الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 12 يوليو 2023

الطعن 681 لسنة 3 ق جلسة 21 / 2 / 1959 إدارية عليا مكتب فني 4 ج 2 ق 71 ص 829

جلسة 21 من فبراير سنة 1959

برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة السيد إبراهيم الديواني وعلي إبراهيم بغدادي ومصطفى كامل إسماعيل والدكتور ضياء الدين صالح المستشارين.

------------------

(71)

القضية رقم 681 لسنة 3 القضائية

ترقية

- لا يجوز التخطي في الترقية طبقاً للمادة 40 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة المعدلة بالقانون رقم 579 لسنة 1953 إلا إذا قدم عن الموظف تقريران سنويان متتاليان بدرجة ضعيف - تضمن المادة 2 من القانون رقم 579 لسنة 1953 حكماً يقضي بالخروج على هذه القاعدة بالنسبة للترقيات التي تجرى خلال السنة التي تبدأ من 1/ 3/ 1954 وذلك بالاكتفاء بتقرير واحد - قصر هذا الحكم على الترقية بالاختيار دون الترقية بالأقدمية وحالات التخطي بسبب ضعف الموظف.

-------------------
إن المادة 40 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة كانت تنص على أنه "في الترقيات إلى الدرجات المخصص منها نسبة للأقدمية ونسبة أخرى للاختيار يبدأ بالجزء المخصص للترقية بالأقدمية ويرقى فيه أقدم الموظفين، ويشترك في هذا الجزء الحاصلون على درجتي جيد ومتوسط، مع تخطي الضعيف إذا كان قد قدم عنه ثلاثة تقارير سنوية متتالية بدرجة ضعيف. أما بالنسبة المخصصة للترقية بالاختيار فلا يرقى إليها إلا الحائزون على درجة جيد في العامين الأخيرين من مدة وجودهم في الدرجة التي يرقون منها، وتكون ترقيتهم أيضاً بالأقدمية فيما بينهم...". وفي 30 من نوفمبر سنة 1953 صدر القانون رقم 579 لسنة 1953 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 المشار إليه، وأدخل تعديلاً جوهرياً على نص الفقرتين المذكورتين من المادة 40، فأصبح نصهما الجديد هو: "في الترقيات إلى الدرجات المخصصة منها نسبة للأقدمية ونسبة أخرى للاختيار يبدأ بالجزء المخصص للترقية بالأقدمية ويرقى فيه أقدم الموظفين مع تخطي الضعيف إذا كان قد قدم عنه تقريران سنويان متتاليان بدرجة ضعيف، أما بالنسبة المخصصة للترقية بالاختيار فتكون الترقية إليها حسب ترتيب درجات الكفاية في العامين الأخيرين". وفي 4 من أبريل سنة 1957 صدر القرار بقانون رقم 73 لسنة 1957، وأدخل تعديلاً جديداً على هاتين الفقرتين، فأصبح نصهما كالآتي: "في الترقيات إلى الدرجات المخصصة منها نسبة للأقدمية ونسبة أخرى للاختيار، يبدأ بالجزء المخصص للترقية بالأقدمية ويرقى فيه أقدم الموظفين مع تخطي الضعيف إذا كان قد قدم عنه تقريران سنويان متتاليان بدرجة ضعيف، أما النسبة المخصصة للترقية بالاختيار فتكون خاضعة لتقدير لجنة شئون الموظفين، دون التقيد بترتيب الأقدمية في ذات مرتبه الكفاية، على أن يكون الاختيار أولاً من الحائزين على مرتبة ممتاز في العامين الأخيرين. وفي حالة عدم توافر عددهم بالنسبة إلى الدرجات الخالية يكون الاختيار في الدرجات الباقية من الحائزين على مرتبة جيد. ويضاف الحائزون على مرتبة ممتاز من إحدى السنتين إلى مرتبة جيد ويسري عليهم حكمها". وقد جاء بالمذكرة الإيضاحية للقانون رقم 579 لسنة 1953 عن تعديل المادة 40 من القانون رقم 210 لسنة 1951: "ولما كانت درجات الكفاية حسب النظام الجديد بالأرقام الحسابية لن يعمل بها إلا في التقارير التي ستعد في فبراير سنة 1954 فإن التقارير السنوية الحالية يظل العمل بها وبنظامها الحالي حتى آخر فبراير سنة 1954، واعتباراً من أول مارس يسري العمل في الترقية بالاختيار بالتقارير السرية السنوية التي تعد بالأرقام الحسابية وفقاً للنظام الجديد، ويكتفي بتقرير واحدة طيلة العام الأول لهذه التقارير، وبعد ذلك تكون ترقية الموظفين حسب ترتيب درجات الكفاية الحاصلين عليها في العامين الأخيرين من مدة وجود الموظف في الدرجة المرقى منها وذلك إعمالاً للقاعدة العامة الواردة في الفقرة الثانية من المادة 40". وغني عن البيان أن هذا التعديل الذي أصاب حكم المادة 40 قد جاء بتنظيم وقتي قاصر على مجال الترقية بالاختيار للكفاية، وهو مجال الفقرة الثانية وحدها من هذه المادة، دون أن ينصرف إلى مجال الفقرة الأولى المتعلقة بالترقية بالأقدمية وحالات التخطي بسبب ضعف الموظف.


إجراءات الطعن

في 16 من أبريل سنة 1957 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة طعناً في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (الهيئة الثالثة "أ") بجلسة 21 من فبراير سنة 1957 في الدعوى رقم 9961 لسنة 8 ق المرفوعة من حلمي السيد أبو السعادات ضد وزارة المواصلات ومصلحة التليفونات والتلغرافات، والذي يقضي "برفض الدعوى، وإلزام المدعي بالمصروفات". وطلب السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة - للأسباب التي استند إليها في عريضة الطعن - "الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء بإلغاء القرار رقم 666 الصادر في 17 من أبريل سنة 1954 فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية إلى الدرجة الثالثة بالأقدمية، وما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الحكومة بالمصروفات". وقد أعلن الطعن للمطعون لصالحه في 28 من يوليه سنة 1957، وللحكومة في 6 من أغسطس سنة 1957، وعين لنظره جلسة أول فبراير سنة 1958، وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من الإيضاحات، وبعد التأجيل قررت إرجاء النطق بالحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من الأوراق - تتحصل في أن المدعي أقام الدعوى رقم 9961 لسنة 8 ق بعريضة أودعت سكرتارية محكمة القضاء الإداري في 6 من يوليه سنة 1954 قال فيها إنه تخرج من كلية الهندسة (قسم الكهرباء)، وحصل على البكالوريوس عام 1936، ثم التحق بخدمة مصلحة التلغرافات والتليفونات بوظيفة مهندس في الدرجة السادسة في 10 من ديسمبر سنة 1936، وظل يتدرج في سلك الوظائف الفنية الهندسية بالمصلحة، فرقى للخامسة الفنية في ديسمبر سنة 1944، ثم للدرجة الرابعة الفنية في 29 من سبتمبر سنة 1949، وكان معروفاً بالكفاية والهمة، وقد اضطلع بأعباء وظائف هندسية عديدة. وفي أبريل سنة 1954 خلت سبع وظائف من الدرجة الثالثة بالكادر الفني العالي. وقد صدر القرار الوزاري رقم 666 في 27 من أبريل سنة 1954 بترقية أربعة مهندسين من الدرجة الرابعة إلى الدرجة الثالثة بالأقدمية، كما رقى ثلاثة بالاختيار. ويقول المدعي إنه على الرغم من أن ترتيبه كان الأول في كشف الأقدمية، إلا أن الوزارة تخطته في الترقية بالأقدمية، ولم يعلم المدعي سبب تخطيه؛ ولذلك بادر فور علمه في أول مايو سنة 1954 بصدور القرار إلى التظلم منه في 27 من يونيه سنة 1954، وقد تضاربت الأقوال حول السبب في تخطيه، فمن شائعة تقول إن ترقية المدعي كانت مقررة لو لا ما تقرر من نقل المهندس محمد محمود عرفة إلى المصلحة، وأخرى تقول إن سبب التخطي هو أن التقرير السري عن سنة 1954 كان بدرجة ضعيف. ويقول في ذلك المدعي إنه لا يجوز طبقاً لأحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 تخطي الموظف في درجات الأقدمية إلا حيث يتوافر شرطان رئيسيان: أولهما، أن تكون درجة كفايته بمرتبه ضعيف، وثانيهما، أن يكون ذلك عن سنتين متتاليتين. ولما كانت درجة كفاية المدعي عن سنة 1953 بدرجة جيد فإنه - حتى مع التسليم بهبوط هذه الدرجة إلى مرتبة ضعيف عن سنة 1954 - ما كان يجوز تخطيه في الترقية. ويقرر المدعي أن المشرع إذ سلب الموظف حق الاطلاع على التقارير السرية إنما يكون قد سلبه حقاً من بدائيات حقوق الإنسان، وهو حق الدفاع. وخلص المدعي إلى المطالبة بالحكم بإلغاء القرار الوزاري رقم 666 الصادر في 27 من أبريل سنة 1954 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى الدرجة الثالثة في الكادر الفني العالي في دوره بالأقدمية المطلقة، وما يترتب على ذلك من آثار، مع إلزام الحكومة بالمصروفات ومقابل الأتعاب. وقد ردت الحكومة على الدعوى فقالت إن المدعي التحق بخدمتها في الدرجة السادسة في 10 من ديسمبر سنة 1936، ورقي إلى الدرجة الخامسة في 4 من ديسمبر سنة 1944، وإلى الدرجة الرابعة في 29 من سبتمبر سنة 1949، ثم رقي إلى الدرجة الثالثة المخصصة لوظيفة كبير مفتشي التلغرافات في أول مايو سنة 1955. وقد استبعد في الترقية إلى الدرجة الثالثة بالقرار المطعون فيه والصادر في 27 من أبريل سنة 1954؛ نظراً لأن التقرير السنوي المقدم عنه في سنة 1953 كان بدرجة ضعيف، وانتهت الوزارة إلى طلب رفض الدعوى. وبجلسة 21 من فبراير سنة 1957 قضت محكمة القضاء الإداري (الهيئة الثالثة "أ") "برفض الدعوى، وألزمت المدعي المصروفات". وأقامت قضائها على أنه قد بان لها من الأوراق أن ترتيب المدعي بين موظفي الدرجة الرابعة بالكادر الفني العالي كان الأول عند إجراء الحركة المطعون فيها، وأنه حصل في التقرير الموضوع عنه في سنة 1954 على 36 درجة في الكفاية، وأن تخطيه كان بناء على هذا التقرير واكتفاء به. ولما كانت الفقرة الأولى من المادة 40 من قانون نظام موظفي الدولة رقم 210 لسنة 1951 قبل تعديلها بالقانون رقم 579 لسنة 1953 والصادر في 30 من نوفمبر سنة 1953 كانت تنص على أنه "في الترقيات إلى الدرجات المخصص منها نسبة للأقدمية ونسبة أخرى للاختيار يبدأ بالجزء المخصص للترقية بالأقدمية ويرقى فيه أقدم الموظفين، ويشترك في هذا الجزء الحاصلون على درجتي جيد ومتوسط، مع تخطي الضعيف إذا كان قد قدم عنه ثلاثة تقارير سنوية متتالية بدرجة ضعيف"، ثم عدلت بعد ذلك هذه الفقرة بالقانون المذكور وأصبح نصها: "في الترقيات إلى الدرجات المخصصة منها نسبة للأقدمية ونسبة أخرى للاختيار يبدأ بالجزء المخصص للترقية بالأقدمية، ويرقى فيه أقدم الموظفين مع تخطي الضعيف إذا كان قد قدم عنه تقريران سنويان متتاليان بدرجة ضعيف". وقد عدل المشرع في المعيار الأول في تقدير درجات الكفاية فجعلها بالأرقام الحسابية، وهذا ما تضمنته المادة 30 من قانون نظام موظفي الدولة معدلة بذلك القانون، فنصت على أنه "يخضع لنظام التقارير السنوية السرية جميع الموظفين لغاية الدرجة الثالثة، وتعد هذه التقارير في شهر فبراير من كل عام على أساس تقدير كفاية الموظف بدرجات نهايتها القصوى مائة درجة، ويعتبر الموظف ضعيفاً إذا لم يحصل على أربعين درجة على الأقل". واستطرد الحكم المطعون فيه قائلاً إنه بالتطبيق للمادة الثانية من القانون رقم 579 لسنة 1953 المشار إليه، "تحدد درجة كفاية الموظف في الترقي خلال العام الأول اعتباراً من أول مارس سنة 1954 طبقاً للتقرير السنوي الأول المقدم عنه وفقاً للنظام المقرر بهذا القانون"؛ فيكون من مقتضى ذلك أن درجات الكفاية حسب النظام الجديد لا يعمل بها إلا في التقارير التي ستعد في فبراير سنة 1954، واعتباراً من أول مارس سنة 1954 يسري العمل في الترقية بالتقارير السنوية التي تعد بالأرقام الحسابية وفقاً للنظام الجديد، مع الاكتفاء بتقرير واحد طيلة العام الأول لهذه التقارير، وبعد ذلك تكون الترقية حسب درجات الكفاية في العامين الأخيرين من مدة وجود الموظف في الدرجة المرقى منها. ويضيف الحكم إلى ذلك أن نص المادة الثانية من القانون رقم 579 لسنة 1953 جاء عاماً لم يفرق بين الترقية بالأقدمية وبين الترقية بالاختيار التي تجري خلال العام الأول اعتباراً من أول مارس سنة 1954، والتي يكتفي فيها بالتقرير الموضوع في فبراير سنة 1954، والنص العام يحمل على عمومه ما دام قد ورد خالياً من أي تخصيص أو غموض، ولا محل للاجتهاد أو الرجوع إلى المذكرة الإيضاحية لاستنباط شرط لم يرد به، وهو شرط أن تكون الترقية بالاختيار، ما دامت الترقية المطعون فيها قد جرت في أبريل سنة 1954، أي في العام الأول، فإنه يسري عليها الحكم الذي تضمنته المادة الثانية من القانون رقم 579 لسنة 1953. وبناء عليه يقول الحكم المطعون فيه إنه يكفي لتطبيق حكم الفقرة الأولى من المادة 40 من القانون رقم 210 لسنة 1951 على النزاع المطروح الرجوع إلى التقرير السنوي الأول الموضوع عن المدعي في فبراير سنة 1954، ويبين من مطالعته أن كفاية المدعي قدرت فيه بدرجات جملتها 36 درجة مما يعتبر معه ضعيفاً وفق حكم المادة 30 من ذلك القانون، ومما يتعين معه نزولاً على حكم المادة 40 تخطيه في الترقية في دوره بالأقدمية. وانتهى الحكم المطعون فيه إلى أن القرار موضوع الدعوى قد صدر صحيحاً، ويكون المدعي غير محق في دعواه.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن المادة الثانية من القانون رقم 579 لسنة 1953 إذ كانت قد أتت بتنظيم وقتي على المادة 40 من قانون التوظف فإن وضعها الطبعي يكون في مجال الترقية بالكفاية وحدها، وهو ما نصت عليه الفقرة الثانية من هذه المادة، دون أن تنصرف أيضاً إلى الفقرة الأولى منها، وهي التي تعالج الترقية بالأقدمية والتخطي للضعف، وهو أمر لم يتعرض له التنظيم المؤقت. فإذا كان الثابت أن ترتيب أقدمية المدعي عند إجراء حركة 27 من أبريل سنة 1954 هو (الأول)، وقد أجريت الحركة في أربع درجات بالأقدمية وتخطي فيها المدعي مع أنه لم يقدر بدرجة ضعيف إلا مرة واحدة بالتقرير المقدم عنه في عام 1954، فإن هذا التخطي يكون قد حصل بالمخالفة لنص في الفقرة الأولى من المادة 40 معدلة؛ وعلى ذلك يكون المدعي محقاً في دعواه، صائباً في طعنه على القرار الصادر بتخطيه في الترقية بالأقدمية إلى الدرجة الثالثة.
ومن حيث إنه يبين من الأوراق أن درجة كفاية المدعي قدرت في التقرير السنوي السري عام 1953 بست وثلاثين درجة، كما قدرت درجة كفايته عن سنة 1954 بخمس وأربعون درجة، وظاهر من الاطلاع على تقرير عام 1954 أن لجنة شئون الموظفين قد وافقت بجلسة 19 من أبريل سنة 1955 على تقدير درجة كفاية هذا الموظف. ولما كانت حركة الترقيات المطعون فيها قد صدرت في 27 من أبريل سنة 1954 بالقرار الوزاري رقم 666 فإن مفاد ذلك أنه لم يكن تحت نظر لجنة شئون الموظفين - عند انعقادها للترشيح لحركة الترقيات موضوع الطعن - سوى تقرير واحد هو تقرير عام 1953 الذي نال فيه المطعون لصالحه 36 درجة من مائة.
ومن حيث إن المادة 40 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة كانت تنص قبل تعديلها على أنه "في الترقيات إلى الدرجات المخصص منها نسبة للأقدمية ونسبة أخرى للاختيار يبدأ بالجزء المخصص للترقية بالأقدمية ويرقى فيه أقدم الموظفين ويشترك في هذا الجزء الحاصلون على درجتي جيد ومتوسط، مع تخطي الضعيف إذا كان قد قدم عنه ثلاثة تقارير سنوية متتالية بدرجة ضعيف، أما بالنسبة المخصصة للترقية بالاختيار فلا يرقى إليها إلا الحائزون على درجة جيد في العامين الأخيرين من مدة وجودهم في الدرجة التي يرقون منها. وتكون ترقيتهم أيضاً بالأقدمية فيما بينهم...". وفي 30 من نوفمبر سنة 1953 صدر القانون رقم 579 لسنة 1953 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 210 لسنة 1951، وأدخل تعديلاً جوهرياً على نص الفقرتين المذكورتين من المادة 40، فأصبح نصهما الجديد "في الترقيات إلى الدرجات المخصصة منها نسبة للأقدمية ونسبة أخرى للاختيار يبدأ بالجزء المخصص للترقية بالأقدمية ويرقى فيه أقدم الموظفين مع تخطي الضعيف إذا كان قد قدم عنه تقريران سنويان متتاليان بدرجة ضعيف، أما بالنسبة المخصصة للترقية بالاختيار فتكون الترقية إليها حسب ترتيب درجات الكفاية في العامين الأخيرين". وفي 4 من أبريل سنة 1957 صدر القرار بقانون رقم 73 لسنة 1957 المعمول به من تاريخ نشره بالجريدة الرسمية العدد 28 مكرر تابع، وأدخل تعديلاً جديداً على هاتين الفقرتين، فأصبح نصهما كالآتي: "في الترقيات إلى الدرجات المخصصة منها نسبة للأقدمية ونسبة أخرى للاختيار يبدأ بالجزء المخصص للترقية بالأقدمية ويرقى فيه أقدم الموظفين مع تخطي الضعيف إذا كان قد قدم عنه تقريران سنويان متتاليان بدرجة ضعيف، أما بالنسبة المخصصة للترقية بالاختيار فتكون خاضعة لتقدير لجنة شئون الموظفين دون التقيد بترتيب الأقدمية في ذات مرتبه الكفاية، على أن يكون الاختيار أولاً من الحائزين على مرتبة ممتاز في العامين الأخيرين، وفي حالة عدم توافر عددهم بالنسبة إلى الدرجات الخالية يكون الاختيار في الدرجات الباقية من الحائزين على مرتبة جيد، ويضاف الحائزون على مرتبة ممتاز في إحدى السنتين إلى مرتبة جيد ويسري عليهم حكمها". وقد جاء بالمذكرة الإيضاحية للقانون رقم 579 لسنة 953 عن تعديل المادة 40 من القانون رقم 210 لسنة 1951: "ولما كانت درجات الكفاية حسب النظام الجديد بالأرقام الحسابية لن يعمل بها إلا في التقارير التي ستعد في فبراير سنة 1954 فإن التقارير السنوية الحالية يظل العمل بها وبنظامها الحالي حتى آخر فبراير سنة 1954، واعتباراً من أول مارس يسري العمل في الترقية بالاختيار بالتقارير السرية السنوية التي تعد بالأرقام الحسابية وفقاً للنظام الجديد، ويكتفي بتقرير واحد طيلة العام الأول لهذه التقارير، وبعد ذلك تكون ترقية الموظفين حسب ترتيب درجات الكفاية الحاصلين عليها في العامين الأخيرين من مدة وجود الموظف في الدرجة المرقى منها؛ وذلك إعمالاً للقاعدة العامة الواردة في الفقرة الثانية من المادة 40...". وغني عن البيان أن هذا التعديل الذي أصاب حكم المادة 40 قد جاء بتنظيم وقتي قاصر على مجال الترقية بالاختيار للكفاية، وهو مجال الفقرة الثانية وحدها من هذه المادة، دون أن ينصرف إلى مجال الفقرة الأولى المتعلقة بالترقية بالأقدمية وحالات التخطي بسبب ضعف الموظف.
ومن حيث إنه لم يثبت في ملف خدمة المدعي أنه كان قد قدم عنه قبل صدور القرار المطعون فيه سوى تقرير سنوي واحد، وهو التقرير المقدم عنه عام 1953 والذي قدر فيه المطعون لصالحه بـ 36 درجة من مائة، أي بدرجة ضعيف، فأياً كان وجه الحق في مضمون هذا التقرير السنوي الواحد ومدى صدوره على مقتضى حكم القانون، فإنه وحده لا يكفي بالتطبيق لحكم المادة 40 من القانون رقم 210 لسنة 1951 لتخطيه في الترقية في النسبة المخصصة للترقية بالأقدمية، وقد كان الأول في كشف الأقدمية. وقد اتجه قضاء هذه المحكمة إلى أن الحكم الوقتي الذي جاءت به المادة الثانية من القانون رقم 579 لسنة 1953 من الاكتفاء بتقرير سنوي واحد في الترقيات التي تتم خلال السنة الأولى من تاريخ تنفيذه، إنما هو خاص - حسبما سلف البيان - بالترقية في النسبة المخصصة للترقية بالاختيار، دون التخطي في النسبة المقررة للترقية بالأقدمية، فهذه الأخيرة تظل، بحسب الأصل، خاضعة لحكم المادة 40 فقرة أولى من قانون نظام موظفي الدولة، وهي اشتراط تقديم تقريرين سنويين متتاليين بدرجة ضعيف للموظف حتى يمكن تخطيه في الترقية. وأنه متى تقرر ذلك فإن القرار المطعون فيه يكون قد خالف القانون، ولم يقم على سببه المبين في المادة 40 من القانون رقم 210 لسنة 1951، ويتعين الحكم بإلغائه. وإذ ذهب الحكم المطعون فيه مذهباً آخر فإنه يكون قد أخطأ في تفسير القانون وتطبيقه، ويتعين القضاء كذلك بإلغائه.
ومن حيث إنه، بعد إذ رقي المدعي خلال نظر الدعوى إلى الدرجة الثالثة في 30 من أبريل سنة 1955، فلا يبقى بعد ذلك إلا إلغاء القرار المطعون فيه إلغاء جزئياً، واعتبار أقدميته في تلك الدرجة راجعة إلى 22 من أبريل سنة 1954، وهو التاريخ المسند إليه الترقية في القرار المطعون فيه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وباعتبار أقدمية المدعي في الدرجة الثالثة راجعة إلى 22 من أبريل سنة 1954، وما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت الحكومة بالمصروفات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق