جلسة 2 من يناير سنة 1996
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ حنا ناشد مينا حنا - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: د. محمد عبد السلام مخلص، و. د. حمدي محمد أمين الوكيل، والصغير محمد محمود بدران، ومحمد إبراهيم قشطه - نواب رئيس مجلس الدولة.
----------------
(29)
الطعن رقم 2181 لسنة 39 القضائية
بعثات - المطالبة بسداد نفقات الدراسة - سعر التعادل (الصرف).
المادة 226، 228 من القانون المدني.
تاريخ صدور القرار الإداري بمطالبة الموفد وضامنة بقيمة النفقات هو وحده دون غيره المعول عليه في تعادل الجنيه المصري بالعملة الأجنبية - أساس ذلك - أن استحقاق الإدارة لنفقات البعثة أو المنحة لا يتحقق إلا بعد أن تتحقق الجهة الإدارية المختصة من إخلال الموفد لالتزاماته المنصوص عليها في المادتين 25، 31 من قانون البعثات رقم 112 لسنة 1959 ثم تصدر قرارها بمطالبته وضامنة بقيمة النفقات - في حالة تعدد أسعار التعادل فإن العبرة بسعر الصرف المقرر للأفراد العاديين دون أسعار التعادل التي تتقرر لجهات محددة أو لتصرفات معينة بحسبان تلك الأسعار إجراء استثنائي لتحقيق أهداف عامة تقدرها السلطة المختصة ومن ثم لا يجوز أن تمتد إلى غيرها من الأعمال أو التصرفات إعمالاً للقاعدة الأصولية التي تقرر أن الاستثناء لا يجوز التوسع فيه، فضلاً عن انتفاء العلة في الأسعار المدعمة في حالة المطالبة بنفقات المنحة.
إجراءات الطعن
في يوم الثلاثاء 6/ 4/ 1993 أودع الأستاذ/..... المستشار المساعد بهيئة قضايا الدول نيابة عن الطاعن - قلم كتاب المحكمة تقرير الطعن رقم 2181 لسنة 39 ق ضد السيدين (1).... (2).... في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 7/ 2/ 1993 في الدعوى رقم 1728 لسنة 42 ق المقامة من الطاعن ضد المطعون ضدهما والذي قضى بقبول الدعوى شكلاً وفى الموضوع بإلزام المدعى عليهما متضامنين بأن يدفعا للمدعي بصفته مبلغاً مقداره 22902.944 جنيه وبرفض ما عدا ذلك من طلبات وإلزامهما المصروفات - وبختام تقرير الطعن طلب الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون عليه فيما قضى به والقضاء بإلزام المطعون ضدهما بأن يؤديا له بصفته كامل المبلغ المطالب به وفوائده القانونية بواقع 4% سنوياً من هذا المبلغ اعتباراً من تاريخ المطالبة القضائية وحتى تمام السداد مع إلزامهما المصروفات.
وقد أعلن المطعون ضدهما طبقاً للقانون.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع تعديل الحكم المطعون عليه ليكون بإلزام المطعون ضدهما متضامنين بأن يدفعا للطاعن مبلغ 22902.944 جنيه والفوائد القانونية عن هذا المبلغ بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية وحتى تمام السداد مع إلزامهما المصروفات ورفض ما عدا ذلك من طلبات وقد نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون حيث قدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم بالطلبات الواردة بتقرير الطعن وبجلسة 18/ 10/ 1995 قررت دائرة فحص الطعون إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) لنظره بجلسة 24/ 10/ 1995 وأحيل الطعن إلى المحكمة وتدوول بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها حيث تقرر النطق بالحكم بجلسة اليوم وقد صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى سائر أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص حسبما هو ثابت بالأوراق في أن الطاعن بصفته أقام الدعوى رقم 1728 لسنة 42 ق طالباً الحكم بإلزام المطعون ضدهما متضامنين بأن يؤديا له بصفته مبلغاً مقداره 44005.840 جنيه والفوائد القانونية عن هذا المبلغ بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية وحتى تمام السداد وذلك على سند من القول بأن المدعى عليه الأول قد أوفد في بعثة إلى الولايات المتحدة الأمريكية للحصول على درجة الدكتوراة وذلك بعد أن وقع على تعهد التزم فيه بالاستمرار في الدراسة والعودة إلى أرض الوطن عقب حصوله على المؤهل وخدمة الإدارة المدة المقررة وفى حالة إخلاله بهذا الالتزام يكون ملزماً مع ضامنة (المطعون ضده الثاني) الذي وقع على التعهد بسداد قيمة ما تحملته الدولة في نفقات البعثة وذلك بالتضامن فيما بينهما وأنه بالنظر إلى أن المدعى عليه الأول قد أخل بالتزامه العيني حيث لم يعد لأرض الوطن عقب حصوله على المؤهل فقد قررت اللجنة التنفيذية للبعثات مطالبته وضامنه بقيمة نفقات البعثة إلا أنهما لم يبادرا بسداد قيمة تلك النفقات ومقدارها 44005.840 جنيه وبجلسة 2/ 11/ 1991 قصر الحاضر عن الدولة طلباته وذلك بإلزام المدعى عليهما متضامنين بأن يؤديا للمدعي بصفته مبلغاً ومقداره 27155.500 جنيه والفوائد القانونية عن هذا المبلغ.
وبجلسة 7/ 2/ 1993 حكمت محكمة القضاء الإداري- دائرة العقود - بقبول الدعوى شكلاً وفى الموضوع بإلزام المدعى عليهما متضامنين بأن يؤديا للمدعى بصفته مبلغاً ومقداره 22902.944 جنيه وإلزامهما المصروفات ورفض ما عدا ذلك من طلبات.
وأقامت المحكمة قضاءها على أن قيمة دراسة المدعى عليه تعادل مبلغ 22902.944 تأسيساً على أن سعر بيع الدولار وقت صدور قرار المطالبة بالنفقات هو 70.7 قرشاً حسبما هو ثابت بكتاب البنك المركزي المصري المودع بملف الدعوى ومن ثم فإنه يتعين الاعتداد بهذا السعر ومعادلة قيمة نفقات دراسة المدعى عليه الأول بمبلغ 22902.944 جنيه وبالنسبة لرفض طلب إلزام المطعون ضدهما بالفوائد القانونية فقد أسسه الحكم المطعون عليه على أن تلك الفوائد القانونية لا تعدو أن يكون تعويضاً والقاعدة أنه لا يجوز الجمع بين تعويضين عن واقعة واحدة وأنه يكفي لجبر الضرر الذي أصاب الإدارة القضاء بأحقيتها بالمبالغ المستحقة لها.
ومن حيث إن مبنى الطعن هو مخالفة الحكم المطعون عليه للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله ومخالفة الثابت بالأوراق تأسيساً على أن العبرة في تحديد سعر الصرف هو السعر السائد بالسوق الحر دون سعر الصرف الساري بين جهات الإدارة الأمر الذي كان يتعين معه أن يقضي الحكم المطعون عليه بإلزام المطعون ضدهما بأن يؤديا للطاعن المبلغ الوارد بعريضة الدعوى بحسبان سعر تعادل (صرف) الدولار بالجنيه المصري هو 84 قرشاً باعتباره السعر الحر للدولار وقت نشوء الحق في المطالبة بنفقات بعثة المطعون ضده الأول هذا فضلاً عن مخالفة الحكم المطعون عليه بالنسبة لما قضى به من رفض إلزام المطعون ضدهما بالفوائد القانونية وما استقرت عليه أحكام المحكمة الإدارية العليا في انطباق حكم المادة 226 من القانون المدني على المنازعات الإدارية القائمة على المطالبة بمبلغ من النقود معلوم المقدار.
ومن حيث إنه بالنسبة للوجه الأول من أوجه الطعن والمتعلق بتحديد سعر التعادل (الصرف) لقيمة نفقات بعثة المطعون ضده بالجنيه المصري - فإنه لما كان استحقاق الإدارة لنفقات البعثة أو المنحة لا يتحقق إلا بعد أن تتحقق الجهة الإدارية المختصة من إخلال الموفد لالتزاماته المنصوص عليها في المادتين 25، 31 من قانون البعثات رقم 112 لسنة 1959 ومن ثم تصدر قرارها بمطالبته وضامنة بقيمة تلك النفقات وبالتالي فإنه تاريخ صدور هذا القرار دون غيره يعول على تعادل الجنيه المصري بالعملة الأجنبية وفى حالة تعدد أسعار التعادل فإن العبرة بسعر الصرف المقرر للأفراد العاديين دون أسعار التعادل التي تتقرر لجهات محددة أو لتصرفات معينة بحسبان تلك الأسعار تعتبر إجراء استثنائياً لتحقيق أهداف عامة تقدرها السلطة المختصة ومن ثم فإنه لا يجوز أن تمتد إلى غيرها من الأعمال أو التصرفات إعمالاً للقاعدة الأصولية التي تقرر أن الاستثناء لا يجوز التوسع فيه فضلاً عن انتفاء العلة في الأسعار المدعمة في حالة المطالبة بنفقات المنحة.
وبتطبيق ذلك على النزاع الماثل فإنه لما كان الثابت من كتاب الإدارة العامة للعمليات الخارجية بالبنك المركزي المصري الموجه إلى هيئة مفوضي الدولة بتاريخ 4/ 10/ 1989 خلال تحضير الدعوى المطعون على الحكم الصادر فيها أن (سعر الصرف الموحد للدولار الأمريكي (تحويلات) السائد خلال شهر يوليو سنة 1979) هو 70 قرشاً بالنسبة لسعر الشراء، 70.7 بالنسبة لسعر البيع وأن الأوراق قد جاءت خالية بما يفيد أن هذا السعر كان قاصر على التعامل بين جهات الإدارة أو حالات محددة فيما عدا ما ذهبت إليه جهة الإدارة الطاعنة في أن سعر تعادل الدولار في تاريخ صدور قرار مطالبة المطعون ضدهما بقيمة نفقات البعثة من خلال البنوك المعتمدة هو 84 قرشاً ذلك لأن هذا الادعاء جاء عارياً من الدليل أو لم تقدم الجهة الإدارية سواءً أمام المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون عليه أو خلال مرحلة الطعن ما يؤيد هذا الادعاء أو يناقض السعر الموحد للصرف بالنسبة للدولار الأمريكي الوارد بكتاب البنك المركزي الأمر الذي يتعين معه عدم التعويل على ادعاء الإدارة بأن سعر صرف الدولار الأمريكي كان وقت المطالبة بنفقات البعثة هو 84 قرشاً والاعتماد في هذا الشأن على ما ورد بكتاب البنك المركزي أن سعر الصرف هو 70 قرشاً وإذ ذهب الحكم المطعون عليه هذا المذهب فإنه يكون مطابقاً للواقع والقانون جديراً بالاتباع ويغدو الطعن عليه حرياً بالرفض.
ومن حيث إنه عن الوجه الثاني من أوجه الطعن والمتعلق بأن الحكم المطعون عليه قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله وخالف ما استقر عليه قضاء المحكمة الإدارية في تطبيق حكم المادة 226 من القانون المدني على المطالبات القضائية بمبالغ من النقود معلومة المقدار وتأخر المدين عن الوفاء بها - فإنه لما كانت المادة 226 من القانون المدني تنص على أنه (إذا كان محل الالتزام مبلغاً من النقود وكان معلوم المقدار وقت الطلب وتأخر المدين في الوفاء به كان ملزماً بأن يدفع للدائن على سبيل التعويض عن التأخير فوائد قدرها أربعة في المائة في المسائل المدنية وخمسة في المائة في المسائل التجارية وتسري هذه الفوائد من تاريخ المطالبة القضائية....) كما تنص المادة (228) من هذا القانون على أنه (لا يشترط لاستحقاق فوائد التأخير قانونياً كانت أو اتفاقية أن يثبت الدائن ضرراً لحقه في هذا التأخير).
ومن حيث إن مؤدى هذين النصين أنه إذا كان محل الالتزام مبلغاً من النقود وكان معلوم المقدار ولم يبادر المدعي بسداده بما أجبر الدائن على اللجوء إلى القضاء للمطالبة بهذا الدين فإن الدائن يستحق في هذه الحالة تعويضاً قدره المشرع بنسبة 4% في المسائل المدنية، 5% في المسائل التجارية من قيمة الدين سنوياً اعتباراً من تاريخ رفع الدعوى وذلك دون ما حاجة لإلزام الدائن بإثبات حدوث ضرر أصابه نتيجة لتأخر المدين في سداد المبالغ المطالب بها، وغني عن البيان أن تلك الأحكام وإن وردت بالقانون المدني إلا أن قضاء هذه المحكمة مستقر على سريانها في نطاق العقود الإدارية.
ومن حيث إنه لما سبق وكان الحكم المطعون عليه وقد قضى بإلزام المطعون ضدهما بالمبلغ المطالب به بعريضة الدعوى في الحكم الصادر فيها - استند إلى إخلال المطعون ضده الأول بالالتزام الأصيل الملقى على عاتقه وذلك بالعودة إلى أرض الوطن وخدمة الإدارة بما يتعين معه إلزامه مع ضامنة المطعون ضده الثاني بسداد ما تحملته الدولة من نفقات البعثة فيما أن استحقاق الفوائد التأخيرية تستند إلى المطالبة بالتعويض عن عدم الوفاء بالالتزام البديل وهو سداد نفقات البعثة وهذه النفقات التي حددت وأصبحت مستحقة الأداء بمجرد تحقق واقعة إخلال المطعون ضدها الأول بالتزامه الأصلي وبالتالي فإن المطالبة بتلك الفوائد بحسبانها تعويضاً إنما تستند إلى واقعة التأخير في سداد المبالغ التي أصبحت معلومة المقدار الأمر الذي أجبر الطاعن بصفته إلى اللجوء إلى القضاء وهو يختلف عن الواقعة المنشئة للحق في استرداد نفقات البعثة وهذه الواقعة هي الإخلال بالالتزام الأصلي وبالتالي فلا وجه للقول بأن رد نفقات الدراسة واستحقاق الفوائد القانونية عليها هما تعويضان عن واقعة واحدة (حكم الدائرة المنصوص عليها في المادة 54 مكرراً من القانون 47 لسنة 1972 بتنظيم مجلس الدولة معدلاً بالقانون 136 لسنة 1984 الصادر بجلسة 6/ 1/ 1994 في الطعن رقم 1264 لسنة 35 ق) ومن ثم فإن القضاء بإلزام المطعون ضدهما بسداد قيمة نفقات بعثة المطعون ضده الأول لا يحول دون القضاء بالفوائد التأخيرية المنصوص عليها في المادة 226 من القانون المدني وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب فإنه يكون قد خالف صحيح القانون بما يستوجب القضاء بإلغاء هذا الحكم فيما قضى به من رفض طلب الطاعن إلزام المطعون ضدهما بسداد الفوائد التأخيرية عن المبلغ المطالب به بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية وفى تمام السداد - وإلزامهما بالتضامن بسداد تلك الفوائد.
ومن حيث إن كل طرف من طرفي الطعن قد خسر جانباً من طلباته فإن المحكمة تلزمهما بالمصروفات مناصفة تطبيقاً لحكم المادة (186) مرافعات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المطعون عليه ليكون بإلزام المطعون ضدهما متضامنين بأن يؤديا للطاعن بصفته مبلغاً مقداره اثنان وعشرون ألفاً وتسعمائة واثنان جنيه وتسعمائة وأربعة وأربعون مليماً (22902.944 جنيه) والفوائد القانونية عن هذا المبلغ بواقع 4 % سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 3/ 1/ 1988 وحتى تمام السداد ورفض ما عدا ذلك من طلبات وألزمت الطرفين بالمصروفات مناصفة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق