها حكم الأموال التي تنتقل بطريق الإرث ويحصل عليها الرسم, وإذ انتهى الحكم المطعون عليه إلى عدم خضوع حق الانتفاع موضوع النزاع لرسم الأيلولة فإنه يكون قد التزم صحيح القانون ويكون النعي عليه بمخالفة القانون في غير محله.
وحيث إنه لما تقدم جميعه يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق