الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 29 سبتمبر 2023

الطعن 353 لسنة 34 ق جلسة 11 /4 / 1968 مكتب فني 19 ج 2 ق 109 ص 755

جلسة 11 من إبريل سنة 1968

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، السيد عبد المنعم الصراف، سليم راشد أبو زيد، محمد صدقي البشبيشي.

----------------

(109)
الطعن رقم 353 لسنة 34 القضائية

(أ) وقف. "الدعاوى المتعلقة بالوقف". نيابة عامة. "تدخل النيابة العامة في الدعوى". دعوى.
الدعوى بطلب تثبيت ملكية جزء من الأطيان الموقوفة بعد إلغاء الوقف على غير الخيرات استناداً إلى استحقاق مورث المدعي حصة الخمس في غلة الوقف وأنه من طبقة المستحقين الحاليين. المنازعة في الاستحقاق وفي كون المدعي من ذرية من مات من ذوي الاستحقاق. التعرض لتفسير كتاب الوقف وشروطه وتحديد الذرية وتفسير أحكام قانون الوقف. هي دعوى من الدعاوى المتعلقة بالوقف. وجوب تدخل النيابة العامة فيها وإلا كان الحكم باطلاً.
(ب) اختصاص. "اختصاص المحاكم الشرعية". وقف. "دعاوى الاستحقاق في الأوقاف الملغاة".
اختصاص المحاكم الشرعية - قبل إلغائها - بنظر دعاوى الاستحقاق التي ترفع بشأن الأوقاف التي أصبحت منتهية بمقتضاه. صيرورة هذا الاختصاص للمحاكم العادية بعد إلغاء المحاكم الشرعية.
(ج) بطلان. "البطلان المتعلق بالنظام العام". نيابة عامة. "تدخل النيابة في الدعاوى". دعوى. وقف.
البطلان المترتب على عدم تدخل النيابة العامة في الدعاوى المتعلقة بالوقف. بطلان متعلق بالنظام العام. لمحكمة النقض أن تقضي به من تلقاء نفسها ولو لم يتمسك الطاعن به بل وبالرغم من معارضته في الأخذ به.

-----------------
1 - متى كانت الدعوى قد رفعت بطلب تثبيت ملكية المدعية لجزء من الأطيان الموقوفة يعادل نصيبها الميراثي في حصة والدها في الوقف استناد إلى المادة 3 من المرسوم بقانون رقم 180 لسنة 1952 التي تجعل ما ينتهي فيه الوقف المرتب الطبقات ملكاً للمستحقين الحاليين ولذرية من مات من ذوي الاستحقاق من طبقتهم كل بقدر حصته أو حصة أصله في الاستحقاق وقولاً من المدعية بأن مورثها كان يستحق حصة الخمس في غلة الوقف وأنه من طبقة المستحقين الحاليين وعلى ذلك تصبح هذه الحصة ملكاً لها ولباقي ذريته وقد نازعها في ذلك المدعى عليهما وهما ولدا الواقف وأنكرا عليها استحقاقها في الوقف وتمسكا بأنها لا تعتبر من ذرية من مات من ذوي الاستحقاق الذين تؤول إليهم ملكية الوقف بمقتضى المادة الثالثة سالفة الذكر، وكان الفصل في الدعوى قد اقتضى من محكمة الموضوع التعرض لتفسير كتاب الوقف وشروطه وتحديد الذرية التي تؤول إليها ملكية الوقف طبقاً للمادة الثالثة من المرسوم بقانون 180 لسنة 1952 بإلغاء الوقف على غير الخيرات والتعرض أيضاً لتفسير بعض أحكام قانون الوقف رقم 48 لسنة 1946 واستجلاء قصد الواقف وهذه كلها مسائل تتعلق بالوقف والاستحقاق فيه، فإن الدعوى على هذه الصورة تكون من القضايا المتعلقة بالوقف بالمعنى المقصود في الفقرة الثانية من المادة الأولى من القانون رقم 628 لسنة 1955 والتي يجب أن تتدخل فيها النيابة العامة وإلا كان الحكم باطلاً.
2 - لئن أنهى المرسوم بقانون 180 لسنة 1952 الوقف على غير الخيرات وجعل ما ينتهي فيه الوقف ملكاً للمستحقين على التفصيل الوارد في المادة الثالثة منه، فإنه قد أبقى في المادة الخامسة منه المعدلة بالقانون 399 لسنة 1953 على اختصاص المحاكم الشرعية بنظر دعاوى الاستحقاق التي ترفع بشأن الأوقاف التي أصبحت منتهية بمقتضاه ثم صار هذا الاختصاص للمحاكم العادية بالقانون رقم 462 لسنة 1955 الخاص بإلغاء المحاكم الشرعية والملية. فإذا كانت الدعوى لا يمكن الفصل فيها قبل الفصل في النزاع على الاستحقاق الذي أثير فيها فإنه يجب تدخل النيابة فيها.
3 - إذا كان البطلان المترتب على عدم تدخل النيابة العامة في الدعاوى المتعلقة بالوقف بطلاناً متعلقاً بالنظام العام فإن لمحكمة النقض أن تقضي به من تلقاء نفسها على الرغم من عدم تمسك الطاعن به بل ومن معارضته في الأخذ به وذلك عملاً بحق المحكمة المقرر بالفقرة الأخيرة من المادة 429 من قانون المرافعات قبل تعديله بالقانون رقم 401 لسنة 1955.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعنة أقامت الدعوى رقم 485 سنة 1960 كلي الزقازيق على المطعون ضدهما وقالت شرحاً لها إنه بموجب إشهاد شرعي صادر أمام محكمة ههيا الشرعية بتاريخ 21 فبراير سنة 1903 وقف المرحوم محمد دقن أطياناً زراعية مساحتها 413 ف و5 ط و11 س على نفسه حال حياته ثم من بعده على أولاده الذكور على وإسماعيل ومحمد صديق وعبد العزيز وعمر ومن يحدثه الله له من الأولاد الذكور بالسوية بينهم ثم من بعدهم على أولادهم الذكور ثم على أولاد أولادهم الذكور دون الإناث وهكذا طبقة بعد طبقة ونسلاً بعد نسل وجيلاً بعد جيل الطبقة العليا منهم تحجب الطبقة السفلى من نفسها دون غيرها بحيث يحجب كل أصل فرعه دون فرع غيره يستقل الواحد منهم إذا انفرد ويشترك فيه الاثنان فما فوقهما عند الاجتماع وعلى أن من مات منهم دون عقب من الذكور انتقل نصيبه لأخوته الذكور فإذا انقرضت ذرية الواقف من الذكور يكون الاستحقاق لذريته من البنات على الوجه المبين بكتاب الوقف وقد توفى الواقف في سنة 1904 عن أولاده الخمسة الذكور المبينة أسماؤهم بكتاب الوقف فاستحق كل منهم خمس غلة هذا الوقف. ثم توفى ولده عبد العزيز في سنة 1913 ثم ولده محمد صديق في سنة 1937 وآلت حصة كل منهما إلى أولاده الذكور. وفي سنة 1937 توفى عمر ابن الواقف دون عقب من الذكور وانحصر ميراثه في بنتيه منيرة (الطاعنة) ووردة وبدرتاس بنت ابنه محمد الذي توفى في سنة 1933 قبل وفاة والده وطبقاً لشرط الواقف عاد نصيب عمر إلى أخويه علي وإسماعيل واستمر الحال كذلك حتى صدر القانون رقم 180 سنة 1952 في 14 سبتمبر سنة 1952 بإلغاء الوقف على غير الخيرات ونص في مادته الثالثة على أن يصبح ما ينتهي فيه الوقف ملكاً للواقف إن كان حياً وكان له حق الرجوع فيه فإن لم يكن آلت الملكية للمستحقين الحاليين ولذرية من مات من ذوي الاستحقاق من طبقتهم كل بقدر حصته أو حصة أصله في الاستحقاق. فأقامت الطاعنة الدعوى رقم 224 سنة 1952 أمام محكمة القاهرة الشرعية طالبة الحكم باستحقاقها لعشر فاضل ريع هذا الوقف بعد صرف الخيرات والمرتبات التي شرطها الواقف استناداً إلى القانون رقم 180 سنة 1952 سالف الذكر. وفي 13 مايو سنة 1953 قضت محكمة القاهرة الشرعية برفض تلك الدعوى لما رأته من أن القانون المذكور لا يرتب استحقاقاً لأحد في غلة الوقف وإنما يقضي بإنهائه وجعل ما ينتهي فيه ملكاً لمستحقيه على النحو الوارد في المادة الثالثة منه وعلى أثر صدور هذا الحكم أقامت الطاعنة الدعوى الحالية أمام محكمة الزقازيق الابتدائية طالبة الحكم بتثبيت ملكيتها إلى ثلث نصيب والدها وقدره 27 ف وقيراطان و4 أسهم من الأطيان المبينة بالصحيفة وكف المنازعة لها فيها وذلك تأسيساً على المادة 3 من القانون رقم 180 سنة 1952 سالفة الذكر وفي 25 يونيه سنة 1963 قضت تلك المحكمة للطاعنة بطلباتها فاستأنف المطعون ضدهما هذا الحكم لدى محكمة استئناف المنصورة بالاستئناف رقم 188 سنة 6 ق وطلبا بطلان الحكم المستأنف وإلغاءه ورفض الدعوى وكان ضمن ما تمسكا به في صحيفة الاستئناف أن الفصل في هذا النزاع يقتضي الرجوع إلى كتاب الوقف وتفسير شروطه وإلى أحكام قانون الوقف رقم 48 سنة 1946 وهي مسائل تدخل في اختصاص دوائر الأحوال الشخصية ولا تختص بها الدوائر المدنية هذا علاوة على وجوب تدخل النيابة في هذه الدعوى لتعلقها بالوقف وإلا كان الحكم باطلاً طبقاً للمادة الأولى من القانون رقم 628 لسنة 1955 وفي 6 من إبريل سنة 1964 قضت محكمة استئناف المنصورة بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى. وبتقرير تاريخه 27 مايو سنة 1964 طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة تمسكت فيها ببطلان الحكم المطعون فيه بطلاناً مطلقاً لعدم تدخل النيابة في الدعوى عملاً بالمادة الأولى من القانون 628 لسنة 1955 ورأت نقض الحكم لهذا السبب وبالجلسة المحددة لنظر الطعن أصرت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن النيابة العامة طلبت نقض الحكم المطعون فيه لبطلانه بطلاناً مطلقاً متعلقاً بالنظام العام وفي بيان ذلك تقول إن الحكم المطعون فيه قرر أن النزاع بين طرفين يدور حول ملكية عين كانت موقوفة وتتصل اتصالاً وثيقاً بمراد الشارع من المرسوم بقانون رقم 180 لسنة 1952 بإلغاء الوقف على غير الخيرات وهو أمر لا يتعلق بإنشاء الوقف أو صحته أو بالاستحقاق فيه وبالتالي لا يجب تدخل النيابة في الدعوى. وترى النيابة أن هذا الذي قرره الحكم غير صحيح ذلك أن الطاعنة وإن أقامت الدعوى بطلب تثبيت ملكيتها لأطيان زراعية إلا أنها تؤسس هذه الدعوى على أن الأطيان التي تطالب بملكيتها هي نصيبها في حصة والدها المرحوم عمر دقن في وقف المرحوم محمد دقن وأنها تعتبر من ذرية من مات من ذوي الاستحقاق ممن هم في طبقة المستحقين الحاليين في حكم المادة 3 من المرسوم بقانون رقم 180 سنة 1952 ولما كانت محكمة الاستئناف قد بحثت هذه المسألة وأطرحتها استناداً إلى كتاب الوقف الذي جعل الاستحقاق للذكور دون الإناث من ذرية الواقف إلى أن ينقرض الذكور من ذريته، فإن حكمها يكون - خلافاً لما قررته - قد صدر في مسألة من صميم الوقف دون أن تكون النيابة ممثلة في الدعوى مما يجعل هذا الحكم باطلاً بطلاناً مطلقاً عملاً بالمادة الأولى من القانون رقم 628 سنة 1955 وأن الطاعنة وإن كانت لم تتمسك بهذا السبب في تقرير الطعن إلا أن لمحكمة النقض أن تأخذ به من تلقاء نفسها لأنه من الأسباب المبنية على النظام العام.
وحيث إن هذا النعي صحيح ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه أن الطاعنة أقامت الدعوى بطلب تثبيت ملكيتها لجزء من الأطيان الموقوفة يعادل نصيبها الميراثي في حصة والدها المرحوم عمر دقن في الوقف استناداً إلى المادة 3 من المرسوم بقانون رقم 180 سنة 1952 التي تجعل ما ينتهي فيه الوقف المرتب الطبقات ملكاً للمستحقين الحاليين ولذرية من مات من ذوي الاستحقاق من طبقتهم كل بقدر حصته أو حصة أصله في الاستحقاق وقولاً منها بأن والدها المرحوم عمر دقن إذ كان يستحق حصة مقدارها الخمس في غلة الأطيان الموقوفة وكان من طبقة المستحقين الحاليين فإن هذه الحصة تصبح ملكاً لها ولباقي ذريته وقد نازعها المطعون ضدهما وهما ولدا الواقف المرفوعة عليهما الدعوى وأنكرا عليها استحقاقها في الوقف وتمسكا بأنها لا تعتبر من ذرية من مات من ذوي الاستحقاق الذين تؤول إليهم ملكية الوقف بمقتضى المادة الثالثة من المرسوم بقانون رقم 180 سنة 1952 - قائلين إن المقصود بالذرية التي تؤول إليها ملكية الأطيان الموقوفة والمشار إليها بهذه المادة هي الذرية التي تستحق في غلة الوقف إذا ما انقرضت طبقة أصلها التي حالت دون استحقاقها بناءً على ما شرطه الواقف من ترتيب الاستحقاق في الوقف وأن الطاعنة وإن كانت من ذرية المرحوم عمر دقن ابن الواقف إلا أنها محرومة من الاستحقاق فيه بما شرطه الواقف في كتاب وقفه من جعل الاستحقاق لأولاده الذكور دون الإناث وأن من مات منهم عن غير ذرية من الذكور يؤول نصيبه إلى الأحياء من إخوته الذكور وقد توفى عمر دقن والد الطاعنة ولم يعقب نسلاً من الذكور فآلت حصته طبقاً لشرط الواقف إلى أخويه علي وإسماعيل المطعون ضدهما لما كان ذلك وكان الفصل في الدعوى قد اقتضى من المحكمتين الابتدائية الاستئنافية التعرض لتفسير كتاب الوقف وشروطه وتحديد الذرية التي تؤول إليها ملكية الوقف طبقاً للمادة الثالثة من المرسوم بقانون رقم 180 سنة 1952 بإلغاء الوقف على غير الخيرات. كما تعرضت محكمة الاستئناف أيضاً في حكمها المطعون فيه إلى تفسير بعض أحكام قانون الوقف رقم 48 لسنة 1946 واستجلاء قصد الواقف وهذه كلها مسائل تتعلق بالوقف والاستحقاق فيه فإن الدعوى بهذه الصورة تكون من القضايا المتعلقة بالوقف بالمعنى المقصود في الفقرة الثانية من المادة الأولى من القانون رقم 628 سنة 1955 والتي يجب أن تتدخل فيها النيابة العامة وإلا كان الحكم باطلاً ولا يقدح في ذلك كون المرسوم بقانون رقم 180 سنة 1952 الذي استندت إليه الطاعنة في دعواها قد أنهى الوقف على غير الخيرات وجعل ما ينتهي فيه الوقف ملكاً للمستحقين على التفصيل الوارد في المادة الثالثة منه، ذلك أنه مع نصه على ذلك فقد أبقى في المادة الخامسة منه المعدلة بالقانون رقم 399 سنة 1953 على اختصاص المحاكم الشرعية بنظر دعاوى الاستحقاق التي ترفع بشأن الأوقاف التي أصبحت منتهية بمقتضاه - والدعوى الحالية لا يمكن الفصل فيها قبل الفصل في النزاع على الاستحقاق وهو أمر كانت تختص به المحاكم الشرعية وصار من اختصاص المحاكم العادية بالقانون رقم 462 سنة 1955 الخاص بإلغاء المحاكم الشرعية والملية. ومن ثم يجب طبقاً للمادة الأولى من القانون رقم 628 سنة 1955 أن تتدخل النيابة في الدعوى، ولما كان الثابت أن النيابة لم تتدخل فيها إلى أن صدر الحكم المطعون فيه فإن هذا الحكم يكون باطلاً بما يستوجب نقضه دون حاجة لبحث أسباب الطعن الواردة في التقرير. وإذ كان هذا البطلان متعلقاً بالنظام العام فإن لمحكمة النقض أن تقضي به من تلقاء نفسها على الرغم من عدم تمسك الطاعنة به بل ومن معارضتها في الأخذ به وذلك عملاً بحق المحكمة المقرر بالفقرة الأخيرة من المادة 429 من قانون المرافعات قبل تعديله بالقانون رقم 401 لسنة 1955.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق