الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 26 يناير 2025

الطعن 202 لسنة 83 ق جلسة 28 / 11 / 2020 مكتب فني 71 ق 110 ص 1018

جلسة 28 من نوفمبر سنة 2020
برئاسة السيد القاضي / علي سليمان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / خالد الجندي ، أحمد كمال الخولي وعبد الهادي محمود نواب رئيس المحكمة وخالد سويلم .
---------------------
(110)
الطعن رقم 202 لسنة 83 القضائية
(1) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . استيلاء على أموال أميرية . تزوير " أوراق رسمية " . جريمة " أركانها " . قصد جنائي .
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة وإيراد مؤدى أدلة الثبوت في بيان واف . لا قصور .
جناية الاستيلاء على مال عام المنصوص عليها بالمادة 113 عقوبات . مناط تحققها ؟
القصد الجنائي في جريمة التزوير . مناط تحققه ؟
استخلاص القصد الجنائي في جريمة التزوير . موضوعي . تحدث الحكم عنه صراحة واستقلالاً . غير لازم . حد ذلك ؟
مثال لرد سائغ على الدفع بانتفاء أركان جريمة الاستيلاء على مال عام المرتبط بجريمتي تزوير محرر رسمي واستعماله .
(2) إثبات " بوجه عام " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه إيراد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم . تعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه . غير لازم . التفاته عنها . مفاده : اطراحها .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(3) أسباب الإباحة وموانع العقاب " طاعة الرئيس " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
طاعة الرئيس بمقتضى المادة 63 عقوبات . لا تمتد لارتكاب الجرائم . مؤدى ذلك ؟
نعي الطاعن ارتكابه الجريمة تنفيذاً لأوامر رؤسائه . غير مقبول . علة ذلك ؟
(4) استيلاء على أموال أميرية . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
نعي الطاعن بعدم وجود عجز في عهدته . غير مقبول . ما دام الحكم دانه بجريمة الاستيلاء على المال العام المرتبط بجريمتي التزوير واستعمال محررات مزورة وليس بجريمة الاختلاس .
(5) نقض " المصلحة في الطعن " .
نعي الطاعن بوجود متهمين آخرين . غير مجد . طالما أن اتهامهم لا يحول دون مساءلته عن الجريمة التي دين بها .
(6) محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . إثبات " شهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغاً .
وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .
عدم التزام المحكمة بسرد روايات الشاهد إذا تعددت . حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه . لها الأخذ بأقواله في أي مرحلة دون بيان العلة . حد ذلك ؟
تناقض الشهود أو تضاربهم في أقوالهم . لا يعيب الحكم . حد ذلك ؟
وجود خصومة بين الشهود والمتهم . لا يمنع المحكمة من الأخذ بأقوالهم . حد ذلك ؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(7) دفوع " الدفع بتلفيق التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
الدفع بتلفيق الاتهام وكيديته . موضوعي . لا يستوجب رداً صريحاً . استفادته من القضاء بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردها الحكم .
(8) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير آراء الخبراء " .
تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إليها من مطاعن . موضوعي . عدم التزام المحكمة بالرد على الطعون الموجهة إليها . حد ذلك ؟
(9) إثبات " بوجه عام " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
تساند الأدلة في المواد الجنائية . مؤداه ؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
مثال .
(10) حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
الخطأ في الإسناد الذي يعيب الحكم . ماهيته ؟
مثال لما لا يعد خطأ في الإسناد .
(11) رد . استيلاء على أموال أميرية . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
جزاء الرد . يدور مع موجبه من بقاء المال المختلس أو المستولى عليه في ذمة المتهم حتى الحكم عليه . قضاء الحكم بإلزام الطاعن برد المبلغ المستولى عليه الذي لم يقم بسداده . صحيح . أساس ذلك ؟
(12) ظروف مخففة . عزل . نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " . محكمة النقض " سلطتها " .
معاملة الطاعن بالرأفة ومعاقبته بالحبس مع الشغل لمدة سنة دون تأقيت عقوبة العزل . خطأ في تطبيق القانون . لمحكمة النقض تصحيحه . أساس ذلك ؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها ، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفع الطاعن بانتفاء الجريمة المسندة إليه بقوله : ( وحيث إنه من المقرر أنه يستلزم لقيام جريمة الاستيلاء على المال العام أن يكون المال المستولى عليه مالاً مملوكاً للدولة وهو ما يكون كله أو بعضه مملوكاً لإحدى الجهات الواردة على سبيل الحصر بالمادة ۱۱۹ من قانون العقوبات أو خاضعاً لإشرافها أو إدارتها وهو ما يتوافر في المال المستولى عليه إذ إن ذلك المال مملوك لبنك .... وهو من الوحدات الاقتصادية والمؤسسات ذات النفع العام ، كما أنه يستلزم أيضاً أن يكون القائم بالاستيلاء هو موظفاً عاماً وأن يكون الاستيلاء بغير حق وبنية التملك وهو ما يتوافر في حق المتهم لكونه موظفاً ببنك .... فهو بهذه الصفة يتقلد وظيفة عمومية تدخله في عداد الموظفين العموميين وأن ما استولى عليه من مال أدخله في ذمته المالية واستحوذ عليه وهو ما تبينت منه المحكمة أن الاستيلاء على ذلك المال كان بنية التملك ، الأمر الذي تتوافر معه أركان جريمة الاستيلاء على المال العام في حق المتهم ، وقد ارتبطت هذه الجريمة بجريمتي تزوير واستعمال محررات مزورة بأن سلك المتهم طريق تزوير طلبات القروض وأذون الصرف ونسبها زوراً لأشخاص متعاملين مع البنك الذي يعمل فيه وتمكن بتلك الوسيلة من الاستيلاء على أموال البنك وجاءت الجريمتان مرتبطتان ببعضهما ارتباطاً لا يقبل التجزئة ) . لما كان ذلك ، وكانت الأركان القانونية لجناية الاستيلاء على مال عام المنصوص عليها بالمادة ۱۱۳ من قانون العقوبات يكفي لتحققها أن يستولي الموظف العام أو من في حكمه على مال الدولة أو غيرها من الجهات المنصوص عليها بالمادة ۱۱۹ من هذا القانون بانتزاعه منها خلسة أو حيلة أو عنوة بنية تملكه وتضييع المال على ربه ، وكان القصد الجنائي في جريمة التزوير يتحقق متى تعمد الجاني تغيير الحقيقة في المحرر مع انتواء استعماله في الغرض الذي من أجله غيرت الحقيقة فيه ، واستخلاص هذا القصد من المسائل المتعلقة بوقائع الدعوى التي تفصل فيها محكمة الموضوع في ضوء الظروف المطروحة فيها وليس بلازم أن يتحدث الحكم عنه صراحة وعلى استقلال ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه وهو ما وفره الحكم المطعون فيه ، وإذ كان البين مما سطره الحكم المطعون فيه فيما تقدم أنه بين كافة العناصر القانونية للجريمة التي دين الطاعن بها ، فإنه ينحسر عنه دعوى القصور في التسبيب ، ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الصدد في غير محله .
2- لما كان بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ، ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ، فإن ما يثيره الطاعن في شأن عدم إبلاغ جهة عمله بالواقعة لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
3- من المقرر أن طاعة الرئيس بمقتضى المادة 63 من قانون العقوبات لا تمتد بأي حال إلى ارتكاب الجرائم ، وأنه ليس على المرؤوس أن يطيع الأمر الصادر له من رئيسه بارتكاب فعل يعلم أن القانون يعاقب عليه ، وكان فعل التزوير الذي أسند إلى الطاعن ودانته المحكمة به هو عمل غير مشروع ونية الإجرام فيه واضحة ، فإنه لا يشفع للطاعن فيما يدعيه من عدم مسئوليته عن هذا الفعل لارتكابه انصياعاً لرغبة رؤسائه في العمل ، إذ إن ذلك لا يجديه لأنه لا يوثر فيما انتهى إليه الحكم من إدانته عنه ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون في غير محله .
4- لما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه دان الطاعن بجريمة الاستيلاء على المال العام المرتبط بجريمتي التزوير واستعمال محررات مزورة المنصوص عليها بالمادة 113 /1 ، 2 من قانون العقوبات وليس بجريمة اختلاس مال عام وجد في حيازته المنصوص عليها في المادة 112/1 ، 2 من قانون العقوبات ، فإن ما يثيره الطاعن بشأن عدم وجود عجز في عهدته لا يكون متعلقاً بالحكم المطعون فيه ولا متصلاً به ، ويضحى منعاه في هذا الصدد غير مقبول .
5- لما كان لا يجدي الطاعن ما يثيره من وجود متهمين آخرين في الدعوى طالما أن اتهامهم لم يكن ليحول دون مساءلته عن الجريمة التي دين بها .
6- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة محكمة النقض ، وكان من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بسرد روايات الشاهد إذا تعددت وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به ، بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه ، ولها في ذلك أن تأخذ بأقواله في أية مرحلة من مراحل التحقيق أو المحاكمة دون بيان العلة في ذلك ودون أن تلتزم بتحديد موضع الدليل من أوراق الدعوى ما دام له أصل فيها ، وكان التناقض في أقوال الشهود أو تضاربهم في أقوالهم - بفرض حصوله - لا يعيب الحكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً لا تناقض فيه - كما هو الشأن في الدعوى الماثلة - ، وأن وجود خصومة قائمة بين الشهود وبين المتهم لا يمنع المحكمة من الأخذ بأقوالهم ما دامت قد أفصحت عن اطمئنانها إلى شهادتهم وأنها كانت على بينة من الظروف التي أحاطت بها ، ذلك أن تقدير قوة الدليل من سلطة محكمة الموضوع ، وإذ كانت المحكمة في هذه الدعوى قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرتها في شأنه أمام محكمة النقض .
7- من المقرر أن الدفع بتلفيق الاتهام وكيديته من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل من المحكمة رداً صريحاً ما دام الرد يستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى الأدلة السائغة التي أوردتها ، ومن ثم يضحى ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا محل له .
8- لما كان الأصل أن تقدير آراء الخبراء والمفاضلة بين تقاريرهم والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات ومطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتلك التقارير شأنها في ذلك شأن سائر الأدلة لتعلق الأمر بسلطتها في تقدير الدليل ، وأنها لا تلتزم بالرد على الطعون الموجهة إلى تقارير الخبراء ما دامت قد أخذت بما جاء بها ؛ لأن مؤدى ذلك أنها لم تجد في تلك الطعون ما يستحق التفاتها إليه ، وأن تقرير الخبير دليل كسائر الأدلة من حق المحكمة أن تجزئه فتأخذ بما تطمئن إليه منه وتطرح ما عداه ما دام غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون سديداً .
9- من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة ، بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، وكان الحكم المطعون فيه قد خلص في منطق سائغ وتدليل مقبول من جماع الأدلة التي ساقها إلى ثبوت الواقعة المسندة إلى الطاعن وأن المبلغ المستولى عليه هو 114,311,19 جنيه ، فإن ما يثيره الأخير في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير محكمة الموضوع للأدلة القائمة في الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
10- من المقرر أن الخطأ في الإسناد الذي يعيب الحكم هو الذي يقع فيما هو مؤثر في عقيدة المحكمة التي خلصت إليها ، فلا يقدح في سلامة الحكم الخطأ في الإسناد فيما خرج عن سياق استدلاله وجوهر تسبيبه ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن – بفرض صحته – عن خطأ الحكم فيما أورده من أن المجني عليهم قاموا بسداد جزء من المبالغ المستولى عليها كرهاً عنهم بينما الثابت بالأوراق أن السداد كان طواعية منهم لا يعيب الحكم ولا ينال من صحته ، إذ ليس له من أثر في جوهر الواقعة التي اقتنعت بها المحكمة ، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد .
11- لما كانت المادة ۱۱۸ من قانون العقوبات نصت على أنه : ( فضلاً عن العقوبات المقررة للجرائم المذكورة في المواد ۱۱۲ ، ۱۱۳ فقرة أولى وثانية ورابعة ، ۱۱۳ مكرراً فقرة أولى ، 114 ، 115 ، 116 ، 116 مكرراً ، ۱۱۷ فقرة أولى يعزل الجاني من وظيفته أو تزول صفته ، كما يحكم عليه في الجرائم المذكورة في المواد ۱۱۲ ، ۱۱۳ فقرة أولى وثانية ورابعة ، ۱۱۳ مكرراً فقرة أولى ، 114 ، 115 بالرد وبغرامة مساوية لقيمة ما اختلسه أو استولى عليه أو حصله أو طلبه من مال أو منفعة على ألا تقل عن خمسمائة جنيه ) . لما كان ذلك ، وكان جزاء الرد يدور مع موجبه من بقاء المال المختلس أو المستولى عليه في ذمة المتهم حتى الحكم عليه ، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه نفسه أن الطاعن لم يقم بسداد ما استولى عليه من مال - وهو ما لا يماري فيه الطاعن - فإن الحكم إذ قضى بإلزام الطاعن برد المبلغ الذي استولى عليه وقدره 114,311,19 جنيه يكون قد أصاب صحيح القانون ، ومن ثم فإن النعي على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون في هذا الصدد لا يكون له محل .
12- لما كان الحكم المطعون فيه قد عامل المحكوم عليه بالرأفة إعمالاً للمادة 17 من قانون العقوبات وعاقبه بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة دون أن يؤقت عقوبة العزل المقضي بها عليه اتباعاً لحكم المادة ۲۷ من ذات القانون ، فإنه يكون أيضاً قد أخطأً في تطبيق القانون خطأ يوجب تصحيحه بتوقيت عقوبة العزل وجعلها لمدة سنتين عملاً بالحق المخوَّل لمحكمة النقض - بالفقرة الثانية من المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض رقم 57 لسنة 1959 - إذا تعلق الأمر بمخالفة القانون ولو لم يحدد هذا الوجه في أسباب الطعن ، ورفض الطعن فيما عدا ذلك .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائـع
اتهمت النيابة العامة كلاً من : 1- .... " الطاعن " . ۲- .... بأنهما :
المتهم الأول :- بصفته موظفاً عاماً " مندوب بنك .... بقرية .... " استولى بغير حق وبنية التملك على أموال لجهة عمله قدرها مائة وستة وثلاثون ألف وسبعة جنيهات وكان ذلك حيلة بأن صرف تسعة وستون قرضاً بإجمالي المبلغ سالف الذكر باسم تسعة وثلاثون عميلاً المبينة أسمائهم بالأوراق دون علمهم وبتزوير توقيعاتهم ، وقد ارتبطت هذه الجريمة بجريمتي تزوير واستعمال محرر مزور ارتباطاً لا يقبل التجزئة ذلك أنه في ذات الزمان والمكان سالفي الذكر ارتكب تزويراً في محررات لبنك .... هي طلبات الحصول على القروض وصرفها وكان ذلك بوضع إمضاءات مزورة بأن وقع بالإمضاء وببصمة الإصبع على مستندات الحصول على القروض آنفة البيان ومستندات صرفها بتوقيعات وبصمات نسبها زوراً للعملاء السالف ذكرهم واستعمل هذه المحررات المزورة فيما زورت من أجله بأن قدمها إلى جهة عمله محتجاً بما دون بها .
المتهم الثاني :- بصفته موظفاً عاماً " صراف خزينة ببنك .... بقرية .... " اشترك مع المتهم الأول بطريق المساعدة في ارتكاب الجريمة المبينة بوصف التهمة الأولى بأن مكنه من التوقيع على مستندات صرف القروض المبينة آنفاً باسم العملاء السالف ذكرهم وصرف له قيمتها بالمخالفة لنظام العمل وتعليمات البنك فتمت الجريمة بناءً على هذه المساعدة على النحو المبين بالتحقيقات.
وأحالتهما إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
وادعى الأستاذ / .... المحامي – بصفته وكيلاً عن المجني عليه – بنك .... مدنياً بمبلغ 136307 جنيه على سبيل التعويض المدني .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً للأول وغيابياً للثاني عملاً بالمواد 113 /1-2 ، ۱۱8 ، ۱۱۹/ ز ، 119 مكرر/ه من قانون العقوبات ، مع إعمال نص المادة 17 من ذات القانون ، أولاً : بالنسبة للمتهم الأول بمعاقبة .... بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة عما نسب إليه وإلزامه برد مبلغ مائة وستة وثلاثون وثلاثمائة وسبعة جنيه وبتغريمه ذات المبلغ وألزمته بالمصروفات ، ثانياً : وبالنسبة للمتهم الثاني .... بانقضاء الدعوى الجنائية بالوفاة .
فطعن كل من المحكوم عليه والنيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض ، ومحكمة النقض قضت بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة جنايات .... للفصل فيها مجدداً من هيئة أخرى .
ومحكمة الإعادة - بهيئة مغايرة – قضت حضورياً عملاً بالمواد 113 /1-2 ، ۱۱8 ، ۱۱۹/ ز ، 119 مكرراً /ه من قانون العقوبات ، مع إعمال نص المادة 17 من ذات القانون ، بمعاقبة .... بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة عما أسند إليه وبتغريمه مبلغ 114,311,19جنيه " مائة وأربعة عشر ألفاً وثلاثمائة وأحد عشر جنيه وتسعة عشر قرش " وبإلزامه برد مبلغ مساوٍ للغرامة المقضي بها وبعزله من وظيفته وألزمته المصاريف الجنائية .
فطعن الأستاذ / .... المحامي – بصفته وكيلاً عن المحكوم عليه - في هذا الحكم بطريق النقض - للمرة الثانية - .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الاستيلاء بغير حق على مال عام المرتبط بجريمتي تزوير واستعمال محررات مزورة ، قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، والإخلال بحق الدفاع ، والخطأ في الإسناد ، والخطأ في تطبيق القانون ؛ ذلك بأنه اطرح بما لا يسوغ دفعه بانتفاء أركان الجريمة المسندة إليه بدلالة عدم إبلاغ جهة عمله بالواقعة وأن وضع بصمته على الأوراق كان تنفيذاً لأوامر رؤسائه ولعدم وجود عجز في عهدته ، فضلاً عن مشاركة جميع موظفي البنك في إجراءات سحب القروض والسلف الزراعية بما يستوجب إدخالهم كمتهمين في الدعوى ، وعول في قضائه بالإدانة على أقوال شهود الإثبات رغم عدم معقولية تصويرهم للواقعة وتعدد رواياتهم في مراحل الدعوى المختلفة وتناقض أقوالهم بشأن قيمة المبالغ المستولى عليها ، ووجود خصومة بين بعضهم والطاعن بما يدل على تلفيق الاتهام وكيديته ، والتفت عن دفاعه بتناقض تقارير مكتب الخبراء واللجنة المشكلة من النيابة العامة وتقرير البنك بشأن قيمة المبلغ المستولى عليه ، وانتهى إلى أن الطاعن استولى على مبلغ 114,311,19 جنيه رغم عدم ورود ذلك في أي تقرير ، وأورد أن المجني عليهم قاموا بسداد جزء من هذا المبلغ كرهاً عنهم رغم أن الثابت بالأوراق أن السداد تم طواعية منهم ، وألزمه برد كامل المبلغ ملتفتاً عن هذا السداد وعن المستندات المقدمة من البنك والتي تفيد ذلك ، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها ، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفع الطاعن بانتفاء الجريمة المسندة إليه بقوله : ( وحيث إنه من المقرر أنه يستلزم لقيام جريمة الاستيلاء على المال العام أن يكون المال المستولى عليه مالاً مملوكاً للدولة وهو ما يكون كله أو بعضه مملوكاً لإحدى الجهات الواردة على سبيل الحصر بالمادة ۱۱۹ من قانون العقوبات أو خاضعاً لإشرافها أو إدارتها وهو ما يتوافر في المال المستولى عليه إذ إن ذلك المال مملوك لبنك .... وهو من الوحدات الاقتصادية والمؤسسات ذات النفع العام ، كما أنه يستلزم أيضاً أن يكون القائم بالاستيلاء هو موظفاً عاماً وأن يكون الاستيلاء بغير حق وبنية التملك وهو ما يتوافر في حق المتهم لكونه موظفاً ببنك .... فهو بهذه الصفة يتقلد وظيفة عمومية تدخله في عداد الموظفين العموميين وأن ما استولى عليه من مال أدخله في ذمته المالية واستحوذ عليه وهو ما تبينت منه المحكمة أن الاستيلاء على ذلك المال كان بنية التملك ، الأمر الذي تتوافر معه أركان جريمة الاستيلاء على المال العام في حق المتهم ، وقد ارتبطت هذه الجريمة بجريمتي تزوير واستعمال محررات مزورة بأن سلك المتهم طريق تزوير طلبات القروض وأذون الصرف ونسبها زوراً لأشخاص متعاملين مع البنك الذي يعمل فيه وتمكن بتلك الوسيلة من الاستيلاء على أموال البنك وجاءت الجريمتان مرتبطتان ببعضهما ارتباطاً لا يقبل التجزئة ) . لما كان ذلك ، وكانت الأركان القانونية لجناية الاستيلاء على مال عام المنصوص عليها بالمادة ۱۱۳ من قانون العقوبات يكفي لتحققها أن يستولي الموظف العام أو من في حكمه على مال الدولة أو غيرها من الجهات المنصوص عليها بالمادة ۱۱۹ من هذا القانون بانتزاعه منها خلسة أو حيلة أو عنوة بنية تملكه وتضييع المال على ربه ، وكان القصد الجنائي في جريمة التزوير يتحقق متى تعمد الجاني تغيير الحقيقة في المحرر مع انتواء استعماله في الغرض الذي من أجله غيرت الحقيقة فيه ، واستخلاص هذا القصد من المسائل المتعلقة بوقائع الدعوى التي تفصل فيها محكمة الموضوع في ضوء الظروف المطروحة فيها وليس بلازم أن يتحدث الحكم عنه صراحة وعلى استقلال ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه وهو ما وفره الحكم المطعون فيه ، وإذ كان البين مما سطره الحكم المطعون فيه فيما تقدم أنه بين كافة العناصر القانونية للجريمة التي دين الطاعن بها ، فإنه ينحسر عنه دعوى القصور في التسبيب ، ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الصدد في غير محله . لما كان ذلك ، وكان بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ، ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ، فإن ما يثيره الطاعن في شأن عدم إبلاغ جهة عمله بالواقعة لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن طاعة الرئيس بمقتضى المادة 63 من قانون العقوبات لا تمتد بأي حال إلى ارتكاب الجرائم ، وأنه ليس على المرؤوس أن يطيع الأمر الصادر له من رئيسه بارتكاب فعل يعلم أن القانون يعاقب عليه ، وكان فعل التزوير الذي أسند إلى الطاعن ودانته المحكمة به هو عمل غير مشروع ونية الإجرام فيه واضحة ، فإنه لا يشفع للطاعن فيما يدعيه من عدم مسئوليته عن هذا الفعل لارتكابه انصياعاً لرغبة رؤسائه في العمل ، إذ إن ذلك لا يجديه لأنه لا يوثر فيما انتهى إليه الحكم من إدانته عنه ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه دان الطاعن بجريمة الاستيلاء على المال العام المرتبط بجريمتي التزوير واستعمال محررات مزورة المنصوص عليها بالمادة 113/1 ، 2 من قانون العقوبات وليس بجريمة اختلاس مال عام وجد في حيازته المنصوص عليها في المادة 112/1 ، 2 من قانون العقوبات ، فإن ما يثيره الطاعن بشأن عدم وجود عجز في عهدته لا يكون متعلقاً بالحكم المطعون فيه ولا متصلاً به ، ويضحى منعاه في هذا الصدد غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان لا يجدي الطاعن ما يثيره من وجود متهمين آخرين في الدعوى طالما أن اتهامهم لم يكن ليحول دون مساءلته عن الجريمة التي دين بها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة محكمة النقض ، وكان من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بسرد روايات الشاهد إذا تعددت وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به ، بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه ، ولها في ذلك أن تأخذ بأقواله في أية مرحلة من مراحل التحقيق أو المحاكمة دون بيان العلة في ذلك ودون أن تلتزم بتحديد موضع الدليل من أوراق الدعوى ما دام له أصل فيها ، وكان التناقض في أقوال الشهود أو تضاربهم في أقوالهم - بفرض حصوله - لا يعيب الحكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً لا تناقض فيه - كما هو الشأن في الدعوى الماثلة - وأن وجود خصومة قائمة بين الشهود وبين المتهم لا يمنع المحكمة من الأخذ بأقوالهم ما دامت قد أفصحت عن اطمئنانها إلى شهادتهم وأنها كانت على بينة من الظروف التي أحاطت بها ، ذلك أن تقدير قوة الدليل من سلطة محكمة الموضوع ، وإذ كانت المحكمة في هذه الدعوى قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرتها في شأنه أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الدفع بتلفيق الاتهام وكيديته من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل من المحكمة رداً صريحاً ما دام الرد يستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى الأدلة السائغة التي أوردتها ، ومن ثم يضحى ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا محل له . لما كان ذلك ، وكان الأصل أن تقدير آراء الخبراء والمفاضلة بين تقاريرهم والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات ومطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتلك التقارير شأنها في ذلك شأن سائر الأدلة لتعلق الأمر بسلطتها في تقدير الدليل ، وأنها لا تلتزم بالرد على الطعون الموجهة إلى تقارير الخبراء ما دامت قد أخذت بما جاء بها ؛ لأن مؤدى ذلك أنها لم تجد في تلك الطعون ما يستحق التفاتها إليه ، وأن تقرير الخبير دليل كسائر الأدلة من حق المحكمة أن تجزئه فتأخذ بما تطمئن إليه منه وتطرح ما عداه ما دام غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون سديداً . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة ، بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، وكان الحكم المطعون فيه قد خلص في منطق سائغ وتدليل مقبول من جماع الأدلة التي ساقها إلى ثبوت الواقعة المسندة إلى الطاعن وأن المبلغ المستولى عليه هو 114,311,19 جنيه ، فإن ما يثيره الأخير في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير محكمة الموضوع للأدلة القائمة في الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الخطأ في الإسناد الذي يعيب الحكم هو الذي يقع فيما هو مؤثر في عقيدة المحكمة التي خلصت إليها ، فلا يقدح في سلامة الحكم الخطأ في الإسناد فيما خرج عن سياق استدلاله وجوهر تسبيبه ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن – بفرض صحته – عن خطأ الحكم فيما أورده من أن المجني عليهم قاموا بسداد جزء من المبالغ المستولى عليها كرهاً عنهم بينما الثابت بالأوراق أن السداد كان طواعية منهم لا يعيب الحكم ولا ينال من صحته ، إذ ليس له من أثر في جوهر الواقعة التي اقتنعت بها المحكمة ، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكانت المادة ۱۱۸ من قانون العقوبات نصت على أنه : ( فضلاً عن العقوبات المقررة للجرائم المذكورة في المواد ۱۱۲ ، ۱۱۳ فقرة أولى وثانية ورابعة ، ۱۱۳ مكرراً فقرة أولى ، 114 ، 115 ، 116 ، 116 مكرراً ، ۱۱۷ فقرة أولى يعزل الجاني من وظيفته أو تزول صفته ، كما يحكم عليه في الجرائم المذكورة في المواد ۱۱۲ ، ۱۱۳ فقرة أولى وثانية ورابعة ، ۱۱۳ مكرراً فقرة أولى ، 114 ، 115 بالرد وبغرامة مساوية لقيمة ما اختلسه أو استولى عليه أو حصله أو طلبه من مال أو منفعة على ألا تقل عن خمسمائة جنيه ) . لما كان ذلك ، وكان جزاء الرد يدور مع موجبه من بقاء المال المختلس أو المستولى عليه في ذمة المتهم حتى الحكم عليه ، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه نفسه أن الطاعن لم يقم بسداد ما استولى عليه من مال - وهو ما لا يماري فيه الطاعن - فإن الحكم إذ قضى بإلزام الطاعن برد المبلغ الذي استولى عليه وقدره 114,311,19 جنيه يكون قد أصاب صحيح القانون ، ومن ثم فإن النعي على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون في هذا الصدد لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عامل المحكوم عليه بالرأفة إعمالاً للمادة 17 من قانون العقوبات وعاقبه بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة دون أن يؤقت عقوبة العزل المقضي بها عليه اتباعاً لحكم المادة ۲۷ من ذات القانون ، فإنه يكون أيضاً قد أخطأ في تطبيق القانون خطأً يوجب تصحيحه بتوقيت عقوبة العزل وجعلها لمدة سنتين عملاً بالحق المخول لمحكمة النقض - بالفقرة الثانية من المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض رقم 57 لسنة 1959 - إذا تعلق الأمر بمخالفة القانون ولو لم يحدد هذا الوجه في أسباب الطعن ، ورفض الطعن فيما عدا ذلك .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق