جلسة 17 من يناير سنة 1959
برياسة السيد/ السيد على السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة السيد إبراهيم الديواني والإمام الإمام الحريبي وعلي إبراهيم بغدادي ومصطفى كامل إسماعيل المستشارين.
-------------------
(49)
القضية رقم 969 لسنة 3 القضائية
ميعاد الستين يوماً
- الدعوى التي يقيمها المدعي بالمطالبة بالدرجة السادسة من تاريخ التعيين بالتطبيق لقواعد الإنصاف واستحقاقه للدرجة الخامسة بالتطبيق لقواعد التنسيق - تضمن هذه الدعوى بحكم اللزوم الطعن في أي قرار بالترقية إلى الدرجات التالية متى تمت الترقية فيها بحسب الأقدمية في الدرجات السابقة وتغني عن تكرار الطعن في القرارات التالية - أساس ذلك - الدفع بعدم قبول الدعوى التي يرفعها المدعي للطعن في القرارات التالية لا يقوم على أساس.
إجراءات الطعن
في يوم 31 من أغسطس سنة 1957 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية المحكمة عريضة الطعن في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارة الحربية والبحرية بجلسة 2 من يوليه سنة 1957 في القضية رقم 718 لسنة 2 القضائية المرفوعة من السيد/ يوسف فهمي حافظ ضد وزارة الحربية, والقاضي: (أولاً) بإلغاء قرار وزير الحربية والبحرية رقم 194 الصادر في 31 من مايو سنة 1950 إلغاء جزئياً بما يخول إرجاع أقدمية المدعي في الدرجة الرابعة الكتابية إلى أول مايو سنة 1950, وما يترتب على ذلك من آثار, وألزمت الحكومة بمصروفات هذا الطلب و200 قرش مقابل أتعاب المحاماة. (ثانياً) بعدم اختصاصها بنظر الطلب الخاص بإلغاء القرارين الصادرين في 31 من ديسمبر سنة 1953 و31 من أغسطس سنة 1955, وبإحالته إلى محكمة القضاء الإداري للاختصاص وأبقت الفصل في مصروفاته. وقد طلب السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة - للأسباب الواردة في عريضة طعنه - "الحكم بقبول الطعن شكلاً, وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه, وبرفض الدعوى, وإلزام المدعي بالمصروفات". وقد أعلن الطعن للحكومة في 17 من أكتوبر سنة 1957, وللمدعي في 26 منه, وعين لنظره جلسة 15 من نوفمبر سنة 1958, وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات, وأرجئ النطق بالحكم لجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من الأوراق - تتحصل في أن المدعي أقام الدعوى رقم 718 لسنة 2 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري بصحيفة أودعها في 2 من مارس سنة 1955 قال فيها إنه حصل على شهادة البكالوريا المصرية في عام 1926, ثم على شهادة العلوم التجارية والمالية من جامعة مانشستر بانجلترا في سنة 1934, والتحق بخدمة الحكومة في 7 من ديسمبر سنة 1935 بوظيفة باليومية في مصلحة الإحصاء. وفي 30 من أكتوبر سنة 1937 عين بوزارة الحربية بمرتب قدره سبعة جنيهات شهرياً في الدرجة الثامنة على إثر نجاحه في امتحان المسابقة الذي عقدته الوزارة لاختيار مترجم ممتاز, وأعلنت فيها أن المتفوق سيعين في الدرجة السادسة. وفي سنة 1946 اختير للعمل بمكتب الملحق العسكري بواشنطون، وظل به لغاية عام 1948؛ إذ رشحته إدارة المخابرات الحربية لإنشاء وتنظيم مكتب الملحقين العسكريين. وفي 16 من ديسمبر سنة 1951 عهد إليه بالعمل في مكتب الملحق العسكري بأنقرة. وفي هذه الأثناء أقام الدعوى رقم 672 لسنة 5 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري التي أصدرت حكمها فيها في 4 من مايو سنة 1953 باستحقاقه تسوية حالته باعتباره في الدرجة السادسة المخفضة براتب قدره 500 م و10 ج شهرياً من تاريخ تعيينه في 7 من ديسمبر سنة 1935, وما يترتب على ذلك من آثار مالية بالتطبيق لقواعد الإنصاف, وبإلغاء القرار الصادر في 4 من أغسطس سنة 1947 رقم 116 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى الدرجة الخامسة, وما يترتب على ذلك من آثار بالتطبيق لقواعد التنسيق. وقد قامت الوزارة بتنفيذ هذا الحكم, وأصدرت بذلك القرار رقم 450 في 30 من يونيه سنة 1953, ثم نمى إلى علمه قبيل رفع دعواه الحالية أن الوزارة كانت قد رقت إلى الدرجة الرابعة في أول مايو سنة 1950 زملاء له يلونه في ترتيب الأقدمية ويقلون عنه كفاية, وأنها رقت إلى الدرجة الثالثة بقرارها الصادر في 31 من ديسمبر سنة 1953 زملاء له أحدث منه في الأقدمية وأقل منه في درجة الكفاية. ولما كان هذا التخطي قد جاء مخالفاً للقانون ومشوباً بإساءة استعمال السلطة؛ فهو يطلب لذلك الحكم: (أولاً) بإلغاء القرار الصادر من وزير الحربية في أول مايو سنة 1950 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى الدرجة الرابعة. (ثانياً) بإلغاء القرار الصادر من وزير الحربية في 31 من ديسمبر سنة 1953 فيما تضمنه من تخطيه في الدرجة الثالثة, مع إلزام الحكومة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقد أحيلت الدعوى إلى المحكمة الإدارية لوزارة الحربية بمناسبة صدور القانون رقم 165 لسنة 1955 الخاص بمجلس الدولة؛ لأن المدعي من موظفي الكادر الكتابي, والدرجة الرابعة التي يطالب بها من درجات هذا الكادر. وقد ردت الوزارة على ذلك بأن المدعي التحق بخدمتها في وظيفة من الدرجة الثامنة في 30 من أكتوبر سنة 1937, وهو حاصل على شهادة إتمام الدراسة الثانوية قسم ثان وشهادة التجارة العليا من جامعة مانشستر. وتطبيقاً لقواعد الإنصاف الصادرة في 30 من يناير سنة 1944 اعتبر في هذه الدرجة من 7 ديسمبر سنة 1935, تاريخ التحاقه بمصلحة الإحصاء في وظيفة باليومية, ورقى إلى الدرجة السابعة في أول أبريل سنة 1945, وإلى الدرجة السادسة الكتابية في 31 من يناير سنة 1952 في دوره بالأقدمية. ولما صدر لصالحه حكم محكمة القضاء الإداري في القضية رقم 672 لسنة 5 القضائية في 4 من مايو سنة 1953, أصدرت الوزارة القرار الوزاري رقم 450 في 30 من يونيه سنة 1953، بتسوية حالته باعتباره في الدرجة السادسة المخفضة بماهية قدرها 500 م و10 ج من 7 من ديسمبر سنة 1935, وترقيته إلى الدرجة الخامسة الكتابية من أول مايو سنة 1946، مع صرف الفروق المستحق له. وبعد تنفيذ الحكم أصبح المدعي أقدم موظف بالدرجة الخامسة الكتابية. فصدر القرار الوزاري رقم 457 في 30 من يونيه سنة 1953 بترقيته إلى الدرجة الرابعة الكتابية بالأقدمية اعتباراً من تاريخ صدور القرار. ولما كان السيد/ محمد عبد الفتاح جاد الحاصل على بكالوريوس التجارة في سنة 1937 يشغل الدرجة الرابعة من أول مايو سنة 1950 فقد رقى إلى الدرجة الثالثة بالاختيار اعتباراً من 31 من ديسمبر سنة 1953 في حدود النسبة المنصوص عليها في القانون رقم 210 لسنة 1951 الخاص بنظام موظفي الدولة. وبفرض أن المدعي يتساوى معه في الأقدمية فإن الترقية تمت بالاختيار؛ الأمر الذي يدخل في السلطة التقديرية للوزارة التي راعت أن المدعي غير جامعي في حين أن السيد/ محمد عبد الفتاح جاد جامعي. وقد صدر هذا القرار في 31 من ديسمبر سنة 1953, ولم يتقدم المدعي بالطعن فيه إلا في 5 من مارس سنة 1955 بالرغم من إعلانه بالنشرة المدنية الأسبوعية في 4 من فبراير سنة 1954؛ ومن ثم تكون الدعوى قد رفعت بعد الميعاد. وفي 14 من مارس سنة 1956 أضاف المدعي إلى طلباته طلباً جديداً وهو إلغاء القرار الوزاري الصادر في 31 من أغسطس سنة 1955 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى الدرجة الثانية, وقال إن الوزارة لم تناقش القرار الصادر بتخطيه إلى الدرجة الرابعة, مما يدل على أن الوزارة مسلمة بأحقيته للترقية إلى هذه الدرجة اعتباراً من أول مايو سنة 1950. ثم أودع المدعي مذكرة أخرى في 16 من فبراير سنة 1957 طلب فيها إلغاء قرار وزير الحربية المشار إليه بتخطيه في الترقية إلى الدرجة الرابعة وإحالة الدعوى إلى القضاء الإداري بالنسبة لطلب إلغاء القرارين الصادرين بتخطيه في الترقية إلى الدرجتين الثالثة والثانية للاختصاص. وقد أورد ما تضمنته تقاريره السرية في السنوات 1948 و1949 و1950 و1952 مما ينطق بكفايته وامتيازه. وبجلسة 2 من يوليه سنة 1957 حكمت المحكمة الإدارية برفض الدفع بعدم قبول الدعوى, وبقبولها لرفعها في الميعاد, وفي الموضوع بإلغاء القرار الصادر من وزير الحربية في 31 من أغسطس سنة 1950 فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية إلى الدرجة الرابعة بالأقدمية المطلقة إلغاء جزئياً, واعتبار أقدميته في هذه الدرجة راجعة إلى أول مايو سنة 1950, وبعدم اختصاصها بنظر الطلب الخاص بالترقية إلى الدرجتين الثالثة والثانية, وبإحالته إلى محكمة القضاء الإداري للاختصاص, وأبقت الفصل في المصروفات. وقد أقامت قضاءها على أنه لم يقم الدليل على أن القرار المطعون فيه قد نشر أو أن المدعي أعلن به, أو علم به علماً يقينياً في ميعاد سابق على رفع الدعوى بأكثر من ستين يوماً؛ فلذلك تكون الدعوى قد رفعت في الميعاد. ولما كان المدعي قد استصدر حكماً من محكمة القضاء الإداري في القضية رقم 672 لسنة 5 القضائيةقضى بتسوية حالته على أساس استحقاقه للدرجة السادسة المخفضة اعتباراً من تاريخ تعيينه في 7 من ديسمبر سنة 1935 بالتطبيق لقواعد الإنصاف وإلغاء القرار رقم 116 الصادر في 4 من أغسطس سنة 1947 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى الدرجة الخامسة اعتباراً من أول مايو سنة 1946 بالتطبيق لقواعد التنسيق, وما يترتب على ذلك من آثار. وقد قامت الوزارة بتنفيذ هذا الحكم بالقرار رقم 450 في 30 من يونيه سنة 1953. وإذ كانت أحكام الإلغاء كاشفة عن المراكز القانونية التي تقررها, وبالتالي تنعطف بجميع آثارها الحتمية المباشرة إلى تاريخ إسناد الأقدمية على أساس المركز القانوني الذي نشأ للمدعي بمقتضاه, فإنه ترتيباً على ذلك تكون أقدمية المدعي سابقة على جميع من رقوا بالأقدمية المطلقة إلى الدرجة الرابعة في الكادر الكتابي بموجب القرار المطعون فيه, سواء أكانوا جامعيين أو غير جامعيين؛ لأنهم وإن اتحدوا جميعاً في أقدمية الدرجة الخامسة في أول مايو سنة 1946, إلا أنه يسبقهم في أقدمية الدرجة السادسة. ولما كانت التقارير السنوية عن سنتي 1948 و1949 السابقتين على إجراء حركة الترقيات المطعون فيها تشهد بأن المدعي كفء في عمله, ولا يوجد بملفه ما يحول دون ترقيته؛ فمن ثم يستحق الترقية إلى الدرجة الرابعة في دوره بالأقدمية. وإذا كان قد رقى إلى هذه الدرجة في 30 من يونيه سنة 1953, فيتعين إرجاع أقدميته فيها إلى أول مايو سنة 1950, مع إلزام الحكومة بمصروفات هذا الشق من الدعوى.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن القرار المطعون فيه الصادر في أول مايو سنة 1950 قد نشر بالنشرة المدنية الأسبوعية لوزارة الحربية في 29 من يونيه سنة 1950 كما جاء بكتاب الوزارة رقم 70/ 50/ 101 في 28 من أغسطس سنة 1957, وإن ميعاد الستين يوماً المحدد لتقديم طلب الإلغاء يبدأ من تاريخ النشرة المذكورة, فتكون الدعوى, إذ رفعت في 2 من مارس سنة 1955, قد رفعت بعد الميعاد, وبالتالي تكون غير مقبولة.
ومن حيث إنه قد بان للمحكمة من الأوراق أن المدعي كان قد أقام الدعوى 672 لسنة 5 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري قضت فيها بجلسة 4 من مايو سنة 1953 بتسوية حالته على أساس استحقاقه للدرجة السادسة المخفضة بمرتب قدره 500 م و10 ج شهرياً من تاريخ تعيينه في 7 من ديسمبر سنة 1935, وما يترتب على ذلك من آثار مالية بالتطبيق لقواعد الإنصاف, وبإلغاء القرار الوزاري رقم 116 الصادر في 4 من أغسطس سنة 1947 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى الدرجة الخامسة، وما يترتب على ذلك من آثار بالتطبيق لقواعد التنسيق. فأصدرت الوزارة القرار رقم 450 في 30 من يونيه سنة 1953 بتسوية حالته تنفيذاً للحكم المذكور، واعتبر في الدرجة السادسة المخفضة من 7 من ديسمبر سنة 1935، في الدرجة الخامسة من أول مايو سنة 1946، فأصبح بذلك - كما تقرر الوزارة - أقدم موظفي الدرجة الخامسة, فأصدرت في اليوم ذاته القرار رقم 457 بترقيته إلى الدرجة الرابعة الكتابية في النسبة المخصصة للترقية بالأقدمية, ولكنها - بدلاً من أن ترجع أقدميته في الترقية إلى هذه الدرجة إلى أول مايو سنة 1950, وهو التاريخ الذي كان يستحق الترقية فيه إلى الدرجة المذكورة في القرار المطعون فيه الصادر في 31 من مايو سنة 1950 على أساس أقدميته في الدرجة الخامسة التي كان كشف عنها الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري في 4 من مايو سنة 1953 المشار إليه - بدلاً من ذلك, جعلت ترقيته إلى الدرجة المذكورة اعتباراً من أول يوليه سنة 1953؛ وبهذه المثابة لم تتبع تنفيذ هذا الحكم جميع ما يترتب عليه من آثار بالنسبة إلى الترقيات التالية التي تمت في النسبة المخصصة للأقدمية, مما اضطر معه المدعي إلى رفع هذه الدعوى.
ومن حيث إن هذه المحكمة سبق أن قضت [(1)] بأن القرار الصادر بالترقية ينشئ المركز القانوني فيها بآثاره في نواح عدة, سواء من ناحية تقديم الموظف إلى الدرجة التالية المرقى إليها, أو من ناحية التاريخ الذي تبدأ منه هذه الترقية, أو من ناحية الموازنة في ترتيب الأقدمية في الترقية بين ذوي الشأن. فإذا صدر حكم من القضاء الإداري بالإلغاء في شأن الترقية تعين أن يكون تنفيذه موزوناً بميزان القانون في تلك النواحي والآثار كافة؛ وذلك يوضع الأقدمية في نصابها الصحيح وعدم الإخلال بالحقوق والمراكز القانونية بين ذوي الشأن بعضهم مع بعض. وقد يكون الحكم بإلغاء قرار الترقية شاملاً لجميع أجزائه فينعدم القرار كله بالنسبة لجميع المرقين, وقد يكون جزئياً منصباً على خصوص معين فيتحدد مداه على مقتضى ما استهدفه حكم الإلغاء. فإذا كان قد أنبنى على أن أحداً ممن كان دور الأقدمية يجعله محقاً في الترقية قبل غيره ممن يليه قد ترك بدون حق, فألغى القرار فيما تضمنه من تركة في هذه الترقية, فيكون مركزه قد تحدد على أساس إلغاء ترقية الأخيرة في ترتيب الأقدمية, ووجوب أن يصدر قرار بترقية من تخطى في دوره, وبأن ترجع أقدميته في هذه الترقية إلى التاريخ المعين لذلك في القرار الذي ألغي إلغاء جزئياً على هذا النحو. أما من ألغيت ترقيته فيعتبر وكأنه لم يرق في القرار الملغي. ولما كان حكم الإلغاء يترتب على عليه إلغاء كل ما ترتب على القرار الملغي من آثار في الخصوص الذي أنبنى عليه الحكم المذكور, وعلى الأساس الذي أقام عليه قضاءه, فإن أثر الحكم المذكور يقتضى تصحيح الأوضاع بالنسبة للقرارات التي صدرت بعد صدور القرار الملغي, ما دامت جميعها مترتبة على القرار الأول ترتب الفرع على الأصل أو النتيجة على السبب؛ ذلك أن كل قرار منها يتأثر حتماً بإلغاء القرار السابق عليه ما دامت الترقيات فيها جميعاً مناطها الدور في ترتيب الأقدمية عند النظر في الترقية, كما يقتضي الأمر إسناد تاريخ الترقية إلى التاريخ المعين في القرار الذي كان يستحق صاحب الشأن الترقية فيه. وبهذا يستقر الوضع على إلغاء ترقية آخر المرقين في آخر القرار.
ومن حيث إنه ولئن كان القرار الصادر بالترقية إلى الدرجة الرابعة التي ترك فيها المدعي وقتذاك قد صدر في 31 من مايو سنة 1950 اعتباراً من أول مايو سنة 1950 ونشر في النشرة المدنية لوزارة الحربية في 29 من يونيه سنة 1950, إلا أنه لما كان المدعي قد رفع الدعوى رقم 672 لسنة 5 القضائية طالباً باستحقاقه للدرجة السادسة اعتباراً من دخوله الخدمة في 7 من ديسمبر سنة 1935، بالتطبيق لقواعد الإنصاف, واستحقاقه للدرجة الخامسة الكتابية من أول مايو سنة 1946، وما يترتب على ذلك من آثار بالتطبيق لقواعد التنسيق, فليس من شك في أن الدعوى المذكورة تتضمن بحكم اللزوم الطعن بالإلغاء في أي قرار بالترقية إلى الدرجات التالية متى اتبعت الترقية فيها على دور الأقدمية بحسب الدرجات السابقة؛ لارتباط هذه بتلك ارتباط الفرع بالأصل أو النتيجة بالسبب. فإذا استجاب القضاء لطلب المدعي فأنصفه، وكشف عن استحقاقه للترقية إلى الدرجة السابقة, وحدد أقدميته فيها بما يجعله صاحب الدور في الترقيات التالية, وكان قد صدر قبل الفصل في الدعوى قرارات تالية بالترقية على أساس الأقدمية، فإن الدعوى المذكورة تغني صاحب الشأن عن تكرار الطعن بدون موجب في تلك القرارات التالية, ما دام الطعن في القرار الأول - وهو الأصل - يتضمن حتماً وبحكم اللزوم الطعن ضمناً في القرارات التالية, وهي الفرع. كما أن تنفيذ الحكم الصادر في تلك الدعوى بإلغاء القرار الأول وما ترتب عليه من آثار يقتضي تصحيح الأوضاع بالنسبة للمدعي في تلك القرارات التالية؛ وضعاً للأمور في نصابها السليم, كأثر من آثار الحكم المذكور الكاشف لأصل الحق؛ ومن ثم يكون الدفع بعدم قبول الدعوى في غير محله, ويكون المدعي - في الموضوع - محقاً في أن ترجع أقدميته في الدرجة الرابعة الكتابية إلى أول مايو سنة 1950, وهو التاريخ الذي كان يجب ترقيته فيه بحكم أقدميته في الدرجة الخامسة الذي كشف عنها حكم محكمة القضاء الإداري الصادر في 4 من مايو سنة 1953.
ومن حيث إنه, لما تقدم, يكون الطعن على غير أساس سليم من القانون, ويتعين رفضه.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً, وبرفضه موضوعاً.
[(1)] مجموعة السنة الثانية بند 72 صحيفة 695.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق