الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 24 سبتمبر 2023

الطعن 928 لسنة 4 ق جلسة 6/ 6 / 1959 إدارية عليا مكتب فني 4 ج 3 ق 125 ص 1435

جلسة 6 من يونيه سنة 1959

برياسة السيد/ سيد علي الدمراوي نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة السيد إبراهيم الديواني وحسن أبو علم والدكتور ضياء الدين صالح وعبد المنعم سالم مشهور المستشارين.

----------------

(125)

القضية رقم 928 لسنة 4 القضائية

(أ) موظف. 

إجازة اعتيادية. ترخص الإدارة بحسب الأصل في منحها للموظف أو منعها عنه بحسب مقتضيات العمل - تحول هذه الرخصة إلى حق في حالة مرض الموظف ومطالبته باحتساب مدة المرض الزائدة عن إجازته المرضية من رصيد إجازاته الاعتيادية - ليس لرئيس المصلحة في هذه الحالة منع هذا الحق عن الموظف.
(ب) بدل سكن. 

بدل السكن المقرر في لائحة تفاتيش مصلحة الأملاك الصادر بها قرار مجلس الوزراء في 17/ 8/ 1954 - مناط صرفه أن يكون الموظف قائماً فعلاً بأعمال وظيفة من وظائف تفتيش لا توجد بمقره مساكن.
(ج) مسئولية. 

مسئولية الإدارة. الخطأ الذي تسأل عنه الإدارة - التمييز بين الخطأ المصلحي والخطأ الشخصي - فيصل التفرقة بين النوعين - مسئولية الإدارة عن أخطاء الموظف المصلحية دون أخطائه الشخصية.

----------------
1 - إن الإجازات الاعتيادية هي في الأصل منحة تترخص جهة الإدارة في منحها أو منعها حسبما تقتضيه مصلحة العمل، وقد نصت على ذلك المادة 188 فصل 2 قسم 2 من القانون المالي؛ حيث تقول "الإجازة منحة، فلرؤساء المصالح الحق في منح الإجازات أو رفضها وتقصير مدتها أو إبطالها على حسب مقتضيات المصلحة"، إلا أن هذه الرخصة تنقلب إلى حق يكفله القانون لصالح الموظف في حالة المرض التي يثبت قيامها وفقاً لأحكام القانون، فالموظف المريض لا يستطيع أن يؤدي واجبات وظيفته على خير وجه؛ ومن أجل ذلك قسمت المادة 58 من القانون رقم 210 لسنة 1951 الإجازات إلى: إجازة عارضة وإجازة اعتيادية وإجازة مرضية، كما حددت المادة 67 مدى استحقاق الموظف للإجازات المرضية فنصت على أنه "يستحق الموظف كل ثلاث سنوات تقضى في الخدمة إجازة مرضية على الوجه الآتي: (1) ثلاثة شهور بمرتب كامل. (2) ثلاثة شهور بنصف مرتب. (3) ثلاثة شهور بربع مرتب. وتمنح الإجازة المرضية بناء على قرار من القومسيون الطبي المختص". وقد بينت المادة 60 من هذا القانون حدود الإجازات الاعتيادية، وذكرت في الفقرة الأخيرة منها ما يفيد صراحة أن حالة مرض الموظف هي الحالة الوحيدة التي تجيز للموظف أن يطالب باحتساب مدة المرض التي زادت عن المسموح به عند المرض من رصيد إجازاته الاعتيادية، فنصت هذه الفقرة على أنه "وفي حالة المرض للموظف أن يستنفد متجمد إجازاته الاعتيادية بجانب ما يستحقه من إجازة مرضية بشرط ألا تزيد الإجازة الاعتيادية على ستة شهور". وتحويل الإجازة المرضية إلى إجازة اعتيادية ليس أمراً جوازياً لرئيس المصلحة، ولقد قطعت المادة 69 من القانون رقم 210 لسنة 1951 في ذلك؛ حيث نصت على أنه: "للموظف الحق في أن يطلب تحويل الإجازة المرضية سواء بمرتب كامل أو غير كامل إلى إجازة اعتيادية إذا كان له وفر من الإجازات الاعتيادية يسمح بذلك".
2 - إن سكنى موظفي التفاتيش في المساكن المقامة في مقار عملهم هي من الميزات المتعلقة بالموظفين فعلاً لا حكماً، فكل من يكلف بأعمال وظيفة من وظائف تفاتيش مصلحة الأملاك يكون من حقه أن يقيم في المساكن المبنية في مقر التفتيش، فإن لم يكن ثمة مسكن مبني فيها، تعين أن يصرف للموظف بدل سكن مقدراً على أساس النسبة المئوية المحددة من المرتب، وذلك بالتطبيق لأحكام لائحة تفاتيش مصلحة الأملاك الأميرية الصادرة بقرار من مجلس الوزراء في 17 من أغسطس سنة 1954.
3 - إن القاعدة التقليدية في مجال قيام مسئولية الإدارة على أساس ركن الخطأ قد حرصت على التمييز بين الخطأ المصلحي أو المرفقي Faute de service الذي ينسب فيه الإهمال أو التقصير إلى المرفق العام ذاته، وبين الخطأ الشخصي Faute personnelle الذي ينسب إلى الموظف؛ ففي الحالة الأولى تقع المسئولية على عاتق الإدارة وحدها، ولا يسأل الموظف عن أخطائه المصلحية، والإدارة هي التي تدفع التعويض، ويكون الاختصاص بالفصل في المنازعة قاصراً على القضاء الإداري. وفي الحالة الثانية تقع المسئولية على عاتق الموظف شخصياً، فيسأل عن خطئه الشخصي، وينفذ الحكم في أمواله الخاصة. ويعتبر الخطأ شخصياً إذا كان العمل الضار مصطبغاً بطابع شخصي يكشف عن الإنسان بضعفه ونزواته وعدم تبصره. أما إذا كان العمل الضار غير مصطبغ بطابع شخصي وينم عن موظف معرض للخطأ وللصواب فإن الخطأ في هذه الحالة يكون مصلحياً. فالعبرة بالقصد الذي ينطوي عليه الموظف وهو يؤدي واجبات وظيفته، فكلما قصد النكاية أو الإضرار أو تغيا منفعته الذاتية كان خطؤه شخصياً يتحمل هو نتائجه. وفيصل التفرقة بين الخطأ الشخصي والخطأ المصلحي يكون بالبحث وراء نية الموظف، فإذا كان يهدف من القرار الإداري الذي أصدره إلى تحقيق الصالح العام، أو كان قد تصرف ليحقق أحد الأهداف المنوط بالإدارة تحقيقها والتي تدخل في وظيفتها الإدارية فإن خطأه يندمج في أعمال الوظيفة بحيث لا يمكن فصله عنها ويعتبر من الأخطاء المنسوبة إلى المرفق العام، ويكون خطأ الموظف هنا مصلحياً. أما إذا تبين أن الموظف لم يعمل للصالح العام أو كان يعمل مدفوعاً بعوامل شخصية أو كان خطؤه جسيماً بحيث يصل إلى حد ارتكاب جريمة تقع تحت طائلة قانون العقوبات، كالموظف الذي يستعمل سطوة وظيفته في وقف تنفيذ حكم أو أمر أو طلب من المحكمة (المادة 123 من قانون العقوبات)، فإن الخطأ في هذه الحالة يعتبر خطأ شخصياً ويسأل عنه الموظف الذي وقع منه هذا الخطأ في ماله الخاص.


إجراءات الطعن

في 4 من سبتمبر سنة 1958 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتارية المحكمة عريضة طعن أمام هذه المحكمة قيد بجدولها تحت رقم 928 لسنة 4 ق في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (الهيئة الثالثة "أ") بجلسة 17 من يوليه سنة 1958 في الدعوى رقم 1175 لسنة 5 ق المقامة من مراد توفيق أنطونيوس ضد وزارة المالية والاقتصاد ومصلحة الأملاك الأميرية، والذي يقضي: "بأحقية المدعي لبدل السكن عن المدة من 29 من يناير سنة 1949 إلى 31 من مارس سنة 1951 طبقاً للائحة التفاتيش، وبدل التخصص عن مدة قيامه بالعمل الهندسي، وكذا مرتب الانتقال طبقاً للتعليمات المالية، وبرفض ما عدا ذلك من الطلبات، وألزمت الحكومة بالمصروفات المناسبة لما حكم به ضدها". وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين - للأسباب التي استند إليها في صحيفة طعنه - "الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه على أساس القضاء بإلغاء القرار الصادر في 31 من يناير سنة 1951 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى الدرجة الثالثة، مع ما يترتب على ذلك من آثار، والقضاء له بالمبلغ الذي خصم من مرتبه على اعتبار أنه تغيب في إجازة مرضية تجاوزت مدتها المقررة له من الإجازات، وتأييد الحكم المطعون فيه فيما عدا ذلك، مع إلزام الحكومة بالمصروفات المناسبة". وقد أعلن هذا الطعن إلى الخصم في 6 من أكتوبر سنة 1958، وإلى الحكومة في 13 منه. وعين لنظره أمام دائرة فحص الطعون جلسة 4 من إبريل سنة 1959، فقررت إحالتها إلى المحكمة العليا لجلسة 9 من مايو سنة 1959، وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقدم المطعون لصالحه مذكرة في 30 من مايو سنة 1959 انتهى فيها إلى طلب الحكم بقبول هذا الطعن شكلاً وموضوعاً، ثم قررت المحكمة إرجاء النطق بالحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة، حسبما يبين من أوراق الطعن، تتحصل في أن المطعون لصالحه أقام الدعوى رقم 1175 لسنة 5 ق أمام محكمة القضاء الإداري بعريضة أودعها سكرتيرية المحكمة في 31 من مايو سنة 1951 طلب فيها الحكم (أولاً) بإلغاء قرار ترقية كل من: عبد المنعم وهبى وحامد العسكري وفيكتور إسرائيل وعزت عبد الوهاب، وبأحقيته هو للدرجة الثالثة الفنية ابتداء من تاريخ صدور هذا القرار في 31 من يناير سنة 1951، وبإلغاء قرار انتدابه للعمل بمصلحة الإحصاء والتعداد، والقضاء بإعادته لوظيفته الأصلية بالمصلحة، وهي مدير الهندسة الميكانيكية. (ثانياً) القضاء له بالمبالغ المستحقة له من بدل سكنى وبدل تخصص وبدل سيارة واستمارة بدل السفر والمبالغ المخصومة على أساس عدم استحقاقه لإجازات..... ومجموع هذه المبالغ 500 م و318 ج. (ثالثاً) القضاء له بتعويض قدره قرش صاغ واحد ضد السيد مدير عام مصلحة الأملاك بصفته الشخصية. وذلك مع إلزام المعلن إليهم بالمصاريف ومقابل الأتعاب. وقال المدعي شرحاً لدعواه: إنه التحق بمصلحة الأملاك الأميرية في وظيفة مهندس على كادر التفاتيش بالدرجة السادسة الفنية في 7 من يوليه سنة 1926، وظل يعمل في تفاتيش المصلحة حتى أول فبراير سنة 1941؛ حيث نقل إلى الإدارة العامة بالقاهرة، وعندئذ بدأت سلسلة من الإجراءات التعسفية صادرة ضده من موظف كبير صار فيما بعد مديراً عاماً للمصلحة، فنقل المدعي في 16 من نوفمبر سنة 1942 إلى مديرية الجيزة في وظيفة معاون أملاك، ثم نقل من الهندسة المدنية إلى الهندسة الميكانيكية في 10 من ديسمبر سنة 1942، وعين بالإدارة العامة، وبهذا النقل ابتعد عن الموظف الذي كان يضطهده، ثم رقي المدعي منسياً إلى الدرجة الخامسة في أول يوليه سنة 1943، ثم رقي لوظيفة مساعد مدير أعمال في 23 من ديسمبر سنة 1943، وعين وكيلاً لإدارة الهندسة الميكانيكية في 10 من يوليه سنة 1946، وقام بعمل مدير إدارة الهندسة الميكانيكية في 13 من مارس سنة 1947، فمديراً لإدارة الهندسة الميكانيكية في 30 من أغسطس سنة 1947، ومنح الدرجة الرابعة الفنية، وهذا دليل على كفايته. وفي خلال ذلك كان الموظف الكبير الذي يخاصمه قد وصل في ترقياته إلى وظيفة وكيل عام مصلحة الأملاك، فسارع المدعي إلى طلب نقله من المصلحة نهائياً حتى يبتعد عنه، فصدر قرار بنقل المدعي إلى وظيفة مدير للورش الأميرية، ولكن الوزير عدل عن تنفيذ هذا القرار استمساكاً بالمدعي في مصلحة الأملاك. ولقد عارض المدعي رئيسه في مسألتين: (1) موضوع شراء سيارات نقل للمصلحة (لوريات)، وكان المدعي قد كلف بمعاينتها، فقرر أنها غير صالحة لعمل المصلحة. (2) موضوع شراء ماكينات ديزل بالممارسة، وكان المدعي قد أبدى رأياً مخالفاً لرأي الموظف الذي صار فيما بعد وكيلاً ثم رئيساً للمصلحة. ثم استصدر الموظف المذكور أمراً بضم قسم الهندسة المدنية للهندسة الميكانيكية وجعلهما قسماً واحداً تحت رياسته، ثم استصدر قراراً بنقل المدعي إلى الإسكندرية، وخلق له وظيفة جديدة اسمها (المهندس المقيم بإدكو مريوط)، وذلك اعتباراً من 5 من فبراير سنة 1949. ثم وجه الموظف الكبير للمدعي تهمة سرقة أوراق من ملفات المصلحة، وأبلغ النيابة بذلك، وانتهى الأمر بحفظ البلاغ. ولقد أوقفت المصلحة المدعي عن العمل أربعة أشهر، وأمرته بعد ذلك باستلام العمل من جديد بالإسكندرية في أول فبراير سنة 1950، وخلال ذلك أصدر الموظف الكبير قراراً بنقل المدعي من الكادر الدائم بالمصلحة إلى كادر الأقاليم في 8 من أكتوبر سنة 1950، وفي نفس هذا التاريخ أصدر سيادته أمراً بنقل جميع المهندسين من كادر التفاتيش إلى كادر الديوان العام، وقد صدرت هذه القرارات بعد أن عين الموظف الكبير المشار إليه مديراً عاماً لمصلحة الأملاك. واستمر مدير المصلحة في عدوانه على امتيازات وظيفة المدعي وكان من أمثلة ذلك: (1) منع المدعي من استعمال سيارة المصلحة المخصصة للمهندس المعين بمريوط وإدكو لبعد المسافة بين السكن والعمل. (2) منع عنه صرف بدل السكن المخصص له وقيمة هذا البدل عن 25 شهراً اعتباراً من فبراير سنة 1949 إلى مارس سنة 1951 بواقع 600 م و3 ج في الشهر فيكون مجموع ذلك 90 ج بدل السكن. (3) منع عنه صرف بدل التخصص للمهندسين اعتباراً من أول فبراير سنة 1950 (تنفيذاً للمادة الأولى من القانون رقم 67 لسنة 1950)، أي 15 شهراً، باعتبار 9 ج شهرياً، فيكون مجموع ذلك 135ج بدل تخصص. (4) خصم مبلغ 44 ج من مرتب المدعي على اعتبار أنه تغيب في إجازة مرضية تجاوزت مدتها المقرر له من الإجازات الاعتيادية والمرضية سنتي 1950 و1951. (5) خصم مبلغ 37.5 ج بدل استعمال سيارته الخصوصية في الأعمال المصلحية أثناء وجوده بالمصلحة مديراً لإدارة الهندسة الميكانيكية بمصر، والمصرح له بصرف 250 م و2 ج من وزارة المالية عن كل شهر. (6) خصم منه مبلغ 12ج عن استمارة بدل سفر أثناء قيامه بمأمورية مصلحية من أول سبتمبر سنة 1949 لغاية 17 من سبتمبر سنة 1949، وذلك بدون وجه حق. كذلك سعى مدير المصلحة حتى وفق إلى أن يندب المدعي للعمل بمصلحة التعداد والإحصاء، والمدعي مهندس ميكانيكي لا عمل له في تلك المصلحة التي ندب إليها. وبعد ذلك كله أصدر المدير العام قراراً في 31 من يناير سنة 1951 بترقية كل من: وهبى والعسكري وإسرائيل وعزت إلى الدرجة الثالثة على الرغم من أقدمية المدعي وكفايته، وقد تخطاه بذلك في الترقية مخالفاً أحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 17 من مايو سنة 1950 الخاص بنسب الترقية في الكادرين الفني والعالي والإداري، وجعل 50% من الدرجات وقفاً على الأقدمية المطلقة. وقد قال المدعي إنه لو فرضنا جدلاً أنه لا يرقى بالامتياز فإنه، وباعتباره أقدم موظف يستحق الدرجة سواء في مدة الخدمة كلها أو في مدة أقدميته في الدرجة الرابعة، كان يتعين أن يُرقىَّ إلى الدرجة الثالثة في القرار المطعون فيه بالإلغاء. وقد تظلم المدعي من القرار المذكور في 4 من إبريل سنة 1951، ثم بادر إلى رفع هذه الدعوى في 31 من مايو سنة 1951. وفي 29 من مايو سنة 1952 أودعت الحكومة مذكرة بدفاعها فقالت: (1) عن طلب إلغاء قرار انتداب المدعي والحكم بإعادته لوظيفته الأصلية بالمصلحة إنه يخرج عن ولاية القضاء الإداري؛ لأن الانتداب موقوت بطبيعته؛ ومن ثم فإنه ليس قراراً نهائياً يجوز الطعن فيه بالإلغاء. (2) عن طلب إلغاء قرار ترقية بعض زملاء المدعي إلى الدرجة الثالثة في 31 من يناير سنة 1951 فإنه لا يقوم على سند من القانون؛ لأن: "أ" المطعون في ترقيتهم حاصلون جميعاً على دبلومات عالية، ومرتبون في كادر الوظائف الدائمة بند أول حرف ( أ ) أي في الكادر الفني العالي. بينما المدعي حاصل على دبلوم فني متوسط، وهو دبلوم الفنون والصنايع، ومرتب في الكادر الفني المتوسط بند 32 حرف ( أ ) بميزانية المديريات والمحافظات. وقد جرت المصلحة منذ سنوات طويلة على أن تكون الترقيات في حدود كل بند على حدة بالنسبة للدرجات التي تخلو به. "ب" ولأنه لو تمشينا جدلاً مع المدعي ووضعناه ضمن أقدمية موظفي الدرجة الرابعة بالديوان العام المرتبين بالكادر الفني العالي، فإن أقدميته بالنسبة لمن رقوا إلى الدرجات الثالثة في قرار 31 من يناير سنة 1951 لا تسمح بترقيته؛ لأن الدرجات محل الطعن هي أربع درجات خالية يخصص اثنتان منها للترقية بالأقدمية واثنتان للترقية بالاختيار طبقاً لقواعد التيسير. ولما كان ترتيب المدعي هو الرابع حسبما يدعى فإن الدور في الترقية لا يمكن أن يلحقه؛ ذلك مع ملاحظة أن حامد العسكري وفيكتور إسرائيل يسبقان المدعي في أقدمية الدرجة الرابعة. وحاصل هذا القول أن المدعي غير محق في طلبه الترقية إلى الدرجة الثالثة بالأقدمية؛ لأن الدرجات موضوع المنازعة مندرجة ضمن الكادر الفني العالي في حين أن المدعي يدخل في صلب الكادر المتوسط. وعلى أية حال فإن أقدميته لا تسمح له بالترقية. (3) أما بالنسبة للمبالغ التي يقول المدعي إنه يستحقها وأن المصلحة منعت صرفها إليه، فدفاع الحكومة عنها ما يأتي: "أ" عن المطالبة بمبلغ 44 ج فرق مرتب عن مدد الإجازات المرضية قدمت الحكومة كشفاً بتلك المدد وتواريخها، وقالت إن الإجازات التي حصل عليها المدعي كان بعضها اعتيادية بماهية كاملة بناء طلبه، والبعض الآخر كان بموجب كشوف طبية، وأن تسويتها إلى أنواعها المبينة بالكشف المقدم للمحكمة قرين كل فترة كان متمشياً مع القواعد العامة للإجازات، وأن طلب المدعي رد ما خصم منه عن مدد الإجازات التي بنصف ماهية أو بربع ماهية هو طلب في غير محله ويستحق الرفض. "ب" عن المطالبة بمبلغ 90 ج بدل السكنى تقول الحكومة إنه تحدد بالأمر الصادر في 29 من يناير سنة 1949 بنقله لوظيفة مهندس مقيم بمريوط وإدكو لمباشرة العمل بهاتين المنطقتين اعتباراً من 5 من فبراير سنة 1949 أن يسكن المدعي بالإسكندرية بصفة مؤقتة لحين بناء المنزل اللازم لسكنه بمركز التفتيش. وظاهر من كشف الإجازات التي حصل عليها المدعي وتبلغ في مجموعها 270 يوماً منذ أول يناير سنة 1949 لغاية آخر مارس سنة 1951 مضافاً إليها مدة الإيقاف وقدرها أربعة أشهر من 28/ 9/ 1949 لغاية 20/ 1/ 1950 أن هذا الموظف لم يسكن بمدينة الإسكندرية؛ ولهذا فإنه لا يمكن أن يصرف له بدل السكن الذي يطالب به. "ج" عن المطالبة بصرف بدل التخصص اعتباراً من شهر فبراير سنة 1950 بواقع 9 ج شهرياً تقول الحكومة إن خطاب وزارة المالية الدوري في 27 من يونيه سنة 1950 رقم ف 245 - 1/ 105 بصرف بدل تخصص قدره 9 ج شهرياً لموظفي الدرجة الرابعة يخصم منه الفرق في زيادة إعانة الغلاء وقدرها ثلاثة جنيهات شهرياً طبقاً لكتاب وزارة المالية الدوري في 26 من فبراير سنة 1950 رقم ف 234 - 13/ 27 يشترط للصرف أن يتوافر في الموظفين الشرطان الأساسيان الآتي بيانهما: (1): أن يكون المهندس حاصلاً على شهادة جامعية أو ما يعادلها، وهي ما يؤهل للتعيين في الدرجة السادسة وأن يكون حاصلاً على لقب مهندس من نقابة المهن الهندسية. (2) أن يكون الموظف مشتغلاً بأعمال هندسية بحتة. ونظراً لأن الشرط الثاني غير متوافر للمدعي؛ لأنه لم يباشر أعمالاً هندسية بالمنطقة التي تحددت مدة وجوده بها، فإنه لا يكون له حق المطالبة ببدل التخصص لعدم أحقيته له. (4) عن المطالبة بصرف مبلغ 500 م و37 ج بدل استعمال سيارته الخاصة في الأعمال المصلحية أثناء وجوده بالمصلحة قبل تفتيش مريوط، ففي ذلك تقول الحكومة إن المدعي قدم طلباً للمصلحة في 18 من نوفمبر سنة 1947 لتصرف له مرتب انتقال ثابت نظير استعماله سيارته الخاصة في الأعمال المصلحية، فوافقت الوزارة بخطابها في 5 من أكتوبر سنة 1948 على صرف مرتب انتقال ثابت له على أساس ما يصرف للموظفين الذين يستعملون الموتوسيكلات في الأعمال المصلحية، أي بواقع ثلاث مليمات عن كل كيلو متر يقطعه بالسيارة بحد أقصى قدره 350 م و2 ج شهرياً، فالتمس المدعي إعادة النظر في هذا الرد من جانب الوزارة التي أصرت أخيراً على رأيها؛ ومن أجل هذا فقد عمل له إذن صرف بالمبلغ الذي يستحقه وقدره 306 م و4 ج عن المدة من 5 من أكتوبر سنة 1948 تاريخ موافقة الوزارة على طلبه لغاية تاريخ نقله من وظيفة مدير إدارة الهندسة الميكانيكية إلى تفتيش مريوط، ولكن المدعي رفض استلامه مدعياً أحقيته في مرتب الانتقال من 18 من نوفمبر سنة 1947 تاريخ تقديم طلبه. وقد رفض المدعي طلب المصلحة منه تقديم كشف تفصيلي ببيان انتقالاته وموضوع المأمورية الخاصة بكل انتقال. وقد رأت المصلحة قصر الصرف على المدة من تاريخ موافقة الوزارة على الصرف وتعلية المبلغ وقدره 306 م و4 ج بقائمة الأمانات. ثم ردت الوزارة على ما أثاره المدعي فيما يتعلق بشراء سيارات النقل (لوريات) وبشراء ماكينات الديزل، فقالت إن المدعي أراد بذلك أن يدرأ مقدماً عن نفسه الشبهات التي حامت حوله في هاتين المسألتين: فأما عن موضوع اللوريات فإنه يتضح من المستند رقم 167 ملف 102/ 4/ 43 جـ 10: أن الشركة الشرقية للسيارات والنقل عرضت استعدادها لتوريد خمسة لوريات، ورأت المصلحة حجز اللوريات المطلوبة، وشكلت لجنة لمعاينتها من موظفين بإدارات الهندسة والحسابات والتجارة والمخازن، وأخذت المصلحة اللازم منها على أساس السعر الذي أقرته مصلحة النقل الميكانيكي ووزارة التجارة والصناعة، ولم يكن للمدعي دخل في مشترى هذه اللوريات. وقد رأت المصلحة أن من المصلحة العامة إبعاد المدعي عن هذه العملية لسوء سمعته وما ترامى إليها من اتصاله بالشركات والجمهور اتصالاً مريباً لمصلحته الخاصة. أما عن موضوع ماكينات الديزال فقد تقدم المدعي إلى المصلحة بمذكرة في سنة 1948 يشيد فيها ببعض ماكينات من طراز معين عثر عليها بالسوق ووصفها بأنها في حكم الجديدة تقريباً، ولا تزال بصناديقها لدى أحد التجار (إميل عوض)، ويوصي المدعي بمشتراها، وقال إنه يمكنه الحصول عليها بثمن مخفض حوالي ستمائة جنيه للماكينة الواحدة. وقد تأشر على هذه المذكرة بالاتصال بأصحاب هذه الماكينات والتعرف على ثمنها النهائي. وبعد أيام أفاد المدعي أنه اتصل بالتاجر وأنه يطلب ثمناً للواحدة منها من 900 جنيه إلى ألف جنيه، فلم توافق المصلحة إلا إذا قبل التاجر تخفيض الثمن. وبعد ذلك عاد المدعي فكتب يقول إن التاجر لم يقبل أقل من تسعمائة جنيه للواحدة، فأشرت المصلحة بعدم الموافقة. وبعد ذلك تصادف قيام المدعي في إجازة، ولزيادة الاطمئنان ولتعرف أثمان السوق كلفت المصلحة وكيل إدارة الهندسة الميكانيكية بتعرف أثمان الماكينات بالسوق بمحلات كوك أو غيره، فعرف أن ثمن الواحدة منها يوازي حوالي ألف جنيه تقريباً. ولما كانت الحاجة ماسة إلى ماكينات، بالتطبيق لتصريح وزارة المالية في 14 من نوفمبر سنة 1948 بشراء آلات زراعية وماكينات وطلبات للري والصرف وخلافه، سواء أكانت جديدة أم مستعملة بالممارسة، فقد كلفت المصلحة مدير إدارة التجارة والمخازن بالاتصال شخصياً ومباشرة بالتاجر إميل عوض ومحاولة تخفيض الثمن إلى ما يقارب أثمان التوريد السابق، وقد نفذ ذلك فعلاً واستدعى التاجر ووصل معه إلى ثمن حوالي سبعمائة جنيه للماكينة الواحدة. ثم عرض الموضوع على لجنة الممارسة فأقرت توريد الماكينات المطلوبة بالسعر المعروض وقدره 732 ج للواحدة. فلما أن عاد المدعي من إجازته هاله ما وصلت إليه المصلحة عن غير طريقه، وأبدى للمدير العام شفوياً بأنه في إمكانه تخفيض الثمن لأكثر من هذا الرقم، فأرجأت المصلحة إجراءات اعتماد توصية اللجنة أملاً في أن يصل المدعي إلى تخفيض جديد كما يزعم، ولكن الأيام انقضت دون الوصول إلى نتيجة، وانتهت المصلحة إلى اعتماد توصيات لجنة المشتريات. وبعد ذلك قال المدعي للمدير إن التاجر قبل شفوياً تخفيض مائة جنيه عن كل ماكينة؛ ولذلك أوقفت المصلحة إرسال الاعتماد وأمر التوريد إلى التاجر أملاً في وصول المدعي إلى التخفيض المزعوم، ولكن تبين للمصلحة أن كل ما قاله المدعي غير صحيح، وبلغ المصلحة أن اتصال المدعي بالتاجر هو اتصال غير شريف، وحصل بينهما خلاف انقلب إلى عداء. وقد استدعى مدير عام المصلحة ذلك التاجر، واطلع بنفسه على فواتير مشتراة من السلطة العسكرية، وبعد ذلك أمر المدير بإرسال الاعتماد وأمر التوريد إلى التاجر. وقد لمست المصلحة في خطوات المدعي على النحو المتقدم مسلك الاعوجاج وعدم الاستقامة وشكت في نزاهته واتصالاته بالتجار والجمهور مما حدا بالمصلحة إلى استبعاده من عضوية لجنة المشتريات بالممارسة ثم التوصية بإسناد عمل أقل مسئولية إليه ووضعه تحت رقابة رئيس حازم يقظ. وترتب على ذلك إدماج الهندسة الميكانيكية في الهندسة المدنية، ونقل المدعي إلى مريوط وإبعاده عن كل عمل يتطلب الاستقامة والنزاهة. ثم تقول الحكومة في دفاعها إنه في 11 من سبتمبر سنة 1949 أبلغ الموظف المختص بحفظ الدوسيهات بإدارة التجارة والمخازن أن المدعي دخل غرفة الإدارة وتحصل على الملف المختص بموضوع شراء ماكينات الديزل ونسخ بعض أوراقه، ونزع من الملف ست ورقات، فشكلت المصلحة لجنة إدارية لعمل تحقيق تهميدي أسفر عن صحة فقد هذه الأوراق، وانحصرت تهمة السرقة في المدعي، وأبلغ الأمر إلى البوليس والنيابة التي أمرت بتفتيش منزله. ونظراً لأن التحقيق كان قبل الظهر وحصول التفتيش كان في الساعة السابعة مساء فقد شعر المدعي بحرج موقفه. وطبعي أنه كان من اليسير عليه تمزيق أو حرق الأوراق في لحظات قبل إجراء التفتيش. أما الأوراق المفقودة فتقول الحكومة إنها كانت كلها هي الماسة بنزاهة المدعي والناطقة باعوجاجه، ولا مصلحة لغيره في إزالتها من الملف؛ لأنها عبارة عن المذكرة التي تقدم بها إلى المصلحة والتي يشيد فيها بالماكينات الديزل المشتراة للمصلحة والتي أوضح فيها أن ثمن الواحدة منها لا يقل عن تسعمائة جنيه إلى ألف جنيه تقريباً، في حين أن المصلحة اشترتها بثمن قدره 732 جنيهاً للواحدة عن غير طريقه. فما أن أدرك أن أمر تلاعبه وعدم استقامته أصبح مفضوحاً بادر إلى نزع مذكراته عن هذا الموضوع من الملف ليتخلص من أثرها. وقد ثبت ذلك في مذكرة السيد مستشار قسم الرأي بمجلس الدولة (مستند رقم 617 من ملف خدمته، الجزء الثالث)؛ حيث جاء بها أن المدعي استولى على الملف المذكور بدون إذن أحد الرؤساء بالإدارة، كما أنه لم يكن هناك مبرر لأخذ الملف سوى انتزاع الأوراق التي له وحده مصلحة في تلاشيها. وقالت الحكومة في آخر دفاعها إن المدعي منذ أن التحق بخدمتها لم يبد أي نشاط أو غيرة على العمل، كما وأنه لم يكن على وفاق مع زملائه، وكانت تصرفاته دائماً موضع شك وريبة. وخلصت الحكومة إلى طلب الحكم برفض طلبات المدعي؛ لأنها تقوم على غير سند من القانون، والقضاء بعدم اختصاص المحكمة بطلب إلغاء قرار الندب وإعادته لوظيفته بالمصلحة، مع إلزامه بالمصروفات ومقابل الأتعاب. وبجلسة 17 من يوليه سنة 1958 حكمت محكمة القضاء الإداري (الهيئة الثالثة "أ") "بأحقية المدعي لبدل السكن عن المدة من 29 من يناير سنة 1949 إلى 31 من مارس سنة 1951 طبقاً للائحة التفاتيش، وبل التخصص عن مدة قيامه بالعمل الهندسي، وكذا مرتب الانتقال طبقاً للتعليمات المالية، ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات، وألزمت الحكومة بالمصروفات المناسبة لما حكم به ضدها". وذهبت محكمة القضاء الإداري في أسباب رفضها طلب المدعي إلغاء القرار الصادر في 31 من يناير سنة 1951 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى الدرجة الثالثة الإدارية إلى أن المدعي كان مقيداً وقت إجراء حركة الترقيات المطعون فيها على ميزانية الأقاليم، وكان بالكادر الفني المتوسط، بينما كان المطعون في ترقيتهم مقيدين على ميزانية الديوان العام وكانوا بالكادر الفني العالي والإداري. والثابت من محضر لجنة شئون الموظفين أن الترقيات المطعون فيها قد تمت في كادر الإدارة العامة. وظاهر من ميزانية سنة 1950/ 1951 أن كادر الديوان العام منفصل عن كادر الأقاليم. فلكل منهما درجات خاصة مسلسلة. ولما كانت الترقية من درجة إلى أخرى لا تكون إلا من نوع الوظيفة التي يشغلها الموظف، فنية أو إدارية أو كتابية، طبقاً لنص المادة 33 من القانون رقم 210 لسنة 1951، فإن المدعي لا يكون له مصلحة في الطعن في القرار المذكور، وبالتالي يتعين رفضه. ولا يجدي في ذلك ما ذهب إليه المدعي من أنه يعتبر مقيداً في الكادر الإداري؛ نظراً لأنه كان يشغل وظيفة مدير إدارة الهندسة الميكانيكية، وهي من الوظائف المندرجة تحت الوظائف الإدارية في الميزانية - لا يجدي قوله هذا في ذلك، طالما أنه كان مقيداً في ميزانية الأقاليم، وهي ميزانية منفصلة عن ميزانية الديوان العام. أما فيما يتعلق بالطلب الثاني الخاص بصرف المبالغ التي أشار إليها المدعي في صحيفة دعواه وفي مذكرته الختامية، فإنه: (1) عن المبالغ التي خصمت منه نظير الإجازات المرضية التي حصل عليها في المدة من 20 من يناير سنة 1951 لغاية 21 من مارس سنة 1951، أي 61 يوماً، فإن الثابت من الاطلاع على ملف خدمة المدعي (ص 709) أن مذكرة من إدارة المستخدمين بالمصلحة قد رفعت في 10 من إبريل سنة 1951 إلى السيد المدير العام جاء فيها أنه يجوز بمقتضى التعليمات الخاصة بالإجازات: إما احتساب المدة المذكورة إجازة اعتيادية؛ لأن المدعي لم يحصل على إجازات اعتيادية في ذلك العام، وإما احتسابها إجازة مرضية، فوافق المدير العام على احتسابها إجازة مرضية. ثم قالت المحكمة إنه لما كان تحويل الإجازة المرضية إلى إجازة اعتيادية هو أمر جوازي لرئيس المصلحة، وليس هناك دليل من الأوراق على أن رئيس المصلحة قد تعسف في استعمال السلطة مع المدعي، ولما كانت الإجازة الاعتيادية تعتبر منحة، ولا إلزام على جهة الإدارة في منحها للمدعي، طالما أن حالة العمل لا تسمح بذلك؛ فمن ثم يكون طلب المدعي في رد المبالغ التي خصمت من راتبه نظير الإجازات المرضية طلباً في غير محله متعيناً رفضه. (2) وعن الطلب الخاص بصرف قيمة بدل السكن فإن المدعي محق في ذلك عن المدة من تاريخ تعيينه مهندساً مقيماً في مريوط من 29 من يناير سنة 1949 إلى تاريخ ندبه بمصلحة التعداد والإحصاء في 31 من مارس سنة 1951. (3) وعن الطلب الخاص بصرف مقابل بدل استعمال سيارته الخاصة، فإنه لا يوجد في لوائح الحكومة ما يسمح بذلك، ما لم يعتبر طلب المدعي في هذا الشق بمثابة مرتب انتقال، وتأسيساً على ذلك وافقت وزارة المالية على صرف مرتب الانتقال هذا للمدعي قياساً على ما يصرف للموظفين الذين يستعملون الموتوسيكلات في الأعمال المصلحية بالتطبيق للتعليمات المالية التي أقرتها وزارة المالية بكتابها رقم ع 60 - 10/ 11 في 5 من أكتوبر سنة 1948. (4) وعن الطلب الخاص بصرف بدل سفر عن قيامه بأعمال مصلحية في المدة من 1/ 9/ 1949 لغاية 17 منه فإن الثابت أن المصلحة قد صرفت للمدعي بدل السفر عن المدة من 1/ 9/ 1949 لغاية 5 منه؛ لقيامه بعمل مصلحي. أما عن المدة الباقية التي يطالب بها فإن المدعي قد قضاها في التحقيق بالنيابة. وأياً كانت نتيجة التحقيق معه فإن المصلحة لا تكون مسئولة عن مصاريف مثل هذا السفر لمثل ذلك الغرض؛ فيتعين رفض هذا الطلب. (5) وعن الطلب الخاص بصرف بدل التخصص اعتباراً من أول فبراير سنة 1950 بالتطبيق لأحكام القانون رقم 67 لسنة 1950 فإن المدعي محق في طلبه ويتعين قبوله. أما فيما يتعلق بالبند الثالث من طلبات المدعي، وهو الرامي إلى طلب القضاء له بالتعويض المؤقت بقرش صاغ واحد ضد السيد مدير مصلحة الأملاك الأميرية السابق، وبصفته الشخصية، فإن محكمة القضاء الإداري قالت في ذلك إن من المقرر فقهاً وقضاء بأنه يشترط في دعوى التعويض هذه توافر أركان المسئولية الثلاثة وهي الخطأ والضرر وعلاقة السببية بينهما، ولم يقدم المدعي ما يفيد توافر واحد من هذه الأركان. وعلى الأخص فقد انعدم ركن الضرر الذي لم يقدم المدعي عنه أي دليل. وثابت من الأوراق أن ركني الخطأ والضرر غير متوافرين؛ فمن ثم يكون طلب التعويض بغير سند من القانون، متعيناً رفضه.
ومن حيث إن مبنى الطعن ينحصر في أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في: (1) رفض طلب المدعي إلغاء القرار الصادر في 31 من يناير سنة 1951 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى الدرجة الثالثة الإدارية. (2) وفي رفض طلب استرداد المبالغ التي خصمت منه نظير الإجازات المرضية. واستند تقرير الطعن في الشق الأول منه على أن المدعي كان يشغل عند صدور القرار المطعون فيه وظيفة مدير إدارة الهندسة الميكانيكية، وهي إحدى وظائف الدرجة الرابعة المنقولة إلى ميزانية الإدارة العامة؛ ومن ثم فإن المدعي يعتبر بحكم قانون الميزانية منقولاً بدرجته إلى الإدارة العامة اعتباراً من أول سنة 1950 تاريخ نفاذ تلك الميزانية. والثابت أن ميزانية مصلحة الأملاك الأميرية لسنة 1950/ 1951 وما بعدها قد تضمنت نقل وظائف المهندسين المدنيين والميكانيكيين من كادر الوظائف الدائمة بميزانية التفاتيش بند (11) فصل (2) إلى مثيلاتها بميزانية الإدارة العامة بند (1) ألف. والحكم المطعون فيه إذ ذهب إلى أن المدعي كان مقيداً على ميزانية الأقاليم وقت صدور القرار المطعون فيه يكون قد خالف مقتضى قانون الميزانية. كما أخطأ الحكم المطعون فيه إذ استند فيما قضى به من رفض طلب إلغاء القرار الوزاري المذكور إلى نص المادة 33 من قانون نظام موظفي الدولة، مع أن الواقعة المطروحة لا يحكمها القانون رقم 210 لسنة 1951 لصدورها قبل العمل به، وأن المدعي بحكم وظيفته في الميزانية يشغل الدرجة الرابعة في الكادر الإداري، وقد تمت الترقيات المطعون فيها بين رجال هذا الكادر. وفضلاً عن ذلك فإن القرار المطلوب إلغاؤه قد تضمن ترقية فيكتور إسرائيل الذي كان يتبع الكادر الكتابي ويلي المدعي في أقدمية الدرجة الرابعة بالتطبيق لقواعد التنسيق. واستند تقرير الطعن في الشق الثاني منه على أن الإجازة الاعتيادية في الأصل منحة، ولكنها تنقلب إلى حق في حالة وحيدة هي حالة المرض، وقد أكد هذا الأصل العام ما نصت عليه المادة 60 من قانون الموظفين. وفيما عدا هذين الشقين من الحكم المطعون فيه فقد انتهى تقرير الطعن إلى طلب تأييد الحكم المذكور، مع إلزام الحكومة بالمصروفات المناسبة.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بالوجه الأول من الطعن، وهو طلب إلغاء القرار الوزاري الصادر في 31 من يناير سنة 1951 بترقية السادة حامد العسكري وفيكتور إسرائيل وعبد المنعم وهبى إلى الدرجة الثالثة بالكادر الإداري اعتباراً من أول يناير سنة 1951 فيما تضمنه ذلك القرار من تخطي المدعي في الترقية إلى تلك الدرجة، فقد انحصر دفاع الحكومة فيما اعتنقه الحكم المطعون فيه من أن المدعي كان وقت صدور قرار الترقيات مقيداً بالكادر الفني المتوسط؛ لأنه كان على ميزانية الأقاليم بالمصلحة، في حين كان السادة الذين رقوا في القرار المطعون فيه بالكادر الإداري على ميزانية الديوان العام.
ومن حيث إنه يبين من استظهار ملف خدمة المدعي أنه حاصل على دبلوم مدرسة الفنون والصنايع (قسم الكهرباء والميكانيكا سنة 1924)، واشتغل مدرساً للرياضة بمجلس مديرية أسيوط، ثم عين في وظيفة مساعد مهندس بوزارة الأشغال في أول إبريل سنة 1926، ثم ملاحظ هندسة بالدرجة السادسة الفنية بقسم التفاتيش بمصلحة الأملاك في 7 من يوليه سنة 1926، وظل يعمل في هذه الوظيفة بتفاتيش المصلحة حتى أول فبراير سنة 1941، حيث نقل إلى الإدارة العامة بالقاهرة، ثم نقل في 16 من نوفمبر سنة 1942 إلى مديرية الجيزة للقيام بعمل معاون أملاك، فتظلم من هذا النقل وطلب أن ينقل من قسم الهندسة المدنية إلى قسم الهندسة الميكانيكية، فتم له ذلك في10 من ديسمبر سنة 1942، وعين بالإدارة العامة من جديد، ثم رقي منسياً إلى الدرجة الخامسة في أول يوليه سنة 1943، ومنح لقب مساعد مدير أعمال في 22 من ديسمبر سنة 1943، ثم وكيلاً لإدارة الهندسة الميكانيكية في العاشر من شهر يوليه سنة 1946، وقام بعمل مدير إدارة الهندسة الميكانيكية في 13 من مارس سنة 1947، ثم رقي إلى الدرجة الرابعة الفنية في 19 من يوليه سنة 1947، وقام بعمل مدير الإدارة الهندسية الميكانيكية في 30 من أغسطس سنة 1947، وقد أرجعت أقدمية المدعي في الدرجة الرابعة إلى أول يوليه سنة 1947 بالتطبيق لقواعد التنسيق.
ومن حيث إنه بالرجوع إلى ميزانية وزارة الاقتصاد الوطني قسم 7 فرع 2 مصلحة الأملاك الأميرية لسنة 1950/ 1951 وما بعدها من ميزانيات، يبين للمحكمة أنها قد صدرت متضمنة نقل وظائف المهندسين والميكانيكيين من كادر الوظائف الدائمة بميزانية التفاتيش إلى مثيلاتها بميزانية الإدارة العامة؛ فقد جاء في مجلد ميزانية الدولة المصرية لتلك السنة - ص 128 تحت بند (1) ماهيات وأجور ومرتبات - ( أ ) الدرجات الدائمة "في الوظائف الفنية العالية والإدارية: المدير عام درجة واحدة مدير عام ( أ )، ووكيل المدير العام درجة واحدة مدير عام (ب)، ثم درجتان أولى لكل من وكيل المدير العام والمراقب العام، ثم خمس درجات ثانية لمدير إدارة، ثم ست درجات ثالثة لمدير إدارة، ثم درجة رابعة واحدة لرئيس مهندس، ثم أربع درجات رابعة لمدير إدارة، ثم ثلاث درجات رابعة لوكلاء إدارة ثم ست درجات خامسة لوكلاء إدارة، ثم ثلاث درجات خامسة لمهندسين، ثم عشر درجات سادسة لمهندسين". وتنفيذاً لقانون الميزانية هذا أصدر السيد مدير عام المصلحة القرار رقم 719 اعتمد بمقتضاه نقل جميع المهندسين المدنيين والميكانيكيين الذين كانوا مقيدين على غير البند الأول ألف بميزانية الإدارة العامة. كما أصدر المدير العام في سبتمبر سنة 1950 قراراً ثانياً رقم 720 جاء فيه: (بما أنه تقرير بميزانية المصلحة 1950/ 1951 نقل وظائف مفتشي الأملاك من كادر الوظائف الدائمة بميزانية الديوان العام بند أول حرف ألف إلى مثيلاتها بميزانية الأقاليم...)، ثم أورد هذا القرار أسماء السادة مفتشي الأملاك، وجاء خطأ بينهم اسم المدعي، وهو كما سلف البيان من واقع ملف خدمته والوظائف التي شغلها أو قام بأعمالها منذ التحق بخدمة المصلحة، بل وعلى مقتضى المؤهل الذي يحمله، هو مهندس مدني أو ميكانيكي منبت الصلة تماماً بوظائف هذه الطائفة من مفتشي الأملاك وهو يعتبر بالتنفيذ لقانون الميزانية منقولاً إلى ميزانية الإدارة العامة بند أول، وذلك ما لم يكن مقيداً من الأصل على ميزانية الإدارة العامة، كما هو ثابت من ملف خدمته. فالمطعون لصالحه كان قد نقل إلى الإدارة العامة منذ أول فبراير سنة 1941، ومنح لقب مساعد مدير أعمال هندسية بالأعمال الميكانيكية سنة 1944. ومما يؤكد القاعدة التي اتبعتها ميزانية المصلحة لسنة 1950/ 1951 أن ميزانية السنة التالية لها وما بعدها قد جاءت خالية من وظائف المهندسين في الفصل 2 الخاص بميزانية التفاتيش بالمصلحة. ففي صفحة 134 من ميزانية الدولة لسنة 1951/ 1952 جاء بالبند 11 فقرة ألف الخاصة بالدرجات الدائمة في الوظائف الفنية العالية والإدارية ما يأتي: (خمس درجات رابعة لمفتشي الأملاك، وست درجات خامسة لمأموري زراعة درجة أولى، وإحدى وعشرون درجة سادسة لمأموري زراعة درجة ثانية...). ويلاحظ أنه ليس في ميزانية كادر التفاتيش درجات ثالثة، ولا ذكر لوظائف مهندسين مدنيين أو ميكانيكيين. ومما تقدم يكون دفاع المصلحة - القاصر على أن المدعي في الكادر المتوسط ويعمل في وظيفة مفتش تحصيلات وهي تابعة لميزانية الأقاليم، بينما المطعون في ترقيتهم (العسكري وإسرائيل ووهبى) هم بالكادر الإداري بميزانية الديوان العام - دفاعاً لا سند له من قانون ميزانية الدولة ولا من ملف خدمة المدعي، ويتعين بعدئذ فحص قرار الترقية المطعون فيه والصادر في 31 من يناير سنة 1951 على ضوء الأقدمية في الدرجة وما أحاط بمن رقوا من ملابسات لها أثرها عند تقدير مشروعية ذلك القرار.
ومن حيث إن المطعون لصالحه ينعى على القرار المطعون فيه أنه تخطاه في الترقية إلى الدرجة الثالثة الإدارية بالديوان العام، ورقي بالمخالفة لأحكام القانون كلاً من: (1) حامد العسكري، وهو أول المرقين إلى هذه الدرجة في قرار 31 يناير سنة 1951. (2) فيكتور سليمان إسرائيل، وهو الثاني في ترتيب هذا القرار. وقد بان للمحكمة من الاطلاع على القرار المذكور وعلى محضر لجنة شئون موظفي ومستخدمي مصلحة الأملاك الأميرية بجلستها المنعقدة في 28 من ديسمبر سنة 1950 أن الدرجات الثالثة الخالية وعددها ثلاث درجات، والتي رقي إليها على الترتيب العسكري وإسرائيل ووهبى، كانت مخصصة لوظائف مديري إدارات، ولم يكن حامد العسكري مدير إدارة، وإنما كان مساعداً لمدير أعمال، وكان إلى يوم صدور قرار الترقية المطعون فيه مقيداً بالباب الثالث الوارد بالميزانية تحت عنوان (الأعمال الجديدة)، ثم قامت المصلحة بنقله، في ذات يوم صدور القرار المطعون فيه، إلى الباب الأول فصل (1) الديوان العام، وذلك حتى تدركه الترقية، وقد شمله فعلاً القرار محل الطعن. وقد أغفل الحكم المطعون فيه بحث وضع المطعون في ترقيته الأول، واقتصر على التصدي لوضع فيكتور سليمان إسرائيل، ومع ذلك فقد أخطأ الحكم في النتيجة التي انتهت إليها المقارنة التي عقدها بين أقدمية المدعي في الدرجة الرابعة من جهة، وبين أقدمية إسرائيل من جهة أخرى. ووجه الخطأ في ذلك أن المدعي كان قد رقي حقيقة إلى الدرجة الرابعة في 19 من يوليه سنة 1947، في حين أن السيد إسرائيل لم يرق إليها فعلاً إلا في 21 من سبتمبر سنة 1947، ثم أرجعت أقدمية الاثنين معاً إلى أول يوليه سنة 1947، تاريخ إتمام كل منهما أربع سنوات في الدرجة الخامسة؛ وذلك بالتطبيق لقواعد التنسيق. وغني عن القول إن هذه القواعد ترتب الأقدمية في مثل هذه الحالة بحسب الأسبقية في تاريخ الترقية الفعلية إلى الدرجة الرابعة؛ ومن ثم يكون المدعي هو الأسبق، وكان يتعين ترقيته في القرار المطعون فيه قبل السيد فيكتور إسرائيل. وإذ ذهب الحكم المطعون فيه في هذا الشق من طلبات المدعي غير هذا المذهب؛ فإنه يكون قد خالف القانون، ويتعين إلغاؤه، والقضاء بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية إلى الدرجة الثالثة الإدارية، وما يترتب على ذلك من آثار.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بطلب استرداد المدعي ما خصم منه بدون وجه حق نظير إجازاته المرضية التي حصل عليها في المدة من 30 من يناير سنة 1951 إلى 31 من مارس سنة 1951، وجملتها 61 يوماً، فقد أخطأ الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض هذا الطلب استناداً إلى أن تحويل الإجازة المرضية إلى إجازة اعتيادية أمر جوازي لرئيس المصلحة، وأن الإجازة الاعتيادية منحة، ولا إلزام على الإدارة في منحها طالما أن حالة العمل لا تسمح بذلك. ووجه الخطأ في ذلك أنه ولئن كانت الإجازات الاعتيادية هي في الأصل منحة تترخص جهة الإدارة في منحها أو منعها حسبما تقتضيه مصلحة العمل، وقد نصت على ذلك المادة 188 فصل 2 قسم 2 من القانون المالي، بقولها إن "الإجازة منحة فلرؤساء المصالح الحق في منح الإجازات أو رفضها وتقصير مدتها أو إبطالها على حسب مقتضيات المصلحة"، إلا أن هذه الرخصة تنقلب إلى حق يكفله القانون لصالح الموظف في حالة المرض التي يثبت قيامها وفقاً لأحكام القانون. فالموظف المريض حقاً، لا يستطيع أن يؤدي واجبات وظيفته على خير وجه؛ ومن أجل ذلك قسمت المادة 58 من القانون رقم 210 لسنة 1951 الإجازات إلى: "إجازة عارضة وإجازة اعتيادية وإجازة مرضية"، كما حددت المادة 67 مدى استحقاق الموظف للإجازات المرضية، فنصت على أنه: "يستحق الموظف كل ثلاث سنوات تقضي في الخدمة إجازة مرضية على الوجه الآتي: (1) ثلاثة شهور بمرتب كامل. (2) ثلاثة شهور بنصف مرتب. (3) ثلاثة شهور بربع مرتب وتمنح الإجازة المرضية بناء على قرار من القومسيون الطبي المختص". وقد بينت المادة 60 من هذا القانون حدود الإجازات الاعتيادية، وذكرت في الفقرة الأخيرة منها ما يفيد صراحة أن حالة مرض الموظف هي الحالة الوحيدة التي تجيز للموظف أن يطالب باحتساب مدة المرض التي زادت عن المسموح به عند المرض من رصيد إجازاته الاعتيادية، فنصت هذه الفقرة على أنه "وفي حالة المرض للموظف أن يستنفد متجمد إجازاته الاعتيادية بجانب ما يستحقه من إجازة مرضية بشرط ألا تزيد الإجازة الاعتيادية على ستة شهور". ولم تغب هذه القاعدة عن مدير مستخدمي المصلحة فتقدم إلى السيد المدير العام بمذكرة في 10 من إبريل سنة 1951 جاء فيها: "أن السيد مراد توفيق أنطونيوس طلب الترخيص له بإجازة عرضية في 20 و21 من يناير سنة 1951 لعذر قهري، ولم يعد لعمله بعد انتهائها، ثم أرسل طلباً في 22 من يناير سنة 1951 أوضح فيه أنه مريض وملازم للفراش، وطلب توقيع الكشف الطبي عليه، ثم كشف عليه طبياً، ومنح الإجازات الطبية الآتي بيانها: 10 أيام من 6 من مارس سنة 1951 إلى 15 منه لإصابته بنزيف بالأنف، 10 أيام من 26 من مارس سنة 1951 إلى 7 من إبريل سنة 1951 بسبب خراج وناسور وعمل عملية جراحية، 20 يوماً من 8 من إبريل سنة 1951 إلى 27 منه بسبب شق جراحي بأسفل الخلف وبذلك تكون جملة المدة الممنوحة له 67 يوماً من 20 من يناير سنة 1951 إلى 27 من مارس سنة 1951 وأنه في يوم 28 من إبريل سنة 1951 قدم طلباً لاحتساب المدة التي تغيبها من 20 من يناير سنة 1951 إلى 21 من مارس سنة 1951 وقدرها 61 يوماً لأنه عاد إلى العمل قبل انتهاء الإجازة، وذلك بصفة إجازة اعتيادية. وتبدي الإدارة أنه يجوز للسيد المدير العام بمقتضى التعليمات الخاصة بالإجازات في القانون المالي إما الموافقة على احتساب هذه المدة إجازة اعتيادية؛ لأن هذا الموظف لم يحصل على إجازات اعتيادية هذا العام، وإما احتسابها بصفة إجازة مرضية، ما دام أنه أخذها بكشوف طبية، وفي هذه الحالة تحسب مدة غيابه كالآتي: يومان هما 20 و21 من يناير سنة 1951 بصفة إجازة اعتيادية، لأنه لا يجوز منح إجازة عرضية سابقة لإجازة اعتيادية أو مرضية. 4 أيام من 22 من يناير سنة 1951 لغاية 25 منه بصفة إجازة مرضية بنصف ماهية تكميلاً للستين يوماً التي يجوز منحها إليه بهذه الصفة. 55 يوماً من 26 من يناير سنة 1951 لغاية 21 من مارس سنة 1951 بصفة إجازة مرضية بربع ماهية، ويكون مجموعها 61 يوماً". ولكن السيد المدير العام رفض أن يوافق على احتساب مدة مرض المدعي الزائدة عن المستحق قانوناً من رصيد الإجازات الاعتيادية؛ استناداً خاطئاً منه إلى أن تحويل الإجازة المرضية إلى إجازة اعتيادية أمر جوازي لرئيس المصلحة. ولقد قطعت المادة 69 من القانون رقم 210 لسنة 1951 في ذلك، وأبرزت وجه الخطأ فيما ذهب إليه السيد مدير المصلحة؛ فقد نصت على أن: "للموظف الحق في أن يطلب تحويل الإجازة المرضية سواء بمرتب كامل أو غير كامل إلى إجازة اعتيادية إذا كان له وفر من الإجازات الاعتيادية يسمح بذلك". ومن ثم فإن المدعي يستحق أن يقضي له برد ما استقطع منه بدون حق مقابل مدة انقطاعه بسبب المرض، وذلك في الفترة المحددة في مذكرة مدير المستخدمين بالمصلحة. وإذ ذهب الحكم المطعون فيه، في هذا الشق من الطلبات، غير هذا المذهب، فإنه يكون قد أخطأ في تفسير القانون وتأويله، ويكون الطعن عليه قد قام على أساس سليم من القانون متعيناً قبوله، والقضاء للمدعي بأحقيته فيه.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بطلب صرف قيمة بدل السكن للمدعي، فإن الثابت من ملف خدمته (ص 518) أنه قد جاء في قرار نقله مهندساً مقيماً بمريوط في 29 من يناير سنة 1949 ما يأتي: "على أن يسكن بالإسكندرية بصفة مؤقتة لحين بناء المنزل اللازم لسكنه". ولما كان المدعي معاملاً بلائحة التفاتيش، وهي تبيح لموظفي التفاتيش المعاملين بها ميزة السكن بالمجان في المساكن المقامة في التفاتيش أو يصرف لهم بدل سكن بالفئات المقررة، فمن حق المدعي أن يطالب بصرف بدل السكن عن المدة من تاريخ تعيينه مهندساً مقيماً بمريوط في 29 من يناير سنة 1949 إلى تاريخ ندبه بمصلحة التعداد والإحصاء في 31 من مارس سنة 1951. ولا حجة في القول بأن المدعي تابع لميزانية الإدارة العامة وليس موظفاً بقسم التفتيش - لا حجة في ذلك؛ لأن سكنى موظفي التفاتيش في المساكن المقامة في مقار عملهم هي من الميزات المتعلقة بالموظفين، فعلاً لا حكماً، فكل من يكلف بأعمال وظيفة من وظائف التفتيش يكون من حقه أن يقيم في المساكن المبنية في مقر التفتيش، فإن لم يكن ثمة مسكن مبنى فيها، كما هو الشأن في مريوط خلال سنة 1949 إلى أوائل سنة 1951، تعين أن يصرف للموظف بدل سكن مقدراً على أساس النسبة المئوية المحددة من المرتب، وذلك بالتطبيق لأحكام لائحة تفاتيش مصلحة الأملاك الأميرية الصادرة بقرار من مجلس الوزراء. ويؤكد هذا المعنى ويؤيد الاتجاه السليم الذي أخذ به الحكم المطعون فيه في هذا الشق من الطلبات، ما تضمنته مذكرة اللجنة المالية المرفوعة إلى مجلس الوزراء والتي أقرها بجلسته المنعقدة في 17 من أغسطس سنة 1954: فقد جاء في هذه المذكرة (رقم 1/ 435) ما يأتي: "تبيح لائحة تفاتيش مصلحة الأملاك لموظفي هذه التفاتيش المعاملين بلائحتها ميزة السكن المجاني في منازل المصلحة المقامة هناك، وقد ترتب على ذلك أن تقدم فريق من هؤلاء الموظفين الذين نقلوا في ديوان عام المصلحة أو إلى جهات أخرى غير تلك التفاتيش بتظلم إلى اللجنة القضائية لوزارة المالية والاقتصاد، مطالبين بتقرير حقهم في صرف بدل سكن بواقع 10% من مرتباتهم، فأصدرت هذه اللجنة القضائية في يوليه سنة 1953 قرارها بأحقيتهم في صرف مرتب بدل السكن المذكور استناداً إلى حكم في قضية مماثلة صادر من مجلس الدولة ومحكمة القضاء الإداري بأحقية الموظفين المعينين بمقتضى لائحة التفاتيش في صرف هذا المرتب، وأبدت إدارة قضايا الحكومة أن قرار اللجنة هذا سليم لا جدوى من الطعن فيه. ونظراً لما أشارت إليه مصلحة الأملاك من أنها استطلعت رأي الشعبة المالية والاقتصادية في هذا الشأن، فقد رؤى علاجاً لهذا الموضوع، وإيقافاً لصرف البدل المذكور أن ينقل الموظفون المعاملون بلائحة التفاتيش الذين يعملون بالديوان العام لمصلحة الأملاك أو بالأقاليم والمحافظات إلى وظائف الميزانية العامة للمصلحة وفروعها، وأن يحد من إجراء تنقلات أخرى بين موظفي المصلحة، ما لم تكن هناك درجات خالية تصلح للنقل إليها من كادر التفاتيش وإليها، إلا أنه لما كان موظفو هذه التفاتيش الذين لا يعملون الآن بها يبلغ عددهم نحو 90 موظفاً من مختلف الدرجات، ونقل وظائفهم إلى الميزانية العامة للمصلحة وفروعها وقيد التنقلات المقترح قد لا يتفقان وصالح العمل، فقد رأت مصلحة الأملاك - وأيد رأيها ديوان الموظفين - إنهاء الأمر في موضوع بدل السكن الذي قد يطالب به هؤلاء الموظفون جميعاً باتخاذ إجراء قانوني يقصر منح هذا البدل أو ميزة السكن المجاني على الموظفين الذين يعملون فعلاً في التفاتيش الزراعية وحدهم، وذلك باستصدار قرار من مجلس الوزراء على غرار قراره الصادر في 22 من يوليه سنة 1954 الخاص بموظفي وزارة الزراعة، وهو يقضي بإعفاء الذين يعملون منهم بالمزارع الحكومية من دفع أجور السكن وتوابعها، ومع منح بدل سكن لمن يعمل بهذه المزارع ويضطر إلى السكن على حسابه الخاص لعدم وجود سكن حكومي له. وقد بحثت اللجنة المالية هذا الموضوع، ورأت الموافقة على أن يقتصر الانتفاع بميزة السكن المجاني على موظفي مصلحة الأملاك الذين يعملون بالتفاتيش الزراعية وحدهم، سواء منهم المعاملين بلائحة التفاتيش أو المعاملين بالكادر العام، فيعفى بذلك الموظف ما دام في التفاتيش من دفع أجر السكن وتوابعه، أو يمنح بدل سكن بالفئات المقررة إذا لم يوجد له سكن حكومي فيها. كما ترى اللجنة المالية ألا يصرف بدل سكن لمن ينقل من موظفي تفاتيش مصلحة الأملاك إلى ديوانها العام أو الأقاليم أو المحافظات، سواء في ذلك المعاملون بلائحة التفاتيش والمعاملون بالكادر العام. وقد وافق مجلس الوزراء بجلسته المنعقدة في 17 من أغسطس سنة 1954 على رأي اللجنة المالية المبين في هذه المذكرة. وقد أبلغت وزارة المالية والاقتصاد هذا القرار". وتأسيساً على ما تقدم يكون الحكم المطعون فيه إذ قضى بأحقية المدعي لبدل السكن عن المدة التي قضاها بمريوط من 29 من يناير سنة 1949 إلى 31 من مارس سنة 1951 طبقاً للائحة التفاتيش قد أصاب الحق في قضائه، ويتعين تأييده في هذا الشق منه.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بطلب صرف بدل التخصص للمدعي اعتباراً من أول فبراير سنة 1950 بالتطبيق لأحكام القانون رقم 67 لسنة 1950 بتقرير بدل تخصص للمهندسين، فقد سبق لهذه المحكمة أن قضت [(1)] بأن استحقاق بدل التخصص للمهندسين منوط بتوافر شرطين: (1) أن يكون المهندس مشتغلاً بأعمال هندسية بحتة. (2) أن يكون حاصلاً على شهادة جامعية أو ما يعادلها مما يؤهل للتعيين في الدرجة السادسة أو حاصلاً على لقب مهندس. وقد سلف البيان من واقع ملف خدمة المدعي أنه حاصل على مؤهل هندسي (دبلوم مدرسة الفنون والصنايع قسم الكهرباء والميكانيكا سنة 1924)، والتحق بخدمة مصلحة الأملاك الأميرية في وظيفة مهندس بالدرجة السادسة الفنية من 7 من يوليه سنة 1926 على كادر التفاتيش، وظل يعمل بالمصلحة في الهندسة المدنية والميكانيكية حتى رقي لوظيفة مساعد مدير أعمال، ثم وكيلاً لإدارة الهندسة الميكانيكية، وقام بعمل مدير إدارتها إلى أن بلغ الدرجة الرابعة الفنية منذ عام 1947، وقد منح لقب مهندس من نقابة المهن الهندسية، فيحق للمدعي، والحالة هذه، أن يطالب ببدل التخصص على النحو الذي قضى به، وبحق، الحكم المطعون فيه.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بطلب صرف بدل استعمال المدعي لسيارته الخاصة في أعمال إدارة الهندسة الميكانيكية بمصلحة الأملاك، فقد تقدم المدعي بهذا الطلب في 18 من نوفمبر سنة 1947، فوافقت عليه الإدارة العامة للتوريدات والخزانة بوزارة المالية بكتابها في 5 من أكتوبر سنة 1958 وقالت: "إن وزارة المالية توافق على صرف مرتب انتقال للسيد مراد توفيق مدير إدارة الهندسة الميكانيكية بالمصلحة نظير استعماله سيارته الخاصة في الأعمال المصلحية على أساس ما يصرف للموظفين الذين يستعملون الموتوسيكلات في الأعمال المصلحة، أي بواقع ثلاثة مليمات عن كل كيلو متر يقطعه بسيارته، وذلك بحد أقصى 250 م و2 ج شهرياً". ولكن المدعي اعترض على تلك الفئة، وطلب إعادة النظر في قرار المالية، فأفادت بكتابها في 24 من نوفمبر سنة 1948 وجاء فيه أن المدعي "يطلب تعديل مرتب الانتقال السابق تقريره له وطالب بجعله 7.5 مليماً عن كل كيلو متر بحد أقصى خمسة جنيهات شهرياً، أسوة بما كان يصرف لسلفه السيد حسين فؤاد الذي كان مديراً لإدارة الهندسية بشقيها الميكانيكية والمدنية، وكان مرتباً في الدرجة الثانية. وقد فات المدعي أنه مرتب بالدرجة الرابعة المخصصة لوظيفة رئيس مهندسين بالمصلحة، وليس له الحق في استعمال السيارة في الانتقالات المصلحية؛ لذلك لا تزال وزارة المالية عند رأيها الأول، وهو تقرير مرتب انتقال لسيادته بواقع ثلاثة مليمات عن كل كيلو متر يقطعه بسيارته الخاصة، وذلك بحد أقصى قدره 250 م و2 ج شهرياً". وقد قدم المدعي كشفين ببيان الكيلو مترات التي قطعها بسيارته الخاصة في الأعمال المصلحية بمنطقة القاهرة وضواحيها، ولم تعترض المصلحة على ذلك، فيكون من حقه الحصول على مرتب الانتقال هذا بالتطبيق للتعليمات المالية التي أقرتها وزارة المالية بكتابها رقم ع 60 - 10/ 11 في 5 من أكتوبر سنة 1948، وهو تطبيق سليم للوائح المالية التي كانت سارية المفعول عندئذ في شأن مرتبات الانتقال نظير استعمال السيارات والموتوسيكلات الخصوصية في الأعمال المصلحية، وقد فرقت هذه اللائحة في المعاملة وفئة الحساب بين: الموظفين من الدرجة الثالثة وما فوقها من جهة، والموظفين من الدرجتين الرابعة والخامسة من جهة أخرى، فسمحت اللائحة بصرف مرتبات الانتقال بالسيارة الخاصة للطائفة الأولى من الموظفين، أما عن الطائفة الثانية فإنهم يعاملون معاملة الموظفين الذين يتقاضون مرتبات انتقال نظير استعمال موتوسيكلاتهم الخصوصية في الانتقالات المصلحية، فأولئك يصرف لهم مرتب انتقال على أساس عدد الكيلو مترات التي يقطعها كل منهم بموتوسيكل؛ بحيث يكون التعويض عن كل كيلو متر ثلاثة مليمات فقط وبحيث لا يتجاوز ما يصرف لكل منهم 250 و2 ج شهرياً. وقد قضى الحكم المطعون فيه للمدعي بأحقيته في هذا الشق من طلباته، ولم يعترض عليه تقرير هذا الطعن. أما عن طلب المدعي صرف بدل السفر عن قيامه بأعمال مصلحية في المدة من أول سبتمبر سنة 1949 إلى 17 منه، فثابت من الأوراق أن المصلحة حررت للمدعي شيكاً بمبلغ يزيد على أربعة جنيهات مقابل بدل السفر الذي يستحقه عن المدة من أول سبتمبر إلى 5 منه؛ لأن هذه المدة هي وحدها التي قام فيها المدعي بعمل مصلحي. أما عن باقي هذه المدة من 6 من سبتمبر إلى 17 منه فإن المدعي قد قضاها في مرحلة التحقيقات بالنيابة العامة لاتهامه بواقعة لم تثبت ضده، والمصلحة لا تسأل عن مصاريف هذا السفر لمثل هذا الغرض؛ لأن ذلك لا يعتبر عملاً مصلحياً، ويكفي أن تسمح المصلحة للموظف بالتغيب عن عمله أياماً طويلة لتباشر النيابة العامة تحقيقاً معه. وغني عن القول أن تقرير هذا الحق يجب أن يقف عند حد استرداد المصروفات الفعلية والضرورية التي ينفقها الموظف في سبيل خدمة الدولة، ولا يجوز أن يكون راتب بدل السفر مصدر ربح للموظف. وقد أصاب الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض هذا الشق الأخير من طلب المدعي، فإنه لا يقوم على أساس من القانون.
ومن حيث إنه عن طلب التعويض المؤقت بقرش صاغ واحد ضد السيد مدير عام مصلحة الأملاك الأميرية السابق، بصفته الشخصية، بمقولة إن تصرفاته مع المدعي انبعثت كلها عن رغبته في الانتقام منه والتنكيل به بسبب موقفه من صفقة شراء ماكينات الديزل، وقد اتسمت هذه التصرفات وكانت بسمة اللدد في الخصومة والإمعان في تسخير السلطة العامة شفاءً للأغراض الخاصة، ولم يقدم المدعي في سبيل التدليل على ذلك سوى ما يقوله من أن الخصومة ذهبت بالسيد المدير العام للمصلحة إلى حد اصطناع الأخطاء المادية في القرار رقم 720 الصادر في أكتوبر سنة 1950 بنقل مفتشي الأملاك من ميزانية الإدارة العامة بالمصلحة إلى ميزانية الأقاليم، فزج باسم المدعي بين أسماء أولئك المفتشين مع أن المدعي مهندس، ولا صلة له بوظائف التفتيش على الأملاك، مما أدى بالمدعي إلى أن يظل حتى اليوم في الدرجة الرابعة، في حين أن زملاءه قد بلغوا الدرجة الأولى، ومنهم من اختيروا لمناصب وكلاء الوزارات.
ومن حيث إن مناط مسئولية الإدارة عن أعمالها غير التعاقدية، أي عن القرارات الإدارية التي تصدرها في تسييرها للمرافق العامة، هو قيام خطأ من جانبها؛ بأن يكون القرار الإداري غير مشروع لعيب أو أكثر يكون قد شابه من العيوب المنصوص عليها في المادة الثالثة من القانون رقم 9 لسنة 1949 الخاص بمجلس الدولة، وفي المادة الثامنة من القانون رقم 165 لسنة 1955 بشأن إعادة تنظيمه، والقانون رقم 55 لسنة 1959 في شأن تنظيم مجلس الدولة للجمهورية العربية المتحدة، وهذه العيوب هي: مخالفة قواعد الاختصاص أو وجود عيب في الشكل أو مخالفة القوانين واللوائح أو الخطأ في تطبيقها وتأويلها أو إساءة استعمال السلطة، بشرط أن يتحقق الضرر الناجم عنها، وأن تقوم رابطة السببية بين الخطأ والضرر. فإذا كان القرار سليماً مطابقاً للقانون، من جميع نواحيه فإن الإدارة لا تسأل عن نتائجه؛ لانتفاء ركن الخطأ.
ومن حيث إن القاعدة التقليدية في مجال قيام مسئولية الإدارة على أساس ركن الخطأ قد حرصت على التمييز بين الخطأ المصلحي أو المرفقي Faute de service الذي ينسب فيه الإهمال أو التقصير إلى المرفق العام ذاته، وبين الخطأ الشخصي Faute personnelle الذي ينسب إلى الموظف؛ ففي الحالة الأولى تقع المسئولية على عاتق الإدارة وحدها، ولا يسأل الموظف عن أخطائه المصلحية، والإدارة هي التي تدفع التعويض ويكون الاختصاص بالفصل في المنازعة قاصراً على القضاء الإداري. وفي الحالة الثانية تقع المسئولية على عاتق الموظف شخصياً، فيسأل عن خطئه الشخصي، وينفذ الحكم في أمواله الخاصة. ويعتبر الخطأ شخصياً إذا كان العمل الضار مصطبغاً بطابع شخصي يكشف عن الإنسان بضعفه ونزواته وعدم تبصره، أما إذا كان العمل الضار غير مصطبغ بطابع شخصي، وينم عن موظف معرض للخطأ وللصواب فإن الخطأ في هذه الحالة يكون مصلحياً. فالعبرة بالقصد الذي ينطوي عليه الموظف، وهو يؤدي واجبات وظيفته، فكلما قصد النكاية أو الإضرار أو تغيا منفعته الذاتية، كان خطؤه شخصياً يتحمل هو نتائجه. وفيصل التفرقة بين الخطأ الشخصي والخطأ المصلحي يكون بالبحث وراء نية الموظف، فإذا كان يهدف من القرار الإداري الذي أصدره إلى تحقيق الصالح العام، أو كان قد تصرف ليحقق أحد الأهداف المنوط بالإدارة تحقيقها، والتي تدخل في وظيفتها الإدارية، فإن خطأه يندمج في أعمال الوظيفة بحيث لا يمكن فصله عنها، ويعتبر من الأخطاء المنسوبة إلى المرفق العام، ويكون خطأ الموظف هنا مصلحياً. أما إذا تبين أن الموظف لم يعمل للصالح العام أو كان يعمل مدفوعاً بعوامل شخصية أو كان خطؤه جسيماً بحيث يصل إلى حد ارتكاب جريمة تقع تحت طائلة قانون العقوبات، كالموظف الذي يستعمل سطوة وظيفته في وقف تنفيذ حكم أو أمر أو طلب من المحكمة (المادة 123 من قانون العقوبات)، فإن الخطأ في هذه الحالة يعتبر خطأ شخصياً ويسأل عنه الموظف الذي وقع منه هذا الخطأ من ماله الخاص.
ومن حيث إن مساءلة السيد مدير عام مصلحة الأملاك الأميرية شخصياً ومن ماله الخاص، مناطه، على ضوء ما تقدم من أصول إدارية وأحكام، وأن تكون التصرفات الإدارية التي صدرت منه في شأن المدعي معيبة بخطأ شخصي، وأن يكون قد ترتب عليها ضرر لحق بالمدعي، وأن تقوم علاقة السببية بين عدم مشروعية تلك التصرفات التي يدعيها المدعي وبين الضرر. وقد بان للمحكمة من الأوراق ومن القرارات التي أصدرها السيد المدير العام في شأن المدعي منذ أن التحق بخدمة تلك المصلحة، أن ثمة خطأ شخصياً، بمفهوم ما تقدم من معايير، لم يقع من مدير المصلحة، ولم يقم المدعي الدليل على أن القرارات الإدارية التي أصدرها المدير لم تكن تهدف إلى تحقيق الصالح العام، أو أنها خرجت عن الأهداف المنوط بالإدارة تحقيقها والتي تدخل في وظيفتها الإدارية، فإن كانت بعض تلك القرارات قد خالفت التطبيق السليم للقانون أو جانبت الصواب في تفسيره وتأويله، فإن عدم مشروعيتها هذا لا يعدو أن يكون خطأ مصلحياً تترتب عليه مساءلة الإدارة وحدها؛ بحيث لا تلحق المسئولية مدير المصلحة شخصياً. وقد جاء بدفاع المصلحة أنها لمست في خطوات المدعي، عند شراء ماكينات الديزل وشراء السيارات اللوري، الاعوجاج وعدم الاستقامة والشك في نزاهته واتصاله بالجمهور والتجار. مما حدا بالمصلحة إلى استبعاده من عضوية لجنة المشتريات بالممارسة، ثم إسناد عمل أقل مسئولية إليه ووضعه تحت رقابة رئيس حازم يقظ. وترتب على ذلك إدماج إدارتي الهندسة الميكانيكية والهندسية المدنية، ونقل المدعي إلى مريوط وإبعاده عن كل عمل يتطلب الاستقامة والنزاهة. وختمت المصلحة دفاعها بأن المدعي لم يبد أي نشاط أو غيرة على العمل منذ أن التحق بخدمتها، وكان دائماً على غير وفاق مع زملائه الموظفين. وقد بان للمحكمة أن لهذا الدفاع صدى في الأوراق وفي ملف خدمة المدعي؛ مما يبدد زعم المدعي بأن تصرفات السيد مدير عام المصلحة نحوه قد انبعثت كلها عن رغبة في الانتقام منه والتنكيل به، وكانت سمتها اللدد في الخصومة والإمعان في تسخير السلطة العامة شفاء للأغراض الخاصة.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق فيما قضى به من رفض هذا الطلب لانتفاء أركان مسئولية السيد مدير المصلحة، وخاصة ركن الضرر الذي لم يقدم عنه المدعي أي دليل؛ ومن ثم لا يكون لطلب التعويض المؤقت ضد مدير المصلحة سند من القانون، ويتعين القضاء برفضه، مع إلزام المدعي بمصروفات هذا الطلب.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بتعديل الحكم المطعون فيه، وبإلغاء القرار الصادر في 31 من يناير سنة 1951 فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية إلى الدرجة الثالثة الإدارية، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وبإلزام الحكومة بصرف ما خصم منه نظير إجازاته المرضية التي حصل عليها في المدة من 20 من يناير سنة 1951 إلى 31 من مارس سنة 1951، وبتأييد الحكم المطعون فيه فيما عدا ذلك، مع إلزام الحكومة بالمصروفات المناسبة.


[(1)] راجع الحكم المنشور بالسنة الأولى من هذه المجموعة، ص 438 بند 53.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق