جلسة 19 من ديسمبر سنة 2019
برئاسة السيد القاضي / كمال قرني نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / هاني فهمي ، أحمد قزامل ومحمد السنباطي نواب رئيس المحكمة و د. أحمد عاصم عجيلة .
----------------
(111)
الطعن رقم 9385 لسنة 89 القضائية
(1) نقض " التقرير بالطعن وإيداع الأسباب . ميعاده " .
التقرير بالطعن بالنقض في الميعاد دون إيداع الأسباب خلاله وبغير عذر . أثره : عدم قبول الطعن شكلاً . أساس ذلك ؟
(2) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به عناصر الجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وإيراده على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة مستعرضاً إياها على نحو كاف . لا قصور .
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم . كفاية أن يكون مجموع ما أورده مؤدياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها .
(3) مواد مخدرة . قصد جنائي . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
انبساط سلطان الجاني على المادة المخدرة . كفايته لاعتباره حائزاً لها ولو لم تكن في حيازته المادية أو كان المحرز لها شخصاً غيره .
القصد الجنائي في جريمة حيازة المخدر. توافره : بعلم الحائز بأن ما يحوزه من المواد المخدرة . مثال لرد سائغ على الدفع بانتفاء أركان جريمة حيازة مواد مخدرة تم ضبطها داخل طرد .
(4) إثبات " أوراق رسمية " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
الأدلة في المواد الجنائية إقناعية . للمحكمة الالتفات عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية . حد ذلك ؟
(5) جمارك . مأمورو الضبط القضائي " سلطاتهم " . تفتيش " التفتيش بغير إذن " . تهريب جمركي . دفوع " الدفع ببطلان القبض والتفتيش " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
لموظفي الجمارك من ذوي صفة الضبط القضائي تفتيش الأماكن والأشخاص والبضائع داخل الدائرة الجمركية متى قامت لديهم شبهة توافر التهريب الجمركي . توافر قيود القبض والتفتيش المنظمة بقانون الإجراءات الجنائية . غير لازم . عثورهم أثناء التفتيش على دليل يكشف عن جريمة غير جمركية . يصح الاستدلال به أمام المحاكم . علة وأساس ذلك ؟
الشبهة في توافر التهريب الجمركى . ماهيتها ؟
انتهاء الحكم لرفض الدفع ببطلان تفتيش طرد الطاعن تأسيساً على حصوله داخل الدائرة الجمركية ومن مأموري الجمارك بعد قيام شبهة التهريب الجمركي لديهم . صحيح .
(6) جمارك . قانون " تفسيره " . دفوع " الدفع ببطلان الإجراءات " .
الإجراء الخاص بفتح الطرود الوارد بالمادة 51 من قانون الجمارك 66 لسنة 1963 . تنظيمي . لا بطلان على مخالفته . نعي الطاعن بفتح الطرد في غيبته دون استصدار إذن كتابي من الرئيس المحلي للجمرك . غير مقبول .
(7) دفوع " الدفع ببطلان القبض والتفتيش " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
التفات الحكم عن دفاع الطاعن ظاهر البطلان بحصول التفتيش في غيبته . لا يعيبه . علة ذلك ؟
(8) دفوع " الدفع ببطلان القبض والتفتيش " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
اطراح الحكم دفع الطاعن ببطلان القبض عليه وتفتيشه استناداً لصدور أمر ضبطه من سلطة تملك إصداره . صحيح . أساس ذلك ؟
(9) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
خلو الحكم من التناقض وعيوب التسبيب . النعي عليه بخلاف ذلك . غير مقبول .
(10) حكم " وضعه والتوقيع عليه وإصداره " .
نعي الطاعن بخلو الحكم من توقيع مقروء لرئيس الهيئة مصدرته . غير مقبول . ما دام لا يماري في صدوره منه .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان المحكوم عليه وإن قرر بالطعن بالنقض في الميعاد ، إلا أنه أودع أسباب طعنه متجاوزاً الميعاد المحدد في المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن بالنقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 دون عذر ، ومن ثم يتعين القضاء بعدم قبول طعنه شكلاً .
2- لما كان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما ، وأورد على ثبوتهما في حقة أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات وتقرير المعمل الكيماوي ، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي ، وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كان ذلك محققاً لحكم القانون ، ومن ثم فإنه ينحسر عن الحكم قالة القصور .
3- لما كان الحكم المطعون فيه قد اطرح الدفع بعدم بتوافر الركنين المادي والمعنوي لجريمة حيازة المواد المخدرة المضبوطة داخل الطرد واطرحه في قوله : " وحيث إنه عن توافر الركن المادي في الواقعة الماثلة فإن المحكمة تطمئن وبما لا يدع معه مجالاً للشك إلى سيطرة المتهمين الكاملة على الطرد المضبوط وما يحويه من مواد مخدرة ذلك أن الطرد المضبوط مرسل باسم المتهم الأول الطاعن .... وثابت عليه بياناته الشخصية ومدون عليه رقم هاتف شريكه المتهم الثاني الطاعن .... والذي أقر الأخير بذلك بالتحقيقات بأن رقم الهاتف خاص به ويقوم باستعماله وكذا قيام المتهم الثاني بإرسال صورة البطاقة الشخصية للمتهم الأول لشركة .... عن طريق الإيميل لاستلام الطرد وهو ما يدل على أنه لا يستطيع أي شخص أياً كانت صفته أن يتعامل مع هذا الطرد أو أن يقوم باستلامه إلا أصحابه فقط وهو ما أيدته تحريات المباحث التي اطمأنت إليها المحكمة والتي أكدت صلة المتهمين بالمضبوطات وأيضاً محاولتهما اللجوء إلى طريق التمويه والتضليل بكتابة اسم المتهم الأول ثنائي ووضع رقم هاتف المتهم الثاني وهو ما يثبت للمحكمة ويجعلها تطمئن اطمئناناً تاماً بسيطرة المتهمين الفعلية على هذا الطرد المضبوط ، وحيث إنه عن توافر الركن المعنوي فإن المحكمة - أيضاً – تطمئن إلى توافر القصد الجنائي لدى المتهمين وإلى توافر علمهما بكنه الجوهر المضبوط وعلمهما التام باحتواء الطرد على مواد مخدرة ، وآية ذلك حرصهما على إخفاء تلك المواد المخدرة بداخل السماعة المضبوطة ، فقيامهما بإخفاء المواد المخدرة بتلك الطريقة ووضعها داخل سماعة صوت وهو وضع وسلوك على غير المألوف في إرسال مثل هذه الطرود ويدل على أن ما يقوم باتخاذ ذلك السلوك الغير مألوف إنما على علم تام بأنه يقوم بإخفاء أشياء محرمة ومجرمة قانوناً مما يدل ويثبت للمحكمة علمهما التام بكون المضبوطات جواهر مخدرة " ، ثم أورد تقريرات قانونية وأضاف : " ومن ثم يضحى ما تساند إليه الدفاع في هذا الشأن على غير سند صحيح من الواقع والقانون وتلتفت عنه المحكمة " . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يشترط لاعتبار الجاني حائزاً لمادة مخدرة أن يكون محرزاً للمادة المضبوطة ، بل يكفي لاعتباره كذلك أن يكون سلطانه مبسوطاً عليها ولو لم تكن في حيازته المادية ، أو كان المحرز للمخدر شخصاً غيره ، وكان القصد الجنائي في جريمة حيازة المواد المخدرة إنما يتوافر بعلم الحائز بأن المادة التي يحوزها هي من المواد المخدرة ، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه رداً على ما أثاره الدفاع كافياً وسائغاً في الدلالة على صلة الطاعنين بالمخدر المضبوط وعلى علمهما بكنهه ، ولا خروج فيه عن موجب الاقتضاء العقلي والمنطقي ، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد .
4- من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية ، فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها المحكمة من باقي الأدلة القائمة في الدعوى ، فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون غير مقبول .
5- لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان تفتیش الطرد واطرحه برد سائغ ، لما هو مقرر قانوناً من أن البين من استقراء نصوص المواد من 26 إلی ۳۰ من القانون رقم 66 لسنة 1963 بإصدار قانون الجمارك أن الشارع منح موظفي الجمارك الذين أسبغت عليهم القوانين صفة الضبط القضائي في أثناء قيامهم بتأدية وظائفهم حق تفتیش الأماكن ، والأشخاص ، والبضائع ، ووسائل النقل داخل الدائرة الجمركية ، أو في حدود نطاق الرقابة الجمركية ، إذا ما قامت لديهم دواعي الشك في البضائع ، والأمتعة ، ومظنة التهريب فيمن يتواجدون بداخل تلك المناطق ، وأن الشارع بالنظر إلى طبيعة التهريب الجمركي وصلته المباشرة بصالح الخزانة العامة ومواردها وبمدی الاحترام الواجب للقيود المنظمة للاستيراد والتصدير ، لم يتطلب بالنسبة للأشخاص توافر قيود القبض والتفتيش المنظمة بقانون الإجراءات الجنائية ، أو اشتراط وجود المراد تفتيشه في إحدى الحالات المبررة له في نطاق الفهم القانوني للمبادئ المقررة في القانون المذكور، بل إنه يكفي أن يقوم لدى موظف الجمارك المنوط به المراقبة والتفتيش في تلك المناطق حالة تنم عن شبهة في توافر التهريب الجمركي فيها في الحدود المعرف بها في القانون حتى يثبت له حق الكشف عنها ، فإذا هو عثر أثناء التفتيش الذي يجريه على دليل يكشف عن جريمة غير جمركية معاقب عليها في القانون العام ، فإنه يصح الاستدلال بهذا الدليل أمام المحاكم في تلك الجريمة ، لأنه ظهر أثناء إجراء مشروع في ذاته ولم ترتكب في سبيل الحصول عليه أية مخالفة ، ولما كان من المقرر أن الشبهة في توافر التهريب الجمركي حالة ذهنية تقوم بنفس المنوط بهم تنفيذ القوانين الجمركية يصح معها في العقل القول بقيام مظنة التهريب من شخص موجود في دائرة المراقبة الجمركية ، ومتى أقرت محكمة الموضوع أولئك الأشخاص فيما قام لديهم من اعتبارات أدت إلى الاشتباه في محل التفتيش - في حدود دائرة المراقبة الجمركية - على توافر فعل التهريب فلا معقب عليها ، ولما كان البين من الحكم المطعون فيه أن تفتيش الطرد المرسل باسم الطاعن الذي أسفر عن ضبط الجوهر المخدر في مخبأ به تم داخل الدائرة الجمركية بمعرفة مأموري الجمرك - وهم من مأموري الضبط القضائي - بعد أن قامت لديهم من الاعتبارات ما يؤدي إلى الاشتباه في توافر فعل التهريب في حق الطاعن ، فإن الحكم يكون قد أصاب صحيح القانون في رفضه للدفع ببطلان التفتيش ورد عليه رداً كافياً سائغاً .
6- من المقرر أن ما أوردته المادة 51 من قانون الجمارك رقم 66 لسنة 1963 من أنه : " لا يجوز فتح الطرود للمعاينة إلا بحضور ذوي الشأن ، ومع ذلك يجوز للجمرك بإذن كتابي من الرئيس المحلي فتح الطرود عند الاشتباه في وجود مواد ممنوعة دون حضور ذوي الشأن بعد مضي أسبوع من وقت إعلامهم ، ويحرر محضر بذلك من اللجنة التي تشكل لهذا الغرض ، ومع ذلك يجوز بقرار من مدير عام الجمارك في حالة الضرورة العاجلة فتح الطرود دون حضور ذوي الشأن بواسطة اللجنة التي تشكل لهذا الغرض " ، لا يعدو أن يكون إجراء تنظيمياً لا يترتب على مخالفته - بفرض صحة ما يدعيه الطاعن – بطلاناً ، مما لا يصح أن يكون سبباً للنعي على الحكم ، ويكون النعي على الحكم في هذا الشأن غير مقبول .
7- لما كان حصول التفتيش بغير حضور المتهم لا يترتب عليه البطلان قانوناً ، فإنه لا يعيب الحكم التفاته عن الرد على الدفع الذي أبداه الطاعن ببطلان التفتيش لإجرائه في غيبته ، طالما أنه دفع قانوني ظاهر البطلان .
8- لما كان الطاعن لا ينازع في أن أمر ضبطه صدر من سلطة تمتلك إصداره ، وحصل صحيح موافقاً للقانون ، فإن تفتيش شخص المتهم يكون صحيحاً ، لما هو مقرر بنص المادة 46 من قانون الاجراءات الجنائية من أنه في الأحوال التي يجوز القبض فيها على المتهم يجوز لمأمور الضبط القضائي أن يفتشه ، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر في رده على الدفع ببطلان القبض على الطاعن وتفتيشه وقائياً ، فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ، ويكون النعي عليه في هذا الصدد غير سديد .
9- لما كانت أسباب الحكم المطعون فيه قد خلت من التناقض ، ومن عيوب التسبيب ، فإن النعي على الحكم في هذا الشأن غير قویم .
10- لما كان الطاعن لا يماري في أن التوقيع على الحكم المطعون فيه قد صدر عن رئيس الجلسة التي قضت به ، فإن نعيه عليه بعدم قراءته يكون غير سديد .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلاً من : 1- .... " الطاعن الأول " 2- .... " الطاعن الثاني " 3 – .... بأنهم :
1- جلبوا جوهرين مخدرين " الكوكايين ، القنب " إلى داخل جمهورية مصر العربية دون ترخيص كتابي من الجهة الإدارية المختصة وذلك على النحو المبين بالتحقيقات .
2- أحرزوا بقصد الاتجار جوهر الكوكايين المخدر في غير الأحوال المصرح بها قانوناً .
3- أحرزوا بقصد الاتجار جوهر القنب المخدر في غير الأحوال المصرح بها قانوناً .
4- حازوا وأحرزوا بالذات بقصد التعاطي جوهر الحشيش المخدر في غير الأحوال المصرح بها قانوناً .
5- المتهم الثالث : أحرز بالذات بقصد التعاطي جوهر الترامادول المخدر في غير الأحوال المصرح بها قانوناً .
وأحالتهم إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً لكل من الأول والثاني (الطاعنين) وغيابياً للثالث عملاً بالمواد 1/1 ، 2 ، 37/ 1 ، 38، 42 /1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل والبندين رقمي 1 ، 6 من القسم الأول والثاني من الجدول رقم (1) الملحق ، مع إعمال المادة 32 من قانون العقوبات بمعاقبتهما بالسجن المشدد لمدة عشر سنوات وتغريم كل منهما مبلغ مائة ألف جنيه عما أسند إليهم ومصادرة المخدر المضبوط وألزمتهم المصاريف الجنائية . بعد أن استبعدت من الوصف التهمة الأولى (الجلب) واعتبرت إحرازهما للجواهر المخدرة محل التهمتين الثانية والثالثة مجرداً من القصود المسماة في القانون .
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض حيث قيد بجدول محكمة النقض برقم .... ومحكمة النقض قضت بجلسة .... بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة جنايات .... لتحكم فيها دائرة أخرى من جديد .
ومحكمة الإعادة ( بهيئة مغايرة أخرى ) قضت حضورياً في 3 من يوليو سنة 2018عملاً بالمواد 1/1 ، 2 ، 37 /1، 38 ، 42 /1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانونين رقمي 45 لسنة 1984 ، 122 لسنة 1989 والبندين رقمي 1 ، 56 من القسم الأول والثاني من الجدول رقم (1) الملحق بالقانون الأول والمستبدل بقرار وزير الصحة والسكان رقم 46 لسنة 1997 والمضاف بالقرار 125 لسنة 2012 ، مع إعمال المادة 32 من قانون العقوبات . بمعاقبتهما بالسجن المشدد لمدة ست سنوات وتغريم كل منهما مبلغ مائة ألف جنيه لما أسند إليهما ومصادرة المخدر المضبوط وألزمتهما المصاريف الجنائية .
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض للمرة الثانية .... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
أولاً : بالنسبة للطعن المقدم من المحكوم عليه الثاني .... :
حيث إن المحكوم عليه وإن قرر بالطعن بالنقض في الميعاد ، إلا أنه أودع أسباب طعنه متجاوزاً الميعاد المحدد في المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن بالنقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 دون عذر ، ومن ثم يتعين القضاء بعدم قبول طعنه شكلاً .
ثانياً : بالنسبة للطعن المقدم من المحكوم عليه الأول .... :
حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمتي حيازة ( جوهر الكوكايين ، ونبات الحشيش - القنب ) المخدرين بغير قصد في غير الأحوال المصرح بها قانوناً وإحراز جوهر (الحشيش المخدر) بقصد التعاطي في غير الأحوال المصرح بها قانوناً قد شابه القصور ، والتناقض في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، والإخلال بحق الدفاع ؛ ذلك بأنه لم يحط بواقعة الدعوى ، ولم يستظهر الركن المادي والمعنوي لجريمة حيازة المواد المخدرة المضبوطة داخل الطرد في حق الطاعن رغم دفاعه بانتفاء سيطرته على الطرد ، وبانتفاء علمه بوجود المخدر بداخله ، وبانتفاء صلته بالمضبوطات ، ملتفتاً عن المستندات المقدمة في هذا الشأن ، واطرح بما لا يسوغ الدفع ببطلان تفتيش الطرد لعدم توافر شبهة أو مظنة التهريب التي تخول موظفي الجمارك حق التفتيش ، فضلاً عن عدم استصدار إذن كتابي من الرئيس المحلي للجمرك ، وإجراء التفتيش في غيبة الطاعن بالمخالفة لنص المادة 51 من قانون الجمارك وما يترتب على ذلك من بطلان القبض على الطاعن ، وتفتيشه وقائياً ، كما أورد أن الطرد مرسل باسم الطاعن ، ومدون عليه بياناته الشخصية ، ثم عاد وقرر أنه مدون عليه اسم الطاعن ثنائياً ورقم هاتف المتهم الثاني ، هذا إلى أن الحكم خلا من توقيع مقروء لرئيس الهيئة التي أصدرته ، بما يعيبه ويستوجب نقضه .
حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعه الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما ، وأورد على ثبوتهما في حقة أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات وتقرير المعمل الكيماوي ، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي ، وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كان ذلك محققاً لحكم القانون ، ومن ثم فإنه ينحسر عن الحكم قالة القصور . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد اطرح الدفع بعدم بتوافر الركنين المادي والمعنوي لجريمة حيازة المواد المخدرة المضبوطة داخل الطرد واطرحه في قوله : " وحيث إنه عن توافر الركن المادي في الواقعة الماثلة فإن المحكمة تطمئن وبما لا يدع معه مجالاً للشك إلى سيطرة المتهمين الكاملة على الطرد المضبوط وما يحويه من مواد مخدرة ذلك أن الطرد المضبوط مرسل باسم المتهم الأول الطاعن .... وثابت عليه بياناته الشخصية ومدون عليه رقم هاتف شريكه المتهم الثاني الطاعن .... والذي أقر الأخير بذلك بالتحقيقات بأن رقم الهاتف خاص به ويقوم باستعماله وكذا قيام المتهم الثاني بإرسال صورة البطاقة الشخصية للمتهم الأول لشركة .... عن طريق الإيميل لاستلام الطرد وهو ما يدل على أنه لا يستطيع أي شخص أياً كانت صفته أن يتعامل مع هذا الطرد أو أن يقوم باستلامه إلا أصحابه فقط وهو ما أيدته تحريات المباحث التي اطمأنت إليها المحكمة والتي أكدت صلة المتهمين بالمضبوطات وأيضاً محاولتهما اللجوء إلى طريق التمويه والتضليل بكتابة اسم المتهم الأول ثنائي ووضع رقم هاتف المتهم الثاني وهو ما يثبت للمحكمة ويجعلها تطمئن اطمئناناً تاماً بسيطرة المتهمين الفعلية على هذا الطرد المضبوط ، وحيث إنه عن توافر الركن المعنوي فإن المحكمة - أيضاً – تطمئن إلى توافر القصد الجنائي لدى المتهمين وإلى توافر علمهما بكنه الجوهر المضبوط وعلمهما التام باحتواء الطرد على مواد مخدرة ، وآية ذلك حرصهما على إخفاء تلك المواد المخدرة بداخل السماعة المضبوطة ، فقيامهما بإخفاء المواد المخدرة بتلك الطريقة ووضعها داخل سماعة صوت وهو وضع وسلوك على غير المألوف في إرسال مثل هذه الطرود ويدل على أن ما يقوم باتخاذ ذلك السلوك الغير مألوف إنما على علم تام بأنه يقوم بإخفاء أشياء محرمة ومجرمة قانوناً مما يدل ويثبت للمحكمة علمهما التام بكون المضبوطات جواهر مخدرة " ، ثم أورد تقريرات قانونية وأضاف : "ومن ثم يضحى ما تساند إليه الدفاع في هذا الشأن على غير سند صحيح من الواقع والقانون وتلتفت عنه المحكمة " . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يشترط لاعتبار الجاني حائزاً لمادة مخدرة أن يكون محرزاً للمادة المضبوطة ، بل يكفي لاعتباره كذلك أن يكون سلطانه مبسوطاً عليها ولو لم تكن في حيازته المادية ، أو كان المحرز للمخدر شخصاً غيره ، وكان القصد الجنائي في جريمة حيازة المواد المخدرة إنما يتوافر بعلم الحائز بأن المادة التي يحوزها هي من المواد المخدرة ، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه رداً على ما أثاره الدفاع كافياً وسائغاً في الدلالة على صلة الطاعنين بالمخدر المضبوط وعلى علمهما بكنهه ، ولا خروج فيه عن موجب الاقتضاء العقلي والمنطقي ، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية ، فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها المحكمة من باقي الأدلة القائمة في الدعوى ، فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان تفتیش الطرد واطرحه برد سائغ ، لما هو مقرر قانوناً من أن البين من استقراء نصوص المواد من 26 إلی ۳۰ من القانون رقم 66 لسنة 1963 بإصدار قانون الجمارك أن الشارع منح موظفي الجمارك الذين أسبغت عليهم القوانين صفة الضبط القضائي في أثناء قيامهم بتأدية وظائفهم حق تفتیش الأماكن ، والأشخاص ، والبضائع ، ووسائل النقل داخل الدائرة الجمركية ، أو في حدود نطاق الرقابة الجمركية ، إذا ما قامت لديهم دواعي الشك في البضائع ، والأمتعة ، ومظنة التهريب فيمن يتواجدون بداخل تلك المناطق ، وأن الشارع بالنظر إلى طبيعة التهريب الجمركي وصلته المباشرة بصالح الخزانة العامة ومواردها وبمدی الاحترام الواجب للقيود المنظمة للاستيراد والتصدير ، لم يتطلب بالنسبة للأشخاص توافر قيود القبض والتفتيش المنظمة بقانون الإجراءات الجنائية ، أو اشتراط وجود المراد تفتيشه في إحدى الحالات المبررة له في نطاق الفهم القانوني للمبادئ المقررة في القانون المذكور، بل إنه يكفي أن يقوم لدى موظف الجمارك المنوط به المراقبة والتفتيش في تلك المناطق حالة تنم عن شبهة في توافر التهريب الجمركي فيها في الحدود المعرف بها في القانون حتى يثبت له حق الكشف عنها ، فإذا هو عثر أثناء التفتيش الذي يجريه على دليل يكشف عن جريمة غير جمركية معاقب عليها في القانون العام ، فإنه يصح الاستدلال بهذا الدليل أمام المحاكم في تلك الجريمة ، لأنه ظهر أثناء إجراء مشروع في ذاته ولم ترتكب في سبيل الحصول عليه أية مخالفة ، ولما كان من المقرر أن الشبهة في توافر التهريب الجمركي حالة ذهنية تقوم بنفس المنوط بهم تنفيذ القوانين الجمركية يصح معها في العقل القول بقيام مظنة التهريب من شخص موجود في دائرة المراقبة الجمركية ، ومتى أقرت محكمة الموضوع أولئك الأشخاص فيما قام لديهم من اعتبارات أدت إلى الاشتباه في محل التفتيش - في حدود دائرة المراقبة الجمركية - على توافر فعل التهريب فلا معقب عليها ، ولما كان البين من الحكم المطعون فيه أن تفتيش الطرد المرسل باسم الطاعن الذي أسفر عن ضبط الجوهر المخدر في مخبأ به تم داخل الدائرة الجمركية بمعرفة مأموري الجمرك - وهم من مأموري الضبط القضائي - بعد أن قامت لديهم من الاعتبارات ما يؤدي إلى الاشتباه في توافر فعل التهريب في حق الطاعن ، فإن الحكم يكون قد أصاب صحيح القانون في رفضه للدفع ببطلان التفتيش ورد عليه رداً كافياً سائغاً . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن ما أوردته المادة 51 من قانون الجمارك رقم 66 لسنة 1963 من أنه : " لا يجوز فتح الطرود للمعاينة إلا بحضور ذوي الشأن ، ومع ذلك يجوز للجمرك بإذن كتابي من الرئيس المحلي فتح الطرود عند الاشتباه في وجود مواد ممنوعة دون حضور ذوي الشأن بعد مضي أسبوع من وقت اعلامهم ، ويحرر محضر بذلك من اللجنة التي تشكل لهذا الغرض ، ومع ذلك يجوز بقرار من مدير عام الجمارك في حالة الضرورة العاجلة فتح الطرود دون حضور ذوي الشأن بواسطة اللجنة التي تشكل لهذا الغرض " ، لا يعدو أن يكون إجراء تنظيمياً لا يترتب على مخالفته - بفرض صحة ما يدعيه الطاعن – بطلاناً ، مما لا يصح أن يكون سبباً للنعي على الحكم ، ويكون النعي على الحكم في هذا الشأن غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان حصول التفتيش بغير حضور المتهم لا يترتب عليه البطلان قانوناً ، فإنه لا يعيب الحكم التفاته عن الرد على الدفع الذي أبداه الطاعن ببطلان التفتيش لإجرائه في غيبته ، طالما أنه دفع قانوني ظاهر البطلان . لما كان ذلك ، وكان الطاعن لا ينازع في أن أمر ضبطه صدر من سلطة تمتلك إصداره ، وحصل صحيح موافقاً للقانون ، فإن تفتيش شخص المتهم يكون صحيحاً ، لما هو مقرر بنص المادة 46 من قانون الاجراءات الجنائية من أنه في الأحوال التي يجوز القبض فيها على المتهم يجوز لمأمور الضبط القضائي أن يفتشه ، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر في رده على الدفع ببطلان القبض على الطاعن وتفتيشه وقائياً ، فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ، ويكون النعي عليه في هذا الصدد غير سديد . لما كان ذلك ، وكانت أسباب الحكم المطعون فيه قد خلت من التناقض ، ومن عيوب التسبيب ، فإن النعي على الحكم في هذا الشأن غير قویم . لما كان ذلك ، وكان الطاعن لا يماري في أن التوقيع على الحكم المطعون فيه قد صدر عن رئيس الجلسة التي قضت به ، فإن نعيه عليه بعدم قراءته يكون غير سديد . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق