جلسة 13 من يناير سنة 1996
برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ محمد جودت أحمد الملط - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: محمد مجدي محمد خليل، وعبد المنعم أحمد عبد الرحمن حسين، والسيد محمد العوضي، ومحمد عبد الحميد مسعود - نواب رئيس مجلس الدولة.
------------------
(34)
الطعن رقم 1501 لسنة 37 القضائية
عاملون مدنيون - تقرير الكفاية - سلطة الإدارة في تقرير كفاية العامل.
المادة 28 من القانون رقم 47 لسنة 1978 بنظام العاملين المدنيين بالدولة.
إن تقدير الدرجة التي يستحقها العامل عن كل عنصر من العناصر الواردة بتقرير الكفاية السنوي هو أمر يترخص فيه للرئيس المباشر والمدير المحلي ورئيس المصلحة ولجنة شئون العاملين كل في حدود اختصاصه وسلطانه ولا رقابة للقضاء عليهم في ذلك ما دام قد ثبت أن درجة كل عنصر من عناصر التقرير مستمدة من أصول تنتجها من ملف خدمة العامل وما يبديه الرؤساء عنه ولا سبيل إلى التعقيب على ما جاء بهذا التقرير من تقدير لهذه العناصر ما دام لم يثبت أن تقديراتهم كانت مشوبة بالانحراف أو بإساءة استعمال السلطة لتعلق ذلك بصميم اختصاص الجهة الإدارية، وأنه يتعين لإثبات انحراف الإدارة أو إساءة استعمال سلطتها أن يقوم دليل على ذلك باعتبار أن ذلك من قبيل العيوب القصدية. تطبيق.
إجراءات الطعن
في يوم السبت الموافق 23/ 3/ 1991 أودع الأستاذ/..... المحامي بصفته وكيلاً عن الأستاذ/..... المحامي نائباً عن الطاعن/..... سكرتارية المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد برقم 1501 لسنة 37 ق. ع ضد رئيس مجلس إدارة الهيئة القومية للتأمينات الاجتماعية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بأسيوط في الدعوى رقم 2019 لسنة 3 ق فيما قضى به من رفض الدعوى وإلزام المدعي بالمصروفات.
وقد انتهى تقرير الطعن للأسباب الواردة فيه إلى طلب الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلغاء القرار الصادر من الجهة الإدارية بتخفيض تقرير كفايته عن عام 1985 من ممتاز إلى جيد مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية بالمصروفات.
وقد أعدت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الطعن انتهت فيه إلى طلب الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء بإلغاء القرار الصادر بتقدير درجة كفاية الطاعن عن عام 1985 مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة بالمصروفات.
وقد أعلن الطعن إلى الجهة الإدارية المطعون ضدها بتاريخ 2/ 4/ 1991.
وتحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا جلسة 24/ 7/ 1995 وتدوول نظر الطعن أمام الدائرة وبجلسة 13/ 11/ 1995 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى الدائرة الثانية بالمحكمة الإدارية العليا وحددت لنظره جلسة 9/ 12/ 1995 وبهذه الجلسة قررت المحكمة النطق بالحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة والمداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن وقائع هذه المنازعة تخلص في أنه بتاريخ 26/ 4/ 1987 وبموجب صحيفة مودعة قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بالقاهرة قيدت برقم 3588 لسنة 41 ق أقام المدعي/.... الدعوى سالفة الذكر ضد رئيس مجلس إدارة الهيئة القومية للتأمينات الاجتماعية وطلب في ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلاً وفى الموضوع بإلغاء القرار الصادر بتقدير درجة كفايته عن عام 1985 بمرتبة جيد مع ما يترتب على ذلك من آثار وتعديل درجة كفايته عن هذا العام ورفعها إلى مرتبة ممتاز والحكم له بتعويض مؤقت قدره 51 جنيهاً وإلزام الجهة الإدارية بالمصروفات وذلك استناداً إلى أنه يعمل مدير مكتب ( أ ) بالهيئة القومية للتأمينات الاجتماعية وقد فوجئ في 28/ 1/ 1987 بإخطاره بأن لجنة شئون العاملين قد اعتمدت تقرير كفايته عن عام 1985 بمرتبة "جيد" وذلك على خلاف ما ورد بملف خدمته ونتيجة لخلافات شخصية بينه وبين رئيسه المباشر وكان ذلك وسيلة لحرمانه من الترقية بالاختيار وأن هذا التقدير كان راجعاً إلى استعماله لحقه في الإجازات طوال هذا العام في حين أنه حصل على إجازة لأداء فريضة الحج وله رصيد من الإجازات الاعتيادية أما فيما يتعلق بحصوله على إجازة مرضية فهو عذر لا دخل له فيه وأنه مثال للمواظبة على العمل في الحضور والانصراف ومتعاون مع باقي زملائه وينجز أعماله بصورة مرضية ولم توقع على أية جزاءات خلال هذا العام وقد تظلم من هذا القرار دون جدوى.
وتنفيذاً لقرار السيد الأستاذ المستشار رئيس مجلس الدولة رقم 121 لسنة 1989 بإنشاء دائرة لمحكمة القضاء الإداري بأسيوط فقد تم إحالة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري بأسيوط وقيدت بجدولها تحت رقم 2019 لسنة 1 ق أسيوط.
وبجلسة 28/ 1/ 1991 حكمت محكمة القضاء الإداري بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً وألزمت المدعي بالمصروفات. وشيدت المحكمة قضاءها على سند من أن تقرير كفاية المدعي قد وضع بمعرفة الرئيس المباشر ومنحه 88 درجة بتقدير "جيد" وقد اعتمد من المدير المحلي بذات الدرجة كما أعتمد من لجنة شئون العاملين دون تعديل أو تغيير ومن ثم فقد استوفى تقرير الكفاية الإجراءات الشكلية والموضوعية ومر بالمراحل القانونية المقررة، وأنه نظراً لحصول المدعي على مدد 41 يوماً إجازة اعتيادية وعدد 6 أيام إجازة عارضة وعدد 9 أيام إجازة مرضية في خلال الفترة التي وضع عنها تقرير الكفاية وإذ قدرت الجهة الإدارية عنصر استخدامه للإجازات بخمس درجات من عشر درجات فإن تقديرها في هذا الشأن يكون مستمداً من أصول تؤدي إليها فضلاً على أن أوراق الدعوى قد خلت مما يفيد وجود خلافات شخصية بين المدعي وبين رئيسه المباشر واعتمد من المدير المحلي ولجنة شئون العاملين بذات الدرجة دون تعديل.
وإذ لم يلق هذا القضاء قبولاً من المدعي فقد أقام الطعن الماثل استناداً إلى ما شاب الحكم المطعون فيه من فساد في الاستدلال وقصور في التسبيب ذلك لأن هذا الحكم قد استند إلى حصول الطاعن على 41 يوماً إجازة اعتيادية وستة أيام إجازة عارضة وتسعة أيام إجازة مرضية ذلك دون أن يبين الحكم المطعون فيه الأسباب التي دفعت الطاعن إلى الحصول على هذه الإجازات لأن الثابت أن حصوله على 41 يوماً إجازة اعتيادية كان بسبب سفره لأداء فريضة الحج والعمرة وهذا حق مقرر له بمقتضى حكم القانون رقم 47 لسنة 1978 وفيما يتعلق بالإجازة المرضية فقد خصها المشرع بعين الاعتبار لأنه لا دخل لإرادة العامل في مرضه وكذلك حصوله على إجازة عارضة طبقاً للقانون ومن ثم فلا يجوز للإدارة أن تعاقبه على استعماله لحق مقرر له في الحصول على الإجازات المشار إليها فضلاً على أنه حصل مقابل مادي لرصيد إجازاته التي لم يستعملها عند إحالته للمعاش فإذا ساير الحكم المطعون فيه الجهة الإدارية فيما ذهبت إليه فإنه بذلك يكون قد خالف أحكام القانون. وأضاف الطاعن أن الحكم المطعون فيه قد أخل بحقه في الدفاع حيث اكتفى بالقول بأن المدير المحلي ولجنة شئون العاملين قد اعتمدا تقرير الكفاية الذي وضع بمعرفة الرئيس المباشر دون تعديل ولم يحقق الحكم المطعون فيه ما ذهب إليه الطاعن من تخفيض درجة كفايته دون إبداء الأسباب التي أدت إلى ذلك مما يخالف أحكام القانون كما أن سلوك الجهة الإدارية قد شابه الانحراف في استعمال السلطة لأنها تعمدت تخفيض درجة كفايته حتى تفوت عليه فرصة الترقية بالاختيار للوظيفة الأعلى وانتهى الطاعن إلى طلب الحكم بالطلبات الموضحة سلفاً.
ومن حيث إن الطاعن يطالب بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من رفض دعواه بطلب إلغاء القرار الصادر بتقدير درجة كفايته عن عام 1985 بتقدير جيد للأسباب التي استند إليها في تقرير طعنه والمشار إليها سلفاً.
ومن حيث إن الثابت من الاطلاع على تقرير كفاية الطاعن عن عام 1985 يبين أن رئيسه المباشر قد قدر درجة كفاية بتقدير "جيد" بمجموع 88 درجة وقد اعتمد ذلك رئيسه المحلي كما اعتمد هذا التقرير من لجنة شئون العاملين وقد استندت الجهة الإدارية في ذلك إلى منح الطاعن عدد ثماني عشرة درجة من عشرين درجة في العنصر الخاص بكمية العمل ومثلها في جودة العمل وثماني درجات من عشر في العنصر المتعلق بالإلمام بالعمل ومثلها في عنصر تحمل المسئولية والتصرف وأربع درجات في العنصر الخاص بالقدرة على التنظيم والتطوير من خمس درجات ومثلها في العنصر الخاص بالقابلية للتقدم والتوجيه وثماني درجات في عنصر الإشراف من عشر درجات أما فيما يتعلق باحترام مكان العمل ومواعيد العمل وعنصر استعمال الحق في الإجازات فقد حصل الطاعن في كل عنصر على خمس درجات من خمس درجات فيكون المجموع الكلي 88 درجة من مائة درجة والتقدير العام بدرجة "جيد".
ومن حيث إن المادة 28 من القانون رقم 47 لسنة 1978 بنظام العاملين المدنيين بالدولة تنص على أن "تضع السلطة المختصة نظاماً يكفل قياس كفاية الأداء الواجب تحقيقه بما يتفق مع طبيعة نشاط الوحدة وأهدافها ونوعية الوظائف بها.
ويكون قياس الأداء مرة واحدة خلال السنة قبل وضع التقرير النهائي لتقدير الكفاية وذلك من واقع السجلات والبيانات التي تعدها الوحدة لهذا الغرض ونتائج التدريب المتاح وكذلك أية معلومات أو بيانات أخرى يمكن الاسترشاد بها في قياس كفاية الأداء ويعتبر الأداء العادي هو المعيار الذي يأخذ أساساً لقياس كفاية الأداء ويكون تقدير الكفاية بمرتبة ممتاز أو جيد أو متوسط أو ضعيف.
وتضع السلطة المختصة نظاماً يتضمن تحديد الإجراءات التي تتبع في وضع وتقديم واعتماد تقارير الكفاية والتظلم منها.
ويكون وضع التقارير النهائية عن سنة تبدأ من أول يناير وتنتهي في آخر ديسمبر وتقدم خلال شهري يناير وفبراير وتعتمد خلال شهر مارس....."
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن تقدير الدرجة التي يستحقها العامل عن كل عنصر من العناصر الواردة بتقرير الكفاية السنوي هو أمر يترخص فيه الرئيس المباشر والمدير المحلي ورئيس المصلحة ولجنة شئون العاملين كل في حدود اختصاصه وسلطاته ولا رقابة للقضاء عليهم في ذلك مادام قد ثبت أن درجة كل عنصر من عناصر التقرير مستمدة من أصول تنتجها من ملف خدمة العامل وما يبديه الرؤساء عنه ولا سبيل إلى التعقيب على ما جاء بهذا التقرير من تقدير لهذه العناصر مادام لم يثبت أن تقديراتهم كانت مشوبة بالانحراف أو بإساءة استعمال السلطة لتعلق ذلك بصميم اختصاص الجهة الإدارية، وأنه يتعين لإثبات انحراف الإدارة أو إساءة استعمال سلطتها أن يقوم دليل على ذلك باعتبار أن ذلك من قبيل العيوب القصدية.
ومن حيث إنه لما تقدم ولما كان الثابت من الاطلاع على التقرير الخاص بتقدير درجة كفاية الطاعن عن عام 1985 أن هذا التقرير قد وضع بمعرفة الرئيس المباشر للطاعن الذي قدر درجة كفاية بمرتبة "جيد" بمجموع درجات 88 درجة من مائة درجة كما أقر المدير المحلي للطاعن هذا التقدير دون تعديل واعتمد من لجنة شئون العاملين بذات مرتبة الكفاية وعلى ذلك فإن هذا التقدير يكون قد استوفى الإجراءات المقررة في هذا الشأن طبقاً لأحكام القانون. ولا ينال من ذلك ما ذهب إليه الطاعن من أن منحة مرتبة "جيد" بتقرير الكفاية المطعون فيه عام 1985 كان نتيجة لاستعماله لحقه في الإجازات الاعتيادية والعارضة والمرضية خلال هذا العام ذلك لأن الثابت من الاطلاع على تقرير الكفاية المشار إليه أنه حصل على خمس درجات من خمس درجات في العنصر الخاص باستعماله لحقه في الإجازات خلال هذا العام ومن ثم فقد ثبت أن حصوله على الإجازات المشار إليها لم يكن له أية تأثير على تقدير كفايته بالنسبة لهذا العنصر من عناصر التقرير بل إن خفض الدرجات كان في عناصر مختلفة على النحو سالف الذكر ومن ثم يكون النعي على تقرير الكفاية لهذا السبب قد جاء على خلاف الحقيقة والواقع مما يتعين طرحه جانباً وعدم التعويل عليه في الطعن على التقرير المشار إليه وبالتالي على القرار المطعون فيه.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بما ينعاه الطاعن على القرار المطعون فيه من أنه صدر نتيجة وجود خلافات شخصية بينه وبين رئيسه المباشر الذي أراد الكيد له والنيل منه حتى لا تتم ترقيته للوظيفة الأعلى بالاختيار فإن أوراق الطعن قد خلت مما يفيد ذلك ولم يقدم الطاعن من دليل على صحة ما يدعيه ومن ثم جاءت أقواله مرسلة خالية من كل ما يؤيدها مما يتعين الالتفات عنها باعتبار أن ذلك من قبيل العيوب القصدية التي يتعين إقامة الدليل عليها للقول بوجود انحراف أو إساءة استعمال الإدارة لسلطتها فضلاً على أن المدير المحلي ولجنة شئون العاملين قد أقرا واعتمدا تقدير الرئيس المباشر دون تعديل أو تعقيب رغم أن كلاً منهما يملك هذه السلطة وهو ما لم يحدث.
ومن حيث إنه لما تقدم فإن تقرير كفاية الطعن عن عام 1985 ويكون قد صدر سليماً متفقاً وأحكام القانون ويكون الطعن عليه على غير أساس واجب الرفض.
ومن حيث إنه عن طلب التعويض فإنه نظراً لأن التقرير المطعون فيه قد صدر سليماً وغير مشوب بعيب يوصمه بعدم المشروعية فإنه لا يوجد أي خطأ يمكن أن يسند إلى الجهة الإدارية المطعون ضدها وبالتالي يتخلف أحد العناصر اللازمة لقيام مسئوليتها عن التعويض عن القرار المطعون فيه مما يتعين رفض هذا الطلب.
ومن حيث إنه لما سلف ونظراً لأن الحكم المطعون فيه قد أخذ بهذا النظر مع اختلاف في الأسباب فإنه يكون قد صدر متفقاً وصحيح حكم القانون ويكون الطعن عليه قد جاء على غير أساس واجب الرفض مع إلزام الطاعن بالمصروفات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الطاعن المصروفات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق