جلسة 15 من أكتوبر سنة 1960
برياسة السيد/ سيد علي الدمراوي - نائب رئيس المجلس، وعضوية السادة علي إبراهيم بغدادي ومحمود محمد إبراهيم والدكتور ضياء الدين صالح وعبد المنعم سالم مشهور -المستشارين.
----------------
(1)
القضية رقم 374 لسنة 5 القضائية
مدة خدمة سابقة - ضمها
- قرار مجلس الوزراء الصادر في 11/ 5/ 1947 - اشتراطه اتحاد العمل السابق مع العمل الجديد في طبيعته - المقصود بهذا الشرط تماثل العملين لا تطابقهما تطابقاً تاماً - عدم توافره إذا كان العمل السابق هو وظيفة معاون زراعة بشركة السكر والعمل الجديد هو محضر بوزارة العدل - أساس ذلك.
إجراءات الطعن
بتاريخ 26 من فبراير سنة 1959 أودعت سكرتيرية هذه المحكمة صحيفة طعن مقدم من السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة في الحكم الصادر بجلسة 30 من ديسمبر سنة 1958 من المحكمة الإدارية لرياسة الجمهورية ووزارات الداخلية والخارجية والعدل في القضية رقم 79 لسنة 4 القضائية المرفوعة من ألفى أرمانيوس جورجي الملقب بألفى أرمانيوس ضد وزارة العدل والقاضي بأحقية المدعي في ضم نصف مدة خدمته بالشركة العامة لمصانع السكر والتكرير المصرية الواقعة في الفترة من أول يونيه سنة 1941 إلى 22 من سبتمبر سنة 1948 إلى مدة خدمته بوزارة العدل وذلك طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من مايو سنة 1947 وما يترتب على ذلك من آثار في أقدمية الدرجة وتحديد المرتب وإلزام الحكومة بالمصروفات وبمبلغ 300 جنيه مقابل أتعاب المحاماة.
ويطلب السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة للأسباب الواردة في صحيفة طعنه قبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض الدعوى وإلزام المدعي بالمصروفات.
أعلنت صحيفة الطعن لوزارة العدل في 20 من مايو سنة 1959 وللمدعي في 24 منه وعين لنظره أمام دائرة فحص الطعون جلسة أول مايو سنة 1960، وأخطر الطرفان بميعاد الجلسة وأحيلت إلى المحكمة الإدارية العليا لجلسة أول أكتوبر سنة 1960، وبعد سماع ما رئي لزوماً لسماعه من إيضاحات أرجئ النطق بالحكم لجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع ما رئي لزوماً لسماعه من إيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما هو ثابت من أوراق الطعن - تتحصل في أن المدعي رفع هذه الدعوى أمام المحكمة الإدارية لرئاسة الجمهورية ووزارات الداخلية والخارجية والعدل قال فيها أنه التحق بوظيفة كتابية بشركة السكر بنجع حمادي من أول يوليه سنة 1941 حتى 22 سبتمبر سنة 1948 حيث التحق بخدمة الحكومة بوظيفة محضر بمحكمة طما الجزئية في الدرجة الثامنة الكتابية وهي الدرجة التي تناسب مؤهله الدراسي حيث إنه حاصل على شهادة الدراسة الثانوية (القسم العام) وأنه بمجرد التحاقه بالوظيفة قدم طلباً بضم نصف مدة خدمته في شركة السكر إلى أقدميته في وظيفته الحالية ولم يلتفت إلى هذا الطلب. وفي 29 من يناير سنة 1957 قدم تظلماً لمكتب التظلمات وفقاً للمادة 12 من القانون رقم 165 لسنة 1955 طلب فيه ضم نصف مدة خدمته بشركة السكر إلى مدة خدمته بالحكومة وتعديل مرتبه على هذا الأساس، ولكنه أخطر بتاريخ 4 من مارس سنة 1957 برفض تظلمه، واستندت الوزارة في رفضها لتظلمه على أن مدة خدمته بشركة السكر على فترتين الأولى من أول يونيه سنة 1941 إلى 31 من يوليه سنة 1946 وكان المدعي يشتغل فيها معاون زراعة والثانية من أول أغسطس سنة 1946 إلى 22 من سبتمبر سنة 1948 وكان يشتغل فيها كاتب شغالة. ودفعت الوزارة بأن طبيعة عمل معاون الزراعة تختلف عن طبيعة عمل المحضر وذلك باعتبار أنها وظيفة فنية لا تسند إلا لمن يحمل مؤهلاً فنياً خاصاً وهذا خطأ لأن لفظ معاون زراعة يطلق في شركة السكر على من يباشر وظيفة كتابية محضة لا علاقة لها بالشئون الزراعية الفنية إذ من بين اختصاص معاون الزراعة بشركة السكر أن يقوم بتحرير كشوفات العمال الذين يباشرون الأعمال الزراعية الخاصة بزراعة القصب وهو مسئول عن صرف مرتباتهم وعن صرف المواد الكيمائية اللازمة للزراعة ووزن كميات القصب وملاحظة تشوينها وتحميلها إلى المصانع وغير ذلك من الأمور الكتابية الصرفة التي لا علاقة لها بالمسائل الفنية ولم يشترط الكتاب الدوري المتضمن قواعد ضم المدة أن تكون مدة الخدمة السابقة في نوع واحد من العمل وأن الشركات دائماً تعمد إلى نقل موظفيها من قسم إلى قسم حتى يكونوا مدربين على جميع الأعمال وحتى يمكن الانتفاع بأي موظف في أي نوع من العمل ولذلك لا يجوز تقسيم مدة خدمته بل تعتبر كلها مدة واحدة لأن طبيعة العمل في كلا النوعين كانت كتابية ولم تكن فنية. وانتهى المدعي إلى طلب الحكم بتعديل أقدميته في وظيفته الحالية بضم مدة ثلاث سنوات وسبعة أشهر وستة وعشرون يوماً وهي قيمة نصف مدة خدمته بشركات السكر وتعديل مرتبه تبعاً لذلك.
أجابت الوزارة على الدعوى بمذكرة قالت فيها أنه يشترط لضم المدة طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من مايو سنة 1947 شروط من بينها: أن لا تقل مدة الخدمة السابقة عن ثلاث سنوات، ولا يجوز أن تضم مدد تقل كل منها منفردة عن ستة شهور بعضها إلى بعض، وأن يتحد العمل السابق مع العمل الجديد في طبيعته، وأنه بالاستعلام من شركة السكر والتقطير التي كان يعمل بها المدعي عن الأعمال التي كان يزاولها قررت بكتابها رقم 10 المؤرخ 18 من فبراير سنة 1957 المقدم بحافظة مستنداتها أنه كان يعمل بوظيفة معاون زراعة اعتباراً من أول يونيه سنة 1941 إلى 31 من يوليه سنة 1946 ثم كاتب شغالة بالزراعة من أول أغسطس سنة 1946 إلى 22 من سبتمبر سنة 1948 تاريخ الاستغناء عن خدماته، وقالت الوزارة أن عمله في المدة الأولى كمعاون زراعة لا يتحد في طبيعته مع العمل الحالي، كما أن المدة الثانية تقل عن ثلاث سنوات فلا يجوز ضم أي من هاتين المدتين وطلبت الحكم برفض الدعوى مع إلزام المدعي بالمصروفات.
وبجلسة 30 من ديسمبر سنة 1958 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه وهو يقضي بأحقية المدعي في ضم نصف مدة خدمته بالشركة العامة لمصانع السكر والتكرير المصرية الواقعة بين أول يونيه سنة 1941 إلى 22 من سبتمبر سنة 1948 إلى مدة خدمته بوزارة العدل وذلك طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من مايو سنة 1947 وما يترتب على ذلك من آثار، وأقامت قضاءها على أن القانون رقم 147 لسنة 1949 الخاص بنظام القضاء نص في المادة 60 منه على أنه "يشترط فيمن يعين محضراً ما يشترط فيمن يعين كاتباً" ونص في المادة 50 على أنه "يشترط فيمن يعين كاتباً الشروط الواجب توافرها وفقاً للأحكام العامة للتوظف في الحكومة عدا شرط امتحان المسابقة المقرر لشغل الوظيفة". وأنه يبين من ذلك أن وظيفة محضر هي وظيفة كتابية وشأنها شأن أي وظيفة كتابية أخرى تحتاج إلى جانب القراءة والكتابة إلماماً عاماً بالعمل الفني الذي يعمل الكاتب على اتصال به فيتعين على المحضر مثلاً أن يكون ملماً بقواعد التنفيذ في قانوني المرافعات والإجراءات الجنائية وقواعد الإعلان والإنذار وتقدير الرسوم والتمغة... الخ، وبالمثل فإن وظيفة معاون زراعة بشركة السكر كما يبين من كتاب شركة السكر المؤرخ 12 من نوفمبر سنة 1957 من مقتضاها قيام شاغلها بالإشراف على تنفيذ التعليمات الزراعية وهذا العمل لا يتطلب سوى خبرة فنية في زراعة القصب بصفة خاصة، واستلام العمليات الزراعية من العمال والمقاولين الزراعيين بعد أدائها، ومراجعة ما يثبته كاتب الشغالة من بيانات للتأكد من صحتها وتبليغ مأمور الزراعة (رئيسه المباشر) بما تحتاج إليه الزراعة من عمليات زراعية. وهذه الوظيفة لا تستلزم أن يكون شاغلها حاصلاً على مؤهل زراعي. وخلصت المحكمة من ذلك إلى أنها من الوظائف التي لا تحتاج إلى مؤهلات أكثر من المؤهلات المتطلبة للتعيين في الوظائف الكتابية، ويحتاج شاغلها إلى جانب إجادته للقراءة والكتابة إلماماً عاماً بالعمليات الزراعية في الفرع الذي يتصل به، من هذا يتضح أن العمل في كل من الوظيفتين عمل كتابي، فهما وظيفتان متماثلتان ومتحدتان في الطبيعة وبذلك يكون الشرط محل النزاع متوافراً في حق المدعي، وأنه لا نزاع في أن المدعي مستوف لباقي الشروط الواردة في قرار مجلس الوزراء ومن حقه الإفادة منه مما يتعين معه الحكم بأحقيته في ضم نصف مدة خدمته السابقة بشركة السكر إلى مدة خدمته الحالية بوزارة العدل مع ما يترتب على ذلك من آثار في أقدمية الدرجة وتحديد المرتب طبقاً لأحكام القرار المذكور وبالكيفية والشروط الواردة به.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أنه وإن كانت كل من وظيفتي معاون الزراعة والمحضر هما من الوظائف الكتابية فيشترط في كل منهما إجادة القراءة والكتابة إلا أن كلاً منهما تختلف في طبيعتها عن الأخرى فبينما تحتاج الأولى إلى الإلمام بالشئون الزراعية فإن الثانية تحتاج إلى الإلمام بالمسائل القانونية المتعلقة بالتنفيذ والإعلان وغيرها مما يحتاجه المحضر في عمله، فالعملان وإن اشتركا في ضرورة الإلمام بالأعمال الكتابية إلا أنهما متباعدان من ناحية نوع وطبيعة الأعمال المنوطة بشاغل كل منهما ولن يستفيد المحضر خبرة ما من مدة خدمته السابقة كمعاون زراعة، ومن ثم فلا يمكن القول بأن عمل المدعي السابق في وظيفة معاون زراعة بشركة السكر مماثل لعمله في وزارة العدل كمحضر ومتحد معه في الطبيعة، وبالتالي فلا يجوز ضم مدة خدمته السابقة بشركة السكر إلى مدة خدمته الحالية بوزارة العدل بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من مايو سنة 1947، وإذ كانت مدة خدمة المدعي الباقية بشركة السكر والتي قضاها في وظيفة كاتب أشغال تقل عن ثلاث سنوات فلا يجوز ضمها أيضاً وفقاً لأحكام ذلك القرار.
ومن حيث إن المقصود بالشرط الخاص باتحاد العمل السابق مع العمل الجديد في طبيعته طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من مايو سنة 1947 هو أن يتماثل العملان، وإذا لم يكن معنى ذلك أن يتطابقا تطابقاً تاماً من جميع الوجوه إلا أنه يجب أن يكون العملان على شيء من التوافق بحيث يؤدي ذلك إلى إفادة الموظف في عمله الجديد من الخبرة التي اكتسبها من العمل السابق، وهي الحكمة التي حدت بالمشرع إلى وضع هذا الشرط في القواعد الخاصة بضم مدد الخدمة السابقة.
من حيث إن الثابت من الشهادة المؤرخة 12 من نوفمبر سنة 1957 - الصادرة من مدير مصنع السكر بنجع حمادي والمقدمة بحافظة مستندات الحكومة أن وظيفة معاون زراعة بالنسبة لشاغلها بشركة السكر بمنطقة نجع حمادي تتحدد اختصاصاتها كالآتي: معاون الزراعة الذي يعمل بأحواض الزراعة الخاصة بالشركة عبارة عن مستخدم زراعي يقوم بالإشراف على تنفيذ العمليات الزراعية وهذا العمل لا يتطلب سوى خبرة فنية في زراعة القصب بصفة خاصة واستلام العمليات الزراعية من العمال والمقاولين الزراعيين بعد أدائها ومراجعة ما يثبته كاتب الشغالة من بيانات للتأكد من صحتها وتبليغ مأمور الزراعة (رئيسه المباشر) بما تحتاج إليه الزراعة من عمليات زراعية، وهذه الوظيفة لا تستلزم أن يكون شاغلها حاصلاً على مؤهل زراعي.
ومن حيث إن عمل وظيفة معاون الزراعة بشركة السكر وهذه اختصاصاتها تختلف في طبيعتها عن طبيعة عمل المحضر ولا يغير من الوضع كون وظيفة معاون الزراعة في الشركة المذكورة لا تستلزم أن يكون شاغلها حاصلاً على مؤهل زراعي وما دام قد تخلف شرط اتحاد العمل السابق مع العمل الحكومي في طبيعته فلا يجوز ضم هذه المدة كما أن مدة عمل المدعي في الشركة المذكورة في وظيفة كاتب شغالة من أول أغسطس سنة 1946 إلى 22 من سبتمبر سنة 1948 تقل عن ثلاث سنوات فلا يجوز ضمها طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من مايو سنة 1947.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه إذ ذهب خلاف هذا المذهب يكون قد انطوى على خطأ في تأويل القانون وتطبيقه، ويتعين إلغاؤه والحكم برفض الدعوى.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى، وألزمت المدعي بالمصروفات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق