الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 8 أغسطس 2023

الطعن 888 لسنة 3 ق جلسة 13 / 12 / 1958 إدارية عليا مكتب فني 4 ج 1 ق 31 ص 391

جلسة 13 من ديسمبر سنة 1958

برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة حسن أبو علم ومحيي الدين حسن وعلي إبراهيم بغدادي والدكتور محمود سعد الدين الشريف المستشارين.

-----------------

(31)

القضية رقم 888 لسنة 3 القضائية

محاكم إدارية 

- ميعاد الطعن في أحكامها - الإعلان الذي يجري منه سريان الميعاد هو الذي يوجه إلى وكيل الوزارة المختص - قيام محافظ الإسكندرية مقام وكيل الوزارة في هذا الخصوص بالنسبة إلى الأحكام التي تكن بلدية الإسكندرية طرفاً فيها.

--------------
متى كان الثابت أن الحكم المستأنف قد صدر من المحكمة الإدارية لجميع وزارات الحكومة بالإسكندرية في 12 من مايو سنة 1954, فإنه يخضع من حيث إجراءات إعلانه وحساب ميعاد الطعن فيه لأحكام القانون رقم 147 لسنة 1954 بإنشاء وتنظيم محاكم إدارية في الوزارات, الذي عمل به اعتباراً من 20 من مارس سنة 1954. وقد قضى هذا القانون في مادته الثامنة بأن "يرسل رئيس المحكمة صورة من صحيفة الدعوى إلى وكيل الوزارة المختص خلال ثلاثة أيام من وقت تسلمه إياها. ويجيب وكيل الوزارة عنها كتابة في ميعاد لا يجاوز شهراً من وقت إبلاغه بها. ويفحص رئيس المحكمة أو أحد قضائها الدعوى قبل أن تنظرها المحكمة, وله أن يطلب من كل من المدعي والوزارة ما يراه لازماً من البيانات والمستندات, ويحدد المواعيد اللازمة لتقديمها, ويعين رئيس المحكمة ميعاد نظر الدعوى فيما لا يجاوز ثلاثة أشهر من وقت تقديمها ويخطر به كل من الطرفين. ويجوز للوزارة أن ترسل موظفاً مندوباً عنها ليبين وجهة نظرها ويقدم ما يؤيدها من مستندات. ويبلغ رئيس المحكمة صورة من الحكم إلى كل من الطرفين بكتاب موصى عليه". وينص في مادته التاسعة على أن "يكون الحكم انتهائياً في المنازعات المبينة بالمادة الرابعة إذا لم تجاوز قيمة الدعوى مائتين وخمسين جنيهاً, أما إذا جاوزت قيمتها مائتين وخمسين جنيهاً أو كانت مجهولة القيمة, فإنه يجوز في هذه الحالة استئناف الحكم أمام محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة في ميعاد ستين يوماً من تاريخ إبلاغه". وهذه الأحكام - وقد تماثلت في مجموعها مع تلك التي انتظامها المرسوم بقانون رقم 160 لسنة 1952 بإنشاء وتنظيم اللجان القضائية في الوزارات - تقطع في أن القواعد الخاصة بكيفية إعلان قرارات اللجان القضائية إلى الجهات الإدارية وبحساب ميعاد الطعن فيها والتي اعتنقتها هذه المحكمة واجبة التطبيق في هذا الخصوص, بحيث يتعين أن يجري على إعلان أحكام المحاكم الإدارية وميعاد الطعن فيها ذات الأصول المقررة في كيفية إعلان قرارات اللجان القضائية, أي أن يكون الإعلان لوكيل الوزارة المختص على ما جرى به قضاء هذه المحكمة, فضلاً عن قيام الحكمة التشريعية التي دعت إلى العدول في القانونين المتقدم ذكرهما عن القاعدة العامة في إعلان الأحكام, حسبما أرستها الفقرتان الأولى والثالثة من المادة 14 من قانون المرافعات. وبالنسبة إلى بلدية الإسكندرية - وهي طرف في الدعوى - فإن محافظ الإسكندرية هو الذي يقوم مقام وكيل الوزارة فيما يتعلق بإعمال هذا الحكم, وبخاصة وقد جعلته الفقرة الثانية من المادة 22 من القانون رقم 98 لسنة 1950 بشأن المجلس البلدي لمدينة الإسكندرية, صاحب الصفة في تمثيل المجلس البلدي أمام المحاكم. ويلزم من ذلك ألا يجرى ميعاد الطعن إلا من يوم إعلانه بالحكم الصادر من المحكمة الإدارية لجميع الوزارات بالإسكندرية, فإذا لم يتبين من الأوراق أنه أعلن بصحيفة الحكم المشار إليه وأن ميعاد الستين يوماً المعين في المادة التاسعة من القانون رقم 147 لسنة 1954 قد انقضى على أساس ما تقدم قبل أن تودع بلدية الإسكندرية صحيفة استئنافها لذلك الحكم في 4 من أغسطس سنة 1954. كان الدفع بعدم قبول الاستئناف لرفعه بعد الميعاد - الذي أثاره السيد رئيس هيئة المفوضين في طعنه - في غير محله, متعيناً رفضه.


إجراءات الطعن

في 18 من يوليه سنة 1957 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية المحكمة عريضة طعن أمام هذه المحكمة قيد بجدولها تحت رقم 888 لسنة 3 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (الهيئة الرابعة "ب") بجلسة 20 من مايو سنة 1957 في الدعوى رقم 12590 لسنة 8 القضائية المقامة من محافظ الإسكندرية ضد السيد/ محمد عبد اللطيف دويب, القاضي "بقبول الاستئناف شكلاً, وبرفضه موضوعاً, وألزمت الحكومة بالمصروفات عن الدرجتين". وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين - للأسباب التي استند إليها في صحيفة طعنه - "أولاً وأصلياً - إلغاء الحكم المطعون فيه, والقضاء بعدم قبول الاستئناف شكلاً لرفعه بعد الميعاد, مع إلزام الحكومة المصروفات, ثانياً واحتياطياً - إلغاء الحكم المطعون فيه والحكم المستأنف والقضاء برفض دعوى المدعي, مع إلزامه المصروفات". وقد أعلن هذا الطعن إلى وزارة الداخلية في 12 من أغسطس سنة 1957, وإلى المطعون عليه في 18 من الشهر ذاته, وعين لنظره أمام هذه المحكمة جلسة أول نوفمبر سنة 1958. وقد انقضت المواعيد القانونية المقررة دون أن يقدم أي من الطرفين مذكرة بملاحظاته. وفي 6 من يوليه سنة 1958 أبلغ الطرفان بميعاد هذه الجلسة التي عينت لنظر الطعن, وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة, ثم قررت إرجاء النطق بالحكم في الطعن إلى جلسة اليوم. 


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
(أ) عن الدفع بعدم قبول الاستئناف:
من حيث إنه يبين من أوراق الطعن أن المدعي قدم إلى اللجنة القضائية لجميع وزارات ومصالح الحكومة بالإسكندرية التظلم رقم 1723 لسنة 2 القضائية ضد بلدية الإسكندرية بعريضة أودعها سكرتيرية اللجنة في 9 من مارس سنة 1954 ذكر فيها أنه حصل على شهادة مدرسة المحاسبة والتجارة المتوسطة في سنة 1931, وعين بخدمة بلدية الإسكندرية في أبريل سنة 1932 في وظيفة خارج الهيئة وبماهية شهرية قدرها سبعة جنيهات, مع أنه مقرر لمؤهله ماهية شهرية قدرها سبعة جنيهات في الدرجة الثامنة من بدء التعيين تزاد بعلاوة قدرها 500 م كل سنتين طبقاً لكادر سنة 1931. وقد ظل وضعه على هذا النحو بلا أدنى تعديل حتى وضع في الدرجة الثامنة من أول مايو سنة 1940, ثم منح علاوة دورية مقدارها 500 م اعتباراً من أول مايو سنة 1942, وبتاريخ 4 من أبريل سنة 1944 صدر قرار إداري متضمناً تعديل مرتبه إلى تسعة جنيهات (أي بزيادة جنيه ونصف على الماهية الشهرية التي كان يحصل عليها من قبل), وذلك تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء في 24 من نوفمبر سنة 1943 الخاص بتعديل ماهيات المستخدمين الذين عينوا بماهيات مخفضة في وظائف أقل من الدرجة الثامنة قبل سبتمبر سنة 1935, مع عدم صرف فروق إلا من تاريخ صدور القرار المشار إليه. وأضاف أن الفرق الذي حصل عليه بموجب القرار الإداري الصادر في 4 من أبريل سنة 1944 يمثل قيمة العلاوات الدورية التي كان يستحقها منذ تعيينه ببلدية الإسكندرية في أبريل سنة 1932, وأنه لا يزال مستحقاً لفرق الراتب اعتباراً من التاريخ الأخير باعتباره معيناً في ظل قواعد كادر سنة 1931, وهي لم تطبق في حقه, مع أن علاقة الموظف بالحكومة وما في حكمها علاقة لائحية تخضع للقوانين واللوائح المعمول بها. وقد خلص من ذلك البيان إلى طلب الحكم على البلدية: (أولاً) بالتزامها بصرف فروق الراتب إليه منذ تعيينه بها في أبريل سنة 1932 طبقاً لكادر سنة 1931, وما يترتب على ذلك من آثار. و(ثانياً) بإلزام البلدية بصرف الفروق المترتبة على تعديل ماهيته وذلك بالنسبة إلى إعانة غلاء المعيشة التي يستحقها على أساس أن الزيادة في الراتب التي نالها بموجب قرار مجلس الوزراء الصادر في 24 من نوفمبر سنة 1953, لم تكن إنصافاً بل تصحيحاً لوضع خاطئ, وذلك طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من يوليه سنة 1944 الخاص بتثبيت إعانة غلاء المعيشة. وعند العمل بالقانون رقم 147 لسنة 1954 بإنشاء وتنظيم محاكم إدارية في الوزارات للنظر في المنازعات الخاصة بالموظفين والمستخدمين اعتباراً من 20 من مارس سنة 1954 أحيل التظلم المتقدم الذكر إلى المحكمة الإدارية لجميع الوزارات بالإسكندرية. وبجلسة 12 من مايو سنة 1954 قضت المحكمة الإدارية المشار إليها في هذه الدعوى حضورياً: أولاً: باستحقاق المدعي لتحسين حالته على أساس المرتب المقرر لمؤهله طبقاً لكادر سنة 1931 من تاريخ دخوله الخدمة, مع تدرج العلاوات من تاريخ دخول الخدمة للمرة الثانية من أول يونيه سنة 1933, وما يترتب على ذلك من آثار, وصرف الفروق. ثانياً: استحقاق المدعي لأن يعامل طبقاً لقراري مجلس الوزراء الصادرين في 11 من يوليه سنة 1944 و23 من نوفمبر سنة 1944 على أساس أنه لم ينل إنصافاً. وقد طعنت بلدية الإسكندرية في هذا الحكم أمام محكمة القضاء الإداري بالدعوى رقم 12590 لسنة 8 القضائية (استئناف) بعريضة أودعتها سكرتيرية المحكمة في 4 أغسطس سنة 1954 طلبت فيها الحكم "بقبول الطعن شكلاً, وفي الموضوع بإلغاء حكم المحكمة الإدارية المبين بعريضة الطعن مع إلزام المطعون ضده بالمصروفات ومقابل الأتعاب". وقد عقب المدعي على ذلك بمذكرة أودعها في 28 من سبتمبر سنة 1954 دفع فيها أصلياً بعدم قبول الاستئناف على أساس أن دعوى المستأنف عليه تتمخض عن طلبين مستقلين نشأ كل منهما عن سبب قانوني مستقل؛ فالطلب الأول سببه قواعد كادر سنة 1931, والطلب الثاني سببه قراراً مجلس الوزراء الصادران في 11 من يوليه سنة 1944 و23 من نوفمبر سنة 1944, وقد قدر المستحق للمستأنف ضده بالنسبة إلى الطلب الأول مبلغ 150 م و100 ج, وبالنسبة إلى الطلب الثاني مبلغ 055 م و60 ج فقط. وأنه حتى لو جمعت قيمتا الطلبين فإنهما تقلان عن النصاب الجائز استئنافه؛ ومن ثم يكون الاستئناف غير مقبول. وانتهى إلى طلب الحكم أصلياً بعدم قبول الاستئناف لقلة النصاب, مع إلزام المستأنفة بالمصروفات والأتعاب. وبجلسة 20 من مايو سنة 1957 قضت محكمة القضاء الإداري (الهيئة الرابعة "ب") "بقبول الاستئناف شكلاً, وبرفضه موضوعاً, وألزمت الحكومة بالمصروفات عن الدرجتين". ولم يتصد الحكم المطعون فيه لمناقشة الدفع بعدم قبول الاستئناف المستند إلى أن قيمة الدعوى أقل من مائتين وخمسين جنيهاً, بل اكتفى بالقول بأن الاستئناف قدم في الميعاد, فهو مقبول شكلاً. وقد طعن السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة في هذا الحكم بعريضة أودعها سكرتيرية هذه المحكمة في 28 من يوليه سنة 1957 طلب فيها "قبول الطعن شكلاً, وفي الموضوع أولاً وأصلياً: الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه, والقضاء بعدم قبول الاستئناف شكلاً لرفعه بعد الميعاد, مع إلزام الحكومة المصروفات". واستند في أسباب طعنه إلى أن الثابت من صحيفة الاستئناف أن الحكومة أعلنت بالحكم المستأنف في 29 من مايو سنة 1954, ولكنها لم تودع صحيفة الاستئناف إلا في 4 من أغسطس سنة 1954, أي بعد انقضاء أكثر من ستين يوماً من تاريخ إعلانها؛ ومن ثم يكون الاستئناف غير مقبول لرفعه بعد الميعاد.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بالدفع الذي أثاره السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة فلا جدال في أن الحكم المستأنف, وقد صدر من المحكمة الإدارية لجميع وزارت الحكومة بالإسكندرية في 12 من مايو سنة 1954, يخضع من حيث إجراءات إعلانه وحساب ميعاد الطعن فيه لأحكام القانون رقم 147 لسنة 1954 بإنشاء وتنظيم محاكم إدارية في الوزارات الذي عمل به اعتباراً من 20 من مارس سنة 1954. وقد قضى هذا القانون في مادته الثامنة بأن "يرسل رئيس المحكمة صورة من صحيفة الدعوى إلى وكيل الوزارة المختص خلال ثلاثة أيام من وقت تسلمه إياها. ويجيب وكيل الوزارة عنها كتابة في ميعاد لا يجاوز شهراً من وقت إبلاغه بها. ويفحص رئيس المحكمة أو أحد قضاتها الدعوى قبل أن تنظرها المحكمة, وله أن يطلب من كل من المدعي والوزارة ما يراه لازماً من البيانات والمستندات, ويحدد المواعيد اللازمة لتقديمها, ويعين رئيس المحكمة ميعاد نظر الدعوى فيما لا يجاوز ثلاثة أشهر من وقت تقديمها، ويخطر به كلاً من الطرفين. ويجوز للوزارة أن ترسل موظفاً مندوباً عنها ليبين وجهة نظرها، ويقدم ما يؤيدها من مستندات, ويبلغ رئيس المحكمة صورة من الحكم إلى كل من الطرفين بكتاب موصى عليه". وينص في مادته التاسعة على أن "يكون الحكم انتهائياً في المنازعات المبينة بالمادة الرابعة إذا لم يتجاوز قيمة الدعوى مائتين وخمسين جنيهاً, أما إذا جاوزت قيمتها مائتين وخمسين جنيهاً أو كانت مجهولة القيمة, فإنه يجوز في هذه الحالة استئناف الحكم أمام محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة في ميعاد ستين يوماً من تاريخ إبلاغه".
ومن حيث إن هذه الأحكام, وقد تماثلت في مجموعها من تلك التي انتظامها المرسوم بقانون رقم 160 لسنة 1952 بإنشاء وتنظيم اللجان القضائية في الوزارات, تقطع في أن القواعد الخاصة بكيفية إعلان قرارات اللجان القضائية إلى الجهات الإدارية وبحساب ميعاد الطعن فيها والتي اعتنقتها هذه المحكمة، واجبة التطبيق في هذا الخصوص؛ بحيث يتعين أن يجرى - على إعلان أحكام المحاكم الإدارية وميعاد الطعن فيها - ذات الأصول المقررة في كيفية إعلان قرارات اللجان القضائية, أي أن يكون الإعلان لوكيل الوزارة المختص، على ما جرى به قضاء هذه المحكمة. فضلاً عن قيام الحكمة التشريعية التي دعت إلى العدول في القانونين المتقدم ذكرهما عن القاعدة العامة في إعلان الأحكام, حسبما أرستها الفقرتان الأولى والثالثة من المادة 14 من قانون المرافعات.
ومن حيث إنه بالنسبة إلى بلدية الإسكندرية - وهي طرف في الدعوى - فإن محافظ الإسكندرية هو الذي يقوم مقام وكيل الوزارة فيما يتعلق بإعمال هذا الحكم, وبخاصة وقد جعلته الفقرة الثانية من المادة 22 من القانون رقم 98 لسنة 1950, بشأن المجلس البلدي لمدينة الإسكندرية صاحب الصفة في تمثيل المجلس البلدي أمام المحاكم, ويلزم من ذلك ألا يجرى ميعاد الطعن إلا من يوم إعلانه بالحكم الصادر من المحكمة الإدارية لجميع الوزارات بالإسكندرية, فإذا لم يتبين من الأوراق أنه أعلن بصحيفة الحكم المشار إليه, وأن ميعاد الستين يوماً المعين في المادة التاسعة من القانون رقم 147 لسنة 1954 قد انقضى على أساس ما تقدم قبل أن تودع بلدية الإسكندرية صحيفة استئنافها لذلك الحكم في 4 من أغسطس سنة 1954, كان الدفع بعدم قبول الاستئناف لرفعه بعد الميعاد - الذي أثاره السيد رئيس هيئة المفوضين في طعنه - في غير محله, متعيناً رفضه.
ومن حيث إنه لا حجة فيما تحدى به المستأنف عيه أمام محكمة القضاء الإداري من أن قيمة النزاع الذي تدور عليه الدعوى قد تحددت نهائياً بفرق نقدي لا يجاوز مائتين وخمسين جنيهاً بالنسبة إلى كل طلب من طلبه على حدة في فترة زمنية لم يعد الراتب أو إعانة الغلاء بعدها محل منازعة, ولا فيما آثاره من أن قيمة طلبيه معاً لا تجاوز النصاب النهائي للمحكمة الإدارية حسبما عينه القانون؛ إذ أن هذا النظر مردود بما سبق أن قضت به هذه المحكمة من أن قيمة النزاع الحقيقي لا تنحصر فقط في مقدار الرقم الناتج من حساب المتجمد النقدي من فرق الراتب وإعانة الغلاء في الفترة المتنازع عليها - كما يلوح للرأي البادي - بل تترتب على شمول النزاع لأصل الاستحقاق, أي لسببه وأساسه القانوني, وسواء شملت المنازعة قيام الاستحقاق أو حدوده ومداه فإنه تترتب على ذلك نتائج أبعد مدى لا يمكن التكهن بها أو تقديرها مقدماً؛ ذلك أن فرق الراتب إذا استحق للموظف أصبح جزءاً من المرتب يضاف إليه ويندمج فيه. ولما كان يترتب على مقدار هذا المرتب آثار عدة في شتى الروابط القانونية بين الموظف والحكومة, سواء في تحديد المرتبات الإضافية التي تقدر بفئات معينة تنسب إلى المرتب الأصلي كإعانة غلاء المعيشة والعلاوة الاجتماعية وسائر الإعانات والعلاوات بمختلف أنواعها وكبدل التخصص وبدل التفرغ وبدل الانتقال وبدل السفر وبدل التمثيل وكالمكافآت عن الأعمال الإضافية, أو من حيث تدرج المرتب, أو استقطاع احتياطي المعاش وربطه, أو تقدير المكافآت عن مدة الخدمة, أو بخصم من المرتب عند التأديب, وغير ذلك مما لا سبيل إلى معرفة مداه ومقداره سلفاً؛ لتوقفه على ظروف مستقبلة واحتمالات ليس في الوسع التنبؤ بها. ولما كان تحديد مقدار إعانة غلاء المعيشة يرتبط بإجمالي المرتب بما يكمله من فروق ارتباطاً لا يقبل التجزئة بحكم اللزوم لتوقف استحقاق فرق الإعانة المطالب به على ثبوت أصل استحقاق فرق المرتب المتنازع عليه لكونه يتبعه وجوداً وعدماً باعتباره فرعاً من ذلك الأصل, فإنه يجري مجراه ويأخذ حكمه. ولما كانت حجية الحكم في أصل النزاع ستشمل ذلك كله ولا تقتصر على القدر من فرق المرتب أو الإعانة موضوع المنازعة فإن النزاع في أصل الاستحقاق - كما هو الشأن في خصوصية هذه الدعوى - يجعلها غير قابلة للتقدير مقدماً في كلاً شطريها المرتبطين ببعضهما على حد سواء. ومن ثم فإن ما ذهب إليه المستأنف عليه أمام محكمة القضاء الإداري من عدم قبول الاستئناف في غير محله, ويكون الحكم المطعون فيه قد صادف الحق فيما انتهى إليه من القضاء بقبول الاستئناف شكلاً.
(ب) عن الموضوع (1):

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبقبول الاستئناف أمام محكمة القضاء الإداري, وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه, وبرفض الدعوى, وألزمت المدعي بالمصروفات.


(1) موضوع هذه القضية يتضمن مبادئ مماثلة لتلك الواردة بالقضيتين رقمي 27 لسنة 1 ق و322 لسنة 1 ق المنشورتين بمجموعة أحكام السنة الأولى, صفحة 16 وصفحة 287.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق