جلسة 12 من فبراير سنة 1985
برياسة السيد المستشار/ عبد العزيز عبد العاطي إسماعيل نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: مدحت المراغي، جرجس إسحق، د. رفعت عبد المجيد والسيد السنباطي.
----------------
(58)
الطعن رقم 864 لسنة 51 القضائية
(1) شفعة "دعوى الشفعة" الخصوم فيها.
بيع مشتري العقار المشفوع فيه إلى مشتر ثان قبل إعلان الرغبة في الأخذ بالشفعة أو قبل تسجيلها. م 938 مدني. عدم جواز الأخذ بالشفعة إلا من المشتري الثاني. إثبات الشفيع صورية البيع الثاني. أثره. إعفاؤه من توجيه طلب الشفعة إلى المشتري الثاني. تمسك الشفيع بالبيع الأول ودعاء صورية البيع الثاني. وجوب إثبات ذلك في مواجهة المشتري الثاني باختصامه في دعوى الشفعة لإثبات الصورية في مواجهته.
(2) شفعة. حكم "قصور مبطل".
جواز الأخذ بالشفعة في البيع ولو لم يكن بعقد مسجل أو ثابت التاريخ. إقامة الحكم قضاءه على وجوب أن يكون البيع إلى المشتري الثاني ثابتاً قبل تسجيل إعلان الرغبة في الشفعة. خطأ في القانون.
(3) حكم "تسبيبه". دفاع "الدفاع الجوهري".
إغفال الحكم الرد على دفاع جوهري قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى. أثره. بطلانه للقصور في أسباب الواقعية.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى رقم 297 لسنة 1977 مدني كلي اليوم ضد الطاعن وباقي المطعون ضدهم عدا الأخير بطلب الحكم بأحقيته في الأخذ بالشفعة لحصة قدرها 18 ط من 24 ط في العقار المبين بصحيفة الدعوى لقاء ثمن قدره 540 ج والتسليم. وقال بياناً لدعواه إن المطعون ضدها الثانية ومورثة المطعون ضدهم من الثالثة إلى الثامنة باعتا إلى الطاعن الحصة سالفة الذكر لقاء ثمن قدره 540 ج ولأنه يمتلك حصة في العقار المجاور للعقار المشفوع فيه فقد أنذر كلاً من البائعين والمشتري في 28/ 2/ 1977 برغبته في أخذ العقار بالشفعة وأودع خزينة المحكمة مبلغ 700 ج وأقام دعواه. دفع الطاعن الدعوى بعم قبولها لرفعها على غير ذي صفة بمقولة إنه تصرف في العقار المشفوع فيه إلى المطعون ضده الأخير بموجب عقد مؤرخ 31/ 10/ 1976 قبل إعلان الرغبة أو تسجيله وأدخل المشتري المذكور خصماً في الدعوى - الذي مثل فيها وتمسك بدوره بالدفع المبدى بعدم القبول. بتاريخ 19/ 11/ 1979 قضت محكمة الدرجة الأولى برفض الدعوى. استأنف المطعون ضده الأول بالاستئناف رقم 262 لسنة 15 ق بني سويف "مأمورية الفيوم"، وبتاريخ 3/ 12/ 1981 قضت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبأحقية المطعون ضده الأول في أخذ العقار بالشفعة لقاء الثمن الحقيقي وقدره 540 ج والتسليم. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حدد جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون. وفي بيان ذلك يقول إنه أقام قضاءه على أنه يشترط لتطبيق المادة 938 من القانون المدني أن يكون البيع للمشتري الثاني ثابتاً ثبوتاً قاطعاً بتسجيله أو إثبات تاريخه قبل إعلان الرغبة في الأخذ بالشفعة في حدود ما تقضي به المادة 15 من قانون الإثبات في حين أنه لا يشترط أن يكون البيع الذي تجوز فيه الشفعة مسجلاً أو ثابت التاريخ وأنه يجب توجيه طلب الأخذ بالشفعة إلى المشتري الثاني متى كان البيع الثاني قد تم قبل تسجيل طلب الأخذ بالشفعة ما لم يثبت الشفيع أنه بيع صوري قصد به منع الشفعة في البيع الأول، وإذ لم يتمسك الشفيع المطعون ضده الأول بالطعن على البيع الثاني بالصورية كما لم يقم ثمة دليل على ذلك فإن الحكم المطعون فيه إذ غفل عن كل هذا وذهب على خلافه إلى أن الطاعن لم يثبت تاريخ البيع الثاني فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه وإن كان مفاد نص المادة 938 من القانون المدني إذا صدر من مشتري العقار المشفوع فيه بيع لمشتر ثان قبل أن تعلن أية رغبة في الأخذ بالشفعة أو قبل أن يتم تسجيل هذه الرغبة فإنه يسري في حق الشفيع ولا يجوز الأخذ بالشفعة إلا من المشتري الثاني وبالشروط التي اشترى بها إلا أن ذلك مشروط بألا يكون البيع الثاني صورياً - فإذا ادعى الشفيع صوريته وأفلح في إثبات ذلك اعتبر البيع الثاني غير موجود وكأن لم يكن ويبقى البيع الأول قائماً وهو الذي يعتد به في الشفعة وهو ما يغني الشفيع أصلا عن توجيه طلب الشفعة إلى المشتري الثاني وإن كان يتعين مع ذلك إدخاله في الدعوى لوجوب إثبات الصورية في مواجهته باعتبار أنه صاحب الشأن الأول في نفي الصورية وإثبات جدية عقده حتى يكون للحكم الصادر فيها حجية قبله. كما أن من المقرر أيضاً أنه لا يشترط قانوناً في البيع الذي تجوز فيه الشفعة أن يكون بعقد مسجل أو ثابت التاريخ. لما كان ذلك وكان الثابت بالأوراق أن عقد البيع الصادر من الطاعن - المشتري الأول للعقار المشفوع فيه - إلى المطعون ضده الأخير - المشتري الثاني - قد تم بتاريخ 1/ 10/ 1976 والذي تم تسجيله في 1/ 3/ 1977 وكان الطاعن قد دفع بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة وأدخل المطعون ضده الأخير المشتري منه في الدعوى - كما تمسك الخصم المدخل أيضاً بالدفع بعدم قبول الدعوى لعدم توجيه طلب الشفعة إلى البيع الثاني الصادر إليه من المشتري الأول في 1/ 10/ 1976 والسابق على تاريخ إعلان الشفيع رغبته بالأخذ في الشفعة الموجه إلى المشتري الأول والبائعين في 1، 2/ 2/ 1977 وعلى تاريخ تسجيله في 1/ 3/ 1977 - وكان الشفيع المطعون ضده الأول وإن ذهب رداً على ذلك الدفع أمام محكمة الدرجة الأولى إلى العزوف صراحة عن الطعن على البيع الثاني بالصورية بمقولة أنه لا حاجة لذلك. وهو ما سجله عليه الحكم الابتدائي وقضى على أساسه برفض دعواه. إلا أنه عاد أمام المحكمة الاستئنافية إلى التمسك بأن العقد المذكور غير ثابت التاريخ ومن ثم فلا يحتج به عليه باعتباره من الغير هذا إلى أنه عقد صوري صورية مطلقة دون حاجة به إلى طلب تحقيق ذلك اكتفاء بما أورده من أنه عن صورة واحدة وغير موقع عليه من أي شاهد وأنه مقدم من البائع. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد ذهب في رده على هذا الدفع إلى القول بأنه يشترط تطبيق نص المادة 938 من القانون المدني أن يكون البيع للمشتري الثاني ثابتاً ثبوتاً قاطعاً - على نحو ما توجبه المادة 15 من قانون الإثبات - قبل تسجيل إعلان الرغبة في الأخذ بالشفعة وأن كلاً من الطاعن والمطعون ضده الأخيرة لم يورد أي دفاع أو طلبات بشأن عدم ثبوت تاريخ العقد المذكور مما يقتضي الالتفات عنه لانتفاء الدليل على أنه سابق على تسجيل إنذار الشفعة الحاصل في 1/ 3/ 1977. لما كان ما تقدم وكان هذا الذي ذهب وانتهى إليه الحكم يخالف صحيح القانون الذي لا يشترط في البيع الذي تجوز فيه الشفعة أن يكون بعقد مسجل أو ثابت التاريخ وأوجب على الشفيع في هذه الحالة أن يوجه طلب الأخذ بالشفعة إلى البيع الثاني متى كان سابقاً لإعلان الرغبة أو تسجيله. فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وقد حجبه هذا الخطأ عن التعرض لبحث الدفع المبدى من المطعون ضده الأول بصورية هذا البيع والرد عليه وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه لهذا السبب.
ولما تقدم يتعين نقض الحكم المطعون فيه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق