جلسة 10 من ديسمبر سنة 2020
برئاسة السيد القاضي / عبد التواب أبو طالب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / صفوت أحمد عبد المجيد ، سامح حامد ، طارق سلامة ونبيل مسلم نواب رئيس المحكمة .
-------------------
(114)
الطعن رقم 5523 لسنة 88 القضائية
(1) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وإيراده على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة تؤدي لما رتبه عليها . لا قصور .
عدم رسم القانون شكلاً أو نمطاً لصياغة الحكم . كفاية أن يكون ما أورده مؤدياً إلى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها .
(2) إرهاب " إنشاء أو استخدام موقع إلكتروني بغرض الترويج لأفكار داعية لأعمال إرهابية " . جريمة " أركانها " . إثبات " بوجه عام " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
الركنان المادي والمعنوي لجريمة الترويج لأفكار ومعتقدات داعية إلى ارتكاب أعمال إرهابية المؤثمة بالمادة 29/1 من القانون 94 لسنة 2015 . مناط تحققهما ؟
العلم والإرادة في جريمة الترويج لأفكار ومعتقدات داعية إلى ارتكاب أعمال إرهابية . مسألة نفسية . للمحكمة تبينها من ظروف الدعوى وما توحي به ملابساتها . تحدثها عنها استقلالاً . غير لازم . ما دامت الوقائع تفيد بذاتها توافرها . عدم اشتراط طريقة خاصة لإثباتها . كفاية اقتناعها بوقوع الفعل المكون لها من أي دليل أو قرينة تقدم إليها .
مثال لتدليل سائغ على توافر الركنين المادي والمعنوي لجريمة الترويج لأفكار ومعتقدات داعية إلى ارتكاب أعمال إرهابية .
(3) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " . استدلالات . تفتيش " إذن التفتيش . إصداره " . مأمورو الضبط القضائي " سلطاتهم " .
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش . موضوعي .
تولي رجل الضبط القضائي بنفسه مراقبة المُتحرى عنهم أو معرفته السابقة بهم . غير لازم . له الاستعانة بمعاونيه من رجال السلطة العامة والمرشدين السريين ومن يتولون إبلاغه عما وقع من جرائم . حد ذلك ؟
عدم إفصاح رجل الضبط القضائي عن شخصية المرشد . لا يعيب الإجراءات .
لمحكمة الموضوع الأخذ بتحريات الأمن الوطني باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة .
(4) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . إثبات " بوجه عام " " شهود " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .
أخذ المحكمة بشهادة الشهود . مفاده ؟
المنازعة في القوة التدليلية لأقوال الشهود . جدل موضوعي . غير مقبول أمام محكمة النقض .
حسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة التي صحت لديه . تعقب المتهم في كل جزئية من جزئيات دفاعة . غير لازم . التفاته عنها . مفاده : اطراحها .
الجدل الموضوعي . غير جائز أمام محكمة النقض .
(5) محكمة الموضوع " سلطتها في تعديل وصف التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
عدم تقيد المحكمة بالوصف الذي تسبغه النيابة على الفعل المسند للمتهم . لها تمحيص الواقعة وتطبيقاً القانون عليها تطبيقاً صحيحاً . اقتصار التعديل الذي أجرته على استبعاد جريمة إنشاء الطاعن للموقع على وسائل شبكة المعلومات الدولية وقصر الإدانة على جريمة قيامه بإدارته . لا يقتضي تنبيه الدفاع . حد ذلك ؟
(6) دفوع " الدفع بنفي التهمة " " الدفع بعدم معقولية تصوير الواقعة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
الدفع بنفي التهمة وعدم معقولية تصوير الواقعة . موضوعي . لا يستوجب رداً . استفادته من القضاء بالإدانة استناداً لأدلة الثبوت التي عولت عليها المحكمة .
الجدل الموضوعي . غير جائز أمام محكمة النقض .
(7) إرهاب " إنشاء أو استخدام موقع إلكتروني بغرض الترويج لأفكار داعية لأعمال إرهابية " . ظروف مخففة . عقوبة " تطبيقها " . نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " . محكمة النقض " سلطتها " .
معاقبة الطاعن بالسجن المشدد ثلاث سنوات عن جريمة إدارة واستخدام موقع على شبكة التواصل الاجتماعي بغرض الترويج لأفكار داعية لأعمال إرهابية بعد إعمال المادة 17 عقوبات . خطأ في تطبيق القانون . لمحكمة النقض تصحيحه . علة وأساس ذلك ؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليهما ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، وبه يبرأ الحكم مما رماه به الطاعن من القصور في التسبيب ، ومن ثم كان هذا المنعى غير سديد .
2- لما كانت المادة 29 /1 من القانون رقم 94 لسنة 2015 بإصدار قانون مكافحة الإرهاب تنص على أن ( يُعاقب بالسجن المشدد مدة لا تقل عن خمس سنين ، كل من أنشأ أو استخدم موقعاً على شبكات الاتصالات أو شبكة المعلومات الدولية أو غيرها ، بغرض الترويج للأفكار أو المعتقدات الداعية إلى ارتكاب أعمال إرهابية ، أو لبث ما يهدف إلى تضليل السلطات الأمنية ، أو التأثير على سير العدالة في شأن أية جريمة إرهابية ، أو لتبادل الرسائل وإصدار التكليفات بين الجماعات الإرهابية أو المنتمين إليها ، أو المعلومات المتعلقة بأعمال أو تحركات الإرهابيين أو الجماعات الإرهابية في الداخل والخارج .... ) ، فيكفي لتحقق الركن المادي لجريمة الترويج للأفكار أو المعتقدات الداعية إلى ارتكاب أعمال إرهابية مجرد إنشاء أو استخدام موقع على شبكات الاتصالات أو شبكة المعلومات الدولية أو غيرها من وسائل الاتصال الحديثة بغرض الترويج للأفكار أو المعتقدات الداعية إلى ارتكاب أعمال إرهابية ، ويتحقق الركن المعنوي متى اتجهت إرادة المتهم من خلال ارتكاب تلك الأفعال إلى تكدير الأمن العام والترويج للأفكار أو المعتقدات الداعية إلى ارتكاب أعمال إرهابية ، والعلم والإرادة في تلك الجريمة مسألة نفسية لا تستفاد فقط من أقوال الشهود ، بل لمحكمة الموضوع أن تتبينها من ظروف الدعوى وبما توحي به ملابساتها ، ولا يشترط أن يتحدث عنها الحكم صراحة وعلى استقلال ، ما دامت الوقائع كما أثبتها – كما هو حاصل في الدعوى المطروحة – تفيد بذاتها توافرها ، ولا يشترط لإثبات هذه الجريمة طريقة خاصة غير طرق الاستدلال العامة ، بل يكفي كما هو الحال في سائر الجرائم بحسب الأصل أن تقتنع المحكمة بوقوع الفعل المكوّن لها من أي دليل أو قرينة تقدم إليها ، ولما كان ما قاله الحكم وأسنده إلى وقائع استخلصها استخلاصاً سائغاً من الأوراق ومما أورده من شهادة الضابط .... - مقدم شرطة بالإدارة العامة للتوثيق والمعلومات - التي تضمنت أنه نفاذاً لخطة العمل الموضوعة بالإدارة من مجابهة الجرائم المعلوماتية المستحدثة ومتابعة الأخبار على شبكة الإنترنت رصدت وحدة المتابعة العلنية أن القائم ومدير صفحة .... على موقع التواصل الاجتماعي - الفيس بوك - يقوم باستخدام ذلك الموقع بنشر مشاركات تتضمن التحريض على أعمال تخريبية بالدولة وأعمال الشغب التي تجري بالبلاد والدعوة للتظاهر والتي من شأنها خلخلة الأمن وتكدير صفوة الأمن العام وأنه - المدير- متصل بالإنترنت عن طريق جهاز حاسب آلي مرتبط بجهاز ADSL متصل بخط هاتف أرضي رقم .... والمسجل باسم الطاعن .... فقام بإجراء تحرياته السرية التي أسفرت على صحة ما تم رصده وأفرغ ما أسفرت عنه تحرياته في محضر عرضه على النيابة العامة التي أمرت بضبط وتفتيش شخص ومسكن وملحقات المسكن المُتحرى عنه لضبط ما يحوزوه أو يحرزه من حواسب آلية ثابتة أو محمولة ووحدات تخزين ثابتة أو محمولة أو أي أقراص ممغنطة أو فلاش میموري أو مطبوعات .... وأدوات تستخدم في هذه الجرائم ، ونفاذاً لذلك الإذن توجه لمسكن المأذون بضبطه وتفتيشه رفقة النقيب المهندس .... - الشاهد الثاني - وقوة من ضباط وأفراد وحدة مباحث القسم وبالطرق على باب المسكن فتح لهم الطاعن فأطلعه على إذن النيابة وبتفتيش المسكن عثر على عدد من الأوراق وأقر الطاعن بملكيته لخط الهاتف المستخدم علية النت ، كما عثر على جهاز راوتر أبيض اللون وجهاز حاسب آلي محمول ( لاب توب ) وكذا جهاز حاسب آلي ثابت وبفحص الأول - حاسب آلي محمول ( لاب توب ) - بمعرفة النقيب مهندس / .... تبين أن الطاعن هو المدير المسئول ( أدمن ) الصفحة المسماة .... ويقوم بنشر مشاركات تتضمن التحريض على الأعمال التخريبية بالدولة وأعمال الشغب التي تجري بالبلاد والدعوة للتظاهر ، كما تبين أنه المدير المسئول عن عدد ( 30 ) صفحة تحريضية أخرى .... بالإضافة لعدد ۱۰۲۰ جروب والتي تحتوي على عدد كبير تتبنى التحريض على أعمال التخريب والتظاهر ونشر المعلومات المغلوطة عن الدولة ، وبمواجهته بما أسفر عنه الضبط والفحص أقر بصحتها وانتمائه لجماعة الإخوان الإرهابية وأنه قام بإدارة تلك الصفحات لإظهار أن ما حدث في 30 يونيه هو انقلاب عسكري على حكم الإخوان وتشويه صورة الثورة أمام العالم ، وهو الأمر الذي أكده الشاهد .... - نقيب شرطة بالإدارة العامة للتوثيق والمعلومات - وأضاف أنه من خلال متابعته اليومية لشبكة المعلومات الدولية - الإنترنت - تبين وجود صفحة على الفيس بوك باسم .... قامت بنشر مشاركات تحريض ضد قوات الشرطة والجيش وتكدير الأمن العام وبالدخول إلى ذلك الموقع وتلك الصفحة لفحصها فنياً تبين أن القائمين عليها هم من يقومون بنشر تلك المشاركات فتواصل مع أحدهما تبين أنه يستخدم رقم تعريفي ( بصمة إلكترونية ) ....I P ، وبتتبع تلك البصمة تبين أنه صادر من جهاز حاسب آلي مرتبط بجهازADSL متصل بخط تليفون منزلي رقم .... مسجل باسم الطاعن .... وأفرغه في تقرير فني بناءً عليه صدر إذن النيابة للشاهد الأول بعد إجرائه التحريات ، ونفاذاً لذلك الإذن بضبط وتفتيش شخص ومسكن المُتحرى عنه .... – الطاعن - انتقل صحبته - الشاهد الأول المقدم .... - ومعهما قوة من أفراد الشرطة حيث تم ضبط عدد من الأوراق وأقر الطاعن بملكيته للخط التلفون الأرض رقم .... والنت الخاص به ، كما عثر على جهاز راوتر أبيض اللون وجهاز حاسب آلي محمول ( لاب توب ) وكذا جهاز حاسب آلي ثابت وبفحصهما فنياً تبين أن المتهم يدير ويستخدم عدد من الصفحات والتي تتضمن التحريض ضد قوات الشرطة والقوات المسلحة وتكدير السلم والأمن العام وأضاف أنه حرر تقرير فني عن ذلك وأرفق به ما قام الطاعن بنشره على تلك الصفحات من مواد تحريضية ، وقد أكد .... رائد شرطة بقطاع الأمن الوطني - أن تحرياته السرية اللاحقة على الواقعة أكدت مضمون ما شهد به سابقيه ، كما عول الحكم في التدليل على ما سبق بيانه على ما ثبت بتقارير الإدارة العامة للمعلومات والتوثيق والإدارة العامة لتكنولوجيا المعلومات من أن الطاعن هو المدير المسئول عن صفحة .... مستخدماً إياها بنشر مشاركات تتضمن مهاجمة لمؤسسات الدولة ومرفقاً بهم عدد من المطبوعات التي تم نشرها بمعرفته من الجهاز الخاص به ، كما عول علي إقرار الطاعن بتحقيقات النيابة العامة بملكيته لأجهزة الحاسب الآلي المضبوطة ، وهو ما يعد كافياً وتدليلاً سائغاً من الحكم على توافر الركنين المادي والمعنوي للجريمة سالفة البيان ، والتي كان لا يلزم الحكم التحدث صراحة عن كل ركن من أركانها وعناصرها تفصيلاً ، ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه - كالحال في الدعوى المطروحة - ، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص لا يكون له محل .
3- من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ، ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها أمر التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره - كما هو الشأن في الدعوى المطروحة - وأقرت النيابة العامة على تصرفها في شأن ذلك ، فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون ، وكان القانون لا يوجب حتماً أن يتولى رجل الضبط القضائي بنفسه التحريات والأبحاث التي يؤسس عليها الطلب بالإذن له بتفتيش الشخص أو أن يكون على معرفة شخصية سابقة به ، بل له أن يستعين فيما قد يجريه من تحريات وأبحاث أو ما يتخذه من وسائل التنقيب بمعاونيه من رجال السلطة العامة والمرشدين السريين أو من يتولون إبلاغه عما وقع بالفعل من جرائم ما دام أنه اقتنع شخصياً بما نقلوه إليه وبصدق ما تلقاه عنهم من معلومات ، وكان لا يعيب الإجراءات أن تبقى شخصية المرشد غير معروفة وألا يفصح عنها رجل الضبط القضائي الذي اختاره لمعاونته في مهمته ، كما أنه لا تثريب علي المحكمة إن هي أخذت بتحريات الأمن الوطني ضمن الأدلة التي استندت إليها - أقوال الضابط القائم بضبط الأجهزة وفحصها وما أثبته بتقرير الفحص وإقرار الطاعن لضابط الواقعة بارتكابها - باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة - كما هو الحال في الحكم المطعون عليه - ، فيكون كل ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص غير سديد .
4- من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها – كما هو الحال في الدعوى الراهنة - وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شاهد الإثبات النقيب / .... ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو مما تستقل به محكمة الموضوع ، وكان رمي الحكم بالفساد في الاستدلال لتعويله على أقوال الشهود بمقولة أنها ملفقة غير مقبول ، إذ هو في حقيقته أيضاً جدل موضوعي حول سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى واستنباط معتقدها منها وهو ما لا يجوز أمام محكمة النقض ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في القوة التدليلية لأقوال الشهود لا يكون له محل ، وكان حسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه ؛ لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ، فإن مناعي الطاعن في هذا الخصوص تنحل إلي جدل موضوعي حول سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوي واستنباط معتقدها منها وهو ما لا يجوز أمام محكمة النقض .
5- من المقرر أن محكمة الموضوع لا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند للمتهم ، وأن واجبها أن تمحص الواقعة المطروحة بجميع كيوفها وأوصافها وأن تطبق عليها نصوص القانون تطبيقاً صحيحاً ، ذلك أنها وهي تفصل في الدعوى لا تتقيد بالواقعة في نطاقها الضيق المرسوم في وصف التهمة المحالة عليها ، بل إنها مطالبة بالنظر في الواقعة الجنائية التي رفعت بها الدعوى على حقيقتها كما تبينتها من الأوراق ومن التحقيق الذي تجريه في الجلسة ، وكل ما تلتزم به هو ألا تعاقب المتهم عن واقعة غير التي وردت بأمر الإحالة أو طلب التكليف بالحضور ، وإذ كانت الواقعة المادية المبينة بأمر الإحالة والتي كانت مطروحة بالجلسة ودارت حولها المرافعة وهي ترويج واستخدام بطريقة غير مباشرة بالكتابة على شبكة المعلومات الدولية للأفكار والمعتقدات الداعية لاستخدام العنف وارتكاب أعمال إرهابية ، هي بذاتها التي اتخذها الحكم المطعون فيه أساساً للوصف الجديد الذي دان الطاعن به ، وكان مرد التعديل هو عدم قيام الدليل على إنشاء الطاعن للموقع على وسائل شبكة المعلومات الدولية وإنما قام بإدارته ، دون أن يتضمن إسناد واقعة مادية أو إضافة عناصر جديدة تختلف عن الأولى ، فإن الوصف الصحيح الذي نزلت إليه المحكمة في هذا النطاق حين اعتبرت أن ما قام به الطاعن هو إدارة الموقع لم يكن يستلزم تنبيه الدفاع ، ويكون منعى الطاعن في هذا الصدد غير سديد .
6- من المقرر أن نفي التهمة والدفع بعدم معقولية تصوير الواقعة من الدفوع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل رداً صريحاً من الحكم ما دام الرد مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى الأدلة التي عولت عليها المحكمة ، ومع ذلك فقد عرضت المحكمة لما أثاره دفاع الطاعن واطرحته تأسيساً على الأسباب السائغة التي أوردها الحكم ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها ، بما يفيد اطراحها الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها دون أن تكون ملزمة ببيان علة اطراحها ، ولا يجوز مجادلتها أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض .
7- لما كانت العقوبة المقررة لجريمتي إدارة واستخدام موقع على شبكة التواصل الاجتماعي (المعلومات الدولية) بغرض الترويج لأفكار داعية لأعمال إرهابية المار ذكرهما طبقاً للفقرة الأولى من المادة ۲۹ من القانون رقم 94 لسنة 2015 بإصدار قانون مكافحة الإرهاب هي السجن المشدد مدة لا تقل عن خمس سنوات ، وكانت المادة 17 من قانون العقوبات التي أعملها الحكم في حق الطاعن تبيح النزول بالسجن المشدد إلى عقوبة السجن أو الحبس الذي لا تقل مدته عن ستة أشهر ، وأنه وإن كان هذا النص يجعل النزول بالعقوبة المقررة للجريمة إلى الجريمة التي أباح النزول إليها جوازياً ، إلا أنه يتعين على المحكمة إذا ما رأت أخذ المتهم بالرأفة ومعاملته طبقاً للمادة 17 المشار إليها ألا توقع العقوبة إلا على الأساس الوارد في هذه المادة باعتبار أنها حلت بنص القانون محل العقوبة المنصوص عليها فيه للجريمة محل الاتهام . وإذ كان ذلك ، وكان الحكم قد أفصح عن معاملة الطاعن طبقاً للمادة 17 من قانون العقوبات وأوقع عليه عقوبة واحدة عن الجريمتين إعمالاً للمادة 32 من قانون العقوبات - السجن المشدد لمدة ثلاث سنوات - فإنه يكون قد خالف القانون ، إذ كان عليه أن ينزل بعقوبة السجن المشدد إلى عقوبة السجن أو الحبس الذي لا تقل مدته عن ستة أشهر ، مما يتعين معه تصحيحه باستبدال عقوبة السجن لمدة ثلاث سنوات بعقوبة السجن المشدد المقضي بها عليه ، ورفض الطعن فيما عدا ذلك .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه :
أولاً : روج بطريق غير مباشر بالكتابة على شبكة المعلومات الدولية للأفكار والمعتقدات الداعية لاستخدام العنف ، بأن أنشأ على موقع التواصل الاجتماعي ( فيس بوك ) صفحات عدة منها صفحات بأسماء : ( .... ، .... ، .... ، .... ، .... ) ودوَّن على أولها مشاركات تحض على مهاجمة مؤسسات الدولة تمهيداً لإسقاطها ، وذلك على النحو الثابت بتقرير الإدارة العامة للمعلومات والتوثيق وعلى النحو المبين بالتحقيقات .
ثانياً : استخدم موقعاً على شبكة المعلومات الدولية بغرض الترويج للأفكار والمعتقدات الداعية إلى ارتكاب أعمال إرهابية ، بأن أنشأ الصفحات المشار إليها ببند الاتهام السابق ودون على أولها مشاركات تحض على مهاجمة مؤسسات الدولة تمهيداً لإسقاطها ، وذلك على النحو الثابت بتقرير الإدارة العامة للمعلومات والتوثيق وعلى النحو المبين بالتحقيقات .
وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 2 ، 28/ 1-2 ، 29 /1 ، 37 ، 39 من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 94 لسنة 2015 الصادر بشأن مكافحة الإرهاب ، مع إعمال نص المادتين 17 ، 32 /1 من قانون العقوبات ، بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات عما أسند إليه ومصادرة المضبوطات ، وذلك بعد أن عدلت وصف التهمة الأولى إلى إدارة صفحات على موقع التواصل الاجتماع بدلاً من إنشائها .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي إدارة واستخدام موقع على شبكة التواصل الاجتماعي ( المعلومات الدولية ) بغرض الترويج لأفكار داعية لأعمال إرهابية ، قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، والإخلال بحق الدفاع ، ذلك أنه أفرغ في صورة مجملة شابها الغموض والإبهام ، وخلا من بيان الواقعة ولم يستظهر أركانها والأفعال التي ارتكبها الطاعن ومؤدى الأدلة التي عول عليها في إدانته ، واطرح بما لا يسوغ الدفع ببطلان إذن التفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية ، معولاً عليها رغم عدم صدقها وكونها لا تصلح دليلاً وحيداً للإدانة ، كما عول في إدانة الطاعن على أقوال النقيب / .... على الرغم من أنها لم تدنه ولم يبين كيف توصل إلى إدارة الطاعن للموقع على شبكة التواصل الاجتماعي ، والتفت عن أقوال الطاعن بالتحقيقات ولم يوردها ، كما عدلت المحكمة وصف التهمة دون تنبيه الطاعن ، ودانه الحكم رغم انتفاء صلته بالواقعة وعدم معقوليتها وتلفيقها ، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليهما ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، وبه يبرأ الحكم مما رماه به الطاعن من القصور في التسبيب ، ومن ثم كان هذا المنعى غير سديد . لما كان ذلك ، وكانت المادة 29/1 من القانون رقم 94 لسنة 2015 بإصدار قانون مكافحة الإرهاب تنص على أن ( يُعاقب بالسجن المشدد مدة لا تقل عن خمس سنين ، كل من أنشأ أو استخدم موقعاً على شبكات الاتصالات أو شبكة المعلومات الدولية أو غيرها ، بغرض الترويج للأفكار أو المعتقدات الداعية إلى ارتكاب أعمال إرهابية ، أو لبث ما يهدف إلى تضليل السلطات الأمنية ، أو التأثير على سير العدالة في شأن أية جريمة إرهابية ، أو لتبادل الرسائل وإصدار التكليفات بين الجماعات الإرهابية أو المنتمين إليها ، أو المعلومات المتعلقة بأعمال أو تحركات الإرهابيين أو الجماعات الإرهابية في الداخل والخارج .... ) ، فيكفي لتحقق الركن المادي لجريمة الترويج للأفكار أو المعتقدات الداعية إلى ارتكاب أعمال إرهابية مجرد إنشاء أو استخدام موقع على شبكات الاتصالات أو شبكة المعلومات الدولية أو غيرها من وسائل الاتصال الحديثة بغرض الترويج للأفكار أو المعتقدات الداعية إلى ارتكاب أعمال إرهابية ، ويتحقق الركن المعنوي متى اتجهت إرادة المتهم من خلال ارتكاب تلك الأفعال إلى تكدير الأمن العام والترويج للأفكار أو المعتقدات الداعية إلى ارتكاب أعمال إرهابية ، والعلم والإرادة في تلك الجريمة مسألة نفسية لا تستفاد فقط من أقوال الشهود ، بل لمحكمة الموضوع أن تتبينها من ظروف الدعوى وبما توحي به ملابساتها ، ولا يشترط أن يتحدث عنها الحكم صراحة وعلى استقلال ، ما دامت الوقائع كما أثبتها – كما هو حاصل في الدعوى المطروحة – تفيد بذاتها توافرها ، ولا يشترط لإثبات هذه الجريمة طريقة خاصة غير طرق الاستدلال العامة ، بل يكفي كما هو الحال في سائر الجرائم بحسب الأصل أن تقتنع المحكمة بوقوع الفعل المكوّن لها من أي دليل أو قرينة تقدم إليها ، ولما كان ما قاله الحكم وأسنده إلى وقائع استخلصها استخلاصاً سائغاً من الأوراق ومما أورده من شهادة الضابط .... - مقدم شرطة بالإدارة العامة للتوثيق والمعلومات - التي تضمنت أنه نفاذاً لخطة العمل الموضوعة بالإدارة من مجابهة الجرائم المعلوماتية المستحدثة ومتابعة الأخبار على شبكة الإنترنت رصدت وحدة المتابعة العلنية أن القائم ومدير صفحة .... على موقع التواصل الاجتماعي - الفيس بوك - يقوم باستخدام ذلك الموقع بنشر مشاركات تتضمن التحريض على أعمال تخريبية بالدولة وأعمال الشغب التي تجري بالبلاد والدعوة للتظاهر والتي من شأنها خلخلة الأمن وتكدير صفوة الأمن العام وأنه - المدير- متصل بالإنترنت عن طريق جهاز حاسب آلي مرتبط بجهاز ADSL متصل بخط هاتف أرضي رقم .... والمسجل باسم الطاعن .... فقام بإجراء تحرياته السرية التي أسفرت على صحة ما تم رصده وأفرغ ما أسفرت عنه تحرياته في محضر عرضه على النيابة العامة التي أمرت بضبط وتفتيش شخص ومسكن وملحقات المسكن المُتحرى عنه لضبط ما يحوزوه أو يحرزه من حواسب آلية ثابتة أو محمولة ووحدات تخزين ثابتة أو محمولة أو أي أقراص ممغنطة أو فلاش میموري أو مطبوعات .... وأدوات تستخدم في هذه الجرائم ، ونفاذاً لذلك الإذن توجه لمسكن المأذون بضبطه وتفتيشه رفقة النقيب المهندس .... - الشاهد الثاني - وقوة من ضباط وأفراد وحدة مباحث القسم وبالطرق على باب المسكن فتح لهم الطاعن فأطلعه على إذن النيابة وبتفتيش المسكن عثر على عدد من الأوراق وأقر الطاعن بملكيته لخط الهاتف المستخدم علية النت ، كما عثر على جهاز راوتر أبيض اللون وجهاز حاسب آلي محمول ( لاب توب ) وكذا جهاز حاسب آلي ثابت وبفحص الأول - حاسب آلي محمول ( لاب توب ) - بمعرفة النقيب مهندس / .... تبين أن الطاعن هو المدير المسئول ( أدمن ) الصفحة المسماة .... ويقوم بنشر مشاركات تتضمن التحريض على الأعمال التخريبية بالدولة وأعمال الشغب التي تجري بالبلاد والدعوة للتظاهر ، كما تبين أنه المدير المسئول عن عدد ( 30 ) صفحة تحريضية أخرى .... بالإضافة لعدد ۱۰۲۰ جروب والتي تحتوي على عدد كبير تتبنى التحريض على أعمال التخريب والتظاهر ونشر المعلومات المغلوطة عن الدولة ، وبمواجهته بما أسفر عنه الضبط والفحص أقر بصحتها وانتمائه لجماعة الإخوان الإرهابية وأنه قام بإدارة تلك الصفحات لإظهار أن ما حدث في 30 يونيه هو انقلاب عسكري على حكم الإخوان وتشويه صورة الثورة أمام العالم ، وهو الأمر الذي أكده الشاهد .... - نقيب شرطة بالإدارة العامة للتوثيق والمعلومات - وأضاف أنه من خلال متابعته اليومية لشبكة المعلومات الدولية - الإنترنت - تبين وجود صفحة على الفيس بوك باسم .... قامت بنشر مشاركات تحريض ضد قوات الشرطة والجيش وتكدير الأمن العام وبالدخول إلى ذلك الموقع وتلك الصفحة لفحصها فنياً تبين أن القائمين عليها هم من يقومون بنشر تلك المشاركات فتواصل مع أحدهما تبين أنه يستخدم رقم تعريفي ( بصمة إلكترونية ) ....I P ، وبتتبع تلك البصمة تبين أنه صادر من جهاز حاسب آلي مرتبط بجهازADSL متصل بخط تليفون منزلي رقم .... مسجل باسم الطاعن .... وأفرغه في تقرير فني بناءً عليه صدر إذن النيابة للشاهد الأول بعد إجرائه التحريات ، ونفاذاً لذلك الإذن بضبط وتفتيش شخص ومسكن المُتحرى عنه .... – الطاعن - انتقل صحبته - الشاهد الأول المقدم .... - ومعهما قوة من أفراد الشرطة حيث تم ضبط عدد من الأوراق وأقر الطاعن بملكيته للخط التلفون الأرض رقم .... والنت الخاص به ، كما عثر على جهاز راوتر أبيض اللون وجهاز حاسب آلي محمول ( لاب توب ) وكذا جهاز حاسب آلي ثابت وبفحصهما فنياً تبين أن المتهم يدير ويستخدم عدد من الصفحات والتي تتضمن التحريض ضد قوات الشرطة والقوات المسلحة وتكدير السلم والأمن العام وأضاف أنه حرر تقرير فني عن ذلك وأرفق به ما قام الطاعن بنشره على تلك الصفحات من مواد تحريضية ، وقد أكد .... رائد شرطة بقطاع الأمن الوطني - أن تحرياته السرية اللاحقة على الواقعة أكدت مضمون ما شهد به سابقيه ، كما عول الحكم في التدليل على ما سبق بيانه على ما ثبت بتقارير الإدارة العامة للمعلومات والتوثيق والإدارة العامة لتكنولوجيا المعلومات من أن الطاعن هو المدير المسئول عن صفحة .... مستخدماً إياها بنشر مشاركات تتضمن مهاجمة لمؤسسات الدولة ومرفقاً بهم عدد من المطبوعات التي تم نشرها بمعرفته من الجهاز الخاص به ، كما عول علي إقرار الطاعن بتحقيقات النيابة العامة بملكيته لأجهزة الحاسب الآلي المضبوطة ، وهو ما يعد كافياً وتدليلاً سائغاً من الحكم على توافر الركنين المادي والمعنوي للجريمة سالفة البيان ، والتي كان لا يلزم الحكم التحدث صراحة عن كل ركن من أركانها وعناصرها تفصيلاً ، ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه - كالحال في الدعوى المطروحة - ، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص لا يكون له محل . وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ، ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها أمر التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره - كما هو الشأن في الدعوى المطروحة - وأقرت النيابة العامة على تصرفها في شأن ذلك ، فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون ، وكان القانون لا يوجب حتماً أن يتولى رجل الضبط القضائي بنفسه التحريات والأبحاث التي يؤسس عليها الطلب بالإذن له بتفتيش الشخص أو أن يكون على معرفة شخصية سابقة به ، بل له أن يستعين فيما قد يجريه من تحريات وأبحاث أو ما يتخذه من وسائل التنقيب بمعاونيه من رجال السلطة العامة والمرشدين السريين أو من يتولون إبلاغه عما وقع بالفعل من جرائم ما دام أنه اقتنع شخصياً بما نقلوه إليه وبصدق ما تلقاه عنهم من معلومات ، وكان لا يعيب الإجراءات أن تبقى شخصية المرشد غير معروفة وألا يفصح عنها رجل الضبط القضائي الذي اختاره لمعاونته في مهمته ، كما أنه لا تثريب على المحكمة إن هي أخذت بتحريات الأمن الوطني ضمن الأدلة التي استندت إليها - أقوال الضابط القائم بضبط الأجهزة وفحصها وما أثبته بتقرير الفحص وإقرار الطاعن لضابط الواقعة بارتكابها - باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة - كما هو الحال في الحكم المطعون عليه - ، فيكون كل ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها – كما هو الحال في الدعوى الراهنة - وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شاهد الإثبات النقيب / .... ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو مما تستقل به محكمة الموضوع ، وكان رمي الحكم بالفساد في الاستدلال لتعويله على أقوال الشهود بمقولة أنها ملفقة غير مقبول ، إذ هو في حقيقته أيضاً جدل موضوعي حول سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى واستنباط معتقدها منها وهو ما لا يجوز أمام محكمة النقض ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في القوة التدليلية لأقوال الشهود لا يكون له محل ، وكان حسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه ؛ لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ، فإن مناعي الطاعن في هذا الخصوص تنحل إلي جدل موضوعي حول سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوي واستنباط معتقدها منها وهو ما لا يجوز أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن محكمة الموضوع لا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند للمتهم ، وأن واجبها أن تمحص الواقعة المطروحة بجميع كيوفها وأوصافها وأن تطبق عليها نصوص القانون تطبيقاً صحيحاً ، ذلك أنها وهي تفصل في الدعوى لا تتقيد بالواقعة في نطاقها الضيق المرسوم في وصف التهمة المحالة عليها ، بل إنها مطالبة بالنظر في الواقعة الجنائية التي رفعت بها الدعوى على حقيقتها كما تبينتها من الأوراق ومن التحقيق الذي تجريه في الجلسة ، وكل ما تلتزم به هو ألا تعاقب المتهم عن واقعة غير التي وردت بأمر الإحالة أو طلب التكليف بالحضور ، وإذ كانت الواقعة المادية المبينة بأمر الإحالة والتي كانت مطروحة بالجلسة ودارت حولها المرافعة وهي ترويج واستخدام بطريقة غير مباشرة بالكتابة على شبكة المعلومات الدولية للأفكار والمعتقدات الداعية لاستخدام العنف وارتكاب أعمال إرهابية ، هي بذاتها التي اتخذها الحكم المطعون فيه أساساً للوصف الجديد الذي دان الطاعن به ، وكان مرد التعديل هو عدم قيام الدليل على إنشاء الطاعن للموقع على وسائل شبكة المعلومات الدولية وإنما قام بإدارته ، دون أن يتضمن إسناد واقعة مادية أو إضافة عناصر جديدة تختلف عن الأولى ، فإن الوصف الصحيح الذي نزلت إليه المحكمة في هذا النطاق حين اعتبرت أن ما قام به الطاعن هو إدارة الموقع لم يكن يستلزم تنبيه الدفاع ، ويكون منعى الطاعن في هذا الصدد غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن نفي التهمة والدفع بعدم معقولية تصوير الواقعة من الدفوع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل رداً صريحاً من الحكم ما دام الرد مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى الأدلة التي عولت عليها المحكمة ، ومع ذلك فقد عرضت المحكمة لما أثاره دفاع الطاعن واطرحته تأسيساً على الأسباب السائغة التي أوردها الحكم ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها ، بما يفيد اطراحها الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها دون أن تكون ملزمة ببيان علة اطراحها ، ولا يجوز مجادلتها أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكانت العقوبة المقررة لجريمتي إدارة واستخدام موقع على شبكة التواصل الاجتماعي ( المعلومات الدولية ) بغرض الترويج لأفكار داعية لأعمال إرهابية المار ذكرهما طبقاً للفقرة الأولى من المادة ۲۹ من القانون رقم 94 لسنة 2015 بإصدار قانون مكافحة الإرهاب هي السجن المشدد مدة لا تقل عن خمس سنوات ، وكانت المادة 17 من قانون العقوبات التي أعملها الحكم في حق الطاعن تبيح النزول بالسجن المشدد إلى عقوبة السجن أو الحبس الذي لا تقل مدته عن ستة أشهر ، وأنه وإن كان هذا النص يجعل النزول بالعقوبة المقررة للجريمة إلى الجريمة التي أباح النزول إليها جوازياً ، إلا أنه يتعين على المحكمة إذا ما رأت أخذ المتهم بالرأفة ومعاملته طبقاً للمادة 17 المشار إليها ألا توقع العقوبة إلا على الأساس الوارد في هذه المادة باعتبار أنها حلت بنص القانون محل العقوبة المنصوص عليها فيه للجريمة محل الاتهام . وإذ كان ذلك ، وكان الحكم قد أفصح عن معاملة الطاعن طبقاً للمادة 17 من قانون العقوبات وأوقع عليه عقوبة واحدة عن الجريمتين إعمالاً للمادة 32 من قانون العقوبات - السجن المشدد لمدة ثلاث سنوات - فإنه يكون قد خالف القانون ، إذ كان عليه أن ينزل بعقوبة السجن المشدد إلى عقوبة السجن أو الحبس الذي لا تقل مدته عن ستة أشهر ، مما يتعين معه تصحيحه باستبدال عقوبة السجن لمدة ثلاث سنوات بعقوبة السجن المشدد المقضي بها عليه ، ورفض الطعن فيما عدا ذلك.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق