جلسة 16 من نوفمبر سنة 2020
برئاسة السيد القاضي / مصطفى محمد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / نبيل مسعود ، حسين النخلاوي ، إبراهيم فؤاد وأسامة محمود نواب رئيس المحكمة .
--------------------
(104)
الطعن رقم 1587 لسنة 88 القضائية
(1) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وإيراده مؤدى أدلة الثبوت في بيان وافٍ . لا قصور .
(2) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " . دفوع " الدفع ببطلان إذن التفتيش " .
اطمئنان المحكمة لجدية التحريات التي بُني عليها الإذن . كفايته لاطراح الدفع ببطلانه لعدم جديتها .
(3) إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . دفوع " الدفع بصدور إذن التفتيش بعد الضبط والتفتيش " .
النعي على المحكمة قعودها عن الرد على دفع لم يبد أمامها . غير مقبول .
الدفع بصدور الإذن بالتفتيش بعد الضبط . موضوعي . كفاية اطمئنان المحكمة لوقوع الضبط والتفتيش بناءً على الإذن رداً عليه .
(4) نقض " المصلحة في الطعن " . تلبس .
لا مصلحة للطاعن في النعي بشأن قيام حالة التلبس التي تجيز القبض عليه وتفتيشه . متى كان لرجل الضبط القضائي إجراء ذلك بناءً على الإذن الصادر من النيابة .
(5) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
النعي على الحكم أنه أقام قضاءه على رأي لسواه . غير مقبول . ما دام استخلص الإدانة من أدلة سائغة تؤدي لما رتبه الحكم عليها .
(6) استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " .
للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة أساسية .
(7) إثبات " اعتراف " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
تسمية الحكم أقوال المتهم اعترافاً . لا يعيبه . حد ذلك ؟
(8) نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
النعي بشأن أقوال شاهدي الإثبات وبتلفيق الاتهام وكيديته . جدل موضوعي . غير جائز أمام محكمة النقض .
(9) إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي حاجة لإجرائه . غير مقبول .
(10) نقض " أسباب الطعن . تحديدها " .
وجه الطعن . وجوب أن يكون واضحاً محدداً .
مثال .
(11) إرهاب " السعي لدى دولة أجنبية أو جماعة خارج البلاد " " الانضمام لجماعة أُسست على خلاف أحكام القانون " . جريمة " أركانها " . عقوبة " تطبيقها " . نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " . محكمة النقض " سلطتها " .
جريمة السعي لدى دولة أجنبية أو جماعة خارج البلاد المنصوص عليها في المادة 86 مكرراً/ج عقوبات . ماهيتها وأركانها ومناط تحققها ؟
قضاء الحكم بمعاقبة الطاعن عن جريمة السعي لدى دولة أجنبية أو جماعة خارج البلاد بوصفها الأشد رغم خلو الأوراق من دليل يقيني على ارتكابها وعدم كفاية التحريات وحدها للتدليل على قيامها . خطأ في تطبيق القانون . لمحكمة النقض تصحيحه بمعاقبته بجريمة الانضمام إلى عصابة إرهابية أسست على خلاف أحكام القانون باعتبارها الثابتة في حقه . علة وأساس ذلك ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه بَيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة الانضمام إلى عصابة إرهابية أُسِسَت على خلاف أحكام القانون " تنظيم داعش " بغرض الدعوة إلى تعطيل أحكام الدستور والقوانين ومنع مؤسسات الدولة وسلطاتها العامة من ممارسة أعمالها والاعتداء على الحرية الشخصية للمواطنين وتستخدم الإرهاب لتحقيق ذلك مع عِلمه بغرضها التي دان الطاعن بها ، وأتبع ذلك ببيانٍ مُفصل للأدلة التي عوّل عليها في قضائه بالإدانة بما يكفي للتدليل على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها المحكمة واستقرت في وجدانها ، فإنه تنحسر عنه دعوى القصور في التسبيب .
2- لما كان الحكم قد عَرَض للدفع ببطلان إذن النيابة العامة بالقبض والتفتيش لعدم جدية تلك التحريات واطرحه تأسيساً على اطمئنان المحكمة إلى جدية التحريات التي بُني عليها الإذن وكفايتها لتسويغ إصدار الإذن ، وهو من الحكم رد كاف وسائغ ويتفق وصحيح القانون ، فإن النعي عليه في هذا المنحى يكون غير سديد .
3- لما كان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يَدفع ببطلان القبض والتفتيش لحصولهما قبل صدور الإذن فليس له ـــــ من بعد ـــــ أن ينعى على المحكمة قعودها عن الرد على دفع لم يُبد أمامها ، هذا فضلاً عما هو مُقرر من أن الدفع بصدور الإذن بعد الضبط والتفتيش هو دفاع موضوعي يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناءً على هذا الإذن أخذاً منها بالأدلة السائغة التي أوردتها في حكمها .
4- من المقرر أنه لا مصلحة للطاعن في الجدل بشأن قيام حالة التلبس التي تُجيز القبض عليه وتفتيشه من عدمه طالما كان من حق رجال الضبطية القضائية إجراء هذا القبض والتفتيش بناءً على الإذن الصادر من النيابة وهو ما أثبته الحكم أيضاً - بما لا ينازع فيه الطاعن - ، ومن ثم فإن ما يُثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير مُقترِن بالصواب .
5- لما كان الحكم قد أقام قضاءه على ما استخلصه من أقوال شاهدي الإثبات وإقرار الطاعن بتحقيقات النيابة ومحضر الضبط ، ومن ثم فإنه لم يَبنِ حكمه على رأي لسواه ، ويضحى ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد غير سديد .
6- من المقرر أن للمحكمة أن تعوّل في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة أساسية ، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا المقام يكون غير قويم .
7- من المقرر أنه لا يعيب الحكم تَسمية أقوال المتهم اعترافاً ما دامت المحكمة لم تُرتب على هذه الأقوال وحدها الأثر القانوني للاعتراف وهو الاكتفاء به والحكم على الطاعن بغير سماع الشهود ، فإن منعاه في هذا الشأن يكون غير سديد .
8- لما كان ما يُثيره الطاعن بشأن أقوال شاهدي الإثبات والقول بتلفيق الاتهام وبكيديته محض جدل موضوعي في تقدير الدليل الذي تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب ، ولا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
9- لما كان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يَطلب إلى المحكمة إجراء تحقيق بشأن دفاعه ، فليس له ـــــ من بعد ـــــ أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء لم يُطلب منها ولم تر هي من جانبها حاجة لذلك .
10- من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً ، وكان الطاعن لم يكشف في طعنه عن وجه الخلاف بين ما أورده الحكم في بيانه مؤدى الدليل المستمد من أقوال شاهدي الإثبات وما ورد بأوراق الدعوى ، وكذلك ماهية المستندات التي قدمها للمحكمة وأغفل الحكم التعرض لها حتى يتضح مدى أهميتها في الدعوى المطروحة ، فإن ما يُثيره في هذا الصدد لا يكون مقبولاً .
11- من المقرر أنه يجب لقيام جريمة السعي لدى دولة أجنبية أو جماعة خارج البلاد المنصوص عليها في المادة 86 مكرراً/ج عقوبات توافر أركانها القانونية ، وكان من المقرر أن السعي عبارة عن عمل مادي واضح المعالم في الحيز الخارجي ويُراد به كل عمل أو نشاط يَصدر من الجاني يتجه به إلى الدولة الأجنبية أو لدى جمعية أو هيئة أو منظمة أو جماعة أو عصابة يكون مقرها خارج البلاد أو بأحد ممن يعملون لمصلحة أي منها لأداء خدمة معينة تتمثل في القيام بعمل من أعمال الإرهاب داخل مصر مما عدده النص أو الاشتراك في ارتكابه ، ويقع السعي بكل صور الاتصال المباشر غير المشروع ، والسعي مرحلة سابقة على التخابر إلا أن القانون ساوى بينهما نظراً إلى الخطورة التي ينطوي عليها مسلك الجاني الذي يتوجه بنفسه إلى الدولة الأجنبية أو الجمعية أو الهيئة أو المنظمة التي يكون مقرها خارج البلاد ، وتقوم هذه الجريمة بتوافر ركنين : 1- ركن مادي : يتمثل في السعي أو التخابر لدى دولة أجنبية أو لدى جمعية أو هيئة أو منظمة أو جماعة أو عصابة يكون مقرها خارج البلاد أو بأحد ممن يعملون لمصلحة أي منها للقيام بأي عمل من أعمال الإرهاب داخل مصر أو ضد ممتلكاتها أو مؤسساتها أو موظفيها أو ممثليها الدبلوماسيين أو مواطنيها أثناء عملهم أو وجودهم بالخارج أو الاشتراك في ارتكاب شيء مما ذُكر ، ولم يتطلب القانون في الدولة الأجنبية أن تكون معادية ، 2- ركن معنوي : هذه الجريمة عمدية ويتعين لوقوعها توافر القصد الجنائي العام بعنصريه الإرادة والعلم ، وهذا يستلزم علم الجاني بعناصر الركن المادي للجريمة كما هو مُحدد في النص وانصراف إرادته إلى التلاقي مع إرادة باقي الفاعلين في ارتكاب الجريمة في أحد صور الركن المادي المحددة سلفاً ، وفضلاً عن توافر القصد العام يجب أن يتوافر قصد جنائي خاص هو القيام بأعمال عدائية ضد مصر ومؤسساتها ، ولا يُشترط لوقوع هذه الجريمة نجاح الجاني في مَقصِده إذ يكفي توافر هذا القصد ولو لم يتحقق تنفيذه بالفعل . لما كان ذلك ، وكان الثابت من مجموع ما أورده الحكم ومن الاطلاع على المفردات ـــــ التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لوجه الطعن ـــــ عدم توافر أركان جريمة السعي لدى دولة أجنبية أو جماعة خارج البلاد المؤثمة بالمادة 86 مكرراً ج/1 التي دين بها الطاعن ، وكانت أوراق الدعوى جاءت خلواً من دليل يقيني دامغ على ارتكابه لتلك الجريمة ؛ حيث خلت أقوال الطاعن سواء منها ما كان أمام جهات الضبط أم جهات التحقيق من أن سعيه كان بقصد ارتكاب أعمال عدائية ضد مصر ومؤسساتها ، وكانت تحريات الشرطة لا تكفي بمفردها للتدليل علي توافر الجريمة بركنيها المادي والمعنوي ، وكان الحكم المطعون فيه قد أعمل في حق الطاعن المادة 32/2 من قانون العقوبات وأوقع عليه عقوبة جريمة السعي باعتبارها الجريمة الأشد مع أنه لم يَرتكب هذه الجناية ولم يأتِ عملاً من الأعمال المكونة لها ، بل إن الثابت في حقه جريمة الانضمام إلى عصابة إرهابية أُسِسَت على خلاف أحكام القانون " تنظيم داعش " ، فإنه يكون قد أخطأ في تأويل القانون وفي تطبيقه ، وعندئذ يكون لمحكمة النقض لما لها من حق الرقابة على صحة تطبيق القانون أن تتدخل وتُصحح هذا الاستخلاص الخاطئ بما يتفق وتلك الحقيقة وما يقضي به المنطق والقانون . لما كان ذلك ، وكانت عقوبة جريمة الانضمام إلى إحدى الجمعيات أو الهيئات أو المنظمات أو الجماعات أو العصابات المنصوص عليها في المادتين 86 مكرراً/2 ، 86 مكرراً أ/2 هي السجن المشدد ، ولما كان الحكم المطعون فيه قد قضى بمعاقبة الطاعن بالسجن المؤبد فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ، ومن ثم يتعين تصحيحه عملاً بالمادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقرار بقانون رقم 57 لسنة 1959 وذلك بمعاقبة الطاعن بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات ورفض الطعن فيما عدا ذلك .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائـع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه :
- انضم إلى إحدى العصابات المُنشأة على خلاف أحكام القانون والمسماة تنظيم الدولة الإسلامية " داعش " الغرض منها تعطيل أحكام الدستور والقوانين داخل البلاد والاعتداء على الحرية الشخصية للمواطن والإضرار بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي مع علمه بأغراضها والتي تتخذ من الإرهاب وسيلة لتنفيذ أهدافها على النحو المبين بالتحقيقات .
- سعى إلى الالتحاق بعصابة إرهابية مقرها خارج البلاد " موضوع الاتهام الأول " والكائنة بدولتي .... و.... وذلك للقيام بأعمال إرهابية داخل جمهورية مصر العربية وممتلكاتها رغبة في شراء مواد معدة للتفجير من تلك العصابة والتدريب على التعامل معها واستخدامها في أعمال إرهابية داخل البلاد على النحو المبين بالتحقيقات .
وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 86 ، 86 مكرراً/2 ، 86 مكرراً أ/2 ، 86 مكرراً ج/1 من قانون العقوبات ، مع إعمال نص المادة 32 من ذات القانون ، بمعاقبته بالسجن المؤبد وألزمته المصاريف الجنائية .
فطعـن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي السعي لدى عصابة إرهابية " تنظيم داعش " مقرها خارج البلاد للقيام بأعمال إرهابية داخل مصر والانضمام إليها ، قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، ومخالفة الثابت بالأوراق ؛ ذلك بأنه خلا من بيان الواقعة وأدلتها ، ولم يُدلل على توافر أركان الجريمة التي دان الطاعن بها تدليلاً سائغاً ، ورد بما لا يَصلُح رداً على دفاعه ببطلان إذن النيابة العامة بالقبض والتفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية ، وببطلان هذين الإجراءين لحصولهما قبل صدور الإذن بهما ولانتفاء حالة التلبس ، كما بَنى الحكم قضاءه على عقيدة حَصّلها من أقوال الضابط الذي أجرى التحريات وعوّل عليها وحدها دون أن يُعززها دليل آخر ، كما أن ما نسبه إلى الطاعن من اعتراف لا يتضمن ارتكابه جُرماً ، وضرب صفحاً عن دفاعه بتلفيق الاتهام وبكيديته ، ولم يَعرِض لما قدمه من مستندات تأييداً لدفاعه ، ولم تُجرِ المحكمة تحقيقاً في هذا الخصوص ، وأخيراً فقد أسند الحكم إلى شاهدي الإثبات أقوالاً لا سند لها في الأوراق ، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
حيث إن الحكم المطعون فيه بَيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة الانضمام إلى عصابة إرهابية أُسِسَت على خلاف أحكام القانون " تنظيم داعش " بغرض الدعوة إلى تعطيل أحكام الدستور والقوانين ومنع مؤسسات الدولة وسلطاتها العامة من ممارسة أعمالها والاعتداء على الحرية الشخصية للمواطنين وتستخدم الإرهاب لتحقيق ذلك مع عِلمه بغرضها التي دان الطاعن بها ، وأتبع ذلك ببيانٍ مُفصل للأدلة التي عوّل عليها في قضائه بالإدانة بما يكفي للتدليل على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها المحكمة واستقرت في وجدانها ، فإنه تنحسر عنه دعوى القصور في التسبيب . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد عَرَض للدفع ببطلان إذن النيابة العامة بالقبض والتفتيش لعدم جدية تلك التحريات واطرحه تأسيساً على اطمئنان المحكمة إلى جدية التحريات التي بُني عليها الإذن وكفايتها لتسويغ إصدار الإذن ، وهو من الحكم رد كاف وسائغ ويتفق وصحيح القانون ، فإن النعي عليه في هذا المنحى يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان يَبين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يَدفع ببطلان القبض والتفتيش لحصولهما قبل صدور الإذن فليس له - من بعد - أن ينعى على المحكمة قعودها عن الرد على دفع لم يُبد أمامها ، هذا فضلاً عما هو مُقرر من أن الدفع بصدور الإذن بعد الضبط والتفتيش هو دفاع موضوعي يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناءً على هذا الإذن أخذاً منها بالأدلة السائغة التي أوردتها في حكمها . لما كان ذلك ، وكان لا مصلحة للطاعن في الجدل بشأن قيام حالة التلبس التي تُجيز القبض عليه وتفتيشه من عدمه طالما كان من حق رجال الضبطية القضائية إجراء هذا القبض والتفتيش بناءً على الإذن الصادر من النيابة وهو ما أثبته الحكم أيضاً - بما لا ينازع فيه الطاعن - ، ومن ثم فإن ما يُثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير مُقترِن بالصواب . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد أقام قضاءه على ما استخلصه من أقوال شاهدي الإثبات وإقرار الطاعن بتحقيقات النيابة ومحضر الضبط ، ومن ثم فإنه لم يَبنِ حكمه على رأي لسواه ، ويضحى ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تعوّل في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة أساسية ، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا المقام يكون غير قويم . لما كان ذلك ، وكان لا يعيب الحكم تَسمية أقوال المتهم اعترافاً ما دامت المحكمة لم تُرتب على هذه الأقوال وحدها الأثر القانوني للاعتراف وهو الاكتفاء به والحكم على الطاعن بغير سماع الشهود ، فإن منعاه في هذا الشأن يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان ما يُثيره الطاعن بشأن أقوال شاهدي الإثبات والقول بتلفيق الاتهام وبكيديته محض جدل موضوعي في تقدير الدليل الذي تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب ، ولا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان يَبين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يَطلب إلى المحكمة إجراء تحقيق بشأن دفاعه ، فليس له - من بعد - أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء لم يُطلب منها ولم تر هي من جانبها حاجة لذلك . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً ، وكان الطاعن لم يكشف في طعنه عن وجه الخلاف بين ما أورده الحكم في بيانه مؤدى الدليل المستمد من أقوال شاهدي الإثبات وما ورد بأوراق الدعوى ، وكذلك ماهية المستندات التي قدمها للمحكمة وأغفل الحكم التعرض لها حتى يتضح مدى أهميتها في الدعوى المطروحة ، فإن ما يُثيره في هذا الصدد لا يكون مقبولاً . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه يجب لقيام جريمة السعي لدى دولة أجنبية أو جماعة خارج البلاد المنصوص عليها في المادة 86 مكرراً/ج عقوبات توافر أركانها القانونية ، وكان من المقرر أن السعي عبارة عن عمل مادي واضح المعالم في الحيز الخارجي ويُراد به كل عمل أو نشاط يَصدر من الجاني يتجه به إلى الدولة الأجنبية أو لدى جمعية أو هيئة أو منظمة أو جماعة أو عصابة يكون مقرها خارج البلاد أو بأحد ممن يعملون لمصلحة أي منها لأداء خدمة معينة تتمثل في القيام بعمل من أعمال الإرهاب داخل مصر مما عدده النص أو الاشتراك في ارتكابه ، ويقع السعي بكل صور الاتصال المباشر غير المشروع ، والسعي مرحلة سابقة على التخابر إلا أن القانون ساوى بينهما نظراً إلى الخطورة التي ينطوي عليها مسلك الجاني الذي يتوجه بنفسه إلى الدولة الأجنبية أو الجمعية أو الهيئة أو المنظمة التي يكون مقرها خارج البلاد ، وتقوم هذه الجريمة بتوافر ركنين : 1- ركن مادي : يتمثل في السعي أو التخابر لدى دولة أجنبية أو لدى جمعية أو هيئة أو منظمة أو جماعة أو عصابة يكون مقرها خارج البلاد أو بأحد ممن يعملون لمصلحة أي منها للقيام بأي عمل من أعمال الإرهاب داخل مصر أو ضد ممتلكاتها أو مؤسساتها أو موظفيها أو ممثليها الدبلوماسيين أو مواطنيها أثناء عملهم أو وجودهم بالخارج أو الاشتراك في ارتكاب شيء مما ذُكر ، ولم يتطلب القانون في الدولة الأجنبية أن تكون معادية ، 2- ركن معنوي : هذه الجريمة عمدية ويتعين لوقوعها توافر القصد الجنائي العام بعنصريه الإرادة والعلم ، وهذا يستلزم علم الجاني بعناصر الركن المادي للجريمة كما هو مُحدد في النص وانصراف إرادته إلى التلاقي مع إرادة باقي الفاعلين في ارتكاب الجريمة في أحد صور الركن المادي المحددة سلفاً ، وفضلاً عن توافر القصد العام يجب أن يتوافر قصد جنائي خاص هو القيام بأعمال عدائية ضد مصر ومؤسساتها ، ولا يُشترط لوقوع هذه الجريمة نجاح الجاني في مَقصِده إذ يكفي توافر هذا القصد ولو لم يتحقق تنفيذه بالفعل . لما كان ذلك ، وكان الثابت من مجموع ما أورده الحكم ومن الاطلاع على المفردات - التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لوجه الطعن - عدم توافر أركان جريمة السعي لدى دولة أجنبية أو جماعة خارج البلاد المؤثمة بالمادة 86 مكرراً ج/1 التي دين بها الطاعن ، وكانت أوراق الدعوى جاءت خلواً من دليل يقيني دامغ على ارتكابه لتلك الجريمة ؛ حيث خلت أقوال الطاعن سواء منها ما كان أمام جهات الضبط أم جهات التحقيق من أن سعيه كان بقصد ارتكاب أعمال عدائية ضد مصر ومؤسساتها ، وكانت تحريات الشرطة لا تكفي بمفردها للتدليل علي توافر الجريمة بركنيها المادي والمعنوي ، وكان الحكم المطعون فيه قد أعمل في حق الطاعن المادة 32 /2 من قانون العقوبات وأوقع عليه عقوبة جريمة السعي باعتبارها الجريمة الأشد مع أنه لم يَرتكب هذه الجناية ولم يأتِ عملاً من الأعمال المكونة لها ، بل إن الثابت في حقه جريمة الانضمام إلى عصابة إرهابية أُسِسَت على خلاف أحكام القانون " تنظيم داعش " ، فإنه يكون قد أخطأ في تأويل القانون وفي تطبيقه ، وعندئذ يكون لمحكمة النقض لما لها من حق الرقابة على صحة تطبيق القانون أن تتدخل وتُصحح هذا الاستخلاص الخاطئ بما يتفق وتلك الحقيقة وما يقضي به المنطق والقانون . لما كان ذلك ، وكانت عقوبة جريمة الانضمام إلى إحدى الجمعيات أو الهيئات أو المنظمات أو الجماعات أو العصابات المنصوص عليها في المادتين 86 مكرراً/2 ، 86 مكرراً أ /2 هي السجن المشدد ، ولما كان الحكم المطعون فيه قد قضى بمعاقبة الطاعن بالسجن المؤبد فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ، ومن ثم يتعين تصحيحه عملاً بالمادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقرار بقانون رقم 57 لسنة 1959 وذلك بمعاقبة الطاعن بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات ورفض الطعن فيما عدا ذلك .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق