جلسة 1 من أغسطس سنة 2000
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ جمال السيد دحروج - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: كمال زكي عبد الرحمن اللمعي ومحمود إبراهيم عطا الله وسالم عبد الهادي محروس جمعة ويحيى خضري نوبي محمد - نواب رئيس مجلس الدولة.
------------------
(104)
الطعن رقم 3514 لسنة 39 قضائية عليا
دعوى - دفوع في الدعوى - الدفوع الشكلية والدفع بعدم القبول - التصدي لها مثل التعرض لبحث طلب وقف التنفيذ.
المادة 108 من قانون المرافعات.
يجب على محكمة القضاء الإداري قبل أن تتعرض لبحث طلب وقف التنفيذ أن تفصل صراحة وعلى وجه قاطع في بعض المسائل الفرعية، وهي الخاصة بالدفوع الشكلية والدفوع بعدم القبول المتعلقة بالنظام العام - بحسبان أن هذه الدفوع تعتبر مطروحة دائماً أمام المحكمة وتحكم فيها من تلقاء نفسها، حتى ولو لم يثرها الخصوم - كما أن الفصل في هذا الدفع قد يغنيها عن التعرض للموضوع، إذ يترتب على قبوله انقضاء الخصومة أمامها - كذلك حتى لا يحمل قضاؤها في موضوع الطلب المستعجل قبل البت في هذه المسائل على أنه قضاء ضمني بالاختصاص والقبول أو برفض ما قد أُثير في هذا الشأن من دفوع - لما كان الفصل في هذا المسائل ضرورياً ولازماً قبل التعرض لموضوع طلب وقف التنفيذ، وهي لا شك تتسم مثله بطبيعة خاصة قوامها الاستعجال فإن ذلك يستوجب عدم التقيد بإجراءات تحضير الدعاوى وتهيئتها للمرافعة عن طريق هيئة مفوضي الدولة في هذا الخصوص. ومن ثم فإن تعرضها لهذا الطلب مباشرة وإرجاء الفصل في الدفوع المثارة أمامها وفي شكل الدعوى يكون مخالفاً للقانون - تطبيق.
إجراءات الطعن
في يوم الاثنين الموافق 5/ 7/ 1993 أودع الأستاذ/ ........ المستشار بهيئة قضايا الدولة نائباً عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير الطعن الماثل طالباً في ختامه - للأسباب الواردة بالتقرير - الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون عليه وبرفض الدعوى بالنسبة للشق المستعجل، مع إلزام المطعون ضدهم المصروفات والأتعاب عن درجتي التقاضي.
وقد تم إعلان تقرير الطعن إلى المطعون ضدهم على النحو الثابت بالأوراق.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.
وتم نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالدائرة الثانية بالمحكمة الإدارية العليا وتداولت نظره على النحو المبين بمحاضر الجلسات وبجلسة 25/ 5/ 1998 قررت تلك الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثانية) وحددت لنظره أمامها جلسة 20/ 6/ 1998، والتي نظرته بهذه الجلسة والجلسات التالية. وفق الثابت بمحاضر الجلسات وبجلسة 23/ 10/ 1999 قررت المحكمة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) للاختصاص ولتحدد جلسة لنظره يخطر بها الخصوم.
ونفاذاً لهذا القرار أحيل الطعن إلى هذه المحكمة وحددت لنظره جلسة 28/ 3/ 2000 وتداولت المحكمة نظره بهذه الجلسة على النحو المبين بمحضرها وفيها قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 6/ 6/ 2000، إلا أن المحكمة قررت مد أجل النطق بالحكم بجلسة اليوم 1/ 8/ 2000 وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية المقررة قانوناً.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من أوراقها - تتحصل في أنه بتاريخ 14/ 2/ 1993 أقام المطعون ضدهم الدعوى رقم 3411 لسنة 47 ق أمام محكمة القضاء الإداري - دائرة الجزاءات وطلبوا فيها الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرارين رقمي 35، 36 لسنة 1993 الصادرين بنقل كل من المدعين الأول والثاني (المطعون ضدهما الأول والثاني) إلى وظيفة غير تربوية بمحافظة قنا، ونقل كل من المدعيتين الثالثة والرابعة (المطعون ضدهما الثالثة والرابعة) إلى وظيفة غير تربوية بمحافظة سوهاج، وبوقف تنفيذ القرار الصادر من المدعى عليه الثاني (الطاعن الثاني) بتاريخ 9/ 1/ 1993 بنقل المدعي الأول (المطعون ضده الأول) إلى ديوان إدارة البدرشين ونقل المدعي الثاني (المطعون ضده الثاني)، إلى ديوان إدارة أوسيم، ونقل المدعية الثالثة (المطعون ضدها الثالثة) إلى ديوان إدارة الحوامدية، ونقل المدعية الرابعة (المطعون ضدها الرابعة) إلى ديوان إدارة أبو النمرس، وفي الموضوع بإلغاء هذه القرارات الثلاثة مع ما يترتب على ذلك من آثار. وقال المدعون (المطعون ضدهم) شرحاً لدعواهم أنهم يعملون بوظيفة مدرسين تربويين بمدرسة العجوزة الثانوية التجارية للبنات بمنطقة وسط الجيزة التعليمية وإنهم من ذوي الكفاءة ويتمتعون بحسن السير والسلوك طوال مدة عملهم بتلك المدرسة والتي لا تقل عن سبع سنوات وذلك بشهادة رؤسائهم وزملائهم في العمل إلا أنهم بتاريخ 9/ 1/ 1993 فوجئوا بصدور قرار المدعى عليه الثاني (الطاعن الثاني) بنقل المدعي الأول الذي يعمل مدرساً تجارياً إلى ديوان إدارة البدرشين، ونقل المدعي الثاني الذي يعمل مدرساً للغة العربية إلى ديوان إدارة أوسيم، ونقل المدعية الثالثة التي تعمل مدرسة مواد تجارية إلى ديوان إدارة الحوامدية ونقل المدعية الرابعة التي تعمل مدرسة مواد تجارية إلى ديوان إدارة أبو النمرس، كما فوجئوا بذات التاريخ 9/ 1/ 1993 بصدور الأمر التنفيذي رقم 35 من الإدارة العامة لشئون الأفراد بناء على توجيهات الوزير بنقل المدعي الأول إلى وظيفة غير تربوية بمحافظة قنا، ونقل المدعيتين الثالثة والرابعة إلى وظيفة غير تربوية بمحافظة سوهاج، كما صدر الأمر التنفيذي رقم 36 بنقل المدعي الثاني إلى وظيفة غير تربوية بمحافظة قنا فتظلموا من هذا القرار إلى وزير التعليم إلا أنه رفض تظلمهم.
ونعى المدعون (المطعون ضدهم) على هذه القرارات لصدورها مخالفة لأحكام القانون ومجحفة بحقوقهم وذلك لصدورها مفتقدة السبب أو المبرر أو الغاية ومشوبة بعيب إساءة استعمال السلطة.
وبجلسة 7/ 6/ 1993 حكمت محكمة القضاء الإداري "دائرة الجزاءات" في الشق المستعجل من الدعوى بوقف تنفيذ القرارات المطعون فيها مع ما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الجهة الإدارية المصروفات وأمرت بإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لتحضيرها وإعداد تقرير بالرأي القانوني في موضوعها.
وشيدت المحكمة قضاءها في الشق المستعجل من الدعوى - بعد أن أرجأت الفصل في الدفوع المبداة وشكل الدعوى لحين تحضير الشق الموضوعي في الدعوى - على أساس توافر ركني الجدية والاستعجال اللازمين لوقف تنفيذ القرارات المطعون فيها المطلوب وقف تنفيذها طبقاً لحكم المادة 49 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 فبالنسبة لركن الجدية فإن البادي من الأوراق أن قرارات النقل المطعون فيها قد صدرت بغية التنكيل بالمدعين ومعاقبتهم ولم يقصد بها صالح العمل وفقاً لحكم المادة 54 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة رقم 47 لسنة 1978 مما يقيم قرينة على أن الإدارة قد أساءت استعمال سلطتها في النقل الأمر الذي يجعل القرارات المطعون فيها - حسب الظاهر من الأوراق - قد صدرت بالمخالفة لأحكام القانون مما يرجح بإلغائها عند نظر الدعوى موضوعاً، وهو ما يتوافر معه ركن الجدية اللازم للقضاء بوقف تنفيذها. وبالنسبة لركن الاستعجال فإنه متوافر أيضاً - حسبما يبين من الأوراق من أن المدعين لم يصرفوا مرتباتهم من تاريخ نقلهم لعدم نقل درجاتهم وبالتالي عدم توافر الربط المالي لهم في الجهات المنقولين إليها مما ترتب عليه حرمانهم من صرف مرتباتهم، فضلاً عما ينجم عن هذا النقل من تشتيت أسرهم وذويهم وذلك بعد أن استقروا في مكان عملهم ورتبوا أمورهم وأحوالهم على هذا الأساس وإذ لم يصادف هذا الحكم قبولاً لدى الطاعنين فقد أقاما هذا الطعن تأسيساً على أن الحكم أخطأ في تطبيق القانون وتأويله للأسباب الآتية:
أولاً: إن الحكم تعرض للشق المستعجل من الدعوى مباشرة دون التعرض لشكل الدعوى والرد على الدفوع المبداة، من هيئة قضايا الدولة بالنسبة للشكل وذلك بالمخالفة لما استقر عليه قضاء المحكمة الإدارية العليا من أنه يتعين على المحكمة قبل التصدي لبحث طلب وقف التنفيذ أن تفصل صراحة في بعض المسائل الفرعية مثل الدفع بعدم الاختصاص والدفع بعدم القبول حتى لا يحمل قضاءها في موضوع الطلب المستعجل على أنه قضاء ضمني بالاختصاص والقبول.
ثانياً: أنه لما كان من المقرر أن طلب وقف التنفيذ يقوم على ركنين أساسيين هما:
الأول: ركن الاستعجال بأن يترتب على تنفيذ القرار نتائج يتعذر تداركها.
والثاني: يتصل بمبدأ المشروعية.
وأنه بإنزال ما تقدم على الحالات الواقعية محل التداعي فإنه لا يترتب أية أضرار أو نتائج يتعذر تداركها مستقبلاً من جراء صدور القرارات المطعون فيها حسبما جاء بنص المادة 49 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972، ويقصد بها طبقاً لهذا النص بأنها النتائج أو الأضرار التي يستحيل معها إصلاحها وإعادة الحال إلى ما كان عليه لأنه - لو فرض - وصدر حكم بإلغاء قرارات النقل المطلوب وقف تنفيذها فإن المدعين سوف يعودوا إلى عملهم السابق الذي نقلوا منه، الأمر الذي يستشف منه أنه شرط الاستعجال غير متوافر في طلب وقف التنفيذ، كما أن قرارات نقلهم صدرت تحقيقاً للصالح العام وحسن سير العمل بمرفق التعليم ووفقاً لمقتضياته، كما أنه تم نقلهم لوظائف أخرى مماثلة لدرجاتهم المالية، وليس على النحو الذي صوره الحكم، وبذلك يكون طلب وقف التنفيذ - والحال هذه - قد افتقد الركنين الذين يجب أن يقوم عليهما.
ومن حيث إنه عن السبب الأول من الطعن المبني على مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ في تطبيقه، إذ أورد في أسبابه أن المحكمة ترجئ الفصل في الدفوع وشكل الدعوى إلى حين الفصل في الشق الموضوعي من الدعوى، فإن هذا النعي في محله ذلك أن قضاء هذه المحكمة جرى على أنه يجب على محكمة القضاء الإداري قبل أن تتعرض لبحث طلب وقت التنفيذ أن تفصل صراحة وعلى وجه قاطع في بعض المسائل الفرعية - وهي الخاصة بالدفوع الشكلية والدفوع بعدم القبول المتعلقة بالنظام العام - مثل الدفع بعدم الاختصاص والدفع بعدم القبول، بحسبان أن هذه الدفوع تعتبر مطروحة دائماً أمام المحكمة وتحكم فيها من تلقاء نفسها، حتى ولو لم يثرها الخصوم، كما أن الفصل في هذا الدفع قد يغنيها عن التعرض للموضوع، إذ يترتب على قبوله انقضاء الخصومة أمامها، وكذلك حتى لا يحمل قضاؤها في موضوع الطلب المستعجل قبل البت في هذه المسائل على أنه قضاء ضمني بالاختصاص والقبول أو برفض ما قد أثير في هذا الشأن من دفوع، ولما كان الفصل في هذه المسائل ضرورياً ولازماً قبل التعرض لموضوع طلب وقف التنفيذ، وهي لا شك تضم مثله بطبيعة خاصة قوامها الاستعجال فإن ذلك يستوجب عدم التقيد بإجراءات تحضير الدعاوى وتهيئتها للمرافعة عن طريق هيئة مفوضي الدولة في هذا الخصوص. ومن ثم فإن تعرضها لهذا الطلب مباشرة وإرجاء الفصل في الدفوع المثارة أمامها وفي شكل الدعوى يكون مخالفاً للقانون، أساس ذلك أن المشرع أوجب على المحكمة - كقاعدة عامة - بالنسبة لسائر الدفوع المتعلقة بالإجراءات المنصوص عليها في المادة 108 من قانون المرافعات أن تقضي في هذه الدفوع الشكلية على استقلال قبل البحث في الموضوع، وأجاز للمحكمة أن تضم هذا الدفع الشكلي إلى الموضوع، وفي هذه الحالة تصدر فيهما حكماً واحداً بشرط أن تبين في حكمها ما قضت به في كل منهما.
وحيث إن هذه الدفوع الشكلية المشار إليها بالمادة 108 سالفة الذكر غير متعلقة بالنظام العام لأن المشرع أوجب التمسك بها قبل التكلم في الموضوع أو إبداء أي دفع بعدم القبول وإلا سقط الحق في التمسك بها. ومن ثم فإنه يتعين على المحكمة - من باب أولى - أن تفصل في الدفوع الشكلية المتعلقة بالنظام العام قبل التعرض لموضوع النزاع المعروض عليها، الأمر الذي يستوجب ضرورة الفصل في الدفوع الشكلية وشكل الدعوى قبل الفصل في موضوع الطلب المستعجل.
ومن حيث إنه - في ضوء ما تقدم - فإنه لما كان الثابت من مطالعة الأوراق أن هيئة قضايا الدولة أودعت مذكرة بدفاعها بتاريخ 17/ 5/ 1993 في الدعوى موضوع الطعن الماثل. دفعت فيها بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة، إلا أن المحكمة أرجأت البت في هذا الدفع، وفي شكل الدعوى إلى حين الفصل في موضوع الدعوى وفصلت مباشرة في الشق المستعجل من الدعوى بحكمها المشار إليه سلفاً ومن ثم فإن المحكمة تكون قد خالفت القانون وأخطأت في تطبيقه.
ومن حيث إنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة - أن الطعن في الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإداري بفتح الباب أمام المحكمة الإدارية العليا لتزن الحكم المطعون فيه بميزان القانون وزناً مناطه استظهار ما إذا كانت قد قامت به حالة أو أكثر من الأحوال التي تبطله فتلغيه وتعيد الدعوى إلى محكمة أول درجة أو تتصدى للفصل في موضوعها بحسب الأحوال، وتنزل صحيح حكم القانون في المنازعة إذا كانت صالحة للفصل في موضوعها وسبق أن فصلت فيه محكمة أول درجة بما لا يفوت أحد درجات التقاضي ويهدرها أما إنه إذا لم يقم به أية حالة من تلك الأحوال وكان صائباً في قضائه فتبقى عليه وترفض الطعن.
من حيث إن الطعن مهيأ للفصل في موضوعه.
ومن حيث إنه - بناء على ما تقدم - فإنه متى ثبت أن المحكمة لم تراع إعمال صحيح حكم القانون بعدم تصديها للفصل في شكل النزاع المعروض عليها طبقاً لما سلف بيانه الأمر الذي يتعين معه التصدي لشكل الدعوى الصادر فيها الحكم مثار الطعن الماثل.
ومن حيث إنه عن الدفع المبدى من هيئة قضايا الدولة بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بدعوى أن المطعون ضدهم يعملون بمديرية التربية والتعليم بالجيزة واختصموا وكيل الوزارة المشرف على هذه المديرية ولم يختصموا محافظ الجيزة صاحب الصفة في تمثيل تلك المديرية أمام القضاء فإنه مردود عليه بأن المادة 115 من قانون المرافعات معدلة بالقانون رقم 23 لسنة 1992 تنص على أنه:
(الدفع بعدم قبول الدعوى يجوز إبداؤه في أية حالة تكون عليها.
وإذا رأت المحكمة أن الدفع بعدم قبول الدعوى لسبب في صفة المدعى عليه قائم على أساس أجلت الدعوى لإعلان ذي الصفة........
وإذا تعلق الأمر بإحدى الوزارات أو الهيئات العامة أو مصلحة من المصالح أو بشخص اعتباري عام أو خاص فيكفي في تحديد الصفة أن يذكر اسم الجهة المدعى عليها في صحيفة الدعوى).
ومن حيث إنه رغبة من المشرع في تبسيط إجراءات الاختصام في المنازعات القضائية نظراً لتنوع وتعدد فروع الوزارات والمصالح والمؤسسات والهيئات العامة، فإنه يكتفي في تحديد الصفة ذكر اسم الجهة المختصة في عريضة الدعوى.
وإذ ثبت أن المطعون ضدهم ذكروا في عريضة دعواهم الصادر فيها الحكم المطعون فيه اسم الجهة المدعى عليها التي يعملون بها وهي مديرية التربية والتعليم محافظة الجيزة وبذلك يكون صاحب الصفة قد اختصم في الدعوى، فضلاً عن ذلك فإن هيئة قضايا الدولة - والتي تنوب قانوناً عن الدولة بكافة شخصياتها الاعتبارية العامة فيما يرفع منها أو عليها من قضايا لدى المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها قد حضرت في الدعوى وأودعت مذكرة بدفاع جهة الإدارة، فضلاً عن ذلك فإن الثابت من مطالعة الأوراق أن أحد قرارات النقل المطعون فيها صدر من وكيل وزارة التعليم بمحافظة الجيزة بتاريخ 9/ 1/ 1993، وبذات التاريخ صدر القراران الآخران من وزارة التربية والتعليم، وبذلك يكون اختصام وزير التعليم في هذه الدعوى اختصاماً لذي صفة، ومن ثم تكون هيئة قضايا الدولة قد مثلت صاحب الصفة في الدعوى، وبالتالي يكون هذا الدفع غير قائم على أساس صحيح من القانون، متعيناً رفضه.
ومن حيث إنه عن شكل الدعوى، فإن الثابت من مطالعة الأوراق أن القرارات المطعون فيها صدرت بتاريخ 9/ 1/ 1993 وإذ أقام المطعون ضدهم دعواهم في 19/ 2/ 1993، ومن ثم تكون قد أقيمت في الميعاد القانوني، وإذ استوفت الدعوى سائر أوضاعها الشكلية الأخرى المقررة قانوناً، فإنها تكون مقبولة شكلاً.
ومن حيث إنه - ترتيباً على ما تقدم - فإنه يتعين القضاء بتعديل الحكم المطعون فيه ليكون برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة وبقبولها شكلاً.
ومن حيث إنه بالنسبة إلى الوجه الثاني من أوجه الطعن، فإن المادة 49 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 تنص على أنه: "لا يترتب على رفع الطلب إلى المحكمة وقف تنفيذ القرار المطلوب إلغاؤه على أنه يجوز للمحكمة أن تأمر بوقف تنفيذه إذا طلب ذلك في صحيفة الدعوى ورأت المحكمة أن نتائج التنفيذ قد يتعذر تداركها.
وبالنسبة إلى القرارات التي لا يقبل طلب إلغاؤها قبل التظلم منها إدارياً لا يجوز طلب وقف تنفيذها على أنه يجوز للمحكمة بناء على طلب المتظلم أن تحكم مؤقتاً باستمرار صرف مرتبه كله أو بعضه إذا كان القرار صادراً بالفصل......".
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن وقف تنفيذ القرار الإداري يتطلب توافر ركنين أساسيين مجتمعين معاً أولهما ركن الجدية بأن يكون القرار المطعون فيه بحسب الظاهر من الأوراق مرجح الإلغاء وثانيهما ركن الاستعجال بأن يترتب على تنفيذ القرار المطعون فيه أو الاستمرار في تنفيذه نتائج يتعذر تداركها، وذلك باعتبار أن الأصل في القرار الإداري هو نفاذه وسريان أحكامه إلى أن تبطله الإدارة أو تسحبه من تلقاء نفسها أو يتقرر إلغاؤه، ووقف تنفيذ القرار الإداري خروج على هذا الأصل ولا يكون إلا حيث تدعو إليه ضرورة ملحة لتفادي نتائج يتعذر تداركها لو لم يوقف التنفيذ متى كان من غير القرارات التي لا يجوز وقف تنفيذها بمقتضى نص قانوني كما هو الحال في القرارات المنصوص عليها في البنود ثالثاً ورابعاً وتاسعاً من المادة العاشرة من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1971 وما تناولته التشريعات الأخرى كالقرارات المنصوص عليها في المادة 184 من قانون تنظيم الجامعات رقم 49 لسنة 1972 وفي غير ما حظر المشرع وقف تنفيذه من القرارات الإدارية فإن المحكمة تقدر ما إذا كان هناك نتائج يتعذر تداركها من جراء تنفيذ القرار الإداري أو الاستمرار في تنفيذه في كل حالة على حدة في ضوء ظروفها وملابساتها وما يحيق بمن صدر بشأنه القرار من صعوبة أو مشقة نتيجة تنفيذ ذلك القرار.
ومن حيث إنه بالنسبة لركن الاستعجال فإن البادي من مطالعة الأوراق أن تنفيذ قرارات النقل المطعون فيها ليس من شأنها خلق وضع يصعب تداركها أو حدوث نتائج لا يمكن التغلب عليها، كما يذهب إلى ذلك كل من المدعين في الدعوى الصادر بشأنها الحكم مثار الطعن الماثل ذلك أنه في حالة صدور حكم في الشق الموضوع في الدعوى بإلغاء القرارات المطعون فيها، فإن المطعون ضدهم سوف يعودون إلى مقر عملهم السابق، وبهذه المثابة لا يكون صحيحاً القول بأن هناك في الحالات مثار الطعن نتائج يتعذر تداركها من تنفيذ القرارات المطعون فيها، كما أنه بالنسبة لما قد يقال من أنه قد أصابتهم أضرار مادية من النقل، فإن تلك الأضرار يمكن تداركها وجبرها عن طريق طلب التعويض إذا انتهت المحكمة في طلب الإلغاء إلى عدم مشروعية قرارات النقل وقضت بإلغائها.
ومن حيث إنه تأسيساً على ما تقدم فإن نتائج تنفيذ تلك القرارات موضوع الطعن الماثل ليست من قبيل النتائج التي يستحيل أو يصعب أو يمتنع معها إصلاحها عيناً بإعادة الحال إلى ما كان عليه من نفس النوع والجنس أو النتائج التي تمنع قانوناً إصلاحها أو يتعذر إصلاحها بالتعويض، وهو ما يجعل طلب وقف تنفيذ هذه القرارات مفتقراً ركن الاستعجال، مما يتعين معه القضاء برفضه دون حاجة لاستظهار ركن الجدية لعدم جدواه وإذ أخذ الحكم المطعون فيه بغير ذلك وقضى بوقف تنفيذ القرارات المطعون فيها بعد أن استظهر ركني الجدية والاستعجال على النحو الوارد بأسبابه، فإنه يكون قد جانب الصواب في قضائه، ويكون من المتعين القضاء بإلغائه وبرفض طلب وقف تنفيذ القرارات المطعون فيها وإلزام المطعون ضدهم المصروفات طبقاً لحكم المادة 184 من قانون المرافعات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض طلب وقف تنفيذ قرارات النقل المطعون فيها، وألزمت المطعون ضدهم المصروفات عن درجتي التقاضي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق