جلسة 20 من يناير سنة 1981
برئاسة السيد المستشار/ محمود عثمان درويش، وعضوية السادة المستشارين: عبد الحميد المنفلوطي، منير عبد المجيد، محمد إبراهيم خليل وعلي السعدني.
-----------------
(49)
الطعن رقم 813 لسنة 46 القضائية
إثبات "طرق الإثبات".
اعتداد الحكم بعمل الدائن واتخاذه دليلاً لصالحه ضد المدين. خطأ.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر؛ والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليها تقدمت بطلب إلى رئيس محكمة جنوب القاهرة الابتدائية لإصدار أمر أداء بإلزام الطاعن بأن يؤدي لها مبلغ 300 ج، تأسيساً على أنه مدين لها بهذا المبلغ بموجب إيصال مؤرخ 11 أبريل سنة 1974، وقد صدر أمر الأداء رقم 23 لسنة 1975 جنوب القاهرة الابتدائية بتاريخ 4 فبراير سنة 1975 بإلزام الطاعن بأن يدفع لها المبلغ المذكور. تظلم الطاعن من هذا الأمر وقيد التظلم برقم 2541 لسنة 1975 مدني جنوب القاهرة الابتدائية، وبتاريخ 13 نوفمبر سنة 1975 حكمت المحكمة بإلغاء أمر الأداء المتظلم منه، وأسست قضاءها على أن الطاعن سدد مبلغ 200 جنيه للمطعون عليها، واتفقا في المذكرة رقم 38 أحوال قسم الخليفة بتاريخ 16 نوفمبر سنة 1974 على سداد المبلغ الباقي وقدره 100 جنيه في 1 يوليو سنة 1976 وهو أجل لم يكن قد حل، وأنه لا دليل على ما ادعته المطعون عليها من أن السداد كان على دين آخر، استأنفت المطعون عليها هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 3643 لسنة 92 ق القاهرة، وبتاريخ 26 يونيه سنة 1976 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف ورفض تظلم الطاعن. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر, وحددت جلسة لنظره, وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول إنه أقام قضاءه بإلغاء حكم محكمة أول درجة على أن الدين المطالب به يغاير الدين موضوع مذكرة الأحوال سالفة الذكر، وأن الوفاء من الطاعن كان عن الدين الأخير، وأن المطعون عليها احتفظت بصدده بحقها بالنسبة للدين المطالب به الذي حرر عنه إيصال بتاريخ 11 أبريل سنة 1974، في حين أنه لم يرد بمذكرة الأحوال ما يفيد احتفاظ الطاعنة بهذا الحق، وهو ما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه في مجال الإثبات لا يستطيع الإنسان أن يتخذ من عمل نفسه دليلاً لنفسه يحتج به على غيره بغير سند من القانون. لما كان ذلك, وكان التحفظ الذي عول عليه الحكم المطعون فيه - في استخلاص المغايرة بين الدين المشار إليه في مذكرة الأحوال والدين المطالب به موضوع أمر الأداء آنف الذكر - إنما كان تحفظاً صادراً من المطعون عليها بناء على إنذار عرض موجه إليها من الطاعن بتاريخ 31 أغسطس سنة 1975 استلمت بموجبه المبلغ المعروض وقدره مائة جنيه ووقعت بما يفيد ذلك مع احتفاظها بجميع حقوقها وخاصة بالنسبة للإيصال المحرر بتاريخ 11 أبريل سنة 1974، وكان هذا التحفظ بمدلوله من عمل المطعون عليها، فلا يقوم دليلاً لها يحتج به على الطاعن في هذه الحالة، وإذ اعتد الحكم في قضائه بهذا التحفظ وخلص إلى أن الطاعنة تداين المطعون عليه بدينين بينما خلت من ذلك الأوراق ومنها مذكرة الأحوال آنفة الذكر التي اتفق بمقتضاها الطاعن والمطعون عليها على آجال محددة للسداد، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه الفساد في الاستدلال، مما يستوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق