الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 8 أغسطس 2023

الطعن 1724 لسنة 2 ق جلسة 20 / 12 / 1958 إدارية عليا مكتب فني 4 ج 1 ق 32 ص 400

جلسة 20 من ديسمبر سنة 1958

برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة السيد إبراهيم الديواني وعلي إبراهيم بغدادي والدكتور محمود سعد الدين الشريف ومصطفى كامل إسماعيل المستشارين.

-------------------

(32)

القضية رقم 1724 لسنة 2 القضائية

إنصاف 

- قرار مجلس الوزراء في 7 من أكتوبر سنة 1945 - تخويله وزارة المالية بالاشتراك مع وزارة المعارف العمومية سلطة تطبيق قواعد الإنصاف على الموظفين الناجحين في امتحان إتمام الدراسة الابتدائية أو امتحان القبول بالمدارس الثانوية غير الحكومية - صدور كتاب وزارة المالية الدوري في 3 من مارس سنة 1946 بالاتفاق مع وزارة المعارف تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء - اعتماد الشهادة التي تقدم من الموظف لإثبات نجاحه في امتحان القبول أو إطراحها لا يتعلق بسلطة تقديرية, بل بتنفيذ قواعده قانونية ويرتبط بواقعة مادية تقوم على تقدير دليل إثبات - تضمن الإعلان الذي أذاعته في 20 من مايو سنة 1950 المراقبة العامة للامتحانات بوزارة التربية والتعليم تحديد مواعيد وفرض قيود لم يتضمنها قرار مجلس الوزراء الصادر في 7 من أكتوبر سنة 1945 - لا يغير من القاعدة التي وضعها مجلس الوزراء.

-----------------
في 7 من أكتوبر سنة 1945 أصدر مجلس الوزراء قراراً بتخويل وزارة المالية بالاشتراك مع وزارة المعارف العمومية سلطة تطبيق قواعد الإنصاف على الموظفين الناجحين في امتحان إتمام الدراسة الابتدائية أو امتحان القبول بالمدارس الثانوية غير الحكومية ومدرسة الأبيض, بشرط أن تقرر وزارة المعارف العمومية أن مستوى الدراسة والامتحان في هذه المدارس يطبق مثيلها بمدارس الوزارة. وتنفيذاً لهذا القرار أصدرت وزارة المالية كتابها الدوري ملف رقم 234 - 3/ 3 ب في 3 من مارس سنة 1946 بالاتفاق مع وزارة المعارف العمومية بتطبيق قواعد الإنصاف على الناجحين في امتحانات الدراسة الابتدائية أو امتحانات القبول بالمدارس الثانوية التي عقدت في المدة من سنة 1916 إلى سنة 1923, وهي المدة التي كانت فيها الشهادة الابتدائية الحكومية ملغاة, بمدارس الهيئات والجمعيات التي عينتها بمقتضى التفويض الصادر من مجلس الوزراء, وقد قضى هذا الكتاب بتطبيق قواعد الإنصاف على الناجحين: (1) في امتحانات الدراسة الابتدائية. أو (2) في امتحانات القبول بالمدارس الثانوية غير الحكومية التي عينها. وإذ تحقق بالمدعي هذا الوصف الأخير فإن اعتماد الشهادة التي تقدم بها لإثبات نجاحه في امتحانات القبول أو إطراحها لا يتعلق بسلطة تقديرية ترخصية, بل بتنفيذ قاعدة قانونية أقرها مجلس الوزراء, وهو أمر يرتبط بواقعة مادية تقوم على تقدير دليل إثبات. ولا يغير من حكم القاعدة التي وضعها مجلس الوزراء - وهو سلطة أعلى - أو يعطل أثرها, الإعلان الذي أذاعته في 20 من مايو سنة 1950 المراقبة العامة للامتحانات بوزارة التربية والتعليم - وهي سلطة أدنى - بتحديد مواعيد وفرض قيود لم يتضمنها قرار المجلس للتقدم بطلب اعتماد شهادات الناجحين في امتحانات القبول أمام المدارس الثانوية الحرة الذين لم تطبق عليهم قواعد الإنصاف وأداء اختبار في مواد معينة.


إجراءات الطعن

في 5 من أغسطس سنة 1956 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية المحكمة عريضة طعن أمام هذه المحكمة قيد بجدولها تحت رقم 1724 لسنة 2 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (الهيئة الخامسة) بجلسة 17 من يونيه سنة 1956 في الدعوى رقم 5095 لسنة 8 القضائية المقامة من وزارة المواصلات ضد إبراهيم محمد السعداوي, القاضي "(أولاً) بتأييد قرار اللجنة القضائية فيما قضى به من أحقية المطعون ضده للدرجة التاسعة من بدء التعيين وللدرجة الثامنة طبقاً لقواعد المنسيين. (ثانياً) بأحقية المطعون ضده للفروق المالية المترتبة على أحقيته للدرجتين التاسعة والثامنة, وذلك عن الخمس السنوات السابقة على 28 من يوليه سنة 1953 تاريخ تظلمه, وبإلزام الحكومة بالمصروفات المناسبة". وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين - للأسباب التي استند إليها في صحيفة طعنه - "قبول الطعن شكلاً, وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه, وتعديل قرار اللجنة القضائية, والقضاء بأحقية المتظلم للدرجة التاسعة من بدء التعيين, مع صرف الفروق المالية المترتبة على ذلك من مدة الخمس السنوات السابقة على 28 من يوليه سنة 1953 تاريخ تظلمه, ورفض التظلم فيما عدا ذلك, مع إلزام الحكومة المصروفات المناسبة". وقد أعلن هذا الطعن إلى وزارة المواصلات في 22 من أغسطس سنة 1956, وإلى المطعون عليه في 28 منه, وقد أودع هذا الأخير في 26 من سبتمبر سنة 1956 مذكرة بملاحظاته مؤرخة 4 من سبتمبر سنة 1956. ولم تقدم الحكومة مذكرة ما بملاحظاتها في الميعاد القانوني, وبعد انقضاء هذا الميعاد عين لنظر الطعن أمام هذه المحكمة جلسة 7 من يونيه سنة 1958, وفي 29 من مايو سنة 1958 أبلغ الطرفان بميعاد هذه الجلسة، وفيها وفي جلسة 22 من نوفمبر سنة 1958 التي أجل إليها نظر الطعن سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة, ثم قررت إرجاء النطق بالحكم في الطعن إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة, حسبما يبين من أوراق الطعن, تتحصل في أن المدعي رفع إلى اللجنة القضائية الخاصة بموظفي الدولة لوزارة المواصلات التظلم رقم 6207 لسنة 1 القضائية ضد مصلحة البريد بعريضة أودعها سكرتيرية اللجنة في 28 من يوليه سنة 1953, ذكر فيها أنه حاصل على شهادة الدراسة الابتدائية في سنة 1916 من مدرسة جمعية المساعي المشكورة بشبين الكوم, وأنه التحق بخدمة مصلحة البريد اعتباراً من 4 من أبريل سنة 1920 في وظيفة بالدرجة الممتازة خارج الهيئة بمرتب قدره خمسة جنيهات شهرياً. ولما كانت شهادته هذه معادلة لشهادة إتمام الدراسة الابتدائية, ولو أنها ليست صادرة من وزارة التربية والتعليم, فإنه يطلب تطبيق قواعد الإنصاف الصادرة في 1944 على حالته, وكذا قواعد إنصاف المنسيين الصادرة في 30 من يونيه سنة 1943؛ وبذا يكون مستحقاً للدرجة الثامنة من أول يوليه سنة 1943. وقد ردت مصلحة البريد على هذا التظلم بأن المتظلم التحق بخدمتها في 6 من أبريل سنة 1920 بوظيفة خارج هيئة العمال بماهية شهرية قدرها 800 م و4 ج, ولم يكن حاصلاً على مؤهل دراسي معتمد, وأخذ يتدرج في هذا الكادر إلى أن وصل إلى الدرجة الممتازة. وفي 30 من يناير سنة 1944 منح علاوة منسيين تطبيقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في سنة 1944 , ثم منح الدرجة التاسعة اعتباراً من أول يونيه سنة 1946, ورقى إلى الدرجة الثامنة في أول يناير سنة 1952. وقد طبقت عليه قواعد المنسيين في سلك الكادر الذي كان مقيداً عليه وهو خارج هيئة العمال, ومنح علاوة من أول يوليه سنة 1943, وقد وصل إلى أعلى درجات كادر المستخدمين الخارجين عن هيئة العمال؛ ومن ثم فلا يجوز منحه الدرجة الثامنة بصفة منسي في سنة 1943؛ لأنه كان في سلك الخدمة الخارجين عن هيئة العمال, ولوصوله إلى أرقى درجات هذا السلك في ذلك الوقت. وبجلسة 19 من أكتوبر سنة 1953 "قررت اللجنة استحقاق المتظلم لتسوية حالته بوضعه في الدرجة التاسعة من بدء التعيين في عام 1920 طبقاً لقواعد الإنصاف, وترقيته للدرجة الثامنة الشخصية اعتباراً من أول يوليه سنة 1943 بالتطبيق لقواعد إنصاف المنسيين, مع ما يترتب على ذلك من آثار". واستندت في ذلك إلى أنه قد بان لها أن المتظلم نجح في امتحان الدراسة الابتدائية من مدرسة جمعية المساعي المشكورة - وهي من المدارس التي ورد ذكرها في كتاب وزارة المالية الدوري رقم 234 - 3/ 3 المؤرخ 3 من مارس سنة 1946 التي تطبق على الناجحين فيها قواعد الإنصاف - وأن المتظلم عند صدور قواعد الإنصاف في 30 من يناير سنة 1944 كان بالدرجة الممتازة خارج الهيئة التي يزيد مربوطها على مربوط الدرجة التاسعة, فلم يكن ليفيد من قواعد الإنصاف إلا بتعديل أقدميته في الدرجة التاسعة من بدء التعيين؛ ومن ثم فإنه يستحق الإفادة من قواعد إنصاف المنسيين بترقيته إلى الدرجة الثامنة بصفة شخصية اعتباراً من أول يوليه سنة 1943؛ لكونه قد أمضى في الدرجة التاسعة خمسة عشر عاماً حتى هذا التاريخ. وقد طعنت وزارة المواصلات في قرار اللجنة القضائية هذا أمام محكمة القضاء الإداري بالدعوى رقم 5095 لسنة 8 القضائية بعريضة أودعتها سكرتيرية المحكمة في 10 من مارس سنة 1954 طلبت فيها "الحكم بقبول الطعن شكلاً, وفي الموضوع بإلغاء قرار اللجنة القضائية الصادر لصالح المطعون ضده في التظلم رقم 6207 لسنة 1 القضائية مع إلزامه بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة". وأسست طعنها على أن اللجنة قد أخطأت إذ استندت في تقرير نجاح المدعي في امتحان القبول إلى الشهادة المقدمة منه والصادرة من مدرسة المساعي المشكورة, مع أن هذا أمر متروك تقدير دليل إثبات النجاح فيه لوزارة التربية والتعليم بما لا معقب عليها, ما دام لم يثبت أنها أساءت استعمال سلطتها في ذلك. وقد بحثت الوزارة الموضوع, وانتهت إلى عدم اعتماد تلك الشهادة, وقد أصدرت قرارها هذا في حدود سلطتها التقديرية بدون إساءة استعمال السلطة, الأمر الذي يجعل هذا القرار سليماً, ويترتب عليه اعتبار المدعي غير حاصل على مؤهل دراسي؛ ومن ثم فلا وجه لتطبيق قواعد الإنصاف في حقه. وقد رد المدعي على هذا الطعن في مذكرة له بأن مصلحة البريد تسلمت منه شهادة إتمام الدراسة الابتدائية الحاصل عليها من جمعية المساعي المشكورة الثانوية بشبين الكوم في سنة 1916 ضمن مسوغات تعيينه في سنة 1920, وهذه المدرسة معتمدة من وزارة التربية والتعليم, وكان يتعين على المصلحة أن تكلفه في سنة 1920 باعتماد شهادته من الوزارة حين كانت السجلات المثبتة لاسمه ضمن الناجحين في سنة 1916 لا تزال موجودة بالجمعية. هذا إلى أنه التحق بخدمة مصلحة البريد براتب قدره خمسة جنيهات شهرياً, الأمر الذي يدل على اعتراف المصلحة بهذه الشهادة. بل إنه قدم شهادة من معاصر له لتثبت نجاحه في الامتحان الخاص بالقبول في المدارس الثانوية, وذلك وفقاً لمنشور وزارة التربية والتعليم الصادر في سنة 1950 فيما يتعلق بالمدارس التي شملها قرار مجلس الوزراء الصادر بجلسة 7 من أكتوبر سنة 1945, ومنها جمعية المساعي المشكورة التي ورد بكتاب وزارة المالية الدوري رقم 234 - 3/ 3 المؤرخ 3 من مارس سنة 1946 أنها من بين المدارس التي تطبق على الناجحين فيها قواعد الإنصاف. وخلص من هذا إلى طلب رفض طعن مصلحة البريد وتأييد قرار اللجنة القضائية الصادر لصالحه. وبجلسة 17 من يونيه سنة 1956 قضت محكمة القضاء الإداري (الهيئة الخامسة) "(أولاً) بتأييد قرار اللجنة القضائية فيما قضى به من أحقية المطعون ضده للدرجة التاسعة من بدء التعيين وللدرجة الثامنة طبقاً لقواعد المنسيين. (ثانياً) بأحقية المطعون ضده للفروق المالية المترتبة على أحقيته للدرجتين التاسعة والثامنة, وذلك عن الخمس السنوات السابقة على 28 من يوليه سنة 1953 تاريخ تظلمه, وبإلزام الحكومة بالمصروفات المناسبة". وأقامت قضاءها على أن بملف خدمة المدعي شهادة صادرة من مدرسة شبين الكوم الثانوية التابعة لجمعية المساعي المشكورة بمديرية المنوفية ومختومة بخاتم ناظر المدرسة والجمعية, وهي مؤرخة 10 من يوليه سنة 1916 وتثبت نجاحه في امتحان القبول بالسنة الأولى بالمدرسة؛ ومن ثم فإنه يكون على حق في طلب تطبيق قواعد الإنصاف على حالته طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 7 من أكتوبر سنة 1945 ولكتاب وزارة المالية الدوري رقم ف 234 - 3/ 3 الصادر في 3 من مارس سنة 1946. ولا محل بعدئذ لما تتعلل به الوزارة من عدم وجود سجلات رسمية للمدرسة المشار إليها, كما لا وجه للقول بأن قانون المعادلات الدراسية رقم 371 لسنة 1953 هو الذي ينطبق على حالته دون قواعد الإنصاف الصادر بها قرار مجلس الوزراء في 30 من يناير سنة 1944؛ إذ أن قرارات مجلس الوزراء التي أغفل القانون رقم 371 لسنة 1953 النص على إلغائها هي قرارات تنظيمية عامة تتضمن مزايا مالية وأدبية للموظفين, وقد تحققت لهم في ظلها مراكز قانونية ذاتية لا يمكن إهدارها بأثر رجعي من وقت صدور تلك القرارات إلا بنص خاص في قانون يقرر ذلك. وبإفادة المدعي من قواعد الإنصاف من بدء تعيينه في سنة 1920 يفيد أيضاً من قواعد المنسيين التي يستحق بمقتضاها الدرجة الثامنة إذ يكون قد مضى عليه عند تطبيقها خمس عشرة سنة. وبذا يكون قرار اللجنة القضائية قد أصاب الحق في هذا الشق منه. أما ما قضى به من آثار مالية فإن المدعي لا يستحق فروقاً مالية عن التسوية المتقدمة الذكر إلا عن الخمس السنوات السابقة على 28 من يوليه سنة 1953, وهو تاريخ تظلمه. وقد طعن السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة في هذا الحكم بعريضة أودعها سكرتيرية هذه المحكمة في 5 من أغسطس سنة 1956 طلب فيها "قبول الطعن شكلاً, وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه, وتعديل قرار اللجنة القضائية, والقضاء بأحقية المتظلم للدرجة التاسعة من بدء التعيين, مع قصر الفروق المالية المترتبة على ذلك من مدة الخمس السنوات السابقة على 28 من يوليه سنة 1953 تاريخ تظلمه, ورفض التظلم فيما عدا ذلك مع إلزام الحكومة المصروفات المناسبة". واستند في أسباب طعنه إلى أن الموظف المنسي الذي يعنيه قرار مجلس الوزراء الصادر في 8 من يوليه سنة 1943, هو الموظف الذي قضى - قبل 30 من يونيه سنة 1943 في درجته الحالية أي الفعلية - الفترة المقررة للإفادة من الإنصاف الخاص بالمنسيين؛ ويؤكد هذا مذكرة اللجنة المالية المرفوعة إلى مجلس الوزراء في 6 من يوليه سنة 1943 والتي وافق عليها المجلس, وكذا القانون رقم 88 لسنة 1944 بفتح الاعتماد اللازم لإنصاف مستخدمي الحكومة المستوفين للشروط المطلوبة, والذين حصرت عددهم مذكرة اللجنة المالية المشار إليها, هذا إلى أن الأقدميات الاعتبارية لم يكن لها وجود عند صدور قرار مجلس الوزراء آنف الذكر. ولما كان الثابت أن المدعي لم يقض فعلاً قبل 30 من يونيه سنة 1943 المدة المقررة للإفادة من قرار مجلس الوزراء الصادر في 8 من يوليه سنة 1943 فإنه لا يفيد من قواعد إنصاف المنسيين. وإذ ذهب الحكم المطعون فيه في جزئية من جزئياته غير هذا المذهب فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون, وقامت به حالة من حالات الطعن في الأحكام أمام المحكمة الإدارية العليا. وقد عقب المدعي على هذا الطعن بمذكرة مؤرخة 4 من سبتمبر سنة 1956 أودعها سكرتيرية المحكمة في 26 منه قال فيها إنه دخل الخدمة في أول سنة 1920 بمرتب قدره خمسة جنيهات شهرياً, وهو يعادل مرتب الدرجة التاسعة, ومضت عليه حتى سنة 1943 ثلاث وعشرون سنة, وقد رشح للدرجة الثامنة في سنة 1928 إلا أنه رسب في الكشف الطبي, ووصل إلى الدرجة الممتازة خارج الهيئة التي مربوطها من 7 - 12 ج في سنة 1926؛ لأن الدرجة الثامنة لم تكن موجودة في ذلك الوقت. وقد منح زملاؤه هذه الدرجة, وتخلف هو عنهم. وانتهى من هذا إلى طلب رفض الطعن وتأييد قرار اللجنة القضائية باعتباره في الدرجة التاسعة من بدء تعيينه في سنة 1920 وفي الدرجة الثامنة في سنة 1943, مع سريان قواعد الإنصاف وقواعد إنصاف المنسيين عليه, مع ما يترتب على ذلك من آثار, وإلزام الحكومة بالمصروفات.
ومن حيث إن دفاع مصلحة البريد يقوم على أن المدعي لا يحمل مؤهلاً دراسياً يرتب له حقاً في تطبيق إنصاف الموظفين ذوي المؤهلات على حالته, بحجة أن وزارة التربية والتعليم رفضت اعتماد الشهادة المقدمة منه والمنسوب صدورها إلى مدرسة المساعي المشكورة الثانوية بشبين الكوم كدليل لإثبات نجاحه في امتحان القبول بالمدارس الثانوية نظراً إلى عدم وجود سجلات رسمية بالمدرسة المذكورة تؤيد مضمون هذه الشهادة, وأن رأي الوزارة في تقدير هذا الدليل لا معقب عليه. ويبين من الاطلاع على ملف خدمة المذكور أن الشهادة المشار إليها تحمل خاتم "المدرسة الثانوية: جمعية المساعي المشكورة بشبين الكوم", وأنها موقعة بخاتم النائب عن ناظر المدرسة في 10 من يوليه سنة 1916, وموجهة إلى والد المدعي لإخباره بأن نجله قد نجح في امتحان القبول بالسنة الأولى بالمدرسة, وعليه سداد مصروفات القسط الأول لغاية أول سبتمبر سنة 1916, وأن المدعي قد قدم هذه الشهادة لمصلحة البريد لدى تعيينه بها في سنة 1920 وإن لم تكن متطلبة من بين مسوغات تعيينه. وقد قبلتها المصلحة ضمن هذه المسوغات, وأثبتت أنها تفيد إتمامه مرحلة الدراسة الابتدائية وقبوله بمدرسة ثانوية, بيد أنها لم تتحر حقيقة أمرها من المدرسة الصادرة منها في الوقت المناسب قبل استغناء المدرسة عن سجلاتها. وقد تقدم المدعي في 2 من ديسمبر سنة 1944 عقب صدور قواعد الإنصاف بطلب اعتماد الشهادة المذكورة لتطبيق هذه القواعد على حالته, بعد إذ سكتت المصلحة عن تطبيقها عليه باعتباره غير حاصل على مؤهل دراسي. وبناء على هذا الطلب استطلعت مصلحة البريد رأي وزارة التربية والتعليم في قيمة هذه الشهادة, فأجابتها هذه الأخيرة في 26 من ديسمبر سنة 1944 بأنه "لا يمكن اعتبار المذكور حاصلاً على مؤهل دراسي رسمي". وفي 7 من أكتوبر سنة 1945 أصدر مجلس الوزراء قراراً بتخويل وزارة المالية بالاشتراك مع وزارة المعارف العمومية سلطة تطبيق قواعد الإنصاف على الموظفين الناجحين في امتحان إتمام الدراسة الابتدائية أو امتحان القبول بالمدارس الثانوية غير الحكومية ومدرسة الأبيض, بشرط أن تقرر وزارة المعارف العمومية أن مستوى الدراسة والامتحان في هذه المدارس يطابق مثيلها بمدارس الوزارة. وتنفيذاً لهذا القرار أصدرت وزارة المالية كتابها الدوري ملف رقم 234 - 3/ 3 ب في 3 من مارس سنة 1946 بالاتفاق مع وزارة المعارف العمومية بتطبيق قواعد الإنصاف على الناجحين في امتحانات الدراسة الابتدائية أو امتحانات القبول بالمدارس الثانوية التي عقدت في المدة من سنة 1916 إلى سنة 1923, وهي المدة التي كانت فيها الشهادة الابتدائية ملغاة, بمدارس الهيئات والجمعيات التي عينتها بمقتضى التفويض الصادر من مجلس الوزراء, ومن بينها جمعية المساعي المشكورة. وقد أعادت مصلحة البريد الكرة مرتين بعد ذلك على وزارة التربية والتعليم فيما تراه في شأن الشهادة المقدمة من المدعي, وكان رد الوزارة في 22 من يناير سنة 1950 بأنه "لم يعثر على سجلات رسمية يمكن معها تأييد صحة ما ورد بالخطاب المذكور". وفي 8 من مارس سنة 1950, بأنه سبق بحث هذا الموضوع "واتضح عدم وجود سجلات رسمية يرجع إليها بالمدرسة التي نجح أمامها, ولا سبيل إلى البت في أمره على هذا الوضع". وظاهر من هذا أن وزارة التربية والتعليم إنما اتخذت موقفاً سلبياً إزاء شهادة المدعي, فلم تقطع في أمرها بعدم الصحة فتستبعدها وتنكر قيمتها, ولم تبت فيها بالقبول فتعتمدها وترتب عليها مزاياها, بل تركت مصيرها معلقاً, وكانت حجتها في ذلك عدم وجود سجلات رسمية يرجع إليها في هذا الشأن بمدرسة المساعي المشكورة بعد تقادم العهد عليها. وبالاطلاع على الشهادة المذكورة يبين أنها تحمل في ظاهرها طابع الصحة والجدية بما يجعلها تصلح دليل إثبات, ولا سيما أن المدعي قدمها للمصلحة لدى تعيينه في سنة 1920, وقت أن كانت غير مقومة ولا مؤثرة في تحديد وضعه, وأنه لا خطأ ينسب إليه في عدم تحقق الجهة الإدارية من صحتها في الوقت المناسب أو عدم وجود سجلات رسمية بالمدرسة. هذا إلى أنه قد عزز الدليل المستمد منها بشهادة صادرة في أول يوليه سنة 1916 من المدرسة السعيدية الخيرية النظامية بطنطا ومختومة بخاتم إدارة المدرسة مع توقيعات اللجنة الممتحنة وأعضاء مجلس الإدارة, وثابت بهذه الشهادة أنه "قد مضى امتحان التعليم الابتدائي أمام اللجنة المنعقدة بدار المدرسة في 5 من يونيه سنة 1916... وبهذا صار له حق الدخول في السنة الأولى من قسمها الثانوي". كما أيدها بشهادة من معاصر له في الدراسة مؤرخة 22 من مارس سنة 1954 بنجاحه في امتحان القبول بمدرسة المساعي المشكورة الثانوية بشبين الكوم في سنة 1916. ومقتضى ما تقدم أن المدعي, بعد إذ جاز امتحان التعليم الابتدائي بالمدرسة السعيدية الخيرية النظامية بطنطا امتحن ونجح في امتحان القبول لفرقة السنة الأولى بمدرسة جمعية المساعي المشكورة الثانوية بشبين الكوم. وإذا كانت المدرسة الأولى لم ترد ضمن مدارس الهيئات والجمعيات التي نص عليها كتاب وزارة المالية الدوري رقم 234 - 3/ 3 ب المؤرخ 3 من مارس سنة 1946, فإن الثانية واردة فيه. كما أن هذا الكتاب قد قضى بتطبيق قواعد الإنصاف على الناجحين: (1) في امتحانات الدراسة الابتدائية. أو (2) في امتحانات القبول بالمدارس الثانوية غير الحكومية التي عينها. والمدعي متحقق فيه هذا الوصف الأخير, وهو كاف وحده, وإن كان نجاحه في امتحان الدراسة الابتدائية في مدرسة غير معتمدة. وإذ قام به الشرط المتطلب فإن اعتماد شهادته أو إطراحها لا يتعلق بسلطة تقديرية ترخصية, بل بتنفيذ قاعدة قانونية أقرها مجلس الوزراء, وهو أمر يرتبط بواقعة مادية تقوم على تقدير دليل إثبات. ولا يغير من حكم القاعدة التي وضعها مجلس الوزراء, وهو سلطة أعلى, أو يعطل أثرها, الإعلان الذي أذاعته في 20 من مايو سنة 1950 المراقبة العامة للامتحانات بوزارة التربية والتعليم - وهي سلطة أدنى - بتحديد مواعيد وفرض قيود لم يتضمنها قرار المجلس للتقدم بطلب اعتماد شهادات الناجحين في امتحانات القبول أمام المدارس الثانوية الحرة الذين لم تطبق عليهم قواعد الإنصاف وأداء اختبار في مواد معينة.
ومن حيث إنه لما كان المدعي قد عين في خدمة الحكومة بوظيفة ساعي توزيع بمصلحة البريد خارج هيئة العمال اعتباراً من 6 من أبريل سنة 1920, ولم يمنح الدرجة التاسعة إلا من أول يونيه سنة 1946 بغير إنصاف, ورقي إلى الدرجة الثامنة في أول يناير سنة 1952, ولما كان ناجحاً في سنة 1916 في امتحان القبول بالمدارس الثانوية غير الحكومية التي تطبق على الناجحين فيها قواعد الإنصاف, فإنه - طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 7 من أكتوبر سنة 1945 ولكتاب وزارة المالية الدوري ملف رقم 234 - 3/ 3 ب المؤرخ 3 من مارس سنة 1946, ولما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - يكون محقاً في طلب تطبيق قواعد الإنصاف الصادر بها قرار مجلس الوزراء الصادر في 30 من يناير سنة 1944 على حالته, تلك القواعد التي استهدفت إنصاف حملة المؤهلات الدراسية الواردة بها من الموظفين الذين كانوا في خدمة الحكومة فعلاً وقت صدورها, ثم امتد أثرها إلى من عين منهم بالحكومة حتى 9 من ديسمبر سنة 1944 دون غيرهم ممن عينوا بعد هذا التاريخ, وهي التي لم يمتنع إعمالها بصدور القانون رقم 371 لسنة 1953 الخاص بالمعادلات الدراسية, إذ أن قرارات مجلس الوزراء التي أغفل القانون المذكور النص على إلغائها هي قرارات تنظيمية عامة تتضمن مزايا مالية وأدبية للموظفين, وقد تحققت لهم في ظلها مراكز قانونية ذاتية, فلا يمكن إهدارها بأثر رجعي من وقت صدور القرارات التنظيمية العامة التي تحققت في ظلها تلك المراكز القانونية إلا بنص خاص في قانون يقرر ذلك. ولما كان القانون رقم 371 لسنة 1953 آنف الذكر قد خلا من مثل هذا النص الخاص على إلغاء تلك القرارات, فإنها تظل قائمة نافذة منتجة آثارها في مجال تطبيقها؛ ويؤكد ذلك أن القانون المشار إليه لم ينص صراحة إلا على إلغاء قرارات معينة وهي الصادرة في 8 من أكتوبر سنة 1950 وأول يوليه و2 و9 من ديسمبر سنة 1951, وهي بذاتها التي استعرضها في مذكرته الإيضاحية, وأفصح عن قصده في إلغائها دون التصريح بإلغاء قرارات الإنصاف السابقة لها؛ ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أصاب الحق فيما قضى به من تأييد قرار اللجنة القضائية باستحقاق المدعي تسوية حالته بالتطبيق لقواعد الإنصاف, إلا أنه جانب الصواب فيما ذهب إليه من عدم استحقاق المذكور لفروق التسوية إلا عن الخمس السنوات السابقة على 28 من يوليه سنة 1953 تاريخ تظلمه؛ ذلك أنه ثابت بملف خدمة هذا الأخير أنه لم ينقطع منذ صدور قواعد الإنصاف عن موالاة التظلم إلى الجهة الإدارية طالباً اعتماد شهادته وتسوية حالته على أساسها بالتطبيق للقواعد المذكورة, إذ قدم بهذا المعنى تظلماً في 2 من ديسمبر سنة 1944 إلى وكيل بريد طنطا الذي حوله في التاريخ ذاته إلى الإدارة العامة عن طريق مفتش القسم, كما قدم تظلماً آخر في 21 من أكتوبر سنة 1945 إلى وكيل بريد طنطا الذي حوله إلى الإدارة العامة كذلك بالطريق ذاته, وثالثاً في 9 من يوليه سنة 1946 إلى رئيس قسم بريد طنطا لرفعه إلى المدير العام, ورابعاً في 4 من يونيه سنة 1949 إلى مدير عام المصلحة عن طريق رئيس قسم بريد طنطا, وخامساً في 27 من يونيه سنة 1949 إلى رئيس القسم عينه, وسادساً في 21 من يونيه سنة 1950 إلى مراقب عام الامتحانات بوزارة المعارف العمومية عن طريق وكيل بريد طنطا, وسابعاً في 25 من يوليه سنة 1950 إلى مراقب عام الامتحانات بالوزارة (قسم الابتدائي) وثامناً في 28 من نوفمبر سنة 1950 إلى مدير عام المصلحة, ثم رفع تظلمه رقم 6207 لسنة 1 القضائية إلى اللجنة القضائية بوزارة المواصلات أخيراً في 28 من يوليه سنة 1953. وقد سبق لهذه المحكمة أن قضت بأنه ولئن كان مفاد النصوص المدنية (م 383 مدني) أن المطالبة التي تقطع التقادم هي المطالبة القضائية دون غيرها, إلا أن مقتضيات النظام الإداري قد مالت بفقه القضاء الإداري إلى تقرير قاعدة أكثر تيسيراً في علاقة الحكومة بموظفيها بمراعاة طبيعة هذه العلاقة والتدرج الرياسي الذي تقوم عليه, وأن المفروض في السلطة الرياسية هو إنصاف الموظف بتطبيق القانون, حتى ينصرف إلى عمله هادئ البال, دون أن يضطر إلى الالتجاء إلى القضاء, فقرروا أنه يقوم مقام المطالبة القضائية في قطع التقادم الطلب أو التظلم الذي يوجهه الموظف إلى السلطة المختصة متمسكاً فيه بحقه وطالباً أداءه.
ومن حيث إنه لما كان المدعي وقت صدور قواعد الإنصاف في سنة 1944 يشغل درجة في سلك المستخدمين خارج الهيئة (غير الصناع), فإنه لا يفيد من قرار مجلس الوزراء الصادر في 8 من يوليه سنة 1943 في شأن إنصاف الموظفين المنسيين؛ إذ سبق لهذه المحكمة أن قضت بأن الموظف المنسي الذي يعنيه قرار مجلس الوزراء المشار إليه هو الذي يكون قد قضى قبل 30 من يونيه سنة 1943 في درجته الحالية - أي الفعلية لا الاعتبارية - خمس عشرة سنة؛ ذلك أن مذكرة اللجنة المالية المرفوعة إلى مجلس الوزراء في 6 من يوليه سنة 1943, والتي وافق عليها المجلس بقراره سالف الذكر, قد حصرت عدد الموظفين المستوفين للشروط المطلوبة والذين يفيدون من هذا الإنصاف لغاية التاريخ المعين, وهو 30 من يونيه سنة 1943, كما أن البرلمان وافق على القانون رقم 88 لسنة 1944 بفتح الاعتماد اللازم لإنصاف مستخدمي الحكومة المذكورين, هذا إلى أن الأقدميات الاعتبارية لم يكن لها وجود عند صدور هذا القرار وغيره من قرارات الإنصاف؛ إذ لم تنظم إلا بالقرار الصادر في 30 من يناير سنة 1944 وما تلاه من قرارات. على أن محل إعمال قرار مجلس الوزراء الصادر في 8 من يوليه سنة 1943 متى توافرت شروطه هو أن تكون الترقية إلى الدرجة التالية في السلك ذاته, وإن تعادل متوسط مربوط الدرجة في سلك الخدمة الخارجين عن هيئة العمال مع متوسط مربوطها في سلك الدرجات. فإذا كان المستخدم خارج الهيئة الذي أمضى في درجته الفعلية لغاية 30 من يونيه سنة 1943 المدة القانونية قد بلغ نهاية هذا السلك, كما هو الحال في شأن المدعي, فإنه يمنح علاوة من علاوات هذه الدرجة ولو جاوزت ماهيته بها أو بدونها نهاية مربوط درجته. وقد منح المدعي هذه العلاوة فعلاً اعتباراً من أول يوليه سنة 1943؛ ومن ثم فإنه لا يفيد من قواعد إنصاف المنسيين الصادر بها قرار مجلس الوزراء في 8 من يوليه سنة 1943, ويكون طلبه هذا على غير أساس سليم من القانون - وإذ قضى الحكم المطعون فيه على خلاف ذلك - فإنه يكون قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه, ويتعين القضاء بإلغائه في هذا الشق منه, وبرفض هذا الطلب.
ومن حيث إنه لما تقدم يتعين القضاء بتأييد الحكم المطعون فيه فيما قضى به من استحقاق المدعي تسوية حالته بالتطبيق لقواعد الإنصاف, وبإلغائه فيما عدا ذلك, وباستحقاق المدعي لما يترتب على هذه التسوية من آثار وفروق, ورفض باقي الطلبات, وإلزام الحكومة بالمصروفات المناسبة.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً, وفي موضوعه: (أولاً) بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من استحقاق المدعي لتسوية حالته بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء في 8 من يوليه سنة 1943 بإنصاف المنسيين, وبرفض هذا الطلب وبإلزام المدعي بالمصروفات الخاصة به. و(ثانياً) بتأييد الحكم المطعون فيه فيما قضى به من تطبيق قواعد الإنصاف الصادر بها قرار مجلس الوزراء الصادر في 30 من يناير سنة 1944 على حالته, وباستحقاقه لجميع الفروق المترتبة على ذلك, وألزمت الحكومة بالمصروفات الخاصة بهذا الطلب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق