جلسة 28 من يناير سنة 1981
برياسة السيد/ المستشار نائب رئيس المحكمة محمدي الخولي، وعضوية السادة المستشارين: يوسف أبو زيد، علي عمرو، وعزت حنورة وعلي الجمل.
-----------------
(77)
الطعن رقم 209 لسنة 47 القضائية
(1) اختصاص "الاختصاص النوعي". حكم "الأحكام الجائز الطعن فيها". نقض.
قضاء محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم اختصاص محكمة أول درجة والإحالة لقاضي التنفيذ. قضاء منه للخصومة كلها. جواز الطعن فيه بالنقض استقلالاً. مادة 212 مرافعات.
(2) اختصاص "الاختصاص النوعي". تنفيذ "اختصاص قاضي التنفيذ".
دعوى بطلان الحكم برسو المزاد مع طلب استحقاق العقار. منازعة في التنفيذ. اختصاص قاضي التنفيذ دون غيره بالفصل فيها.
(3) حق "التعسف في استعمال الحق". محكمة الموضوع. نقض "سلطة محكمة النقض".
حق الالتجاء إلى القضاء. مجال تحقق مسئولية من يستعمله. وصف محكمة الموضوع للأفعال بأنها خطأ من عدمه. خضوعه لرقابة محكمة النقض. إغفال الحكم بيان الظروف التي استظهر فيها عدم توافر سوء القصد. قصور.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر؛ والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى رقم 3593 لسنة 1971 مدني كلي جنوب القاهرة ضد الطاعن الثاني طالباً الحكم ببطلان إجراءات حكم مرسى المزاد الصادر في الدعوى رقم 53 لسنة 1965 بيوع كلي القاهرة، وقال بياناً لها إنه اشترى بموجب عقد بيع ابتدائي مؤرخ في 1 أغسطس سنة 1954 من مورث المطعون ضدهن من الثانية إلى الرابعة مساحة سهم واحد و10 قراريط في العقار الصادر عنه حكم مرسي المزاد سالف الذكر لصالح الطاعن الثاني. ولما كان الحصول على هذه الحكم قد تم بطريق الغش والتدليس فقد أقام دعواه للحكم له بطلباته، ثم أدخل المطعون ضده الأول الطاعن الأول والمطعون ضدهم من الثانية إلى الخامس في الخصومة بصحيفة قال فيها إن الطاعنين والمطعون ضده الخامس اتفقوا على الاستيلاء على ملكه وأن الطاعن الأول هو الرأس المدبرة والمفكرة في توجيه شركائه للاستيلاء على أملاك خمسة مواطنين بطرق ملتوية مخالفة للقانون والنظام العام، ثم أقام الطاعن الأول دعوى فرعية ضد المطعون ضده الأول طالباً الحكم بإلزامه بأن يدفع له مبلغ ثلاثة آلاف جنيه كتعويض عما ناله من ضرر مادي وأدبي من جراء إدخاله في خصومة دون مقتض وما وجهه إليه فيها من قذف وسب، كما أقام المطعون ضدهم من السادس إلى الأخير الدعوى رقم 4033 لسنة 1967 مدني كلي القاهرة ضد الطاعن الثاني وفي مواجهة المطعون ضده الأول ببطلان إجراء حكم مرسي المزاد سالف الذكر مؤسسين دعواهم على أنهم اشتروا ووضعوا اليد على أجزاء من العقار موضوع تلك الإجراءات، وبصدور قانون المرافعات الجديد أحيلت تلك الدعوى إلى قاضي التنفيذ بمحكمة الزيتون وقيدت أمامها برقم 132 لسنة 1969 ثم أحيلت إلى محكمة القاهرة الابتدائية لنظرها مع الدعوى الحالية رقم 3593 لسنة 1971 مدني كلي جنوب القاهرة للارتباط وقيدت أمامها برقم 685 لسنة 1972 مدني كلي جنوب القاهرة، دفع الطاعن الثاني الدعويين بعدم جواز نظرهما لسابقة الفصل فيهما في الدعوى رقم 1397 لسنة 1967 مدني كلي القاهرة واستئنافها رقم 1472 لسنة 84 قضائية القاهرة، فقضت المحكمة بتاريخ 30 يونيه سنة 1975 بعدم جواز نظر الدعويين سالفتي الذكر لسابقة الفصل فيهما وبرفض الدعوى الفرعية. استأنف المطعون ضده الأول هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 3292 لسنة 92 قضائية طالباً إلغاءه والحكم بعدم اختصاص محكمة أول درجة بنظر الدعوى وإحالتها إلى قاضي التنفيذ، كما استأنفه الطاعن الأول بالاستئناف رقم 3297 لسنة 92 قضائية القاهرة طالباً إلغاءه والقضاء له بطلباته, وبتاريخ 20 ديسمبر سنة 1976 حكمت المحكمة في الاستئناف رقم 3292 لسنة 92 قضائية بإلغاء الحكم المستأنف وإحالة دعوى المطعون ضده الأول إلى قاضي التنفيذ بمحكمة الزيتون الجزئية، وفي الاستئناف رقم 3297 لسنة 92 قضائية بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض. دفع المطعون ضده الأول بعدم جواز الطعن المرفوع من الطاعن الثاني تأسيساً على أنه حكم غير منه للخصومة لا يجوز الطعن فيه بالنقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الدفع وبعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضدهم من السادس إلى الأخيرة وفي الموضوع برفضه، وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى الدفع بعدم جواز الطعن في الحكم الصادر في الاستئناف رقم 3292 سنة 92 قضائية بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم اختصاص محكمة أول درجة بنظر الدعوى وإحالتها إلى قاضي التنفيذ، إنه حكم غير منه للخصومة فلا يجوز الطعن فيه بطريق النقض.
وحيث إن هذا الدفع مردود، ذلك أنه لما كانت المادة 212 من قانون المرافعات لا تجيز الطعن في الأحكام التي تصدر أثناء سير الدعوى ولا تنتهي بها الخصومة إلا بعد صدور الحكم المنهي للخصومة كلها وذلك فيما عدا الأحكام التي عددتها على سبيل الحصر والتي ليس من بينها الحكم المطعون فيه، وكان الحكم الأخير إذ صدر بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم اختصاص محكمة أول درجة بنظر الدعوى وإحالتها إلى قاضي التنفيذ المختص بنظرها، فإنه يكون من الأحكام الجائز الطعن فيها على استقلال؛ لأنه بالرغم من أنه ليس من الأحكام الحاسمة في أصل الحق موضوع الطلب المعروض على المحكمة للفصل فيه، إلا أنه يعتبر حكماً منهياً للخصومة كلها فيما فصل فيه وحسمه بصدد عدم الاختصاص ولن يعقبه حكم آخر في موضوعها من المحكمة التي أصدرته، ومن ثم يكون الدفع بعدم جواز الطعن بالنقض فيه على غير أساس.
وحيث إن مبنى الدفع بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضدهم من السادس إلى الأخيرة أنهم وقفوا من الخصومة أمام محكمة ثاني درجة موقفاً سلبياً ولم تتضمن أسباب الطعن ما يتعلق بهم.
وحيث إن هذا الدفع صحيح، ذلك أنه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يكفي فيمن يختصم في الطعن أن يكون طرفاً في الخصومة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه بل يجب أن تكون له مصلحة في الدفاع عن الحكم حين صدوره، لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن المطعون ضده الأول اختصم المطعون ضدهم من السادس إلى الأخيرة أمام محكمة الاستئناف وأنهم وقفوا من الخصومة موقفاً سلبياً ولم يحكم عليهم بشيء، وكان الطاعنان قد أسسا طعنهما على أسباب لا تتعلق إلا بالمطعون ضدهم الخمسة الأول، فإنه لا يقبل منهما اختصام باقي المعطون ضدهم، ويتعين لذلك القضاء بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضدهم من السادس إلى الأخيرة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية بالنسبة للمطعون ضدهم الخمسة الأول.
أولاً: عن الحكم الصادر في الاستئناف رقم 3292 لسنة 92 قضائية:
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد ينعى به الطاعن الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون من ثلاث أوجه، وفي بيان ذلك يقول عن (الوجه الأول) إن الحكم المطعون فيه انتهى إلى عدم اختصاص محكمة أول درجة بنظر الدعوى واختصاص قاضي التنفيذ بها تأسيساً على أنها منازعة موضوعية في التنفيذ حال أنها دعوى بطلان أصلية لحكم مرسى المزاد، وهي بذلك تكون دعوى عادية تخضع لقواعد العادية من حيث الاختصاص، وعن (الوجه الثاني) أن الدعوى الصادر فيها الحكم المطعون فيه سبق أن أحيلت إلى قاضي التنفيذ الذي قضى بعدم اختصاصه بنظرها وبإحالتها إلى محكمة جنوب القاهرة الابتدائية التي فصلت فيها التزاماً منها بهذه الإحالة وعملاً بالمادة 110 من قانون المرافعات, فما كان يجوز بعد ذلك أن يعيدها الحكم المطعون فيه إلى قاضي التنفيذ ليفصل فيها، وعن (الوجه الثالث) أن قضاء الحكم المطعون فيه بعدم اختصاص محكمة أول درجة بنظر الدعوى جاء استناداً إلى أن طلبات المطعون ضده الأول فيها هو بطلان حكم مرسي المزاد واستحقاقه للعقار الصادر في شأنه الحكم المذكور، رغم ما في ذلك من مخالفة للثابت بالأوراق؛ حيث قصر المطعون ضده الأول طلباته أمام محكمة أول درجة على بطلان حكم مرسي المزاد دون سواه.
وحيث إن هذا النعي مردود في (الوجهين الأول والثالث) بأن الدعوى - على ما يبين من الأوراق - هي منازعة في التنفيذ على العقار رفعت بطلب بطلان حكم صدر برسو المزاد فتكون بذلك من الدعاوى التي يختص بنظرها قاضي التنفيذ دون غيره عملاً بنص المادة 275 من قانون المرافعات, يستوي في ذلك أن تكون الطلبات في الدعوى بطلان الحكم مرسي المزاد واستحقاق العقار موضوع هذا الحكم أم كانت قاصرة على الطلب الأول دون سواه وفي (الوجه الثاني) فإنه غير صحيح ما قرر به الطاعن الثاني من أن الدعوى الصادر فيها الحكم المطعون فيه سبق أن نظرها قاضي التنفيذ وقضى فيها بعدم اختصاصه بنظرها وإحالتها إلى محكمة جنوب القاهرة الابتدائية، إذ أن الثابت من الأوراق أن دعوى الطاعن الثاني قد أقيمت ابتداء أمام محكمة القاهرة الابتدائية برقم 2524 سنة 1967 مدني كلي القاهرة ثم قيدت برقم 3593 سنة 1971 مدني كلي جنوب القاهرة، ونظرت أمام تلك المحكمة إلى أن صدر فيها الحكم بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها، ثم صدر الحكم المطعون فيه في الاستئناف الذي رفع عن هذا الحكم، وأن ما سبق عرضه على قاضي التنفيذ بمحكمة الزيتون هو الدعوى رقم 4023 سنة 1967 مدني كلي القاهرة التي أحيلت إليه تنفيذاً لقانون المرافعات الجديد الذي انعقد به الاختصاص بنظرها لقاضي التنفيذ ثم أحالها الأخير إلى محكمة القاهرة لنظرها مع الدعوى رقم 3593 سنة 1971 مدني كلي جنوب القاهرة للارتباط وقيدت أمامها برقم 685 سنة 1972 مدني كلي جنوب القاهرة ولم يستأنف الخصوم فيها الحكم الصادر فيها، وبذلك فإن موضوع الدعوى لم يكن مثاراً بالحكم المطعون فيه، وبالتالي فإن النعي برمته يكون على غير أساس.
ثانياً عن الحكم الصادر في الاستئناف رقم 3297 سنة 92 قضائية:
وحيث إن مما ينعاه الطاعن الأول على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم المطعون فيه إذا انتهى إلى رفض الحكم بالتعويض المطالب به على سند من القول بعدم توافر سوء القصد في حق المطعون ضده الأول، وأنه فيما اتخذه لم يكن منحرفاً عن السلوك المألوف في مثل هذه الظروف، دون أن يستعرض ظروف وملابسات النزاع حسبما هو ثابت بأوراقها وما تضمنته هذه الأوراق من عبارات القذف والسب التي وجهها المطعون ضده الأول اكتفاءاً بالقول بأن ما ورد بالأوراق لا يعتبر قذفاً، فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوباً بالقصور بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن حق الالتجاء إلى القضاء من الحقوق المكفولة للكافة فلا يكون من استعمله مسئولاً عما ينشأ من استعماله من ضرر للغير إلا إذا انحرف بهذا الحق عما وضع له واستعمله استعمالاً كيدياً ابتغاء مضارة الغير، وأن وصف محكمة الموضوع للأفعال المؤسس عليها طلب التعويض بأنها خطأ أو ليست كذلك هو من المسائل التي تخضع لرقابة محكمة النقض، لما كان ذلك وكان الطاعن الأول قد أسس طلب الحكم بإلزام المطعون ضده الأول بالتعويض المطالب به على أن الأخير قد اختصمه في الدعوى رغم عدم وجود أية علاقة له بموضوع النزاع سوى أنه كان محامياً لأحد أطرافها، ودون أن يوجه أية طلبات إليه فيها واقتصر على القول بصحيفة إدخاله بأن "القصد من إعلان المدعى عليه الثالث (الطاعن الأول) أنه هو الرأس المدبرة والمفكرة ويدير الأمور ويعاون ويساعد باقي الشركاء بخبرته، وهو أيضاً الذي يقوم بتوجيههم للاستيلاء على ملك خمسة مواطنين بطرق منافية للقانون ومخالفة للنظام العام وملتوية" وذلك بعد ما نسب بصحيفة الإدخال إلى من أسماهم بالشركاء "ارتكاب جريمة تزوير بيانات مساحية وأوراق أخرى" كما أورد بمذكرتين قدمتا منه "أن الطاعن الأول يساعد موكله الخصم الأصلي في التزوير". لما كان ذلك، وكان الحكم الطعون فيه قد انتهى إلى تأييد حكم محكمة أول درجة على سند من قوله بأن "البادي من ظروف الدعوى وملابساتها أو المستأنف عليه (المطعون ضده الأول) لم يكن إلا في موقف المدافع عن حقوقه المهددة بالضياع، وهو في استعماله لحقه في الدفاع عن نفسه وماله لم يعمد إلى التشهير بالمستأنف (الطاعن الأول) أو النيل منه، وهو أيضاً لم يتجاوز الحدود التي يجب عليه التزامها في سلوكه في مقاضاة من يرى له مصلحة في مقاضاته سواء باختصامه أمام القضاء...... ذلك أن حق التقاضي وحق الشكوى مكفولان للجميع ولا ضير على متقاض أو على شاك، طالما أنه لم يتجاوز حدود الدفاع عن نفسه وماله ولم يعمد إلى مجرد الكيد إلى خصمه أو مجرد التشهير به أو النيل منه، وما فعله المستأنف عليه (المطعون ضده الأول) حسبما تنبئ عنه ظروف الدعوى وملابساتها لم يكن إلا استعمالاً لحق في التقاضي وفي الشكوى دون تعمد الإضرار بالمستأنف ودون انحراف عن السلوك المألوف في مثل هذه الظروف", وكان الحكم المطعون فيه لم يفصح عن ماهية الظروف والملابسات التي استظهر منها عدم توافر القصد لدى المطعون ضده الأول في إدخال الطاعن الأول خصماً في الدعوى وأن ما وجهه إليه من عبارات لا يشكل قذفاً أو سباً في حقه, مما يعجز محكمة النقض عن مراقبة الوصف القانوني لهذه الأفعال وما إذا كانت تعد خطأ موجباً للمسئولية، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد شابه قصور في التسبيب بما يوجب نقضه في هذا الخصوص دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن على أن يكون مع النقض الإحالة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق