باسم الشعب
محكمة النقض
دائرة الثلاثاء (د)
الدائرة الجنائية
المؤلفة برئاسة السيد المستشار / عصمت عبد المعوض عدلي " نائب
رئيس المحكمة " وعضوية السادة المستشارين / مجدي تركي ومحمد أحمد خليفة ومحمد
سعيد البنا " نواب رئيس المحكمة " أمير إمبابي وحضور رئيس النيابة
العامة لدى محكمة النقض السيد / مصطفى علام . وأمين السر السيد / عماد عبد اللطيف .
في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمدينة
القاهرة .
في يوم الثلاثاء 5 من ذو الحجة سنة 1445 ه الموافق 11 من يونيه سنة
2024 م .
أصدرت الحكم الآتي
في الطعن المقيد بجدول المحكمة برقم 5798 لسنة 91 القضائية .
المرفوع من
1- وليد عبد الرحمن فكري عبد الرحمن
2- محمد أسامة محمد جلال السيد " المحكوم عليهما "
ضد
النيابة العامة
ومنها ضد
1- وليد عبد الرحمن فكري عبد الرحمن
2- محمد أسامة محمد جلال السيد " مطعون ضدهما "
-----------------
" الوقائع "
اتهمت النيابة العامة كلا من وليد عبد الرحمن فكري عبد الرحمن (طاعن)
، محمد أسامة محمد جلال السيد وشهرته محمد الصغير (طاعن)، محمد عبد العزيز محمد
أمين وشهرته حماصة في قضية الجناية رقم 16547 لسنة 2020 جنايات قسم شرطة المعادي
(والمقيدة بالجدول الكلي برقم 1115 لسنة 2020 كلي جنوب القاهرة) بوصف أنهم في يوم
13 من أكتوبر سنة 2020- بدائرة قسم شرطة المعادي - محافظة القاهرة :-
- المتهمان الأول والثاني :-
- قتلا المجني عليها / مريم محمد علي أمين عمدا بأن اندفع نحوها المتهم
الأول حال قيادته للسيارة الرقيمة ب د 5۹۲۲ بالطريق العام ودنا منها إلي أن أضحت
في متناول يد المتهم الثاني وما أن ظفرا بها حتى قام الثاني بجذب حقيبة ظهر
المجني عليها واستمر في جذب الحقيبة رغم تشبث
المجني عليها بها فصدماها بسيارة متوقفة بجانب الطريق ودهساها أسفل عجلات سيارتهما
قاصدين من ذلك إزهاق روحها ليتمكنا من الفرار بالحقيبة فأحدثا
بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها .
وقد اقترنت هذه الجناية بجناية أخرى أنهما في ذات الزمان والمكان :
سرقا المبلغ النقدي والمنقولات المبينة قدرا وقيمة بالأوراق المملوكين
للمجني عليها / مريم محمد على أمين وكان ذلك بالطريق العام حال كونهما شخصان
حاملان سلاحين ناري وأبيض مخبئين وذخيرة موضوع الاتهامات اللاحقة الأمر المعاقب
عليه بمقتضى نص المادة ٣١٥/ أولا قانون العقوبات .
- وقد كان ارتكاب جناية القتل بقصد إتمام واقعة السرقة على النحو المبين
بالتحقيقات .
٢- أحرز
الأول وحاز الثاني بواسطته بغير ترخيص سلاحا ناريا غير مششخن (فرد خرطوش).
أحرز الأول وحاز الثاني بواسطته ذخيرة مما تستعمل علي السلاح الناري
محل الاتهام السابق دون أن يكون مرخصا لهما بحيازته أو إحرازه .
أحرز الثاني وحاز الأول سلاحا أبيض ( مطواة قرن غزال ) بغير مسوغ
قانوني أو مبرر من ضرورة مهنية أو حرفية .
المتهم الثالث:
- اشترك بطريقي الاتفاق والمساعدة مع المتهمين الأول والثاني في ارتكاب
الجريمة موضوع الاتهام الأول بأن اتفق معهما على ارتكابها وساعدهما بأن أمدهما
بالسيارة خاصته الرقيمة ب د ٥٩٢٢ بغية استخدامها في ارتكاب الواقعة مع علمه بها
فوقعت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة .
المتهم الأول :
- أحرز بقصد التعاطي جوهرا مخدرا (حشيش) في غير الأحوال المصرح بها
قانونا .
وأحالتهم إلى محكمة جنايات القاهرة لمعاقبتهم طبقا للقيد والوصف
الواردين بأمر الإحالة .
وحضر الأستاذ / هشام علي عبد السلام وكيل المدعي بالحق المدني محمد
علي أمين صالح والد المجني عليها وادعى مدنيا قبل المتهمين بمبلغ مائة ألف وواحد
جنية على سبيل التعويض المدني المؤقت .
والمحكمة المذكورة قررت بإجماع الآراء في 25 من نوفمبر 2020 بإحالة
أوراق الدعوى إلى فضيلة مفتي جمهورية مصر العربية لأخذ رأي سيادته الشرعي في إعدام
المتهمين / وليد عبدالرحمن فكري عبد الرحمن ، محمد أسامة محمد جلال السيد ، و
بجلسة 30 من ديسمبر سنة 2020 قضت المحكمة حضوريا عملا بالمادتين 234 /1 ، 2 ، 315 /
أولا من قانون العقوبات ، والمواد 1/1 ، 6 ، 25 مكرر /1 ، 26 /1 ، 4 ، 30/1 من
القانون 394 لسنة 1954 المعدل بالقوانين أرقام 26 لسنة 1978 ، 165 لسنة 1981 ، 6
لسنة 2012 ، 5 لسنة 2019 والبند ( 5 ) من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأول
والجدول رقم 2 الملحق بالقانون الأول ، والمواد 1 ، 2 ، 37 /1 ، 42 /1 من القانون
رقم ۱۸۲ لسنة ١٩٦٠ المعدل بالقانون رقم ۱۲۲ لسنة ١٩٨٩ والبند رقم ٥٦ من القسم
الثاني من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأول المعدل بقرار وزير الصحة والسكان
رقم ٤٦ لسنة ١٩٩٧، وبعد إعمال المادة ۳۲ من قانون العقوبات بشأن التهم الأولي
والثانية والثالثة والرابعة المسندة للمتهمين . أولا : بمعاقبة كل من / وليد عبد
الرحمن فكري عبدالرحمن، محمد أسامة محمد جلال السيد وشهرته محمد الصغير بالإعدام
شنقا عما أسند إليهما عن التهم الأولى والثانية والثالثة والرابعة الواردة بأمر
الإحالة وبمعاقبة / وليد عبدالرحمن فكري عبد الرحمن بالحبس مع الشغل لمدة سنة
واحدة وتغريمه عشرة آلاف جنيهعما أسند إليه عن التهمة الأخيرة الواردة بأمر
الإحالة ومصادرة السلاح الناري والسلاح الأبيض والذخيرة المضبوطة و إلزام المحكوم
عليهما بالمصاريف الجنائية وقدرت المحكمة لكل محام من المحاميان المنتدبان للدفاع
عن المتهمين الأول والثاني مبلغ خمسمائة جنيها مقابل أتعاب المحاماة. ثانيا:
ببراءة / محمد عبدالعزيز محمد أمين وشهرته حماصة مما أسند إليه من اتهام . ثالثا:
إحالة الدعوي المدنية المقامة من محمد علي أمين قبل المتهمين جميعا إلي المحكمة
المدنية المختصة لتحديد جلسة لنظرها وأرجأت الفصل في المصروفات .
فطعن المحكوم عليهما الأول والثاني - بشخصيهما - في هذا الحكم بطريق
النقض في 27 من فبراير ، 7 من مارس ، 8 من مارس سنة 2021 . وأودعت ثلاث مذكرات
بأسباب الطعن الأولى والثانية عن المحكوم عليه الثاني في 27 من فبراير سنة 2021 ،
والثالثة عن المحكوم عليه الأول في من فبراير سنة 2021موقع على الأولى والثانية من
المحامي / ..... ، وعلى الثالثة من المحامي / .... .
كما عرضت النيابة العامة القضية على محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها
طلبت فيها إقرار الحكم بإعدام المحكوم عليهما .
وبجلسة اليوم سمعت المرافعة على ما هو مبين بمحضر الجلسة .
-----------------
" المحكمة "
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد القاضي المقرر
والمرافعة وبعد المداولة قانونا.
أولا : عن الطعن المقدم من المحكوم عليه الأول / وليد عبد الرحمن فكري
عبد الرحمن:
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه صدر حضوريا بتاريخ 30 /12/ 2020 وقدمت
أسباب الطعن المقدم من المحكوم عليه الأول في 28 /2 /2021 ، بيد أن التقرير بالطعن
- منه - لم يحصل إلا في 8/3/2021 بعد الميعاد المحدد بالمادة 34 من قانون حالات
وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 ، ومن ثم يكون
الطعن المقدم منه غير مقبول شكلا .
ثانيا : عن الطعن المقدم من المحكوم عليه الثاني / محمد أسامة محمد
جلال السيد:
حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر قانونا .
وحيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه وآخر بجرائم
القتل العمد المقترن بجريمة السرقة بالطريق العام حال كونهما شخصين يحملان سلاحين
نارى وأبيض مخبأين وذخيرة وحيازته بواسطة الغير سلاح ناري بغير ترخيص وذخيرة وسلاح
أبيض بغير مسوغ قانوني أو مبرر من ضرورة مهنية أو حرفية قد شابه القصور والتناقض
في التسبيب والفساد في الإستدلال والخطأ في الإسناد والإخلال بحق الدفاع ذلك بأن
صيغت أسبابه في عبارات عامة مجملة خلت من بيان كاف لواقعة الدعوى وأدلتها بيانا
تتحقق به أركان الجرائم التي دانه بها والأفعال والمقاصد التي قارفها ، ولم يدلل
تدليلا سائغا على توافر نية القتل في حقه وأن ما أورده بشأنها مجرد الحديث عن
الأفعال المادية التي قارفها متخذا من القصد الإحتمالي دليلا على توافرها ودون أن
يفطن إلى أن اعترافه والمحكوم عليه الآخر بتحقيقات النيابة انصبت على واقعة السرقة
فقط وكذا الاتفاق فيما بينهما على ارتكابها ، وملتفتا عن دفاعه في هذا الشأن ،
ودفعه بعدم توافر ظرف الاقتران بين القتل والسرقة والذي دلل عليه بما لا ينتجه في
حقه ، وعول في إدانته على أدلة لا تؤدى إلى ما رتبه عليها ، إذ عول على أقوال شهود
الإثبات واعتراف المتهم الأول بتحقيقات النيابة العامة وبجلسة المحاكمة رغم أنه لم
يبين مضمونها ومؤداها ، وعلى تقرير الطب الشرعي دون أن يورد مضمونه في بيان واف ،
وقد خلا من الإشارة إلى أنه قد تم دهس المجنى عليها ، ودون أن تندب المحكمة خبيرا
لإستبيان ذلك الأمر ، واعتنق تصوير شهود الإثبات رغم عدم معقوليته وتناقض أقوالهم
ورد على دفاعه في هذا الخصوص بما لا يفنده ، ولم تعن المحكمة باستدعاء الشهود
لسماع أقوالهم وتمكين الطاعن من مناقشتهم ، وأطرح دفعيه بعدم جدية التحريات
وتناقضها مع اعترافات المتهمين ، وبطلان إقرار المتهمين بمحضر الضبط لكونه وليد
إكراه مادى و معنوى والذي تساند إليه دون أن يورد مضمونه بما لا يصلح ردا ، وأورد
الحكم على خلاف الثابت بالأوراق أن المتهمين قاما بسحل المجنى عليها وأنه تم دهسها
بالسيارة ونسب إليهما أنهما قصدا قتل المجنى عليها وفى موطن آخر منه أورد أنهما لم
يتفقا على قتل المجنى عليها وأن القتل كان نتيجة محتملة لجريمة السرقة معتنقا
صورتين للواقعة مما يصمه بالتناقض في التسبيب ، وساءله والمحكوم عليه الآخر عن
جريمة القتل العمد المقترن بالسرقة بالإكراه مع أن الواقعة في حقيقتها سرقة
بالإكراه مقترنة بجنحة قتل خطأ لانتفاء قصد القتل العمد في حقهما ، واتخذ من فعل
القتل الركن المادي المكون لجريمة السرقة بالإكراه مما ينفي الاقتران بين
الجريمتين ، والتفت عن طلبه تعديل القيد والوصف من جناية قتل عمد مقترن بالسرقة
بالإكراه إلى جناية سرقة مقترنة بالقتل الخطأ أو جناية ضرب أفضى إلى موت ، ولم
يفطن إلى أن المحكوم عليه الآخر ارتكب الواقعة وهو تحت تأثير المخدر مما ينفي
القصد الجنائي في حقه ، ولم يحظ المتهمان بدفاع جدى من المحاميين المنتدبين للدفاع
عنهما ، كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة
العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها ، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة
مستمدة من أقوال شهود الإثبات وما ورد بتقارير الطب الشرعي والإدارة العامة للأدلة
الجنائية والمعمل الكيماوي وإقرار المتهمين بالتحقيقات بارتكاب واقعة السرقة ،
وأورد مؤداها في بيان واف يكفى للتدليل على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها المحكمة
واستقرت في وجدانها ، وهى أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها ،
وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي
وألمت بها إلماما شاملا يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف
الحقيقة ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلا أو نمطا يصوغ فيه الحكم بيان
الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، ومتى كان مجموع ما أورده
الحكم كافيا في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة ، فإن ذلك
يكون محققا لحكم القانون ، ومن ثم فإن منعى الطاعن بأن الحكم قد صيغ في عبارات
عامة ومجملة وعدم بيان واقعة الدعوى وأدلتها يكون ولا محل له . لما كان ذلك ، وكان
الحكم المطعون فيه قد عرض لتوافر نية القتل في حق الطاعن وردا على دفاعه بشأن
توافرها في قوله ( ........ وكانت ظروف الدعوى وملابساتها تؤكد توافر نية القتل
العمد لدى المتهمين الأول والثاني ....... ، ........ ودلالة ذلك أنهما استأجرا
سيارة أجرة ( ميكروباص ) بقصد السرقة بالطريق العام وخططا لذلك الجرم فتسلح الأول
بسلاح ناري وذخيرة وتسلح الثاني بسلاح أبيض (مطواة) أخفاه كلاهما داخل طيات ملابسه
بقصد استخدامه عند اللزوم وتوجها سويا إلى منطقة المعادي لارتكاب جرمهم وأبصرا
المجنى عليها تسير مترجلة بالطريق العام لدى عودتها من عملها إلى مسكنها حاملة خلف
ظهرها حقيبتها الخاصة فتوجها إليها لسرقتها فهدأ المتهم الأول من سرعة السيارة
قيادته حتى دنا منها فأصبحت في متناول يد المتهم الثاني الجالس بالمقعد الخلفي
للسيارة فانقض على الحقيبة بكلتا
يديه لنزعها إلا أن المجنى عليها تشبثت بها واستمر في جذب الحقيبة بقوة ولم يبال بصراخ المجنى عليها واستغاثتها بالمارة لعل أحدا ينقذها
حتى رطمها رطمة قوية بإحدى السيارات المرابطة بجانب الطريق واختل توازنها وسحلها
أرضا حتى تمكن من استخلاص الحقيبة منها
وسرع المتهم الأول من سرعة السيارة ودهسها أسفل عجلاتها لدى فرارهما بالمسروق
وفاضت روح المجنى عليها إلى بارئها ... وقد وقعت جريمة القتل العمد نتيجة محتملة
للجريمة الأصلية (السرقة) المتفق عليها من المتهمين ابتداء وقد توافر القصد
الجنائي الاحتمالي لدى المتهمين لجريمة القتل من علم وإرادة وثبت من تصميم
المتهمين وعقدهما العزم واتجاه إرادتهما إلى استخدام القوة والعنف قبل المجنى
عليها من رطم رأسها بقوة بسيارة مرابطة بجانب الطريق وسحلها أرضا ودهسها أسفل
عجلاتها مع توقع المتهمين نتيجة ما أقدما عليه وانتويا عليه مسبقا ، وقد أتى
المتهمان تلك الأفعال بنية إزهاق روح المجنى عليها بقصد سرقة المجنى عليها ولم
يبال كلاهما بصراخ المجنى عليها حتى يتركاها لحال سبيلها دون رحمة ولا هوادة وقد
ارتكبا تلك الأفعال التي أودت بحياة المجنى عليها نتيجة محتملة لجريمة السرقة التي
اتفق عليها المتهمان أولا وبالتالي ووفقا للمجرى العادي للأمور فإن المتهمين
مسئولان عن النتائج المحتملة للجريمة الأصلية (السرقة) لأنه كان في مقدور كليهما
أن يتوقع حدوث وقوع جريمة القتل العمد والتي وقعت بالفعل من جراء ما أتاه المتهمان
من جرم ومن ثم فإن القصد الإحتمالي بركنيه المادي والمعنوي لجريمة القتل العمد قد
توافر في حق المتهمين .. ومن المقرر قانونا أن جريمة القتل من الجرائم المحتمل
وقوعها أثناء اقتراف جريمة السرقة ومن ثم قامت مسئولية المتهمين عن الجريمة
الأصلية والمرتبطة بها وفي ذلك ما يكفى أيضا للرد على الدفاع بشأن انتفاء قصد
القتل أو أن الواقعة ضرب أفضى إلى موت أو قتل خطأ وهو دفاع واهى منتفي قانونا وفقا
لما انتهت إليه المحكمة على النحو السابق سرده تفصيلا ) ، وكان من المقرر أن قصد
القتل أمرا خفيا لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى
والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجانى وتنم عما يضمره في نفسه ، وأن
استخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته
التقديرية ، وكان ما أورده الحكم فيما تقدم تدليلا على توافر هذه النية فى حق
الطاعنين كافيا وسائغا ، هذا فضلا عن أن الحكم أثبت بالأدلة السائغة التي أوردها
أن الطاعن والمحكوم عليه الآخر قد اتفقا على ارتكاب جريمة السرقة التي وقعت جريمة
القتل نتيجة محتملة لها ، ودلل على توافر نية القتل في حقهما باعتبارهما فاعلين
أصليين في جريمة القتل العمد ، فذلك حسبه إذ ينعطف حكمه عليهما بعد أن اتفقا على
ارتكاب جريمة السرقة مع علمهما باحتمال وقوع جريمة القتل كنتيجة محتملة لها ما
دامت المحكمة دللت تدليلا سليما على أن جريمة القتل وقعت نتيجة محتملة لجريمة
السرقة التي اتفق الطاعن والمحكوم عليه الآخر على ارتكابها ، ولا ينال من ذلك أن
اعترافات المتهمين بالتحقيقات قد اقتصرت على نية ارتكاب جريمة السرقة دون القتل ،
فإن ذلك لا يقيد حرية المحكمة في استخلاص قصد القتل من كافة ظروف وملابسات الواقعة
- كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا
الخصوص لا يكون سديدا . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه يكفى أن تستخلص المحكمة
الاتفاق على ارتكاب الجريمة بين المتهمين من ظروف الدعوى وملابساتها ، مادام في
وقائع الدعوى ما يسوغ الاعتقاد بوقوعه ، وهي في ذلك ليست مطالبة بألا تأخذ إلا
بالأدلة المباشرة بل لها أن تستخلص الحقائق القانونية من كل ما يقدم إليها من أدلة
ولو كانت غير مباشرة متى كان ما حصله الحكم من هذه الأدلة لا يخرج عن الاقتضاء
العقلي والمنطقي، وكان من المقرر أن اعتبار جريمة معينة محتملة للاتفاق على جريمة
أخرى طبقا لنص المادة ٤٣ من قانون العقوبات هو أمر موضوعي تفصل فيه المحكمة بغير
معقب ولا رقابة لمحكمة النقض عليها مادام حكمها يساير التطبيق السليم للقانون ،
وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه عاقب المتهمين على أساس أن القتل كان نتيجة
محتملة لجريمة السرقة المتفق بينهما على ارتكابها بما يجعلهم في صحيح القانون
مسئولين عن فعل القتل المرتكب مادامت المحكمة قد دللت تدليلا سليما على أن جريمة
القتل وقعت كنتيجة محتملة لجريمة السرقة التي اتفق الطاعن والمحكوم عليه الآخر على
ارتكابها - كالحال في الدعوى - وكان الحكم قد استظهر هذا الاتفاق بما ينتجه وأطرح
الدفاع بشأنه برد كاف وسائغ لإطراحه ، ومن ثم بات ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا
الصدد غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه تحدث
عن توافر ظرف الاقتران في قوله : "... وكان الثابت من وقائع الدعوى ومادياتها
أن ما أتاه المتهمان من أفعال لدى سرقة حقيبة يد المجني عليها تدلل على توافر ظرف الاقتران ودلالة ذلك أن المتهم
الأول قاد السيارة الأجرة مرتكبة الحادث حال تواجد الثاني بالمقعد الخلفي للسيارة
وأصبحت المجني عليها في متناول يد الثاني ولدى سرقة الأخير لحقيبة يد المجنى عليها من خلف ظهرها حال سيرها بالطريق العام قاومته وجذبها
منها بقوة ورطمها بسيارة متوقفة على جانب الطريق ثم سحلها أرضا حتى خارت قواها
وأغمى عليها ثم دهسها المتهمان بالسيارة قاصدين من ذلك قتلها فأرداها قتيلة وفرا
هاربين بالمسروق ، كل ذلك يوفر في حقهما ظرف الاقتران لوقوع الجرائم في مكان واحد
وزمن قصير وبفعل مادى مستقل لكل جريمة الأمر الذي يتحقق به ظرف الاقتران بين
الجنايتين على النحو الوارد بالفقرة الثانية من المادة ٢٣٤ من قانون
العقوبات" ، فإن ما ذهب إليه الحكم من ذلك صحيح في القانون ويتحقق به معنى
الاقتران المنصوص عليه في الفقرة الثانية من المادة ٢٣٤ من قانون العقوبات ، ذلك
أنه يكفى لتغليظ العقاب عملا بالفقرة الثانية من المادة المشار إليها أن يثبت
الحكم استقلال الجريمة المقترنة عن جناية القتل وغيرها وقيام المصاحبة الزمنية
بينهما بأن تكون الجنايتان قد ارتكبتا في وقت واحد أو في فترة قصيرة من الزمن ،
وتقدير ذلك مما يستقل به قاضى الموضوع ، فمتى قدر الحكم قيام رابطة المعاصرة
الزمنية هذه فلا يجوز إثارة الجدل في ذلك أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان
من المقرر أن تقدير الدليل موكول لمحكمة الموضوع ، وأنه متى اقتنعت به واطمأنت
إليه فلا معقب عليها في ذلك ، ولما كانت الأدلة التي أوردها الحكم من شأنها أن تؤدى
إلى ما رتب عليها من ثبوت مقارفة الطاعن والمحكوم عليه الآخر للجرائم التي دينا
بها ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلا في واقعة الدعوى
وتقدير أدلتها مما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما
كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تورد في حكمها من مؤدى الأدلة ما
يكفى لتبرير اقتناعها بالإدانة مادامت قد اطمأنت إلى هذه الأدلة واعتمدت عليها في
تكوين عقيدتها، وكان ما أورده الحكم بالنسبة لأقوال شهود الإثبات واعتراف المحكوم
عليه الأول بالتحقيقات وبجلسة المحاكمة يحقق مراد الشارع الذي استوجبه في المادة ۳۱۰
من قانون الإجراءات الجنائية من دعوى بيان مؤدى الأدلة التي يستند إليها الحكم
الصادر بالإدانة ، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في بيان دليل الإثبات الذي
استمده منها لا يخرج عن كونه جدلا موضوعيا في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر
الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك ،
وكان ما أورده الحكم بمدوناته نقلا عن تقرير الطب الشرعي كافيا في بيان مضمون ذلك
التقرير الذى عول عليه في قضائه فإن هذا حسبه كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه ، ذلك
بأنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراده نص تقرير الخبير بكل فحواه وأجزائه ومن ثم
تنتفى عن الحكم دعوى القصور في هذا المنحى . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن
تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن مرجعه إلى محكمة
الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شأنه في ذلك
شأن سائر الأدلة ، وكانت المحكمة قد اطمأنت للأدلة التي ساقتها ولما ورد في تقرير
الطب الشرعي فإن المنازعة في ذلك لا تعدو أن تكون جدلا موضوعيا في تقدير الدليل
مما لا يقبل التصدي له أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان لا يبين من محاضر
جلسات المحاكمة أن الطاعن طلب ندب خبير آخر في الدعوى فليس له من بعد النعي على
المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي من جانبها لزوما لإجرائه
بما تنحسر معه عن الحكم في هذا الشأن قالة الإخلال بحق الدفاع ويكون النعي على الحكم
في هذا الصدد غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستمد
اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه طالما هذا الدليل له مأخذه الصحيح
من الأوراق، وكان من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر
المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه
اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغا مستندا إلى أدلة
مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وأن وزن أقوال الشهود وتقدير
الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من
مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي
تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه وهى متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها
أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وأن تناقض
الشاهد أو اختلاف رواية شهود الإثبات في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم ولا يقدح في
سلامته ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقوالهم استخلاصا سائغا لا تناقض
فيه ، وأنه لا يشترط في شهادة الشاهد أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها
بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق بل يكفى أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدى
إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه محكمة الموضوع يتلاءم به ما قاله الشاهد
بالقدر الذي رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة في الدعوى وأنه لا يشترط أن
تكون الأدلة التي يركن إليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من
جزئيات الدعوى ، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضا ومنها
مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي
الأدلة بل يكفى أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها
ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، وكان الحكم المطعون فيه
قد اطمأن إلى أقوال شهود الإثبات - التي حصلها بغير تناقض - وبصحة تصويرهم للواقعة
ووثق بروايتهم المؤيدة بتقرير الصفة التشريحية ، فإن كافة ما يثيره الطاعن من
منازعة حول تصوير المحكمة للواقعة وفي تصديقها لأقوال شهود الإثبات وما يسوقه
الطاعن بالنسبة لأقوالهم لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا في سلطة محكمة الموضوع في
وزن عناصر الدعوى وتقدير أدلتها تأديا لمناقضة الصورة التي ارتسمت في وجدانها
بالدليل الصحيح ، وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض ، هذا فضلا عن أن الحكم
قد رد على دفعي الطاعن بتناقض أقوال الشهود وعدم معقولية تصور حدوث الواقعة
وأطرحهما برد سائغ وتدليل مقبول ، ومن ثم يضحى النعي على الحكم في هذا الشأن في
غير محله . لما كان ذلك ، وكان البين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن
الطاعن لم يطلب سماع شهود الإثبات ولم يتمسك المدافع عنه بذلك في مرافعته بل تنازل
عن سماعهم صراحة واكتفى هو والنيابة العامة بتلاوة أقوالهم وتليت ، فإن النعى على
الحكم بالإخلال بحق الدفاع يكون على غير سند ، ذلك أن للمحكمة أن تستغنى عن سماع
شهود الإثبات إذا ما قبل المتهم أو الحاضر عنه ذلك صراحة أو ضمنا ولها الاعتماد في
حكمها على أقوال هؤلاء الشهود فى التحقيقات ما دامت كانت مطروحة على بساط البحث في
الجلسة . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع بعدم جدية التحريات
وأطرحه برد سائغ ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعول في تكوين عقيدتها على
ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ما دامت تلك التحريات قد
عرضت على بساط البحث ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير قويم .
لما كان ذلك ، وكانت محاضر جلسات المحاكمة قد خلت مما يثيره الطاعن بأسباب طعنه من
تناقض التحريات مع اعترافات المتهمين ، فإنه ليس له من بعد أن ينعى على المحكمة
قعودها عن الرد على دفاع لم يبد أمامها ولا يقبل منه إثارته لأول مرة أمام محكمة
النقض . لما كان ذلك ، وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه لم يعول في قضائه
بإدانة المتهمين على إقرار أي منهما بمحضر الضبط ولم يشر إليه في مدوناته ، ومن ثم
فقد انحسر عنه الالتزام بالرد استقلالا على الدفع ببطلانه ، وكانت المحكمة قد عرضت
لما أثاره الطاعن في هذا الشأن وأطرحته في منطق سائغ ويغدو ما يثيره في صدد ما
تقدم غير سديد . لما كان ذلك ، وكان البين من الاطلاع على المفردات - المضمومة -
أن ما حصله الحكم من أن المتهمين قاما بسحل المجنى عليها وأنه تم دهسها بالسيارة
له صداه وأصله الثابت في الأوراق ، كما أن البين من الحكم المطعون فيه أنه لم ينسب
إلى المتهمين أنهما قصدا قتل المجنى عليها - خلافا لما يزعمه الطاعن بأسباب طعنه -
، فإن دعوى الخطأ في الإسناد لا يكون لها محل . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن
التناقض الذى يعيب الحكم ويبطله هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفى بعضها ما أثبته
البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة والذي من شأنه أن يجعل الدليل
متهادما متساقطا لا شيء فيه باقيا يمكن أن يعتبر قواما لنتيجة سليمة يصح الاعتماد
عليها ، وكان الحكم المطعون فيه قد اعتنق صورة واحدة للواقعة وهى أن جريمة قتل
المجنى عليها لم يكن متفقا عليها ولكنها وقعت نتيجة محتملة لجريمة السرقة التي اتفق
المتهمان على ارتكابها ثم ساق الحكم أدلة الثبوت التي استمد منها عقيدته دون تناقض
، فإن ما يثيره الطاعن من دعوى التناقض في التسبيب يكون في غير محله . لما كان ذلك
، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أسند إلى الطاعن جناية القتل العمد
المقترن بجناية السرقة بالطريق العام من شخصين يحملان سلاحين ناري وأبيض مخبأين
وليس جناية القتل العمد المقترن بجناية السرقة بالإكراه على خلاف ما زعمه الطاعن
من أنه دانهما بجناية القتل العمد المقترن بجناية السرقة بالإكراه وأنه أتخذ من
فعل القتل الركن المادي المكون للسرقة فإن نعيه على الحكم في هذا الشأن يكون على
غير سند . لما كان ذلك ، وكان ما أثاره المدافع عن الطاعن بمحاضر جلسات المحاكمة
من منازعته في شأن التكييف القانوني للواقعة وأنها مجرد جناية سرقة مقترنة بجريمة
القتل الخطأ أو أنها ضرب أفضى إلى موت لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي
اعتنقتها المحكمة وجدلا موضوعيا في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة
كما ارتسمت في وجدانها مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب هذا إلى أن محكمة الموضوع
غير ملزمة بتعقب المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي والرد على كل شبهة يثيرها على
استقلال إذ قضاءها بالإدانة استنادا إلى أدلة الثبوت التي أوردتها ما يفيد ضمنا
أنها أطرحتها ولم تعول عليها ومع هذا فقد عرضت المحكمة لهذا الدفاع وأطرحته بأسباب
سائغة ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الصدد يكون غير قويم . لما كان ذلك ، وكان
الأصل أنه لا يقبل من أوجه الطعن على الحكم إلا ما كان متصلا بشخص الطاعن وكان له
مصلحة فيه ، وكان ما يثيره الطاعن بشأن ارتكاب المحكوم عليه الأول الجريمة وهو تحت
تأثير مخدر - بفرض صحته - لا يتصل بشخص الطاعن ولا مصلحة له فيه فلا يقبل منهم ما
يثيروه في هذا الصدد . لما كان ذلك ، وكان البين من محضر جلسة 21/11/2020 أن
الطاعن قرر أن ليس في مقدوره توكيل محام وطلب من المحكمة ندب محام للدفاع عنه
فقررت المحكمة ندب محاميا للدفاع عنه استأجل الدعوى للاطلاع فأجابته المحكمة لطلبه
وأجلت الدعوى لجلسة تالية ثم ترافع في الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة وتمسك
بالدفوع المبداه وعددها وشرح ظروف الدعوى واختتم مرافعته طالبا الحكم بالبراءة ،
وكان البين من ذلك أن ندب المحكمة لمحام للدفاع عن الطاعن لم يكن إلا بعد إقراره
بعدم وجود محام موكل من قبله للدفاع عنه وطلبه ندب محام للدفاع عنه ، وكان استعداد
المدافع عن المتهم أو عدم استعداده موكول إلى تقديره هو حسبما يوحى به ضميره و
اجتهاده وتقاليد مهنته ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن من دعوى الإخلال بحق الدفاع
لا يكون لها محل . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن المقدم من الطاعن يكون على غير
أساس متعينا رفضه موضوعا .
ثانيا : بالنسبة لعرض النيابة العامة للقضية :-
من حيث إن النيابة العامة عرضت القضية على هذه المحكمة - محكمة النقض
- بمذكرة خلصت فيها إلى طلب إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليهما إعمالا لنص
المادة ٤٦ من قانون حالات وإجراءات الطعن الصادر بالقانون رقم ٥٧ لسنة ١٩٥٩ دون
إثبات تاريخ تقديمها ليستدل منه على مراعاة الميعاد المحدد في المادة ٣٤ من هذا
القانون ، والمعدل بالقانون رقم ۲۳ لسنة ۱۹۹۲ ، إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد
- على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة العامة بل
إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين من تلقاء نفسها
دون أن تتقيد بالرأي الذى ضمنته النيابة العامة مذكرتها ما عسى أن يكون قد شاب
الحكم من عيوب يستوى في ذلك أن يكون عرض النيابة العامة قد تم في الميعاد المحدد
أو بعد فواته أو أن تكون مذكرتها موقعة من محام أو رئيس نيابة أو أن يكون هذا
التوقيع غير مقروء . لما كان ذلك ، وحيث إن الحكم المعروض قد بين واقعة الدعوى بما
تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان المحكوم عليهما بالإعدام بها
وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها .
لما كان ذلك ، وكان الحكم المعروض قد استظهر قيام علاقة السببية بين إصابات المجنى
عليها التي أوردها تفصيلا عن تقرير الطب الشرعي أن الوفاة تعزى إلى الإصابة الرضية
الجسيمة بالرأس وما أحدثته من كسور بعظام الجمجمة وإنزافه بالسحايا وتكدمات بسطح
المخ أدى إلى ضغط على المراكز الحيوية والوفاة، فإنه ينحسر عن الحكم قالة القصور
في هذا الشأن . لما كان ذلك ، وكان مفاد نص المادة ١٢٤ من قانون الإجراءات
الجنائية المعدل بالقانونين ١٤٥ لسنة ٢٠٠٦ ، ٧٤ لسنة ۲۰۰۷ أن المشرع تطلب ضمانة
خاصة لكل متهم في جناية أو جنحة معاقب عليها بالحبس وجوبا هى وجوب دعوة محاميه إن
وجد لحضور الاستجواب أو المواجهة فيما عدا حالتي التلبس والسرعة بسبب الخوف من
ضياع الأدلة على النحو الذى يثبته المحقق في المحضر وذلك تطمينا للمتهم وصونا
لحرية الدفاع عن نفسه ، ولتحقيق هذه الضمانة العامة يجب على المتهم أن يعلن اسم
محاميه بتقرير في قلم كتاب المحكمة أو إلى مأمور السجن أو يخطر به المحقق كما يجوز
لمحاميه القيام بهذا الإعلان أو الإخطار ، وإذا لم يكن للمتهم محام أو لم يحضر
محاميه بعد دعوته وجب على المحقق من تلقاء نفسه أن يندب له محاميا ، وكان الثابت
من مطالعة المفردات أن المحكوم عليهما لم يخطرا المحقق باسم محاميهما ولم يعلناه
بتقرير لدى قلم الكتاب أو إلى مأمور السجن وأن المحقق أرسل في طلب أحد الأساتذة
المحامين من النقابة الفرعية لحضور استجواب الطاعن إلا أنه عجز عن تنفيذ ذلك بسبب
غلق النقابة فصار ندب محام أمرا غير ممكن ، ومن ثم فإنه لا تثريب على المحقق إن هو
استمر في استجواب المحكوم عليهما ولا يعد ذلك منه خطأ في الإجراءات إذ أنه غير
ملزم بانتظار حضور المحامي أو تأجيل الاستجواب لحضوره ، والقول بغير ذلك فيه تعطيل
للنيابة العامة عن أداء وظيفتها انتظارا للمحامي الذي يتعذر حضوره أو يتراخى فيه ،
كما أن الواقعة بحالتها الراهنة تحمل من الأدلة التي يخشى عليها من الضياع مما
يستلزم السير في إجراءاتها على وجه السرعة . لما كان ذلك ، وكان الثابت بمحاضر
جلسات المحاكمة أن المحكوم عليه الأول قرر أنه ليس في مقدوره توكيل محام وطلب من
المحكمة ندب محام للدفاع عنه فقررت المحكمة ندب محاميا للدفاع عنه استأجل الدعوى
للاطلاع فأجابته المحكمة لطلبه وأجلت الدعوى لجلسة تالية ثم ترافع في الدعوى على
النحو المبين بمحضر الجلسة ولم يثبت أن المحكوم عليه الأول اعترض على ذلك أو أبدى
طلبا ما في هذا الشأن ومن ثم فإن إجراءات المحاكمة تكون قد تمت صحيحة . لما كان
ذلك ، وكانت المادة ۳۷۷ من قانون الإجراءات الجنائية تقضى بأن المحامين المقبولين
أمام محكمة الاستئناف أو المحاكم الابتدائية يكونون مختصين دون غيرهم بالمرافعة
أمام محكمة الجنايات ، وكان الثابت أن المحاميين / ياسر عبدالعزيز إبراهيم ، صلاح
حامد حمودة اللذين توليا الدفاع عن المحكوم عليهما بجلسات المحاكمة مقبولان
للمرافعة أمام المحاكم الابتدائية وبالتالي فإن إجراءات المحاكمة تكون قد وقعت
صحيحة في الحكم المعروض . لما كان ذلك ، وكان الحكم المعروض قد بين واقعة الدعوى
بما تتوافر فيه كافة العناصر القانونية للجرائم التي دين المحكوم عليهما بالإعدام
بها وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة سائغة لها معينها الصحيح من الأوراق ومن شأنها
أن تؤدى إلى ما رتبه عليها ، كما وأن إجراءات المحاكمة قد تمت وفقا للقانون
وإعمالا لما تقضي به الفقرة الثانية من المادة 381 من قانون الإجراءات الجنائية
المعدل بالقانون رقم 107 لسنة 1962 من استطلاع رأي مفتي الجمهورية قبل إصدار الحكم
وصدوره بإجماع آراء أعضاء المحكمة ، وقد خلا الحكم من عيب مخالفة القانون أو الخطأ
في تطبيقه أو في تأويله وصدر الحكم من محكمة مشكلة وفقا للقانون ولها ولاية الفصل
في الدعوى ، ولم يصدر بعده قانون يسرى على واقعة الدعوى يصح أن يستفيد منه المحكوم
عليهما على نحو ما نصت عليه المادة الخامسة من قانون العقوبات ، ومن ثم يتعين معه
قبول عرض النيابة العامة للقضية وإقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليهما / وليد
عبد الرحمن فكري عبد الرحمن ، ومحمد أسامة محمد جلال السيد وشهرته / محمد الصغير .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة :- أولا : بعدم قبول طعن المحكوم عليه / وليد عبد الرحمن
فكري عبدالرحمن شكلا .
ثانيا : بقبول طعن / محمد أسامة محمد جلال السيد شكلا و في الموضوع
برفضه .
ثالثا : بقبول عرض النيابة العامة للقضية و في الموضوع بإقرار الحكم
الصادر بإعدام المحكوم عليهما / وليد عبد الرحمن فكري عبد الرحمن و محمد أسامة
محمد جلال السيد .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق