جلسة 3 من فبراير سنة 1981
برئاسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة محمود عثمان درويش، وعضوية السادة المستشارين: جلال الدين رافع، عبد الحميد المنفلوطي، منير عبد المجيد وأحمد شلبي.
----------------
(81)
الطعن رقم 6 لسنة 50 القضائية
(1، 2) مسئولية "مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه". محكمة الموضوع.
(1) مسئولية المتبوع عن عمل تابعه غير المشروع. قيامها على خطأ مفترض في جانب المتبوع. تحققها كلما استغل التابع وظيفته أو ساعدته أو هيأت له فرصة ارتكاب الفعل. لا عبرة بالباعث.
(2) علاقة التبعية. استقلال محكمة الموضوع باستخلاصها.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر؛ والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن ورثة المرحوم...... "المطعون عليهم من الأولى إلى الرابعة" أقاموا الدعوى رقم 807 سنة 1974 مدني كفر الشيخ الابتدائية ضد المطعون عليه الأخير والطاعن بطلب الحكم بإلزامهما متضامنين بأن يدفعا لهم مبلغ خمسة آلاف جنيه، وقالوا بياناً للدعوى إن المطعون عليه الأخير - وهو جندي بالقوات المسلحة وتابع للطاعن - قتل مورثهم المذكور عمداً وحكم عليه في الجناية رقم 23 سنة 1971 عسكرية كفر الشيخ بتاريخ 2/ 8/ 1971 بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات وأصبح الحكم نهائياً، وقد أصابتهم أضرار مادية وأدبية من جراء ذلك فأقاموا الدعوى بطلباتهم. دفع الطاعن بسقوط الحق في التعويض بالتقادم كما طلب الحكم على تابعه المطعون عليه الأخير بما قد يحكم به عليه في الدعوى، وبتاريخ 18/ 4/ 1977 حكمت المحكمة بعدم قبول هذا الدفع ثم حكمت بتاريخ 19/ 12/ 1978 بإلزام المطعون عليه الأخير والطاعن متضامنين بأن يدفعا للمطعون عليهم من الأولى إلى الرابعة مبلغ ألف جنيه، وإلزام المطعون عليه الأخير بأن يدفع للطاعن المبلغ المقضي به إذا ما أداه لهم. استأنف المطعون عليهم من الأولى إلى الرابعة هذا الحكم لدى محكمة استئناف طنطا (مأمورية كفر الشيخ) بالاستئناف رقم 15 لسنة 12 ق مدني طالبين تعديله إلى إلزام المطعون عليه الأخير والطاعن متضامنين بأن يدفعا لهم مبلغ خمسة آلاف جنيه، كما أقام الطاعن استئنافاً فرعياً وطلب رفض الدعوى ضده. وبتاريخ 7/ 11/ 1979 حكمت المحكمة بتعديل الحكم المستأنف وإلزام المطعون عليه الأخير والطاعن بأن يدفعا للمطعون عليهم من الأول إلى الرابعة مبلغ 2000 جنيه وإلزام المطعون عليه الأخير بأن يدفع للطاعن ذات المبلغ إذا ما أداه لهم. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جديد بالنظر، وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين، ينعى الطاعن بالأول منهما على الحكم المطعون فيه أنه أخطأ في تطبيق القانون إذ قضى بمسئولته عن الضرر الذي أحدثه المطعون عليه الأخير بقتل مورث باقي المطعون عليهم على أساس مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه في حين أن المطعون عليه الأخير لم يرتكب الجريمة أثناء تأدية وظيفته أو بسببها ولم يستغل وظيفته في ارتكابها فقد وقعت منه كمجند بالقوات المسلحة في غير أوقات العمل بأن صعد إلى قطار كان المجني عليه يستقله وطعنه بمطواة في صدره، ومسئولية المتبوع عن أعمال تابعه لا تتحقق وفقاً لنص المادة 174 من القانون المدني إلا إذا قامت علاقة تبعية بين التابع والمتبوع وارتكب التابع الخطأ الذي أحدث الضرر أثناء تأدية وظيفته أو بسببها. وحاصل الوجه الأول من السبب الثاني أن الحكم المطعون عليه شابه القصور في التسبيب، ذلك أنه لم يرد على دفاع الطاعن سالف البيان وهو دفاع جوهري. وينعى الطاعن بالوجه الثاني من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه أنه شابه الفساد في الاستدلال إذ استدل على قيام علاقة التبعية بين الطاعن والمطعون عليه الآخر وعلى تحقق مسئولية الطاعن عن خطأ تابعه المذكور من توجيه الطاعن دعوى فرعية إليه طبقاً لنص المادة 175 من القانون المدني وعدم منازعته أمام محكمة أول درجة في توافر هذه المسئولية في حين أنه وجه الدعوى الفرعية كإجراء وقائي يتفادى به احتمال رفض الدعوى الأصلية فضلاً عن أن من حقه أن يتمسك في الاستئناف بما فات إبداؤه من دفاع أمام محكمة أول درجة، وقد تمسك أمام محكمة الاستئناف بعدم مسئوليته عن عمل تابعه غير المشروع لخروج هذا العمل عن نطاق وظيفته، والتفت الحكم المطعون فيه عن هذا الدفاع وخلص إلى مسئولية الطاعن عن خطأ تابعه مما يعيب الحكم المطعون فيه بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ويستوجب نقضه.
وحيث إن النعي برمته مردود، وذلك أنه وعلى ما جرى وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن القانون المدني إذ نص في المادة 174 - 1 منه على أن يكون المتبوع مسئولاً عن الضرر الذي يحدثه تابعه بعمله غير المشروع متى كان واقعاً منه في حالة تأدية وظيفته أو بسببها قد أقام هذه المسئولية على خطأ مفترض في جانب المتبوع مرجعه سوء اختياره لتابعه أو تقصيره في رقابته وأن القانون إذ حدد نطاق هذه المسئولية بأن يكون العمل الضار غير المشروع واقعاً من التابع حال تأدية الوظيفة أو بسببها لم يقصد أن تكون المسئولية مقصورة على خطأ التابع وهو يؤدي عملاً من أعمال وظيفته أو أن تكون الوظيفة هي السبب المباشر لهذا الخطأ أو أن تكون ضرورية لإمكان وقوعه، بل تتحقق المسئولية أيضاً كلما استغل التابع وظيفته وساعدته هذه الوظيفة على إتيان فعله غير المشروع أو هيأت له بأية طريقة كانت فرصة ارتكابه سواء ارتكبه لمصلحة المتبوع أو عن باعث شخصي أو سواء كان الباعث الذي دفعه إليه متصلاً بالوظيفة أو لا علاقة له بها. لما كان ذلك وكانت علاقة التبعية مسألة موضوعية تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب طالما أنها تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله، وكان الثابت أن الطاعن لم ينازع أمام محكمة أول درجة في توافر علاقة التبعية وقرر في المذكرة المقدمة منه لمحكمة الاستئناف أن الحكم المستأنف قد صدر صحيحاً موافقاً لأحكام القانون وإن كان قد فاته تأصيل الجزئية الخاصة بالتبعية وطلب من باب الاحتياط تأييد هذا الحكم، وقد عرض الحكم المطعون فيه لدفاع الطاعن بعد أن سرد وقائع الدعوى وأطرح هذا الدفاع وقرر "أن الثابت من مذكرة المستأنف بصفته "الطاعن" أنه وجه دعوى فرعية استناداً لنص المادة 175 من القانون المدني طالباً الحكم له باعتباره متبوعاً على تابعه المستأنف ضده الأول (المطعون عليه الأخير) بما عساه أن يحكم به في الدعوى مقراً ومسلماً برابطة التبعية وقيامها وغير مجادل في انحلالها أو تجاوزها مما يضحى معه الجدل بشأنها تناقض يلتفت عنه" مما مفاده أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بتأييد حكم محكمة أول درجة بمسئولية الطاعن عن العمل غير المشروع الذي ارتكبه تابعه المطعون عليه الأخير على ما استخلصه من مسلك الطاعن أمام محكمة أول درجة وعدم منازعته في هذا الشأن وأخذاً مما جاء بمذكرته آنفة الذكر، وقد أقام الحكم المطعون عليه قضاءه على أسباب سائغة تكفي لحمله ويتضمن الرد الضمني المسقط لدفاع الطاعن الذي أثاره أمام محكمة الاستئناف، لما كان ما تقدم، وكان لا محل للتحدي بما يثيره الطاعن بصدد الدعوى الفرعية التي وجهها إلى تابعه وأن توجيهها كان كإجراء وقائي لتفادي احتمال رفض طلباته في الدعوى الأصلية، لأنه دفاع يخالطه واقع لم يسبق له أن تمسك به أمام محكمة الموضوع فلا تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض، ومن ثم فإن النعي برمته يكون على غير أساس.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق