الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 31 أغسطس 2023

الطعن 833 لسنة 50 ق جلسة 17 / 2 / 1981 مكتب فني 32 ج 1 ق 102 ص 534

جلسة 17 من فبراير سنة 1981

برئاسة السيد/ المستشار نائب رئيس المحكمة: محمود عثمان درويش، وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم فودة، منير عبد المجيد، محمد إبراهيم خليل، وأحمد شلبي.

----------------

(102)
الطعن رقم 833 لسنة 50 القضائية

(1) تعويض. مسئولية "المسئولية التقصيرية".
الإبلاغ عن الجرائم. حق عام. الانحراف به يحقق المسئولية الموجبة للتعويض. شرط ذلك أن يكون التبليغ بسوء قصد وأن يثبت كذبه.
(2) مسئولية "ركن الخطأ". دعوى "تكييف الدعوى". محكمة الموضوع نقض "سلطة محكمة النقض".
تكييف محكمة الموضوع للفعل المؤسس عليه طلب التعويض بأنه خطأ من عدمه. خضوعه. لرقابة محكمة النقض.

-----------------
1 - مفاد نص المادة 25 من قانون الإجراءات الجنائية أن إبلاغ النيابة العامة أو مأموري الضبط القضائي بما يقع من جرائم يجوز للنيابة رفع الدعوى عنها بغير شكوى أو طلب، يعتبر حقاً مقرراً لكل شخص، ولكن لا يسوغ لمن يباشر هذا الحق الانحراف به عما وضع له واستعماله ابتغاء مضارة الغير وإلا حقت المساءلة بالتعويض - ولما كان الذي أورده الحكم المطعون فيه لا يصلح سنداً لتوافر الخطأ الموجب للمسئولية، ولا يكفي لإثبات انحراف الطاعنين عن حق الشكوى الذي يعتبر من الحقوق المباحة للأفراد، ولا يترتب على استعماله أدنى مسئولية قبل المبلغ طالما لم يثبت كذب الواقعة المبلغ عنها وأن التبليغ قد صدر عن سوء قصد، هذا إلا أن الحكم المطعون فيه خلص إلى اعتبار الطاعنين مسئولين عن التعويض استناداً إلى مجرد نشر الوقائع آنفة الذكر في جريدة الجمهورية دون أن يعرض الحكم إلى نسبة هذا الفعل إليهما أو تداخلهما فيه، لما كان مما تقدم، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب.
2 - تكييف الفعل المؤسس عليه طلب التعويض بأنه خطأ أو نفي هذا الوصف عنه هو من المسائل التي يخضع قضاء محكمة الموضوع فيها لرقابة محكمة النقض.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة؛ وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه, وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليها أقامت الدعوى رقم 6307 لسنة 1977 مدني شمال القاهرة الابتدائية ضد الطاعنين بطلب الحكم بإلزامهما متضامنين بأن يؤديها لها مبلغ 2000 جنيه، وقال شرحاً للدعوى، أنه بتاريخ 23/ 11/ 1974 أبلغ........ زوج الطاعنة الثانية شرطة مصر الجديدة بأن المطعون عليها تقاضت منه مبلغ 500 جنيه خلو رجل ومبلغ 100 جنيه مقدم إيجار، وقيد بلاغه رقم 784 لسنة 1974 جنح أمن دولة مصر الجديدة، وقررت فيها النيابة بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية، ثم تقدم الطاعنان ببلاغ مماثل لنيابة شرق القاهرة وقيد برقم 976 حصر تحقيق بتاريخ 7/ 10/ 1976، وأصدرت النيابة قراراً بحفظه، كما نشرت الطاعنة الثانية بتاريخ 22/ 9/ 1976 بجريدة الجمهورية مضمون شكواها ونشر الطاعن الأول بتاريخ 5/ 11/ 1975 تحقيقاً صحفياً في صورة بلاغ للمدعي الاشتراكي، وإذا لم يقصد الطاعنان من بلاغهما سوى الإساءة إلى المطعون عليها وترتب على ذلك إصابتها بأضرار مادية وأدبية فقد أقامت الدعوى بطلباتها سالفة البيان، وبتاريخ 6/ 11/ 1978 حكمت المحكمة برفض الدعوى، استأنفت المطعون عليها هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 5959 لسنة 95 ق مدني القاهرة طالبة إلغاءه والحكم بطلباتها، وبتاريخ 7/ 2/ 1980 حكمت بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام الطاعنين بالتضامن بينهما بدفع مبلغ 500 جنيه للمطعون عليها، طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر, وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين، ينعى بهما الطاعنان على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقولان، أنه اعتبر أن قيامهما بإبلاغ الجهات المختصة بواقعة تقاضي خلو رجل ومقدم إيجار، وتكرار هذا البلاغ بمثابة انحراف في استعمال الحق كما اعتبر أن نشوء الضرر عن استعمال الحق، يجعل هذا الاستعمال غير مشروع ولو لم يكن القصد الإضرار بالغير في حين أن الطاعنين قد استعملا حقاً مشروعاً لهما هو حق الشكوى إلى الجهات المختصة، ولا يغير من ذلك حفظ الشكوى لأنها من المسائل التقديرية مما لا يجوز معه افتراض سوء القصد. هذا فضلاً عن أن الحكم اعتبرهما مسئولين عما نشرته دار التحرير والجمهورية وحملهما وزر ما نشر مفترضاً أنهما مصدره في حين أنه قد يكون هناك مصدر آخر لهذا النشر، وهو ما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون، والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي في محله, ذلك أن المادة "25" من قانون الإجراءات الجنائية قد جرى نصها على أن "لكل من علم بوقوع جريمة, يجوز للنيابة رفع الدعوى عنها بغير شكوى أو طلب أن يبلغ النيابة العامة أو أحد مأموري الضبط القضائي عنها" مما مفاده أن إبلاغ النيابة العامة أو مأموري الضبط القضائي بما يقع من تلك الجرائم يعتبر حقاً مقرراً لكل شخص ولا يسوغ لمن يباشر هذا الحق الانحراف به عما وضع له, واستعماله ابتغاء مضارة الغير وإلا حقت المساءلة بالتعويض - لما كان ذلك، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه على أنه "بعد شكوى زوج المستأنف عليها الثانية - الطاعنة الثانية - الثابتة بالتحقيقات 784 لسنة 1974 جنح أمن الدولة مصر الجديدة وحفظها، عاود المستأنف عليه الأول - الطاعن الأول - الإبلاغ لنيابة شرق القاهرة في 7/ 10/ 1976..... بل تقدم بعد رفع دعوى التعويض ببلاغ في الشكوى رقم 473 لسنة 1978 إداري مصر الجديدة.. بل نشر بالعدد 7984 في 5/ 11/ 1975 بالجمهورية تحقيقاً صحفياً عن بلاغ المستأنف عليه الأول للمدعي الاشتراكي، ونشر بالعدد 8305 من ذات الجريدة الصادر في 23/ 9/ 1976 وبالصفحة الأولى صورة فوتوغرافية للمستأنف عليها وكتب تحتها اسم وعبارة دفعت 600 جنيه خلو رجل ضمن ما قيل أنه بلاغات للمدعي الاشتراكي عن الخلوات، واستكمل في ص 3 من العدد بأقوال نسبت لشقيقها المستأنف عليه الأول من أن شقيقته وزوجها دفعا خلو رجل لمالكة العقار وقدره 600 جنيه، فكل هذه البلاغات والنشر بعد حفظ التحقيق في بلاغ زوج المستأنف عليها الثانية في 23/ 11/ 1974، بل إن بتحقيقاتها تناقض الشهود فيها بصدد من حضر دفع الخلو ومن دفعه، ولا شك أن أفعالهما هذه المتمثلة في البلاغات والنشر بالجريدة أساءت إلى سمعة المستأنفة - المطعون عليها - وأظهرتها بمظهر المستغلة التي تخالف القانون بتقاضي خلو رجل بما أضر بها ضرراً أدبياً، كما أنه كبدها جهد ومصاريف التقاضي والاستجوابات بما يلزمان معه بجبره، وكان مؤدى ذلك، أن الحكم المطعون فيه اعتبر أن تقديم البلاغ من زوج الطاعنة الثانية ثم تكراره من الطاعن الأول، بمثابة انحراف في استعمال الحق مقترناً بسوء القصد، وإذ كانت المطالبة بالتعويض قوامها خطأ المسئول، وكان تكييف الفعل المؤسس عليه طلب التعويض بأنه خطأ ونفي هذا الوصف عنه هو من المسائل التي يخضع قضاء محكمة الموضوع فيها لرقابة محكمة النقض، وكان مقتضى المادة الرابعة من القانون المدني، أن من استعمل حقه استعمالاً مشروعاً لا يكون مسئولاً عما ينشأ عن ذلك من ضرر، وكان هذا الذي أورده الحكم المطعون فيه لا يصلح سنداً لتوافر الخطأ الموجب للمسئولية، ولا يكفي لإثبات انحراف الطاعنين عن حق الشكوى الذي يعتبر من الحقوق المباحة للأفراد، ولا يترتب على استعماله أدنى مسئولية قبل المبلغ طالما لم يثبت كذب الواقعة المبلغ عنها, وأن التبليغ قد صدر عن سوء قصد، هذا إلى أن الحكم المطعون فيه خلص إلى اعتبار الطاعنين مسئولين عن التعويض استناداً إلى مجرد نشر الوقائع آنفة الذكر في جريدة الجمهورية دون أن يعرض الحكم إلى نسبة هذا الفعل إليهما أو تداخلهما فيه، لما كان ما تقدم، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب مما يوجب نقضه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق