الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 26 يناير 2025

الطعن 4391 لسنة 40 ق جلسة 30 / 12 / 1995 إدارية عليا مكتب فني 41 ج 1 ق 24 ص 209

جلسة 30 من ديسمبر سنة 1995

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ محمد جودت أحمد الملط - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: محمد مجدي محمد خليل، وعبد المنعم أحمد عبد الرحمن حسين، والسيد محمد العوضي، ومحمود سامي الجوادي - نواب رئيس مجلس الدولة.

----------------

(24)

الطعن رقم 4391 لسنة 40 القضائية

عاملون مدنيون - الندب - طبيعته وشروطه.
المادة 12، المادة 56 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة رقم 47 لسنة 1978.
إن المشرع في قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الذي يقوم على الأساس الموضوعي قد اعتد بأربع طرق لشغل الوظيفة العامة منها الندب، وهو قيام العامل بعمل وظيفة أخرى من نفس وظيفته أو تعلوها مباشرة في نفس الوحدة التي يعمل بها أو في وحدة أخرى إذا كانت حاجة العمل في الوظيفة الأصلية تسمح بذلك - الندب أمر تترخص فيه الجهة الإدارية بما لها من سلطة تقديرية وهو مؤقت بطبيعته لا يقوم على القرار والاستقرار، إلا أنه يتعين على الجهة الإدارية عند استعمال سلطتها التقديرية في هذا الشأن ألا تنحرف بها وتسئ استعمالها وأن تتم ممارستها لهذه السلطة في الحدود والأوضاع التي رسمها القانون - عند ندب العامل إلي وظيفة تعلو وظيفته مباشرة يتعين أن يتوافر في العامل المنتدب وجه أفضلية له على أقرانه ممن هم في نفس مستواه الوظيفي بمراعاة أن الندب يعد شغلاً فعلياً للوظيفة التي انتدب إليها العامل ويتمتع العامل المنتدب بسائر امتيازات وسلطات هذه الوظيفة، ولا يجوز شغل الوظيفة الأعلى مباشرة إلا من هو أقدم ما دامت قد توافرت فيه اشتراطات شغلها من ناحية والكفاءة من ناحية أخرى وهذا يجد حده الطبيعي في رقابة المشروعية لأعمال الجهة الإدارية حتى يسود حكم القانون وتتحقق الطمأنينة الإدارية في علاقتها بعمالها عند إدارتها للمرفق العام القائمة عليه لتسييره بانتظام واضطراد. تطبيق.


إجراءات الطعن

إنه في يوم الخميس الموافق 8/ 9/ 1994 أودع الأستاذ/.... المحامي نائباً عن الأستاذ/.... المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 4391 لسنة 40 ق. ع في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة التسويات والجزاءات) بجلسة 8/ 8/ 1994 في الدعوى رقم 5885 لسنة 47 ق والقاضي أولاً: بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة للمدعى عليه الثاني، ثانياً: بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً وإلزام المدعي المصروفات.
وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بقبوله شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً بإلغاء القرار رقم 70 لسنة 1993 فيما تضمنه من تخطي الطاعن في الندب لوظيفة مدير مستشفى رمد قلاوون وبأحقيته في الندب لهذه الوظيفة وما يترتب على ذلك من آثار وبأحقيته في التعويض لجبر الضرر الناتج عن ذلك التخطي مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات والأتعاب عن درجتي التقاضي.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الطعن ارتأت للأسباب الواردة به الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بإلغاء القرار رقم 70 لسنة 1993 فيما تضمنه من تخطي الطاعن في الندب لوظيفة مدير مستشفى رمد قلاوون وما يترتب على ذلك من آثار وبأحقيته في التعويض لجبر الأضرار التي لحقت به من جراء القرار المشار إليه مع إلزام الجهة الإدارية المطعون ضدها المصروفات عن درجتي التقاضي.
وبتاريخ 11/ 9/ 1994 أعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضدهما بصفتهما وتحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 13/ 3/ 1995 وما تلاها من جلسات وفيها مثل طرفي الخصومة وبجلسة 12/ 6/ 1995 قررت إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا - الدائرة الثانية - موضوع وحددت لنظره أمامها جلسة 29/ 7/ 1995 ونظر الطعن على النحو المبين بمحاضر الجلسات وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى سائر أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل حسبما يبين من الاطلاع على الأوراق في أنه بتاريخ 8/ 6/ 1993 أقام/.... الدعوى رقم 5885 لسنة 41 ق أمام محكمة القضاء الإداري "دائرة التسويات والجزاءات" ضد محافظ القاهرة بصفته ووكيل أول وزارة الصحة لمحافظة القاهرة بصفته طلب فيها الحكم بقبول الدعوى شكلاً وبصفة مستعجلة وقف تنفيذ قرار مدير مديرية الشئون الصحية بالقاهرة رقم 70 لسنة 1993 المؤرخ 7/ 2/ 1993 فيما تضمنه من تكليف زميله/..... بالقيام بأعمال مدير مستشفى رمد قلاوون وذلك لحين الفصل في الموضوع - والحكم في موضوع الدعوى أولاً: بإلغاء القرار المطعون فيه بأحقيته في الندب للقيام بأعمال مدير مستشفى رمد قلاوون مع ما يترتب على ذلك من آثار، ثانياً: إلزام المدعى عليهما بصفتيهما فيما بينهما بأن يؤديا له التعويض المناسب عما لحقه من أضرار عن تخطيه مرتين في شغل وظيفة مدير المستشفى بموجب القرارين رقمي 54 لسنة 1991 و70 لسنة 1993 مع إلزام الجهة الإدارية بالمصروفات والأتعاب. وقال المدعي شرحاً لدعواه أنه عين بوزارة الصحة في 1/ 4/ 1964 وحاصل على دبلوم الدراسات العليا في طب وجراحة العيون ودبلوم الدراسات العليا في الجراحة العامة ودبلوم الدراسات العليا في إدارة الخدمات الصحية والمستشفيات من أكاديمية السادات للعلوم الإدارية وشهادة إعداد القادة الإداريين للترقية لوظائف مديري العموم من الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة وكذلك شهادة الدكتوراه في طب جراحة العيون في إبريل سنة 1980 وقد تدرج بالترقية في الوظائف حتى رقي للدرجة الأولى في 26/ 5/ 1988 وبتاريخ 31/ 1/ 1991 صدر قرار مديرية الشئون الصحية بالقاهرة بتكليف زميله/..... بالقيام بأعمال مدير مستشفى رمد قلاوون اعتباراً من 4/ 2/ 1991 تاريخ إحالة المدير السابق للمعاش ولأنه أقدم من زميله المذكور في شغل الدرجة الأولى ويزيد عليه في الخبرة العلمية والعملية تجعله أحق في الندب إلى الوظيفة المشار إليها لذلك أقام الدعوى رقم 5446 لسنة 45 ق بطلب إلغائه فقضى له فيها بجلسة 23/ 11/ 1993 بإلغاء القرار رقم 54 لسنة 1991 وما يترتب على ذلك من آثار وقام المدعي بإعلان الصورة التنفيذية لهذا الحكم إلى الجهة الإدارية باعتباره قد أنشأ له الحق في شغل وظيفة مدير مستشفى رمد قلاوون إلا أنها بدلاً من أن تقوم بتنفيذ مقتضى ذلك الحكم أهدرته وأصدرت القرار رقم 70 لسنة 1993 في 7/ 2/ 1993 المطعون فيه بتكليف زميله/..... للقيام بأعمال مدير مستشفى رمد قلاوون رغم أنه أحدث منه وأقل منه خبرة علمية وعملية وتظلم من هذا القرار في 18/ 3/ 1993 إلا أنه لم يتلق رداًَ فأقام دعواه الماثلة للحكم له بالطلبات المشار إليها.
وردت الجهة الإدارية على الدعوى بأنها تنفيذاً للحكم الصادر في الدعوى رقم 5446 لسنة 45 ق قامت بإلغاء القرار رقم 54 لسنة 1991 واستعادت حقها المطلق في اختيار أفضل العناصر للقيام بأعمال مدير مستشفى رمد قلاوون في مجال المفاضلة بين المدعي وبين زميله/...... تبين أن الأخير كان يتولى بكفاءة علمية وعملية وظيفة وكيل مستشفى رمد روض الفرج وذلك قبل نقله لمستشفى رمد قلاوون بعكس المدعي الذي ثبت عدم قدرته على تحمل العمل بالوظائف القيادية حيث صدر القرار رقم 330 في 26/ 6/ 1990 باعتباره وكيلاً فنياً لمستشفى رمد قلاوون ولعدم كفائته ألغي هذا القرار بعد ثلاثة أشهر فقط كما أن العمليات التي أجراها زميله المذكور تفوق كثيراً عدد العمليات التي قام بها المدعي أو أشرف عليها بالإضافة إلى أن زميله المذكور قدرت كفايته عام 1991 بمرتبة ممتاز ولم توقع عليه ثمة جزاءات في حين أن درجة كفاية المدعي قدرت عام 1991 بمرتبة جيد وجوزي بخصم خمسة أيام من مرتبه بالقرار رقم 142 لسنة 1992.
وقامت محكمة القضاء الإداري "دائرة التسويات والجزاءات" بنظر الدعوى على النحو المبين بمحاضر جلساتها وبجلسة 8/ 8/ 1994 أصدرت حكمها المشار إليها محل الطعن الماثل وشيدت قضاءها بعد استعراض نص المادة (56) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقاهرة رقم 47 لسنة 1978 التي تجيز للسلطة المختصة ندب العامل للقيام مؤقتاً بمهام وظيفة أخرى من نفس وظيفته أو وظيفة تعلوها مباشرة سواءً نفس الوحدة التي يعمل بها أو وحدة أخرى إذا كانت حاجة العمل في الوظيفة الأصلية تسمح بذلك.
وأضافت المحكمة أن الندب ليس حقاً للعامل ولا يسوغ إبراره إذا كان العامل منتدباً لوظيفة أخرى وبناءً عليه ولما كان الثابت في الأوراق أن المدعي قد ندب للعمل بالمجلس الطبي العام بالقاهرة لمدة ثلاثة شهور بالقرار رقم 263 لسنة 1990 الصادر في 24/ 5/ 1990 ثم ندب لمدة عام اعتباراً من 10/ 8/ 1992 أي أن المدعي وقت صدور القرار رقم 70 لسنة 1993 في 7/ 2/ 1993 المطعون فيه كان منتدباً إلى المجلس الطبي العام بالقاهرة وبالتالي لا يسوغ قانوناً ندبه إلى وظيفة أخرى في ذات الوقت الذي كان منتدباً فيه إلى المجلس الطبي العام بالقاهرة ولم يطلب المدعي إلغاء ذلك الندب وبذلك يكون الطعن على القرار رقم 70 لسنة 1993 على غير أساس من القانون خليقاً بالرفض، كما أضافت المحكمة بالنسبة لطلب التعويض عن القرارين رقمي 45 لسنة 1991، 70 لسنة 1993 بالنسبة للقرار الأول وقد قضى بإلغائه بموجب الحكم الصادر في الدعوى رقم 5446 لسنة 45 ق الصادر بجلسة 23/ 11/ 1992 وبذلك يكون القرار قد صدر بالمخالفة لأحكام القانون إلا أن المدعي لم يبين عناصر الضرر الذي لحق به من جراء هذا القرار وبالتالي يتخلف أحد شروط المطالبة بالتعويض عن ذلك القرار بما يجعل طلب التعويض عنه غير قائم على سند صحيح من الواقع والقانون متعين رفضه وبالنسبة لطلب التعويض عن القرار رقم 70 لسنة 1993 وقد انتهت المحكمة إلى رفض طلب إلغائه لصدوره صحيحاً وبذلك يتخلف ركن الخطأ أحد أركان المسئولية بالتعويض مما يتعين معه القضاء برفض طلب التعويض عنه.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله كما صدر مشوباً بالفساد في الاستدلال وأخل بحق الدفاع كما تناقضت أسبابه مع منطوقه ذلك أن القرار رقم 70 لسنة 70 لسنة 1993 صدر تنفيذاًً للحكم الصادر لصالح المدعي في الدعوى رقم 5446 لسنة 45 ق بإلغاء القرار رقم 54 لسنة 1991 المشار إليه وعليه فإن الحكم المطعون فيه لم يتعرض لمشروعية القرار رقم 70 لسنة 1993 لما شابه من بطلان حيث إنه غير محدد المدة بما يخالف طبيعة الندب ويعتبر في حكم الترقية بما يتعين إعمال شروط شغلها كما أنه اتخذ من ندب الطاعن إلى وظيفة أخرى سبباً للتوصل إلى رفض الدعوى وكان يجب الحكم بعدم قبول الدعوى لانتفاء المصلحة ليمكن للطاعن رفع الدعوى الجديدة إذ عادت له مصلحة بعد ذلك والطاعن بعدم ندبه للوظيفة الأعلى بالقرار رقم 70 لسنة 1993 حرم من امتيازاتها وبدلاتها رغم أحقيته في الندب إليها والقاعدة المستقرة أن الضرر يشمل ما لحق المضرور من خسارة وما فاته من كسب وهذا هو الضرر المادي فضلاً عن الضرر الأدبي والآلام النفسية التي تتمثل في ندب الأحدث إلى وظيفة أعلى وما يترتب عليه أن يكون الأحدث رئيساً للطاعن الأقدم حيث يتحكم في تقاريره وكافة أموره الوظيفية.
وأثناء نظر الطعن قدم الطاعن بجلسة 8/ 5/ 1995 فحص الطعون "حافظة مستندات طويت على صورة ضوئية للحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا "الدائرة الرابعة" بجلسة 8/ 4/ 1995 في الطعن رقم 1623 لسنة 40 ق. ع المقام من "المدعي" ضد محافظ القاهرة والقاضي بإلغاء قرار مجازاة الطاعن بخصم خمسة أيام من مرتبه وما يترتب على ذلك من آثار وبذات جلسة الفحص قدم الحاضر عن الجهة الإدارية المطعون ضدها مذكرة دفاع خلصت إلى طلب الحكم برفض الطعن بشقيه وبجلسة 29/ 7/ 1995 "مرافعة" قدم المدعي "الطاعن" حافظة مستندات طويت على صورة ضوئية للحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري "دائرة الترقيات" بجلسة 22/ 6/ 1995 في الدعوى رقم 7945 لسنة 47 ق التي كان قد أقامها المدعي - الطاعن - ضد محافظ القاهرة بصفته وآخر والقاضي بإلغاء تقرير كفايته عن عام 1991 فيما تضمنه من تقدير كفايته بمرتبة جيد وما يترتب على ذلك من آثار ورفض ما عدا ذلك من الطلبات.
ومن حيث إن المادة (12) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 تنص على أن "يكون شغل الوظائف عن طريق التعيين أو الترقية أو النقل أو الندب بمراعاة استيفاء الاشتراطات اللازمة".
كما تنص المادة (56) منه على أن "يجوز بقرار من السلطة المختصة ندب العامل للقيام بعمل وظيفة أخرى من نفس وظيفته أو تعلوها مباشرة في نفس الوحدة التي يعمل بها أو في وحدة أخرى إذا كانت حاجة العمل في الوظيفة الأصلية تسمح بذلك وتنظم اللائحة التنفيذية القواعد الخاصة بالندب" والمستفاد من النصين المتقدمين أن المشرع في قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الذي يقوم على الأساس الموضوعي قد اعتد بأربع طرق لشغل الوظيفة العامة منها الندب، وهو قيام العامل بعمل وظيفة أخرى من نفس وظيفته أو تعلوها مباشرة في نفس الوحدة التي يعمل بها أو في وحدة أخرى إذا كانت حاجة العمل في الوظيفة الأصلية تسمح بذلك، والندب أمر تترخص فيه الجهة الإدارية بما لها من سلطة تقديرية وهو مؤقت بطبيعته لا يقوم على القرار والاستقرار، إلا أنه يتعين على الجهة الإدارية عند استعمال سلطتها التقديرية في هذا الشأن ألا تنحرف بها وتسئ استعمالها وأن تتم ممارستها لهذه السلطة في الحدود والأوضاع التي رسمها القانون.
ومن حيث إنه عند ندب العامل إلى وظيفة تعلو وظيفته مباشرة يتعين أن يتوافر في العامل المنتدب وجه أفضلية له على أقرانه ممن هم في نفس مستواه الوظيفي بمراعاة أن الندب يعد شغلاً فعلياً للوظيفة التي انتدب إليها العامل ويتمتع العامل المنتدب بسائر امتيازات وسلطات هذه الوظيفة، ولا يجوز شغل الوظيفة الأعلى مباشرة إلا ممن هو أقدم ما دامت قد توافرت فيه اشتراطات شغلها من ناحية والكفاءة من ناحية أخرى وهذا يجد حده الطبيعي في رقابة المشروعية لأعمال الجهة الإدارية حتى يسود حكم القانون وتتحقق الطمأنينة الإدارية في علاقاتها بعمالها عند إدارتها للمرفق العام القائمة عليه لتسييره بانتظام واضطراد.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن الجهة الإدارية - المطعون ضدها - كانت قد أصدرت القرار رقم 54 لسنة 1991 في 31/ 1/ 1991 بتكليف الطبيب/..... زميل الطاعن للقيام بأعمال مدير مستشفى رمد قلاوون اعتباراً من 4/ 2/ 1991 تاريخ إحالة مديرها للمعاش مما ألجأ الطاعن إلى القضاء بإضافته الدعوى رقم 5446 لسنة 45 ق أمام محكمة القضاء الإداري "دائرة الجزاءات" ضد الجهة الإدارية "محافظ القاهرة بصفته وآخرين" طالباً إلغاء القرار رقم 54 لسنة 1991 لمخالفة هذا القرار للقانون فضلاً عن أنه أقدم من زميله المذكور في شغل الدرجة الأولى ويزيد عليه في الخبرة العلمية والعملية وهو ما لم تجحده الجهة الإدارية مما يجعله أحق في شغل وظيفة مدير مستشفى رمد قلاوون ندباً وبجلسة 23/ 11/ 1992 قضت المحكمة بإلغاء القرار رقم 54 لسنة 1991 مع ما يترتب على ذلك من آثار، غير أن الجهة الإدارية لم تقدم بتنفيذ الحكم تنفيذاً صحيحاً كاملاً مراعية ما جاء في منطوقه وما ارتبط بهذا المنطوق من أسباب جوهرية إذ لا معنى لإلغاء الجهة الإدارية قراراً تثبت مخالفته القانون ثم العودة من جديد إلى مخالفة القانون وارتكاب ذات المخالفة معبرة عن اللدد في الخصومة وهو ما يجب أن تتنزه عنه الجهة الإدارية.
ومن حيث إنه في خصوص القرار رقم 70 لسنة 1993 الصادر في 7/ 2/ 1993 مثار الخصومة في الطعن الماثل فالثابت في الأوراق أن الجهة الإدارية المطعون ضدها أصدرت هذا القرار ونصت مادته الأولى على "إلغاء القرار رقم 54 لسنة 1991 الصادر بتاريخ 31/ 1/ 1991 فيما تضمنه من تكليف الدكتور/.... بالدرجة الثانية التخصصية بالقيام بأعمال مدير مستشفى رمد قلاوون بمنطقة وسط القاهرة الطبية اعتباراً من 4/ 2/ 1991 واعتباره كأن لم يكن "كما نصت مادته الثانية على نقل المذكور/..... بالدرجة الأولى بمجموعة الوظائف التخصصية (المجموعة النوعية لوظائف الطب البشري) من مستشفى رمد روض الفرج بمنطقة الساحل الطبية للعمل بمنطقة وسط القاهرة الطبية مستشفى رمد قلاوون وتكليفه للقيام بأعمال مدير مستشفى". ومن ثم تكون الجهة الإدارية المطعون ضدها قد اتجهت نيتها بإصدارها القرار رقم 70 لسنة 1993 في 7/ 2/ 1993 إلى ندب الدكتور/..... إلى الوظيفة الأعلى مدير مستشفى رمد قلاوون.
ومن حيث إن الثابت في الأوراق أن الطاعن عين بوظيفة طبيب اعتباراً من 1/ 4/ 1961 ورقي إلى وظيفة أخصائي رمد بمستشفى قلاوون في 3/ 8/ 1966 وحصل على دبلوم طب وجراحة العين دور مايو سنة 1967 ودبلوم الجراحة العامة دون إبريل سنة 1968 ودرجة الدكتوراه في طب وجراحة العين سنة 1980 وبتاريخ 24/ 1/ 1988 أصدر مدير مستشفى رمد قلاوون أمراً مكتبياً أن يقوم الطاعن بعمل مدير المستشفى في حالة غيابه، كما صدر قرار مدير عام منطقة وسط القاهرة الطبية رقم 330 في 26/ 6/ 1990 بتعيين الطاعن وكيلاً فنياً لمستشفى رمد قلاوون، كما شارك بنجاح في برنامج القادة الإداريين بالجهاز المركزي للتنظيم والإدارة "لإعداد القيادات للترقية لوظائف مديري العموم في الفترة من 27/ 4/ 1991 حتى 23/ 5/ 1991، كما حصل على دبلوم الدراسات العليا في إدارة الخدمات الصحية والمستشفيات" مدته سنتان "من المعهد القومي للإدارة العليا بأكاديمية السادات للعلوم الإدارية في 16/ 2/ 1992 بتقدير عام جيد جداً، كما قدم الطاعن شهادة صادرة من نقابة أطباء مصر تفيد أن قيد استشاري عيون اعتباراً من 10/ 2/ 1994 تحت رقم 968 كما قد كشف تعريف صادر من منطقة وسط القاهرة الطبية" إدارة شئون العاملين ملفات تضمن تقاريره عن الأعوام 1987، 1988، 1990 بدرجة ممتاز كما طويت حافظة المستندات المقدمة من الطاعن إبان تحضير الطعن أمام هيئة مفوضي الدولة بجلسة 7/ 3/ 1994 علاوة على ما تقدم أنه أنتدب للتدريس بكلية الطب جامعة قناة السويس والعمل بمستشفى الإسماعيلية لمدة يومين في الأسبوع وإلقائه محاضرات عن الدراسات الرمدية التي تنظمها الإدارة العامة لطب العيون بوزارة الصحة بمستشفى رمد روض الفرج بينما الثابت في حق الطبيب/..... أنه عين طبيب رمد اعتباراً من 1/ 9/ 1967 ورقي للدرجة الأولى في 13/ 12/ 1990 وليس في الأوراق ما يفيد حصوله على مؤهلات أو دراسات أعلى من المؤهل المعين بمقتضاه سوى حصوله على دبلوم الدراسات العليا في إدارة المستشفيات في 13/ 7/ 1993 وهو تاريخ لاحق لصدور القرار رقم 70 لسنة 1993 في 7/ 2/ 1993 وعليه يبين من عقد المقارنة بين الطاعن الدكتور/..... وزميله الطبيب/..... المنتدب بالقرار رقم 70 لسنة 1993 المشار إليه مدير المستشفى رمد قلاوون يبين أن الطاعن هو الأقدم والأعلى تأهيلاً من الناحية العلمية والأكثر خبرة من زميله المذكور وبالنظر إلى أن الجهة الإدارية المطعون ضدها وهي مكلفة أولاً وأخيراً بتحقيق المصلحة العامة أو خير الجماعة قد انحرفت بسلطتها وأساءت استعمالها بإصدارها القرار رقم 70 لسنة 1993 في 7/ 2/ 1993 مما يتعين القضاء بإلغائه فيما تضمنه من ندب الطبيب/..... للقيام بأعمال مدير مستشفى رمد قلاوون ولا وجه لما ارتكنت إليه الجهة الإدارية عند إصدارها بالقرار رقم 70 لسنة 1993 المشار إليه من التهوين من كفاءة الطاعن بالقول بمجازاته بخصم خمسة أيام من راتبه لخروجه على مقتضيات واجب الوظيفة وحصوله على تقدير كفاية عام 1991 بمرتبة جيد وكان ذلك إبان قيام زميله الطبيب/..... بأعمال مدير مستشفى رمد قلاوون ندباً بموجب القرار رقم 54 لسنة 1991 المشار إليه المقضي بإلغائه حسبما سلف ذكره وهو بجانب ما تقدم يكشف بجلاء عن مدى تعنت الجهة الإدارية المطعون ضدها مع المدعي - الطاعن - للنيل من حقوقه الوظيفية مما حمله مؤونة اللجوء إلى القضاء على نحو ما سلف إيراده للوصول إلى حقه الوظيفي والكشف عن حقيقة ما نسبته إليه الجهة الإدارية وتبرئة ساحته الوظيفية، وما يعود عليه في مجالها من جراء ذلك بمراعاة أن الأحكام المشار إليها الصادرة لصالحه كاشفة عن الحق دون أن تكون منشئة له.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة جرى على أن مناط مسئولية الجهة الإدارية عن القرارات التي تصدرها هو وجود خطأ من جانبها بأن يكون القرار الإداري غير مشروع أي يشوبه عيب أو أكثر من العيوب المنصوص عليها في قانون مجلس الدولة وأن يحيق بصاحب الشأن ضرر، وأن تقوم علاقة السببية بين الخطأ والضرر.
ومن حيث إن خطأ الجهة الإدارية ثابت قبلها على نحو ما سلف بيانه وأن المدعي - الطاعن - لحقت به من جراء هذا الخطأ أضرار مادية تمثلت فيما تكبده من نفقات للوصول إلى حقه فضلاً عن حرمانه من الامتيازات والبدلات التي كانت ستعود عليه من قيامه بأعمال مدير مستشفى رمد قلاوون ندباً بالإضافة إلى الأضرار الأدبية والمعنوية والآلام النفسية والبخس من شأنه الوظيفي وإهانته بين زملائه وذويه ومن ثم تكون قد تكاملت أركان المسئولية الموجبة لتعويضه والذي يتبلور فيما فات المدعي من كسب وما لحقه من خسارة وتقدر المحكمة هذا التعويض بمبلغ ألف جنيه تؤديه له الجهة الإدارية المطعون ضدها.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه ذهب غير هذا المذهب فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تأويله وتطبيقه ومن ثم يتعين القضاء بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم بإلغاء القرار رقم 70 لسنة 1993 الصادر في 7/ 2/ 1993 فيما تضمنه من ندب الطبيب/.... مديراً لمستشفى رمد قلاوون وبأن تؤدي الجهة الإدارية المطعون ضدها إلى المدعي مبلغ ألف جنيه تعويضاً له عما لحقه من أضرار مادية وأدبية وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلغاء القرار رقم 70 لسنة 1993 الصادر في 7/ 2/ 1993 فيما تضمنه من ندب الطبيب/..... مديراً لمستشفى رمد قلاوون وبأن تؤدي الجهة الإدارية المطعون ضدها إلى المدعي مبلغ ألف جنيه تعويضاً عما لحقه من أضرار على النحو المبين بالأسباب وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق