الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 27 سبتمبر 2023

الطعن 282 لسنة 5 ق جلسة 5 / 11 / 1960 إدارية عليا مكتب فني 6 ج 1 ق 6 ص 31

جلسة 5 من نوفمبر سنة 1960

برياسة السيد/ سيد علي الدمراوي نائب رئيس المجلس وعضوية السادة سيد إبراهيم الديواني والإمام الإمام الخريبي وعبد المنعم سالم مشهور وحسني جورجي المستشارين.

----------------

(6)

القضية رقم 282 لسنة 5 القضائية

وظيفة - اختصاص - ترقية 

- قرار وزارة التربية والتعليم رقم 7816 في 13/ 6/ 1948 بشأن القواعد التي تتبع في إجراء حركات الترقية والنقل والتعيين - القرار الوزاري الصادر في 29/ 6/ 1947 بشأن جعل وظيفة المفتشة معادلة لوظيفة مساعد المراقب - النقل من وظيفة مدرس أول إلى وظيفة مفتش بالتعليم الثانوي - يعتبر بمثابة الترقية في مدارج السلم الإداري ولو لم يكن مصحوباً بمنح درجة مالية - اختصاص القضاء الإداري بإلغاء القرار الصادر بهذا النقل.

---------------
إنه ولئن كان التعيين في وظيفة مفتش بالتعليم الثانوي لا يصحبه منح درجة مالية إلا أنه يعتبر بمثابة ترقية حقيقية لأن هذه الوظيفة، كما هو واضح من القرار الوزاري رقم 7816 الصادر من وزارة التربية والتعليم في 13 من يونيه سنة 1948 بشأن القواعد التي تتبع في إجراء حركات الترقية والنقل والتعيين، وقد جاء النص صريحاً على أن المفتش في التعليم الثانوي يختار من بين عدة فئات منهم وكلاء المدارس الثانوية الذين يختارون بدورهم من فئات يجرى بينهم المدرسون الأوائل. كما أن القرار الوزاري الصادر في 29 من يونيه سنة 1947 جعل وظيفة المفتشة معادلة لوظيفة مساعد المراقب الذي يمنح الدرجة الثالثة عند انقضاء المدة القانونية المقررة. وعلى مقتضى ذلك يكون النقل من وظيفة مدرس أول إلى وظيفة مفتش معتبراً بمثابة الترقية في مدارج السلم الإداري مما يجعلها خاضعة لرقابة القضاء الإداري.


إجراءات الطعن

في 9 من فبراير سنة 1959 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية المحكمة عريضة طعن أمام هذه المحكمة قيد بجدولها تحت رقم 282 لسنة 5 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري - هيئة الترقيات والتعيينات - بجلسة 11 من ديسمبر سنة 1958 في الدعوى رقم 831 لسنة 7 القضائية المقامة من أحمد حسن علي ضد وزارة المعارف والذي يقضي "بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء قرار اللجنة القضائية المطعون فيه ورفض التظلم، وألزمت المدعي بالمصروفات". وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين للأسباب التي استند إليها في صحيفة طعنه، "قبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء قرار اللجنة القضائية، واعتبار أقدمية المدعي في وظيفة مفتش راجعة إلى 22 من سبتمبر سنة 1952، وما يترتب على ذلك من آثار". وقد أعلن هذا الطعن إلى الحكومة في 24 من يونيه سنة 1959 وإلى الخصم في 27 منه. وعين لنظره أمام دائرة فحص الطعون جلسة 21 من فبراير سنة 1960 وفيها أحيل الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا بجلسة 14 من مايو سنة 1960 ومنها إلى 8 من أكتوبر سنة 1960 حيث سمعت هذه المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة ثم قررت إرجاء النطق بالحكم فيه إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من أوراق الطعن - تتحصل في أن المدعي أقام الدعوى رقم 831 لسنة 7 القضائية ضد وزارة المعارف بعريضة أودعها سكرتيرية تلك المحكمة في 14 من مارس سنة 1953 طالباً الحكم بقبول الطعن شكلاً، وبإلغاء قرار اللجنة القضائية لوزارتي المعارف والإرشاد القومي الصادر في التظلم رقم 39 لسنة 1 ق القاضي بعدم الاختصاص، وفي الموضوع بإلغاء قرار ترقية كل من: فهمي أحمد نجيب في وظيفة مفتش بالتعليم الثانوي - والسيدة نجية محمد سراج في وظيفة مفتش بهذا التعليم، وبأحقية المدعي في الترقية إلى مفتش ثانوي، واعتبارها من تاريخ تخطيه، مع إلزام وزارة التربية والتعليم المصاريف ومقابل الأتعاب.
وقال المدعي شرحاً لدعواه أن السيد وزير التربية والتعليم أصدر قراراً في 22 من سبتمبر سنة 1952 رقي بمقتضاه إلى وظيفة مفتش بالتعليم الثانوي كلاً من (فهمي أحمد نجيب) المدرس الأول بالمدرسة الثانوية العسكرية، و(السيدة نجية محمد سراج) المدرسة الأولى بمدرسة العباسية للبنات، وقال المدعي أنه أحق من الموظفين المذكورين للترقية إلى وظيفة مفتش بالتعليم الثانوي ولذلك فقد أرسل شكواه إلى الوزارة فلم يتلق رداً عليها، ثم بادر برفع تظلمه أمام اللجنة القضائية لوزارة التربية والتعليم فأصدرت قرارها في 18 من فبراير سنة 1953 بعدم الاختصاص، وقال المدعي أن الوزارة دفعت أمام اللجنة القضائية بعدم اختصاص القضاء الإداري بنظر التظلم لكونه متعلقاً بترقية أدبية ولا يترتب عليها غبن مادي. وهذا الرأي يتعارض مع منطوق المادة الثانية من قانون تشكيل اللجان القضائية فهذا النص لا يفرق بين الترقية المادية والترقية الأدبية. ولما كانت وظيفة مفتش بالتعليم الثانوي أرقى في مدارج السلم الإداري من وظيفة مدرس أول فإن التعيين بها يعتبر ترقية حقيقية يتبعها ترقية مادية أيضاً إذ المرقون إلى وظيفة مفتش يرقون بالتالي إلى درجة مالية قبل زملائهم في التخرج الذين يشغلون وظائف أقل في مدارج السلم الإداري. وكذلك فإن القرار الوزاري رقم 7458 الصادر في 19 من يونيه سنة 1947 جعل وظيفة المفتش معادلة لوظيفة مساعد مراقب الذي يمنح الدرجة الثالثة عند انقضاء المدة القانونية المقررة للترقية، وما دام الأمر كذلك فإن هذه المحكمة تكون مختصة بالنظر في هذا الطعن تطبيقاً لنص الفقرة الثالثة من المادة الثالثة من قانون مجلس الدولة، ومن ثم يكون الدفع بعدم الاختصاص، في غير محله ويتعين رفضه. وفيما يتعلق بالموضوع قال المدعي أن ترقية فهمي أحمد نجيب كانت مخالفة للمادة 47/ 3 من القانون رقم 210 لسنة 1951 التي تنص على أنه لا يجوز النظر في ترقية الموظف المنقول من وزارة أو مصلحة إلى وزارة أو مصلحة أخرى إلا بعد مضي سنة على الأقل من تاريخ نقله إذ أنه رقي عند نقله من المدرسة الثانوية العسكرية التابعة لوزارة الحربية، يضاف إلى ذلك أن هذه الترقية قد جاءت مخالفة لأحكام القرار الوزاري الصادر في يونيه سنة 1952 بشأن القواعد التي تتبع في إجراء حركات الترقيات والنقل والتعيين بوزارة المعارف. وقد اشترطت هذه القواعد في المدرس الأول الذي يرقى إلى وظيفة مفتش ثانوي، أن يكون قد أمضى أربع سنوات على الأقل في وظيفة مدرس أول، وكان المدعي وقت صدور قرار الترقية المطعون فيه قد أمضى خمس سنوات لأنه مدرس أول منذ سبتمبر سنة 1947، بينما المطعون في ترقيته (نجيب) لم يرق مدرساً أول إلا في ديسمبر سنة 1948، ثم نقل إلى المدرسة الثانوية العسكرية التابعة لوزارة الحربية في أكتوبر سنة 1949 وصدر قرار ترقيته إلى مفتش ثانوي في 22 من سبتمبر سنة 1952 أي أن عمله في وظيفة مدرس أول في كل من الوزارتين لم يكمل مدة الأربع سنوات التي هي شرط الترقية، وفيما يتعلق بالتقديرات فإن تقارير المدعي في السنتين الأخيرتين تفوق تقارير نجيب، فقد جاء في التقرير الفني الأخير للمدعي أنه حاصل على درجة (جيد جداً وزيادة).... أما نجيب فإنه لم يظفر بأكثر من درجة (جيد جداً). وخلص المدعي إلى القول بأن تعيين نجيب من دونه ينطوي على إساءة للسلطة من مكتب تفتيش اللغة الفرنسية لأنه لم يمض في هذا التعيين وفق قواعد العدالة، وذهب المدعي إلى القول أيضاً بأنه ولئن كانت الوزارة قد دفعت تظلمه بأقدمية نجيب في التخرج على المدعي لأن نجيب حصل على الليسانس سنة 1932 إلا أن أساس الترقية هو الأقدمية في الدرجة الأخيرة أو في آخر وظيفة. وقال المدعي أن نجيباً تخرج حقاً سنة 1932 ولكنه ظل يمارس الأعمال الكتابية حتى سنة 1940 ثم عين في هذه السنة مدرساً، أما المدعي فإنه تخرج سنة 1937 حيث حصل على ليسانس الفلسفة بدرجة امتياز وهو يعادل ليسانس التخصص في اللغة الفرنسية، ثم إن المدعي أرسل في بعثة إلى الخارج وحصل على دبلوم تخصص في اللغة الفرنسية من باريس سنة 1940. وخلص المدعي من هذه المقارنة إلى أنه يفوق زميله نجيب ثقافة واستعداداً وقد أخذ هذا التفوق في الاعتبار عند ترقية المدعي إلى وظيفة مدرس أول التي سبق المدعي زميله نجيب فيها بمقدار (14) شهراً. وقال المدعي فيما يتعلق بالسيدة نجية محمد سراج أنها لم تمض في ممارسة وظيفة المدرسة الأولى سوى عشرة شهور في حين تشترط القواعد التي وضعتها الوزارة للتعيين في وظيفة مفتش ثانوي أن يمضي أربع سنوات على الأقل في وظيفة مدرس أول. وانتهى المدعي إلى طلب الحكم بقبول الدعوى شكلاً، وبإلغاء قرار اللجنة القضائية المطعون فيه، وفي الموضوع طلب الحكم بإلغاء قرار ترقية كل من زميليه (1) فهمي أحمد نجيب (2) السيدة نجية محمد سراج إلى وظيفة مفتش بالتعليم الثانوي، وبأحقيته هو، في الترقية إلى وظيفة مفتش ثانوي من تاريخ تخطيه وإلزام الوزارة المصروفات.
وفي 19 من مارس سنة 1954 قررت محكمة القضاء الإداري قبول السيدة نجية سراج خصماً ثالثاً في الدعوى، وفي 24 من مايو سنة 1954 قررت أيضاً قبول الأستاذ فهمي أحمد نجيب خصماً ثالثاً. وقدمت السيدة نجية مذكرة بدفاعها جاء فيها أن مجلس التأديب الابتدائي كان قد أصدر قراره ببراءة الأستاذ ربيع غيث المفتش بمكتب تفتيش اللغة الفرنسية بالوزارة، من التهم التي نسبت إليه وشارك فيها المدعي عندما رمى الأستاذ غيث بإساءة استعمال السلطة، وقد أيد قرار البراءة مجلس التأديب الاستئنافي. وقالت السيدة نجية في تفنيد دعوى المدعي أن مجلس التأديب كان قد سجل على المدعي أنه عصبي المزاج استناداً إلى أقوال الأستاذ عبد العزيز حلمي وإلى مفتش اللغة الفرنسية وأن المدعي كان قد رسب في الدبلوم الخاص بتجويد النطق باللغة الفرنسية، كما أن الأستاذ عبد الرحمن ناظر مدرسة حلوان الثانوية القديمة كان قد طلب نقل المدعي من المدرسة لأن نتيجة الفصل الذي كان يدرس له كانت أسوأ نتيجة بالمدرسة، كما سجل مجلس التأديب أيضاً أن ترشيح السيدة نجية محمد سراج قد تم بناء على موافقة عميد المفتشين الذي اختبرها بنفسه وأشركها معه في الامتحان الشفوي لدبلوم الدراسات العليا وبعد أن وردت له بشأنها تقارير تشهد بامتيازها - ومن ذلك كله يبين أن ما نسبه المدعي إلى الأستاذ ربيع غيث باقتراحه على عميد التفتيش اختيار السيدة نجية لا غبار عليه، وبالتالي تعين تبرئة ربيع من هذه التهمة، وقالت السيدة نجية أن مجلس التأديب الاستئنافي قرر في 30 من أكتوبر سنة 1954 تأييد قرار مجلس التأديب الابتدائي ولم يعد هناك مجال للتحامل على مكتب تفتيش اللغة الفرنسية بالوزارة. وعقدت السيدة المتدخلة خصماً ثالثاً مقارنة بين حالتها وبين حالة المدعي فقالت أنها درست بالأقسام الفرنسية في كل من المرحلتين الابتدائية والثانوية وحصلت على دبلوم مدرسة المعلمات بفرنسا وكان تقديرها مشرفاً. وقالت أن الدبلوم الذي يحمله المدعي من جامعة بواتييه ليس دبلوماً خاصاً بتدريس اللغة الفرنسية لأن جامعة باريس هي وحدها التي تمنح هذا الدبلوم، ودليل ذلك الشهادة الرسمية الصادرة من السفارة الفرنسية بالقاهرة في 26 من ديسمبر سنة 1953 - وذهبت السيدة نجية إلى القول بأنه بغض النظر عن كل ما تقدم فإن الوظيفة التي رقيت إليها هي وظيفة (مفتشة للغة الفرنسية في التعليم الثانوي للبنات) وليست الوظيفة في تعليم البنين، ولما كان القرار الصادر في يونيه سنة 1952 يستلزم فيمن يعين مفتشاً أن يكون قد أمضى على ممارسة وظيفة المدرس الأول أربع سنوات على الأقل، فإن هذا القرار ليس قراراً وزارياً، كما أنه ليس ملزماً وهو لا يعدو أن يكون قواعد توجيهية للاستئناس بها في تعليم البنين دون تعليم البنات. وقالت السيدة المتدخلة في الدعوى أنها عينت منذ عام 1946 مدرسة بمدرسة المعلمات الخاصة بالإسكندرية وهذه الوظيفة تعادل وظيفة مدرسة أولى بالتعليم الثانوي وفي مستواه، وخلصت السيدة نجية إلى طلب الحكم برفض الدعوى وإلزام المدعي بالمصروفات.
وقد دفعت وزارة التربية والتعليم الدعوى بمذكرة في 9 من مايو سنة 1953 جاء فيها أنه لا محل للمقارنة بين المدعي من جهة وبين السيدة نجية محمد سراج لأن الذي كان مطلوباً هو تعيين مفتشة سيدة لحاجة مدارس البنات إليها ولهذا ورد اسم السيدتين نجية سراج، وبوليني جرجس في كشف ترشيح مستقل لاختيار مفتشة بالتعليم الثانوي - أما عن الأستاذ فهمي أحمد نجيب فإنه حصل على ليسانس في التاريخ سنة 1932 وعلى ماجستير في التاريخ سنة 1947، وعلى دبلوم معهد الدراسات العليا للمعلمين، شعبة التربية سنة 1948 وكان قد دخل الخدمة في إبريل سنة 1933 وقام بتدريس اللغة الفرنسية لأول مرة سنة 1934 ثم عين مدرساً للغة الفرنسية سنة 1936 ثم عين مدرساً أول سنة 1948، وجاء تقديره الفني من المفتش العام للعامين الأخيرين (جيد جداً) ثم (جيد جداً). هذا، في حين أن المدعي أحمد حسن علي، حصل على ليسانس في الفلسفة سنة 1937 وأوفد في نفس العام إلى فرنسا في بعثة لمدة عامين للحصول على دبلوم في تدريس اللغة الفرنسية وحصل عليه سنة 1940 وكذلك نجح سنة 1945 في امتحان المسابقة للدراسات العليا للمعلمين شعبة الفلسفة. وقد دخل المدعي الخدمة سنة 1942 وعين مدرساً أول سنة 1947 وفي العامين الأخيرين كان تقديره الفني من حضرات المفتشين (جيد جداً) ثم (جيد جداً +). وقالت الوزارة أنه قد اشترط في الترقية لوظيفة مفتش قضاء ثلاث سنوات في وظيفة مدرس أول على الأقل مع مراعاة الأقدمية في الخدمة والدبلومات الشخصية. وقد توفر شرط الأقدمية في وظيفة مدرس أول للأستاذين أحمد حسن علي وفهمي أحمد نجيب. وقالت الوزارة أنه بالنسبة للأستاذ المدعي فإن مجرد دخوله الخدمة سنة 1942 كان كافياً لاستبعاده من كشف المرشحين، ولو مؤقتاً، ولبيان الأمر إيضاحاً تقول الوزارة أنه مع التقدير للجهود المشكورة التي يبذلها سيادته لينجح في عمله كمدرس أول من حسن إلى أحسن، فإن اللجنة المنعقدة برياسة العميد، وعضوية ثلاثة مفتشين عامين، واثنين من أقدم المفتشين أبدت بشأنه بعض التحفظات. إذ ترى اللجنة أن المفتش، وهو يشرف على عدد كبير من المدرسين يختلفون مزاجاً فإنه يجب أن يتوافر فيه الاتزان العاطفي والرزانة. ولهذا لم تجد الوزارة مبرراً لكي يتخطى المدعي زملاءه الأقدم منه الذين أيدت ترشيحهم.
وبجلسة 11 من إبريل سنة 1957 عدل المدعي طلباته بمذكرة جاء فيها أنه يطلب الحكم بإرجاع أقدميته في وظيفة مفتش للغة الفرنسية إلى التاريخ الذي صدر فيه القرار المطعون فيه، مع الآثار المترتبة على ذلك ما دام أنه قد رقي فعلاً إلى وظيفة مفتش وندب ليكون ناظراً على إحدى مؤسسات التعليم الفرنسية.
وبجلسة 16 من ديسمبر سنة 1958 حكمت محكمة القضاء الإداري - هيئة الترقيات والتعيينات - "بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء قرار اللجنة القضائية المطعون فيه، وبرفض التظلم، وألزمت المدعي بالمصروفات". وأقامت قضاءها من حيث الشكل على أن المدعي قدم التظلم رقم 229 لسنة 1 ق إلى اللجنة القضائية لوزارة التربية والتعليم طالباً إلغاء قرار وزير التربية والتعليم الصادر في 22 من سبتمبر سنة 1952 بالترقية إلى وظيفة مفتش للغة الفرنسية بالمدارس الثانوية فيما تضمنه من ترقية كل من فهمي نجيب والسيدة نجية محمد سراج المدرسين الأولين بالمدارس الثانوية وتخطى الطالب في الترقية إلى وظيفة مفتش بالتعليم الثانوي. وفي 18 من فبراير سنة 1953 قررت اللجنة القضائية عدم اختصاصها بالفصل في التظلم فطعن المدعي في هذا القرار وأودع عريضة الدعوى سكرتيرية محكمة القضاء الإداري في 14 من مارس سنة 1953 ومن ثم تكون الدعوى قد رفعت في الميعاد وتكون مقبولة شكلاً. أما عن قرار اللجنة القضائية بعدم اختصاصها تأسيساً على أن القرار المطعون فيه لا يتضمن سوى ترقية أدبية مما يخرج عن اختصاص اللجنة بحسب قانون إنشائها. وفي ذلك قالت المحكمة، بحق، إن التعيين في وظيفة أعلى في السلم الإداري إنما ينطوي بلا شك، على ترقية وإن لم يصاحبه نفع مادي، ومن ثم فقد كانت اللجنة مختصة بنظر التظلم على اعتبار أن القرار المطعون فيه يدخل في مدلول الترقية ولذلك تكون اللجنة أخطأت فهم القانون إذ قررت عدم اختصاصها، ولما كان هذا الاختصاص قد انتقل إلى محكمة القضاء الإداري بالتطبيق لأحكام القانون رقم 165 لسنة 1955 لأن المدعي من موظفي الفئة العالية فإنه يتعين الحكم بإلغاء قرار اللجنة القضائية المطعون فيه، وباختصاص محكمة القضاء الإداري بنظر الدعوى. أما من حيث موضوع الدعوى فقد أقامت المحكمة قضاءها على أن المدعي يستند في دعواه إلى القرار الوزاري رقم (7896) الصادر في 13 من يونيه سنة 1948 بشأن القواعد التي تتبع في إجراء حركة الترقيات والنقل والتعيين بوزارة المعارف. وباستعراض حالة كل من المدعي والمطعون في ترقيته يبين أن الأول عين مدرساً أول سنة 1947 وأن الثاني عين في نفس الوظيفة سنة 1948 ومن ثم يكون كل منهما قد استوفى شرط المدة؛ لأن القاعدة المقررة هي أنه يكفي قضاء ثلاث سنوات في وظيفة المدرسين الأوائل للغة الفرنسية لأن هذه الوظيفة لم تنشأ لهم إلا منذ ثلاث سنوات فقط. وقالت المحكمة أنهما قد تساويا أيضاً في درجة الكفاية لشغل وظيفة مفتش بالتعليم الثانوي إذ حصل كل منهما على درجة (جيد جداً) ولا بد للمفاضلة بعد ذلك من الرجوع إلى العناصر الأخرى التي ترجح أحدهما على الآخر. وقد ظهر للمحكمة من الرجوع إلى مذكرة تفتيش اللغة الفرنسية أنه يشترط في الترقية لوظيفة مفتش قضاء ثلاث سنوات في وظيفة مدرس أول على الأقل مع مراعاة الأقدمية في الخدمة والدبلومات والشخصية، وجاء في ختام هذه المذكرة أن اللجنة المنعقدة برياسة العميد وعضوية ثلاثة من المفتشين العامين واثنين من أقدم المفتشين رأت اللجنة أن المفتش وهو يشرف على عدد كبير من المدرسين يختلفون مزاجاً يجب أن يتوفر فيه الاتزان العاطفي والرزانة وهذه الصفات لا تتوافر في المدعي، وجاء في أسباب الحكم أن مجلس التأديب الابتدائي والاستئنافي قد أقر وجهة النظر هذه بما أجراه من تحقيقات انتهت بعدم ثبوت إدانة المفتش العام للغة الفرنسية وهو الأستاذ ربيع غيث الذي كان هدفاً لطعن المدعي. وقال الحكم أيضاً أنه لا وجه لما يقول به المدعي من عدم جواز ترقية نجيب إلى وظيفة مفتش ثانوي بالتطبيق لنص المادة (47) فقرة ثانية من القانون رقم 210 لسنة 1951 لأن نجيباً كان مدرساً بالمدرسة الثانوية العسكرية ثم نقل إلى وزارة التربية والتعليم، لا وجه لهذا القول إذ أن هذا النص واجب التطبيق فيما يتعلق فقط بالترقيات المصحوبة بدرجات مالية. وقال الحكم أيضاً أنه لا وجه لمقارنة حالة المدعي بحالة السيدة نجية محمد سراج لأن اختيارها كان لوظيفة مفتش بالتعليم الثانوي للبنات وما كان يمكن أن يحل المدعي محلها، لأن مناط الاختيار لمثل هذه الوظيفة إنما يقوم على تقدير جهة الإدارة لمن تختاره لمثل هذه الوظيفة وما دام لم يثبت أن جهة الإدارة قد انحرفت في استعمال سلطتها في هذا الشأن ولم تسيء استعمالها، فإن الطعن الموجه من المدعي للقرار المطعون فيه يكون على غير أساس سليم من القانون ويتعين لذلك رفض دعوى المدعي.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن المدعي تناول في مذكرة أعمال مكتب تفتيش اللغة الفرنسية والتحقيقات التي أجريت مع القائمين بأعمال هذا المكتب وقد اتضح منها أنهم قد انحرفوا في تصرفاتهم وأن الوقائع التي تضمنها تقريرهم عن المدعي غير صحيحة. وخلص الطعن إلى أن الأستاذ ربيع غيث لم يكن أميناً كل الأمانة في عرض حالة الأستاذ أحمد حسن إذ أنه في مذكرته قد أغفل ذكر أحد الدبلومات العالية التي يحملها الأستاذ أحمد حسن ولما ووجه بهذه الحقيقة قرر أن الدبلوم المشار إليه ليس في اللغة الفرنسية ولذا فإنه لم يهتم به كثيراً وبالنظر إلى الوقائع التي تضمنتها مذكرة التحقيقات بشأن تصرف الأستاذ ربيع يكون القرار المطعون فيه مشوباً. وطلب تقرير الطعن الحكم بقبوله شكلاً وفي الموضوع بإلغاء قرار اللجنة القضائية، واعتبار أقدمية المدعي في وظيفة مفتش راجعة إلى 22 من سبتمبر سنة 1952 وما يترتب على ذلك من آثار.
ومن حيث إنه في 22 من سبتمبر سنة 1952 صدر القرار الإداري رقم 28 متضمناً في البند رقم 44 منه نقل السيدة نجية محمد سراج المدرسة الأولى بالعباسية الثانوية إلى وظيفة مفتشة بمنطقة القاهرة الشمالية، وتضمن البند رقم 45 من القرار المذكور نقل الأستاذ فهمي أحمد نجيب المدرس الأول بالثانوية العسكرية إلى وظيفة مفتش بمنطقة بني سويف ويشرف على منطقة المنيا. فطعن المدعي في هذا القرار لتخطيه في النقل إلى هذه الوظيفة وطلب الحكم بإلغاء هذا القرار لمخالفته لأحكام قواعد الترقيات التي كانت قائمة وقتذاك ولأن القرار قد انطوى على إساءة استعمال سلطة من جانب المفتش العام بمكتب تفتيش اللغة الفرنسية بالوزارة. ثم بادر المدعي إلى تعديل طالباته بعد إذ رقي إلى الوظيفة المذكورة واقتصر على طلب الحكم بإرجاع أقدميته فيها إلى تاريخ صدور القرار الإداري المطعون فيه.
ومن حيث إنه ولئن كان التعيين في وظيفة مفتش بالتعليم الثانوي لا يصحبه منح درجة مالية إلا أنه يعتبر بمثابة ترقية حقيقية لأن هذه الوظيفة، كما هو واضح من القرار الوزاري رقم 7896 الصادر من وزارة التربية والتعليم في 13 من يونيه سنة 1948 بشأن القواعد التي تتبع في إجراء حركات الترقية والنقل والتعيين، أرقى في مدارج السلم الإداري من وظيفة مدرس أول. وقد جاء النص صريحاً على أن المفتش في التعليم الثانوي يختار من بين عدة فئات منهم وكلاء المدارس الثانوية الذين يختارون بدورهم من فئات يجرى بينهم المدرسون الأوائل، كما أن القرار الوزاري الصادر في 29 من يونيه سنة 1947 جعل وظيفة المفتشة معادلة لوظيفة مساعد المراقب الذي يمنح الدرجة الثالثة عند انقضاء المدة القانونية المقررة للترقية. وعلى مقتضى ذلك يكون النقل من وظيفة مدرس أول إلى وظيفة مفتش معتبراً بمثابة الترقية في مدارج السلم الإداري مما يجعلها خاضعة لرقابة القضاء الإداري، ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق فيما قضى به من إلغاء قرار اللجنة القضائية القاضي بعدم اختصاصها بالنظر في القرار المطعون فيه.
ومن حيث إنه خلافاً لما جاءت به صحيفة الدعوى، فإن الإدارة العامة للتعليم الثانوي بوزارة التربية والتعليم قد أفادت بكتابها المؤرخ 5 من مارس سنة 1955 بأنه لا يوجد بمكتب التفتيش الفرنسي قواعد للترقيات والتنقلات عن سنوات 1947، 1948، 1952 واقتصرت الإدارة على تقديم القرار الوزاري العام رقم 7896 الصادر في 13 من يونيه سنة 1948 بشأن القواعد التي تتبع في إجراء حركات الترقيات والتنقلات والتعيينات بوزارة التربية والتعليم. وبالاطلاع على أحكام هذا القرار التنظيمي العام يبين أن المادة الثالثة منه تنص على أن: "الترقية إلى وظيفة أعلى طبقة عن الوظيفة التي يشغلها الموظف تكون على أساس الكفاية مع مراعاة المؤهلات العلمية والأقدمية ويميز في الترقية لوظائف المفتشين والمدرسين الأوائل ومدرسي مدارس المعلمين الابتدائية ومدرسي التعليم الثانوي وما في مستواه، من لهم إنتاج علمي قيم، وكذلك الناجحون في امتحانات معهد الدراسات العليا للمعلمين، وتقدير كفاية الموظف بالرجوع إلى ملفه والاطلاع على تقارير رؤسائه عنه في السنتين الأخيرتين للوقوف على مدى استعداده العلمي والإداري ونشاطه وإخلاصه للعمل وقدرته على التصرف وعلاقته برؤسائه ومرءوسيه وسلوكه العام ويجب أن يشفع اقتراح الترشيح للترقية بخلاصة تقارير الرؤساء بما فيهم النظار والمفتشين بالنسبة لموظفي المدارس" وجاء في المادة الثامنة من القرار: "الاختيار للوظائف المبينة في المادة السابعة - ومنها مفتشو التعليم الثانوي - يكون في الأصل من الفئات المبينة فيما يلي ويجوز اختيارهم من غير هذه الفئات في حالات خاصة: (1) نظار المدارس الثانوية (2) ومفتشو التعليم الثانوي يختارون من الفئات الآتية: ( أ ) مدرسو المعاهد العالية: (ب) وكلاء المدارس الثانوية: (جـ) المدرسون الأوائل بمدارس المعلمين الابتدائية، (د) مفتشو المواد العامة الخاصة للتعليم الابتدائي: (هـ) المدرسون الأوائل في الامتياز البارز بالتعليم الثانوي" وفي 18 من يونيه سنة 1950 أصدرت الإدارة العامة للتعليم الثانوي طائفة من القواعد المنظمة للترشيح لبعض الوظائف - ومنها ما يتعلق باختيار المفتشين بالتعليم الثانوي - وجاء في البند الأول منها ما يلي: "أولاً: مفتش بالثانوي: وينتخب من (1) وكلاء المدارس الثانوية بشرط أن يكون قد قضى في وظيفته عامين وأن يكون ممتازاً في تقديراته في هاتين السنتين وأن يكون ذا شخصية قوية وألا تتجاوز سنة تخرجه عام 1932. (2) المدرسون الأوائل بشرط أن يكون قد قضى في وظيفته أربع سنوات ولا تقل تقديراته عن ممتاز في كل من السنتين الأخيرتين وأن يكون ذا شخصية قوية وألا تتجاوز سنة تخرجه عام 1936. ويكتفي بثلاث سنوات في وظيفة المدرسين الأوائل للغة الفرنسية لأن هذه الوظيفة لم تنشأ لهم إلا منذ ثلاث سنوات". وفي 4 من أغسطس عام 1952 اقترحت الإدارة العامة للتعليم الثانوي أن تتبع القواعد الآتية للترشيح للوظائف الآتية: "أولاً.... ثانياً - مفتشو التعليم الثانوي وينتخبون من (1) نظار المدارس الثانوية (2) وكلاء المدارس الثانوية بشرط أن لا تتجاوز سنة تخرجه عام 1933.. (3) المدرسون الأوائل بشرط أن يكون المرشح قد قضى أربع سنوات في وظيفته ولا تقل تقديراته عن جيد جداً في السنتين الأخيرتين وأن يكون ذا شخصية قوية وألا تتجاوز سنة تخرجه عام 1933". وجاء في ختام هذه الاقتراحات باب خاص بالتعليمات العامة وقد تضمنت القواعد الآتية: (1) إذا كان المرشح لأية وظيفة من الوظائف السابق الإشارة إليها، لديه مؤهل علمي ممتاز في مادته أو ناجحاً في الدراسات العليا، أو له إنتاج علمي بارز فيعطى أقدمية اعتبارية مدتها سنتان (3) في تقديرات المدرسين والمدرسين الأوائل تراعى تقديرات ناظر المدرسة والتفتيش الفني في المدة المحددة. (4) وفي إعداد كشوف الترشيحات يتبع ما يأتي: - (1) يرجع إلى أقدمية التخرج مع البدء بأقدم سنة ويرشح منها من تنطبق عليه الشروط المتقدمة ثم ينتقل إلى السنة التي بعدها، وهكذا إلى السنة التي لا يسمح تجاوزها. وفي 16 من أغسطس سنة 1954 صدر القرار الوزاري رقم 12245 مؤكداً تلك القواعد المقترحة التي يتم على مقتضاها الترشيح لوظائف مفتشي التعليم الثانوي. وهذا القرار الأخير، وإن كان قد صدر بعد الحركة التي يطعن فيها المدعي إلا أن ما نص عليه من قواعد وأحكام ليست إلا ترديداً لما جرى وكان يجري عليه العمل بالفعل في السنوات السابقة لتاريخ صدور القرار المطعون فيه.
ومن حيث إنه يبين من أوراق الدعوى أن عميد مفتشي اللغة الفرنسية قد أعد مذكرة في 17 من أغسطس سنة 1954 عن حالة المدعي جاء فيها أنه حاصل على بكالوريا دار العلوم ثم ليسانس الفلسفة سنة 1937 ثم شهادة فرنسية من بواتييه سنة 1940 ثم دراسات عليا سنة 1945 وأنه دخل الخدمة في 8 من أكتوبر سنة 1942 ثم عين مدرساً أول سنة 1947. وقال العميد الأجنبي، أن حركة الترقيات إلى وظيفة مفتش اللغة الفرنسية قد وصلت إلى من اشتغلوا بالتدريس حتى سنة 1929 فقط، والمدعي لم يشتغل بالتدريس إلا سنة 1942 وقال إنه ليس للمدعي امتياز يبرر تخطيه لمن هم أقدم منه في الاشتغال بالتدريس، لا من ناحية المادة، ولا من ناحية شخصيته. أما من حيث المادة فإنه حاصل على بكالوريا دار العلوم وليسانس الفلسفة من جامعة القاهرة وأنه رسب عدة مرات في دبلوم تدريس اللغة الفرنسية من باريس. كما رسب في دبلوم تجويد النطق باللغة الفرنسية. ولما فصل من البعثة، تقدم لجامعة بواتييه بفرنسا وحصل على شهادة تمنح للأجانب وهي بلا شك أقل مرتبة من دبلوم اللغة الفرنسية الذي يمنح من باريس. وأما من ناحية شخصيته فقد أجمع السادة المفتشون الذين قاموا بالتفتيش عليه أنه عصبي المزاج وينقصه الاتزان اللازم لوظيفة المفتش. وأما إن المدعي قد رقي إلى وظيفة مدرس أول سنة 1947 فيقول عميد تفتيش اللغة الفرنسية إنه "ليؤسفنا أن نقرر أن ذلك جاء خطأ بناء على المعلومات التي أدلى بها المدعي في أوراق رسمية إذ ذكر في الكشوف التي ترسلها المدارس لمكتب التفتيش أنه حاصل على دبلوم المعلمين من باريس سنة 1940 وقال إنه اشتغل بالتدريس منذ سنة 1940. واتضح للوزارة فيما بعد، أنه لم يحصل على دبلوم المعلمين من باريس بل من بواتييه، كما أنه لم يشتغل بالتدريس إلا سنة 1942، وليس سنة 1940 كما ذكر في بياناته. وهاتان المسألتان هما موضوع تحقيق يجرى الآن (سنة 1954) بالإدارة العامة للتحقيقات". وانتهى العميد في تقريره إلى أن مجلس التأديب الابتدائي الذي شكل لمحاكمة الأستاذ ربيع غيث المفتش العام للغة الفرنسية بناء على الشكاوى التي قدمها المدعي. هذا المجلس ذاته قد قرر عدم أحقية الأستاذ أحمد حسن علي للترقية إلى وظيفة مفتش.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على ملف خدمة المدعي أنه كان محلاً لبعض المآخذ التي وجهت من رؤسائه إلى عمله، من ذلك الجزاء بلفت نظره في 15 من يناير سنة 1949 وكان المدعي يشغل وظيفة مدرس أول للغة الفرنسية بمدرسة سمنود الثانوية - وجاء في كتاب تبليغ الجزاء إليه: "نظراً لتغيبكم عن المدرسة لأسباب بعضها مرضي، وبعضها عرضي، وتعمدكم ذلك رغبة في النقل إلى القاهرة مما دعا إلى سوء حال اللغة الفرنسية بالفرق التي تدرسون بها، وهي الفرق العالية مما ألجأ المدرسة إلى تغيير الجدول وسحب الفرق النهائية منكم وإبدالها بفصول السنة الثانية حتى لا يضار تلاميذ الفرق العالية. ولما كان هذا التصرف من جانبكم يتنافى والمهمة الأساسية الموكولة إليكم باعتباركم مدرساً أول، ومن واجبكم الإشراف على تدريس اللغة الفرنسية بالمدرسة والتدريس للفرق العالية بها. لهذا قررت الوزارة الاكتفاء هذه المرة بلفت نظركم على عدم العودة إلى مثل ذلك مستقبلاً. التوقيع مراقب المنطقة أحمد حسن إسماعيل".
ومن حيث إنه على ضوء ما تقدم يبين أن اختيار الأستاذ نجيب لوظيفة مفتش بالتعليم الثانوي في قرار 22 من سبتمبر سنة 1952 قد قام على من ثلاث سنوات في وظيفة مدرس أول وأن كلاً منهما قد حصل على درجة جيد جداً في العامين الأخيرين ولكن شرط الأقدمية في الخدمة قد توافر للمطعون في ترقيته دون أن يتوافر للمدعي الذي يؤكد ملف خدمته أنه لم يشتغل بالتدريس إلا من سنة 1942. وقد أجريت حركة الترقيات إلى وظائف المفتشين بالتعليم الثانوي إلى من اشتغلوا بالتدريس حتى سنة 1939 فيما عدا اختيار مفتشة لتعلم البنات. وتأسيساً على ذلك يكون القرار المطعون فيه قد جاء سليماً متفقاً مع أحكام وقواعد القرارات التنظيمية التي كانت قائمة سارية المفعول يوم صدور القرار كما سلم القرار من عيب إساءة استعمال السلطة الذي لم يوفق المدعي في إقامة الدليل عليه وليس في ملفات الخدمة ولا في أوراق التحقيقات المقدمة ما ينم عليه، خاصة وقد صدر قرار مجلس التأديب الابتدائي بجلسة 18 من مارس سنة 1954 ببراءة الأستاذ ربيع عبد الرحمن غيث المفتش العام للغة الفرنسية من جميع التهم المنسوبة إليه، وكانت أغلبها موجهة إليه من المدعي بشأن التحامل عليه وتعمده العمل على تخطيه في الترقية إلى وظيفة مفتش بالتعليم الثانوي. وقد طعن السيد وزير التربية والتعليم في قرار مجلس التأديب الابتدائي، فانعقد مجلس التأديب الاستئنافي برئاسة وكيل وزارة الشئون الاجتماعية المساعد الأستاذ حسين أصفهاني وعضوية السادة الأستاذ محمد سلامة المحامي العام والأستاذ تاج الدين يس مستشار الرأي بمجلس الدولة وأصدر المجلس قراره في 30 من أكتوبر سنة 1954 متضمناً ما يأتي: أحيل الأستاذ ربيع إلى مجلس التأديب لمحاكمته على التهم الواردة بقرار الإحالة رقم 11137 الصادر في 23 من فبراير سنة 1953 والمعدل بالقرار رقم 11306 الصادر في 23 من يونيه سنة 1953. وقد أصدر مجلس التأديب الابتدائي قراره بجلسة 18 من مارس سنة 1954 برفض الدفوع الشكلية المقدمة في القضية التأديبية وبراءة الأستاذ ربيع غيث المفتش العام للغة الفرنسية من التهم المنسوبة إليه. واستأنف السيد الوزير قرار مجلس التأديب الابتدائي في 14 من إبريل سنة 1954 وأصدر المجلس الاستئنافي قراره: من حيث إن قرار مجلس التأديب الابتدائي في محله لأسبابه التي يأخذ بها هذا المجلس ويرى فيها الرد الكافي على ما جاء بأسباب استئناف الوزارة قرر المجلس قبول الاستئناف شكلاً، وفي الموضوع برفضه وتأييد القرار المستأنف والذي قضى ببراءة السيد ربيع.
ومن حيث إنه لكل ما تقدم يكون الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق في قضائه، والطعن فيه لا يقوم على سند سليم من القانون ويتعين القضاء برفضه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق