جلسة 20 من يناير سنة 1981
برئاسة السيد/ المستشار محمد محمود الباجوري، وعضوية السادة المستشارين: محمد عبد العزيز الجندي، مصطفى قرطام، محمد أحمد حمدي وأحمد كمال سالم.
-----------------
(51)
الطعن رقم 13 لسنة 48 القضائية "أحوال شخصية"
أحوال شخصية "التطليق" "غيبة الزوج".
التطليق للغيبة. إمكانية وصول الرسائل للزوج. وجوب إمهاله وإعذاره للإقامة مع زوجته. المادة 13 من القانون رقم 25 لسنة 1929. مدة الإمهال. ليست من مواعيد المرافعات. أثر ذلك. ليس للإعذار شكل خاص. كفاية علم الزوج بما يقرره القاضي بشأن الإمهال والإعذار.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر؛ والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدها أقامت الدعوى رقم 120 لسنة 1976 أحوال شخصية أمام محكمة الجيزة الابتدائية ضد الطاعن طالبة الحكم بتطليقها عليه بطلقة بائنة للغيبة، وبعد إحالة الدعوى إلى التحقيق وسماع شاهدي المطعون ضدها قضت المحكمة بتاريخ 1 مايو سنة 1977 بالتطليق. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 85 لسنة 94 ق القاهرة، وبتاريخ 5 مارس سنة 1978 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بالسببين الأول والثاني منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وقال في بيان ذلك إن المادة 13 من القانون رقم 25 لسنة 1929 ببعض أحكام الأحوال الشخصية توجب ضرب أجل للغائب إن أمكن وصول الرسائل إليه والإعذار إليه بأن يحضر للإقامة مع زوجته أو ينقلها إليه أو يطلقها. ومؤدى عبارة هذا النص أن الإنذار يلزم إجراؤه برسالة خاصة يبعث بها القاضي إلى الغائب لا بإعلان يتم بواسطة المحضرين. ومع ذلك، ولما كانت هذه المادة قد أوجبت وصول الإنذار إلى الغائب؛ فإنها تكون قد تضمنت استثناء من أحكام المادة 13 من قانون المرافعات تجيزه الفقرة الأولى منها، مؤداه عدم الاكتفاء بالعلم الحكمي بالإعذار في حالة الزوج المقيم خارج البلاد في موطن معلوم، وأوجبت حصول العلم الحقيقي أو الظني بتسلم صورة الإعذار إليه أو في موطنه بالخارج، وإذ لم تأخذ محكمة الاستئناف بهذا الدفاع الذي تمسك به الطاعن لديها، والذي يدخل في عمومه أن المحكمة لم تزد على الأجل الذي ضربته للطاعن ميعاد المسافة لمن يكون موطنه في الخارج، فإنها تكون قد خالفت القانون وأخطأت في تطبيقه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن النص في المادة 13 من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 الخاص ببعض أحكام الأحوال الشخصية على أنه "إن أمكن وصول الرسائل إلى الغائب ضرب له القاضي أجلاً وأعذر إليه بأنه يطلقها عليه إن لم يحضر للإقامة معها أو ينقلها إليه أو يطلقها. فإذا انقضى الأجل ولم يفعل ولم يبد عذراً مقبولاً فرق القاضي بينهما بتطليقة بائنة. وإن لم يمكن وصول الرسائل إلى الغائب طلقها القاضي عليه بلا إعذار, أو ضرب أجل" يدل على أن المشرع وإن جعل المناط في وجوب إمهال الزوج الغائب فترة من الزمن على إعذاره هو إمكانية وصول الرسائل إليه، إلا أنه لم يحدد وسيلة إعلانه بما يقرره القاضي في هذا الشأن. وإذا كانت مدة الإمهال المنصوص عليها في هذه المادة ليست من قبيل مواعيد المرافعات التي يتعين مراعاتها عند القيام بالإجراء المطلوب وإنما هي مجرد مهلة يقصد بها حث الزوج الغائب على العودة للإقامة مع زوجته أو نقلها إليه بجهة إقامته بحيث إذا فعل ذلك بعد انقضاء المهلة أو في أي مرحلة من مراحل الدعوى انتفى موجب التطليق، فإنه يكفي لتحقق شرط الإمهال والإعذار في حق الزوج الغائب أن يصل إلى علمه ما يقرره القاضي في هذا الشأن. لما كان ذلك, وكان البين من مدونات الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أن الطاعن مثل بوكيل عنه بالجلسة المحددة بقرار الإمهال والإعذار المعلن إليه بما يقطع بعلمه به، فإنه لا محل لما ينعى به على إجراءات إعلانه بهذا القرار ويكون النعي بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه فساد الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق والقصور في التسبيب من وجهين. (أولهما) أن محكمة الاستئناف استدلت بأقوال شاهدي المطعون ضدها التي استمعت إليها محكمة الدرجة الأولى على توافر عناصر الدعوى المؤدية إلى الحكم بالتطليق، مع أن هذه الأقوال سطحية وغير دالة على أن الشاهدين المذكورين كانا على صلة بطرفي الدعوى تمكنهما من العلم بما شهدا به عن حصول النفور بين الزوجين وطرد الطاعن للمطعون ضدها من منزل الزوجية. (وثانيهما) أن المحكمة المذكورة أغفلت دلالة الإقرار الموقع من المطعون ضدها الذي قدمه الطاعن لإثبات أنها هي التي تركت منزل الزوجية لزيارة والدتها المريضة بمصر، كما أغفلت المحكمة الشهادة الرسمية التي قدمها لنفي الغيبة والدلالة على إقامة دعوى الطاعنة رقم 368 لسنة 1976 أحوال شخصية الدقي والتي لازالت متداولة بالجلسات.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول في وجهه الأول لعريه عن الدليل إذ لم يقدم الطاعن صورة طبق الأصل من محضر التحقيق الذي يدعي بأن أقوال شاهدي المطعون ضدها فيه جاءت سطحية وغير مؤدية إلى ما استدلت بها المحكمة عليه من حصول الغيبة الموجبة للحكم بالتطليق، ومردود في الوجه الثاني بأن الثابت بصور الحافظة والمذكرة وطلب إعادة الدعوى للمرافعة المودعة ملف الطعن والتي قدمها الطاعن لمحكمة الاستئناف، أنه قدم السندين المذكورين بوجه النعي للمحكمة خلال فترة حجز الدعوى للحكم، ولم يقدم الدليل على أن المحكمة كانت قد أذنت للخصوم بتقديم مستندات خلال هذه الفترة، ومن ثم فإن إغفال محكمة الاستئناف هذين السندين وعدم الرد على ما جاء بهما لا يشوب حكمها بالقصور ولا بمخالفة الثابت بالأوراق.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق