الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 8 أغسطس 2023

الطعن 872 لسنة 4 ق جلسة 13 / 12 / 1958 إدارية عليا مكتب فني 4 ج 1 ق 29 ص 378

جلسة 13 من ديسمبر سنة 1958

برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة سيد علي الدمراوي والسيد إبراهيم الديواني وعلي إبراهيم بغدادي والدكتور محمود سعد الدين الشريف المستشارين.

---------------

(29)

القضية رقم 872 لسنة 4 القضائية

وقف التنفيذ 

- الترخيص في حمل السلاح وسحب هذا الترخيص من الملائمات المتروكة لتقدير الإدارة - استناد الإدارة في ذلك على المعلومات التي تتجمع لديها من المصادر المختلفة - سحب الترخيص بناء على تقرير من المباحث الجنائية بأن التحريات دلت على رعونة المرخص له - يجعل طلب وقف التنفيذ غير مستند إلى أسباب جدية - عدم ثبوت أن هذا السحب خطر على المرخص له - يترتب عليه عدم قيام ركن الاستعجال.

----------------
إن الترخيص أو عدم الترخيص في حمل السلاح وكذا سحب أو عدم سحب السلاح المرخص في حمله, هي جميعها من الملاءمات المتروكة لتقدير الإدارة, وتترخص في ذلك حسبما تراه متفقاً مع صالح الأمن العام, بناء على ما تطمئن هي إليه من الاعتبارات التي تزنها, والبيانات أو المعلومات التي تتجمع لديها من المصادر المختلفة. وقد تكون هذه المصادر سرية ترى الإدارة لصالح الأمن عدم الكشف عنها, وتقدير الإدارة في هذا كله لا معقب عليه, ما دام مطابقاً للقانون وخالياً من إساءة استعمال السلطة ومتى بان للمحكمة من تقرير المباحث الجنائية بوزارة الداخلية أن التحريات دلت على رعونة المجني عليه, وأن في حمله السلاح ما قد يعرض الأمن للخطر فإن طلب وقف التنفيذ يكون غير مستند إلى أسباب جدية موضوعاً؛ وإذا لم يثبت أن في سحب السلاح من المدعي خطراً عليه, بل شأنه في ذلك شأن أي شخص لم يرخص من الأصل له في حمل السلاح فإنه لا يكون هناك ثمت نتائج يتعذر تداركها من سحب السلاح منه.


إجراءات الطعن

في 18 من أغسطس سنة 1958 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة طعناً في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (الهيئة الأولى) بجلسة 15 من يوليه سنة 1958 في الدعوى رقم 758 لسنة 12 القضائية المقامة من المهندس عبد الحليم مصطفى جيرة ضد وزارة الداخلية, والقاضي "بوقف تنفيذ القرار المطعون". وقد طلب رئيس هيئة المفوضين - للأسباب التي استند إليها في صحيفة الطعن - الحكم "بقبول الطعن شكلاً, وفي الموضوع إلغاء الحكم المطعون فيه, ورفض طلب وقف التنفيذ". وقد أعلن الطعن إلى كل من الحكومة والمدعي في 28 من أغسطس سنة 1958, وعين لنظر الطعن جلسة 25 من أكتوبر سنة 1958. وقد سمعت فيها المحكمة ما رأت سماعه من ملاحظات, ثم أرجئ إصدار الحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة, حسبما يبين من الأوراق, تتحصل في أن المدعي أقام الدعوى رقم 758 لسنة 12 القضائية جاء فيها أنه قد رخص له في أكتوبر سنة 1956 بإحراز مسدس, وفي يناير سنة 1957 وافقت المديرية على التجديد لمدة سنة, ثم جعل ميعاد التجديد شهر نوفمبر من كل عام, وأنه قدم الرخصة إلى المديرية في الشهر المذكور, فوافقت على التجديد إلى نهاية سنة 1958, ثم فوجئ في 3 من مارس سنة 1958 باستدعاء ضابط نقطة رأس الخليج له واطلاعه على إشارة واردة بسحب السلاح المرخص إليه لصدور أمر من الوزير بإلغاء الرخصة بحمله؛ لعدم تمرنه على استعمال هذا السلاح وتهديده أهله. وينعي المدعي على هذا القرار أنه لم يهدد أهله أو غير أهله, وأنه يتحدى الوزارة أن تقدم دليلاً على ذلك, أما عن عدم التمرن على الاستعمال فإنه ليس له مظهر خارجي يمكن أن تستند إليه الوزارة في إدعائها, مع أن السلاح في حيازته منذ الترخيص له بحمله في أكتوبر سنة 1956, وأن إلغاء الترخيص لا يقوم على سبب صحيح, فيكون القرار مخالفاً للقانون, كما أنه لا يمت للمحافظة على الأمن بصلة, فهو مشوب بعيب إساءة استعمال السلطة. وأنه لما كان السلاح لازماً له للمحافظة على حياته لتجوله في الزراعات الخاصة به وبوالده ليلاً ونهاراً, فإنه يطلب بصفة مستعجلة وقف تنفيذ القرار المطعون فيه حتى يفصل في موضوع الطعن. وفي 15 من يوليه سنة 1958 قضت المحكمة "بوقف تنفيذ القرار المطعون". واستندت المحكمة في قضائها إلى أنها قد طالبت الجهة الإدارية ببيان أسباب رفض الترخيص فتقدمت بمذكرة المباحث الجنائية التي جاء بها "أن المدعي شاذ في تصرفاته مع الغير غليظ الطباع حتى مع أقرب الناس إليه كوالده, وأنه كثيراً ما يعتدي على والده بالضرب ويهدده بالانتحار بغية ابتزاز المال منه, رغم أن والده وهب له ثلاثين فداناً لا يكفيه إيرادها ومعروف عنه أنه يشهر سلاحه مهدداً به الغير لأتفه الأسباب ويحجم الأهالي عن التبليغ عن تصرفاته التي لا تصدر من شخص متزن خشية رعونته وحرصاً على مركز والده الذي يستأجر معظم أطيانهم". ثم استطردت المحكمة إلى أنها طلبت الجهة الإدارية ببيان عن الوقائع التي استندت إليها مذكرة المباحث الجنائية سالفة الذكر فأفادت بأن ما جاء بالمذكرة مستقى من مصادر سرية ليس من الصالح العام إعلانها. وترى المحكمة أن هذه المذكرة جاءت عبارة عن أقوال مرسلة لا تستند إلى وقائع معينة محددة فضلاً عن أنها لاحقة لرفع الدعوى ولا تطمئن إلى ما جاء بها؛ ومن ثم فترى إجابته إلى طلب وقف التنفيذ لما قد يترتب على ذلك من حرمانه من حمل السلاح رغم حاجته إليه.
ومن حيث إن هيئة المفوضين طعنت في هذا الحكم؛ لأنه ليس هناك من النتائج ما يتعذر تداركه, فليس من طبيعة الأعمال الزراعية حمل السلاح, وما دام ركن الاستعجال غير متوافر فقد انهار الأساس الذي بني عليه القضاء بوقف التنفيذ, وأنه يضاف إلى ما تقدم أن التحريات التي وصفت المدعي لها مقامها من الحجية ما لم يتقدم المدعي بالدليل القاطع على عكسها. وانتهت إلى طلب الحكم "بقبول الطعن شكلاً, وفي الموضوع إلغاء الحكم المطعون فيه, ورفض طلب وقف التنفيذ".
ومن حيث إن الترخيص أو عدم الترخيص في حمل السلاح وكذا سحب أو عدم سحب السلاح المرخص في حمله, هي جميعها من الملاءمات المتروكة لتقدير الإدارة تترخص فيها حسبما تراه متفقاً مع صالح الأمن العام, بناء على ما تطمئن هي إليه من الاعتبارات التي تزنها, والبيانات أو المعلومات التي تتجمع لديها من المصادر المختلفة. وقد تكون هذه المصادر سرية ترى الإدارة لصالح الأمن عدم الكشف عنها. وتقدير الإدارة في هذا كله لا معقب عليه ما دام مطابقاً للقانون وخالياً من إساءة استعمال السلطة. وقد بان للمحكمة من تقرير المباحث الجنائية بوزارة الداخلية أن التحريات دلت على رعونة المجني عليه وأن في حمله السلاح ما قد يعرض الأمن للخطر, ومن كل هذا ترى المحكمة أن طلب وقف التنفيذ لا يستند إلى أسباب جدية موضوعاً, هذا إلى أنها لا ترى أن ثمت نتائج يتعذر تداركها من سحب السلاح من المدعي؛ لأنه لم يثبت أن في سحبه خطراً عليه, بل شأنه في ذلك شأن أي شخص لم يرخص من الأصل له في حمل السلاح؛ ومن ثم يتعين إلغاء الحكم المطعون فيه, والقضاء برفض الطلب, مع إلزام المدعي بمصروفاتها.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً, وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه, وبرفض طلب وقف التنفيذ, وألزمت الطالب بالمصروفات الخاصة به.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق