الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 28 يناير 2025

الطعن رقم 60 لسنة 41 ق دستورية عليا " دستورية " جلسة 4 / 1 / 2025

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الرابع من يناير سنة 2025م، الموافق الرابع من رجب سنة 1446ه.
برئاسة السيد المستشار/ بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: رجب عبد الحكيم سليم والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل وخالد أحمد رأفت دسوقي والدكتورة فاطمة محمد أحمد الرزاز ومحمد أيمن سعد الدين عباس نواب رئيس المحكمة

وحضور السيدة المستشار/ شيرين حافظ فرهود رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد/ عبد الرحمن حمدي محمود أمين السر

أصدرت الحكم الآتي
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 60 لسنة 41 قضائية دستورية

المقامة من
رئيس مجلس إدارة الجمعية التعاونية للإنشاء والتعمير بأسيوط
ضد
1- رئيس الجمهورية
2- رئيس مجلس النواب
3- رئيس مجلس الوزراء
4- رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة مياه الشرب والصرف الصحي بأسيوط والوادي الجديد
-----------------

" الإجراءات "
بتاريخ الخامس والعشرين من يوليه سنة 2019، أودعت الجمعية المدعية صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبة الحكم بعدم دستورية المادة (48) من القانون رقم 66 لسنة 1974 بشأن نقابة المهندسين.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم، أصليًّا: بعدم قبول الدعوى، واحتياطيًّا: برفضها.
كما قدمت الشركة المدعى عليها الرابعة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر جلسة 9/ 11/ 2024، وفيها قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم، مع التصريح للشركة المدعى عليها الرابعة بالاطلاع وتقديم مذكرات في أسبوعين، قدمت خلالهما مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
--------------

" المحكمة "
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل -على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق- في أن الجمعية المدعية أقامت أمام محكمة أسيوط الابتدائية الدعوى رقم 486 لسنة 2016 مدني كلي، ضد الشركة المدعى عليها الرابعة، طالبة الحكم بأحقيتها في استرداد مبلغ مقداره 170605 جنيهات، قيمة دمغات نقابتي المهندسين والمهن الفنية التطبيقية، خُصمت من مستحقاتها بالزيادة عما هو مقرر قانونًا، فضلًا عن فوائدها القانونية المستحقة على هذا المبلغ، وذلك عن تنفيذ أعمال مقاولات قامت بها الجمعية لصالح الشركة، تمثلت في عملية توريد وتركيب منظومة كلور كاملة لعمليات المياه بدائرة المحافظة، بموجب العقد المؤرخ 3/ 1/ 2009، وعملية مشروع الصرف الصحي بقرية بني إدريس  مركز القوصية، بموجب العقد المؤرخ 14/ 7/ 2010. وحال نظر الدعوى، دفعت الشركة المدعى عليها بانقضاء الدعوى بالتقادم. وبجلسة 31/ 10/ 2017، حكمت المحكمة: أولًا: برفض الدفع بتقادم الحق، ثانيًا: بإلزام الشركة المدعى عليها بأن ترد للجمعية المدعية مبلغ 155493 جنيهًا، ورفض ما عدا ذلك من طلبات. طعنت الشركة المدعى عليها الرابعة على الحكم أمام محكمة استئناف أسيوط بالاستئناف رقم 1973 لسنة 92 قضائية. وحال نظره، دفعت الجمعية بعدم دستورية المادة (48) من القانون رقم 66 لسنة 1974 بشأن نقابة المهندسين. وإذ قدرت المحكمة جدية هذا الدفع، وصرحت لها برفع الدعوى الدستورية؛ فقد أقامت الدعوى المعروضة.
وحيث إن المادة (48) من القانون رقم 66 لسنة 1974 بشأن نقابة المهندسين تنص على أنه يتقادم الحق في المطالبة برسم الدمغة المستحق طبقًا لأحكام المادة (46) لمضي خمس سنوات من يوم تقديم أو استعمال العقد أو الرسم أو الصورة أو المحرر الخاضع للرسم وينقطع هذا التقادم بالمطالبة بأداء الرسم بكتاب موصى عليه بعلم الوصول ويسقط الحق في استرداد الرسم المحصل بدون وجه حق بمضي سنة من يوم أدائه ولا يقبل طلب رد قيمة الطوابع الملصقة بأي حال من الأحوال.
وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة، وهي شرط لقبول الدعوى الدستورية، مناطها -على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة- أن يكون الحسم في المسألة الدستورية لازمًا للفصل في الطلبات الموضوعية المرتبطة بها، المطروحة على محكمة الموضوع. ومن المقرر أيضًا في قضاء هذه المحكمة أن نطاق الدعوى الدستورية يتحدد - في إطار الدفع بعدم الدستورية، وما قدرت المحكمة جديته وصرحت به - بما يحقق المصلحة الشخصية المباشرة في الدعوى؛ إذ إن هذه المحكمة تفصل في الخصومة الدستورية من جوانبها العملية وليس من معطياتها النظرية، فلا تفصل في غير المسائل الدستورية التي يؤثر الحكم فيها على النزاع الموضوعي. متى كان ذلك، وكان النزاع الموضوعي تدور رحاه حول طلب الجمعية المدعية الحكم بإلزام الشركة المدعى عليها الرابعة برد مبلغ مقداره 170605 جنيهات، قيمة دمغة نقابتي المهندسين والمهن الفنية التطبيقية، وقضت محكمة أول درجة بإلزام الشركة بأن ترد للجمعية مبلغًا مقداره 155493 جنيهًا. وإذ طعنت الشركة على ذلك الحكم، ودفعت بسقوط حق الجمعية في المطالبة باسترداد الرسم المحصل بدون وجه حق بمضي سنة من يوم أدائه، عملًا بحكم المادة (48) من القانون رقم 66 لسنة 1974 بشأن نقابة المهندسين؛ ومن ثم تتحقق للجمعية المدعية مصلحة شخصية ومباشرة في الطعن عليه بعدم الدستورية، ويتحدد نطاق الدعوى المعروضة فيما نص عليه عَجُز المادة (48) من القانون رقم 66 لسنة 1974 بشأن نقابة المهندسين، من عبارة ويسقط الحق في استرداد الرسم المحصل بدون وجه حق بمضي سنة من يوم أدائه دون سائر ما تضمنه النص من أحكام أخرى.
ولا ينال من ذلك ما دفعت به هيئة قضايا الدولة من عدم قبول الدعوى لانعدام المصلحة فيها من وجهين، أولهما: أن سداد رسم دمغة نقابة المهندسين وإن تم عن طريق الجمعية المدعية فإنها قد سددته من أموال الشركة المدعى عليها الرابعة باعتبارها صاحبة المشروع المنفذ في العقد، وأن الحق في الاسترداد يكون للشركة دون الجمعية؛ باعتبار الأخيرة هي المقاول المنفذ فقط، وثانيهما: أن صحيفة الاستئناف المقامة من الشركة قد خلت في طلباتها الختامية من تمسكها بالدفع بسقوط الحق في استرداد الرسم بالتقادم؛ فإن ذلك الدفع مردود في وجهه الأول بنص المادة (46) من القانون رقم 66 لسنة 1974 بشأن نقابة المهندسين الجاري على أنه .... ويتحمل الدمغة الطرف المسند إليه تنفيذ الأعمال أو التوريد...، وهي الجمعية المدعية وليست الشركة المدعى عليها الرابعة، ومردود في وجهه الثاني بأن الشركة المدعى عليها الرابعة قد شيدت صحيفة استئنافها رقم 1973 لسنة 92 قضائية، في سببه الأول المتعلق بالخطأ في تطبيق القانون على التمسك بسقوط الحق في استرداد الرسم المحصل بدون وجه حق بمضي سنة من يوم أدائه، على النحو المقرر بنص المادة (48) من القانون رقم 66 لسنة 1974 السالف الذكر، ولا محاجة في ذلك بما قضى به حكم محكمة أول درجة من رفض الدفع بتقادم الحق؛
إذ يظل الدفع مطروحًا على محكمة الاستئناف، وفق ما أوردته الشركة في صحيفة طعنها، على النحو المشار إليه، عملًا بقاعدة الأثر الناقل للاستئناف؛ مما يتعين معه الالتفات عن هذا الدفع بوجهيه.
ولا ينال من ذلك أيضًا القول بأن الشركة المدعى عليها الرابعة احتسبت قيمة الدمغات المستحقة على أساس قانوني سليم طبقًا للمادة (46) من القانون رقم 66 لسنة 1974 المار ذكره، مما ينفي أحقية الجمعية في استرداد تلك المبالغ، وأن الجمعية المدعية كان يتعين أن توجه الخصومة في دعواها الموضوعية ضد نقابة المهندسين وليس ضد الشركة المدعى عليها الرابعة، فذلك جميعه مردود بما استقر عليه قضاء المحكمة الدستورية العليا من أن لكلٍ من الدعويين الموضوعية والدستورية ذاتيتها ومقوماتها،
فلا تختلطان ببعضهما، ولا تتحدان في شرائط قبولهما، بل تستقل كل منهما عن الأخرى، سواء في موضوعهما، أو في مضمون الشروط المتطلبة قانونًا لقبولهما، فبينما تطرح أولاهما الحقوق المدعى بها -إثباتًا ونفيًا- وتفصل محكمة الموضوع في توافر شروطها، وتعرض لموضوعها، على ضوء ما تنتهي إليه هذه المحكمة في شأن دستورية النص المحال، فإن الدعوى الدستورية تتوخى الفصل في التعارض المدعى به بين نص تشريعي وقاعدة دستورية، وعلى ذلك فإن محكمة الموضوع هي التي تقضي دون غيرها في شروط قبول الدعوى المرددة أمامها، وصفات الخصوم فيها، وفقًا للأوضاع المقررة أمامها.
وحيث إن الجمعية المدعية تنعى على النص المطعون فيه - محددًا نطاقًا على النحو المتقدم - أنه مايز بين مدة تقادم حق نقابة المهندسين في المطالبة برسم الدمغة المستحق لها طبقًا للمادة (46) فجعلها خمس سنوات، في حين قصر مدة سقوط حق الملتزم بسداد ذلك الرسم في استرداده حال سداده بدون وجه حق على سنة، على الرغم من أن كلا الطرفين يجمعهما مركز قانوني واحد ناشئ عن حقهما في المطالبة بدين الرسم، باعتبار أن كليهما دائن به، مما يتعارض مع مبدأ المساواة المنصوص عليه في المادة (53) من الدستور.
وحيث إن ما نعت به الجمعية المدعية على النص المطعون فيه - محددًا نطاقًا على ما سلف بيانه - قد جاء سديدًا في جوهره؛ ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مبدأ المساواة يعد وسيلة لتقرير الحماية القانونية المتكافئة للحقوق والحريات المنصوص عليها في الدستور والقانون، ومن ثم فلا يجوز للمشرع عند إعماله لسلطته التقديرية في مجال تنظيم الحقوق أن يقيم تمييزًا غير مبرر تتنافر به المراكز القانونية التي تتماثل عناصرها ويتعين أن تنتظمها أسس موضوعية موحدة، لا تمييز فيها بين المؤهلين قانونًا للانتفاع بها، والتي يتكافأ أطرافها أمام القانون. لما كان ذلك، وكان المشرع قد أجرى بالنص المطعون فيه تفرقة بين مدة تقادم حق نقابة المهندسين في المطالبة برسم الدمغة المستحق لها طبقًا للمادة (46) منه المعدود من الضرائب العامة بجعلها خمس سنوات، في حين قصر مدة سقوط حق الملتزم به في استرداده حال سداده بدون وجه حق على سنة، وهى المدة التي تضمنها النص المطعون فيه، ومن ثم فإنه يكون قد أقام تمييزًا غير سائغ لنقابة المهندسين، بأن اختصها بمدة تقادم للحق في المطالبة بالرسم تزيد على المدة المقررة للملتزم بأدائه في استرداده، على الرغم من تكافؤ مركزهما القانوني، لكونهما دائنين بذات الفريضة المالية، مما يستوجب وحدة القاعدة القانونية التي ينبغي أن تنظمها في شأن سقوط الحق في المطالبة به، لتحقيق الحماية القانونية المتكافئة لكلا الطرفين، وذلك بالمخالفة لمبدأ المساواة المنصوص عليه في المادة (53) من الدستور.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم دستورية ما نص عليه عَجُز المادة (48) من القانون رقم 66 لسنة 1974 بشأن نقابة المهندسين، من أنه ويسقط الحق في استرداد الرسم المحصل بدون وجه حق بمضي سنة من يوم أدائه، وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق