الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 6 أغسطس 2023

الطعن 550 لسنة 3 ق جلسة 8 / 11 / 1958 إدارية عليا مكتب فني 4 ج 1 ق 8 ص 73

جلسة 8 من نوفمبر سنة 1958

برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة السيد إبراهيم الديواني والدكتور محمود سعد الدين الشريف ومصطفى كامل إسماعيل والدكتور ضياء الدين صالح المستشارين.

-----------------

(8)

القضية رقم 550 لسنة 3 القضائية

(أ) دعوى إلغاء 

- العبرة في ميعاد رفعها بالقرار الذي ينصب عليه الطعن - فوات ميعاد الطعن في قرار سابق من شأنه أن يؤثر في القرار المطعون فيه - لا يخل بقبول الدعوى شكلاً متى رفعت في الميعاد بالنسبة للقرار المطعون - ذلك يعد وجهاً لدفاع في الموضوع - مثال.
(ب) موظف 

- القانون رقم 255 لسنة 1953 بإنشاء مركز التنظيم والتدريب بقليوب - النص في المادة الثالثة منه على ضم الهيئات العامة التابعة أو الخاضعة لوزارات الصحة العمومية والشئون الاجتماعية والشئون البلدية والزراعة والمعارف العمومية والتي تباشر أعمالها في دائرة ذلك المركز وضمها إليه ونقل الاعتمادات المالية لتلك الهيئات إلى ميزانية المركز بالقانون رقم 256 لسنة 1953 - لا يقتضي ذلك نقل أشخاص شاغلي الدرجات المنقولة إلى المركز بذواتهم - أساس ذلك.

-----------------------
1 - متى كان الثابت أن المدعي يطلب الحكم بإلغاء قرار مركز التنظيم والتدريب بقليوب الصادر في فبراير سنة 1955 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى الدرجة السادسة مع ما يترتب على ذلك من آثار, وأنه أقام الدعوى بإيداع صحيفتها في 17 من فبراير سنة 1955, أي قبل صدور القانون رقم 165 لسنة 1955 في شأن تنظيم مجلس الدولة, وفي ميعاد الستين يوماً المقررة قانوناً للطعن بالإلغاء, فإنها تكون مقبولة شكلاً لرفعها صحيحة في الميعاد القانوني أمام المحكمة المختصة بنظرها وقتذاك وطبقاً للإجراءات المعمول بها في ظل أحكام القانون رقم 9 لسنة 1949 الخاص بمجلس الدولة, وإن كانت قد أحيلت بعد ذلك في 16 من يوليه سنة 1955 إلى المحكمة الإدارية لرياسة الجمهورية ووزارات الداخلية والخارجية والعدل عملاً بالمادة 73 من القانون رقم 165 لسنة 1955. ولا عبرة بما يذهب إليه كل من مركز التنظيم والتدريب بقليوب والخصم الثالث من الدفع بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد بمقولة إن القرار الصادر بجلستي 24 من مارس سنة 1954 و4 من أبريل سنة 1954 من لجنة شئون موظفي المركز برفض ضم المدعي إلى المراكز ضمن من تقرر نقلهم إليه قد أصبح نهائياً وغير قابل للطعن فيه لفوات المواعيد المحددة بعد عمله بهذا القرار علماً يقينياً وتظلمه منه؛ ذلك أن المذكور لا يصيب طعنه على القرار الصادر بعدم الموافقة على ضمه إلى المركز, بل على قرار تخطيه في الترقية الذي قدم طلب إلغائه في الميعاد القانوني كما سلف البيان. وإذا صح أن للقرار الأول بعد صيرورته نهائياً بعدم الطعن فيه بالإلغاء في الميعاد المقرر تأثيراً في القرار الثاني, فإن هذا يكون وجهاً لدفاع في الموضوع بطلب رفض الدعوى لا دفعاً بعدم قبولها شكلاً.
2 - إن ضم الهيئات العامة التابعة أو الخاضعة لإشراف الوزارات التي نصت عليها المادة الثالثة من القانون رقم 255 لسنة 1953 إلى مركز التنظيم والتدريب بقليوب تنفيذاً للقانون المشار إليه اقتضى سلخ هذه الهيئات العامة كوحدات نظامية من الوزارات التي عددتها المادة المذكورة ليتكون المركز المنشأ من مجموعها, كما استلزم بالتالي صدور القانون رقم 256 لسنة 1953 بنقل الاعتمادات التي كانت مقررة لتلك الهيئات من ميزانيات الوزارات التي كانت تابعة أو خاضعة لها لكي تنشأ منها ميزانية خاصة للمؤسسة الجديدة التي منحت استقلالاً ذاتياً, وتقررت لها الشخصية الاعتبارية في حدود إشراف الحكومة المركزية عليها حتى تتمكن من مباشرة نشاطها على الوجه الذي ارتآه الشارع. ولما كان من المقومات الجوهرية لقيام الشخصية الاعتبارية أن تكون للشخص الاعتباري ذمة مالية مستقلة, فقد نصت المادة الخامسة من القانون رقم 255 لسنة 1953 على أن "يكون للمركز ميزانية خاصة وتلحق بالميزانية العامة للدولة..", وهذه الميزانية الخاصة بالمركز والمستقلة تكونت ابتداء من المبالغ التي حذفت من الاعتمادات المالية المدرجة بميزانيات الوزارات والمصالح المبينة بالجدول حرف "ب" المرافق للقانون رقم 256 لسنة 1953. وإذا كان هذا الجدول قد تضمن بياناً لعدد الدرجات ونوعها ووصفها والجهة التي ستؤخذ منها اعتمادات ميزانيتها فإنه لم ينص على وجوب نقل أشخاص شاغليها إلى المركز بذواتهم, وإنما أورد في هذا البيان لكي يحدد على أساسه مقدار المبالغ المقتضى حذفها من ميزانيات الوزارات والمصالح التي عينها. كما أن القانون رقم 255 لسنة 1953 قد خلا من أي نص على نقل موظفي الهيئات التي قضى بضمها إلى المركز, ولو أنه أراد نقل الموظفين والمستخدمين تبعاً لنقل وظائفهم لنص على ذلك كما فعل القانون رقم 534 لسنة 1953 بشأن الموظفين والمستخدمين والعمال المنقولين من المصالح الحكومية التي أصبحت تابعة لمجلس بلدي مدينة القاهرة, الذي نص في مادته الثانية على أن "ينقل إلى مجلس بلدي مدينة القاهرة جميع موظفي ومستخدمي وعمال المصالح الحكومية التي أصبحت أو ستصبح تابعة لهذا المجلس اعتباراً من تاريخ شطب الاعتمادات الخاصة بهم من ميزانية الدولة وإدراج اعتمادات عنها في ميزانية المجلس البلدي..", وكما فعل القانون رقم 188 لسنة 1955 بضم مصالح وإدارات المباني إلى وزارة الشئون البلدية والقروية, الذي نص في مادته الأولى على أن "تضم المصالح والإدارات الآتية بجميع اختصاصاتها وموظفيها إلى وزارة الشئون البلدية والقروية...", وقضى في مادته الثانية بأن "تنقل الاعتمادات المالية الخاصة بالمصالح والإدارات المشار إليها في المادة الأولى الواردة في ميزانية 1954/ 1955 إلى ميزانية وزارة الشئون البلدية والقروية".


إجراءات الطعن

في 6 من مارس سنة 1957 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية المحكمة عريضة طعن أمام هذه المحكمة قيد بجدولها تحت رقم 550 لسنة 3 القضائية في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية الأولى لرياسة الجمهورية ووزارات الداخلية والخارجية والعدل بجلسة 6 من يناير سنة 1957 في الدعوى رقم 657 لسنة 2 القضائية المقامة من: لبيب حنا يوسف, ضد: (1) السيد الدكتور مدير عام مركز التنظيم والتدريب بقليوب. و(2) محمد محمد صبري (خصم متدخل), القاضي "أولاً - بقبول تدخل السيد محمد محمد صبري خصماً ثالثاً في الدعوى. ثانياً - رفض الدعوى وإلزام رافعها بالمصاريف ومبلغ 100 قرش مقابل أتعاب المحاماة للخصم المتدخل يلزم بها المدعي". وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين - للأسباب التي استند إليها في صحيفة طعنه - "الحكم بقبول الطعن شكلاً, وفي الموضوع القضاء بإلغاء الحكم المطعون فيه, وإلغاء القرار الصادر في فبراير سنة 1955 إلغاء كاملاً, وإلزام المركز بالمصروفات". وقد أعلن هذا الطعن إلى المطعون لصالحه في 21 من مارس سنة 1957, وإلى الخصم الثالث في 31 منه, وإلى مركز التنظيم والتدريب بقليوب في 9 من أبريل سنة 1957. وبعد أن انقضت المواعيد القانونية المقررة دون أن يقدم أي من الطرفين مذكرة بملاحظاته عين لنظر الطعن أمام هذه المحكمة جلسة 11 من أكتوبر سنة 1958. وفي 2 من يوليه سنة 1958 أبلغ الخصوم بميعاد هذه الجلسة, وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة, ثم قررت إرجاء النطق بالحكم في الطعن إلى جلسة اليوم, مع الترخيص في تقديم مذكرات خلال عشرة أيام. وقد أودع الخصم الثالث المتدخل في الدعوى مذكرة بملاحظاته انتهى فيها إلى طلب "رفض الطعن وتأييد الحكم المطعون فيه", كما قدم المطعون لصالحه مذكرة صمم فيها على طلباته.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفي أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة, حسبما يبين من أوراق الطعن, تتحصل في أن المدعي أقام الدعوى رقم 657 لسنة 2 القضائية ضد السيد الدكتور مدير عام مركز التنظيم والتدريب بقليوب أمام المحكمة الإدارية الأولى لرياسة الجمهورية ووزارات الداخلية والخارجية والعدل بعريضة أودعها سكرتيرية محكمة القضاء الإداري في 17 من فبراير سنة 1955 تحت رقم 1355 لسنة 9 القضائية ثم حولت إلى المحكمة الإدارية المشار إليها بناء على المادة 73 من القانون رقم 165 لسنة 1955 في شأن تنظيم مجلس الدولة في 16 من يوليه سنة 1955, قال فيها إنه كان موظفاً بوزارة الصحة بوظيفة كاتب صحة في الدرجة السابعة, فلما صدر القانون رقم 255 لسنة 1953 بإنشاء مركز التنظيم والتدريب بقليوب ضم إلى المركز المذكور واعتبر من موظفيه ابتداء من أول أبريل سنة 1953, وقد خلت درجة سادسة بالمركز كان هو المستحق الوحيد للترقية إليها باعتباره الأول في ترتيب أقدمية الدرجة السابعة بين موظفي المركز. بيد أنه كان هناك موظف محظوظ يراد منحه هذه الدرجة, وللوصول إلى ذلك نقل المدعي إلى الإدارة العامة المالية لوزارة الصحة, وبعد أن تمت ترقية الموظف المذكور عاد المركز يطلب إلى الوزارة الموافقة على نقل المدعي نهائياً إليه, فصدر قرار وزير الصحة بإلغاء قرار إلغاء نقله إلى مركز التنظيم والتدريب لقبول المركز نقله إليه نهائياً اعتباراً من أول أبريل سنة 1953, وتقرر رفع اسمه من عداد موظفي الوزارة من هذا التاريخ. ومرة أخرى أريد ترقية محمد محمد صبري كاتب مجموعة سندبيس على الرغم من أنه أحدث من المدعي في ترتيب الأقدمية, فصدر قرار بترقيته فعلاً إلى الدرجة السادسة في فبراير سنة 1955 متخطياً المدعي بحجة أن مجلس المركز لم يوافق على نقله نهائياً إلا في ديسمبر سنة 1954, وأنه لذلك لا يجوز النظر في ترقيته إلى بعد مرور سنة من ذلك التاريخ. وقد وقع هذا القرار مخالفاً للقانون ومشوباً بسوء استعمال السلطة؛ إذ أن المدعي أصبح تابعاً لمركز التنظيم والتدريب منذ إنشائه في أول أبريل سنة 1953 بحكم المادة الثالثة من القانون رقم 255 لسنة 1953, وكان طوال سنة 1954 يتقاضى مرتبه من المركز. وقد كان القصد من عدم إقرار نقله إلى المركز تفويت الترقية عليه في دوره, هذا إلى أن الحجة التي أبديت لتبرير تخطيه ينقضها قرار وزير الصحة بأن المركز وافق على نقله إليه نهائياً اعتباراً من أول أبريل سنة 1953. وخلص المدعي من هذا إلى طلب "الحكم بإلغاء قرار مركز التنظيم والتدريب بقليوب الصادر في فبراير سنة 1955 فيما تضمنه من تخطي الطالب في الترقية إلى الدرجة السادسة بالأقدمية باعتباره تابعاً للمركز من أول أبريل سنة 1953, مع إلزام المعلن إليه بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة". وقد رد مركز التنظيم والتدريب بقليوب على هذه الدعوى بالدفع بعدم قبولها شكلاً لرفعها بعد الميعاد استناداً إلى أن القرار الصادر بجلستي 24 من مارس و4 من أبريل سنة 1954 من لجنة شئون الموظفين برفض ضم المدعي للمركز ضمن من تقرر نقلهم إليه قد أصبح نهائياً وغير قابل للطعن فيه لفوات المواعيد المقررة, وقد علم المدعي بهذا القرار كما تشهد بذلك الشكاوى المتلاحقة التي قدمها في 27 من أبريل و10 من يوليه سنة 1954, ومع ذلك لم يطعن فيه في الميعاد القانوني. وقال في الموضوع إن المدعي كان يعمل بمكتب صحة قها عند إنشاء المركز في أول أبريل سنة 1954, وعند اجتماع لجنة شئون موظفي المركز في 24 من مارس و4 من أبريل سنة 1954 لم توافق على نقله ضمن من تقرر نقلهم للعمل بالمركز وذلك حرصاً على الصالح العام؛ إذ تبينت من استعراض ملف خدمته عدم صلاحيته للعمل بالمركز المنشأ حديثاً والذي يجب أن تكون الأيدي العاملة به نشيطة وذات كفاية ليتمكن من تحقيق رسالته؛ ذلك أن ملف المذكور ملئ بالجزاءات التي تنطق بإهماله الشديد في عمله, ومن بينها أمران برفته من خدمة الحكومة, فقد كان يعمل بقسم مكافحة الأوبئة بوزارة الصحة ورفت من الخدمة في سنة 1938 لإهماله الشديد في أداء واجبه, ثم أعيد تعيينه بعد ذلك, وجوزي بخصم ثلاثة أيام من راتبه لعدم استعماله الدقة في التبليغ اليومي عن عدد المطعمين ضد الجدري, ورفت ثانية في سنة 1940 بناء على طلب قسم توقي الأمراض المعدية بالوزارة لظهور عجز كبير في عهدته. وفي 9 من يوليه سنة 1940 صدر أمر بتعيينه من جديد, ورقي إلى وظيفة مساعد معمل في سنة 1942, وخصم يوم من راتبه لمخالفته التعليمات, ثم عين في وظيفة كاتب في الدرجة الثامنة بالمجموعة الصحية في 5 من سبتمبر سنة 1944, وأنذر لتكرار تأخيره إرسال الكشوف الشهرية, وجوزي بخصم أربعة أيام من راتبه لقيامه بإجازة بدون إذن. ولما كان تاريخ حياته الوظيفية على هذا الوجه, فقد أصدرت لجنة شئون الموظفين قراراً برفض ضمه إلى موظفي المركز, وجاء قرارها هذا سليماً غير مشوب بالبطلان أو بعيب إساءة استعمال السلطة؛ إذ أن تقدير كفاية الموظف وصلاحيته للعمل هو أمر من إطلاقات الإدارة تترخص فيه بحسب المصلحة العامة, كما أن هذا القرار صادر في فبراير سنة 1954 أصبح نهائياً بعدم الطعن فيه في الميعاد. وليس صحيحاً أن قانون إنشاء المركز رقم 255 لسنة 1953 قضى بضم الوحدات بموظفيها إلى المراكز, إذ الواقع أنه لم يوجب ذلك, بل تهدف روحه إلى أن تكون رسالة هذه الوحدات بإشراف المركز عليها لاتحاد الغرض, وإذا ما أريد ضم الموظفين بالوحدات إليه فيلزم عرض حالة كل موظف على لجنة شئون موظفي المركز, فإذا لم توافق على ضم أي موظف كان قرارها في هذا الشأن سليماً بعيداً عن التعسف, وعلى ذلك تكون القاعدة العامة ضم الوحدات بموظفيها والاستثناء عدم ضم الموظف بدليل ضرورة عرض الأمر على اللجنة المذكورة. أما حجة المدعي في أنه كان يتقاضى مرتبه من المركز طوال سنة 1954 بما يجعله ضمن موظفيه فمردودة بأنه لم يتقاض مرتبه من المركز إلا من أول ديسمبر سنة 1954, بعد إذ اضطرت لجنة شئون موظفي المركز إلى إقرار نقله في 27 من نوفمبر سنة 1954 اعتباراً من أول ديسمبر سنة 1954 على أثر عدم استجابة الوزارة إلى ما طلبه المركز من أن تستبدل به موظفاً آخر وعدم إمكان الحصول من الوزارات والمصالح على موظف سواه مكانه واحتياج المركز إلى موظفين فضلاً عن أن المدعي كان تقدم إلى المركز بالتماس يطلب فيه نقله إليه بصفة نهائية. وقد أخطرت الوزارة المركز بقرار نقله على أن يكون اعتبار من أول أبريل سنة 1953, ولما كانت موافقة لجنة شئون موظفي المركز على أن يكون النقل ابتداء من أول ديسمبر سنة 1954, فقد وجب مضي مدة السنة المنصوص عليها في المادة 47 من القانون رقم 210 لسنة 1951 حتى يمكن النظر في أمر ترقيته. أما ترقية محمد محمد صبري فقد اعتمدت خلال تلك السنة. ولا وجه لاعتراض المدعي بأن أمره ظل مغلقاً في الفترة ما بين أول أبريل سنة 1953 وأول ديسمبر سنة 1954؛ ذلك أنه كان تابعاً للوزارة خلال هذه الفترة وكان يصرف مرتبه منها, وقرار الوزارة خاطئ في إرجاع تاريخ نقله للمركز إلى أول أبريل سنة 1953 لسريانه على الماضي وتحميله المركز وضعاً لم يرده ولم تنصرف نيته إليه؛ ولذ فقد أخطر المركز الوزارة لتعديل قرار النقل ونبهها إلى استيفاء ملف خدمة المدعي حتى أول ديسمبر سنة 1954, وقد قامت بتنفيذ ذلك بالفعل. على أن قرار الوزارة في هذا الشأن ليس ملزماً للمركز لاختلاف الجهتين. والثابت من دفاتر حسابات المركز أنها لم تنظم صرف مرتب المدعي إلا من أول ديسمبر سنة 1954؛ ومن ثم فإن قرار المجلس الصادر في فبراير سنة 1955 متضمناً ترقية محمد محمد صبري إلى الدرجة السادسة قد صدر صحيحاً غير مشوب بإساءة استعمال السلطة, ويتعين رفض الدعوى مع إلزام المدعي بمصروفاتها وبمقابل أتعاب المحاماة. وقد عقب المدعي على ذلك بمذكرة رد فيها على الدفع بعدم قبول الدعوى بأن قرارات لجنة شئون الموظفين بمركز التنظيم والتدريب التي تدفع الإدارة بعمله بها لا وجود لها؛ لأنه كان قد ضم فعلاً إلى المركز طبقاً لأحكام القانون رقم 255 لسنة 1953؛ ومن ثم فهي منعدمة قانوناً إذ لم يكن الأمر يستدعي إعادة عرض موضوع ضمه مرة أخرى على اللجنة المشار إليها, أما المكاتبات التي تعتبرها الإدارة قرارات فقد صدرت خفية بقصد تفويت الترقية عليه ولم تبلغ له ولم تنشر, وهو لم يتظلم منها بل تظلم من عدم تسوية حالته أسوة بباقي الموظفين, ومع ذلك فقد ظل الأمر قيد البحث إلى أن أجيب إلى طلبه؛ ومن ثم فإن الدفع يكون في غير محله حقيقاً بالرفض وتكون دعواه مقبولة. وأضاف في الموضوع إلى ما جاء بصحيفة دعواه أنه يعتبر منقولاً لمركز التنظيم والتدريب بقليوب طبقاً للقانون رقم 255 لسنة 1953 وبموافقة لجنة شئون موظفي وزارة الصحة التي كان مدير المركز المذكور أحد أعضائها ممثلاً للمركز فيها, وذلك من تاريخ إنشاء هذا المركز في أول أبريل سنة 1953, ولم يصدر أي قرار بنقله أو إبعاده من المركز أو استبدال آخر به. وإذا فرض في الجدل أنه لم ينقل إلا من أول ديسمبر سنة 1954, فقد نقل بدرجته وماهيته من وزارة الصحة. ومتى كان نقل الموظف تبعاً لنقل درجته طبقاً لقانون الميزانية فإنه لا يخضع للقيد الوارد في المادة 47 من قانون نظام موظفي الدولة ولا يجوز تخطيه في الترقية بسبب حداثة نقله. هذا إلى أن المدعي حاصل على مؤهل دراسي أفضل من مؤهل المطعون في ترقيته, وأنه أقدم في الدرجتين الثامنة والسابعة من هذا الأخير. أما الجزاءات التي وقعت عليه فسببها اشتغاله بوظيفة مبخر التي من طبيعتها أن توقع على شاغلها جزاءات كثيرة لاحتكاكه بالجماهير, وأما رفته فكان لمناسبة انتهاء الاعتمادات التي كان يعين عليها, على أنه لم توقع عليه جزاءات منذ سنة 1945, وقد حصل على تقدير جيد وممتاز في التقارير السرية السنوية منذ سنة 1951, بينما ملف خدمة المطعون في ترقيته حافل بجزاءات أشد خطورة وأحدث عهداً مع خلوه من التقارير السرية السنوية التي تدل على درجة كفايته. وقد طلب محمد محمد صبري المطعون في ترقيته قبول تدخله خصماً ثالثاً في الدعوى. وبجلسة أول نوفمبر سنة 1955 قررت المحكمة قبوله خصماً منضماً للمركز, فتقدم بمذكرتين قال فيهما إن المدعي لم ينقل إلى مركز التنظيم والتدريب بالفعل إلا في ديسمبر سنة 1954, وأن القانون رقم 255 لسنة 1953 الذي قضى بضم بعض هيئات تابعة لوزارة الصحة إليه لم ينص على أن هذا الضم مطلق من كل قيد, بل مرجعه إلى رأي لجنة شئون الموظفين التي رفضت ضم المدعي بعد أن فحصت ملف خدمته. وقد كان هذا الأخير لا يتسلم مرتبه بالطريقة المتبعة مع سائر موظفي المركز, وهي التوقيع على الكشوف الخاصة بهم, بل يصرفه بشيك باسمه يرد له من الإدارة المالية بوزارة الصحة حتى شهر ديسمبر سنة 1954 تاريخ نقله. وقد كان المذكور يعلم يقينياً بالقرار الصادر في حقه ولم يطعن فيه في الميعاد القانوني, الأمر الذي يجعل هذا القرار نهائياً ويسقط حقه بالتالي في الطعن في قرار ترقية الخصم الثالث إلى الدرجة السادسة, وهو القرار الذي صدر في شهر فبراير سنة 1955, ولما يمض على نقل المدعي إلى المركز ثلاثة أشهر. ولما كان القانون قد جعل مركز التنظيم والتدريب هيئة ذات كيان مستقل ومنحه الشخصية الاعتبارية, فإن قرار نقل المدعي إليه الصادر من وزير الصحة بأثر رجعي مرتد إلى أول أبريل سنة 1953 لا يكون نافذاً وصحيحاً بمجرد صدوره, بل لا بد من موافقة المركز عليه لصيرورة النقل نهائياً. وقد وافقت لجنة شئون الموظفين التابعة للمركز على هذا النقل مضطرة على أن يكون اعتباراً من أول ديسمبر سنة 1954. ومن ثم فإن ترقية الخصم الثالث قبل مرور سنة على هذا النقل بالتطبيق لحكم المادة 47 من قانون نظام موظفي الدولة رقم 210 لسنة 1951 تكون صحيحة مطابقة للقانون. ولا حجة في أن السيد مدير عام المركز كان حاضراً وممثلاً للمركز في لجنة شئون الموظفين التابعة لوزارة الصحة التي وافقت على نقل المدعي بأثر رجعي؛ لأن المدير المذكور ليس هو المركز ولا لجنة شئون الموظفين الخاصة به ولا يملك التعبير عن إرادة هذه اللجنة, كما لا وجه للمفاضلة بين المؤهلات الدراسية لكل من المدعي والمطعون في ترقيته, أو للرجوع إلى أقدمية كل منهما في الدرجتين السابقتين, ما دامت الترقية بالأقدمية لا بالاختيار, والعبرة فيها بأقدمية الدرجة الحالية لا ما عداها, ومع ذلك فقد سبق رفت المدعي مرتين إحداهما بسبب إهماله الجسيم. وانتهى الخصم الثالث من هذا إلى طلب الحكم بعدم قبول الدعوى شكلاً لفوات ميعاد الطعن, ورفضها موضوعاً, مع إلزام المدعي بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقد أودع المدعي مذكرة تكميلية بملاحظاته على أقوال الخصم الثالث ردد فيها دفاعه السابق, وأنه نقل فعلاً وقانوناً إلى مركز التنظيم والتدريب بقليوب منذ أول أبريل سنة 1953, وكان ذلك بدرجته من وزارة الصحة بناء على القانون رقم 256 لسنة 1953 الذي قضى بنقل الاعتماد من ميزانية الوزارة إلى ميزانية المركز. ولما كان المركز منشئاً حديثاً فإن قيد السنة لا يسري على الموظفين المنقولين إليه وذلك وفقاً للفقرة الأخيرة من المادة 47 من قانون نظام موظفي الدولة. وقد قدم السيد مفوض الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً خلص فيه, لما استند إليه من أسباب, إلى أنه يرى "الحكم: (أولاً) برفض الدفع بعدم قبول الدعوى وقبولها. (ثانياً) إلغاء القرار المطعون فيه, مع ما يترتب على ذلك من آثار, وتحميل مركز التنظيم والتدريب بمصاريف الدعوى ومقابل أتعاب المحاماة".
ومن حيث إنه بجلسة 6 من يناير سنة 1957 قضت المحكمة الإدارية لرياسة الجمهورية ووزارات الداخلية والخارجية والعدل في هذه الدعوى "أولاً - بقبول تدخل السيد محمد محمد صبري خصماً ثالثاً في الدعوى. ثانياً - رفض الدعوى وإلزام رافعها بالمصاريف ومبلغ 100 قرش مقابل أتعاب محاماة للخصم المتدخل يلزم بها المدعي", وأقامت قضاءها على أنه لما كان المدعي يبني دعواه على أنه يعتبر في حكم التابع لمركز التنظيم والتدريب بقليوب من أول أبريل سنة 1953, فإنه كان يتعين عليه الطعن في القرارين الصادرين بجلستي 24 من مارس سنة 1954 و4 من أبريل سنة 1954 برفض ضمه للمركز ضمن من تقرر نقلهم إليه, أما ولم يطعن في هذين القرارين في الميعاد القانوني فإنهما يكونان حصينين من الإلغاء وقائمين ومنتجين لآثارهما القانونية. ولما كان مركز التنظيم والتدريب قد أنشئ بالقانون رقم 255 لسنة 1953 المنفذ من تاريخ نشره في 21 من مايو سنة 1953 فإن المدعي وقد نقل إليه اعتباراً من أول ديسمبر سنة 1954 بناء على قرار لجنة شئون موظفي المركز الصادر بجلسة 27 من نوفمبر سنة 1954, أي بعد أكثر من مضي سنة من تاريخ إنشائه, فإنه يسري في حقه القيد الوارد في المادة 47 من القانون رقم 210 لسنة 1951 من وجوب مضي سنة على الموظف المنقول إلى مصلحة أخرى حتى يمكن ترقيته إلى درجة أعلى. ومن ثم فإن القرار المطعون فيه يكون قد طبق القانون تطبيقاً سليماً, وتكون الدعوى على غير أساس من القانون حقيقة بالرفض مع إلزام رافعها بالمصروفات.
ومن حيث إن السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة طعن في هذا الحكم بعريضة أودعها سكرتيرية هذه المحكمة في 6 من مارس سنة 1957 طلب فيها "الحكم بقبول الطعن شكلاً, وفي الموضوع القضاء بإلغاء الحكم المطعون فيه, وإلغاء القرار الصادر في فبراير سنة 1955 إلغاء كاملاً, وإلزام المركز بالمصروفات". واستند في أسباب طعنه إلى أن المادة الثالثة من القانون رقم 255 لسنة 1953 بإنشاء مركز التنظيم والتدريب بقليوب نصت على أن تضم إلى المركز الهيئات العامة التابعة أو الخاضعة لوزارات الصحة العمومية و.... التي تباشر أعمالها في دائرة ذلك المركز, وأن المادة الرابعة من القانون رقم 256 لسنة 1953 باعتماد ميزانية مركز التنظيم والتدريب بقليوب عن الشهور أبريل - يونيه سنة 1953 نصت على أن يحذف من ميزانية الدولية للسنة المالية 1952/ 1953 مبلغ 53371 ج من ميزانيات الوزارات والمصالح حسب المبين بالجدول حرف "ب" المرافق له, وهذا الجدول ينتظم الوظيفة التي كان يشغلها المدعي. ومقتضى هذا الضم للدرجات والاعتمادات المالية للهيئات التي تقرر سلخها من الوزارات والمصالح وضمها إلى المركز هو أن تنتقل هذه الدرجات بشاغليها إلى المركز؛ ومن ثم يصبح المدعي تابعاً لهذا الأخير اعتباراً من أول أبريل سنة 1953, ولا يغير من هذا الوضع في شيء تردد مركز التنظيم والتدريب في الموافقة على نقله طالما أن الأمر قد انتهى بذلك؛ إذ أن قرار المركز في هذا الشأن لا يعدو أن يكون قراراً تنفيذياً المشار إليهما. ومتى اعتبر المدعي تابعاً للمركز منذ أول أبريل سنة 1953 فإنه ما كان يسوغ تخطيه في الترقية تأسيساً على عدم انقضاء سنة على نقله إلى المركز بالاستناد إلى المادة 47 من القانون رقم 210 لسنة 1951 التي لا تطبق على حالة إدماج مصلحة أو وحده في أخرى. وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب فإنه يكون قد شابه عيب مخالفة القانون والخطأ في تفسيره وتأويله مما يتعين معه الطعن فيه على هذا الاعتبار, دون أن يؤثر ذلك على ما للمركز من حق فيما إذا كانت تقوم به أسباب أخرى لعدم الترقية وفقاً لأحكام القانون.
ومن حيث إن الخصم الثالث المتدخل في الدعوى أودع مذكرة بملاحظاته مؤرخة 20 من أكتوبر سنة 1958 ضمنها دفاعه السابق وأن قرار نقل المدعي إلى مركز التنظيم والتدريب بقليوب الصادر من وزير الصحة بأثر رجعي مرتد إلى أول أبريل سنة 1957 لا يمكن أن يكون نافذاً وصحيحاً بمجرد صدوره؛ إذ يلزم موافقة المركز عليه ولا يسري إلا من تاريخ موافقة لجنة شئون الموظفين بالمركز على نقل المدعي نهائياً, وهذه الموافقة لم تصدر إلا في 27 من نوفمبر سنة 1954 اعتباراً من أول ديسمبر سنة 1954 بعد إذ رفضت الوزارة الاستجابة إلى ما طلبه المركز من أن يستبدل بالمدعي موظف آخر أكثر منه صلاحية. والثابت من سجلات صرف الماهيات الخاصة بالمركز أن المدعي لم يصرف مرتبه من هذا الأخير إلا ابتداء من أول ديسمبر سنة 1954, وكان قبل هذا التاريخ يتقاضى مرتبه من وزارة الصحة. كما أن الوزارات منحته علاوة في أول مايو سنة 1953 وصرفت له الفروق بمعرفتها. ومن ثم فلا وجه لطعنه في ترقية الخصم الثالث إلى الدرجة السادسة التي تمت في 17 من فبراير سنة 1955, ولما يكن قد مضى على نقله إلى المركز أكثر من ثلاثة أشهر؛ إذ يوجب القانون في هذه الحالة مضي مدة لا تقل عن سنة لإمكان النظر في ترقيته بعد نقله. وخلص الخصم الثالث من هذا إلى طلب "رفض الطعن وتأييد الحكم المطعون فيه".
ومن حيث إن المدعي قد عقب بدوره على طعن السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة بمذكرة ردد فيها ما سبق أن أبداه من دفاع وما جاء بتقرير السيد مفوض الدولة أمام المحكمة الإدارية من أسانيد, وكذا ما تضمنه الطعن من أسباب رداً على الحكم المطعون فيه, وذكر أنه أصبح تابعاً لمركز التنظيم والتدريب بقليوب منذ إنشائه اعتباراً من أول أبريل سنة 1953 بقوة القانون وبنقل درجته والاعتماد الخاص بها وشاغلها من وزارة الصحة إلى المركز وفقاً لأحكام القانونين رقمي 255 و256 لسنة 1953. ومن ثم فإنه ما كان يجوز تخطيه في الترقية بمقولة إنه لم تمض سنة على نقله إلى المركز استناداً إلى المادة 47 من قانون نظام موظفي الدولة التي لا تنطبق على حالة إدماج مصلحة أو وحدة في مصلحة أو وحدة أخرى. ذلك أنه أقدم من المطعون في ترقيته في الخدمة وفي الدرجة وفي الحصول على المؤهل الدراسي, كما أنه لا يقل عنه كفاية إن لم يكن أكثر منه امتيازاً, في حين أن الدرجة التي تمت الترقية إليها هي من درجات الأقدمية؛ وبذا يكون القرار المطعون فيه حقيقاً بالإلغاء, لا إلغاء مجرداً كما ذهبت إلى ذلك هيئة المفوضين في تقرير الطعن, بل إلغاء فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية إلى الدرجة السادسة التي حصل عليها هذا الأخير فعلاً وأصبحت الدعوى مقصورة في الواقع على تعديل أقدميته. وطلب في ختام مذكرته "قبول الطعن وإلغاء الحكم المطعون فيه وإلغاء قرار فبراير سنة 1955 فيما تضمنه من تخطى المدعي في الترقية إلى الدرجة السادسة مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المركز المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة".
ومن حيث إن المدعي يطلب الحكم بإلغاء قرار مركز التنظيم والتدريب بقليوب الصادر في فبراير سنة 1955 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى الدرجة السادسة, مع ما يترتب على ذلك من آثار, وهو القرار رقم 29 لسنة 1955 المتضمن ترقية محمد محمد صبري إلى الدرجة السادسة الكتابية اعتباراً من 31 من يناير سنة 1955 والصادر بناء على قرار لجنة شئون موظفي مركز التنظيم والتدريب بقليوب المنعقدة في 27 من يناير سنة 1955 والمعتمد من رئيس المجلس المشترك للمركز المذكور في 31 من يناير سنة 1955, وقد أقام هذه الدعوى بإيداع صحيفتها سكرتيرية محكمة القضاء الإداري في 17 من فبراير سنة 1955, أي قبل صدور القانون رقم 165 لسنة 1955 في شأن تنظيم مجلس الدولة, وفي ميعاد الستين يوماً المقرر قانوناً للطعن بالإلغاء؛ ومن ثم فإنها تكون مقبولة شكلاً لرفعها صحيحة في الميعاد القانوني أمام المحكمة المختصة بنظرها وقتذاك وطبقاً للإجراءات المعمول بها في ظل نفاذ أحكام القانون رقم 9 لسنة 1949 الخاص بمجلس الدولة, وإن كانت قد أحيلت بعد ذلك في 16 من يوليه سنة 1955 إلى المحكمة الإدارية لرياسة الجمهورية ووزارات الداخلية والخارجية والعدل عملاً بالمادة 73 من القانون رقم 165 لسنة 1955, ولا عبرة بما يذهب إليه كل من مركز التنظيم والتدريب بقليوب والخصم الثالث من الدفع بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد بمقولة إن القرار الصادر بجلستي 24 من مارس سنة 1954 و4 من أبريل سنة 1954 من لجنة شئون موظفي المركز برفض ضم المدعي إلى المركز ضمن من تقرر نقلهم إليه قد أصبح نهائياً وغير قابل للطعن فيه لفوات المواعيد المحددة بعد علمه بهذا القرار علماً يقينياً وتظلمه منه؛ ذلك أن المذكور لا يصب طعنه على القرار الصادر بعدم الموافقة على ضمه إلى المركز, بل على قرار تخطيه في الترقية الذي قدم طلب إلغائه في الميعاد القانوني كما سلف البيان. وإذا صح أن للقرار الأول - بعد صيرورته نهائياً بعدم الطعن فيه بالإلغاء في الميعاد المقرر - تأثيراً في القرار الثاني, فإن هذا يكون وجهاً لدفاع في الموضوع بطلب رفض الدعوى لا دفعاً بعدم قبولها شكلاً؛ ومن ثم فإن هذا الدفع يكون غير قائم على أساس سليم من القانون وتكون الدعوى مقبولة.
ومن حيث إن القانون رقم 255 لسنة 1953 بإنشاء مركز التنظيم والتدريب بقليوب المعدل بالقانون رقم 452 لسنة 1955 نص في مادته الثانية على أن "يكون للمركز الشخصية الاعتبارية...", وفي مادته الثالثة على أن "تضم إلى المركز الهيئات العامة التابعة أو الخاضعة لوزارات الصحة العمومية والشئون الاجتماعية والشئون البلدية والقروية والزراعة والمعارف العمومية التي تباشر أعمالها في دائرة ذلك المركز". وقد جاء في المذكرة الإيضاحية لهذا القانون "والنتيجة التي يهدف إليها إنشاء المركز من ناحية الواقع والقانون وتكوينه لا يتأتى إلا عن طريق سلخ الهيئات العامة التابعة أو الخاضعة لإشراف وزارة الصحة العمومية والشئون الاجتماعية والشئون البلدية والقروية والزراعة والمعارف العمومية التي تباشر أعمالها في دائرة ذلك المركز وضمها إلى المركز, وهذا ما تواجهه المادة الثالثة". ثم صدر القانون رقم 256 لسنة 1953 باعتماد ميزانية مركز التنظيم والتدريب بقليوب عن الشهور أبريل - يونيه سنة 1953. ونصت المادة الرابعة منه على أن "يحذف من ميزانية الدولة للسنة المالية 1952/ 1953 مبلغ 53371 ج من ميزانيات الوزارات والمصالح حسب المبين بالجدول حرف "ب" المرافق". وقد تضمن هذا الجدول من بين الاعتمادات المحذوفة أربع درجات سابعة لمستخدمين من الديوان العام لوزارة الصحة, ومستخدماً واحداً درجة سابعة من مصلحة الطب العلاجي, وثلاث درجات سابعة من مصلحة الصحة الوقائية لمستخدمين كتابيين، ودرجتين سابعة لمستخدمين من مصلحة القروية. وورد في المذكرة المرفوعة إلى مجلس الوزراء من وزير المالية والاقتصاد في شأن هذا القانون أن الاتفاق الذي تم بين الحكومة المصرية والهيئة الصحية العالمية بخصوص مركز التنظيم والتدريب بقليوب قضى "بإنشاء إدارة مستقلة تتبع رئاسة مجلس الوزراء ذات ميزانية مستقلة على أن تنظم إليها الهيئات العامة التابعة أو الخاضعة لوزارة الصحة العمومية والشئون الاجتماعية... التي تباشر أعمالها في دائرة المركز بقليوب, وأنه لما كان سلخ هذه الهيئات وضمها يستدعي استصدار قانون خاص بنقل اعتماداتها من ميزانيات الوزارات المذكورة وإنشاء ميزانية خاصة بها فقد أعد مشروع القانون بميزانية الثلاثة الأشهر الأخيرة من السنة المالية 1952/ 1953".
ومن حيث إن ضم الهيئات العامة التابعة أو الخاضعة لإشراف الوزارات التي نصت عليها المادة الثالثة من القانون رقم 255 لسنة 1953 إلى مركز التنظيم والتدريب بقليوب تنفيذاً للقانون المشار إليه اقتضى سلخ هذه الهيئات العامة كوحدات نظامية من الوزارات التي عددتها المادة المذكورة ليتكون المركز المنشأ من مجموعها, كما استلزم بالتالي صدور القانون رقم 256 لسنة 1953 بنقل الاعتمادات التي كانت مقررة لتلك الهيئات من ميزانيات الوزارات التي كانت تابعة أو خاضعة لها لكي تنشأ منها ميزانية خاصة للمؤسسة الجديدة التي منحت استقلالاً ذاتياً وتقررت لها الشخصية الاعتبارية في حدود إشراف الحكومة المركزية عليها حتى تتمكن من مباشرة نشاطها على الوجه الذي ارتآه الشارع. ولما كان من المقومات الجوهرية لقيام الشخصية الاعتبارية أن تكون للشخص الاعتباري ذمة مالية مستقلة, فقد نصت المادة الخامسة من القانون رقم 255 لسنة 1953 على أن "يكون للمركز ميزانية خاصة وتلحق بالميزانية العامة للدولة....", وهذه الميزانية الخاصة بالمركز والمستقلة تكونت ابتداء من المبالغ التي حذفت من الاعتمادات المالية المدرجة بميزانيات الوزارات والمصالح المبينة بالجدول حرف "ب" المرافق للقانون رقم 256 لسنة 1953. وإذا كان هذا الجدول قد تضمن بياناً لعدد الدرجات ونوعها ووصفها والجهة التي ستؤخذ من اعتمادات ميزانيتها فإنه لم ينص على وجوب نقل أشخاص شاغليها إلى المركز بذواتهم, وإنما أورد هذا البيان لكي يحدد على أساسه مقدار المبالغ المقتضى حذفها من ميزانيات الوزارات والمصالح التي عينها. كما أن القانون رقم 255 لسنة 1953 قد خلا من أي نص على نقل موظفي الهيئات التي قضى بضمها إلى المركز, ولو أنه أراد نقل الموظفين والمستخدمين تبعاً لنقل وظائفهم لنص على ذلك كما فعل القانون رقم 534 لسنة 1953 بشأن الموظفين والمستخدمين والعمال المنقولين من المصالح الحكومية التي أصبحت تابعة لمجلس بلدي مدينة القاهرة, الذي نص في مادته الثانية على أن "ينقل إلى مجلس بلدي مدينة القاهرة جميع موظفي ومستخدمي وعمال المصالح الحكومية التي أصبحت أو ستصبح تابعة لهذا المجلس اعتباراً من تاريخ شطب الاعتمادات الخاصة بهم من ميزانية الدولة وإدراج اعتمادات عنها في ميزانية المجلس البلدي", وكما فعل القانون رقم 188 لسنة 1955 بضم مصالح وإدارات المباني إلى وزارة الشئون البلدية والقروية, الذي نص في مادته الأولى على أن "تضم المصالح والإدارات الآتية بجميع اختصاصاتها وموظفيها على وزارة الشئون البلدية والقروية...", وقضى في مادته الثانية بأن "تنقل الاعتمادات المالية الخاصة بالمصالح والإدارات المشار إليها في المادة الأولى الواردة في ميزانية 1954/ 1955 إلى ميزانية وزارة الشئون البلدة والقروية".
ومن حيث إنه ظاهر من ميزانيات الوزارات التي ضمت بعض الهيئات التابعة أو الخاضعة لها إلى مركز التنظيم والتدريب بقليوب أن الدرجات التي نقلت منها إنما نقلت شائعة بدون تخصيص, إذ لم يستغرق النقل كل ما بها من درجات من كل فئة شملها, الأمر الذي تنتفي معه فكرة تعيين الدرجات أو الأشخاص, وآية ذلك أن ميزانية وزارة الصحة العمومية للسنة المالية 1952/ 1953 التي تناول القانون رقم 256 لسنة 1953 الحذف من ربعها الأخير تضمنت من وظائف مستخدمي الدرجة السابعة الكتابية التي كان يشغل مثلها المدعي وقتذاك 215 درجة بالديوان العام و72 درجة بمصلحة الطب العلاجي و84 درجة بمصلحة الصحة الوقائية و20 درجة بمصلحة الصحة القروية, في حين أن ما نقل شائعاً وبدون تعيين من هذه الدرجات بمقتضى الجدول حرف "ب" المرافق للقانون رقم 256 لسنة 1953 آنف الذكر من المصالح المشار إليها على التوالي هو أربع درجات من الديوان العام ودرجة واحدة من مصلحة الطب العلاجي وثلاث درجات من مصلحة الصحة الوقائية ودرجتان من مصلحة الصحة القروية. وقد كان المدعي كاتباً منتدباً بصحة قها مقيداً على الدرجة السابعة بالإدارة المالية بوزارة الصحة. ومفاد هذا أن النقل إنما ورد على مبالغ تحددت على أساس فئات من الدرجات ولم يرد على أشخاص معينين بذواتهم أو بدرجاتهم, ولا سيما أن نهوض المركز برسالته يتطلب حسن اختيار العناصر النشيطة والكافيات الصالحة, وهذا أمر تترك حرية التقدير فيه للجنة شئون موظفي المؤسسة الجديدة ما دامت تتغيا في ذلك وجه المصلحة العامة دون إساءة لاستعمال السلطة, لا أن تفرض عليها عناصر لا تملك اختيارها, وقد وضعت اللجنة ضابطاً لذلك بقاعدة عامة قررتها بجلستها المنعقدة في 24 من مارس سنة 1954, وجاء بها "ترى اللجنة بصفة عامة الموافقة على نقل الموظفين الذين كانوا يعملون في الوحدات التي نقلت إلى المركز كما هم, أما الموظفون الذين كانوا يعملون في وحدات أخرى ثم نقلوا إلى المركز بعد اعتماد ميزانيته, أي بعد أول أبريل سنة 1953, فإن هؤلاء يجب بحث حالة كل منهم واختيار الصالح منهم فقط للنقل إلى المركز", ولم يكن المدعي ممن شملهم قرار النقل سالف الذكر. وإذا كان اسمه قد ورد في الكشوف التي عرضت على لجنة شئون الموظفين بالديوان العام بوزارة الصحة بجلسة 26 من يوليه سنة 1953 بوصفه كاتب صحة قها - مع أنه كان منتدباً لهذه الوظيفة لا أصيلاً فيها - فإنما كان ذلك على سبيل الترشيح من قبل مديري عموم المصالح إذ جاء بمحضر اللجنة "ثم تقدم حضرات مديري عموم المصالح بأسماء من وقع عليهم الاختيار والموضحين فيما بعد للنقل بدرجاتهم". وظاهر من هذا أن إدراج اسم المدعي بين هذه الأسماء إنما كان لوقوع اختيار مدير عام المصلحة التابع لها بالوزارة عليه. وقد كان أمر هذا الاختيار موضوع بحث مطروح على اللجنة لإقراره أو عدم الأخذ به, لا لأن المذكور قد نقل إلى مركز التنظيم والتدريب بدرجته بالذات حتماً وبقوة القانون. وعلى أية حال فإن هذا الترشيح كان صادراً من الوزارة ولا يقيد المركز الذي يتمتع باستقلال ذاتي والذي لم يقره. ولا يغير من هذا حضور مدير عام المركز اجتماع اللجنة؛ لأنه لم يكن ليتحدث باسم المركز أو ليعبر عن إرادته في الالتزام بالموافقة على مثل هذا النقل نيابة عنه. وقد رأت لجنة شئون الموظفين بالمركز فيما استعرضته من ماضي خدمة المدعي الثابت في ملف خدمته وما وقع عليه من جزاءات بلغت حد الفصل من الوظيفة بسبب الإهمال الشديد في أداء الواجب وظهور العجز في عهدته مبرراً كافياً لما قررته في شأنه بجلستي 24 من مارس سنة 1954 و4 من أبريل سنة 1954 من رفض ضمه إلى موظفي المركز لعدم صلاحيته للعمل به, وقد اعتمد قرارها هذا من المجلس المشترك, وطالب المركز وزارة الصحة بأن تستبدل به موظفاً غيره. وقد اكتفي المدعي بالتظلم إدارياً في 27 من أبريل سنة 1954 و10 من يوليه سنة 1954 دون الطعن في الميعاد القانوني في هذا القرار الذي أصبح نهائياً. وذكر في تظلميه المشار إليهما أنه لما ينقل بعد إلى مركز التنظيم والتدريب بقليوب, وأنه ما زال مقيداً تبع الإدارة العامة للحسابات بوزارة الصحة ولم ينقل نهائياً إلى المركز. وإذا كان قرار رفض نقله قد أصبح نهائياً بعدم الطعن فيه في الميعاد, وكان الظاهر من الأوراق أنه ظل حتى آخر نوفمبر سنة 1954 تابعاً مالياً لوزارة الصحة التي تولت صرف ماهيته على ميزانيتها إلى هذا التاريخ, والتي منحته علاوة في أول مايو سنة 1953, والتي أصدرت في شأنه القرار الوزاري رقم 722 في 3 من نوفمبر سنة 1953 برفع ماهيته, والقرار الوزاري رقم 2550 في أول مارس سنة 1954 بتسوية حالته طبقاً لقانون المعادلات الدراسية, والقرار الوزاري رقم 3832 في 29 من يونيه سنة 1954 بإعادة ماهيته ومنحه علاوة, أما الأمران المكتبيان رقما 9 و15 الصادران من المركز في 5 و25 من أكتوبر سنة 1953 بنقله داخلياً بصفة مؤقتة ثم بإلغاء ندبه, فكانا بوصفه منتدباً لا أصيلاً بدليل تعريفهما إياه بأنه "كاتب صحة قها". وإذا كان الثابت أيضاً أنه لم يتقاض مرتبه من المركز, كما يبين من دفاتر حساباته, إلا ابتداء من أول ديسمبر سنة 1954 بعد إذ عادت لجنة شئون موظفي المركز في 27 من نوفمبر سنة 1954 فأقرت نقله إليه اعتباراً من ذلك التاريخ, ولم يخل طرفه من عهدة صحة قها إلا في 17 من يناير سنة 1955, وأن المركز يتمتع بشخصية اعتبارية وذاتية مستقلة, فإن قرار وزير الصحة العمومية رقم 1061 الصادر في 17 من نوفمبر سنة 1954 باعتماد قرار لجنة شئون الموظفين بالديوان العام بالوزارة الصادر بجلسة 18 من أكتوبر سنة 1954 بإلغاء قرار إلغاء نقل المدعي إلى مركز التنظيم والتدريب بقليوب بأثر رجعي اعتباراً من أول أبريل سنة 1953 لا يلزم المركز بالتاريخ الذي أسند النقل إليه.
ومن حيث إنه متى ثبت أن المدعي لم ينقل بالفعل على مركز التنظيم والتدريب بقليوب إلا اعتباراً من أول ديسمبر سنة 1954, وأن المركز الذي سبق إنشاؤه بالقانون رقم 255 لسنة 1953 الذي صدر وعمل به في 21 من مايو سنة 1953 كان قد خرج وقتذاك بدرجاته من عداد المصالح المنشأة حديثاً, وأن القرار المطعون فيه الخاص بترقية الخصم الثالث محمد محمد صبري إلى الدرجة السادسة بالأقدمية إنما صدر اعتباراً من 31 من يناير سنة 1955 ولما تمض على نقل المدعي إلى المركز مدة السنة التي نصت الفقرة الثانية من المادة 47 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة على عدم جواز النظر في ترقيته إلا بعد انقضائها وأن الترقية المطعون فيها لم تجر في نسبة الاختيار ولا في درجة من درجات المصالح المنشأة حديثاً, فإن طعنه في هذه الترقية يكون في غير محله حقيقاً بالرفض. ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه, إذ قضى برفض دعواه, يكون قد أصاب الحق في قضائه, ويكون طعن السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة بطلب إلغاء هذا الحكم وإلغاء القرار المطعون فيه إلغاء كاملاً على غير أساس سليم من القانون ويتعين القضاء برفضه موضوعاً.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً, وبرفضه موضوعاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق