جلسة 27 من يناير سنة 1981
برئاسة/ السيد المستشار نائب رئيس المحكمة محمد محمود الباجوري، وعضوية السادة المستشارين: صبحي رزق داود، مصطفى قرطام، محمد أحمد حمدي وهاشم قراعة.
-----------------
(68)
الطعن رقم 46 لسنة 48 القضائية
(1، 2) أحوال شخصية "لغير المسلمين". "تغيير الطائفة" "أبطال الانضمام".
(1) تغيير الطائفة أو الملة لا يتم ولا ينتج أثره إلا بقبول الطلب وإتمام الطقوس والمظاهر الخارجية الرسمية.
(2) للجهات الكنسية تتبع مدى سلامة الانضمام إليها بعد حصوله. حقها في إبطال الانضمام بعد قبوله إذا تبين عدم جديته. أثر ذلك. اعتبار الشخص باقياً على مذهبه القديم. لمحكمة الموضوع مراقبة ظروف الإبطال والتحقق من صدوره في نطاق السلطات الكنسية.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 688 لسنة 1974 أحوال شخصية كلي شمال القاهرة بطلب الحكم بإثبات طلاقه لزوجته الطاعنة وقال بياناً لدعواه أنه تزوجها بعقد مؤرخ 19 يناير سنة 1969 على شريعة الأقباط الأرثوذكس وهي الطائفة التي كانا ينتميان إليها، وإذ انسلخ منها وانضم إلى طائفة الروم الأرثوذكس بلبنان بموجب شهادة الانضمام المقيدة بسجلاتها تحت رقم 617 لسنة 1974 في 25 أغسطس سنة 1974 وأصبحا مختلفي الملة، وكان يحق له أن يوقع يمين الطلاق على الطاعنة وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية، فقد أقام دعواه، وبتاريخ 30 ديسمبر سنة 1974 حكمت المحكمة غيابياً بإثبات الطلاق، عارضت الطاعنة في هذا الحكم. قضت المحكمة بإلغاء الحكم المعارض فيه ورفض الدعوى، استأنف المطعون ضده هذا الحكم بالاستئناف رقم 174 لسنة 94 ق أحوال شخصية القاهرة وبتاريخ 13 مايو سنة 1978 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبإثبات طلاق المطعون ضده لزوجته طلاقاً بائناً - طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك تقول أنها قدمت إلى محكمة الاستئناف قراراً صادراً بتاريخ 10 يوليو سنة 1975 من المحكمة الروحية الأرثوذكسية لأبرشية عكار وتوابعها بإلغاء شهادة انضمام المطعون ضده إلى طائفة الروم الأرثوذكس الصادرة من مطرانية عكار الأرثوذكسية برقم 617 في 25 أغسطس سنة 1974، ومع ذلك فقد عول عليها الحكم المطعون فيه في قضائه دون أن يتعرض لأثر القرار بإلغائها رغم أنه يحق للجهة الدينية أن تلغي الانضمام بأثر رجعي فيظل الشخص على مذهبه السابق، وهو ما يعيب الحكم بالقصور في التسبيب فضلاً عن الخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن النعي في محله، ذلك أن تغيير الطائفة أو الملة - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - وإن كان أمراً يتصل بحرية العقيدة, إلا أنه عمل إداري من جانب الجهة الدينية المختصة، ومن ثم فهو لا يتم ولا ينتج أثره بمجرد الطلب وإبداء الرغبة، ولكن بعد الدخول فيها وإتمام طقوسها ومظاهرها الخارجية الرسمية وقبول طلب الانضمام إلى الطائفة أو الملة الجديدة، مما مقتضاه أن على الرئيس الديني للملة أو الطائفة التي يرغب الشخص في الانضمام إليها أن يتحقق قبل قبول الطلب من جديته وأن يستوثق من صدوره عن نية سليمة كما أن له أن يبطل الانضمام بعد قبوله ويعتبره كأن لم يكن إذا تبين عدم جديته وأن الشخص لم يستهدف من التغيير إلا التحايل على القانون, اعتباراً أنه يندرج في صميم السلطات الدينية الباقية للجهات الكنيسية، وكان بطلان الانضمام لا يترتب عليه أن يصبح الشخص بلا مذهب أو ملة بل يعتبر باقياً - على مذهبه القديم كأن تغييراً لم يحدث فيه، وكان من حق قاضي الموضوع وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - مراقبة الظروف التي حدت بالجهة الدينية على إبطال قرار الانضمام للتحقق من صدوره. في نطاق السلطات الكنسية الباقية لها، وأنه مبني على أساس سوء نية طالب الانضمام منذ قدم الطلب به، لأنه مسألة تكييف تتعلق بتطبيق القانون على واقعة الدعوى، لما كان ذلك وكانت الطاعنة قد قدمت أمام محكمة الاستئناف صورة طبق الأصل من القرار الصادر بتاريخ 10 يوليو سنة 1975 من المحكمة الروحية الأرثوذكسية لأبرشية عكار وتوابعها بإلغاء شهادة انضمام المطعون ضده الصادرة من مطرانية عكار الأرثوذكسية في 25 أغسطس سنة 1974 برقم 617 لحصوله عليها بطريق الاحتيال ليتمكن من طلاق زوجته الطاعنة، وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه استدل على انضمام المطعون ضده إلى طائفة الروم الأرثوذكس بالشهادة المؤرخة 25 أغسطس سنة 1974 ورتب على ذلك أن الطاعنة والمطعون ضده مختلفان ملة فيجوز له أن يطلقها بالإدارة المنفردة طبقاً لأحكام الشريعة الإسلامية، وذلك دون أن يتعرض لدلالة المستند المقدم من الطاعنة ببطلان الانضمام الذي لو عنيت بمناقشة لأمكن أن يتغير وجه الرأي في الدعوى فإنه يكون قد شابه قصور في التسبيب يبطله، بما يستوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق