جلسة 26 من ديسمبر سنة 1985
برئاسة السيد المستشار/ عزت حنورة نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: محمود نبيل البناوي، أحمد نصر الجندي، لطفي عبد العزيز ود. محمد بهاء الدين باشات.
--------------
(248)
الطعن رقم 296 لسنة 55 قضائية
(1) قانون "القانون الواجب التطبيق".
إحالة القانون إلى بيان محدد في قانون آخر. أثره. وجوب التقيد بما يطرأ على القانون المحال إليه في هذه الحالة من تعديل أو تغيير.
(2) تأمين. قانون. مسئولية.
التأمين الإجباري العادي على سيارات النقل. استمرار سريانه لمصلحة الغير والركاب المسموح لهم بركوبها. م 5 ق 562 لسنة 1955. لا يغير من ذلك إلغاء القانون 449 لسنة 1955 الذي أحالت إليه المادة سالفة الذكر. عدم تحديد القانون الأخير لهؤلاء الركاب. مؤداه. وجوب الرجوع في هذا الخصوص لقانون المرور الذي وقع الحادث في ظله. الركوب في صندوق السيارة. يستلزم تصريحاً مستقلاً وتأميناً إجبارياً خاصاً.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر نائب رئيس المحكمة والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن المطعون ضدهم أقاموا الدعوى رقم 10912 سنة 1982 مدني كلي جنوب القاهرة على الشركة الطاعنة طالبين الحكم بإلزامها بأن تؤدي لهم مبلغ خمسة عشر ألف جنيه، وقالوا بياناً لها إن قائد السيارة رقم 1419 نقل بور سعيد تسبب بخطئه في قتل مورثهم الذي كان راكباً بها وأن ذلك السائق قضي بإدانته عن هذه الواقعة في الجنحة رقم 13675 سنة 1981 جنح شرق بور سعيد وتأيد الحكم استئنافياً وصار باتاً بعدم الطعن عليه وإذ كان قد لحقتهم بسبب هذا الخطأ أضراراً مادية وأدبية فضلاً عن استحقاقهم للتعويض الموروث، وكانت السيارة التي وقع بها الحادث مؤمناً عن حوادثها لدى الشركة الطاعنة، فقد أقاموا الدعوى ليحكم لهم بطلباتهم. بتاريخ 29/ 1/ 1984 قضت المحكمة برفض الدعوى. استأنف المطعون ضدهم هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 2055 سنة 101 ق - طالبين إلغاءه والحكم لهم بطلباتهم. بتاريخ 13/ 12/ 1984 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام الشركة الطاعنة بأن تؤدي للمطعون ضدهم خمسة آلاف جنيه. طعنت الشركة الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم. وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد تنعى به الشركة الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك تقول إنه طبقاً للمادة 94 من اللائحة التنفيذية لقانون المرور رقم 66 سنة 1973 الصادرة بقرار وزير الداخلية رقم 291 سنة 1974 يحظر أصلا نقل أشخاص في سيارات النقل ويجوز ذلك استثناء في حالات خاصة حددتها على أن يكون ذلك بترخيص من قسم المرور يتطلب تقديم وثيقة تأمين إجباري خاصة بهؤلاء الركاب. ولما كان الثابت أن مورث المطعون ضدهم كان راكباً ضمن عشرة أشخاص في صندوق السيارة التي وقع بها الحادث والتي لم يصرح بنقل ركاب فيها ولم يؤمن عن حوادثها لصالح ركابها. فإن قضاء الحكم المطعون فيه بإلزام الشركة الطاعنة بالتعويض عن وفاته لمجرد أنها مؤمن لديها تأميناً إجبارياً عادياً عن حوادث تلك السيارة، يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أنه لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن القانون حينما يحدد نطاق بعض أحكامه بالإحالة إلى بيان محدد بعينه في قانون آخر، فإنه بذلك يكون قد ألحق هذا البيان بذاته ضمن أحكامه هو فيضحى جزءاً منه يسري بسريانه دون توقف على استمرار سريان القانون الآخر الذي ورد به ذلك البيان أصلا. أما إذا كانت الإحالة مطلقة إلى ما يبينه أو يقرره قانون آخر فإن مؤدى ذلك أن القانون المحيل لم يتولى بنفسه تضمين أحكامه أمراً محدداً في خصوص ما أحال به وإنما ترك ذلك القانون المحال إليه بما في ذلك ما قد يطرأ عليه من تعديل أو تغيير. وإذ كانت المادة الخامسة من القانون رقم 562 لسنة 1955 بشأن التأمين الإجباري على السيارات قد حددت من يشملهم التأمين الإجباري بالإحالة إلى "الأحوال المنصوص عليها في المادة السادسة من القانون 449 لسنة 1955" فمن ثم لا يمنع إلغاء هذا القانون الأخير من اعتبار البيان الوارد بتلك المادة جزءاً من المادة الخامسة من القانون رقم 562 لسنة 1955 فيظل التأمين الإجباري العادي على سيارة النقل مقرراً لصالح الغير والركاب المسموح لهم بركوبها. إلا أنه لما كانت هذه المادة لم تحدد من هم الركاب المسموح لهم بركوب سيارة النقل وبالتالي من يشملهم ذلك التأمين فمن ثم يتعين الرجوع في هذا الخصوص إلى قانون المرور الذي يحكم الواقعة محل التداعي لما كان ذلك، وكانت اللائحة التنفيذية لقانون المرور رقم 66 لسنة 1973 الصادرة بقرار وزير الداخلية رقم 291 لسنة 1974 - الذي وقع الحادث في ظله - تنص في المادة 94 على أنه "لا يجوز نقل الركاب في أية مركبة ليست بها أماكن معدة للجلوس، ولا يجوز وجود ركاب أو أشخاص في الأماكن المخصصة للحمولة بمركبات النقل إلا بترخيص من قسم المرور إذا كان ذلك لازماً لمرافقة الحمولة أو للعمل عند انتقال العمال إلى مكان عملهم أو عودتهم منه وفي هذه الحالة لا يجوز أن يزيد عددهم عن ثمانية أشخاص..... ويجب في جميع الأحوال تقديم وثيقة التأمين الإجباري عن الركاب الذين يصرح بهم" كما أوجبت المادة 194 من هذه اللائحة أن يخصص من طول المقعد في مقصورة (كابينة) القائد في سيارة النقل 50 سم للسائق و40 سم لكل راكب. فإن مفاد ذلك أن الركوب المسموح به أصلاً في سيارات النقل يكون بجوار السائق لراكب واحد أو اثنين حسب مقاس طول مقعد المقصورة، ومن ثم لا يشمل التأمين الإجباري العادي سوى من تتوافر فيه هذه الشروط. أما الركوب في صندوق السيارة فهو غير مسموح به أصلاً وحينما أجازه الشارع استثناء استلزم له تصريحاً مستقلاً وتأميناً إجبارياً خاصاً لما كان ذلك كذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر بأن قضى بإلزام الشركة الطاعنة بالتعويض بموجب التأمين الإجباري العادي على سيارة النقل رغم ما أثبته بمدوناته من أن الحادث وقع بتاريخ 30/ 8/ 1981 نتيجة انقلاب السيارة التي كان مورث المطعون ضدهم راكباً بصندوقها ضمن آخرين دون ترخيص بذلك من قسم المرور المختص، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه.
ولما كان موضوع الاستئناف صالحاً للحكم فيه، ولما تقدم يتعين تأييد الحكم المستأنف.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق