جلسة 9 من يوليو سنة 2020
برئاسة السيد القاضي / محمد محجوب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / عبد الرسول طنطاوي ، محمد رضا حسين ، عصام إبراهيم وهشام عبد الهادي نواب رئيس المحكمة .
---------------
(67)
الطعن رقم 22620 لسنة 88 القضائية
(1) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وإيراده على ثبوتها في حقه أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه عليها . لا قصور .
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم . كفاية أن يكون ما أورده مؤدياً إلى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها .
(2) تهديد بإفشاء أمور مخدشة بالشرف . جريمة " أركانها " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
جناية التهديد المنصوص عليها بالفقرة الأولى من المادة ٣٢٧ عقوبات . مناط توافرها ؟
إثبات الحكم إرسال الطاعن عبارات التهديد كتابة عن طريق الوسائط الإلكترونية الحديثة بقصد إيقاع الخوف في نفس المجني عليهن لحملهن على أداء ما هو مطلوب يتوافر به أركان جريمة التهديد . علة ذلك ؟
(3) تهديد بإفشاء أمور مخدشة بالشرف . قصد جنائي . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
القصد الجنائي في جريمة التهديد . توافره بارتكاب الجاني التهديد مدركاً أثره من إيقاع الرعب في نفس المجني عليه واتجاه إرادته لذلك . تحدث الحكم عنه استقلالاً . غير لازم . حد ذلك ؟
(4) تهديد بإفشاء أمور مخدشة بالشرف . جريمة " أركانها " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
توجيه الطاعن التهديد كتابة للمجني عليهما مدركاً أثره من إيقاع الرعب في نفسيهما . كفايته لقيام الجريمة . نعيه بانتفائها لإرسالهما الصور المخلة بالحياء بإرادتهما . غير مقبول . متى استخلصت المحكمة من ظروف الواقعة انعدام إرادتهما نتيجة التهديد . أساس ذلك ؟
(5) إثبات " اعتراف " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير صحة الاعتراف " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
الاعتراف في المسائل الجنائية . من عناصر الاستدلال . تقدير صحته وقيمته في الإثبات . موضوعي . ما دام سائغاً .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(6) تفتيش " إذن التفتيش . إصداره . تنفيذه " . دفوع " الدفع ببطلان القبض والتفتيش " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
إصدار النيابة العامة أمراً بضبط وتفتيش المتحرى عنه ومن يتواجد معه وقت التفتيش على مظنة اشتراكه في الجريمة . صحيح . تفتيش الطاعن بمناسبة تواجده مع المأذون بتفتيشه بذلك الأمر . لا يعد تجاوزاً من مأمور الضبط في تنفيذه . حد ذلك ؟
الجدل الموضوعي . غير جائز أمام محكمة النقض .
مثال لتسبيب سائغ لاطراح الدفع ببطلان التفتيش لتجاوز القائم به حدود الإذن .
(7) دعوى مدنية . إعلان .
نعي الطاعن عدم إعلانه بالدعوى المدنية . غير مقبول . متى أثبت الحكم إعلانه بها في المواجهة ولم يجحد ذلك بطريق الطعن بالتزوير . علة ذلك ؟
(8) دعوى مدنية . رسوم قضائية .
رسوم الدعوى المدنية لا تتعلق بصحة أو بطلان إجراءات المحاكمة . النعي بعدم سدادها . غير مقبول .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها ، وأقام على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها مستمدة من أقوال شهود الإثبات وما ثبت بالتقرير الفني لإدارة مكافحة جرائم المعلومات . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون ، ويكون منعى الطاعن بقالة القصور غير سديد .
2- من المقرر أن جناية التهديد المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة 327 من قانون العقوبات تتوافر إذا وقع التهديد كتابة بارتكاب جريمة ضد النفس أو المال وكان التهديد مصحوباً بطلب أو تكليف بأمر ، وكان الحكم قد أورد بأسبابه قيام الطاعن بتهديد المجني عليهن عبر مواقع التواصل الاجتماعي وتمكن من خداعهن وتحصل منهن على صور ومقاطع مرئية في أوضاع مخلة بالحياء وهددهن بنشرها ، وإذ كان مصطلح الكتابة قد ورد في المادة 327 سالفة الذكر على سبيل البيان في صيغة عامة لتشمل كافة وسائل الكتابة المختلفة سواء كانت بالطرق التقليدية أو بإحدى الوسائل الإلكترونية الحديثة ، فإذا أثبت الحكم على الطاعن إرساله عبارات التهديد عن طريق الوسائط الإلكترونية الحديثة - وهي لوحة المفاتيح - بقصد إيقاع الخوف في نفس المجني عليهن لحملهن على أداء ما هو مطلوب ، فإنه يكون قد استظهر أركان جريمة التهديد كما هي معرفة به في القانون ، ويضحى منعى الطاعن في هذا الشأن على غير أساس .
3- من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة التهديد يتوافر متى ثبت للمحكمة أن الجاني ارتكب التهديد وهو يدرك أثره من حيث إيقاع الرعب في نفس المجني عليه ، وأنه يريد تحقيق ذلك الأثر بما قد يترتب عليه من أن يذعن راغماً إلى إجابة الطلب ، ولا يلزم التحدث استقلالاً عن هذا الركن ، بل يكفي أن يكون مفهوماً من عبارات الحكم وصراحة عبارات التهديد وظروف الواقعة كما أوردها ، ومن ثم يكون النعي بالقصور في هذا الشأن على غير أساس .
4- لما كانت المادة سالفة الذكر – المادة 327 عقوبات - إذ لم توجب بصيغتها العامة أن تكون عبارات التهديد دالة بذاتها على أن الجاني سوف يقوم بارتكاب الجريمة إذا لم يُجب إلى طلبه ، بل يكفي أن يكون الجاني قد وجه التهديد كتابة إلى المجني عليه وهو يدرك أثره من حيث إيقاع الرعب في نفسه وأنه يريد تحقيق ذلك الأثر بما قد يترتب عليه أن يذعن المجني عليه راغماً إلى إجابة الطلب ، فإذا كانت المحكمة قد استخلصت من عبارات التهديد وظروف الواقعة وملابساتها أن الطاعن رمى إلى إثارة الرعب والفزع في نفس المجني عليهما وهو ما حملهما على إرسال صور ومقاطع الفيديو لهما في أوضاع مخله بالحياء والشرف بما يعدم إرادتهما حين أرسلا تلك الصور ومقاطع الفيديو ، ومن ثم يكون النعي في هذا الصدد في غير محله .
5- من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات ، ولها أن تأخذ به متى اطمأنت إلى صدقه ومطابقته للحقيقة والوقع ، كما أن لها أن تقدر عدم صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه انتزع منه بطريق الإكراه أو صدر منه على أثر إجراء باطل بغير معقب عليها ما دامت تقيم تقديرها على أسباب سائغة ، وكانت المحكمة قد خلصت في استدلال سائغ إلى سلامة الدليل المستمد من اعتراف الطاعن أمام النيابة لما ارتأته من مطابقته للحقيقة والواقع الذي أظهرته من باقي عناصر الدعوى وأدلتها ومن خلوه مما يشوبه وصدوره عن طواعية واختيار ، فإن ما يثيره الطاعن من مجادلة في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي في سلطة المحكمة في تقدير الأدلة مما لا يجوز الخوض فيه أمام محكمة النقض .
6- لما كان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن بتجاوز الضابط للإذن واطرحه في قوله : ( وكان الثابت بالأوراق صدور إذناً من النيابة العامة بالتفتيش لمسكن المتحرى عنه شقيق المتهم - ذات مسكن المتهم - ونفاذاً لذلك الإذن توجه ضابط الواقعة إلى مسكن المأذون بتفتيشه وتقابل مع المتهم ووالدته وحال تفتيش المسكن عثر على هاتف محمول ماركة .... متصل بشبكة الإنترنت هوائياً عن طريق رواتر متصل بخط التليفون الأرضي رقم .... وبفحص الهاتف مبدئياً تبين أنه يفتح تلقائياً على الحساب محل الواقعة المسمى .... وأقر له المتهم بأنه خاص به وأنه هو منشئ ذلك الحساب وأدلى له ببيانات البريد الإلكتروني وكلمة المرور الخاصين به وعثر على المحادثات والصور والمقاطع المرئية المسجلة بمحل الواقعة فتم اصطحابه للقسم لتحرير محضر بالواقعة وكانت المحكمة تطمئن إلى شهادة ضابط الواقعة وصحة ما أدلى به ومن ثم يكون ما أتاه ضابط الواقعة من إجراءات تفتيش وضبط تمت وفقاً لصحيح القانون وفي حدود إذن النيابة العامة الصادر له ، ويضحى بالتالي الدليل المستمد من تلك الإجراءات صحيحاً ، وتعول عليه المحكمة كدليل صحيح في الدعوى مع باقي الأدلة فيها ، إذ أن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه الأمر الذي يضحى معه هذا الدفع في غير محله لقيامه على سند غير صحيح من الواقع والقانون والمحكمة تلتفت عنه ) . وكان الحكم قد رد عليه رداً كافياً ويستقيم به اطراحه ، وكان من المقرر أن الأمر الذي تصدره النيابة العامة بتفتيش شخص معين ومن قد يكون موجوداً معه وقت التفتيش على مظنة اشتراكه معه في الجريمة التي صدر أمر التفتيش من أجلها يكون صحيحاً في القانون ، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن الأمر الصادر من النيابة العامة بضبط وتفتيش شخص ومسكن المتحرى عنه شقيق الطاعن وهو ذات مسكن الأخير قد تضمن سريانه على من يتواجد معه بالمسكن ، فإن التفتيش الواقع تنفيذاً له يكون ولا مخالفة فيه للقانون ، ويكون أخذه بنتيجته صحيحاً ، ولا يصح الطعن عليه بأن ما تم فيه تجاوز للأمر الصادر لمأمور الضبط ، ما دام هو لم يقم بأي عمل إيجابي بقصد البحث عن جريمة أخرى غير التي صدر من أجلها الأمر ، فمن البداهة أن الإجراء المشروع لا يتولد عن تنفيذه في حدوده عمل باطل ، وكان ما أورده الحكم رداً على ما دفع به الطاعن من بطلان القبض والتفتيش كافياً وسائغاً في الرد ويتفق وصحيح القانون ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الوجه ينحل إلى جدل موضوعي لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
7- لما كان البين من الحكم المطعون فيه أنه قد أثبت به أنه تم إعلان الطاعن بالدعوى المدنية في المواجهة ، وإذ كانت ورقة الحكم تعتبر متممة لمحضر الجلسة في شأن إثبات إجراءات المحاكمة ، وكان الأصل في الإجراءات أنها روعيت ، ومتى أثبت الحكم إعلان الطاعن بالدعوى المدنية في المواجهة فلا يجوز للطاعن أن يجحد ما أثبته الحكم من تمام هذا الإجراء إلا بالطعن بالتزوير وهو ما لم يفعله ، فإن النعي على الحكم بدعوى البطلان لا يكون له محل .
8- لما كان عدم سداد رسم الدعوى المدنية - بفرض صحته - لا يتعلق بإجراءات المحاكمة من حيث صحتها أو بطلانها ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه :
1- هدد المجني عليها الطفلة / .... كتابة بإفشاء أسرارها ونشر صور ومقاطع مرئية خاصة بها وذلك عن طريق إرسال رسائل كتابية تحوي تهديدات لها بفضح أمرها ونشر صور فاضحة لها وذلك عبر موقع التواصل الاجتماعي " فيس بوك " على النحو المبين بالتحقيقات .
2- هدد المجني عليها الطفلة / .... كتابة بإفشاء أسرارها ونشر صور ومقاطع مرئية خاصة بها وذلك عن طريق إرسال رسائل كتابية تحوي تهديدات لها بفضح أمرها ونشر صور فاضحة لها وذلك عبر موقع التواصل الاجتماعي " فيس بوك " على النحو المبين بالتحقيقات .
3- هدد المجني عليه / .... كتابة بإفشاء أسرار شقيقته المجني عليها الثانية بنشر صور ومقاطع مرئية خاصة بها في أوضاع منافية للآداب وذلك عبر موقع التواصل الإجتماعى " فيس بوك " على النحو المبين بالتحقيقات .
4- اعتدى على حرمة الحياة الخاصة للمجني عليهما سالفتي الذكر بأن نقل محادثات إلكترونية ومقاطع سمعية ومرئية جرت عن طريق الإنترنت على النحو المبين بالتحقيقات .
5- استعمل في غير علانية المحادثات والمقاطع آنفة البيان وهدد المجني عليهم بإفشائها على النحو المبين بالتحقيقات .
6- تعمد إزعاج غيره بإساءة استعمال أجهزة الإتصالات على النحو المخصص له على النحو المبين بالتحقيقات .
وأحالته إلى محكمة جنايات .... الاقتصادية لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
وادعى الولي الطبيعي لكلا من المجني عليهن مدنياً قبل المتهم بمبلغ عشرة آلاف وواحد جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً بتوكيل عملاً بالمواد 166 مكرر ، 309 مكرر/أ ، 327 /1 من قانون العقوبات ، والمواد 1 ، 5/4 ، 6 ، 13/ 7 ، 70 ، 76 من القانون 10 لسنة 2003 بشأن الاتصالات ، والمادتين 2 ، 116مكرر من القانون 12 لسنة 1996 والمعدل بالقانون رقم 126 لسنة 2008 بشأن الطفل ، مع إعمال المادة 32/1 من قانون العقوبات . بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة سبع سنوات ومحو التسجيلات عن الجريمة وإعدامها من على الهاتف المضبوط ومصادرته وإلزامه بأن يؤدي للمدعيين بالحق المدني بصفتهما مبلغ عشرة آلاف جنيه على سبيل التعويض المؤقت وألزمته المصاريف الجنائية ومصاريف الدعوى المدنية .
فطعنت والدة المحكوم عليه بصفتها وصية على ابنها القاصر في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم التهديد بإفشاء أمور خادشة بالشرف والحياء بنشر مقاطع مرئية مسجلة عبر مواقع التواصل الاجتماعي واستعمالها في غير علانية ، والاعتداء على حرمة الحياة الخاصة للمجني عليهما ، وتعمد إزعاج الغير باستخدام إحدى وسائل الاتصالات قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، وانطوى على إخلال بحق الدفاع ؛ ذلك أنه خلا من بيان واقعة الدعوى بياناً تتحقق به أركان الجرائم التي دانه بها والظروف التي وقعت فيها ، وقضى بمعاقبته رغم عدم توافر الركن المادي والمعنوي لجريمة التهديد المؤثمة بالمادة 327 من قانون العقوبات ، سيما وأن المجني عليهن قامتا بإرسال مقاطع الفيديو بإرادتهن ، كما دفع ببطلان الاعتراف المنسوب له لأنه وليد إكراه مادي ومعنوي ، وببطلان تفتيش الهاتف الشخصي لشقيق الطاعن لتجاوز القائم به الغرض المخصص بالإذن ، إلا أن الحكم رد على الدفعين بما لا يسوغ ، وأخيراً فإن المحكمة قضت بإلزامه بالدعوى المدنية رغم عدم إعلانه بها وسداد الرسم المقرر لها . مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها ، وأقام على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها مستمدة من أقوال شهود الإثبات وما ثبت بالتقرير الفني لإدارة مكافحة جرائم المعلومات . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون ، ويكون منعى الطاعن بقالة القصور غير سديد . لما كان ذلك ، وكانت جناية التهديد المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة 327 من قانون العقوبات تتوافر إذا وقع التهديد كتابة بارتكاب جريمة ضد النفس أو المال وكان التهديد مصحوباً بطلب أو تكليف بأمر ، وكان الحكم قد أورد بأسبابه قيام الطاعن بتهديد المجني عليهن عبر مواقع التواصل الاجتماعي وتمكن من خداعهن وتحصل منهن على صور ومقاطع مرئية في أوضاع مخلة بالحياء وهددهن بنشرها ، وإذ كان مصطلح الكتابة قد ورد في المادة 327 سالفة الذكر على سبيل البيان في صيغة عامة لتشمل كافة وسائل الكتابة المختلفة سواء كانت بالطرق التقليدية أو بإحدى الوسائل الإلكترونية الحديثة ، فإذا أثبت الحكم على الطاعن إرساله عبارات التهديد عن طريق الوسائط الإلكترونية الحديثة - وهي لوحة المفاتيح - بقصد إيقاع الخوف في نفس المجني عليهن لحملهن على أداء ما هو مطلوب ، فإنه يكون قد استظهر أركان جريمة التهديد كما هي معرفة به في القانون ، ويضحى منعى الطاعن في هذا الشأن على غير أساس . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة التهديد يتوافر متى ثبت للمحكمة أن الجاني ارتكب التهديد وهو يدرك أثره من حيث إيقاع الرعب في نفس المجني عليه ، وأنه يريد تحقيق ذلك الأثر بما قد يترتب عليه من أن يذعن راغماً إلى إجابة الطلب ، ولا يلزم التحدث استقلالاً عن هذا الركن ، بل يكفي أن يكون مفهوماً من عبارات الحكم وصراحة عبارات التهديد وظروف الواقعة كما أوردها ، ومن ثم يكون النعي بالقصور في هذا الشأن على غير أساس . لما كان ذلك ، وكانت المادة سالفة الذكر إذ لم توجب بصيغتها العامة أن تكون عبارات التهديد دالة بذاتها على أن الجاني سوف يقوم بارتكاب الجريمة إذا لم يُجب إلى طلبه ، بل يكفي أن يكون الجاني قد وجه التهديد كتابة إلى المجني عليه وهو يدرك أثره من حيث إيقاع الرعب في نفسه وأنه يريد تحقيق ذلك الأثر بما قد يترتب عليه أن يذعن المجني عليه راغماً إلى إجابة الطلب ، فإذا كانت المحكمة قد استخلصت من عبارات التهديد وظروف الواقعة وملابساتها أن الطاعن رمى إلى إثارة الرعب والفزع في نفس المجني عليهما وهو ما حملهما على إرسال صور ومقاطع الفيديو لهما في أوضاع مخله بالحياء والشرف بما يعدم إرادتهما حين أرسلا تلك الصور ومقاطع الفيديو ، ومن ثم يكون النعي في هذا الصدد في غير محله . لما كان ذلك ، وكان الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات ، ولها أن تأخذ به متى اطمأنت إلى صدقه ومطابقته للحقيقة والوقع ، كما أن لها أن تقدر عدم صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه انتزع منه بطريق الإكراه أو صدر منه على أثر إجراء باطل بغير معقب عليها ما دامت تقيم تقديرها على أسباب سائغة ، وكانت المحكمة قد خلصت في استدلال سائغ إلى سلامة الدليل المستمد من اعتراف الطاعن أمام النيابة لما ارتأته من مطابقته للحقيقة والواقع الذي أظهرته من باقي عناصر الدعوى وأدلتها ومن خلوه مما يشوبه وصدوره عن طواعية واختيار ، فإن ما يثيره الطاعن من مجادلة في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي في سلطة المحكمة في تقدير الأدلة مما لا يجوز الخوض فيه أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن بتجاوز الضابط للإذن واطرحه في قوله : ( وكان الثابت بالأوراق صدور إذناً من النيابة العامة بالتفتيش لمسكن المتحرى عنه شقيق المتهم - ذات مسكن المتهم - ونفاذاً لذلك الإذن توجه ضابط الواقعة إلى مسكن المأذون بتفتيشه وتقابل مع المتهم ووالدته وحال تفتيش المسكن عثر على هاتف محمول ماركة .... متصل بشبكة الإنترنت هوائياً عن طريق رواتر متصل بخط التليفون الأرضي رقم .... وبفحص الهاتف مبدئياً تبين أنه يفتح تلقائياً على الحساب محل الواقعة المسمى .... وأقر له المتهم بأنه خاص به وأنه هو منشئ ذلك الحساب وأدلى له ببيانات البريد الإلكتروني وكلمة المرور الخاصين به وعثر على المحادثات والصور والمقاطع المرئية المسجلة بمحل الواقعة فتم اصطحابه للقسم لتحرير محضر بالواقعة وكانت المحكمة تطمئن إلى شهادة ضابط الواقعة وصحة ما أدلى به ومن ثم يكون ما أتاه ضابط الواقعة من إجراءات تفتيش وضبط تمت وفقاً لصحيح القانون وفي حدود إذن النيابة العامة الصادر له ، ويضحى بالتالي الدليل المستمد من تلك الإجراءات صحيحاً ، وتعول عليه المحكمة كدليل صحيح في الدعوى مع باقي الأدلة فيها ، إذ أن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه الأمر الذي يضحى معه هذا الدفع في غير محله لقيامه على سند غير صحيح من الواقع والقانون والمحكمة تلتفت عنه ) . وكان الحكم قد رد عليه رداً كافياً ويستقيم به اطراحه ، وكان من المقرر أن الأمر الذي تصدره النيابة العامة بتفتيش شخص معين ومن قد يكون موجوداً معه وقت التفتيش على مظنة اشتراكه معه في الجريمة التي صدر أمر التفتيش من أجلها يكون صحيحاً في القانون ، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن الأمر الصادر من النيابة العامة بضبط وتفتيش شخص ومسكن المتحرى عنه شقيق الطاعن وهو ذات مسكن الأخير قد تضمن سريانه على من يتواجد معه بالمسكن ، فإن التفتيش الواقع تنفيذاً له يكون ولا مخالفة فيه للقانون ، ويكون أخذه بنتيجته صحيحاً ، ولا يصح الطعن عليه بأن ما تم فيه تجاوز للأمر الصادر لمأمور الضبط ، ما دام هو لم يقم بأي عمل إيجابي بقصد البحث عن جريمة أخرى غير التي صدر من أجلها الأمر ، فمن البداهة أن الإجراء المشروع لا يتولد عن تنفيذه في حدوده عمل باطل ، وكان ما أورده الحكم رداً على ما دفع به الطاعن من بطلان القبض والتفتيش كافياً وسائغاً في الرد ويتفق وصحيح القانون ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الوجه ينحل إلى جدل موضوعي لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه قد أثبت به أنه تم إعلان الطاعن بالدعوى المدنية في المواجهة ، وإذ كانت ورقة الحكم تعتبر متممة لمحضر الجلسة في شأن إثبات إجراءات المحاكمة ، وكان الأصل في الإجراءات أنها روعيت ، ومتى أثبت الحكم إعلان الطاعن بالدعوى المدنية في المواجهة فلا يجوز للطاعن أن يجحد ما أثبته الحكم من تمام هذا الإجراء إلا بالطعن بالتزوير وهو ما لم يفعله ، فإن النعي على الحكم بدعوى البطلان لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان عدم سداد رسم الدعوى المدنية - بفرض صحته - لا يتعلق بإجراءات المحاكمة من حيث صحتها أو بطلانها ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق