جلسة 28 من فبراير سنة 1985
برياسة السيد المستشار/ يوسف أبو زيد نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: محمد مختار منصور، ومحمود نبيل البناوي، د. محمد بهاء الدين باشات وريمون فهيم إسكندر.
----------------
(73)
الطعن رقم 1674 لسنة 54 القضائية
(1) بيع "التزامات البائع: ضمان العيوب الخفية".
العيب الخفي. ماهيته. العلم المسقط لضمان العيب. العبرة فيه بالعلم الحقيقي دون العلم الافتراضي. إقرار المشتري في عقد البيع بمعاينته للمبيع المعاينة النافية للجهالة أو قلة ثمن المبيع. عدم كفايته للدلالة عليه.
(2) بيع "الوفاء بالثمن". عقد "فسخ العقد".
حق المشتري في توقي طلب الفسخ بالوفاء بباقي الثمن قبل صدور الحكم النهائي بفسخ عقده. شرطه. ألا يكون مما يضار به البائع.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنين أقاموا الدعوى رقم 2910 لسنة 1978 مدني كلي الإسكندرية على المطعون ضدهم وانتهوا في طلباتهم الختامية إلى طلب الحكم بأحقيتهم في حبس مبلغ 7000 ج باقي ثمن العقار المبيع بموجب عقد البيع الابتدائي المؤرخ 17/ 7/ 1977 وملحقه المؤرخ 28/ 7/ 1977 وإلزام المطعون ضدهم متضامنين بأن يدفعوا تعويضاً مقداره 18000 ج وقالوا بياناً لها إنهم اشتروا من المطعون ضدهم العقار المذكور بموجب العقد والملحق المشار إليهما مقابل مقداره 36000 ج تبقى منه عليهم مبلغ 7000 ج وفوجئوا بعد عدة أشهر من استلامهم العقار بحدوث (تشريكات) وشروخ بحوائطه على النحو الذي أثبته خبير إثبات الحالة في الدعوى رقم 3708 لسنة 1977 مدني مستعجل إسكندرية وإذ كان يحق لهم لذلك حبس المبلغ المتبقي من ثمن هذا العقار والتعويض عن الضرر فقد أقاموا هذه الدعوى ليحكم لهم بطلباتهم كما أقام المطعون ضدهم الدعوى رقم 1148 لسنة 1978 مدني كلي الإسكندرية على الطاعنين طالبين الحكم بفسخ هذا العقد على سند من أن الطاعنين لم يوفوا بباقي ثمن المبيع. أمرت المحكمة بضم الدعويين وبتاريخ 19/ 2/ 1980 قضت بفسخ عقد البيع وبرفض الدعوى الأخرى. استأنف الطاعنون هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية بالاستئناف رقم 410 لسنة 36 ق طالبين إلغاءه والحكم لهم بالتعويض ورفض دعوى الفسخ. بتاريخ 28/ 4/ 1984 قضت المحكمة بالتأييد. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض. أودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم. عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعنون بالوجهين الأول والثاني من أولهما على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقولون إن إقرار المشتري في عقد البيع بمعاينته المبيع معاينة نافية للجهالة أو قلة الثمن المشترى به لا يدل على أن العيب كان ظاهراً عند التعاقد وقد استدل الحكم المطعون فيه بهذين الأمرين وحدهما على أن العيب كان معلوماً عند الشراء ورتب على ذلك رفض طلب التعويض وهو ما يعيبه بالفساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أنه لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن العيب في المبيع يعتبر خفياً متى كان المشتري غير عالم به وغير مستطيع أن يعلمه أو إذا لم يكن من الممكن اكتشافه بالفحص المعتاد الذي تعارف الناس على القيام به بل كان يتطلب خبرة خاصة وفحصاً معيناً لا يتوافران في المشتري وكان العلم الذي ينتفي به ضمان العيب هو العلم الحقيقي دون العلم الافتراضي وهو ما لا يكفي للدلالة عليه مجرد إقرار المشتري في عقد البيع بمعاينته للمبيع المعاينة النافية للجهالة أو قلة ثمن المبيع فإن الحكم المطعون فيه إذ أقام قضاءه بانتفاء الخفاء عن العيب على مجرد قوله ".... الثابت من عقد البيع مشتري المدعيين... إنهم عاينوا العقار معاينة كافية ونافية للجهالة وقبلوه بحالته التي هو عليها وقد روعيت حالة العقار عند تقدير الثمن إذ تبين أن العقار مكون من خمسة طوابق.... وأن ذلك التقدير لثمن البيع وهو 36000 ج قد روعيت فيه حالة العقار إذ لا يعقل أن يكون هذا الثمن هو ثمن مثل هذه العمارة اللهم إلا إن وضع في الاعتبار حالتها...." وهو ما لا يدل وحده على ذلك العلم فإنه يكون معيباً بالفساد في الاستدلال.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالوجه الثاني من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور وفي بيان ذلك يقولون إنهم أودعوا باقي ثمن المبيع خزينة محكمة الاستئناف بما ينقضي به التزامهم بالوفاء بباقي الثمن ويمتنع معه القضاء بفسخ العقد وإذ لم يتعرض الحكم لهذا الدفاع وأيد قضاء محكمة أول درجة بفسخ العقد يكون معيباً بالقصور.
وحيث إن ها النعي في محله ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن للمشتري أن يتوقى الفسخ بالوفاء بباقي الثمن قبل صدور الحكم النهائي بفسخ عقده ما لم يكن هذا الوفاء اللاحق مما يضار به للبائع، وإذ كان الثابت من الأوراق أن الطاعنين أوعوا باقي الثمن خزينة المحكمة قبل صدور الحكم النهائي بالفسخ فإن الحكم المطعون فيه إذ لم يعرض لأثر هذا الوفاء الذي قد يتغير به وجود الرأي في الدعوى وأيد قضاء أول درجة بالفسخ المؤسس على عدم الوفاء بهذا الباقي من الثمن يكون معيباً بالقصور.
ولما تقدم يتعين نقض الحكم دون حاجة لبحث باقي سببي الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق