الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 26 أغسطس 2023

الطعن 349 لسنة 44 ق جلسة 25 / 1 / 1981 مكتب فني 32 ج 1 ق 61 ص 293

جلسة 25 من يناير سنة 1981

برئاسة السيد/ المستشار نائب رئيس المحكمة محمد فاضل المرجوشي، وعضوية السادة المستشارين: أحمد شوقي المليجي، إبراهيم فراج، عبد العزيز فوده وسعيد صقر.

---------------------

(61)
الطعن رقم 349 لسنة 44 ق

(1) تعويض. عمل "إنهاء العقد" محكمة الموضوع.
تقدير التعويض المستحق للعامل عن الفصل التعسفي. من سلطة محكمة الموضوع طالما أقامت قضاءها على أسباب سائغة. مراعاة المعاش الذي تقرر للعامل بقيمة إصابة العمل عند تقدير التعويض عنها. لا خطأ.
(2) تأمينات اجتماعية "إصابة عمل". فوائد.
إصابة العامل بعجز جزئي مستديم واستحقاقه معاشاً يوازي نسبة العجز من معاش العجز الكامل المستديم. وجوب حساب المعاش على أساس متوسط ما تقاضاه العامل فعلاً من أجر في السنة الأخيرة، القانون رقم 63 لسنة 1964.
(3) تأمينات اجتماعية "إصابة العمل".
التزام هيئة التأمينات الاجتماعية بتأمين إصابات العمل في حدود ما نص عليه قانون التأمينات رقم 63 لسنة 1964. أثره. عدم جواز مطالبة العامل للهيئة بفوائد التأخير طبقاً للمادة 226 مدني.

--------------------
1 - إذ كان يبين مما أورده الحكمان الابتدائي والاستئنافي أن محكمة الموضوع وهي بسبيل تقدير ما يستحقه الطاعن من تعويض قد استظهرت من أوراق الدعوى ومستنداتها وظروفها وملابساتها نوع العمل الذي كان يباشره الطاعن لدى الشركة المطعون ضدها وأجره وظروف فسخ العقد المبرم بينهما وصعوبة حصول الطاعن على عمل آخر وتولت بذلك تحديد مقدار التعويض الذي رأت أن الطاعن يستحقه على ضوء هذه العوامل مجتمعة, وكان تقدير التعويض متى قامت أسبابه هو من سلطة قاضي الموضوع دون معقب عليه فيه، وطالما أن الأسباب التي أوردتها المحكمة في هذا الصدد سائغة وتؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها في قضائها فإن ما ينعاه الطاعن في شأن تقدير التعويض لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً لا تجوز إثارته أمام هذه المحكمة. ولا ينال من ذلك أن محكمة الموضوع راعت في تقديرها للتعويض المعاش الذي تقرر للطاعن طبقاً لقانون التأمينات الاجتماعية نتيجة إصابة العمل وذلك لأن الغاية من التعويض هي جبر الضرر جبراً متكافئاً معه وغير زائد عليه.
2 - إذ كان البين من استقراء أحكام قانون التأمينات الاجتماعية الصادر بالقانون رقم 63 لسنة 1964 أنه أفرد الباب الرابع منه لتأمين إصابات العمل بينما خصص الباب السابع لتأمين الشيخوخة والعجز والوفاة، وكان الثابت في الدعوى أن الطاعن أصيب بإصابة عمل تخلف لديه عنها مستديم قدرت نسبته بـ 80% ومن ثم فهو عجز جزئي مستديم ويجري حساب معاش المؤمن عليه وفقاً للمادة 8 بالفصل الثاني من الباب الرابع من قانون التأمينات الاجتماعية المشار إليه بما يوازي نسبة ذلك العجز من معاش العجز الكامل المستديم المنصوص عليه بالمادة 27 منه. لما كان ذلك وكان النص في المادة 27 المذكورة على أنه "إذا نشأ من الإصابة عجز كامل مستديم أو وفاة سوى المعاش على أساس 80% من متوسط الأجر في السنة الأخيرة أو خلال مدة الاشتراك في التامين إن قلت عن ذلك, مفاده أن متوسط الأجر في السنة الأخيرة الذي يجري على أساسه حساب المعاش هو متوسط المبالغ التي تقضاها المؤمن عليه فعلاً بوصفها أجراً في خلال هذه الفترة، وإذ كان الثابت في الدعوى أن ما تقاضاه الطاعن في الثمانية الأشهر الأخيرة من السنة السابقة على فصله يعادل 70% من مرتبه طبقاً لما يقرره نظام العاملين التابع له في حالة المرض فإن الحكم المطعون فيه إذ عول على ما انتهى إليه الخبير من تقرير معاش الطاعن طبقاً لأحكام المادتين 27، 28 من قانون التأمينات الاجتماعية رقم 63 لسنة 1964 الواجب التطبيق على أساس متوسط الأجر الفعلي الذي تقاضاه في السنة الأخيرة يكون قد أصاب صحيح القانون إذ كان الشارع قد تغيا بقانون التأمينات الاجتماعية تحقيق الضمان الاجتماعي دون ارتباط بالقواعد العامة في المسئولية أو بالأركان والأسس القانونية التي يقوم عليها التأمين الخاص فقد ألزم الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية بالحقوق التأمينية للمؤمن عليه المصاب بإصابة عمل أياً كان المتسبب في الإصابة، ومن ثم فقد حصر مسئولية الهيئة فيما يقرره قانون التأمينات الاجتماعية في هذا الصدد وحظر في المادة 42 من القانون رقم 63 لسنة 1964 بإصدار قانون التأمينات الاجتماعية المقابلة للمادة 47 من القانون السابق رقم 92 لسنة 1959 على المصاب التمسك ضد الهيئة فيما يتعلق بإصابات العمل بأي قانون آخر خلاف هذا القانون مما مؤداه أنه لا يجوز للمصاب بإصابة عمل أن يطالب الهيئة بأي مبالغ تستحق له بسبب إصابة العمل بالاستناد إلى أي قانون آخر سواء أكانت قد استحقت له بسبب الإصابة ذاتها أم بسبب التأخير في الوفاء بها, لما كان ذلك فإن مطالبة الطاعن للهيئة بفوائد التأخير على سند من حكم المادة 226 من القانون المدني تصبح غير جائزة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 267 لسنة 1971 عمال كلي شمال القاهرة على الشركة العربية للملاحة البحرية والهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية طالباً إلزام الأولى بأن تؤدي إليه مبلغ 2500 جنيه على سبيل التعويض وبإلزام الثانية بأن تدفع له مبلغ 2502.960 جنيهاً متجمد فروق معاش الإصابة والفوائد التأخيرية بواقع 4% من تاريخ المطالبة الرسمية حتى السداد. وقال بياناً لدعواه أنه التحق بالشركة في وظيفة عامل كهربائي على ظهر السفن التابعة لها وتدرج أجره إلى أن أصبح 28 جنيهاً شهرياً، وأنه بتاريخ 15 مايو سنة 1962 أثناء قيامه بعمله في الخارج حدث انفجار في السفينة أدى إلى إصابته في عينيه، واستمر بعد ذلك في تقاضي أجره إلى أن فصلته الشركة في 30 أغسطس سنة 1967 لعدم الصلاحية، وإذ كان طبيب الشركة قد قرر أن نسبة العجز المتخلف لديه عن إصابته تبلغ 60% ومع ذلك فإنه عند طلبه إعادة النظر في تقدير نسبة العجز وإحالة طلبه إلى التحكيم الطبي انتهى إلى أنه أصيب بالة عصبية من إصابته تخلف لديه بسببها عاهة مستديمة تقدر بنسبة 20% وأن حالته قابلة للعلاج وأنه صالح للعمل فإن فصل الشركة له رغم ذلك يعتبر فصلاً تعسفياً أصابه بسببه ضرر مادي وأدبي يقدر بمبلغ ألفي جنيه كما أن الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية أخطأت في تقدير معاش الإصابة المستحق له وقامت بحسابه باعتبار أن أجره الشهري في تاريخ إصابته هو مبلغ 25 جنيهاً في حين أنه كان يتعين حساب المعاش على أساس متوسط أجره الشهري في السنتين الأخيرتين بمبلغ 28 جنيهاً، كذلك أخطأت في حساب نسبة العجز بـ 60% بينما هي 80% وأخضعت حالته للقانون رقم 92 لسنة 1959 مع أن حالته تخضع لأحكام القانون رقم 63 لسنة 1964 ومن ثم يكون معاشه الشهري مبلغ 17.920 جنيهاً ويستحق فروقاً مقدارها 8.320 شهرياً، وإذ تأخرت الهيئة في صرف متجمد هذه الفروق فإنها تلتزم بدفع فائدة تأخير تقدر بنسبة 1% من قيمة هذه الفروق عن كل يوم طبقاً للمادة 95 من القانون رقم 63 لسنة 1964 فضلاً عن استحقاقه فوائد التأخير المقررة بالمادة 226 من القانون المدني، لذلك أقام الدعوى بطلباته السالفة البيان. وبتاريخ 15 يناير سنة 1971 قضت المحكمة بندب خبير لأداء المهمة المبينة بمنطوق الحكم. وبعد أن قدم الخبير تقريره حكمت في 29 فبراير سنة 1982 بإعادة المأمورية إليه لفحص اعتراضات الطرفين واستكمال مهمته على نحو ما هو وارد بمنطوق الحكم، وبعد أن قدم الخبير تقريره الأخير عدل الطاعن مبلغ التعويض المطالب به إلى 8000 جنيهاً، وبتاريخ 29 نوفمبر سنة 1972 قضت المحكمة بإلزام الشركة بأن تدفع للطاعن مبلغ 500 جنيه وبإلزام الهيئة بأن تدفع له مبلغ 513.819 جنيهاً. استأنف الطاعن هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة وقيد استئنافه برقم 4641 لسنة 89 ق واستأنفته الهيئة العامة بالاستئناف رقم 161 لسنة 90 ق القاهرة وأقامت الشركة العربية المتحدة للملاحة البحرية استئنافاً فرعياً قيد برقم 3151 لسنة 90 ق القاهرة. وبعد أن ضمت المحكمة الاستئنافين رقمي 4641 لسنة 89 ق، 161 لسنة 90 ق حكمت في 30 يناير سنة 1974 في الاستئنافين رقمي 161 لسنة 90 ق، و3151 لسنة 90 ق برفضهما وفي الاستئناف رقم 4641 لسنة 89 ق بتعديل الحكم المستأنف وبإلزام الشركة العربية للملاحة البحرية بأن تدفع للطاعن مبلغ ألف جنيه. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على غرفة المشورة وتحدد لنظره أخيراً جلسة 23 نوفمبر 1980 وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعن بالسبب الأول منهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول أن الحكم أغفل أحد عناصر التعويض عن الفصل التعسفي وهو تعطله عن العمل من تاريخ فصله في 30 أغسطس سنة 1967 إلى تاريخ صدور الحكم الابتدائي في 29 نوفمبر سنة 1972 ولم يراع في تقديره للتعويض سنة وقت الفصل، بالإضافة إلى أن الحكمين الابتدائي والاستئنافي أوردا في أسبابهما أن أجر الطاعن وعمله قبل فصله يدخلان ضمن عناصر التعويض دون أن يفصح أي منهما عن مقدار هذا الأجر وما إذا كان يشمل المزايا النقدية والعينية التي كان يتقاضاها بجانب أجره الأصلي كبدل الغذاء والملابس والأجر الإضافي ونوع العمل الذي كان يقوم به وطبيعته وما إذا كان يمكنه الحصول على عمل آخر مثله، كذلك فإن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه أخطأ إذ أخذ في الاعتبار عند تقدير التعويض أن الطاعن قد تقرر له معاش طبقاً لقانون التأمينات الاجتماعية بما مؤداه أن الحكم أدخل المعاش ضمن عناصر تقدير التعويض عن الفصل التعسفي، في حين أن كلاهما مستقل عن الآخر لأن مصدر التعويض عن الفصل التعسفي هو خطأ صاحب العمل ويلتزم به ويقدر هذا التعويض بقيمة الضرر الذي أصاب العامل من جراء الفصل بينما يقدر المعاش وفقاً لأحكام قانون التأمينات الاجتماعية وتلتزم الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية به، بما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك لأنه لما كان الحكم الابتدائي قد أورد في مدوناته أن الطاعن كان يعمل كهربائياً على إحدى سفن الشركة المطعون ضدها وانتهى في قضائه إلى أن فصل الطاعن كان تعسفياً، عرض لتقدير قيمة التعويض عن هذا الفصل بقوله: "وإذ نال المدعي ضرر نتيجة هذا الفصل يتمثل في فقد مورد رزقه في معيشته وما سببه له من جهد في سبيل الحصول على عمل آخر ولم يحصل عليه بعد وعجز بمقدار 80%....... فإن المحكمة تقدر هذا الضرر بمبلغ 50 جنيهاً وذلك أخذاً في الاعتبار أن المدعي قد قرر له معاش طبقاً لقانون من هيئة التأمينات والظروف فصل المدعي ومقدار أجره ونوع عمله إعمالاً لمفهوم المادة 72 ق رقم 91 لسنة 1959...". وكان الحكم المطعون فيه إذ اقتصر على تعديل مبلغ التعويض قد أسس ذلك على قوله: "وحيث إنه بالنسبة لتقدير قيمة التعويض فترى هذه المحكمة تقديره بمبلغ ألف جنيه نظراً لظروف حالته الصحية والاجتماعية ونوع العمل الذي كان يقوم به وصعوبة حصوله على عمل آخر....."، وكان يبين من هذا الذي أورده الحكمان الابتدائي والاستئنافي أن محكمة الموضوع وهي بسبيل تقدير ما يستحقه الطاعن من تعويض قد استظهرت من أوراق الدعوى ومستنداتها وظروفها وملابساتها نوع العمل الذي كان يباشره الطاعن لدى الشركة المطعون ضدها وأجره وظروف فسخ العقد المبرم بينهما وصعوبة حصول الطاعن على عمل آخر وتولت بذلك تحديد مقدار التعويض الذي رأت أن الطاعن يستحقه على ضوء هذه العوامل مجتمعه, وكان تقدير التعويض متى قامت أسبابه هو من سلطة قاضي الموضوع دون معقب عليه فيه، وطالما أن الأسباب التي أوردتها المحكمة في هذا الصدد سائغة وتؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها في قضائها فإن ما ينعاه الطاعن في شأن تقدير التعويض لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً لا تجوز إثارته أمام هذه المحكمة... ولا ينال من ذلك أن محكمة الموضوع راعت في تقديرها للتعويض المعاش الذي تقرر للطاعن طبقاً لقانون التأمينات الاجتماعية - نتيجة إصابة العمل - ذلك لأن الغاية من التعويض هي جبر الضرر جبراً متكافئاً معه وغير زائد عليه. لما كان ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه لا يكون قد خالف القانون ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون من ثلاثة أوجه. وفي بيان الوجه الأول يقول أن خبير الدعوى الذي عول على تقريره الحكم المطعون فيه أخطأ إذ قام بحساب معاشه وفقاً للمادة 27 من قانون التأمينات الاجتماعية رقم 63 لسنة 1964 التي لا تخص حالته لأنها لا تطبق إلا عند حساب المعاش في حالات العجز الكامل المستديم, وقد كان يتعين حساب معاشه وفقاً للمادة 76 من هذا القانون، كما أخطأ الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه عندما ساير تقرير الخبير بشأن حساب أجره الشهري في الشهور الأخيرة من السنة السابقة على فصله بواقع 19.600 ج وحساب أجره الشهري في الشهور الأربعة الأول من تلك السنة بواقع 28 ج في حين أن انخفاض أجره في الشهور الثمانية السابقة على فصله كان بسبب مرضه وتقاضيه 70% من مرتبه، وكان يتعين حساب معاشه على أساس المرتب كاملاً لا بمقدار ما صرف له منه. وفي بيان الوجه الثاني يقول الطاعن أن الحكم خالف القانون عندما رفض طلب الفوائد التأخيرية عن متجمد فروق المعاش المستحق له بواقع 4% من تاريخ المطالبة الرسمية في 30 أغسطس سنة 1969 حتى السداد طبقاً لحكم المادة 226 من القانون المدني. وفي بيان الوجه الثالث يقول أن الحكم أيد قضاء الحكم الابتدائي في رفض طلب إلزام الهيئة المطعون ضدها بتعويض عن التأخير في صرف مستحقاته مقداره 1% من قيمتها عن كل يوم طبقاً للمادة 95 من قانون التأمينات الاجتماعية رقم 63 لسنة 1964 استناداً إلى أن الطاعن لم يقدم طلباً للهيئة أو للشركة المطعون ضدها لصرف هذه المستحقات مع أنه تقدم بطلب للشركة لصرف مستحقاته عن الإصابة فور عودته من الخارج لكنها تراخت في بحث هذا الطلب ولم تخطر الهيئة به إلا في 31 أكتوبر سنة 1967 بعد مضي أكثر من خمس سنوات على حدوث إصابته وتأيد ذلك بما هو ثابت بتقرير الخبير من أنه قدم إليه طلباً موقعاً من الموظفة المختصة بالشركة يفيد أن الطلب الذي كان قد تقدم به سابقاً قد فقد، هذا فضلاً عن استحقاقه هذه الغرامة عن الفروق المستحقة له بين قيمة المعاش المقضي به والمعاش الذي سبق أن قررته الهيئة له بما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن النعي في وجهه الأول مردود بأن البين من استقراء أحكام قانون التأمينات الاجتماعية الصادر بالقانون رقم 63 لسنة 1964 أنه أفرد الباب الرابع منه لتأمين إصابات العمل بينما خصص الباب السابع لتأمين الشيخوخة والعجز والوفاة، ولما كان الثابت في الدعوى أن الطاعن أصيب بإصابة عمل تخلف لديه عنها عجز مستديم قدرت نسبته بـ 80% ومن ثم فهو عجز جزئي مستديم ويجري حساب معاش المؤمن عليه وفقاً للمادة 28 بالفصل الثاني من الباب الرابع من قانون التأمينات الاجتماعية المشار إليه بما يوازي نسبة ذلك العجز من معاش العجز الكامل المستديم المنصوص عليه بالمادة 27 منه لما كان ذلك وكان النص في المادة 27 المذكورة على أنه: "إذا نشأ عن الإصابة عجز كامل أو مستديم أو وفاة, سوى المعاش على أساس 80% من متوسط الأجر في السنة الأخيرة أو خلال مدة الاشتراك في التأمين إن قلت عن ذلك". مفاده أن متوسط الأجر في السنة الأخيرة الذي يجري على أساسه حساب المعاش هو متوسط المبالغ التي تقضاها المؤمن عليه فعلاً بوصفها أجراً في خلال هذه الفترة، وإذ كان الثابت في الدعوى أن ما تقاضاه الطاعن في الثمانية الأشهر الأخيرة من السنة السابقة على فصله يعادل 70% من مرتبه طبقاً لما يقرره نظام العاملين التابع له في حالة المرض فإن الحكم المطعون فيه إذ عول على ما انتهى إليه الخبير من تقرير معاش الطاعن طبقاً لأحكام المادتين 27، 28 من قانون التأمينات الاجتماعية رقم 63 لسنة 1964 الواجب التطبيق على أساس متوسط الأجر الفعلي الذي تقاضاه في السنة الأخيرة يكون قد أصاب صحيح القانون. والنعي بالوجه الثاني في غير محله, ذلك لأنه لما كان الشارع قد تغيا لقانون التأمينات الاجتماعية تحقيق الضمان الاجتماعي دون ارتباط بالقواعد العامة في المسئولية أو بالأركان والأسس القانونية التي يقوم عليها التأمين الخاص فقد ألزم الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية بالحقوق التأمينية للمؤمن عليه المصاب بإصابة عمل أياً كان المتسبب في الإصابة، ومن ثم فقد حصر مسئولية الهيئة فيما يقرر قانون التأمينات الاجتماعية في هذا الصدد وحظر في المادة 41 من القانون رقم 63 لسنة 1964 بإصدار قانون التأمينات الاجتماعية المقابلة للمادة 47 من القانون السابقة رقم 92 لسنة 1959 على المصاب التمسك ضد الهيئة فيما يتعلق بإصابات العمل بأي قانون آخر خلاف هذا القانون, مما مؤداه أنه لا يجوز للمصاب بإصابة عمل أن يطالب الهيئة بأي مبالغ تستحق له بسبب إصابة العمل بالاستناد إلى أي قانون آخر سواء أكانت قد استحقت له بسبب الإصابة ذاتها أم بسبب التأخير في الوفاء بها لما كان ذلك فإن مطالبة الطاعن الهيئة بفوائد التأخير على سند من حكم المادة 226 من القانون المدني تصبح غير جائزة، وإذ قضى الحكم برفضها فإنه يكون قد انتهى إلى نتيجة صحيحة في القانون، ويكون النعي بهذا الوجه في غير محله. والنعي بالوجه الثالث غير مقبول ذلك لأن الطاعن لم يقدم ما يؤيده ادعاءه بتقديم الطلب الذي أشار إليه في وجه النعي ومن ثم يكون النعي بهذا الوجه بغير دليل.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق