الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 29 يناير 2025

الطعنان 2876 ، 3083 لسنة 42 ق جلسة 5/ 9 / 2000 إدارية عليا مكتب فني 45 ق 108 ص 1037

جلسة 5 من سبتمبر سنة 2000

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ عويس عبد الوهاب عويس - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: محمد أبو الوفا عبد المتعال وأسامة محمود عبد العزيز محرم وعطية عماد الدين نجم وعبد المنعم أحمد عامر - نواب رئيس مجلس الدولة.

---------------

(108)

الطعنان رقما 2876، 3083 لسنة 42 قضائية عليا

جامعة الدول العربية - قرارات الأمين العام بالنيابة بإنهاء خدمة العاملين - طبيعتها - سلطة وزير الخارجية المصري إزاء إعادتهم للعمل.
إصدار أمين عام جامعة الدول العربية بالنيابة قرارات إنهاء خدمة العاملين بمنظمة العمل العربية في غياب الوجود الشرعي لجامعة الدول العربية، يترتب عليه أن تكون هذه القرارات بمثابة العمل المادي ويعد غصباً للسلطة الشرعية لإصدار القرارات في شئون العاملين بجامعة الدول العربية خلال هذه الفترة الحرجة التي مرت بها الجامعة العربية مما يؤدي إلى الانعدام ويجب إزالة تلك العقبة المادية ولا تلحقه حصانة ولا يتقيد من ثم بإجراءات ومواعيد دعوى الإلغاء - ليس من شأن ذلك إلزام وزير الخارجية المصري بإصدار قرار بإعادة العاملين إلى وظائفهم، باعتبار أن هذا الأمر ينأى عن اختصاصه - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الخميس الموافق 21/ 3/ 1996 أودعت هيئة قضايا الدولة نائبة عن الطاعنين بصفاتهم في الطعن الأول قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 2876 لسنة 42 ق. ع في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة التسويات) بجلسة 5/ 2/ 1996 في الدعوى رقم 5495 لسنة 47 ق والقاضي في منطوقه بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بانعدام القرار المطعون فيه رقم 519 لسنة 1979 فيما تضمنه من إنهاء خدمة الطاعنين مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جامعة الدول العربية بتعويض الطاعنين بما يعادل مرتباتهم الأساسية المقررة لهم من تاريخ إنهاء خدمتهم في 31/ 12/ 1979 حتى عودة الجامعة العربية إلى القاهرة عام 1990.
وطلب الطاعنون "المدعى عليهم في الدعوى المشار إليها" للأسباب الواردة في تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء برفض الدعوى بشقيها مع إلزام المطعون ضدهم المصروفات عن الدرجتين.
وجرى إعلان تقرير الطعن على النحو المبين بالأوراق.
وفي يوم الأحد الموافق 31/ 3/ 1996 أودع الأستاذ/ ........ المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 3083 لسنة 42 ق. ع طعنا على ذات الحكم المشار إليه والمبين منطوقه آنفاً.
وطلب الطاعنون "المدعون في الدعوى المشار إليها" للأسباب الواردة في تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع:
بإلغاء الحكم المطعون فيه بالنسبة للشق الذي قضى في منطوقه بإلزام جامعة الدول العربية بتعويض الطاعنين بما يعادل مرتباتهم الأساسية المقررة لهم من تاريخ إنهاء خدمتهم في 31/ 12/ 1979 حتى عودة الجامعة العربية إلى القاهرة عام 1990، والحكم مجدداً بإلزام المطعون ضدهم - المدعى عليهم أصلاً - بالتضامن بأن يؤدوا إلى كل من الطاعنين تعويضاً قدره نصف مليون جنيه عما أصابهم من أضرار مادية وأدبية من جراء إنهاء خدمتهم.
تأييد الحكم المطعون فيه فيما قضى فيه منطوقه من قبول الدعوى شكلاً وبانعدام القرار المطعون عليه رقم 519 لسنة 1979 فيما تضمنه من إنهاء خدمة الطاعنين مع ما يترتب على ذلك من آثار.
إلزام المطعون ضدهم بالتضامن فيما بينهم بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتي التقاضي.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الطعنين ارتأت فيه، للأسباب المبينة به، الحكم بقبول الطعنين شكلاً، ورفضهما موضوعاً وإلزام كل طاعن بمصروفات طعنه.
وقد نظر الطعنان أمام دائرة فحص الطعون بالدائرة الثالثة بالمحكمة الإدارية العليا بالجلسات على النحو المبين بمحاضرها حتى قررت إحالتهما إلى الدائرة الثانية بذات المحكمة للاختصاص، وإذ أحيل الطعنان إلى هذه الدائرة تداولت نظرهما بالجلسات على النحو المبين بمحاضرها إلى أن قررت إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم فصدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما المقررة قانوناً ومن ثم فهما مقبولان شكلاً.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل حسبما يبين من الأوراق في أنه بتاريخ 19/ 5/ 1993 أقام المدعون "المطعون ضدهم في الطعن الأول، والطاعنون في الطعن الثاني" الدعوى رقم 5495 لسنة 47 ق بموجب صحيفة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري "دائرة التسويات" مختصمين فيها كلاً من رئيس مجلس الوزراء، وزير الخارجية، وزير الدولة للشئون الخارجية بصفاتهم طالبين في ختامها الحكم بقبولها شكلاً وبصفة مستعجلة وقف تنفيذ القرار رقم 519 لسنة 1979 فيما تضمنه من إنهاء خدمتهم وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه لانعدامه مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المدعى عليهم بالتضامن بأن يؤدوا إلى كل منهم تعويضاً قدره نصف مليون جنيه وإلزامهم بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وشمول الحكم بالنفاذ المعجل وبلا كفالة مع حفظ كافة حقوقهم الأخرى.
وقال المدعون شرحاً لدعواهم أنهم التحقوا بالعمل لدى منظمة العمل الدولية التابعة لجامعة الدول العربية، وعلى أثر قرارات مؤتمر بغداد المنعقد في مارس عام 1979 بتجميد عضوية مصر في الجامعة العربية ومنظماتها مع نقل مقارها من القاهرة وتم نقل مقر منظمة العمل العربية إلى بغداد وهناك اجتمع مجلس إدارتها وأصدر قرارات تتعلق بنقل موظفيها ومستخدميها دون استثناء إلى بغداد، ولتنفيذ هذا القرار شكلت لجنة برئاسة المدير العام المساعد الذي جاء خطابه المؤرخ 2/ 5/ 1979 موضحاً القرارات السابقة مع دعوة جميع الموظفين والمستخدمين لاستلام عملهم حيث المقر المؤقت وذلك في موعد غايته 15 يوليو 1979، وفي هذا الصدد اتخذت حكومة جمهورية مصر العربية إجراءات على مسئوليتها تمثلت في إصدارها بياناً في 3/ 4/ 1979 برفضها لقرارات بغداد وأنها سوف تتخذ الإجراءات القانونية لتأمين استمرار كافة المنظمات في أعمالها بمصر، وفي 18/ 10/ 1979 أصدر وزير الدولة للشئون الخارجية خطابه رقم 1740 للأمين العام لجامعة الدول العربية بالنيابة ليتولى السلطات الفنية والمالية والإدارية وغيرها من سلطات المدير العام لمنظمة العمل العربية وعلى ذلك كان يحق للمدعين الانتقال إلى المقر الجديد لمنظمة العمل العربية في بغداد إلا أنهم لم يفعلوا ذلك حفاظاً على سمعة مصر، وبذلك صدر القرار رقم 519 لسنة 1979 من الأمين العام لجامعة الدول العربية بالنيابة بإنهاء خدمتهم في منظمة العمل العربية اعتباراً من 31/ 12/ 1979 فقاموا بالطعن عليه لدى لجنة التظلمات المشكلة بالقرار رقم 270 لسنة 1979 وأقاموا دعوى أمام محكمة جنوب القاهرة برقم 1523/ 1980 عمال كلي وبجلسة 30/ 6/ 1981 قضت برفض الدفع بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى واختصاصها بنظرها وبأحقية المدعين في طلباتهم إلا أن الأمين العام لجامعة الدول العربية استأنف هذا الحكم تحت رقم 1037/ 18 ق والذي قضى فيه بجلسة 27/ 2/ 1982 بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى وإحالتها بحالتها إلى المحكمة الإدارية لجامعة الدول العربية، وطعن المدعون أمام محكمة النقض تحت رقم 1311/ 52 ق والتي قضت بجلسة 13/ 6/ 1988 بتأييد حكم محكمة الاستئناف بإحالة الأوراق إلى المحكمة أكدت أوراق الدعوى وما قدمه المدعون من مستندات استحالة انعقادها وهي "المحكمة الإدارية لجامعة الدول العربية".
وأضاف المدعون أنه بعد عودة جامعة الدول العربية إلى مقرها بالقاهرة عادت محكمتها الإدارية فأقام المدعون دعوى أمامها قضت فيها بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وانعقاد الاختصاص لمحاكم مجلس الدولة.
ونعى المدعون على القرار أنه صدر بتفويض باطل، ذلك أنه في تاريخ لاحق على إنهاء خدمتهم قامت السلطات المصرية بأعمال قواعد التفويض حيث فوضت السيد/ ........ نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية الاختصاصات المالية والفنية والإدارية المقررة للأمين العام لجامعة الدول العربية وله أن يفوض غيره في اختصاصاته، ولما كان الثابت أنه لم يصدر تفويض سواء من رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية أو من بعد وزير الدولة للشئون الخارجية للأمين العام لجامعة الدول العربية بالإنابة في إصدار القرار المطعون فيه فإن هذا القرار يكون قد صدر ممن لا يملكه قانوناً وعلى غير سند، وبالتالي يكون منعدماً. كما نعوا على ذات القرار تخلف ركن النية لدى صدوره وكذلك الاعتداء على سلطة التأديب والانعدام لاختلال ركن المحل والسبب، فضلاً عن إنهاء خدمتهم على هذا النحو المفاجئ ألحق بهم أفدح الضرر المادي والأدبي ومن ثم يطلبون بتعويض لكل منهم مقداره نصف مليون جنيه.
وخلص المدعون إلى طلب الحكم لهم بطلباتهم السابقة.
وبجلسة 5/ 2/ 1996 أصدرت المحكمة حكمها مثار الطعن الماثل والمتقدم إيراد منطوقه وإقامته على أسباب حاصلها أولاً بالنسبة للاختصاص على أن الثابت بالأوراق أن المدعين كانوا يعملون بمنظمة العمل العربية التابعة لجامعة الدول العربية وأنه عقب إبرام اتفاقية كامب ديفيد ومعاهدة السلام مع إسرائيل عقد مؤتمر بغداد في مارس 1979 وتقرر تجميد عضوية مصر وتم نقل منظمة العمل العربية إلى مقرها الجديد ببغداد إلا أن المدعين ظلوا بالعمل بالمقر السابق بالقاهرة ولم ينتقلوا إلى بغداد حتى صدور القرار المطعون عليه بإنهاء خدمتهم اعتباراً من 1/ 1/ 1980، وأنه في غضون شهر مارس 1979 وقبل صدور ذلك القرار تم نقل مقر الجامعة إلى مقرها المؤقت بتونس وتحدد للعاملين موعداً محدداً غايته 27/ 5/ 1979 للالتحاق بوظائفهم بتونس وإلا اعتبروا مفصولين من الخدمة ومن ثم لم يعد لجامعة الدول العربية وجود شرعي بالقاهرة منذ مارس 1979 حتى تاريخ عودتها إلى القاهرة عام 1990. وفي 6/ 10/ 1980 صدر القرار الجمهوري رقم 533/ 1980 بإنشاء الجمعية التأسيسية لجامعة الشعوب الإسلامية والعربية، على أن يتولى الأمين العام الإشراف على جامعة الدول العربية ومنظماتها بالقاهرة ثم استبدلت تلك المادة بالقرار الجمهوري رقم 558 لسنة 1980 ثم أصدر رئيس الجمهورية القرار رقم 613/ 1980 بتولي نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية الاختصاصات المالية والإدارية المقررة للأمين العام لجامعة الدول العربية ثم صدر القرار الجمهوري رقم 245/ 1980 والقانون رقم 21 لسنة 1983 بتعيينه أميناً عاماً لجامعة الدول العربية.
ومما يتقدم يتضح أن جمهورية مصر العربية خلال هذه الفترة قد أقامت جهازاً إدارياً مصرياً بصفة مستقلة تحت إشراف ورئاسة نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية نتيجة للظروف التي أحاطت بها وتجميد عضويتها في جامعة الدول العربية ونقل مقر الجامعة ومنظماتها إلى تونس ومن ثم لم يعد للجامعة وجود دولي في مصر وأن وجودها في مصر لا يسبغ عليها الصفة الدولية التي زالت عنها بصدور قرار الدول العربية بمؤتمر بغداد بنقل مقر الجامعة إلى تونس - ولذلك فإن القول بأعمال اتفاقية حصانات وامتيازات الجامعة العربية على موظفي الجامعة الباقين بمقرها بالقاهرة لا يجد له سنداً من القانون الدولي بعد تجميد عضوية مصر بالجامعة ونقل مقرها إلى تونس.
وبناء على ذلك فإن الأمين العام لجامعة الدول العربية بالنيابة حين أصدر القرار المطعون فيه عقب نقل مقر الجامعة إلى تونس يكون غير مختص أصلاً بإصدار هذا القرار مما يعدم القرار لصدوره من غير مختص ومن غاصب للسلطة الشرعية بإصداره وهي حكومة جمهورية مصر العربية فيمن يمثلها قانوناً خلال تلك الفترة ومن ثم تكون المحكمة مختصة بنظر الدعوى.
أما عن الموضوع فقد أقامت المحكمة قضاءها بإلغاء القرار المطعون فيه على أساس أن الأمين العام لجامعة الدول العربية بالإنابة أصدر القرار المطعون فيه في غياب الوجود الشرعي لجامعة الدول العربية بإنهاء خدمة المدعين من العمل بمنطقة العمل العربية الأمر الذي يكون معه هذا القرار بمثابة العمل المادي وغصباً للسلطة الشرعية لإصدار القرارات في شأن العاملين بجامعة الدول العربية في خلال هذه الفترة الحرجة مما يؤدي به إلى الانعدام ويجب إزالة تلك العقبة المادية ولا تلحقه حصانة الأمر الذي يتعين معه إلغاؤه واعتباره كأن لم يكن مع ما يترتب على ذلك من آثار.
أما عن التعويض فقد قضت المحكمة بتعويض المدعين بما يعادل مرتباتهم الأساسية المقررة من تاريخ انتهاء خدمتهم في 31/ 12/ 1979 حتى عودة الجامعة العربية إلى القاهرة عام 1990 على أساس ما ثبت للمحكمة من أن الإدارة.
قد أخطأت لدى إصدارها القرار المطعون فيه مما أدى إلى إلحاق الضرر بهم وحرمانهم من مرتباتهم ومزاياهم.
ومن حيث إن مبنى الطعن الأول الذي أقامته الجهة الإدارية المدعى عليها في الدعوى الذي صدر بشأنها الحكم المطعون فيه يقوم على أساس مخالفة هذا الحكم للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله لأنه فصل في طلب سبق أن رفضته المحكمة الإدارية العليا وهو طلب التعويض عن قرار إنهاء خدمة المطعون ضدهم وذلك عند نظرها لطعون سابقة أقامتها هيئة قضايا الدولة نيابة عن الخارجية بشأن الأحكام التي صدرت عن محكمة القضاء الإداري بإلغاء القرار رقم 34 لسنة 1990 وتعويض المذكورين بما يعادل مرتباتهم الأصلية فلقد انتهت المحكمة إلى تأييد هذه الأحكام محمولة على أسبابه فيما يتعلق بإلغاء قرارات إنهاء الخدمة ورفضت طلبات التعويض عنه مما كان يتعين معه على المحكمة أن تضع هذا القضاء محل نظرها عند الفصل في موضوع الدعوى المطعون عليها بالطعن الماثل كما يقوم هذا الطعن على انتفاء أركان المسئولية التقصيرية في حق الجهة الإدارية ذلك لأن أحكام محكمة القضاء الإداري وأيدتها في ذلك أحكام المحكمة الإدارية العليا انتهت إلى أن القرار رقم 34 لسنة 1990 المقضي بإلغائه انحدر إلى درجة الانعدام لزوال صفة مصدره بعد عودة جامعة الدول العربية إلى القاهرة ومن ثم فإن هذا القرار لم يحدث أي أثر قانوني بالنسبة لرابطة هؤلاء بالجامعة، وعلى ذلك ينتفي ركن الخطأ في جانب الجهة الإدارية كما ينتفي ركن الضرر لعدم حدوث أي أثر ترتب على صدور القرار أضر بحقوق المدعين وهو ما كشفت عنه أحكام المحكمة الإدارية العليا بأنها لم تبين ثمة ضرراً أصاب المذكورين نتيجة صدور هذا القرار.
وانتهى الطاعنون بصفاتهم - مما تقدم إلى طلب الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض الدعوى.
ومن حيث إن مبنى الطعن الثاني الذي أقامه المدعون في الدعوى التي صدر بشأنها الحكم المطعون فيه يقوم على أساس أن مبلغ التعويض الذي تم القضاء به عن الأضرار التي لحقت بهم من جراء الحيلولة بينهم وبين إعادتهم إلى مراكزهم القانونية السابقة يعد ضئيلاً بالنسبة لما لحق بهم من خسارة وما فاتهم من كسب خلافاً لما للقاعدة الأساسية في تقدير التعويض وهو أن يكون جابراً للضر بكافة عناصره الأمر الذي يجعل الحكم المطعون فيه حرياً بالتعديل بالقدر الذي يجبر كافة الأضرار والذي قدره الطاعنون - في الطعن الثاني - بنصف مليون جنيه لكل منهم.
ومن حيث إن القرار رقم 519 لسنة 1979 المطعون فيه الصادر من أمين عام جامعة الدول العربية بالنيابة في 26/ 12/ 1979 ينص في مادته الأولى على أن "تنتهي خدمة الموظفين الآتية أسماؤهم بعد اعتباراً من نهاية يوم 31/ 12/ 1979 ويطبق استثناء بشأنهم حكم المادة 10/ 1/ أ من نظام موظفي جامعة الدول العربية وتصرف استحقاقاتهم بعد إبراء ذمتهم:
1 - ....... 2 - ........ 3 - ........ 4 - ........ 5 - ....... 6 - ........
وتنص حكم المادة 10/ 1/ أ من هذا القرار على أنه:
"في تطبيق حكم المادة 10/ 1/ أ من نظام موظفي جامعة الدول العربية على الموظفين الموضحة أسماؤهم في المادة الأولى من هذا القرار يكون الراتب الأساسي الذي يستحقه الموظف في 31/ 9/ 1979 دون أية إضافات أو ضمائم هو المعيار في احتساب التعويض المستحق وفقاً لهذه المادة ويشترط ألا يزيد ما يحصل عليه الموظف من هذا التعويض على مجموع رواتبه الأساسية عن المدة المتبقية على انتهاء خدمته ببلوغه السن القانونية أو بانتهاء مدة تعيينه المؤقت".
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة جرى على أن أمين عام جامعة الدول العربية بالنيابة أصدر القرار رقم 519 لسنة 1979 المطعون فيه - في غياب الوجود الشرعي لجامعة الدولة العربية بإنهاء خدمة المطعون ضدهم من العمل بمنظمة العمل العربية الأمر الذي يكون معه هذا القرار بمثابة العمل المادي ويعد غصباً للسلطة الشرعية لإصدار القرارات في شئون العاملين بجامعة الدول العربية خلال هذه الفترة الحرجة التي مرت بها الجامعة العربية مما يؤدي به إلى الانعدام ويجب إزالة تلك العقبة المادية ولا تلحقه حصانة ولا يتقيد من ثم بإجراءات ومواعيد دعوى الإلغاء مما يتعين معه الحكم بقبول الدعوى طلب إلغاؤه شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون مع ما يترتب على ذلك من آثار وإذ قضت محكمة القضاء الإداري بذلك فإنها تكون قد طبقت القانون تطبيقاً سليماً.
ومن حيث إنه وإن كان مقتضى حكم محكمة القضاء الإداري المشار إليه هو إزالة القرار المطعون فيه باعتباره عقبة مادية في سبيل استعمال المطعون ضدهم لمراكزهم القانونية السابقة على صدور القرار المطعون فيه والذي أعدمه الحكم المطعون فيه، وهو حكم نهائي وحائز لقوة الأمر المقتضى، تثبت بمقتضى الحكم في الطعن الماثل، فإن ذلك ليس من شأنه إلزام وزير الخارجية جمهورية مصر العربية بإصدار قرار بإعادة المطعون ضدهم إلى وظائفهم بالمنظمة التابعة للجامعة العربية والتي كانوا يعملون بها عند نقل مقر الجامعة العربية ومنظماتها بالقاهرة، باعتبار أن هذا الأمر مما ينأى عن اختصاصه، إذ أن من لا يملك إنهاء الخدمة لا يملك الإعادة إلى الخدمة وفقدان الولاية تشمل الأمرين جميعاً، ويتصل بما تقدم أن لا يكون للمطعون ضدهم مطالبة وزير الخارجية بصفته بأية حقوق تتعلق بمرتباتهم، وفي المقابل فإنه لا يجوز للطاعن بصفته أن يسترد ما صرف إليهم طبقاً للبدنين 1، 4 من القرار المطعون فيه.
ومن حيث إن مناط مسئولية السلطة الإدارية عن القرارات التي تصدرها هو توافر ركن الخطأ في القرار وأن يترتب على ذلك ضرر محدد وأن تقوم علاقة السببية بين الخطأ والضرر.
ومن حيث إن القرار المطعون فيه رقم 519 الصادر بتاريخ 26/ 12/ 1979 بإنهاء خدمة المطعون ضدهم من العمل بمنظمة العمل العربية صدر من الأمين العام لجامعة الدول العربية بالنيابة عقب نقل مقر الجامعة إلى تونس حال كونه غير مختص أصلاً بإصدار مثل هذا القرار وذلك لنقل الجامعة وأمينها العام إلى خارج مصر فإنه ما كان يحول دون وصول المطعون ضدهم إلى مراكزهم وحقوقهم القانونية قبل الجامعة التي كان يتعين عليها ألا تقف طويلاً أمام هذا القرار باعتبار أن المطعون ضدهم يستمدون حقوقهم وفقاً للتنظيمات الصادرة عن الجامعة، ومن ثم فإن القرار المطعون فيه تنعدم قوته التنفيذية في مواجهة جامعة الدول العربية، وبذلك فإن علاقة السببية بين ما يدعيه المطعون ضدهم من أضرار وبين القرار المطعون فيه تكون منتفية، الأمر الذي يكون معه طلب التعويض غير قائم على أساس من صحيح حكم القانون جديراً بالرفض.
وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب وقضى بإلزام جامعة الدولة العربية بتعويض الطاعنين (المطعون ضدهم في الطعن الأول) بما يعادل مرتباتهم الأساسية المقررة لهم من تاريخ إنهاء خدمتهم في 31/ 12/ 1979 حتى عودة الجامعة العربية إلى القاهرة عام 1990 فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله الأمر الذي يتعين القضاء بتعديله ليكون بقبول طلب التعويض شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام المطعون ضدهم المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعنين شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه ليكون بقبول طلب التعويض شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت المدعين المصروفات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق