جلسة 23 من إبريل سنة 1968
برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: بطرس زغلول، وأحمد حسن هيكل، وأمين فتح الله، وعثمان زكريا.
---------------
(118)
الطعن رقم 140 لسنة 33 القضائية
أموال الدولة. "أموال عامة". "صفة المال العام". تنفيذ عقاري.
معيار التعرف على صفة المال العام هو التخصيص للمنفعة العامة. المخابئ التي تنشئها الدولة على أملاكها الخاصة. الأرض المقامة عليها تعتبر من الأموال العامة. لا يجوز الحجز عليها ما بقيت مخصصة لهذا الغرض.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليها اتخذت في القضية رقم 45 سنة 1960 بيوع كلي الإسكندرية إجراءات الحجز العقاري على قطعة أرض مساحتها 467.63 متراً مربعاً كائنة بشارع محسن بقسم كرموز بالإسكندرية قالت إنها مملوكة لمصلحة الأملاك وذلك تأسيساً على أنها تداين هذه الأخيرة بموجب الحكم الصادر من محكمة الإسكندرية الابتدائية في القضية رقم 1091 سنة 1951 مدني الإسكندرية وأمر تقدير المصروفات الصادر فيها والحكم الاستئنافي الصادر في الدعوى رقم 281 سنة 12 ق استئناف الإسكندرية. وإذ أودعت الطاعنة بتاريخ 5/ 9/ 1960 قائمة شروط البيع فقد أقام الطاعنون الدعوى رقم 1840 لسنة 1960 مدني كلي الإسكندرية مقررين فيها باعتراضات ثلاثة على هذه القائمة وطلبوا الحكم بقبول هذه الاعتراضات شكلاً وفي الموضوع ببطلان التنفيذ لعدم إنذار الحائز وهي بلدية الإسكندرية ولوقوعه على مال غير مملوك للمدين وبعدم جواز التنفيذ على العقار محل الإجراءات لأنه من أملاك الدولة المخصصة للمنفعة العامة - وبتاريخ 17/ 2/ 1960 حكمت المحكمة بقبول الاعتراضات شكلاً وبرفضها موضوعاً. استأنف الطاعنون هذا الحكم بالاستئناف رقم 259 سنة 17 ق الإسكندرية وبتاريخ 31/ 1/ 1963 حكمت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرتين أبدت فيهما الرأي بنقض الحكم وبالجلسة المحددة لنظر الطعن صممت النيابة على رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقولون إن الثابت أن الأرض موضوع إجراءات الحجز العقاري وإن كانت أصلاً من أموال الدولة الخاصة إلا أن بلدية الإسكندرية باعتبارها أحد أشخاص القانون العام أقامت عليها مخبأ أعد إعداداً خاصاً لوقاية الجمهور من الغارات وأصبحت الأرض بمجرد إنشاء المخبأ عليها من أموال الدولة العامة التي لا يجوز الحجز عليها طبقاً للمادة 87 من القانون المدني. غير أن الحكم المطعون فيه قضى بأن مجرد إقامة بلدية الإسكندرية المطعون عليها السادسة مخبأ على قطعة الأرض موضوع إجراءات الحجز لا يكفي لاعتبار هذه الأرض من أموال الدولة العامة تأسيساً على أنه قد صدرت قوانين تلزم الأفراد بإقامة المخابئ في دورهم الخاصة دون أن يعتبر ذلك تخصيصاً لمنفعة عامة، هذا في حين أن المخابئ التي ينشئها الأفراد في دورهم لا تخصص إلا لمنفعة هؤلاء أما المخابئ التي ينشئها الدولة فهي مخصصة لمنفعة الجمهور. وإذ رتب الحكم على ما ذهب إليه أنه لم يعتبر الأرض موضوع إجراءات الحجز العقاري من الأملاك العامة التي لا يجوز الحجز عليها، فإنه يكون قد شابه فساد في الاستدلال وخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي صحيح ذلك أن المشرع إذ نص في المادة 87 من القانون المدني على أن "تعتبر أموالاً عامة العقارات والمنقولات التي للدولة أو للأشخاص الاعتبارية العامة والتي تكون مخصصة لمنفعة عامة بالفعل أو بمقتضى قانون أو مرسوم أو قرار من الوزير المختص وهذه الأموال لا يجوز التصرف فيها أو الحجز عليها أو تملكها بالتقادم" فقد دل على أن المعيار في التعرف على صفة المال العام هو التخصيص للمنفعة العامة وأن هذا التخصيص كما يكون بموجب قانون أو قرار يجوز أن يكون تخصيصاً فعلياً. ولما كان التخصيص الفعلي للمنفعة العامة بالنسبة للمال المملوك للدولة ملكية خاصة هو تهيئة هذا المال ليصبح صالحاً لهذه المنفعة رصداً عليها، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن الأرض التي اتخذت عليها إجراءات الحجز العقاري مملوكة للدولة ملكية خاصة وأن محافظة الإسكندرية - المطعون عليها السادسة - أقامت عليها مخبأ لحماية الجمهور من الغارات الجوية، وإذ تؤدي المخابئ التي تنشئها الدولة على أراضيها خدمة عامة بسبب إنشائها لحماية الكافة، فإن لازم ذلك أن تعتبر الأرض موضوع إجراءات الحجز العقاري المقام عليها المخبأ من الأموال العامة فلا يجوز الحجز عليها ما دامت محتفظة بتخصيصها للمنفعة العامة. ولا محل لما استدل به الحكم المطعون فيه من أن التزام بعض الأفراد بإقامة مخابئ في دورهم لا يؤدي إلى اعتبارها مخصصة لمنفعة عامة، إذ أن هذا القول إن صح بالنسبة للمخابئ التي تقام في دور الأفراد لمنفعة ساكنيها، فإنه لا يصح بالنسبة لما تقوم الدولة بإنشائه من مخابئ على أرضها وإن كانت الأرض مملوكة لها في الأصل ملكاً خاصاً إذ تعتبر الأرض وقد أقيم عليها مخبأ لمنفعة الكافة مالاً عاماً مخصصاً للمنفعة العامة. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد اعتبر من الأملاك الخاصة الأرض موضوع إجراءات الحجز العقاري التي اتخذتها المطعون ضدها رغم تخصيص هذه الأرض بالفعل لمنفعة عامة بإقامة مخبأ عليها لمنفعة الكافة، وإذ رتب الحكم على ما ذهب إليه جواز الحجز على هذه الأرض، فإنه يكون قد شابه فساد الاستدلال وأخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه ولما تقدم يتعين إلغاء الحكم المستأنف وفي موضوع الاعتراضات على قائمة شروط البيع المودعة بتاريخ 5/ 9/ 1960 في القضية 45 سنة 1960 بيوع كلي الإسكندرية بقبول الاعتراض الثالث وببطلان إجراءات التنفيذ العقاري المتخذة من المطعون عليها على الأرض موضوع الإجراءات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق