جلسة 25 من أبريل سنة 1959
برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة السيد إبراهيم الديواني والإمام الإمام الخريبي وعلي إبراهيم بغدادي والدكتور ضياء الدين صالح المستشارين.
-----------------
(102)
القضية رقم 854 لسنة 3 القضائية
(أ) لجنة شئون الموظفين
- اعتراض الوزير على اقتراحات لجنة شئون الموظفين بترقيات الموظفين - اشتراط تسبيبه - حكمته - عدم تسبيب الاعتراض كتابة مع وجود أسبابه في ملف خدمة الموظف وتكشفها للجنة عقد إعادة عرض الأمر عليها - موافقة اللجنة الوزير على اعتراضه واعتماد الوزير لقرارها الجديد - هذا القرار هو الواجب النفاذ قانوناً.
(ب) ترقية.
ترقية الموظف المنقول من وزارة أو مصلحة إلى وزارة أو مصلحة أخرى - عدم جواز إجرائها قبل مضي سنة من تاريخ النقل - المادة 47 من القانون رقم 210 لسنة 1951 سريان هذا الحكم على الموظف الذي ينقل من كادر هيئة البوليس إلى الكادر الإداري بوزارة الداخلية.
إجراءات الطعن
في 22 من يونيه سنة 1957 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتارية المحكمة عريضة طعن أمام هذه المحكمة قيد بجدولها تحت رقم 854 لسنة 3 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (الهيئة ثالثة "ب") بجلسة 25 من أبريل سنة 1957 في الدعوى رقم 254 لسنة 10 ق المقامة من محمد فهيم محروس ضد وزارة الداخلية، والذي يقضي "باعتبار المدعي مرقى إلى الدرجة الثانية من 19 من أغسطس سنة 1955، وما يترتب على ذلك من آثار وبإلزام الحكومة المصروفات، ومبلغ خمسمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة". وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين - للأسباب التي استند إليها في صحيفة طعنه - "قبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع إلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء برفض طلب المدعي الأصلي، وبإلغاء القرار الصادر من وزير الداخلية في 14 من سبتمبر سنة 1955 فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية بالأقدمية إلى الدرجة الثانية، وما يترتب على ذلك من آثار، وبإلزام الوزارة المصروفات". وقد أعلن هذا الطعن إلى وزارة الداخلية في 7 من أغسطس سنة 1957، وإلى المطعون عليه في 13 منه، وعين لنظره أمام هذه المحكمة جلسة 22 من نوفمبر سنة 1958، وقد انقضت المواعيد القانونية دون أن يقدم أي من الطرفين مذكرة بملاحظاته. وفي 31 من أكتوبر سنة 1957 أعلن الطرفان بميعاد الجلسة، وفيها قررت المحكمة التأجيل لجلسة 28 من مارس سنة 1959؛ إذ سمعت ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة. وقدم المطعون عليه مذكرة انتهى فيها إلى طلب الحكم برفض الطعن، وتأييد الحكم المطعون فيه، كما قدمت إدارة قضايا الحكومة مذكرة طلبت فيها إلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء برفض الدعوى، مع إلزام المدعي بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، ثم قررت المحكمة إرجاء النطق بالحكم إلى جلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة، حسبما يبين من أوراق الطعن، تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 425 لسنة 10 ق أمام محكمة القضاء الإداري بعريضة أودعها سكرتيرية تلك المحكمة في 22 من نوفمبر سنة 1955 طالباً الحكم: أولاً - بأحقيته للدرجة الثانية من 19 من يونيه سنة 1955، وهو تاريخ صدور قرار لجنة شئون الموظفين الصادر بترقيته مع أربعة من زملائه إلى الدرجة الثانية، وذلك بصفة أصلية. ثانياً - بإلغاء القرار الوزاري الصادر في 14 من سبتمبر سنة 1955 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى الدرجة الثانية، وذلك بصفة احتياطية. وقال في بيان ذلك إنه يشغل وظيفة مفتش بمصلحة الإدارة العامة بوزارة الداخلية في الدرجة الثالثة الإدارية، وكان ترتيبه الخامس في كشوف الأقدمية، وفي يوليه سنة 1955 خلت ست درجات ثانية، فاجتمعت لجنة شئون الموظفين للنظر في شغلها، وقررت في 19 من يوليه سنة 1955 ترقية المدعي مع أربعة من زملائه إلى الدرجة الثانية، ثم رفع قرار اللجنة إلى وزير الداخلية، فلم يعترض عليه، ولم يعده إلى اللجنة مسبباً خلال الشهر المنصوص عليه، في المادة 28 من قانون التوظيف؛ فاعتبر القرار نافذاً، واعتبر المدعي صاحب مركز قانوني نهائي في الدرجة التي رقي إليها. ولكن في 10 من سبتمبر سنة 1955 اجتمعت لجنة شئون الموظفين، وقررت ترقية اثنين من زملاء المدعي الذين يلونه في الأقدمية، ولم يستوفيا شروط الترقية إلا بعد صدور قرار 19 من يوليه سنة 1955، ولكنها رقت أحدهما على الدرجة التي استحقها المدعي قانوناً بترقيته إليها وعدم اعتراض الوزير على قرار اللجنة في الميعاد القانوني. وفي 14 من سبتمبر سنة 1955 اعتمد الوزير هذا القرار الخاطئ بقراره رقم 758. وفي 18 من سبتمبر سنة 1955 تظلم المدعي من هذا القرار الأخير، فأخطرته الوزارة في 18 من أكتوبر سنة 1955 بقرار حفظ تظلمه، وذلك دون إيراد الأسباب، خلافاً لما قررته المادة 19 من قانون مجلس الدولة في فقرتها الثانية. ولما كان قرار 14 من سبتمبر سنة 1955 قد اعتدى على الدرجة الثانية التي أصبحت حقاً للمدعي ومعصومة من كل اعتداء، فيكون هذا القرار قد خالف القانون وشابه سوء استعمال السلطة. والمدعي صاحب أقدمية ومشهود له بالكفاية الممتازة، فلا محل لتخطيه في الترقية؛ وإذ وقع ذلك فإن القرار المطعون فيه يكون باطلاً، متعيناً إلغاؤه. وأجابت الوزارة على الدعوى بأن المدعي حاصل على الليسانس في الحقوق سنة 1937، والتحق بالخدمة في وظيفة معاون إدارة في 19 من مارس سنة 1938، وعين وكيل مفتش ضبط من أول فبراير سنة 1952، ثم نقل نقلاً مؤقتاً مفتش ضبط المنوفية في 11 من يناير سنة 1954، وللديوان العام من أول سبتمبر سنة 1954، والمدعي رقي إلى الدرجة الخامسة من أول يناير سنة 1948، وإلى الدرجة الرابعة من 28 من فبراير سنة 1951 عدلت إلى 29/ 7/ 1950، ثم رقى إلى الدرجة الثالثة في 19 من مايو سنة 1954. وبمناسبة صدور القانون رقم 234 لسنة 1955 الخاص بهيئات البوليس صدر القرار الوزاري رقم 180 لسنة 1955 بنقله إلى الكادر الإداري، والحق بمصلحة الإدارة العامة، في حين أن الذي يطعن المدعي عليه (عبد الغني على موسى، وكيل مصلحة تحقيق الشخصية) حصل على الليسانس سنة 1927، ودخل الخدمة في 19 من نوفمبر سنة 1928، ورقى إلى الدرجة الخامسة من أول يوليه سنة 1943، وإلى الدرجة الرابعة من أول يوليه سنة 1947، وإلى الدرجة الثالثة من 31 من يوليه سنة 1954. أما الشخص الثاني الذي يطعن عليه المدعي (وهو عازر سعد بولس، الموظف بمصلحة الشخصية) فإنه حصل على البكالوريا سنة 1917، والليسانس سنة 1936، ودخل الخدمة في أول أكتوبر سنة 1916، ورقي إلى الدرجة الخامسة من أول يوليه سنة 1943، وإلى الدرجة الرابعة من أول يوليه سنة 1947؛ وإلى الدرجة الثالثة من 31 من يوليه سنة 1954. وقالت وزارة الداخلية إنه بمقارنة حالة المدعي بحالة من يطعن في ترقيتهما (موسى وبولس) فإن تقرير المدعي عن سنة 1953 كان 73 درجة، وعن سنة 1954 كان 83 درجة، في حين أن المطعون عليه الأول حصل على 100 درجة في كل من العاملين المذكورين، والمطعون عليه الثاني حصل على 100 درجة عن سنة 1953 وعلى 97 درجة عن سنة 1954. وأضافت الوزارة إلى ذلك أن لجنة شئون الموظفين رأت تخطي المدعي في الترقية إلى الدرجة الثانية؛ لأنه نقل من كادر هيئات البوليس إلى الكادر الإداري؛ لعدم إنتاجه، ولإصابته بمرض الصرع، لأن تربيته قي أقدمية البكباشي - الموازية للدرجة الثالثة - بكادر هيئات البوليس كان الـ 169، وذلك قبل نقله إلى الكادر الإداري، ولم يلحقه الدور بعد في الترقية بكادر هيئات البوليس. وانتهت الحكومة إلى طلب الحكم برفض دعوى المدعي، مع إلزامه بمصروفاتها. وبجلسة 25 من أبريل سنة 1957 أصدرت الهيئة ثالثة "ب" من محكمة القضاء الإداري حكمها "باعتبار المدعي مرقى إلى الدرجة الثانية من 19 من أغسطس سنة 1955، وما يترتب على ذلك من آثار، وبإلزام الحكومة المصروفات ومبلغ خمسمائة قرش مقابل الأتعاب". وأقامت قضاءها فيما يتعلق بالطلب الأصلي على أن الثابت من مطالعة محضر لجنة شئون الموظفين بجلستها المنعقدة في 19 من يوليه سنة 1955، هو أن اللجنة قررت الموافقة على ترقية المدعي وأربعة من زملائه بالأقدمية إلى الدرجة الثانية، ثم عرضت اقتراحات اللجنة على الوزير لاعتمادها، فقرر بتاريخ 20 من يوليه سنة 1955 اعتمادها فيما عدا ترقية المدعي، فقد أشار بإعادة عرض حالته على اللجنة لإعادة بحثها خلال شهرين، وذلك دون إبداء أسباب. وقالت المحكمة إن مفاد نص المادة 28 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن موظفي الدولة، هو أنه إذا لم يعتمد الوزير الترقية أو لم يبين اعتراضه عليها اعتبرت معتمدة وتنفذ. وأنه في حالة اعتراض الوزير على اقتراحات اللجنة يتعين أن يبدي كتابة أسباب اعتراضه حتى تعيد لجنة شئون الموظفين بحث أمر ما اعترض عليه الوزير على ضوء أسباب هذا الاعتراض؛ وعندئذ تكون مهمة اللجنة محصورة في هذا النطاق فحسب: فإما أن تنزل على ما ارتآه الوزير للأسباب التي أبداها، وتعدل عن قرارها، وأما أن تتمسك برأيها السابق. ومتى كان الأمر كذلك بالنسبة لما يجب أن يكون عليه اعتراض الوزير، وبالنسبة لما ينتهي إليه اختصاص اللجنة في شأنه، وهو بهذا الوضع محدد ومقيد بما فرضه الشارع من ضوابط يتعين التزامها، فإن مجرد الرغبة التي يبديها الوزير في إعادة العرض على اللجنة لإعادة البحث من جديد لا يعد اعتراضاً بالمعنى الذي قصدت إليه المادة 28 من القانون رقم 210 لسنة 1951. وتأسيساً على ذلك قالت المحكمة إن الوزير في خصوصية هذه الدعوى لم يبد كتابة الأسباب المبررة لعدم موافقته على ترقية المدعي أو اعتراضه عليها؛ ولذلك فإن اقتراح لجنة شئون الموظفين ترقية المدعي مع زملائه بالأقدمية تعتبر متعمدة وتنفذ من تاريخ اعتماد الوزير للحركة أسوة بزملائه، وبالتالي يكون قرار لجنة شئون الموظفين بجلستها المنعقدة في 10 من سبتمبر سنة 1955 والقرار الصادر من الوزير برقم 758 في 14 من سبتمبر سنة 1955 بتخطي المدعي في الترقية إلى الدرجة الثانية بالأقدمية لم يصادف كل منهما محلاً بالنسبة للمدعي، ما دام أن ترقيته لهذه الدرجة اعتبرت معتمدة ونافذة بموجب قرار لجنة شئون الموظفين الأول الصادر منها بجلسة 19 من يوليه سنة 1955، ويتعين الحكم باعتبار المدعي مرقى للدرجة الثانية منذ 19 من أغسطس سنة 1955، تاريخ مضي شهر على رفع الحركة للوزير بالتطبيق لحكم المادة 28 من القانون رقم 210 لسنة 1951، ولم يعد هناك محل للتعرض للطلب الاحتياطي.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن قرار لجنة شئون الموظفين ليس بالقرار الإداري المولد للترقية، بل إنه لا يعدو أن يكون إجراء من إجراءات الترقية رؤى فيه تحقيق مصلحة الموظفين ومصلحة العمل على حد سواء. فهو إجراء جوهري لازم للترقية التي تصدر من الوزير المختص، وتنفيذ من تاريخ إصدارها (المادة 36 من القانون 210 لسنة 1951). على أن القرار الصادر بالترقية في الحالة المعروضة إنما صدر باعتماد اقتراح لجنة شئون الموظفين بترقية أربعة يسبقون المطعون عليه أقدمية الدرجة الثالثة؛ وذلك بتأشيرة الوزير باعتماد هذه الترقية في 20 من يوليه سنة 1955؛ أي في اليوم التالي لاقتراح اللجنة لهذه الترقية. ولم يطعن المدعي في تخطي السابقين له في كشوف الأقدمية في الترقية بالأقدمية إلى الدرجة الثانية بهذا القرار؛ ومن ثم فلا أحقية للمدعي في الترقية من تاريخ 20 من يوليه سنة 1955، وهو تاريخ صدور القرار الوزاري بترقية زملائه الأربعة الذين يسبقونه في أقدمية الدرجة الثالثة؛ فلا يتبقى إلا النظر في الطلب الأصلي للمدعي، على اعتبار أن المدعي مرقى من 19 من أغسطس سنة 1955، وهو تاريخ انقضاء شهر على رفع اقتراحات لجنة شئون الموظفين للوزير، وقد رفعتها إليه في 19 من يوليه سنة 1955 دون أن يتعرض عليها اعتراضاً مسبباً خلاله، وهذه هي التسوية المستمدة من نص المادة 28 من قانون نظام موظفي الدولة، وقد أخطأ الحكم المطعون فيه إذ طبق تلك التسوية على الحالة المعروضة، وقضى بأحقية المدعي لتسوية حالته على أساس فهم خاطئ لنص المادة 28 سالفة الذكر. وقال الحكم إن مجرد رغبة الوزير في إعادة العرض على اللجنة لإعادة بحث حالة المدعي من جديد لا يعد اعتراضاً بالمعنى الذي قصدت إليه المادة 28. وفي خصوصية هذه الحركة لم يبد الوزير كتابة الأسباب المبررة لعدم موافقته على ترقية المدعي أو اعتراضه عليها؛ ومن ثم يكون اقتراح لجنة شئون الموظفين بترقية المدعي مع زملائه بالأقدمية معتمداً ونافذاً. غير أن تحقيق قيام تلك التسوية، والحالة المعروضة، يقتضي الوقوف أولاً على معنى الاعتراض الذي يهدر قرار اللجنة في حكم المادة 28، ثم تطبيق الوصف القانوني له على الحالة المعروضة. فالاعتراض المعول عليه هو الاعتراض الكتابي المسبب خلال المدة المقررة، ويتعين الأخذ بمفهوم النص جميعه مفسراً بمذكرته الإيضاحية. والغرض من التشريع هو عدم مخالفة الوزير لقرار اللجنة، إلا إذا وجدت أسباب جدية تبرر هذه المخالفة. فمجرد الرغبة التي يبديها الوزير في بحر المدة على اقتراحات لجنة شئون الموظفين لا تكفي حقاً وحدها لاكتمال الوصف القانوني للاعتراض المعطل لأثر اقتراح اللجنة القانونية المعروض على الوزير. وبالرجوع إلى البيانات الخاصة بهذه الدعوى نجد أن الاعتراض بمعناه القانوني السليم قد توفر وأحدث أثره الذي قصد الشارع إليه؛ ومن ثم فلا حق للمطعون عليه في الترقية إلى الدرجة الثانية من 19 من أغسطس سنة 1955 تاريخ مضى شهر على رفع الحركة للسيد الوزير. ويكون الحكم المطعون فيه - إذ قضى بعكس ذلك - قد جانب الصواب وخالف القانون. أما بالنسبة للطلب الاحتياطي وهو الحكم بإلغاء القرار الوزاري الصادر في 14 من سبتمبر سنة 1955 فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية إلى الدرجة الثانية، وهو ما لم يتعرض له الحكم المطعون فيه اكتفاء بما قضى به المدعي من الحق في طلبه الأول (الأصلي)، فقد قالت صحيفة الطعن بأن الثابت بمحضر لجنة شئون الموظفين في 10 من سبتمبر سنة 1955 أنه كانت توجد درجتان خاليتان قررت اللجنة شغلهما بالأقدمية بترقية عازر سعد بولس وعبد الغني علي موسى. وثابت أن المدعي أسبق منهما في الحصول على الدرجة الثالثة؛ ومن ثم فإن العبرة بهذه الأسبقية، وليست العبرة بترتيب درجات الكفاية وفي التقريرين الأخيرين المقدمين عنهم؛ وبالتالي فإنه يحق للمدعي أن يطالب بإلغاء القرار الصادر في 14 من سبتمبر سنة 1955 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى الدرجة الثانية؛ ذلك لأنه قرار باطل فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية إلى تلك الدرجة بالأقدمية. وانتهت صحيفة الطعن إلى طلب الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء برفض الطلب الأصلي، وبإلغاء القرار الصادر من وزير الداخلية رقم 758 في 14 من سبتمبر سنة 1955 فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية بالأقدمية إلى الدرجة الثانية، وما يترتب على ذلك من آثار، وبإلزام الوزارة المصروفات.
ومن حيث إنه يبين من ملف خدمة المطعون عليه أنه من مواليد عام 1912، وحاصل على إجازة الليسانس في الحقوق عام 1937، والتحق بالخدمة بوظيفة معاون إدارة بمديرية أسوان من مارس سنة 1938، ونقل إلى مديرية المنيا من أبريل سنة 1941، ثم ندب بالجيش الاحتياطي من مارس سنة 1939 إلى يوليه سنة 1943، ثم نقل مؤقتاً لإدارة الأمن العام من يناير سنة 1944، وأعيد ندبه بالجيش الاحتياطي من سنة 1948 إلى يوليه سنة 1949، ثم ندب محامياً بقسم قضايا الأوقاف من مايو سنة 1950 إلى أكتوبر سنة 1951، وعند انتهاء الندب ألحق بخدمة إدارة الجنايات من أكتوبر سنة 1951، ثم عين وكيلاً لمفتش الضبط بمدرية المنوفية من أول ديسمبر سنة 1952. وقد أصيب بنوبات صرع، وصرح له القومسيون الطبي العام بإجازات مرضية تجاوز عددها خمس عشرة مرة في الفترة ما بين سنة 1941 وسنة 1950. وأخيراً طلبت الوزارة من القومسيون الطبي العام تقريراً عن حالته بمناسبة ترشيحه للتعيين بإحدى وظائف مأموري المراكز أو مفتشي الضبط أو وكلاء مفتشي الضبط، وقد وردت نتيجة الكشف الطبي عليه بجلسة القومسيون الطبي العام في 7 من أكتوبر سنة 1952، وأتضح أن عنده "حالة صرع متحسنة؛ يستمر في عمله المكتبي، إذ أن إصابته بالصرع تعرضه للأخطار إذ كلف بعمل يستدعى الانتقال أو حمل السلاح". وقد طلب النظر في أمر نقله في وظيفة مفتش ضبط أو وكيل مفتش ضبط بالقاهرة أو ندبه بإحدى وظائف التفتيش بالديوان العام أو مدرساً للقانون بكلية البوليس بسبب حالته الصحية التي لازمته منذ انتدابه سنة 1941 بالجيش الاحتياطي وبسبب الغازات الجوية. وثابت أن المدعي قد رقي إلى الدرجة الخامسة الإدارية في أول يناير سنة 1948، وإلى الدرجة الرابعة في 28 من فبراير سنة 1951، عدلت إلى 29 من يوليه سنة 1950، ثم رقي إلى الدرجة الثالثة الإدارية في 19 من مايو سنة 1954.
ومن حيث إنه في 27 من أبريل سنة 1955 صدر القانون رقم 234 لسنة 1955 بنظام هيئة البوليس، وجاء في الفقرة الثالثة والرابعة من المادة 146 منه أنه "... يجوز لوزير الداخلية، بعد أخذ رأي المجلس الأعلى للبوليس، نقل أي موظف من رجال الإدارة المندمجين مع الضباط من هيئة البوليس إلى إحدى الوظائف الإدارية التي لا نقل عن درجته إذا طلب الموظف ذلك خلال ثلاثين يوماً من تاريخ العمل بهذا القانون، أو إذا رأت الوزارة خلال ستين يوماً من هذا التاريخ نقله لأن حالته الصحية لا تمكنه من القيام بأعباء وظيفته، أو كانت مصلحة العمل تقتضي ذلك. وتكون القرارات الصادرة في هذا الشأن نهائية". وجاء في المادة 160 منه "ويعمل بهذا القانون من أول مايو سنة 1955". وورد في المذكرة الإيضاحية لهذا القانون "وقضت ظروف العمل في الوزارة، فيما سبق، أن ينقل من بين ضابط البوليس أو من رجال الإدارة إلى بعض الوظائف الإدارية أو الكتابية في الديوان العام، وكان هذا النقل جائزاً بموافقة المجلس الأعلى للبوليس، وقد يطلب بعض الموظفين أن يعود إلى هيئة البوليس لسبب أن وظائفهم الحالية لم تدمج ضمن هذه الهيئة، فأجاز المشرع إعادة هؤلاء الموظفين إليها على وجه المبين في المادة 146". وكان المطعون عليه - البكباشي شرف محمد فهيم محمود محروس - وقت العمل بهذا القانون يشغل وظيفة وكيل مفتش ضبط الغربية في الدرجة الثالثة في الكادر الإداري، مع ندبه للعمل بالديوان العام، فقررت الوزارة، إعمالاً للنص المتقدم من قانون نظام هيئة البوليس، نقل المدعي إلى وظيفة من الدرجة الثالثة أيضاً بمصلحة الإدارة العامة بوزارة الداخلية، وصدر بذلك القرار الوزاري رقم 180 في أول يوليه سنة 1955، وجاء في ديباجته "بعد الاطلاع على قرارات المجلس الأعلى للبوليس الصادر بجلستي 21 و29 من يونيه سنة 1955 قرر وزير الداخلية نقل الضباط الشرف المذكورين بعد من كادر هيئة البوليس إلى كادر الإداري في الدرجة المبينة، ويلحقون بالجهات الموضحة قرين اسم كل منهم، وتسحب منهم الرتب النظامية الشرفية اعتباراً من أول يوليه سنة 1955". والمدعي - إذ نقل على هذا النحو السليم من أحكام القانون إلى الديوان العام بوزارة الداخلية واندمج مع موظفيه في أقدمية واحدة - أصبح ترتيبه بين موظفي الدرجة الثالثة في الديوان العام هو (الخامس)، بينما كان ترتيبه في أقدمية البكباشي المعادلة للدرجة الثالثة بكادر البوليس (فيما لو بقى فيه) هو 169، وذلك قبل نقله إلى الكادر الإداري في أول يوليه سنة 1955.
ومن حيث إنه في 19 من يوليه سنة 1955 اجتمعت لجنة شئون الموظفين بوزارة الداخلية للنظر في ترشيح من يرقون إلى الدرجات الثانية الخالية، فقررت شغل هذه الدرجات بالأقدمية، ورشحت لذلك خمسة موظفين مع احترام الأقدمية، فجاء ترتيبهم على النحو الآتي: (1) السيد حسنين محرم فهيم. (2) حسين حسانين الشايب. (3) محمد فتحي صالح عزت. (4) حسن جبيلي. (5) المدعي محمد فهيم محمود محروس الموظف بالإدارة العامة. وقررت لجنة شئون الموظفين ترك الدرجة الباقية الخالية، وكانت الدرجات ستاً، لعدم توافر المدة المقررة للترقية إليها من بين موظفي الدرجة الثالثة. فلما عرض محضر هذه اللجنة على السيد الوزير في اليوم التالي (20 من يوليه سنة 1955) قرر اعتماد ترقية الأربعة الموظفين الأول. أما بالنسبة للمرشح الخامس، وهو المدعي، فقد أشر الوزير بما يفيد استثناءه من الاعتماد، وأمر بإعادة عرض حالته على لجنة شئون الموظفين لإعادة بحثها في خلال شهرين من تاريخه، أي من 20 من يوليه سنة 1955، فقد تضمن محضر لجنة شئون الموظفين بجلسة 19 من يوليه سنة 1955 العبارة الآتية "عرضت على السيد الوزير وتعتمد، عدا ترقية السيد محمد فهيم محروس، فيعاد عرض حالته على اللجنة لإعادة بحثها في خلال شهرين". وفي 10 من سبتمبر سنة 1955، أي قبل انقضاء الشهرين، اجتمعت لجنة شئون الموظفين من جديد، وجاء في محضرها "يوجد عدد 2 درجتان ثانية خالية، وقد قررت اللجنة الموافقة على ترقية كل من: (1) عازر سعد بولس وهو الثاني في الأقدمية، وهو موظف بقسم الرخص والمنتدب بمصلحة تحقيق الشخصية. (2) وعبد الغني علي موسى، وهو الثالث في الأقدمية، وهو وكيل مصلحة تحقيق الشخصية إلى الدرجة الثانية بالأقدمية بالديوان العام، مع تخطي محمد فهيم محروس؛ لأنه نقل من كادر هيئات البوليس إلى كادر الإداري لعدم إنتاجه؛ ولأنه مصاب بمرض الصرع مما يمس قدرته على العمل، مضافاً إلى ذلك أن ترتيبه في أقدمية البكباشي الموازية للدرجة الثالثة بكادر هيئات البوليس كانت 169، وذلك قبل نقله إلى الكادر الإداري، ولم يصله الدور بعد في الترقية بالكادر الأخير، وهو كادر هيئات البوليس. وقد عرض هذا المحضر على السيد الوزير فأشر بالاعتماد في 13/ 9/ 1955.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه، إذ قضى باعتبار المدعي مرقى إلى الدرجة الثانية الإدارية من 19 من أغسطس سنة 1955 تأسيساً على أن عدم اعتماد الوزير لاقتراح ترقيته الذي انطوى عليه محضر لجنة شئون الموظفين بجلسة 19 من يوليه سنة 1955، لم بين على أسباب تبرره؛ ومن ثم فإنه لا يعتبر اعتراضاً مسبباً في حكم المادة 28 من القانون رقم 210 لسنة 1951، وكأن الوزير بذلك لم يتعرض على الاقتراح، مما يجعل الاقتراح نافذاً بحكم القانون بعد مضي ثلاثين يوماً من تاريخ عرضه على الوزير، أي اعتباراً من 19 من أغسطس سنة 1955، - إن الحكم إذ قضى بذلك إنما يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله؛ ذلك أن المادة 28 من قانون نظام موظفي الدولة المعدلة بالقانون رقم 94 لسنة 1953 تنص على أن "تختص اللجان المشار إليها في المادة السابقة (لجان شئون الموظفين) بالنظر في نقل الموظفين لغاية الدرجة الأولى، وفي ترقيتهم - بما في ذلك الترقية بالاختيار - طبقاً لأحكام هذا القانون، وترفع اللجنة اقتراحاتها بشأن الترقيات إلى الوزر لاعتمادها، فإذا لم يقرها كان عليه أن يبدي كتابة الأسباب المبررة لذلك. وإذا لم يعتمد الوزير قرارات اللجنة أو لم يبين اعتراضاته عليها خلال شهر من تاريخ رفعها إليه، اعتبرت معتمدة وتنفذ". ويؤخذ من هذا النص أن ترقية أو نقل الموظف لغاية الدرجة الأولى، يجب أن تكون بقرار من الوزير بناء على اقتراح لجنة شئون الموظفين، فلا يملك الوزير سلطة الترقية أو النقل دون أن يكون هناك اقتراح من اللجنة المذكورة، وفقط له حق الاعتراض على اقتراح اللجنة، وفي هذه الحالة يرد الاقتراح إليها كتابة ومسبباً في مدى شهر من تاريخ رفعه إليه. فإذا سكت الوزير عن الاعتماد أو الرفض بالاعتراض في خلال المدة المشار إليها اعتبر قرار اللجنة نافذاً ومعتمداً. ولكن القانون لم ينص على ما يتبع إزاء الحالة التي يعترض فيها الوزير على اقتراحات اللجنة في خلال المدة المشار إليها وتتمسك اللجنة برأيها؛ ونظراً لأن القانون المشار إليه لم يحظر على الوزير تكرار الاعتراض على قرارات اللجنة، وحيث إنه قد يترتب على ذلك بقاء مسائل نقل الموظفين وترقيتهم معلقة زمناً طويلاً، وفي ذلك ما فيه من إضرار بصالحهم، وبالتالي بصالح العمل؛ فقد رأت وزارة المالية والاقتصاد لذلك تعديل نص المادة 28 سالفة الذكر؛ بحيث إذا اعترض الوزير على قرارات اللجنة كلها أو بعضها؛ فيتعين عليه أن يبدي كتابة الأسباب المبررة لذلك، ويعيد ما اعترض عليه للجنة للنظر فيه على ضوء هذه الأسباب، ويحدد لها أجلاً للبت فيه. فإذا مر هذا الأجل، دون أن ترفع اللجنة رأيها للوزير، اعتبر رأي الوزير نهائياً، أما إذا تمسكت اللجنة برأيها خلال الأجل المحدد فترفع اقتراحاتها للوزير لاتخاذ ما يراه بشأنها، ويعتبر قراره في هذه الحالة نهائياً تطبيقاً لمبدأ المسئولية الوزارية؛ إذ يجب أن تصدر مثل هذه القرارات تحت مسئولية الوزير. وتأسيساً على ذلك صدر القانون رقم 450 لسنة 1954 بتعديل المادة 28 من القانون رقم 210 لسنة 1951، فأصبح نصها المستحدث كما يلي "تختص اللجان المنصوص عليها في المادة السابقة بالنظر في نقل الموظفين لغاية الدرجة الأولى وفي ترقياتهم - بما في ذلك الترقية بالاختيار طبقاً لأحكام هذا القانون. وترفع اللجنة اقتراحاتها إلى الوزير لاعتمادها، فإذا لم يعتمدها الوزير ولم يبين اعتراضه عليها خلال شهر من تاريخ رفعها إليه اعتبرت متعمدة وتنفذ. أما إذا اعترض الوزير على اقتراحات اللجنة المالية كلها أو بعضها، فيتعين أن يبدي كتابة الأسباب المبررة لذلك، ويعيد ما اعترض عليه للجنة للنظر فيه على ضوء هذه الأسباب، ويحدد لها أجلاً للبت فيه، فإذا مر هذا الأجل دون أن ترفع اللجنة رأيها للوزير اعتبر رأي الوزير نهائياً. أما إذا تمسكت اللجنة برأيها خلال الأجل المحدد فترفع اقتراحاتها للوزير لاتخاذ ما يراه بشأنه. ويعتبر قراره في هذه الحالة نهائياً". وغنى عن البيان أن الوزير لم يتعرض على اقتراحات اللجنة كلها، وإنما قصر اعتراضه على جزء منهم، وهو الخاص بالمرشح الخامس للترقية، فاستثناه الوزير صراحة وكتابة وأمر بإعادة عرض حالته على لجنة شئون الموظفين؛ وذلك لما تنطوي عليه، على حسب الظاهر من الأوراق، من أسباب جدية تبرر إعادة بحثها من جديد بوساطة لجنة شئون الموظفين خلال الأجل الذي حدده الوزير في قراره، وهو شهران. هذا ومما يجب التنبيه إليه أنه ولئن كان القانون يشترط تسبيب الوزير لاعتراضه، إلا أن الحكمة من ذلك هي أن تكون اللجنة على بينة من أسباب الاعتراض؛ حتى تستطيع إعادة فحص الحالة على هدى ذلك؛ ومن ثم فإذا بان للمحكمة أن الأسباب التي من أجلها اعترض الوزير كانت قائمة بالموظف وظاهرة من ملف خدمته دون أن تتبينها اللجنة، وأنها لما انعقدت بعد ذلك وتكشفت لها الحقيقة وافقت الوزير على اعتراضه، فوضعت الأمر في نصابه الصحيح بقرارها الثاني الصادر بناء على الاعتراض، فإن القرار الأخير المعتمد من الوزير هو الواجب النفاذ قانوناً. وقد كشفت اللجنة في محضر جلستها الثانية في 10 من سبتمبر سنة 1955 عن أسباب جدية تبرر سلامة موقف الوزير من الاعتراض على الترقية، وانتهت إلى ترقية اثنين ممن يلونه مباشرة في كشف الأقدمية، وهما عازر سعد بولس وعبد الغني علي موسى، وقد توفى هذا الأخير فيما بعد. واعتمد الوزير في 13 من سبتمبر سنة 1955 محضر هذه اللجنة دون تحفظ أو اعتراض، فجاء قراره الإداري متفقاً مع نص القانون وروحه طبقاً لنص المادة 28 من قانون نظام موظفي الدولة بعد تعديله في ضوء ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 450 لسنة 1954. وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب في الشق الأصلي من طلبات المدعي فإنه يكون قد خالف القانون متعيناً إلغاؤه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه لم يتعرض لبحث الطلب الاحتياطي بعد إذ قضى للمدعي بطلبه الأصلي الذي بان مما تقدم فساد الأساس القانوني الذي أقام عليه الحكم المذكور قضاءه في هذا الشأن، إلا أن السيد رئيس هيئة المفوضين قد اتجه إلى طلب الحكم للمدعي بمطلبه الاحتياطي؛ تأسيساً على أن الثابت بمحضر لجنة شئون الموظفين في 10 من سبتمبر سنة 1955 أنه كانت توجد درجتان خاليتان قررت الجنة شغلهما بالأقدمية، فرقت عزر سعد بوليس وعبد الغني علي موسى، وكل منهما يتلو المدعي في ترتيب الأقدمية؛ إذ هو حاصل على الدرجة الثالثة 19 من مايو سنة 1954، بينما حصل عليها كلاهما في 31 من يوليه سنة 1954؛ ومن ثم يكون القرار المطعون فيه، إذ تخطى المدعي في الترقية إلى الدرجة الثانية في دوره، قد خالف القانون، على حسب ما رأته هيئة المفوضين.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن المدعي طلب من وزارة الداخلية النظر في نقله إلى القليوبية أو الجيزة أو محافظة مصر في وظيفة مفتش ضبط أو وكيل مفتش ضبط بالقاهرة أو إحدى وظائف التفتيش في الديوان أو مدرساً بكلية البوليس بسبب حالته الصحيحة التي لازمته منذ ندبه بالجيش الاحتياطي في سنة 1941 وبسب الغازات الجوية. وما إن صدر القانون رقم 234 لسنة 1955 بنظام هيئة البوليس في 27 من أبريل سنة 1955 ونشر في 30 منه حتى بادرت وزارة الداخلية - استناداً إلى نص المادة 146 منه - إلى إصدار القرار الوزاري رقم 186 بنقله من وظيفة وكيل مفتش ضبط الغربية إلى وظيفة من الدرجة الثالثة بالكادر الإداري بالإدارة العامة بوزارة الداخلية؛ لعدم صلاحيته للقيام بأعباء وظيفته الأصلية، ولإصابته بمرض الصرع، وهو مرض عميق الأثر في حياة الموظف وفي درجة انتظامه وقدرته على الإنتاج، كما هو مبين في تقرير القومسيون الطبي العام، وما كاد المدعي يتسلم أعمال وظيفته الجديدة في أول يوليه سنة 1955 حتى صدرت حركة الترقيات في 19 من يوليه سنة 1955 التي كانت لجنة شئون الموظفين اقترحت فيهما ترقية المدعي باعتباره الخامس في ترتيب الأقدمية في الكادر الجديد الذي نقل إليه، وهى الحركة التي اعترض عليها الوزير كتابة مع بيان الأسباب في 20 منه، فلما أعيد بحثها في اللجنة في 10 من سبتمبر سنة 1955 رؤى ترك المدعي في الترقية؛ لأنه لم تمض عليه سوى أيام معدودات عقب نقله ولحالته المرضية التي تكاد تجعله غير منتج؛ ولأن ترتيبه في كادره الأول كان الـ 169، فلم يكن قد وصل دوره في الترقية في هذا الكادر، وبالتالي لم يفوت عليه النقل دوره في الترقية بأي وجه من الوجوه، ولو أنه ظل فيه لما أصابته الترقية قبل مضي خمس سنوات لو أن حالته كانت تسمح بتلك الترقية.
ومن حيث إن المادة 47 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة تنص على أنه "يجوز نقل الموظف من إدارة إلى أخرى ويجوز نقله من مصلحة أو وزارة إلى مصلحة أو وزارة أخرى إذا كان النقل لا يفوت عليه دوره في الترقية بالأقدمية أو كان بناء على طلبه. ومع ذلك لا يجوز النظر في ترقية الموظف المنقول من وزارة أو مصلحة إلى وزارة أو مصلحة أخرى إلا بعد مضي سنة على الأقل من تاريخ نقله، ما لم تكن الترقية في نسبة الاختيار أو في درجات المصالح المنشأة حديثاً...". ويؤخذ من ذلك أن الحكمة التشريعية التي قام عليها حظر النقل هي منع التحايل عن طريق إيثار الموظف المنقول بترقيته في الجهة المنقول إليها أو حرمان موظف كان يحل عليه دوره في الترقية من الجهة المنقول منها وذلك بنقله منها إلى جهة أخرى؛ فحظر القانون النقل من مثل هذه الحالات، ما لم تكن الترقية في نسبة الاختيار، أو في الدرجات المنشأة حديثاً على النحو الذي حدده.
ومن حيث إنه قد بان للمحكمة من مراجعة ميزانية الدولة عام 1955 أن كادر هيئة البوليس منفصل عن الكادر الإداري الذي نقل إليه المدعي، وكل منهما ينتظم وحدة مستقلة في الترقية عن الأخرى، وما دام دور المدعي لم يكن قد حل في الترقية عند نقله من الكادر الأول، حتى بفرض أنه لم يكن هناك مانع من ترقيته بسبب حالته الصحية، وما يترتب عليها من الأثر في عدم إنتاجه، كما أنه ما كان قد مضى عليه بعد نقله إلى الكادر الثاني مدة السنة الواجب مضيها قبل النظر في ترقيته - هذا لو صح كذلك أنه لن يكون ثمت مانع من ترقيته بعد قضاء تلك المدة - ما دام الحال كذلك، فإن القرار المطعون فيه يكون، والحالة هذه، قد طابق القانون نصاً وروحاً؛ ومن ثم يتعين إلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء برفض الدعوى.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي وموضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى، وألزمت المدعي بالمصروفات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق