الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 8 أغسطس 2023

الطعن 867 لسنة 3 ق جلسة 13 / 12 / 1958 إدارية عليا مكتب فني 4 ج 1 ق 28 ص 367

جلسة 13 من ديسمبر سنة 1958

برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة حسن أبو علم ومحيي الدين حسن وعلي إبراهيم بغدادي والدكتور ضياء الدين صالح المستشارين.

-----------------

(28)

القضية رقم 867 لسنة 3 القضائية

إنصاف 

- علاوة مدرسة المحصلين والصيارف - إنصاف بتسعير مؤهل من نوع معين - اكتساب المدعي في الدرجة الثامنة وفي ظل قواعد الإنصاف حقاً في علاوة مدرسة المحصلين والصيارف بحكم كونه من حملة هذا المؤهل - ترقيته إلى الدرجة السابعة تجعله غير مستحق لتلك العلاوة من تاريخ ترقيته.

-----------------
إن علاوة مدرسة المحصلين والصيارف ما هي إلا إنصاف بتسعير مؤهل من نوع معين دعت إليه ظروف خاصة؛ ذلك أن مدرسة المحصلين والصيارف كانت تنتظم طلبة من حملة شهادات مختلفة, ولكل من هذا المؤهلات تقدير خاص في قواعد الإنصاف من حيث الدرجة والمرتب, فما كان يمكن - والحالة هذه - أن يقدر لشهادة مدرسة المحصلين والصيارف درجة معينة من تباين حالة خريجيها؛ ومن ثم رؤى أن تضاف علاوة - قدرت بنصف جنيه زيدت بعد ذلك إلى 1.5 ج - إلى ماهية الشهادة الدراسية الحاصل عليها كل من هؤلاء الخرجين. فإذ كان قد قدر لدبلوم التجارة المتوسطة قديم 7 ج, فإن مرتب الحاصل على هذا المؤهل يصبح بعد حصوله على شهادة مدرسة المحصلين والصيارف 7.5 ج, وكذلك بالنسبة لحامل مؤهل كفاءة التعليم الأولى المقدر له ستة جنيهات؛ إذ يصبح مرتبه 6.5 ج, ويطبق هذا الإنصاف في حقه مرة واحدة على النحو السالف إيضاحه أياً كان مؤهله والدرجة المقررة له, شأنه في ذلك شأن غيره ممن أنصفوا بمقتضى قواعد الإنصاف. ومتى سويت حالة الموظف على هذا النحو فقد استنفد الإنصاف أغراضه بالنسبة له, واتخذ الموظف بعد ذلك سبيله الطبعي من حيث الترقيات والعلاوات. ومن ثم فإنه ولئن كان المدعي قد اكتسب في ظل قواعد الإنصاف حقاً في علاوة مدرسة المحصلين والصيارف وقدرها 500 م بحكم كونه من حملة هذا المؤهل, ثم رفعت هذه العلاوة إلى 1.5 ج بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء الصادر في 7 من يناير سنة 1951, إلا أنه وقد رقى بعد ذلك إلى الدرجة السابعة اعتباراً من 30 من يونيه سنة 1954 - فإنه منذ ذلك التاريخ لا يستحق علاوة مدرسة المحصلين والصيارف.


إجراءات الطعن

في 26 من يونيه سنة 1957 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية المحكمة عريضة طعن أمام هذه المحكمة قيد بجدولها تحت رقم 867 لسنة 3 ق في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارات الصحة والأوقاف والشئون البلدية والقروية بجلسة 27 من أبريل سنة 1957 في الدعوى رقم 469 لسنة 3 ق المقامة من أحمد رضا عبد الحميد ضد وزارة الشئون البلدية والقروية (بلدية القاهرة), والذي يقضي: "(أولاً) برفض الدفع بعدم الاختصاص, وباختصاص المحكمة بنظر الدعوى. (ثانياً) بأحقية المدعي في علاوة شهادة من مدرسة المحصلين والصارف وقدرها 1.5 ج, وما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية من تاريخ خصم هذه العلاوة منه, ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات, وألزمت الوزارة المدعى عليها بالمصروفات, ومقابل الأتعاب". وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين - للأسباب التي استند إليها في صحيفة طعنه - "بقبول الطعن شكلاً, وفي الموضوع إلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من صرف العلاوة المطالب بها عن المدة التالية لترقية المدعي إلى الدرجة السابعة, والقضاء برفض الدعوى في هذا الشق, وإلزام المدعي بالمصروفات المناسبة". وقد أعلن هذا الطعن إلى وزارة الشئون البلدية والقروية في 3 من أغسطس سنة 1957, وإلى المطعون عليه في 7 منه وعين لنظره أمام هذه المحكمة جلسة أول نوفمبر سنة 1958, وقد انقضت المواعيد القانونية دون أن يقدم أي من الطرفين مذكرة بملاحظاته. وفي 6 من يوليه سنة 1958 أعلن الطرفان بميعاد الجلسة, وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة. ثم قررت إرجاء النطق بالحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 469 لسنة 3 القضائية أمام المحكمة الإدارية لوزارات الصحة والأوقاف والشئون البلدية ضد بلدة القاهرة ووزارة الشئون البلدية والقروية بصحيفة أودعها سكرتيرية تلك المحكمة في 16 من يونيه سنة 1956 بعد أن حصل على قرار الإعفاء من رسومها في 17 من أبريل سنة 1956, وطلب الحكم: "بأحقيته في علاوة شهادة مدرسة المحصلين والصيارف قدرها 1500 م على اعتبار أنها مرتب إضافي مستقل عن راتبه الأصلي المقرر لمؤهله الدراسي, وأن يقدر لهذه العلاوة خانة خاصة بكشف الماهيات, وتسوية حالته وفقاً لذلك مع صرف الفروق المستحقة له من تاريخ سريان قانون المعادلات الدراسية رقم 371 لسنة 1953". وقال شرحاً لذلك إنه يحمل شهادة الكفاءة سنة 1933, ودبلوم مدرسة المحصلين والصيارف سنة 1940, وسويت حالته على أساس مرتب الشهادة التي يحملها قبل دخوله المدرسة, ولم يضف إلى مرتبه مبلغ الألف وخمسمائة مليم وهو علاوة مدرسة الصيارف كمرتب إضافي مستقل عن مرتبه الأصلي, ولم يفرد له خانة خاصة في كشف المرتبات, وأنه قد تظلم من ذلك لجهة الاختصاص في 11 من يونيه سنة 1955 ولم يلتفت إلى تظلمه. وأسس دعواه على أن قرار الإنصاف الصادر في 30 من يناير سنة 1944 قرر لدبلوم مدرسة المحصلين والصيارف علاوة إضافية قدرها 500 مليم زيادة على مرتب المؤهل الدراسي الذي يحمله الصراف, وقد رفعت هذه العلاوة إلى 1500 مليم بقرار مجلس الوزراء الصادر في 7 من يناير سنة 1951. وعند صدور قانون المعادلات رقم 371 لسنة 1953 بتعديل قيم بعض الشهادات الدراسية لم تكن شهادة مدرسة الصيارف من بين الشهادات التي تعرض لها هذا القانون؛ فظلت بذلك علاوة شهادة مدرسة الصيارف قائمة لم تمس وكمرتب إضافي, مستقلة عن المرتب الأصلي المقرر للمؤهل الدراسي الذي يحمله خريجو هذه المدرسة. واستند المطعون عليه إلى ما جاء في مذكرة وزارة المالية رقم 7/ 288 المؤرخة 3 من يناير سنة 1951 المرفوعة إلى مجلس الوزراء من وزير المالية, وفيها أن هذه العلاوة مضافة إلى المرتب الأصلي المحدد لشهادات خريجي مدرسة المحصلين والصيارف مما يجعلها مرتباً إضافياً علاوة على المرتب الأصلي. واستشهد كذلك بكتاب ديوان الموظفين رقم 22 - 1/ 23 في 12 من يناير سنة 1954؛ إذ ذكر صراحة أن علاوة مدرسة الصيارف مرتب إضافي مستقل عن الماهية طبقاً لمفهوم المادة 13 من لائحة المدرسة المعدلة. وردت بلدية القاهرة على الدعوى بكتابها المؤرخ 16 من يوليه سنة 1956 الذي أحالت فيه إلى دفاعها الذي جاء بمذكرتها المؤرخة 7 من فبراير سنة 1956 المودعة بملف المعافاة, كما دفعت بعدم اختصاص المحكمة الإدارية لوزارة الشئون البلدية والقروية بنظر الدعوى؛ لأن المدعي عين ببلدية القاهرة نقلاً من مصلحة الأموال المقررة اعتباراً من أول مارس سنة 1955 وبالحالة التي كان عليها في تاريخ نقله طبقاً للقانون رقم 534 لسنة 1953؛ وبهذا يكون النزاع محصوراً بين المدعي ومصلحة الأموال المقررة وحدها؛ لأنها هي التي أصدرت القرارات المطعون فيها. وقالت البلدية إن المدعي التحق بوظيفة صراف وكان حاصلاً على شهادة كفاءة التعليم الأولى سنة 1933, ومنح علاوة مدرسة المحصلين والصيارف وقدرها 500 م, كما منح إعانة الغلاء بالفئات المقررة لحالته الاجتماعية على أساس ماهيته بما فيها من علاوة المدرسة المذكورة بوصفها جزءاً من الماهية. ولما صدر قرار مجلس الوزراء في 7 من يناير سنة 1951 بتعديل لائحة مدرسة المحصلين والصيارف وقضى برفع علاوة شهادة هذه المدرسة على 1500 م بدلاً من 500 م طبق عليه هذا القرار ومنح هذه العلاوة بالفئة الجديدة. ولدى تطبيق قانون المعادلات الدراسية رقم 371 لسنة 1953 المعدل بالقانون رقم 377 لسنة 1953 على حالته لم تضف علاوة شهادة مدرسة المحصلين والصيارف إلى التسوية التي تمت طبقاً لأحكام هذا القانون؛ لأن شهادة هذه المدرسة لم ترد بالجدول الملحق بالقانون المذكور الذي يطبق على الحاصلين على الشهادات الواردة بالجدول الملحق به دون سواهم ولأن ديوان الموظفين أفتى بكتابه رقم 12 - 1/ 12 م 3 المؤرخ 8 من فبراير سنة 1954 بأنه يرى عدم إضافة علاوة المدرسة المذكورة إلى مربوط الشهادة الحاصل عليها كل صراف أو محصل عند تطبيق قانون المعادلات الدراسية؛ لأن هذه الشهادة لم ترد ضمن الكشوف الملحقة به. واستطردت البلدية تقول إنه نظراً لأن ماهية المدعي بعد تطبيق قانون المعادلات الدراسية على حالته لم تزد عن ماهيته قبلها فقد احتفظ له بماهيته الحالية طبقاً للبند 11 من كتاب ديوان الموظفين الدوري رقم 82 لسنة 1953. كما أن علاوة المدرسة مضافة على ماهيات الصيارفة والمحصلين ومندمجة فيها منذ تقريرها بواقع 500 م بقواعد الإنصاف الصادر بها قرار مجلس الوزراء في 30 من يناير سنة 1944 يمنحون عنها إعانة غلاء معيشة؛ "إذ أن هذه الإعانة مثبتة على الماهيات في 30 من نوفمبر سنة 1950؛ وبذلك تعتبر هي والماهية وحدة واحدة لا تتجزأ, ولا يجوز إفراد خانة مستقلة لها بكشف الماهيات, وكذلك الحال بعد رفعها إلى 1500 م بقرار مجلس الوزراء الصادر في 7 من يناير سنة 1951". وبناء عليه لا يكون للمدعي الحق في طلب تخصيص خانة خاصة بكشوف الماهيات لعلاوة مدرسة الصيارف. وقد سبق اعتبار هذه العلاوة جزءاً من الماهية بالتطبيق لقواعد الإنصاف, ومنح عنها إعانة الغلاء المستحقة طبقاً لحالته الاجتماعية, ولو لا أن هذه الإعانة مثبتة على الماهية الفعلية في 30 من نوفمبر سنة 1950 لمنح من الجنيه - قيمة الرفع الذي تم لهذه العلاوة في 7 من يناير سنة 1951 - إعانة الغلاء المستحقة عنه أيضاً. وانتهت بلدية القاهرة إلى طلب الحكم برفض الدعوى. وبجلسة 27 من أبريل سنة 1957 قضت المحكمة الإدارية لوزارة الشئون البلدية والقروية: "أولاً - برفض الدفع بعدم الاختصاص, وباختصاصها بنظر الدعوى. ثانياً - بأحقية المدعي في علاوة شهادة مدرسة المحصلين والصيارف وقدرها ألف وخمسمائة مليم شهرياً, وما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية من تاريخ خصم هذه العلاوة منه, ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات, وألزمت الوزارة المدعى عليها بالمصروفات ومقابل الأتعاب". وأقامت قضاءها: أولاً: (عن الدفع بعدم اختصاصها) على أن القانون رقم 534 لسنة 1953 بتسوية حالة الموظفين والمستخدمين والعمال المنقولين من المصالح الحكومية التي أصبحت تابعة لمجلس بلدي مدينة القاهرة قد نص في المادة الأولى منه على أن "موظفي الحكومة ومستخدميها وعمالها الذين يعينون في مجلس بلدي مدينة القاهرة ينقلون إليه بالحالة التي يكون عليها كل منهم في تاريخ تعيينه". كما نص في مادته الثالثة على أن "تعتبر مدة خدمة الموظفين والمستخدمين والعمال المذكورين في المادتين السابقتين في كل من الحكومة والمجلس البلدي وحده لا تتجزأ"؛ ومن ثم فإن المدعي - وقد نقل من مصلحة الأموال المقررة إلى بلدية القاهرة - يكون قد نقل بحالته التي كان عليها في تاريخ تعيينه, واعتبرت مدة خدمته في الجهتين وحده واحدة. ولا شك أن المركز القانوني للمدعي هو جزء من حالته. وأن ما للمدعي من حقوق وما عليه من التزامات يدخل في عناصر هذا المركز القانوني. ومتى تقرر ذلك يكون من حق البلدية بل واجب عليها - وقد نقل إليها المدعي بحالته - أن تسوى هذه الحالة وفقاً للقانون تسوية صحيحة, سواء أكانت النتائج المترتبة على مثل تلك التسوية للمدعي أو عليه, ولها أن ترجع عليه بما عسى أن يكون قد حصل عليه من فروق نتيجة لتسوية خاطئة, وكذلك عليها أن تصحح التسوية الخاطئة إذا كان هذا التصحيح في صالحه وتمنحه الفروق المستحقة له وفقاً لأحكام القانون؛ ومن ثم يكون للمدعي الحق في أن يطالب بلدية القاهرة المنقول إليها بإجراء التسوية الصحيحة, ويكون الدفع بعدم اختصاص المحكمة الإدارية لوزارة الشئون البلدية والقروية في غير محله, متعيناً وبحق, رفضه. ثانياً: (عن موضوع الدعوى) أقامت المحكمة قضاءها على أن قرارات مجلس الوزراء, التي أغفل القانون رقم 371 لسنة 1953 الخاص بالمعادلات الدراسية النص على إلغائها, هي قرارات تنظيمية عامة تتضمن مزايا مالية وأدبية للموظفين, وقد تحققت لهم في ظلها مراكز قانونية ذاتية, فلا يمكن إهدارها بأثر رجعي من وقت صدور القرارات التنظيمية العامة التي تحققت في ظلها تلك المراكز القانونية إلا بنص خاص في قانون يقرر ذلك؛ وإذ خلا القانون رقم 371 لسنة 1953 من مثل هذا النص تعين أن تظل قائمة نافذة مثل تلك القرارات, بل ومنتجة لآثارها في مجال تطبيقها؛ يؤكد ذلك أن القانون المذكور لم ينص صراحة إلا على إلغاء قرارات معينة هي تلك الصادرة في 8 من أكتوبر سنة 1950 وأول يوليو و2 و9 من ديسمبر سنة 1952, وهي بذاتها التي استعرضها في مذكرته الإيضاحية وأفصح عن قصده في إلغائها دون التصريح بإلغاء قرارات الإنصاف السابقة عليها. ولما كانت قواعد الإنصاف الصادرة في 30 من يناير سنة 1944 والمعدلة, فيما يتعلق بعلاوة المحصلين والصيارف بمقتضى قرار مجلس الوزراء الصادر في 7 من يناير سنة 1951, لم يلغها القانون رقم 371 لسنة 1953؛ فمن ثم يبقى هذا القرار قائماً منتجاً أثره, وبالتالي لا يجوز الإخلال بحق المدعي في العلاوة المقررة للمحصلين والصيارف بمقتضى قرار مجلس الوزراء المذكور. واستطرد الحكم المطعون فيه يقول إنه لا يغير من هذا الذي سبق ما ذهبت إليه بلدية القاهرة في دفاعها من أن القانون رقم 449 سنة 1953 في شأن إنشاء مدرسة للصيارف والمحصلين الصادر في 7 من سبتمبر سنة 1953 قد ألغى كافة التشريعات القديمة الخاصة بإنشاء هذه المدرسة ومنها هذه العلاوة؛ إذ نص في المادة 17 منه "على أن يعين الناجحون في الدرجة الثامنة الكتابية بمبدأ ربطها... ويجوز بقرار من وزير المالية والاقتصاد بعد موافقة ديوان الموظفين منح مرتب إضافي قدره جنيهان شهرياً لمن يؤدي عمله بامتياز ظاهر"؛ ذلك أن المحكمة الإدارية ترى أن هذا التشريع إنما يسري على المعينين بعد صدوره، وليس له من أثر رجعي على الماضي.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن صرف هذه العلاوة محل النزاع والتي قررتها قواعد الإنصاف, وعدل فئاتها قرار مجلس الوزراء الصادر في 7 من يناير سنة 1951 إنما هو رهين بوجود الموظف في الدرجة المقررة لمؤهله الدراسي؛ ومن ثم فإنه إذا تخطى الدرجة المقررة لمؤهله وجب على الإدارة قطعها عنه, وإذ قضى الحكم بإطلاق صرفها للمطعون عليه حتى بعد ترقيته إلى الدرجة الأعلى يكون قد خرج عن الدائرة الزمنية المحددة لصرف هذه العلاوة؛ مما يتعين معه الطعن فيه.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على الكتاب الدوري لوزارة المالية رقم ف 234 - 1/ 302 الصادر في 6 من سبتمبر سنة 1944 بشأن تنفيذ قواعد الإنصاف أنه نص في الكشف رقم 4 الخاص بالعلاوات الإضافية للحاصلين على مؤهلات تكميلية على أن الحاصل على شهادة المحصلين والصيارف يتناول 500 مليم فوق ماهية الشهادة الدراسية, وبين الكتاب الدوري كيفية تطبيق القيم المقترحة في الكشف رقم 4 على أصحاب الشهادات, وضرب لذلك مثلاً خريجي مدرسة المحصلين والصيارف فقال "إذا كان حاصلاً على التجارة المتوسطة قديم فتكون الماهية 7 جنيهات + 500 مليم = 500 مليم و7 جنيهات وإذا كان حاصلاً على التجارة المتوسطة جديد فتكون الماهية 500 مليم و7 جنيهات + 500 مليم = 8 جنيهات, وإذا كان حاصلاً على كفاءة التعليم الأولى فتكون الماهية 6 جنيهات + 500 مليم = 500 مليم و6 جنيهات. ولم يرد بقواعد الإنصاف ولا بالكتاب الدوري سالف الذكر ما يفيد أن العلاوة الإضافية سالفة الذكر إنما تمنح في حدود الدرجة الثامنة فقط أو لمن قدر لمؤهله الدرجة الثامنة دون من قدر لمؤهله درجة أعلى, بل إن النص صريح في إضافة العلاوة إلى الماهية المقررة للشهادة الدراسية دون تحديد درجة معينة, وقد يكون مقدراً لهذه الشهادة الدراسية الدرجة السابعة أو الدرجة الثامنة دون تمييز أو فارق بينهما.
ومن حيث إنه في سنة 1950 اقترحت مصلحة الأموال المقررة تعديل لائحة مدرسة المحصلين والصيارف المصدق عليها من مجلس الوزراء في 17 من مايو سنة 1938, وقد عرضت هذه التعديلات على اللجنة المالية فأقرتها ورفعتها إلى مجلس الوزراء فوافق عليها في 27 من أغسطس سنة 1950. وقد جرى نص المادة 13 من اللائحة المعدلة بما يأتي: "يعين الطلبة الناجحون بحسب ترتيب نجاحهم في وظائف التحصيل أولاً بأول, سواء في مصلحة الأموال المقررة أو في غيرها من المصالح الحكومية الأخرى بناء على ترشيح مصلحة الأموال المقررة بالدرجة الثامنة الدائمة بالماهية المقررة لشهاداتهم الدراسية, وبماهية ستة جنيهات شهرياً أول مربوط هذه الدرجة للناجحين في امتحان النقل من السنة الثالثة للرابعة الثانوية من الأزهر مضافاً إليها 500 م شهرياً علاوة شهادة مدرسة المحصلين والصيارف", ثم تقدمت اللجنة المالية بعد ذلك إلى مجلس الوزراء بمذكرة رقم 547 - 31/ 1 (282) في شأن تعديل لائحة مدرسة المحصلين والصيارف تعديلاً جديداً من مقتضاه رفع علاوة شهادة المدرسة من 500 م إلى 1500 م ومنح الطلاب في فترتي الدراسة مكافأة شهرية قدرها ثلاثة جنيهات في الفترة الأولى بدلاً من جنيهين, وخمسة جنيهات في الفترة الثانية بدلاً من ثلاثة جنيهات, واعتبار الأقدمية في الدرجة من تاريخ الالتحاق بالمدرسة, وضم مدتي الدراسة والتمرين إلى مدة الخدمة واحتسابهما في الأقدمية وتسوية الماهية على هذا الأساس. فوافق مجلس الوزراء في 7 من يناير سنة 1951 على رفع علاوة الشهادة من 500 م إلى 1500 م, وعلى المكافأة الشهرية, ورفض النص الخاص بالأقدمية وضم مدتي الدراسة والتمرين.
ومن حيث إن قواعد الإنصاف باعتبار أنها تسعير للمؤهلات الدراسية من حيث الدرجة والمرتب لا يفيد منها ولا تطبق إلا في حق من كانت درجته أو راتبه أو كلاهما أقل مما قدر لمؤهله في تلك القواعد؛ وآية ذلك أن قواعد الإنصاف قد نصت على أن "حاملي الدرجات الجامعية وما يعادلها من الشهادات العالية الموجودين الآن في أقل من الدرجة السادسة يمنحون هذه الدرجة فوراً ويسوى ماضي خدمتهم على هذا الأساس بافتراض أنهم عينوا ابتداء بماهية 12 ج زيدت إلى 13.5 ج, وبعد سنتين أخريين إلى 15 ج...", وأن حاملي شهادة الدراسة الثانوية (القسم الثاني) وما يعادلها الموجودين الآن في الخدمة في أقل من الدرجة الثامنة يمنحون هذه الدرجة فوراً ويسوى ماضي خدمتهم على هذا الأساس, بافتراض أنهم عينوا ابتداء بماهية 7.5 ج زيدت بمقدار نصف جنيه كل سنتين....", وهكذا بالنسبة للمؤهلات الأخرى, فإذا ما سويت حالة الموظف بالتطبيق لتلك القواعد بأن رفعت درجته وماهيته إلى القدر المقرر لمؤهله, فقد استنفدت قواعد الإنصاف أغراضها بالنسبة له, واتخذ الموظف بعد ذلك طريق الطبعي من حيث العلاوات والترقيات منبت الصلة بالإنصاف, فحسب الإنصاف أن رفع درجته وماهيته إلى القدر المقرر لمؤهله.
ومن حيث إن علاوة مدرسة المحصلين والصيارف ما هي إلا إنصاف بتسعير مؤهل من نوع معين دعت إليه ظروف خاصة؛ ذلك أن مدرسة المحصلين والصيارف كانت تنتظم طلبة من حملة شهادات مختلفة, ولكل من هذا المؤهلات تقدير خاص في قواعد الإنصاف من حيث الدرجة والمرتب, فما كان يمكن - والحالة هذه - أن يقدر لشهادة مدرسة المحصلين والصيارف درجة معينة من تباين حالة خريجيها؛ ومن ثم رؤى أن تضاف علاوة قدرت بنصف جنيه - زيدت بعد ذلك إلى 1.5 ج - إلى ماهية الشهادة الدراسية الحاصل عليها كل من هؤلاء الخرجين. فإذا كان قد قدر لدبلوم التجارة المتوسطة قديم 7 ج فإن مرتب الحامل هذا المؤهل يصبح بعد حصوله على شهادة مدرسة المحصلين والصيارف 7.5 ج, وكذلك بالنسبة لحامل مؤهل كفاءة التعليم الأولى المقدر له ستة جنيهات إذ يصبح مرتبه 6.5 ج, ويطبق هذا الإنصاف في حقه مرة واحدة على النحو السالف إيضاحه أياً كان مؤهله والدرجة المقررة له, شأنه في ذلك شأن غيره ممن أنصفوا بمقتضى قواعد الإنصاف, ومتى سويت حالة الموظف على هذا النحو فقد استنفد الإنصاف أغراضه بالنسبة له, واتخذ الموظف بعد ذلك سبيله الطبعي من حيث الترقيات والعلاوات.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على ملف خدمة المدعي أنه حاصل على شهادة كفاءة التعليم الأولى سنة 1933, وعلى شهادة إتمام الدراسة بمدرسة المحصلين والصيارف سنة 1940, ثم عين بمصلحة الأموال المقررة بوظيفة صراف في 11 من يوليه سنة 1940 في الدرجة الثانية الممتازة خارج الهيئة بماهية شهرية قدرها خمسة جنيهات, ثم نقل إلى القسم المالي بمحافظة مصر في وظيفة محصل من يونيه سنة 1944 في الدرجة الثامنة بماهية 5.5 ج من أول مايو سنة 1944, ثم سويت حالته بالتطبيق لقواعد الإنصاف فوضع في الدرجة الثامنة الشخصية بماهية 6.5 ج من 11 من يوليه سنة 1940 بما فيها علاوة مدرسة المحصلين والصيارف وصرفت له الفروق المستحقة المترتبة على هذه التسوية, ثم حصل على الدرجة الثامنة الدائمة الكاملة في أول مارس سنة 1948, ثم سويت حالته طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 7 من يناير سنة 1951, فرفعت علاوة مدرسة المحصلين والصيارف إلى 1.5 ج بدلاً من 500 م المقررة من قبل بقواعد الإنصاف. واعتباراً من 30 يونيه سنة 1954 رقى إلى الدرجة السابعة, ثم نقل من مصلحة الأموال المقررة إلى وزارة الشئون البلدية والقروية (بلدية القاهرة) اعتباراً من أول مارس سنة 1955.
ومن حيث إنه ظاهر مما تقدم بيانه أنه ولئن كان المدعي قد اكتسب في ظل قواعد الإنصاف حقاً في علاوة مدرسة المحصلين والصيارف وقدرها 500 م بحكم كونه من حملة هذا المؤهل, ثم رفعت هذه العلاوة إلى 1.5 ج بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء الصادر في 7 من يناير سنة 1951, إلا أنه وقد رقى بعد ذلك إلى الدرجة السابعة اعتباراً من 30 من يونيه سنة 1954 فإنه منذ ذلك التاريخ لا يستحق علاوة مدرسة المحصلين والصيارف حسبما سلف البيان؛ ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه - إذ قضى بأحقية المدعي لعلاوة الشهادة المذكورة من تاريخ خصمها منه - قد خالف القانون, ويتعين من أجل ذلك إلغاؤه في هذا الشق منه, والقضاء برفض الدعوى.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً, وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه, وبرفض الدعوى, وألزمت المدعي بالمصروفات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق